قالت : نعم .
قالت أُمُّ سلمة : أتذكرين إذ أقبل رسول الله ونحن معه ، فخلا بعليٍّ يناجيه ، فأطال فأردتِ أن تهجمي عليهما ، فنهيتك فعصيتيني ، فهجمتِ عليهما ، فما لبثت أن رجعتِ باكية ، فقلتُ : ما شأنك ؟ فقلت : إنِّي هجمت عليهما وهما يتناجيان ، فقلتُ لعليٍّ : ليس لي من رسول الله إلَّا يوم من تسعة أيَّام ، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي ! فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليَّ وهو غضبان محمرُّ الوجه ، فقال : « ارجعي وراءك ، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلَّا وهو خارج من الإيمان » ؟
قالت عائشة : نعم أذكر (١) .
لكن لم يردعها كلام ولا رادع ، فلم تنثنِ عن عزمها ، ولم ترجع إلىٰ عقلها ، فتجهَّزت ومن معها إلىٰ البصرة لتؤلِّب الناس علىٰ الإمام عليٍّ عليهالسلام فكانت أحداث معركة الجمل .
تحرَّك موكب الناكثين بقيادة عائشة وطلحة والزبير نحو البصرة ، وقد حفَّ به الحاقدون علىٰ الإمام عليٍّ عليهالسلام تحت شعار : « الثأر لعثمان » ، فلمَّا بلغوا « ذات عرق » لقيهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وأصحابه ، فقال لهم : أين تذهبون وتتركون ثأركم علىٰ أعجاز الإبل وراءكم ؟ ـ يعني عائشة وطلحة والزبير ـ اقتلوهم ثُمَّ ارجعوا إلىٰ منازلكم .
_______________________
١) أنظر : ابن أبي الحديد ٦ : ٢١٧ ـ ٢١٨ .