بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فرتبت عمالي وميزت أموري تمييز مالك لها قال فلما ولي أبو جعفر الخلافة سمى جعفرا الصادق وكان إذا ذكره قال قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا وكذا فبقيت عليه (١).

أقول : روى محمد بن المشهدي في المزار الكبير بإسناده عن سفيان الثوري قال سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام وهو بعرفة يقول اللهم اجعل خطواتي هذه التي خطوتها في طاعتك كفارة لما خطوتها في معصيتك وساق الدعاء إلى قوله وأنا ضيفك فاجعل قراي الجنة وأطعمني عنبا ورطبا قال سفيان فو الله لقد هممت أن أنزل وأشتري له تمرا وموزا وأقول له هذا عوض العنب والرطب وإذا أنا بسلتين مملوتين قد وضعتا بين يديه إحداهما رطب والأخرى عنب تمام الخبر.

__________________

(١) مقاتل الطالبيين ص ٢٥٧.

١٦١

٦

(باب)

*(ما جرى بينه عليه‌السلام وبين المنصور وولاته)*

*(وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين)*

*(وذكر بعض أحوالهم)*

١ ـ ما : الأمالي للشيخ الطوسي الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن علي بن حبيش عن العباس بن محمد بن الحسين عن أبيه عن صفوان عن الحسين بن أبي غندر عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول اتقوا الله وعليكم بالطاعة لأئمتكم قولوا ما يقولون واصمتوا عما صمتوا فإنكم في سلطان من قال الله تعالى « وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ » (١) يعني بذلك ولد العباس فاتقوا الله فإنكم في هدنة صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وأدوا الأمانة إليهم الخبر (٢).

٢ ـ ن : عيون أخبار الرضا عليه‌السلام أحمد بن محمد بن الصقر وعلي بن محمد بن مهرويه معا عن عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن الحسن بن الفضل عن الرضا عن أبيه صلوات الله عليهما قال : أرسل أبو جعفر الدوانيقي إلى جعفر بن محمد عليهما‌السلام ليقتله وطرح له سيفا ونطعا وقال يا ربيع إذا أنا كلمته ثم ضربت بإحدى يدي على الأخرى فاضرب عنقه فلما دخل جعفر بن محمد عليهما‌السلام ونظر إليه من بعيد تحرك أبو جعفر على فراشه قال مرحبا وأهلا بك يا أبا عبد الله ما أرسلنا إليك إلا رجاء أن نقضي دينك ونقضي ذمامك (٣) ثم ساءله مساءلة لطيفة عن أهل بيته وقال

__________________

(١) سورة إبراهيم الآية : ٤٦.

(٢) أمالى ابن الشيخ الطوسي ص ٦١ وفيه ( فى هذه ) بدل ( هدنة ) ولعله تحريف وسهو من الناسخ.

(٣) الذمام : والمذمة : الحق والحرمة جمع أذمة ( القاموس ).

١٦٢

قد قضى الله حاجتك ودينك وأخرج جائزتك يا ربيع لا تمضين ثلاثة حتى يرجع جعفر إلى أهله فلما خرج قال له الربيع يا أبا عبد الله رأيت السيف إنما كان وضع لك والنطع فأي شيء رأيتك تحرك به شفتيك قال جعفر بن محمد عليه‌السلام نعم يا ربيع لما رأيت الشر في وجهه قلت حسبي الرب من المربوبين وحسبي الخالق من المخلوقين وحسبي الرازق من المرزوقين وحسبي الله رب العالمين حسبي من هو حسبي حسبي من لم يزل حسبي : « حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ » (١).

٣ ـ ما : الأمالي للشيخ الطوسي جماعة عن المفضل عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي عن أبيه عن عمه عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال : بعث أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام وأمر بفرش فطرحت له إلى جانبه فأجلسه عليها ثم قال علي بمحمد علي بالمهدي يقول ذلك مرارا فقيل له الساعة الساعة يأتي يا أمير المؤمنين ما يحبسه إلا أنه يتبخر فما لبث أن وافى وقد سبقته رائحته فأقبل المنصور على جعفر عليه‌السلام فقال يا أبا عبد الله حديث حدثتنيه في صلة الرحم أذكره يسمعه المهدي قال نعم حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها الله عز وجل ثلاثين سنة ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيرها الله ثلاث سنين ثم تلا عليه‌السلام : « يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » (٢) قال هذا حسن يا أبا عبد الله وليس إياه أردت قال أبو عبد الله نعم حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلة الرحم تعمر الديار وتزيد في الأعمار وإن كان أهلها غير أخيار قال هذا حسن يا أبا عبد الله وليس هذا أردت فقال أبو عبد الله نعم حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلة الرحم تهون الحساب وتقي ميتة السوء قال المنصور

__________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٣٠٤.

(٢) سورة الرعد الآية : ٣٩.

١٦٣

نعم هذا أردت (١).

٤ ـ ما : الأمالي للشيخ الطوسي جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن محمد بن عيسى العراد عن محمد بن الحسن بن شمون عن الحسن الفضل بن الربيع حاجب المنصور لقيته بمكة قال حدثني أبي عن جدي الربيع قال : دعاني المنصور يوما فقال يا ربيع أحضر جعفر بن محمد والله لأقتلنه فوجهت إليه فلما وافى قلت يا ابن رسول الله إن كان لك وصية أو عهد تعهده فافعل فقال استأذن لي عليه فدخلت إلى المنصور فأعلمته موضعه فقال أدخله فلما وقعت عين جعفر عليه‌السلام على المنصور رأيته يحرك شفتيه بشيء لم أفهمه ومضى فلما سلم على المنصور نهض إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه وقال له ارفع حوائجك فأخرج رقاعا لأقوام وسأل في آخرين فقضيت حوائجه فقال المنصور ارفع حوائجك في نفسك فقال له جعفر لا تدعني حتى أجيئك فقال له المنصور ما لي إلى ذلك سبيل وأنت تزعم للناس يا أبا عبد الله أنك تعلم الغيب فقال جعفر عليه‌السلام من أخبرك بهذا فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين يديه فقال جعفر عليه‌السلام للشيخ أنت سمعتني أقول هذا قال الشيخ نعم قال جعفر للمنصور أيحلف يا أمير المؤمنين فقال له المنصور احلف فلما بدأ الشيخ في اليمين قال جعفر عليه‌السلام للمنصور حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين أن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله عز وجل فيها وهو كاذب امتنع الله عز وجل من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله عز وجل ولكني أنا أستحلفه فقال المنصور ذلك لك فقال جعفر عليه‌السلام للشيخ قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول فتلكأ الشيخ فرفع المنصور عمودا كان في يده فقال والله لئن لم تحلف لأعلونك بهذا العمود فحلف الشيخ فما أتم اليمين حتى دلع لسانه كما يدلع الكلب ومات لوقته ونهض جعفر عليه‌السلام قال الربيع فقال لي المنصور ويلك اكتمها الناس لا يفتتنون قال الربيع فحلفت جعفرا عليه‌السلام فقلت له يا ابن رسول الله

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ص ٣٠٦.

١٦٤

إن منصورا كان قد هم بأمر عظيم فلما وقعت عينك عليه وعينه عليك زال ذلك فقال يا ربيع إني رأيت البارحة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في النوم فقال لي يا جعفر خفته فقلت نعم يا رسول الله فقال لي إذا وقعت عينك عليه فقل ـ ببسم الله أستفتح وببسم الله أستنجح وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتوجه اللهم ذلل لي صعوبة أمري وكل صعوبة وسهل لي حزونة أمري وكل حزونة واكفني مئونة أمري وكل مئونة (١).

بيان : تلكأ عليه اعتل وعنه أبطأ.

٥ ـ ما : الأمالي للشيخ الطوسي المفيد عن ابن قولويه عن محمد بن همام عن أحمد بن موسى النوفلي عن محمد بن عبد الله بن مهران عن معاوية بن حكيم عن عبد الله بن سليمان التميمي قال : لما قتل محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه‌السلام صار إلى المدينة رجل يقال له شيبة بن غفال ولاه المنصور على أهلها فلما قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فرقي المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين وحارب المؤمنين وأراد الأمر لنفسه ومنعه أهله فحرمه الله عليه وأماته بغصته وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الأمر بغير استحقاق له فهم في نواحي الأرض مقتولون وبالدماء مضرجون قال فعظم هذا الكلام منه على الناس ولم يجسر أحد منهم ينطق بحرف فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سخين ـ [ سحق ] فقال ونحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين أما ما قلت من خير فنحن أهله وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى فاختبر يا من ركب غير راحلته وأكل غير زاده ارجع مأزورا ثم أقبل على الناس فقال ألا أنبئكم بأخلى الناس ميزانا يوم القيامة وأبينهم خسرانا من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق فأسكت الناس وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف فسألت عن الرجل فقيل لي هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم (٢).

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ص ٢٩٤.

(٢) نفس المصدر ص ٣١ ـ ٣٢.

١٦٥

بيان : ضرجه بالدم أدماه وقومس بالضم وفتح الميم صقع كبير بين خراسان وبلاد الجبل وإقليم بالأندلس وقومسان قرية بهمدان ذكرها الفيروزآبادي (١).

أقول : روى الصدوق في كتاب صفات الشيعة بإسناده قال أبو جعفر الدوانيقي بالحيرة ـ أيام أبي العباس للصادق عليه‌السلام يا أبا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه فقال عليه‌السلام ذلك لحلاوة الإيمان في صدورهم من حلاوته يبدونه تبديا.

٦ ـ ع: علل الشرائع ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عمن ذكره عن الربيع صاحب المنصور قال : قال المنصور يوما لأبي عبد الله عليه‌السلام وقد وقع على المنصور ذباب فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه فقال يا أبا عبد الله لأي شيء خلق الله عز وجل الذباب قال ليذل به الجبارين (٢).

٧ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب حلية الأولياء (٣) عن أحمد بن المقدام الرازي مثله (٤).

٨ ـ ع : علل الشرائع ابن المتوكل عن محمد بن علي ماجيلويه عن البرقي عن أبيه عن حماد بن عثمان عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كنت عند زياد بن عبيد الله وجماعة من أهل بيتي فقال يا بني علي وفاطمة ما فضلكم على الناس فسكتوا فقلت إن من فضلنا على الناس أنا لا نحب أن نكون من أحد سوانا وليس أحد من الناس لا يحب أن يكون منا إلا أشرك ثم قال ارووا هذا الحديث (٥).

__________________

(١) القاموس ج ٢ ص ٢٤٢.

(٢) علل الشرائع ص ٤٩٦.

(٣) حلية الأولياء ج ٣ ص ١٩٨ وأخرجه ابن طلحة في مطالب السئول ص ٨٢.

(٤) المناقب ج ٣ ص ٣٧٥.

(٥) علل الشرائع ص ٥٨٣.

١٦٦

٩ ـ لي : الأمالي للصدوق ابن البرقي عن أبيه عن جده عن جعفر بن عبد الله النماونجي عن عبد الجبار بن محمد عن داود الشعيري عن الربيع صاحب المنصور قال : بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام يستقدمه لشيء بلغه عنه فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار فإني رأيت حرده عليك شديدا فقال الصادق عليه‌السلام علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله استأذن لي عليه فاستأذن فأذن له فلما دخل سلم فرد عليه السلام ثم قال له يا جعفر قد علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأبيك علي بن أبي طالب عليه‌السلام لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملإ إلا أخذوا من تراب قدميك يستشفون به وقال علي عليه‌السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب غال ومبغض مفرط قال قال ذلك اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط ولعمري إن عيسى ابن مريمعليها‌السلاملو سكت عما قالت فيه النصارى ـ لعذبه الله ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك حبر الدهر وناموسه وحجة المعبود وترجمانه وعيبة علمه وميزان قسطه ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في الدنيا عملا ولا يرفع له يوم القيامة وزنا فنسبوك إلى غير حدك وقالوا فيك ما ليس فيك فقل فإن أول من قال الحق جدك وأول من صدقه عليه أبوك وأنت حري أن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما فقال الصادق عليه‌السلام أنا فرع من فرع الزيتونة وقنديل من قناديل بيت النبوة وأديب السفرة وربيب الكرام البررة ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه تحار فيه العلماء ويغرق فيه السبحاء ويضيق بالسابح عرض الفضاء هذا الشجا المعترض في حلوق الخلفاء الذي لا يجوز نفيه ولا يحل قتله ولو لا ما يجمعني وإياه

١٦٧

شجرة طاب أصلها وبسق فرعها وعذب ثمرها وبوركت في الذر وقدست في الزبر لكان مني إليه ما لا يحمد في العواقب لما يبلغني عنه من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا فقال الصادق عليه‌السلام لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الإغراء بين الناس فقد قال الله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ » (١) ونحن لك أنصار وأعوان ولملكك دعائم وأركان ما أمرت بالمعروف والإحسان وأمضيت في الرعية أحكام القرآن وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك فإن المكافي ليس بالواصل إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها فصل رحمك يزد الله في عمرك ويخفف عنك الحساب يوم حشرك فقال المنصور قد صفحت عنك لقدرك وتجاوزت عنك لصدقك فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات فقال الصادق عليه‌السلام عليك بالحلم فإنه ركن العلم واملك نفسك عند أسباب القدرة فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا أو تداوى حقدا أو يحب أن يذكر بالصولة واعلم أنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر فقال المنصور وعظت فأحسنت وقلت فأوجزت فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب عليه‌السلام حديثا لم تأثره العامة.

فقال الصادق عليه‌السلام حدثني أبي عن أبيه عن جده قال قال رسول

__________________

(١) سورة الحجرات الآية : ٣٥.

١٦٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي ثلاث كلمات فقال يا محمد فقلت لبيك ربي وسعديك فقال عز وجل إن عليا إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين فبشره بذلك فبشره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فخر علي عليه‌السلام ساجدا شكرا لله عز وجل ثم رفع رأسه فقال يا رسول الله بلغ من قدري حتى إني أذكر هناك قال نعم وإن الله يعرفك وإنك لتذكر في الرفيق الأعلى فقال المنصور « ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ » (١).

١٠ ـ كتاب الإستدراك : بإسناده عن الحسين بن محمد بن عامر بإسناده مثله بيان الحرد المغضب والوغد الأحمق الضعيف الرذل الدني وخادم القوم والجمع أوغاد والرعاع بالفتح الأحداث الطغام والحبر بالكسر ويفتح العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه والناموس العالم بالسر وصاحب الوحي والفرع بضمتين جمع فرع والسفرة الملائكة والشجا ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه.

١١ ـ خص (٢) : منتخب البصائر ير ، بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن علي بن ميسر قال : لما قدم أبو عبد الله عليه‌السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له إذا دخل علي فاضرب عنقه فلما أدخل أبو عبد الله عليه‌السلام نظر إلى أبي جعفر وأسر شيئا بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو ثم أظهر يا من يكفي خلقه كلهم ولا يكفيه أحد اكفني شر عبد الله بن علي فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره قال فقال أبو جعفر يا جعفر بن محمد لقد أتعبتك في هذا الحر فانصرف فخرج أبو عبد الله عليه‌السلام من عنده فقال أبو جعفر لمولاه ما منعك أن تفعل ما أمرتك به فقال لا والله ما أبصرته ولقد جاء شيء حال بيني وبينه فقال أبو جعفر والله لئن حدثت بهذا الحديث لأقتلنك (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٦١١.

(٢) مختصر البصائر ص ٨.

(٣) البصائر ج ١٠ باب ١٥ ١٤٤.

١٦٩

١٢ ـ يج : الخرائج والجرائح عن علي بن ميسرة مثله (١).

١٣ ـ يج : الخرائج والجرائح روي أن أبا عبد الله عليه‌السلام قال : دعاني أبو جعفر الخليفة ومعي عبد الله بن الحسن وهو يومئذ نازل بالحيرة قبل أن تبنى بغداد يريد قتلنا لا يشك الناس فيه فلما دخلت عليه دعوت الله بكلام فقال لابن نهيك وهو القائم على رأسه إذا ضربت بإحدى يدي على الأخرى فلا تناظره حتى تضرب عنقه فلما تكلمت بما أردت نزع الله من قلب أبي جعفر الخليفة الغيظ فلما دخلت أجلسني مجلسه وأمر لي بجائزة وخرجنا من عنده فقال له أبو بصير وكان حضر ذلك المجلس ما كان الكلام قال دعوت الله بدعاء يوسف فاستجاب الله لي ولأهل بيتي (٢).

١٤ ـ يج : الخرائج والجرائح روي عن صفوان الجمال قال : كنت بالحيرة مع أبي عبد الله عليه‌السلام إذ أقبل الربيع وقال أجب أمير المؤمنين فلم يلبث أن عاد قلت أسرعت الانصراف قال إنه سألني عن شيء فاسأل الربيع عنه فقال صفوان وكان بيني وبين الربيع لطف فخرجت إلى الربيع وسألته فقال أخبرك بالعجب إن الأعراب خرجوا يجتنون الكمأة فأصابوا في البر خلقا ملقى فأتوني به فأدخلته على الخليفة فلما رآه قال نحه وادع جعفرا فدعوته فقال يا أبا عبد الله أخبرني عن الهواء ما فيه قال في الهواء موج مكفوف قال ففيه سكان قال نعم قال وما سكانه قال خلق أبدانهم أبدان الحيتان ورءوسهم رءوس الطير ولهم أعرفة كأعرفة الديكة ونغانغ كنغانغ الديكة وأجنحة كأجنحة الطير من ألوان أشد بياضا من الفضة المجلوة فقال الخليفة هلم الطشت فجئت بها وفيها ذلك الخلق وإذا هو والله كما وصفه جعفر فلما نظر إليه جعفر قال هذا هو الخلق الذي يسكن الموج المكفوف فأذن له بالانصراف فلما خرج قال ويلك يا ربيع هذا الشجا المعترض في حلقي من أعلم الناس (٣).

__________________

(١) الخرائج والجرائح ص ٢٤٥.

(٢) نفس المصدر ص ٢٣٤.

(٣) الخرائج والجرائح ص ٢٣٤.

١٧٠

١٥ ـ كشف : كشف الغمة من دلائل الحميري مثله (١) بيان قال الفيروزآبادي (٢) النغنغ موضع بين اللهاة وشوارب الحنجور واللحمة في الحلق عند اللهازم والذي يكون عند عنق البعير إذا اجتر تحرك.

١٦ ـ يج : الخرائج والجرائح روي عن هارون بن خارجة قال : كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثا فسأل أصحابنا فقالوا ليس بشيء فقالت امرأته لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس قال فذهب إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه فإذا سوادي عليه جبة صوف يبيع خيارا فقلت له بكم خيارك هذا كله قال بدرهم فأعطيته درهما وقلت له أعطني جبتك هذه فأخذتها ولبستها وناديت من يشتري خيارا ودنوت منه فإذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار فقال عليه‌السلام لي لما دنوت منه ما أجود ما احتلت أي شيء حاجتك قلت إني ابتليت فطلقت أهلي في دفعة ثلاثا فسألت أصحابنا فقالوا ليس بشيء وإن المرأة قالت لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء (٣).

١٧ ـ يج : الخرائج والجرائح روي عن محرمة [ مخرمة ] الكندي قال : إن أبا الدوانيق نزل بالربذة وجعفر الصادق عليه‌السلام بها قال من يعذرني من جعفر والله لأقتلنه فدعاه فلما دخل عليه جعفر عليه‌السلام قال يا أمير المؤمنين ارفق بي فو الله لقلما أصحبك قال أبو الدوانيق انصرف ثم قال لعيسى بن علي الحقه فسله أبي أم به فخرج يشتد حتى لحقه فقال يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول أبك أم به قال لا بل بي (٤).

__________________

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ٤٢٩.

(٢) القاموس ج ٣ ص ١١٤ وفيه « فوق » بدل « عند ».

(٣) الخرائج والجرائح ص ٢٣٤.

(٤) نفس المصدر ص ٢٣٤.

١٧١

١٨ ـ يج : الخرائج والجرائح روي عن مهاجر بن عمار الخزاعي قال : بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة وبعث معي بمال كثير وأمرني أن أتضرع لأهل هذا البيت وأتحفظ مقالتهم قال فلزمت الزاوية التي مما يلي القبر فلم أكن أتنحى منها في وقت الصلاة ـ لا في ليل ولا في نهار قال وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم ومن هو فوقهم الشيء بعد الشيء حتى ناولت شبابا من بني الحسن ومشيخة حتى ألفوني وألفتهم في السر قال وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني حتى إذا كان يوما من الأيام دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي فلما قضى صلاته التفت إلي وقال تعال يا مهاجر ولم أكن أتسمى ولا أتكنى بكنيتي فقال قل لصاحبك يقول لك جعفر كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا تجيء إلى قوم شباب محتاجين فتدس إليهم فلعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه فلو بررتهم ووصلتهم وأغنيتهم كانوا أحوج ما تريد منهم قال فلما أتيت أبا الدوانيق قلت جئتك من عند ساحر كذاب كاهن من أمره كذا وكذا قال صدق والله كانوا إلى غير هذا أحوج وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (١).

١٩ ـ يج : الخرائج والجرائح روي عن الرضا عن أبيه عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى جعفر بن محمد عليه‌السلام فقال له انج بنفسك هذا فلان بن فلان قد وشى بك إلى المنصور وذكر أنك تأخذ البيعة لنفسك على الناس لتخرج عليهم فتبسم وقال يا عبد الله لا ترع فإن الله إذا أراد فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها حاسدا باغيا يحركها حتى يبينها اقعد معي حتى يأتيني الطلب فتمضي معي إلى هناك حتى تشاهد ما يجري من قدرة الله التي لا معزل عنها لمؤمن فجاءوا وقالوا أجب أمير المؤمنين فخرج الصادق عليه‌السلام ودخل وقد امتلأ المنصور غيظا وغضبا فقال له أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين تريد أن تفرق جماعتهم وتسعى في هلكتهم وتفسد ذات بينهم فقال الصادق عليه‌السلام ما فعلت شيئا من هذا قال

__________________

(١) نفس المصدر ص ٢٤٤.

١٧٢

المنصور فهذا فلان يذكر أنك فعلت فقال إنه كاذب قال المنصور إني أحلفه إن حلف كفيت نفسي مئونتك فقال الصادق عليه‌السلام إنه إذا حلف كاذبا باء بإثم قال المنصور لحاجبه حلف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا يعني الصادق عليه‌السلام فقال الحاجب قل والله الذي لا إله إلا هو وجعل يغلظ عليه اليمين فقال الصادق عليه‌السلام لا تحلفه هكذا فإني سمعت أبي يذكر عن جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال إن من الناس من يحلف كاذبا فيعظم الله في يمينه ويصفه بصفاته الحسنى فيأتي تعظيمه لله على إثم كذبه ويمينه فيؤخر عنه البلاء ولكني أحلفه باليمين التي حدثني أبي عن جدي رسول الله أنه لا يحلف بها حالف إلا باء بإثمه فقال المنصور فحلفه إذا يا جعفر فقال الصادق للرجل قل إن كنت كاذبا عليك فقد برئت من حول الله وقوته ولجأت إلى حولي وقوتي فقالها الرجل فقال الصادق عليه‌السلام اللهم إن كان كاذبا فأمته فما استتم حتى سقط الرجل ميتا واحتمل ومضى وأقبل المنصور على الصادق عليه‌السلام فسأله عن حوائجه فقال عليه‌السلام ما لي حاجة إلا أن أسرع إلى أهلي فإن قلوبهم بي متعلقة فقال ذلك إليك فافعل ما بدا لك فخرج من عنده مكرما قد تحير منه المنصور فقال قوم رجل فاجأه الموت وجعل الناس يخوضون في أمر ذلك الميت وينظرون إليه فلما استوى على سريره جعل الناس يخوضون فمن ذام له وحامد إذا قعد على سريره وكشف عن وجهه وقال يا أيها الناس إني لقيت ربي فلقاني السخط واللعنة واشتد غضب زبانيته علي على الذي كان مني إلى جعفر بن محمد الصادق فاتقوا الله ولا تهلكوا فيه كما هلكت ثم أعاد كفنه على وجهه وعاد في موته فرأوه لا حراك فيه وهو ميت فدفنوه (١).

٢٠ ـ طب : طب الأئمة عليهم‌السلام الأشعث بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام

__________________

(١) الخرائج والجرائح ص ٢٤٤.

١٧٣

عن موسى بن جعفر قال : لما طلب أبو الدوانيق أبا عبد الله عليه‌السلام وهم بقتله فأخذه صاحب المدينة ووجه به إليه وكان أبو الدوانيق استعجله واستبطأ قدومه حرصا منه على قتله فلما مثل بين يديه ضحك في وجهه ثم رحب به وأجلسه عنده وقال يا ابن رسول الله والله لقد وجهت إليك وأنا عازم على قتلك ولقد نظرت فألقي إلي محبة لك فو الله ما أجد أحدا من أهل بيتي أعز منك ولا آثر عندي ولكن يا أبا عبد الله ما كلام يبلغني عنك تهجننا فيه وتذكرنا بسوء فقال يا أمير المؤمنين ما ذكرتك قط بسوء فتبسم أيضا وقال والله أنت أصدق عندي من جميع من سعى بك إلي هذا مجلسي بين يديك وخاتمي فانبسط ولا تخشني في جليل أمرك وصغيره فلست أردك عن شيء ثم أمره بالانصراف وحباه وأعطاه فأبى أن يقبل شيئا وقال يا أمير المؤمنين أنا في غناء وكفاية وخير كثير فإذا هممت ببري فعليك بالمتخلفين من أهل بيتي فارفع عنهم القتل قال قد قبلت يا أبا عبد الله وقد أمرت بمائة ألف درهم ففرق بينهم فقال وصلت الرحم يا أمير المؤمنين فلما خرج من عنده مشى بين يديه مشايخ قريش وشبانهم من كل قبيلة ومعه عين أبي الدوانيق فقال له يا ابن رسول الله لقد نظرت نظرا شافيا حين دخلت على أمير المؤمنين فما أنكرت منك شيئا غير أني نظرت إلى شفتيك وقد حركتهما بشيء فما كان ذلك قال إني لما نظرت إليه قلت يا من لا يضام ولا يرام وبه تواصل الأرحام صل على محمد وآله واكفني شره بحولك وقوتك والله ما زدت على ما سمعت قال فرجع العين إلى أبي الدوانيق فأخبره بقوله فقال والله ما استتم ما قال حتى ذهب ما كان في صدري من غائلة وشر.

٢١ ـ شا : الإرشاد روى نقلة الآثار أن المنصور لما أمر الربيع بإحضار أبي عبد الله عليه‌السلام فأحضره فلما بصر به المنصور قال له قتلني الله إن لم أقتلك أتلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام والله ما فعلت ولا أردت فإن كان بلغك فمن كاذب ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر وابتلي أيوب فصبر وأعطي سليمان

١٧٤

فشكر فهؤلاء أنبياء الله وإليهم يرجع نسبك فقال له المنصور أجل ارتفع هاهنا فارتفع فقال له إن فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت فقال أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك فأحضر الرجل المذكور فقال له المنصور أنت سمعت ما حكيت عن جعفر قال نعم فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام فاستحلفه على ذلك فقال له المنصور أتحلف قال نعم وابتدأ باليمين فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام دعني يا أمير المؤمنين أحلفه أنا فقال له افعل فقال أبو عبد الله عليه‌السلام للساعي قل برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا جعفر فامتنع منها هنيئة ثم حلف بها فما برح حتى ضرب برجله فقال أبو جعفر جروا برجله فأخرجوه لعنه الله قال الربيع وكنت رأيت جعفر بن محمد عليه‌السلام حين دخل على المنصور يحرك شفتيه وكلما حركهما سكن غضب المنصور حتى أدناه منه وقد رضي عنه فلما خرج أبو عبد الله عليه‌السلام من عند أبي جعفر المنصور اتبعته فقلت له إن هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك فلما دخلت عليه وأنت تحرك شفتيك كلما حركتهما سكن غضبه فبأي شيء كنت تحركهما قال بدعاء جدي الحسين بن علي عليه‌السلام قلت جعلت فداك وما هذا الدعاء قال يا عدتي عند شدتي ويا غوثي في كربتي احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام قال الربيع فحفظت هذا الدعاء فما نزلت بي شدة قط إلا دعوت به ففرج قال وقلت لجعفر بن محمد عليه‌السلام لم منعت الساعي أن يحلف بالله قال كرهت أن يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه ويؤخر عقوبته فاستحلفته بما سمعت فأخذه الله « أَخْذَةً رابِيَةً » (١).

بيان : قال البيضاوي (٢) في قوله تعالى « أَخْذَةً رابِيَةً » أي زائدة في الشدة

__________________

(١) الإرشاد ص ٢٩٠.

(٢) تفسير البيضاوى ج ٤ ص ٢١٧ طبع مصر بمطبعة مصطفى محمد.

١٧٥

زيادة أعمالهم في القبح.

٢٢ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ومعتب ومصادف موليا الصادق عليه‌السلام في خبر أنه لما دخل هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس وشكوا من الصادق عليه‌السلام أنه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا فخطب أبو عبد الله عليه‌السلام فكان مما قال إن الله تعالى لما بعث رسوله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له وأبوكم العباس وأبو لهب يكذبانه ويؤلبان عليه شياطين الكفر وأبوكم يبغي له الغوائل ويقود إليه القبائل في بدر وكان في أول رعيلها وصاحب خيلها ورجلها المطعم يومئذ والناصب الحرب له ثم قال فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا وأسلم كارها تحت سيوفنا لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط فقطع الله ولايته منا بقوله « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ » (١) في كلام له ثم قال هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه إذ كان مولانا ولأنا ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمنا فاطمة أحرزت ميراثه (٢).

بيان : ألبت الجيش أي جمعته والتأليب التحريض والرعيل القطعة من الخيل.

٢٣ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب أبو بصير قال : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام في المسجد إذ دخل عليه أبو الدوانيق وداود بن علي وسليمان بن مجالد حتى قعدوا في جانب المسجد فقال لهم هذا أبو جعفر فأقبل إليه داود بن علي وسليمان بن مجالد فقال لهما ما منع جباركم أن يأتيني فعذروه عنده فقال عليه‌السلام يا داود أما لا تذهب الأيام حتى يليها ويطأ الرجال عقبه ويملك شرقها وغربها وتدين له الرجال وتذل رقابها قال فلها مدة قال نعم والله ليتلقفنها الصبيان منكم كما تتلقف الكرة فانطلقا فأخبرا أبا جعفر بالذي سمعا من محمد بن علي عليه‌السلام فبشراه بذلك فلما وليا دعا سليمان بن مجالد فقال يا سليمان بن مجالد إنهم لا يزالوا في فسحة من ملكهم ما لم يصيبوا دما وأومأ بيده إلى صدره فإذا أصابوا ذلك الدم فبطنها

__________________

(١) سورة الأنفال الآية : ٧٢.

(٢) المناقب ج ١ ص ٢٢٤.

١٧٦

خير لهم من ظهرها فجاء أبو الدوانيق إليه وسأله عن مقالهما فصدقهما الخبر فكان كما قال (١).

٢٤ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب روى الأعمش والربيع وابن سنان وعلي بن أبي حمزة وحسين بن أبي العلاء وأبو المغراء وأبو بصير أن داود بن علي بن عبد الله بن العباس لما قتل المعلى بن خنيس وأخذ ماله قال الصادق عليه‌السلام قتلت مولاي وأخذت مالي أما علمت أن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب أما والله لأدعون الله عليك فقال له داود تهددنا بدعائك كالمستهزئ بقوله فرجع أبو عبد الله عليه‌السلام إلى داره فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا فبعث إليه داود خمسة من الحرس وقال ائتوني به فإن أبى فأتوني برأسه فدخلوا عليه وهو يصلي فقالوا له أجب داود قال فإن لم أجب قالوا أمرنا بأمر قال فانصرفوا فإنه هو خير لكم في دنياكم وآخرتكم فأبوا إلا خروجه فرفع يديه فوضعهما على منكبيه ثم بسطهما ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول الساعة الساعة حتى سمعنا صراخا عاليا فقال لهم إن صاحبكم قد مات فانصرفوا فسئل فقال بعث إلي ليضرب عنقي فدعوت عليه بالاسم الأعظم فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله وفي رواية لبابة بنت عبد الله بن العباس بات داود تلك الليلة حائرا قد أغمي عليه فقمت أفتقده في الليل فوجدته مستلقيا على قفاه وثعبان قد انطوى على صدره وجعل فاه على فيه فأدخلت يدي في كمي فتناولته فعطف فاه إلي فرميت به فانساب في ناحية البيت وأنبهت داود فوجدته حائرا قد احمرت عيناه فكرهت أن أخبره بما كان وجزعت عليه ثم انصرفت فوجدت ذلك الثعبان كذلك ففعلت به مثل الذي فعلت المرة الأولى وحركت داود فأصبته ميتا فما رفع جعفر رأسه من سجوده حتى

__________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٢٤ في أحوال الإمام الباقر عليه‌السلام.

١٧٧

سمع الواعية (١).

بيان : الحرب بالتحريك نهب مال الإنسان وتركه بلا شيء.

٢٥ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب قال الربيع الحاجب أخبرت الصادق بقول المنصور لأقتلنك ولأقتلن أهلك حتى لا أبقي على الأرض منكم قامة سوط ولأخربن المدينة حتى لا أترك فيها جدارا قائما فقال لا ترع من كلامه ودعه في طغيانه فلما صار بين السترين سمعت المنصور يقول أدخلوه إلي سريعا فأدخلته عليه فقال مرحبا بابن العم النسيب وبالسيد القريب ثم أخذ بيده وأجلسه على سريره وأقبل عليه ثم قال أتدري لم بعثت إليك فقال وأنى لي علم بالغيب فقال أرسلت إليك لتفرق هذه الدنانير في أهلك وهي عشرة آلاف دينار فقال ولها غيري فقال أقسمت عليك يا أبا عبد الله لتفرقها على فقراء أهلك ثم عانقه بيده وأجازه وخلع عليه وقال لي يا ربيع أصحبه قوما يردونه إلى المدينة قال فلما خرج أبو عبد الله عليه‌السلام قلت له يا أمير المؤمنين لقد كنت من أشد الناس عليه غيظا فما الذي أرضاك عنه قال يا ربيع لما حضرت الباب رأيت تنينا عظيما يقرض بأنيابه وهو يقول بألسنة الآدميين إن أنت أشكت ابن رسول الله لأفصلن لحمك من عظمك فأفزعني ذلك وفعلت به ما رأيت (٢).

إيضاح القرض بالمعجمة والمهملة القطع والقبض وأشكت أي أدخلت الشوكة في جسمه مبالغة في تعميم أنواع الضرر.

٢٦ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب في الترغيب والترهيب ، عن أبي القاسم الأصفهاني والعقد (٣) عن ابن عبد ربه الأندلسي أن المنصور قال لما رآه قتلني الله إن لم أقتلك فقال له إن سليمان أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر وأنت على إرث منهم وأحق بمن تأسى بهم فقال إلي يا أبا عبد الله فأنت القريب

__________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٥٧.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٥٧.

(٣) العقد الفريد ج ٣ ص ٢٢٤ والحديث فيه أو في مما في الأصل بكثير.

١٧٨

القرابة وذو الرحم الواشجة السليم الناحية القليل الغائلة ثم صافحه بيمينه وعانقه بشماله وأمر له بكسوة وجائزة وفي خبر آخر عن الربيع أنه أجلسه إلى جانبه فقال له ارفع حوائجك فأخرج رقاعا لأقوام فقال المنصور ارفع حوائجك في نفسك فقال لا تدعوني حتى أجيئك فقال ما إلى ذلك سبيل (١).

بيان : وشجت العروق والأغصان اشتبكت.

٢٧ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب الحسين بن محمد قال : سخط علي بن هبيرة على رفيد فعاذ بأبي عبد الله عليه‌السلام فقال له انصرف إليه واقرأه [ أقرئه ] مني السلام وقل له إني أجرت [ آجرت ] عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء فقال جعلت فداك شامي خبيث الرأي فقال اذهب إليه كما أقول لك قال فاستقبلني أعرابي ببعض البوادي فقال أين تذهب إني أرى وجه مقتول ثم قال لي أخرج يدك ففعلت فقال يد مقتول ثم قال لي أخرج لسانك ففعلت فقال امض فلا بأس عليك فإن في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي ـ لانقادت لك قال فجئت فلما دخلت عليه أمر بقتلي فقلت أيها الأمير لم تظفر بي عنوة وإنما جئتك من ذات نفسي وهاهنا أمر أذكره لك ثم أنت وشأنك فأمر من حضر فخرجوا فقلت له مولاك جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك قد أجرت [ آجرت ] عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء فقال [ و ] الله لقد قال لك جعفر هذه المقالة وأقرأني السلام فحلفت فرددها علي ثلاثا ثم حل كتافي [ أكتافي ] ثم قال ـ لا يقنعني منك حتى تفعل بي ما فعلت بك قلت ما تكتف يدي يديك ولا تطيب نفسي فقال والله ما يقنعني إلا ذلك ففعلت كما فعل وأطلقته فناولني خاتمه وقال أمري في يدك فدبر فيها ما شئت التمس محمد بن سعيد من الصادق رقعة إلى محمد بن أبي حمزة الثمالي في تأخير خراجه فقال عليه‌السلام قل له سمعت جعفر بن محمد يقول من أكرم لنا مواليا فبكرامة الله تعالى بدأ ومن أهانه فلسخط الله تعرض ومن أحسن إلى شيعتنا فقد أحسن

__________________

(١) المناقب ج ٣ ص ٣٥٨.

١٧٩

إلى أمير المؤمنين ومن أحسن إلى أمير المؤمنين فقد أحسن إلى رسول الله ومن أحسن إلى رسول الله فقد أحسن إلى الله ومن أحسن إلى الله كان والله معنا في الرفيع الأعلى قال فأتيته وذكرته فقال بالله سمعت هذا الحديث من الصادق عليه‌السلام فقلت نعم فقال اجلس ثم قال يا غلام ما على محمد بن سعيد من الخراج قال ستون ألف درهم قال امح اسمه من الديوان وأعطاني بدرة وجارية وبغلة بسرجها ولجامها قال فأتيت أبا عبد الله فلما نظر إلي تبسم فقال يا أبا محمد تحدثني أو أحدثك فقلت يا ابن رسول الله منك أحسن فحدثني والله الحديث كأنه حاضر معي (١).

محمد بن سنان عن المفضل بن عمر أن المنصور قد كان هم بقتل أبي عبد الله عليه‌السلام غير مرة فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله غير أنه منع الناس عنه ومنعه من القعود للناس واستقصى عليه أشد الاستقصاء حتى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه في نكاح أو طلاق أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل وأهله فشق ذلك على شيعته وصعب عليهم حتى ألقى الله عز وجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه‌السلام ليتحفه بشيء من عنده لا يكون لأحد مثله فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طولها ذراع ففرح بها فرحا شديدا وأمر أن تشق له أربعة أرباع وقسمها في أربعة مواضع ثم قال له ما جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك وتفشي علمك لشيعتك ولا أتعرض لك ولا لهم فاقعد غير محتشم وأفت الناس ولا تكن في بلد أنا فيه ففشى العلم عن الصادق عليه‌السلام (٢).

بيان : في القاموس (٣) المخصرة كمكنسة ما يتوكأ عليها كالعصا ونحوه وما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب والخطيب إذا خطب.

__________________

(١) المناقب ج ٣ ص ٣٦١.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٦٤.

(٣) القاموس ج ٢ ص ٢٠.

١٨٠