فقالوا : نسير لعلَّنا نقتل قتلة عُثمان جميعاً (١) .
ومرَّ القوم ليلاً بماء يُقال له : الحوأب ، فنبحتهم كلابه ، فقالت عائشة : ما هذا الماء ؟
قال بعضهم : ماء الحوأب .
فقالت : إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، هذا الماء الذي قال لي رسول الله : « لا تكوني التي تنبحكِ كلاب الحوأب » . ثمَّ صرخت بهم : ردُّوني ردُّوني ! !
فأتاها القوم بأربعين رجلاً ، فأقسموا بالله أنَّه ليس بماء الحوأب ! وأتىٰ عبد الله بن الزبير ، فحلف لها بالله لقد خلَّفتهِ أوَّل الليل ، وأتاها ببيِّنة زور من الأعراب فشهدوا بذلك (٢) . فكان ذلك أوَّل شهادة زور أُقيمت في الإسلام .
وبلغوا البصرة ، وعامل الإمام عليها الصحابي عُثمان بن حُنيف الأنصاري ، فمنعهم من الدخول ، وقاتلهم ، ثُمَّ توادعوا ألَّا يحدثوا حدثاً حتىٰ يقدم عليٌّ عليهالسلام ، ثُمَّ كانت ليلة ذات ريح وظلمة ، فأقبل أصحاب طلحة فقتلوا حرس عُثمان بن حنيف ، ودخلوا عليه ، فنتفوا لحيته وجفون عينيه ومثَّلوا به ، وقالوا : لولا العهد لقتلناك ، وأخذوا بيت المال (٣) .
_______________________
١) الإمامة والسياسة ١ : ٦٣ ، وانظر الكامل في التاريخ ٢ : ١٠٢ .
٢) أنظر قصَّة ماء الحوأب في : تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨١ ، ابن أبي الحديد ٦ : ٢٢٥ ، تاريخ ابن الأثير ٢ : ١٠٣ ، مسند أحمد ٦ : ٥٢ ، ٩٧ ، المستدرك ٣ : ١١٩ ـ ١٢٠ ، كنز العمَّال ١١ ح / ٣١٦٦٧ .
٣) أنظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨١ ، تاريخ ابن الأثير ٢ : ١٠٨ ، الإمامة والسياسة : ٦٩ .