بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي له الأموال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين قال له تحلف على براءتك من ذلك قال نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شيء قال أبو جعفر لا بل تحلف بالطلاق والعتاق فقال أبو عبد الله أما ترضى يميني بالله الذي لا إله إلا هو قال أبو جعفر فلا تفقه علي فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين قال له دع عنك هذا فإني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفر فقال نعم هذا صحيح وهذا جعفر بن محمد والذي قلت فيه كما قلت فقال أبو عبد الله عليه‌السلام تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح قال نعم ثم ابتدأ الرجل باليمين فقال والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب الحي القيوم فقال له جعفر عليه‌السلام لا تعجل في يمينك فإني أنا أستحلف قال المنصور وما أنكرت من هذه اليمين قال إن الله تعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا أثنى عليه أن يعاجله بالعقوبة لمدحه له ولكن قل يا أيها الرجل أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إني لصادق بر فيما أقول فقال المنصور للقرشي احلف بما استحلفك به أبو عبد الله فحلف الرجل بهذه اليمين فلم يستتم الكلام حتى أجذم وخر ميتا فراع أبا جعفر ذلك وارتعدت فرائصه فقال يا أبا عبد الله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت ذلك وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك فو الله لا قبلت عليك قول أحد بعدها أبدا (١).

بيان : تلوم في الأمر تمكث وانتظر وقوله لم نأل أي لم نقصر.

٤٢ ـ مهج : مهج الدعوات روى محمد بن عبيد الله الإسكندري أنه قال : كنت من جملة ندماء أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر وخواصه وكنت صاحب سره من بين الجميع فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا فقلت ما هذه

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٩٨.

٢٠١

الفكرة يا أمير المؤمنين فقال لي يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة وقد بقي سيدهم وإمامهم فقلت له من ذلك قال جعفر بن محمد الصادق فقلت له يا أمير المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة فقال يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبإمامته ولكن الملك عقيم وقد آليت على نفسي أن لا أمسي عشيتي هذه أو أفرغ منه قال محمد والله لقد ضاقت علي الأرض برحبها ثم دعا سيافا وقال له إذا أنا أحضرت أبا عبد الله الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه ثم أحضر أبا عبد الله عليه‌السلام في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار فرأيت أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه يحمر ساعة ويصفر أخرى وأخذ بعضد أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام وأجلسه على سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه ثم قال له يا ابن رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة قال جئتك يا أمير المؤمنين طاعة لله عز وجل ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولأمير المؤمنين أدام الله عزه قال ما دعوتك والغلط من الرسول ثم قال سل حاجتك فقال أسألك أن لا تدعوني لغير شغل قال لك ذلك وغير ذلك ثم انصرف أبو عبد الله عليه‌السلام سريعا وحمدت الله عز وجل كثيرا ودعا أبو جعفر المنصور بالدواويج ونام ولم ينتبه إلا في نصف الليل فلما انتبه كنت عند رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي ـ لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي فأحدثك بحديث فلما قضى صلاته أقبل علي وقال لي لما أحضرت أبا عبد الله الصادق وهممت به ما هممت من السوء رأيت تنينا قد حوى بذنبه جميع داري وقصري وقد وضع شفتيه العليا في أعلاها والسفلى في أسفلها وهو يكلمني بلسان طلق ذلق عربي مبين يا منصور إن الله تعالى جده قد بعثني إليك وأمرني إن

٢٠٢

أنت أحدثت في أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام حدثا فأنا أبتلعك ومن في دارك جميعا فطاش عقلي وارتعدت فرائصي واصطكت أسناني قال محمد بن عبد الله الإسكندري قلت له ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين وعنده من الأسماء وسائر الدعوات التي لو قرأها على الليل لأنار ولو قرأها على النهار لأظلم ولو قرأها على الأمواج في البحور لسكنت قال محمد فقلت له بعد أيام أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أخرج إلى زيارة أبي عبد الله الصادق فأجاب ولم يأب فدخلت على أبي عبد الله وسلمت وقلت له أسألك يا مولاي بحق جدك محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تعلمني الدعاء الذي تقرؤه عند دخولك إلى أبي جعفر المنصور قال لك ذلك ثم علمه عليه‌السلام الدعاء على ما سيأتي في موضعه (١).

٤٣ ـ مهج : مهج الدعوات علي بن عبد الصمد عن عم والده محمد بن علي بن عبد الصمد عن جعفر بن محمد الدوريستي عن والده عن الصدوق قال وحدثني الشيخ جدي عن والده علي بن عبد الصمد عن محمد بن إبراهيم بن نبال عن الصدوق عن أبيه عن شيوخه عن محمد بن عبيد الله الإسكندري مثله (٢) بيان الدواج كرمان وغراب اللحاف الذي يلبس ذكره الفيروزآبادي (٣).

٤٤ ـ كا : الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن بعض أصحابه عن صفوان الجمال قال : حملت أبا عبد الله الحملة الثانية إلى الكوفة وأبو جعفر المنصور بها فلما أشرف على الهاشمية مدينة أبي جعفر أخرج رجله من غرز الرحل (٤) ثم نزل ودعا ببغلة شهباء ولبس ثيابا بيضا وتكة بيضاء فلما دخل عليه قال له أبو جعفر لقد تشبهت بالأنبياء فقال أبو عبد الله وأنى تبعدني من أبناء الأنبياء

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢٥١.

(٢) نفس المصدر ص ١٨.

(٣) القاموس ج ١ ص ١٨٩.

(٤) غرز الرحل : هو ركاب من جلد يقال : غرز رجله في الغرز إذا وضعها فيه كاغترز ( القاموس ).

٢٠٣

قال لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من يعقر نخلها ويسبي ذريتها فقال ولم ذاك يا أمير المؤمنين فقال رفع إلي أن مولاك المعلى بن خنيس يدعو إليك ويجمع لك الأموال فقال والله ما كان فقال لست أرضى منك إلا بالطلاق والعتاق والهدي والمشي فقال أبالأنداد من دون الله تأمرني أن أحلف إنه من لم يرض بالله فليس من الله في شيء فقال أتتفقه علي فقال وأنى تبعدني من التفقه وأنا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فإني أجمع بينك وبين من سعى بك قال فافعل قال فجاء الرجل الذي سعى به فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يا هذا قال فقال نعم والله « الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ » ... « الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ » لقد فعلت فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام يا ويلك تجلل الله فيستحيي من تعذيبك ولكن قل برئت من حول الله وقوته وألجأت إلى حولي وقوتي فحلف بها الرجل فلم يستتمها حتى وقع ميتا فقال له أبو جعفر لا أصدق بعدها عليك أبدا وأحسن جائزته ورده (١).

٤٥ ـ مهج : مهج الدعوات رأيت بخط عبد السلام البصري بمدينة السلام أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الرازي عن جده محمد بن سليمان عن ابن أبي الخطاب عن ابن سنان عن ابن مسكان وأبي سعيد المكاري وغير واحد من عبد الأعلى بن أعين عن رزام بن مسلم مولى خالد قال : بعثني أبو الدوانيق أنا ونفرا معي إلى أبي عبد الله عليه‌السلام وهو بالحيرة لنقتله فدخلنا عليه في رواقه ليلا فنلنا منه حاجتنا ومن ابنه إسماعيل ثم رجعنا إلى أبي الدوانيق فقلنا له فرغنا مما أمرتنا به فلما أصبحنا من الغد وجدنا في رواقه ناقتين منحورتين قال أبو الحسن محمد بن يوسف إن جعفر بن محمد حال الله بينهم وبينه (٢).

٤٦ ـ مهج : مهج الدعوات من كتاب الخصائص للحافظ أبي الفتح محمد بن أحمد بن علي النطنزي

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٤٤٥ وفيه ( تمجد ) بدل ( تجلل ).

(٢) مهج الدعوات ص ٢١٢.

٢٠٤

عن عبد الواحد بن علي عن أحمد بن إبراهيم عن منصور بن أحمد الصيرفي عن إسحاق بن عبد الرب بن المفضل عن عبد الله بن عبد الحميد عن محمد بن مهران الأصفهاني عن خلاد بن يحيى عن قيس بن الربيع عن أبيه قال : دعاني المنصور يوما قال أما ترى ما هو هذا يبلغني عن هذا الحبشي قلت ومن هو يا سيدي قال جعفر بن محمد والله لأستأصلن شأفته ثم دعا بقائد من قواده فقال انطلق إلى المدينة في ألف رجل فاهجم على جعفر بن محمد وخذ رأسه ورأس ابنه موسى بن جعفر في مسيرك فخرج القائد من ساعته حتى قدم المدينة وأخبر جعفر بن محمد فأمر فأتي بناقتين فأوثقهما على باب البيت ودعا بأولاده موسى وإسماعيل ومحمد وعبد الله فجمعهم وقعد في المحراب وجعل يهمهم قال أبو بصير فحدثني سيدي موسى بن جعفر أن القائد هجم عليه فرأيت أبي وقد همهم بالدعاء فأقبل القائد وكل من كان معه قال خذوا رأسي هذين القائمين فاجتزوا رأسهما ففعلوا وانطلقوا إلى المنصور فلما دخلوا عليه اطلع المنصور في المخلاة التي كان فيها الرأسان فإذا هما رأسا ناقتين فقال المنصور أي شيء هذا قال يا سيدي ما كان بأسرع من أني دخلت البيت الذي فيه جعفر بن محمد فدار رأسي ولم أنظر ما بين يدي فرأيت شخصين قائمين خيل إلي أنهما جعفر بن محمد وموسى ابنه فأخذت رأسيهما فقال المنصور اكتم علي فما حدثت به أحدا حتى مات قال الربيع فسألت موسى بن جعفر عليه‌السلام عن الدعاء فقال سألت أبي عن الدعاء فقال هو دعاء الحجاب وذكر الدعاء (١).

بيان : قال الجوهري الشأفة (٢) قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب وإذا قطعت مات صاحبها والأصل واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه أزاله من أصله.

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢١٣.

(٢) هذا نص القاموس ج ٢ ص ١٨٤.

٢٠٥

٤٧ ـ كشف : كشف الغمة وقال الحافظ عبد العزيز روي عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : لما دفعت إلى أبي جعفر المنصور انتهرني وكلمني بكلام غليظ ثم قال لي يا جعفر قد علمت بفعل محمد بن عبد الله الذي يسمونه النفس الزكية وما نزل به وإنما أنتظر الآن أن يتحرك منكم أحد فألحق الكبير بالصغير قال فقلت يا أمير المؤمنين حدثني محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة وإن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيبترها الله إلى ثلاث سنين قال فقال لي [ و ] الله لقد سمعت هذا من أبيك قلت نعم حتى رددها علي ثلاثا ثم قال انصرف (١).

ومن كتاب الحافظ عبد العزيز قال حدث أبو الحسين يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال كتب إلي عباد بن يعقوب يخبرني عن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخل جعفر بن محمد على أبي جعفر المنصور فتكلم فلما خرجوا من عنده أرسل إلى جعفر بن محمد عليه‌السلام فرده فلما رجع حرك شفتيه بشيء فقيل له ما قلت قال قلت اللهم أنت تكفي من كل شيء ولا يكفي منك شيء فاكفنيه فقال لي ما يبرك عندي فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام قد بلغت أشياء لم يبلغها أحد من آبائي في الإسلام وما أراني أصحبك إلا قليلا ما أرى هذه السنة تتم لي قال فإن بقيت قال ما أراني أبقى قال فقال أبو جعفر احسبوا له فحسبوا فمات في شوال (٢).

٤٨ ـ كا : الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن مرازم عن أبيه قال : خرجنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام حيث خرج من عند أبي جعفر من الحيرة فخرج ساعة أذن له وانتهى إلى السالحين (٣) في أول الليل فعرض له عاشر (٤) كان يكون في السالحين

__________________

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ٣٨٣.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٨٤.

(٣) السالحين موضع على أربعة فراسخ من بغداد الى المغرب.

(٤) العاشر : من يأخذ العشر ، يقال : عشرت ماله أعشره عشرا فأنا عاشر ، وعشرته فأنا معشر وعشار ، اذا أخذت عشره. « النهاية ».

٢٠٦

في أول الليل فقال له ـ لا أدعك تجوز فألح عليه وطلب إليه فأبى إباء ومصادف معه فقال له مصادف جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك وأخاف أن يردك وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر وأنا ومرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر فقال كف يا مصادف فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره فأذن له فمضى فقال يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه قلت هذا جعلت فداك فقال يا مرازم إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير (١).

٤٩ ـ أعلام الدين : للديلمي روي عن الحسن بن علي بن يقطين عن أبيه عن جده قال : ولي علينا بالأهواز رجل من كتاب يحيى بن خالد وكان علي بقايا من خراج كان فيها زوال نعمتي وخروجي من ملكي فقيل لي إنه ينتحل هذا الأمر فخشيت أن ألقاه مخافة أن لا يكون ما بلغني حقا فيكون خروجي من ملكي وزوال نعمتي فهربت منه إلى الله تعالى وأتيت الصادق عليه‌السلام مستجيرا فكتب إليه رقعة صغيرة فيها « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » إن لله في ظل عرشه ظلا لا يسكنه إلا من نفس عن أخيه كربة وأعانه بنفسه أو صنع إليه معروفا ولو بشق تمرة وهذا أخوك المسلم ثم ختمها ودفعها إلي وأمرني أن أوصلها إليه فلما رجعت إلى بلادي صرت إلى منزله فاستأذنت عليه وقلت رسول الصادق عليه‌السلام بالباب فإذا أنا به وقد خرج إلي حافيا فلما بصر بي سلم علي وقبل ما بين عيني ثم قال لي يا سيدي أنت رسول مولاي فقلت نعم فقال هذا عتقي من النار إن كنت صادقا فأخذ بيدي وأدخلني منزله وأجلسني في مجلسه وقعد بين يدي ثم قال يا سيدي كيف خلفت مولاي فقلت بخير فقال الله الله قلت الله حتى أعادها ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها ووضعها على عينيه ثم قال يا أخي مر بأمرك فقلت في جريدتك علي كذا وكذا ألف درهم وفيه عطبي (٢) وهلاكي فدعا بالجريدة فمحا عني كل ما كان فيها وأعطاني براءة منها

__________________

(١) الكافي ج ٨ ص ٨٧.

(٢) العطب : الهلاك يقال عطب كفرح ، هلك.

٢٠٧

ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة ويعطيني دابة ثم دعا بغلمانه فجعل يعطيني غلاما ويأخذ غلاما ثم دعا بكسوته فجعل يأخذ ثوبا ويعطيني ثوبا حتى شاطرني جميع ملكه ويقول هل سررتك وأقول إي والله وزدت علي السرور فلما كان في الموسم قلت والله لا كان جزاء هذا الفرح بشيء أحب إلى الله وإلى رسوله من الخروج إلى الحج والدعاء له والمصير إلى مولاي وسيدي الصادق عليه‌السلام وشكره عنده وأسأله الدعاء له فخرجت إلى مكة وجعلت طريقي إلى مولاي عليه‌السلام فلما دخلت عليه رأيته والسرور في وجهه وقال يا فلان ما كان من خبرك من الرجل فجعلت أورد عليه خبري وجعل يتهلل وجهه ويسر السرور فقلت يا سيدي هل سررت بما كان منه إلي فقال إي والله سرني إي والله لقد سر آبائي إي والله لقد سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إي والله لقد سر الله في عرشه.

٥٠ ـ عدة : عن الحسين مثله (١) ورواه في الإختصاص (٢) وفيه مكان الصادق الكاظم ع. ولعله أظهر.

٥١ ـ كا : الكافي علي بن محمد عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن أبي القاسم الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن معاوية بن عمار والعلاء بن سيابة وظريف بن ناصح قال : لما بعث أبو الدوانيق إلى أبي عبد الله رفع يده إلى السماء ثم قال اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي محمد وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي عليه‌السلام اللهم إني أدرأ بك في نحره وأعوذ بك من شره ثم قال للجمال سر فلما استقبله الربيع بباب أبي الدوانيق قال له يا أبا عبد الله ما أشد باطنه عليك لقد سمعته يقول والله لا تركت لهم نخلا إلا

__________________

(١) عدة الداعي ص ١٣٦.

(٢) لم نقف على هذا الخبر في المصدر المطبوع ، والموجود فيه رسالة الإمام الصادق عليه‌السلام الى النجاشي في شأن بعض أهل عمله لخراج كان عليه في ديوانه ، وهي تقرب من هذه الرواية في بعض معانيها فلاحظ ص ٢٦٠ من الاختصاص.

٢٠٨

عقرته ولا مالا إلا نهبته ولا ذرية إلا سبيتها قال فهمس بشيء خفي وحرك شفتيه فلما دخل سلم وقعد فرد عليه السلام ثم قال أما والله لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلا عقرته ولا مالا إلا أخذته فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل ابتلى أيوب فصبر وأعطى داود فشكر وقدر يوسف فغفر وأنت من ذلك النسل ولا يأتي ذلك النسل إلا بما يشبهه فقال صدقت قد عفوت عنكم فقال له يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله ملكه فغضب لذلك واستشاط فقال على رسلك يا أمير المؤمنين إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلما قتل يزيد لعنه الله حسينا سلبه الله ملكه فورثه آل مروان فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه فورثه مروان بن محمد فلما قتل مروان إبراهيم سلبه الله ملكه فأعطاكموه فقال صدقت هات ارفع حوائجك فقال الإذن فقال هو في يدك متى شئت فخرج فقال له الربيع قد أمر لك بعشرة آلاف درهم قال لا حاجة لي فيها قال إذن تغضبه فخذها ثم تصدق بها (١).

بيان : الرسل بالكسر الرفق والتؤدة.

٥٢ ـ كا : الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن المسمعي قال : لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبو عبد الله عليه‌السلام لأدعون الله تعالى على من قتل مولاي وأخذ مالي فقال له داود بن علي إنك لتهددني بدعائك قال حماد قال المسمعي فحدثني معتب أن أبا عبد الله عليه‌السلام لم يزل ليلته راكعا وساجدا فلما كان في السحر سمعته يقول وهو ساجد ـ اللهم إني أسألك بقوتك القوية وبجلالك الشديد الذي كل خلقك له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تأخذه الساعة الساعة فما رفع رأسه حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي فرفع أبو عبد الله عليه‌السلام رأسه وقال إني دعوت الله عليه بدعوة بعث الله عز وجل عليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة من حديد

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٥٦٢.

٢٠٩

انشقت منها مثانته فمات (١).

بيان : المرزبة بالكسر المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد.

٥٣ ـ كا : الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن أيوب بن نوح عن العباس بن عامر عن داود بن الحصين عن رجل من أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال يا أبا عبد الله أصمت اليوم فقلت لا والمائدة بين يديه قال فادن فكل قال فدنوت فأكلت قال وقلت الصوم معك والفطر معك فقال الرجل لأبي عبد الله عليه‌السلام تفطر يوما من شهر رمضان فقال إي والله أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي (٢).

٥٤ ـ كا : الكافي العدة عن سهل عن علي بن الحكم عن رفاعة عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم فقلت ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا فقال يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من يوم شهر رمضان فكان إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله (٣).

أقول : روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين بإسناده إلى أيوب بن عمر قال : لقي جعفر عليه‌السلام أبا جعفر المنصور فقال اردد علي عين أبي زياد آكل من سعفها قال إياي تكلم بهذا الكلام والله لأزهقن نفسك قال لا تعجل قد بلغت ثلاثا وستين وفيها مات أبي وجدي علي بن أبي طالب فعلي كذا وكذا إن آذيتك بنفسي أبدا وإن بقيت بعدك إن آذيت الذي يقوم مقامك فرق له وأعفاه (٤).

__________________

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٣.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٨٣.

(٣) المصدر السابق ج ٣ ص ٨٢.

(٤) مقاتل الطالبيين ص ٢٧٣ وأخرجه الطبري في تاريخه ج ٩ ص ٢٣٢.

٢١٠

وبإسناده عن يونس بن أبي يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد صلوات الله عليه من فيه إلى أذني قال لما قتل إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بباخمرا (١) وحشرنا من المدينة فلم يترك فيها منا محتلم حتى قدمنا الكوفة فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال أين هؤلاء العلوية أدخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى قال فدخلنا إليه أنا وحسن بن زيد فلما صرت بين يديه قال لي أنت الذي تعلم الغيب قلت لا يعلم « الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ » قال أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج قلت إليك يجبى يا أمير المؤمنين الخراج قال أتدرون لم دعوتكم قلت لا قال أردت أن أهدم رباعكم وأغور قليبكم وأعقر نخلكم وأنزلكم بالشراة (٢) لا يقربكم أحد من أهل الحجاز وأهل العراق فإنهم لكم مفسدة فقلت له يا أمير المؤمنين إن سليمان أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر وأنت من ذلك النسل قال فتبسم وقال أعد علي فأعدت فقال مثلك فليكن زعيم القوم وقد عفوت عنكم ووهبت لكم جرم أهل البصرة حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال صلة الرحم تعمر الديار وتطيل الأعمار وتكثر العمار وإن كانوا كفارا فقال ليس هذا فقلت حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال الأرحام معلقة

__________________

(١) باخمرا : بالراء المهملة موضع بين الكوفة وواسط ، وهو الى الكوفة أقرب به قبر إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسن قتله بها أصحاب المنصور ، واياها عنى دعبل ابن على الخزاعي بقوله :

وقبر بأرض الجوزجان محله

وقبر بباخمرا لدى الغربات

(٢) الشراة : جبل شامخ مرتفع من دون عسفان تأوى إليه القرود. واسم صقع بالشام بين دمشق والمدينة ، من بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة التي كان يسكنها ولد علي بن عبد الله بن عباس في أيام بنى مروان.

٢١١

بالعرش تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني قال ليس هذا قلت حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إن الله عز وجل يقول أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته قال ليس هذا الحديث قلت حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن ملكا من ملوك الأرض كان بقي من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال هذا الحديث أردت أي البلاد أحب إليك فو الله لأصلن رحمي إليكم قلنا المدينة فسرحنا إلى المدينة وكفى الله مئونته (١).

__________________

(١) مقاتل الطالبيين ص ٤٥٠.

٢١٢

٧

*(باب مناظراته عليه‌السلام مع أبي حنيفة وغيره من)*

*(أهل زمانه وما ذكره المخالفون من نوادر)*

*(علومه عليه‌السلام)*

أقول : قد مضى أخبار كثيرة في باب البدع والمقاييس وأبواب الاحتجاجات.

١ ـ ج : الإحتجاج عن الحسن بن محبوب عن سماعة قال : قال أبو حنيفة لأبي عبد الله عليه‌السلام كم بين المشرق والمغرب قال مسيرة يوم بل أقل من ذلك فاستعظمه فقال يا عاجز لم تنكر هذا إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب إلى المغرب في أقل من يوم تمام الخبر (١).

٢ ـ ج : الإحتجاج عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطا وحفص بن سالم وأناس من رؤسائهم وذلك حين قتل الوليد واختلف أهل الشام بينهم فتكلموا وأكثروا وخطبوا فأطالوا فقال لهم أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام إنكم قد أكثرتم علي وأطلتم فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم وليوجز فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال فكان فيما قال أن قال قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله بعضهم ببعض وتشتت أمرهم فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروة ومعدن للخلافة وهو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثم نظهر أمرنا معه وندعو الناس إليه فمن بايعه كنا معه وكان معنا ومن اعتزلنا كففنا عنه ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنه لا غنى بنا عن

__________________

(١) الاحتجاج للطبرسي ص ١٩٧.

٢١٣

مثلك لفضلك وكثرة شيعتك فلما فرغ قال أبو عبد الله عليه‌السلام أكلكم على مثل ما قال عمرو قالوا نعم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال إنما نسخط إذا عصي الله فإذا أطيع رضينا أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مئونة فقيل لك ولها من شئت من كنت تولي قال كنت أجعلها شورى بين المسلمين قال بين كلهم قال نعم قال بين فقهائهم وخيارهم قال نعم قال قريش وغيرهم قال العرب والعجم قال أخبرني يا عمرو أتتولى أبا بكر وعمر أو تتبرأ منهما قال أتولاهما قال يا عمرو إن كنت رجلا تتبرأ منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور أحدا ثم جعلها عمر شورى بين ستة فأخرج منها الأنصار غير أولئك الستة من قريش ثم أوصى فيهم الناس بشيء ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك قال وما صنع قال أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأن يتشاوروا [ يشاور ] أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إلا ابن عمر ويشاورونه وليس له من الأمر شيء وأوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة جميعا وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين قالوا لا قال يا عمرو دع ذا أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه ثم اجتمعت لكم الأمة ولم يختلف عليكم فيها رجلان فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدوا الجزية أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المشركين في حربه قالوا نعم قال فتصنعون ما ذا قالوا ندعوهم إلى الإسلام فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية قال وإن كانوا مجوسا وأهل الكتاب قالوا وإن كانوا مجوسا وأهل الكتاب قال وإن كانوا أهل الأوثان وعبدة النيران والبهائم وليسوا بأهل الكتاب قالوا سواء قال فأخبرني عن القرآن أتقرؤه قال نعم قال اقرأ : « قاتِلُوا

٢١٤

الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ » (١) قال فاستثنى الله عز وجل واشترط من الذين أوتوا الكتاب فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء قال نعم قال عليه‌السلام عمن أخذت هذا قال سمعت الناس يقولونه قال فدع ذا فإنهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم وظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة قال أخرج الخمس وأخرج أربعة أخماس بين من قاتل عليها قال تقسمه بين جميع من قاتل عليها قال نعم قال قد خالفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في فعله وفي سيرته وبيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم فسلهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم وأن لا يهاجروا على أنه إن دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب وأنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سيرته في المشركين دع ذا ما تقول في الصدقة قال فقرأ عليه هذه الآية : « إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها » (٢) إلى آخرها قال نعم فكيف تقسم بينهم قال أقسمها على ثمانية أجزاء فأعطي كل جزء من الثمانية جزءا قال عليه‌السلام إن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف رجلا واحدا ورجلين وثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف قال نعم قال وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء قال نعم قال فخالفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ما به أتى في سيرته كان رسول الله يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي وصدقة الحضر في أهل الحضر لا يقسمه بينهم بالسوية إنما يقسم على قدر ما يحضره منهم وعلى ما يرى فإن كان في نفسك شيء ما [ مما ] قلت فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم ـ لا يختلفون في أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كذا كان يصنع ثم أقبل على عمرو وقال اتق الله يا عمرو وأنتم أيها الرهط

__________________

(١) سورة التوبة الآية : ٢٩.

(٢) سورة التوبة الآية : ٦٠.

٢١٥

فاتقوا الله فإن أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله إن رسول الله قال من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف (١).

٣ ـ كا : الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن عبد الكريم مثله (٢).

٤ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب دخل عمرو بن عبيد على الصادق عليه‌السلام وقرأ « إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ » (٣) وقال أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال نعم يا عمرو ثم فصله بأن الكبائر الشرك بالله : « إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ » (٤) واليأس « وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ » (٥) وعقوق الوالدين لأن العاق جبار شقي « وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا » (٦) وقتل النفس : « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً » (٧) وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم : « إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً » (٨) والفرار من الزحف « وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ » (٩) وأكل الربا « الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا » (١٠) والسحر « وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ » (١١) والزنا « وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً » (١٢) واليمين الغموس « إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً » (١٣) والغلول « وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَ » (١٤) ومنع الزكاة « يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ » (١٥) وشهادة الزور وكتمان الشهادة

__________________

(١) الاحتجاج للطبرسي ص ١٩٧.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٣.

(٣) سورة النساء الآية ٣١.

(٤) سورة النساء الآية ٤٨.

(٥) سورة يوسف الآية ٨٧.

(٦) سورة مريم الآية ٣٢.

(٧) سورة النساء الآية ٩٣.

(٨) سورة النساء الآية ١٠.

(٩) سورة الأنفال الآية ١٦.

(١٠) سورة البقرة الآية ٢٧٥.

(١١) سورة البقرة الآية ١٠٢.

(١٢) سورة الفرقان الآية ٦٨. (١٣) سورة آل عمران الآية ٧٧.

(١٤) سورة آل عمران الآية ١٦١. (١٥) سورة التوبة الآية ٣٥.

٢١٦

« وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ » (١) وشرب الخمر لقوله عليه‌السلام شارب الخمر كعابد وثن وترك الصلاة لقوله من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم : « الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ » (٢) وقول الزور : « وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ » (٣) والجرأة على الله : « أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ » (٤) وكفران النعمة : « وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » (٥) وبخس الكيل والوزن « وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ » (٦) واللواط : « الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ » (٧) والبدعة قوله عليه‌السلام من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه قال فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من سلب تراثكم ونازعكم في الفضل والعلم (٨).

وذكر أبو القاسم البغار في مسند أبي حنيفة قال الحسن بن زياد سمعت أبا حنيفة وقد سئل من أفقه من رأيته قال جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلت من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست ثم التفت إليه فقال يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة قال نعم أعرفه ثم التفت إلي فقال يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا فربما تابعنا وربما تابعهم وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل منها بشيء

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٢٨٣.

(٢) سورة البقرة الآية ٢٧.

(٣) سورة الحج الآية ٣٠.

(٤) سورة الأعراف الآية ٩٩.

(٥) سورة إبراهيم الآية ٧.

(٦) سورة المطففين الآية ١.

(٧) سورة النجم الآية ٣٢.

(٨) المناقب ج ٣ ص ٣٧٥.

٢١٧

ثم قال أبو حنيفة أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (١).

أبان بن تغلب في خبر أنه دخل يماني على الصادق عليه‌السلام فقال له مرحبا بك يا سعد فقال الرجل بهذا الاسم سمتني أمي وقل من يعرفني به فقال صدقت يا سعد المولى فقال جعلت فداك بهذا كنت ألقب فقال لا خير في اللقب إن الله يقول « وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ » (٢) ما صناعتك يا سعد قال أنا من أهل بيت ننظر في النجوم فقال كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة قال لا أدري قال فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة قال لا أدري قال فكم للمشتري من ضوء عطارد قال لا أدري قال فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر قال لا أدري فقال يا أخا أهل اليمن عندكم علماء قال نعم إن عالمهم ليزجر الطير ويقفو الأثر في الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال عليه‌السلام إن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن لأن عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الأثر ويزجر الطير ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس يقطع اثني عشر برجا واثني عشر بحرا واثني عشر عالما قال ما ظننت أن أحدا يعلم هذا ويدري.

سالم الضرير إن نصرانيا سأل الصادق عليه‌السلام عن تفصيل الجسم فقال عليه‌السلام إن الله تعالى خلق الإنسان على اثني عشر وصلا وعلى مائتين وستة وأربعين عظما وعلى ثلاث مائة وستين عرقا فالعروق هي التي تسقي الجسد كله والعظام تمسكها واللحم يمسك العظام والعصب يمسك اللحم وجعل في يديه اثنين وثمانين عظما في كل يد أحد وأربعون عظما منها في كفه خمسة وثلاثون عظما وفي ساعده اثنان وفي عضده واحد وفي كتفه ثلاثة فذلك أحد وأربعون عظما وكذلك في الأخرى وفي رجله ثلاثة وأربعون عظما منها في قدمه خمسة وثلاثون عظما وفي ساقه اثنان وفي ركبته ثلاثة وفي فخذه واحد وفي وركه اثنان وكذلك في الأخرى وفي صلبه ثماني عشرة فقارة وفي

__________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٧٨.

(٢) سورة الحجرات الآية ١١.

٢١٨

كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع وفي وقصته ثمانية وفي رأسه ستة وثلاثون عظما وفي فيه ثمانية وعشرون واثنان وثلاثون (١).

بيان : لعل المراد بالوقصة العنق قال الفيروزآبادي (٢) وقص عنقه كوعد كسرها والوقص بالتحريك قصر العنق ويحتمل أن يكون وفي قصه وهي عظام وسط الظهر قوله عليه‌السلام وفي فيه ثمانية وعشرون أي في بدو الإنبات ثم تنبت في قريب من العشرين أربعة أخرى فلذا قال عليه‌السلام بعده واثنان وثلاثون.

ويحتمل أن يكون باعتبار اختلافها في الأشخاص ويدل الخبر على أن السن ليس بعظم.

٥ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم ـ العجم تتزوج في العرب قال نعم قال فالعرب تتزوج في قريش قال نعم قال فقريش تتزوج في بني هاشم قال نعم فجاء الخارجي إلى الصادق عليه‌السلام فقص عليه ثم قال أسمعه منك فقال عليه‌السلام نعم قد قلت ذاك قال الخارجي فها أنا ذا قد جئتك خاطبا فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام إنك لكفو في دينك وحسبك في قومك ولكن الله عز وجل صاننا عن الصدقات وهي أوساخ أيدي الناس فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا فقام الخارجي وهو يقول بالله ما رأيت رجلا مثله ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه (٣).

وحدث أبو هفان وابن ماسويه حاضر أن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : الطبائع أربع الدم وهو عبد وربما قتل العبد سيده والريح وهو عدو إذا سددت له بابا أتاك من آخر والبلغم وهو ملك يدارى والمرة وهي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها فقال أعد علي فو الله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف (٤).

__________________

(١) المناقب ج ٣ ص ٣٧٩.

(٢) القاموس ج ٢ ص ٣٢١ ـ ٣٢٢.

(٣) المناقب ج ٣ ص ٣٨١.

(٤) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٨٢.

٢١٩

وفي امتحان الفقهاء ، رجل صانع قطع عضو صبي بأمر أبيه فإن مات فعليه نصف الدية وإن عاش فعليه الدية كاملة هذا حجام قطع حشفة صبي وهو يختنه فإن مات فعليه نصف الدية ونصف الدية على أبيه لأنه شاركه في موته وإن عاش فعليه الدية كاملة لأنه قطع النسل وبه ورد الأثر عن الصادق عليه‌السلام (١) وفيه أن رجلا حضرته الوفاة فأوصى أن غلامي يسار هو ابني فورثوه وغلامي يسار فأعتقوه فهو حر الجواب يسأل أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهم لا يستترن منه فإنما هو ولده فإن قال أولاده إنما أبونا قال لا يستترن منه فإنه نشأ في حجورنا وهو صغير فيقال لهم أفيكم أهل البيت علامة فإن قالوا نعم نظر فإن وجدت تلك العلامة بالصغير فهو أخوهم وإن لم توجد فيه يقرع بين الغلامين فأيهما خرج سهمه فهو حر بالمروي عنه عليه‌السلام (٢).

بيان : إنما ذكر الروايتين مع أنهما ليسا بمعتمدين لبيان أن المخالفين يروون عنه عليه‌السلام ويثقون بقوله والأخيرة فيها موافقة في الجملة للأصول ولتحقيقها مقام آخر.

٦ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب سأل زنديق الصادق عليه‌السلام فقال ما علة الغسل من الجنابة وإنما أتى حلالا وليس في الحلال تدنيس فقال عليه‌السلام لأن الجنابة بمنزلة الحيض وذلك أن النطفة دم لم يستحكم ولا يكون الجماع إلا بحركة غالبة فإذا فرغ تنفس البدن ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة فوجب الغسل لذلك غسل الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليختبرهم بها (٣).

وسأله عليه‌السلام أبو حنيفة عن قوله « وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ » (٤) فقال ما تقول فيها يا أبا حنيفة فقال أقول إنهم لم يكونوا مشركين فقال أبو عبد الله عليه‌السلام قال الله تعالى : « انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا

__________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٨٦.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٨٧.

(٣) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٨٧.

(٤) سورة الأنعام الآية ٢٣.

٢٢٠