بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فإنه أسلم ولم يعقب ، اخته ام هانئ واسمها فاختة وجمانة ، وخاله حنين بن أسد ابن هاشم ، وخالته خالدة بنت أسد ، وربيبه محمد بن أبي بكر ، وابن اخته جعدة بن هبيرة (١).

٥ ـ ل : الحسن بن محمد العلوي ، عن جده ، عن الحسين بن محمد ، عن ابن أبي السري ، عن هشام بن محمد السائب ، عن أبيه ، عن أبي الصالح ، عن ابن عباس قال : كان بين طالب وعقيل عشر سنين ، وبين عقيل وجعفر عشر سنين ، وبين جعفر وعلي عليه‌السلام عشر سنين ، وكان علي عليه‌السلام أصغرهم (٢).

أقول : قد مضى كثير من أحوال عقيل في باب جوامع مكارمه عليه‌السلام وأحوال جعفر عليه‌السلام وبعض عشائره في أبواب أحوال عشائر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ، وسيأتي أحوال عبدالله بن جعفر وعبدالله بن العباس في باب أحوال أصحابه عليه‌السلام وأبواب أحوال الحسين عليه‌السلام.

١٢٢

( باب )

* ( أحوال رشيد الهجرى وميثم التمار وقنبر رضي‌الله‌عنهم أجمعين ) *

١ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن يوسف بن إبراهيم عن أبيه ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي حسان العجلي قال : لقيت أمة الله بنت راشد الهجري فقلت لها : أخبريني بما سمعت من أبيك ، قالت : سمعته يقول : قال لي حبيبي أميرالمؤمنين عليه‌السلام : يا راشد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت : يا أميرالمؤمنين أيكون آخر ذلك إلى الجنة؟

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ٢ : ٧٥.

(٢) الخصال ١ : ٨٥.

١٢١

قال : نعم يا راشد وأنت معي في الدنيا والآخرة ، قالت : فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد فدعاه إلى البراءة منه ، فقال له ابن زياد : فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟ قال : خبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرا ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني ، فقال : والله لاكذبن صاحبك ، قدموه واقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه ، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا ، فقلت له : يا أبت جعلت فداك هل تجد لما أصابك ألما؟ قال : لا والله يا بنية إلا كالزحام بين الناس ، ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له فقال : آتوني (١) بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أميرالمؤمنين عليه‌السلام فأتوه بصحيفة ودواة ، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فبلغ ذلك ابن زياد ، فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات من ليلته تلك ، وكان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يسميه راشد المبتلى ، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا ، فكان يلقى الرجل ويقول له : يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا ، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا ، فيكون الامر كما قاله راشد رحمه‌الله (٢).

٢ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن العرزمي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان لعلي عليه‌السلام غلام اسمه قنبر ، وكان يحب عليا حبا شديدا ، فإذا خرج علي عليه‌السلام خرج على أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر مالك؟ قال : جئت لامشي خلفك ، فإن الناس كما تراهم يا أميرالمؤمنين ، فخفت عليك ، قال : ويحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الارض؟ قال : لا بل من أهل الارض ، قال : إن أهل الارض لا يستطيعون بي شيئا إلا بإذن الله عز وجل من السماء ، فارجع فرجع (٣).

____________________

(١) في المصدر : ايتونى.

(٢) أمالى الشيخ : ١٠٣ و ١٠٤.

(٣) التوحيد : ٣٥٠.

١٢٢

٣ ـ ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر ، عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام : أن عليا عليه‌السلام قال :

إذا رأيت ( منهم ) أمرا منكرا

أو قدت ناري ودعوت قنبرا (١)

٤ ـ ير : عبدالله بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن معلى ، عن ابن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة قال : سمعت العبد الصالح أبا الحسن عليه‌السلام ينعى إلى رجل نفسه ، فقلت في نفسي : وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته؟ فقال شبه الغضب : يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا فالامام أولى بذلك (٢).

٥ ـ ير : الحسن بن علي بن معاوية (٣) ، عن إسحاق قال : كنت عند أبي ـ الحسن عليه‌السلام ودخل عليه رجل ، فقال له أبوالحسن عليه‌السلام : يا فلان إنك أنت تموت إلى شهر ، قال : فأضمرت في نفسي كأنه يعلم آجال شيعته ، قال : فقال : يا إسحاق وما تنكرون من ذلك؟ وقد كان رشيد الهجري مستضعفا وكان يعلم علم المنايا والبلايا فالامام أولى بذلك ، ثم قال : يا إسحاق تموت إلى سنتين ، ويتشتت أهلك وولدك وعيالك وأهل بيتك ، ويفلسون إفلاسا شديدا (٤).

بيان : مستضعفا أي مظلوما ، أي يعده الناس ضعيفا لا يعتنون بشأنه ، أو كانوا يحسبونه ضعيف العقل.

٦ ـ سن : عثمان بن عيسى ، عن أبي الجارود ، عن قنو (٥) ابنة رشيد الهجري قالت : قلت لابي : ما أشد اجتهادك! فقال : يا بنية سيجئ قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهاد أوليهم (٦).

____________________

(١) الاختصاص : ٧٣. وفيه : أوقدت نارا.

(٢) بصائر الدرجات : ٧٣.

(٣) كذا في النسخ. والصحيح كما في المصدر : الحسن بن على بن فضال ، عن معاوية ، عن إسحاق.

(٤) بصائر الدرجات : ٧٣.

(٥) في المصدر : قنوة.

(٦) المحاسن : ٢٥١.

١٢٣

٧ ـ شا : من معجزات أميرالمؤمنين صلوات الله عليه أن ميثم التمار كان عبدا لا مرأة من بني أسد ، فاشتراه أميرالمؤمنين عليه‌السلام منها فأعتقه ، فقال : ما اسمك؟ فقال : سالم ، فقال : أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم ، قال : صدق الله ورسوله وصدق أمير المؤمنين (١) والله إنه لاسمي ، قال : فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودع سالما ، فرجع إلى ميثم و اكتنى بأبي سالم ، فقال علي عليه‌السلام ذات يوم : إنك تؤخذ بعدي فتصلب وتطعن بحربة ، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دما فتخضب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب ، فتصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة ، أنت أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة ، وامض حتى اريك النخلة التي تصلب على جذعها ، فأراه إياها ، وكان ميثم يأتيها فيصلي عندها ويقول : بوركت من نخلة لك خلقت ولي غذيت ، ولم يزل معاهدها (٢) حتى قطعت ، وحتى عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة ، قال : وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول : إني مجاورك فأحسن جواري فيقول له عمرو : أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم؟ وهو لا يعلم ما يريد ، وحج في السنة قتل فيها فدخل على ام سلمة رضي‌الله‌عنها ، فقالت : من أنت؟ قال : أنا ميثم ، قالت : والله لربما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذكرك ويوصي بك عليا في جوف الليل ، فسألها عن الحسين عليه‌السلام فقالت : هو في حائط له ، قال : أخبريه أنني قد أحببت السلام عليه ، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله ، فدعت بطيب وطيبت لحيته ، وقالت : أما إنها ستخضب بدم فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله ابن زياد فادخل عليه ، فقيل له : هذا كان من آثر الناس عند علي عليه‌السلام قال : ويحكم هذا الاعجمي؟ قيل له : نعم ، قال له عبيدالله أين ربك؟ قال : بالمرصاد

____________________

(١) في المصدر : وصدقت يا أميرالمؤمنين.

(٢) في المصدر : يتعاهدها.

١٢٤

لكل ظالم وأنت أحد الظلمة ، قال : إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد : قال : أخبرني ما أخبرك صاحبك أني فاعل بك ، قال : أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة أنا أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة ، قال : لنخالفنه ، قال : كيف تخالفه فوالله ما أخبر (١) إلا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل عن الله تعالى ، فكيف تخالف هؤلاء؟ ولقد عرفت الموضع الذي اصلب فيه وأين هو من الكوفة ، وأنا أول خلق الله الجم في الاسلام.

فحسبه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة ، قال له ميثم : إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين عليه‌السلام فتقتل هذا الذي يقتلنا ، فلما دعا عبيدالله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيدالله يأمره بتخلية سبيله ، فخلاه وأمر بميثم أن يصلب ، فأخرج فقال له رجل لقيه : ما كان أغناك عن هذا؟ فتبسم وقال وهو يومئ إلى النخلة لها خلقت ولي غذيت ، فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث ، قال عمرو : قد كان والله يقول : إني مجاورك ، فلما صلب أمر جاريته بكنس تحت خشبته ورشه وتجميره ، فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد ، فقال : الجموه وكان أول خلق الله الجم في الاسلام ، وكان قتل ميثم رحمه‌الله قبل قدوم الحسين بن علي عليهما‌السلام العراق بعشرة أيام ، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة فكبر ، ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دما ، وهذا من جملة الاخبار عن الغيوب المحفوظة عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام وذكره شائع والرواية به بين العلماء مستفيضة.

ومن ذلك ما رواه ابن عياش ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النصر الحارثي قال : كنت عند زياد إذا اتي برشيد الهجري قال له زياد : ما قال لك صاحبك ـ يعني عليا عليه‌السلام ـ إنا فاعلون بك؟ قال : تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني ، فقال زياد : أم والله لاكذبن حديثه ، خلوا سبيله ، فلما أراد أن يخرج قال زياد : والله

____________________

(١) في المصدر ، ما أخبرنى.

١٢٥

ما نجد (١) شيئا شرا مما قال له صاحبه ، اقطعوا يديه ورجليه واصلبوه ، فقال رشيد : هيهات قد بقي لي عندكم شئ أخبرني به أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال زياد : اقطعوا لسانه ، فقال رشيد : الآن والله جاء التصديق لاميرالمؤمنين عليه‌السلام. وهذا الخبر أيضا قد نقله المؤالف والمخالف عن ثقاتهم عمن سميناه ، واشتهر أمره عند علماء الجميع وهو من جملة ما تقدم ذكره من المعجزات والاخبار عن الغيوب.

ومن ذلك مارواه عامة أصحاب السيرة من طرق مختلفة أن الحجاج بن يوسف الثقفي قال ذات يوم : احب أن اصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه! فقيل له : ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لابي تراب من قنبر مولاه ، فبعث في طلبه فاتي به ، فقال له : أنت قنبر؟ قال : نعم ، قال : أبوهمدان؟ قال : نعم ، قال مولى علي بن أبي طالب؟ قال : الله مولاي وأميرالمؤمنين علي ولي نعمتي ، قال : ابرأ من دينه ، قال : فإذا برئت من دينه تدلني على دين غيره أفضل منه؟ قال : إني قاتلك فاختر أي قتلة أحب إليك ، قال : قد صيرت ذلك إليك ، قال : ولم؟ قال : لانك لا تقتلنى قتلة إلا قتلتك مثلها ، وقد أخبرني أميرالمؤمنين عليه‌السلام أن ميتتي يكون ذبحا ظلما بغير حق ، قال : فأمر به فذبح (٢).

٨ ـ شى : عن محمد بن مروان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما منع ميثم رحمه‌الله من التقية؟ ( فوالله ) لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه « إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان (٣) ».

( كا ، علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمد بن مروان مثله (٤)

____________________

(١) في المصدر : ما نجد له. (٢) الارشاد للمفيد : ١٥٢ ـ ١٥٥.

(٣) تفسير العياشى : ٢ : ٢٧١. والاية في سورة النحل : ١٠٦.

(*) من هنا إلى الرواية الاتيه من مختصات نسخة ( ك ).

(٤) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : ٣٢٠.

١٢٦

بيان : لعل وجه الجمع بين أخبار التقية وعدمها في التبري الحمل على التخيير ، فيكون هذا الكلام منه عليه‌السلام على وجه الاشفاق بأنه كان يمكنه حفظ النفس بالتقية فلم تركها ، على وجه إلا الذم؟ والاعتراض (١) ، وفي أكثر نسخ الكتابين « ميثم » بالرفع ، فالظاهر قراءة « منع » على بناء المجهول ، فيحتمل ما ذكرنا أي لم يكن ممنوعا عن التقية شرعا فلم لم يتق؟ ويحتمل أن يكون مدحا ، أي وطن نفسه على القتل لحب أمير المؤمنين عليه‌السلام مع أنه لم يكن ممنوعا من التقية ويحتمل أن يكون المعنى : لم يمنع من التقية ولم يتركها ولكن لم تنفعه ، أو المعنى أنه إنما تركها لعلمه بعدم الانتفاع بها وعدم تحقق شرط التقية فيه ، ويمكن أن يقرأ « منع » على بناء المعلوم ، أي ليس فعله مانعا للغير عن التقية ، لانه اختار أحد الفردين المخير فيهما أو لاختصاصه به لعدم تحقق شرطها فيه ، أو فعله ولم ينفعه وبالجملة يبعد عن مثل ميثم ورشيد وقنبر رضي‌الله‌عنهم بعد إخبار أميرالمؤمنين عليه‌السلام إياهم بما يجري عليهم أمرهم بالتقية تركهم أمره عليه‌السلام ، وعدم بيانه عليه‌السلام لهم ما يجب عليهم فعله في هذا الوقت أبعد والله يعلم ).

٩ ـ كش : حمدويه وإبراهيم معا ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن عاصم بن حميد ، عن ثابت الثقفي قال : لما امر بميثم ليصلب قال رجل : يا ميثم لقد كنت عن هذا غنيا ، قال فالتفت إليه ميثم ثم قال : والله ما نبتت هذه النخلة إلا لي ، ولا اغتذيت إلا لها (٢).

١٠ ـ محمد بن مسعود قال : حدثني علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد النهدي ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب ، عن صالح بن ميثم قال : أخبرني أبوخالد التمار قال : كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة ، فهبت ريح وهو في سفينة من سفن الرمان ، قال : فخرج فنظر إلى الريح فقال : شدوا برأس سفينتكم إن هذا ريح عاصف مات معاوية الساعة ، قال : فلما كانت

____________________

(١) على وجه الذم والاعتراض ، ظ.

(٢) معرفة أخبار الرجال : ٥٣.

١٢٧

الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام فلقيته فاستخبرته ، فقلت له : يا عبدالله ما الخبر؟ قال : الناس على أحسن حال ، توفي أمير المؤمنين وبايع الناس يزيد! قال : قلت : أي يوم توفي؟ قال : يوم الجمعة (١).

١١ ـ محمد بن مسعود ، عن عبدالله بن محمد بن خالد الطيالسي ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن خراش المنقري ، عن علي بن إسماعيل ، عن فضيل الرسان ، عن حمزة بن ميثم قال : خرج أبي إلى العمرة فحدثني قال : استأذنت على أم سلمة رحمة الله عليها ، فضربت بيني وبينها خدرا ، فقالت لي : أنت ميثم؟ فقلت : أنا ميثم ، فقالت : كثيرا ما رأيت الحسين بن علي ابن فاطمة يذكرك ، قلت : فأين هو؟ قالت : خرج في غنم له آنفا ، قلت : أنا والله اكثر ذكره فاقرأه (٢) فإني مبادر ، فقالت : يا جارية اخرجي فادهنيه ، فخرجت فدهنت لحيتي ببان (٣) فقلت أنا : أما والله لئن دهنتها (٤) لتخضبن فيكم بالدماء فخرجنا فإذا ابن عباس رحمة الله عليهما جالس ، فقلت : يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن فإني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه‌السلام وعلمني تأويله ، فقال يا جارية الدواة والقرطاس ، فأقبل يكتب ، فقلت : يا ابن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة؟ فقال لي : وتكهن أيضا؟ وخرق الكتاب ، فقلت : مه احفظ (٥) بما سمعت مني فإن يكن ما أقول لك حقا أمسكته وإن يك باطلا خرقته ، قال : هو ذلك ، فقدم أبي علينا ، فما لبث يومين حتى أرسل عبيدالله بن زياد فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة ، فرأيت الرجل الذي جاء إليه ليقتله وقد أشار إليه بالحربة وهو يقول : أما والله لقد كنت ما علمتك إلا قواما ، ثم طعنه في خاصرته

____________________

(١) معرفة اخبار الرجال : ٥٣.

(٢) كذا في النسخ. وفى المصدر : فاقرأنيه السلام.

(٣) البان : شجر معتدل القوام لين ورقه كورق الصفصاح يؤخذ من حبه دهن طيب.

(٤) في ( م ) و ( خ ) : دهنتيها.

(٥) في المصدر : احتفظ.

١٢٨

فأجافه فاحتقن الدم (١) فمكث يومين ، ثم إنه في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دما ، فخضبت لحيته بالدماء.

قال أبونصر محمد بن مسعود : وحدثني أيضا بهذا الحديث علي بن الحسن بن فضال ، عن أحمد بن محمد الاقرع ، عن داود بن مهزيار ، عن علي بن إسماعيل ، عن فضيل ، عن عمران بن ميثم ـ قال علي بن الحسن : هو حمزة بن ميثم خطاء ـ و قال علي : أخبرني به الوشاء بإسناده مثله سواء ، غير أنه ذكر عمران بن ميثم (٢).

١٢ ـ حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا أيوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن جده قال : قال لي ميثم التمار ذات يوم : يابا حكيم إني اخبرك بحديث وهو حق ، قال : فقلت : يا با صالح بأي شئ تحدثني؟ قال : إني أخرج العام إلى مكة ، فإذا قدمت القادسية راجعا أرسل إلي هذا الدعي ابن زياد رجلا في مائة فارس حتى يجئ بي إليه ، فيقول لي : أنت من هذه السبابية الخبيثة المحترقة التي قد يبست عليها جلودها ، وأيم الله لاقطعن يدك ورجلك ، فأقول : لا رحمك الله ، فوالله لعلي عليه‌السلام كان أعرف بك من حسن عليه‌السلام حين ضرب رأسك بالدرة فقال له الحسن : يا أبت لاتضربه فإنه يحبنا ويبغض عدونا ، فقال له علي عليه‌السلام مجيبا له : اسكت يا بني فوالله لانا أعلم به منك ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لولي لعدوك و عدو لوليك ، قال : فيأمر بي عند ذلك فاصلب ، فأكون أول هذه الامة الجم بالشريط في الاسلام ، فإذا كان اليوم الثالث فقلت : غابت الشمس أولم تغب ، ابتدر منخراي دما على صدري ولحيتي ، قال : فرصدناه فلما كان اليوم الثالث فقلت : غابت الشمس أولم تغب؟ ابتدر منخراه على صدره ولحيته دما ، قال : فاجتمعنا سبعة من التمارين فاتعدنا بحمله ، فجئنا إليه ليلا والحراس يحرسونه وقد أوقدوا النار ، فحالت النار بيننا وبينهم ، فاحتملناه بخشبة حتى انتهيا به إلى فيض من ماء

____________________

(١) اجافه بالطعنة : بلغ بها جوفه. احتقن الدم : اجتمع في الجوف من طعنة جائفة.

(٢) معرفة اخبار الرجال : ٥٣ و ٥٤.

١٢٩

في مراد فدفناه فيه ، ورمينا الخشبة في مراد في الخراب ، وأصبح فبعث الخيل فلم تجد شيئا.

قال : وقال يوما : يابا حكيم! ترى هذا المكان ليس يؤدى فيه طسق ـ والطسق أداء الاجر ـ ولئن طالت بك الحياه لتؤدين طسق هذا المكان إلى رجل في دار الوليد بن عقبة اسمه زرارة ، قال سدير : فأديته على خزي إلى رجل في دار الوليد بن عقبة يقال له زرارة (١).

١٣ ـ جبرئيل بن أحمد ، عن محمد بن عبدالله بن مهران ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن علي بن محمد ، عن يوسف بن عمران الميثمي قال : سمعت ميثما (٢) النهرواني يقول : دعاني أميرالمؤمنين صلوات الله عليه وقال : كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني امية (٣) عبيدالله بن زياد إلى البراءة مني؟ فقلت يا أميرالمؤمنين : أنا والله لا أبرأ منك ، قال : إذن والله يقتلك ويصلبك ، قلت : أصبر فذاك في الله قليل ، فقال : يا ميثم إذا تكون معي في درجتي ، قال وكان ميثم يمر بعريف قومه (٤) ويقول : يا فلان كأني بك وقد دعاك دعي بني امية ابن دعيها فيطلبني منك أياما ، فإذا قدمت عليك ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب دار عمرو بن حريث ، فإذا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا ، وكان ميثم يمر بنخلة في سبخة فيضرب بيده عليها و يقول : يا نخلة ما غذيت إلا لي وما غذيت إلا لك ، وكان يمر بعمرو بن حريث و يقول : يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواري ، فكان عمرو يرى أنه يشتري دارا أوضيعة لذيق (٥) ضيعته ، فكان يقول له عمرو : ليتك قد فعلت ، ثم خرج ميثم النهرواني إلى مكة ، فأرسل الطاغية عدو الله ابن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه ، فأخبره

____________________

(١) معرفة اخبار الرجال : ٥٤ و ٥٥.

(٢) في المصدر : ميثم.

(٣) في المصدر بعد ذلك : ابن دعيها.

(٤) العريف من يعرف اصحابه. القيم بأمر القول والنقيب.

(٥) اللزيق : اللصيق

١٣٠

أنه بمكة ، فقال له : لئن لم تأنني به لاقتلنك : فأجله أجلا ، وخرج العريف إلى القادسية ينظرميثما ، فلما قدم ميثم قال : أنت ميثم؟ قال : نعم أنا ميثم ، قال : تبرأ من أبي تراب (١) قال : لا أعرف أبا تراب ، قال : تبرأ من علي بن أبي طالب فقال له : فإن أنا لم أفعل؟ قال : إذا والله لاقتلك (٢) قال : أما لقد كان يقول لي إنك ستقتلني وتصلبني على باب عمرو حريث ، فإذا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا ، فأمر به فصلب على باب عمرو بن حريث ، فقال للناس : سلوني ـ وهو مصلوب ـ قبل أن اقتل ، فوالله لاخبرتكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة وما يكون من الفتن ، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد فألجمه بلجام من شريط ، وهو أول من الجم بلجام وهو مصلوب (٣).

يج : عن عمران عن أبيه ميثم مثله (٤).

بيان : الشريط : حبل يفتل من خوص.

١٤ـ كش : وروي عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه صلوات الله عليهم قال : أتى ميثم التمار دار أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقيل له : إنه نائم ، فنادى بأعلى صوته : انتبه أيها النائم ، فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك ، فانتبه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : أدخلوا ميثما ، فقال (٥) : أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك ، فقال : صدقت وأنت والله ليقطعن يداك ورجلاك ولسانك ، ولتقطعن النخلة التي في الكناسة فتشق أربع قطع فتصلب أنت على ربعها ، وحجر بن عدي على ربعها ، ومحمد بن أكتم على ربعها ، وخالد بن مسعود على ربعها ، قال ميثم : فشككت في نفسي وقلت : إن

____________________

(١) كأن في العبارة سقطا ، والظاهران يكون هكذا : فجاء به العريف إلى ابن زياد ، فقال ابن زياد : تبرأ من ابى تراب.

(٢) في المصدر : لاقتلنك.

(٣) معرفة اخبار الرجال : ٥٥ و ٥٦.

(٤) الخرائج والجرائح : ٢٠.

(٥) في المصدر : فقال له.

١٣١

عليا ليخبرنا بالغيب! فقلت له : أو كائن ذاك يا أميرالمؤمنين؟ فقال : إي ورب الكعبة كذا عهده إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فقلت : لم (١) يفعل ذلك بي يا أميرالمؤمنين فقال : ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد ، قال : وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لي : يا ميثم إن لك ولها شأنا من الشأن ، قال : فلما ولي عبيدالله بن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التي بالكناسة فتخرق ، فتطير من ذلك فأمر بقطعها ، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع ، قال ميثم : فقلت لصالح ابني : فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي ودقه في بعض تلك الاجذاع.

قال : فلما مضى بعد ذلك أيام أتوني قوم من أهل السوق فقالوا : يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشتكي (٢) إليه عامل السوق فنسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره ، قال : وكنت خطيب القوم ، فنصت لي وأعجبه منطقي ، فقال له عمرو بن حريث : أصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم؟ قال : ومن هو؟ قال : ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب ، قال : فاستوى جالسا فقال لي : ما تقول؟ فقلت كذب أصلح الله الامير ، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين حقا ، فقال لي : لتبرأن من علي ولتذكرن مساويه وتتولى عثمان وتذكر محاسنه أو لاقطعن يديك ورجليك ولاصلبنك ، فبكيت ، فقال لي : بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت : والله ما بكيت من القول ولا من الفعل ولكني بكيت من شك كان دخلني يوم أخبرني سيدي ومولاي ، فقال لي : وما قال لك؟ قال : فقلت : أتيته الباب فقيل لي : إنه نائم ، فناديت : انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك ، فقال : صدقت وأنت والله ليقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن ، فقلت : ومن يفعل ذلك بي يا أميرالمؤمنين؟ فقال : يأخذك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد قال : فامتلا غيظا ثم قال لي : والله لاقطعن يديك ورجليك ولادعن لسانك حتى

____________________

(١) ومن يفعل ظ.

(٢) في المصدر : نشكو.

١٣٢

اكذبك واكذب مولاك ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، ثم اخرج وأمر به أن يصلب ، فنادى بأعلى صوته : أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي ابن أبي طالب؟ قال فاجتمع الناس ، وأقبل يحدثهم بالعجائب ، قال : وخرج عمرو ابن حريث وهو يريد منزله فقال : ما هذه الجماعة؟ قال : ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : فانصرف مسرعا فقال : أصلح الله الامير بادر فابعث إلى هذا من يقطع لسانه ، فإني لست آمن أن يتغير قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك ، قال : فالتفت إلى حرسي فوق رأسه فقال : اذهب فاقطع لسانه ، قال : فأتاه الحرسي وقال له : يا ميثم! قال : ما تشاء؟ قال : أخرج لسانك فقد أمرني الامير بقطعه قال ميثم : ألا زعم ابن الامة الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي؟ هاك لساني ، قال : فقطع لسانه وتشخط ساعة في دمه ثم مات ، وأمر به فصلب ، قال صالح : فمضيت بعد ذلك أيام (١) فإذا هو قد صلب على الربع الذي كتبت ودققت فيه المسمار (٢).

١٥ ـ ختص ، كش : إبراهيم بن الحسين العقيقي رفعه قال : سئل (٣) قنبر : مولى من أنت؟ فقال : مولاي (٤) من ضرب بسيفين ، وطعن برمحين ، وصلى القبلتين ، وبايع البيعتين ، وهاجر الهجرتين ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، أنا مولى صالح المؤمنين ، ووارث النبيين ، وخيرالوصيين ، وأكبر المسلمين ، ويعسوب المؤمنين ، ونور المجاهدين ، ورئيس البكائين ، وزين العابدين ، وسراج الماضين ، وضوء القائمين وأفضل القانتين ، ولسان رسول رب العالمين واول المؤمنين (٥) من آل يس ، المؤيد بجبرئيل الامين ، والمنصور بميكائيل المتين ، والمحمود عند أهل السماء أجمعين ، سيد المسلمين

____________________

(١) كذا في النسخ. وفى المصدر : بأيام.

(٢) معرفة اخبار الرجال : ٥٦ ـ ٥٨.

(٣) في الاختصاص : وفي رواية العامة سئل اه.

(٤) كذا في ( ك ). و ( م ) و ( خ ) : مولى. وفي المصدرين : انا مولى.

(٥) في الاختصاص : واول الوصيين.

١٣٣

والسابقين ، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين ، والمحامي عن حرم المسلمين ومجاهد أعدائه الناصبين ، ومطفئ نار (١) الموقدين ، وأفخر من مشى من قريش أجمعين ، وأول من أجاب (٢) واستجاب لله ، أميرالمؤمنين ، ووصي نبيه في العالمين وأمينه على المخلوقين ، وخليفة من بعث إليهم أجمعين ، سيد المسلمين والسابقين ومبيد المشركين ، وسهم من مرامي الله على المنافقين ، ولسان كلمة العابدين ، ناصر دين الله ، وولي الله ، ولسان كلمة الله ، وناصره في أرضه ، وعيبة علمه ، وكهف دينه ، إمام أهل الابرار ، (٣) من رضي عنه العلي الجبار (٤) ، سمح سخي ، حيي بهلول سنحنحي ، زكي ، مطهر أبطحي ، جري همام صابر صوام مهدي مقدام قاطع الاصلاب ، مفرق الاحزاب ، عالي الرقاب ، أربطهم عنانا وأثبتهم جنانا وأشدهم شكيمة ، بازل ، باسل ، صنديد ، هزبر ، ضرغام ، حازم ، عزام ، حصيف ، خطيب محجاج ، كريم الاصل ، شريف الفصل ، فاضل القبيلة ، نقي العشيرة (٥) زكي الركانة مؤدي الامانة من بني هاشم ، وابن عم النبي صلى الله عليهما ، الامام المهدي الرشاد ، مجانب الفساد ، الاشعث الحاتم ، البطل الجماجم ، والليث المزاحم ، بدري مكي حنفي روحاني شعشعاني ، من الجبال شواهقها ، ومن ذي الهضاب (٦) رؤوسها ، ومن العرب سيدها ، ومن الوغى ليثها ، البطل الهمام ، والليث المقدام ، والبدر التمام ، محك المؤمنين ، ووارث المشعرين ، وأبوالسبطين الحسن والحسين والله أميرالمؤمنين حقا حقا علي بن أبي طالب عليه من الله الصلوات الزكية والبركات السنية. (٧)

____________________

(١) في الاختصاص : نيران.

(٢) في الاختصاص : واول من حارب واستجلب.

(٣) في المصدرين : امام الابرار.

(٤) في الاختصاص : مرضى عند العلى الجبار.

(٥) في الاختصاص : العترة.

(٦) الهضبة : الجبل المنبسط على وجه الارض وفي ( كش ) : ذى الهضبات.

(٧) الاختصاص : ٧٣ و ٧٤. معرفة اخبار الرجال : ٤٩ و ٥٠.

١٣٤

توضيح : البهلول بالضم الضحاك والسيد الجامع لكل خير. ورجل سنحنح : لاينام الليل ، والياء للمبالغة كالاحمري ، والهمام (١) : الملك العظيم الهمة والسيد الشجاع السخي قوله : « عالي الرقاب » أى يعلوها ويسلط عليها. وربط العنان كناية عن التقيد بقوانين الشريعة ، أو حمل الناس عليها. والشكيمة : الطبع وفي اللجام : الحديدة المعترضة في فم الفرس. والبازل : الرجل الكامل في تجربته والباسل : الاسد والشجاع. والصنديد : السيد الشجاع والهزبر ـ بكسر الهاء وفتح الراء وسكون الباء ـ : الاسد والشديد الصلت. والضرغام بالكسر : الاسد. والحصيف : من استكمل عقله. والمحجاج الكسر : الجدل الكامل في الحجاج. و الفصل : القضاء بين الحق والباطل ، ويحتمل أن يكون المراد هنا المحل الذي انفصل منه من الوالدين والاجداد. والركانة : الوقار ، وفي بعض النسخ بالزاي المعجمة ، أي الحدس والفطانة. والاشعث : المغبر الرأس ، وفي بعض النسخ « الاسغب » بالغين المعجمة والباء الموحدة ، أي الجائع ، والحاتم بالكسرالقاضي و وبالفتح الجواد والجماجم : السادات والعظماء ، ولعل الالف واللام في البطل زيد من النساخ قوله : « محك المؤمنين » أي بولايته ومتابعته يعرف المؤمنون ودرجاتهم وفي بعض النسخ « مجلي المؤمنين » من التجلية أي مصفيهم ومنورهم.

١٦ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن قيس القومشي : عن أحلم بن يسار (٢) ، عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام ، أن قنبرا مولى أميرالمؤمنين عليه‌السلام دخل على الحجاج بن يوسف فقال له : ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالب؟ فقال : كنت أوضيه ، فقال له : ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ فقال : كان يتلو هذه الآية : « فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذافرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فاذاهم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله

____________________

(١) بالضم.

(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر : احكم بن يسار وفى جامع الرواة : احكم بن بشار.

١٣٥

رب العالمين » (١) فقال الحجاج : أظنه كان يتأولها علينا؟ قال : نعم ، فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ (٢) قال : إذن أسعد وتشقى فأمر به. (٣)

شى : مرسلا عنه عليه‌السلام مثله (٤).

كش : محمد بن عبدالله ، عن وهيب بن مهران ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن علي بن محمد بن عبدالله الحناط ، عن وهب بن حفص الجريري ، عن أبي حيان البجلي ، عن قنوا بنت الرشيد الهجري قال : قلت لها : أخبرني ما سمعت من أبيك قالت : سمعت أبي يقول : أخبرني أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : يا رشيد كيف صبرك متى أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ قلت : يا أميرالمؤمنين آخر ذلك إلى الجنة؟ فقال : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة قالت : فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه عبيدالله بن زياد الدعي فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليه‌السلام فأبى أن يبرأ منه ، فقال له الدعي فبأي ميتة قال لك تموت؟ فقال له : أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني ، فقال : والله لاكذبن قوله ، قال : فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه ، فحملت أطراف يديه ورجليه ، فقلت : يا أبة هل تجد ألما لما (٥) أصابك؟ فقال : لا يا بنتي (٦) إلا كالزحام بين الناس ، فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال : آتوني (٧) بصفيحة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة ، فأرسل إليه الحجام يقطع لسانه ، فمات رحمة الله عليه في ليلته ، قال : وكان أمير

____________________

(١) سورة الانعام : ٤٤ ـ ٤٥.

(٢) العلاوة ـ بالكسر ـ : اعلى الرأس أو العنق.

(٣) معرفة اخبار الرجال : ٥٠.

(٤) تفسير العياشى : ج ١ ص ٣٥٩.

(٥) في المصدر : مما.

(٦) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : يا بنية.

(٧) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : ايتونى.

١٣٦

المؤمنين عليه‌السلام يسميه رشيد البلايا ، وقد كان ألقى إليه علم البلايا والمنايا ، فكان ( في ) حياته إذا لقي الرجل قال له : أنت تموت بميتة كذا وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا ، فيكون كما يقول الرشيد ، وكان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يقول : أنت رشيد البلايا أو تقتل (١) بهذه القتلة فكان كما قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام (٢).

ختص : جعفر بن الحسين ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الصيرفي مثله. (٣)

يج : عن قنوا مثله. (٤)

١٨ ـ كش : جبرئيل ، عن محمد بن عبدالله بن مهران ، عن أحمد بن النضر عن عبدالله بن يزيد الاسدي ، عن فضيل بن الزبير قال : خرج أميرالمؤمنين صلوات الله عليه يوما إلى بستان البرني ومعه أصحابه ، فجلس تحت نخلة ثم أمر بنخلة فلقطت فانزل منها رطب ، فوضع بين أيديهم ، قالوا : فقال رشيد الهجري يا أميرالمؤمنين ما أطيب هذا الرطب! فقال : يا رشيد أما إنك تصلب على جذعها ، قال رشيد : فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها ومضى أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ، قال : فجئتها يوما وقد قطع سعفها ، قلت : اقترب أجلي ، ثم جئت يوما فجاء العريف فقال : أجب الامير ، فأتيته فلما دخلت القصر إذا خشب ملقي ، ثم جئت يوما آخر فإذا النصف الآخر قد جعل زرنوقا يستقى عليه الماء ، فقلت : ما كذبني خليلي ، فأتاني العريف فقال : أجب الامير ، فأتيته فلما دخلت القصر إذا الخشب ملقى فاذا فيه الزرنوق فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ، ثم قلت : لك غذيت ولي نبت (٥) ثم ادخلت على عبيدالله بن زياد فقال : هات من كذب صاحبك ، قلت : والله ما أنا بكذاب ولا هو

____________________

(١) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : اى تقتل وفى ( ت ) : تقتل.

(٢) معرفة اخبار الرجال ٥٠ و ٥١.

(٣) الاختصاص : ٧٧ و ٧٨.

(٤) لم نجده في الحزائج المطبوع.

(٥) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : انبتت.

١٣٧

ولقد أخبرني أنك تقطع يدي ورجلي ولساني ، قال : إذا والله نكذبه ، اقطعوا يديه ورجليه وأخرجوه. فلما حمل إلى أهله أقبل يحدث الناس بالعظائم ، وهو يقول : أيها الناس سلوني وإن للقوم عندي طلبة لم يقضوها ، فدخل رجل على ابن زياد فقال له : ما صنعت قطعت يديه ورجليه وهو يحدث الناس بالعظائم؟ قال : فأرسل إليه : ردوه ـ وقد انتهى إلى بابه ـ فردوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه ـ (١)

بيان : الزرنوقان ـ بالضم ويفتح ـ : منارتان تبنيان على جانبي رأس البئر.

١٩ ـ فض : قيل : كان مولانا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يخرج من الجامع بالكوفة فيجلس عند ميثم التمار رضي‌الله‌عنه فيحادثه ، فيقال : إنه قال له ذات يوم : ألا ابشرك يا ميثم؟ فقال : بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال : بأنك تموت مصلوبا ، فقال يا مولاي وأنا على فطرة الاسلام؟ قال : نعم ، ثم قال يا ميثم تريد اريك الموضع الذي تصلب فيه والنخلة التي تعلق عليها وعلى جذعتها؟ قال : نعم يا أميرالمؤمنين ، فجاء به إلى رحبة الصيارف (٢) وقال له : ههنا ، ثم أراه نخلة قال له : على جذع هذه فما زال ميثم رضي‌الله‌عنه يتعاهد تلك النخلة حتى قطعت وشقت نصفين ، فسقف بالنصف منها وبقي النصف الآخر ، فما زال يتعاهد النصف ويصلي في ذلك الموضع ويقول لبعض جيران الموضع : يا فلان إني اريد أن اجاورك عن قريب فأحسن جواري ، فيقول ذلك الرجل في نفسه : يريد ميثم أن يشتري دارا في جواري ، ولا يعلم ما يريد بقوله ، حتى قبض أميرالمؤمنين عليه‌السلام وظفر معاوية و أصحابه ، واخذ ميثم فيمن اخذ ، وأمر معاوية بصلبه فصلب على ذلك الجذع في ذلك المكان ، فلما رأى ذلك الرجل أن ميثما قد صلب في جواره قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم أخبر الناس بقصة ميثم وما قاله في حياته ، وما زال ذلك الرجل يتعاهده

____________________

(١) معرفة اخبار الرجال : ٥١ و ٥٢.

(٢) في المصدر : الصيارفة.

١٣٨

وينكس تحت الجذع ويبخره ويصلي عنده ويكرر الرحمة عليه رضي‌الله‌عنه. (١)

٢٠ ـ كشف : من دلائل الحميري ، عن إسحاق بن عمار قال سمعت العبد الصالح ينعى إلى رجل نفسه فقلت في نفسي : وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته فالتفت إلي شبه المغضب فقال : يا إسحاق قد كان الرشيد الهجري ـ وكان من المستضعفين ـ يعلم علم المنايا والبلايا ، والامام (٢) أولى بذلك ، يا إسحاق اصنع ما أنت صانع فعمرك قد فني وأنت تموت إلى سنتين ، وإخوتك وأهل بيتك لايلبثون من بعدك إلا يسيرا حتى تفترق كلمتهم ويخون بعضهم بعضا ويصيرون لاخوانهم ومن يعرفهم رحمة حتى يشمت بهم عدوهم ، قال إسحاق : فإني أستغفر الله مما عرض في صدري ، فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلا سنتين حتى مات ، ثم ماذهبت الايام حتى قام بنو عمار بأموال الناس وأفلسوا أقبح إفلاس رآه الناس ، فجاء ما قال أبوالحسن عليه‌السلام فيهم ما غادر قليلا ولا كثيرا (٣).

٢١ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمد بن مروان قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام ، ما منع ميثم رحمه‌الله من التقية؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه « إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان (٤) ».

أقول: قد مر كثير من أخبارهم في باب إخبار أميرالمؤمنين عليه‌السلام بالكائنات.

٢٢ ـ ختص : جعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى عن عثمان بن عيسى ، عن أبي الجارود قال : سمعت القنوا بنت الرشيد الهجري تقول : قال أبي : يا بنية أميتي الحديث بالكتمان ، واجعلي القلب مسكن الامانة.

وعن قنوا قالت : قلت لابي : ما أشد اجتهادك! قال يا بنية : يأتي قوم بعدنا بصائرهم

____________________

(١) الروضة : ٥.

(٢) في المصدر : فالامام.

(٣) كشف الغمة : ٢٥١.

(٤) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : ٢٢٠. والاية في سورة النحل : ١٠٦.

١٣٩

في دينهم أفضل من اجتهادنا (١).

٢٣ ـ ختص : جعفر ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن عبدالكريم يرفعه إلى رشيد الهجري قال : لما طلب زياد أبوعبيد الله رشيد الهجري اختفى رشيد ، فجاء ذات يوم إلى أبي أراكة وهو جالس على بابه في جماعة من أصحابه ، فدخل منزل أبي أراكة ففزع لذلك أبوأراكة وخاف ، فقام فدخل في أثره ، فقال : ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم ، قال : وما ذاك؟ قال : أنت مطلوب ، وجئت حتى دخلت داري ، وقد رآك من كان عندي ، فقال : مارآني أحد منهم ، قال : وتسخربي أيضا فأخذه وشده كتافا ثم أدخله بيتا وأغلق عليه بابه ، ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم : إنه خيل إلي أن رجلا شيخا قد دخل داري آنفا ، قالوا ما رأينا أحدا ، فكرر ذلك عليهم كل ذلك يقولون : ما رأينا أحدا فسكت عنهم ، ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيرهم ، فذهب إلى مجلس زياد ليتجسس هل يذكرونه ، فإن هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده ودفعه إليهم فسلم على زياد وقعد عنده ، وكان الذي بينهما لطيف ، قال : فبينا هو كذلك إذ أقبل الرشيد على بغلة أبي أراكة مقبلا نحو مجلس زياد ، فلما نظر إليه أبوأراكه تغير وجههه وأسقط في يده وأيقن بالهلاك ، فنزل رشيد عن البغلة وأقبل إلى زياد فسلم عليه ، فقام إليه زياد فاعتنقه فقبله ، ثم أخذ يسائله : كيف فدمت؟ وكيف من خلفت؟ وكيف كنت في مسيرك؟ وأخذ لحيته ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب ، فقال أبوأراكة لزياد : أصلح الله الامير من هذا الشيخ؟ قال : هذا أخ من إخواننا من أهل الشام قدم علينا زائرا ، فانصرف أبوأراكة إلى منزله فإذا رشيد بالبيت كما تركه ، فقال له أبوأراكه : أما إذا كان عندك من العلم كل ما أرى فاصنع ما بدالك ، وادخل علينا كيف شئت (٢).

____________________

(١) الاختصاص : ٧٨.

(٢) الاختصاص : ٧٨ و ٧٩.

١٤٠