بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فإذا هو أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، ثم قال للحسن عليه‌السلام : يا أبا محمد إنه لا تموت نفس إلا ويشهدها أفما يشهد جسده؟.

قال : وروي عن الحسن بن علي عليهما‌السلام أن أميرالمؤمنين قال للحسن والحسين عليهما‌السلام : إذا وضعتماني في الضريح فصليا ركعتين قبل أن تهيلا علي التراب ، وانظرا ما يكون ، فلما وضعاه في الضريح المقدس فعلا ما امرا به ، ونظرا وإذا الضريح مغطى بثوب من سندس ، فكشف الحسن عليه‌السلام مما يلي وجه أمير المؤمنين ، فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآدم وإبراهيم يتحدثون مع أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، وكشف الحسين مما يلي رجليه فوجد الزهراء وحواء ومريم وآسية عليهن السلام ينحن على أمير المؤمنين عليه‌السلام ويندبنه (١).

بيان : لم أر هذين الخبرين إلا من طريق البرسي ، ولا أعتمد على ما يتفرد بنقله ، ولا أردهما ، لورود الاخبار الكثيرة الدالة على ظهورهم بعد موتهم في أجسادهم المثالية ، وقد مرت في كتاب المعاد وكتاب الامامة.

____________________

(١) لم نجدهما في المصدر المطبوع.

٣٠١

١٢٨

( باب )

* ( ما وقع بعد شهادته عليه‌السلام وأحوال قاتله لعنه الله ) *

١ ـ ب : أبوالبختري ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : أخبرني أبي أن الحسن عليه‌السلام قدم ابن ملجم فأراد أن يضرب عنقه (١) بيده ، فقال : قد عهدت الله عهدا أن أقتل أباك ، فقد وفيت ، فإن شئت فاقتل وإن شئت فاعف ، فإن عفوت ذهبت إلى معاوية فقتلته وأرحتك منه ثم جئتك ، فقال : لا حتى اعجلك إلى النار فقدمه فضرب عنقه (٢).

٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق عن أحمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده إبراهيم ابن هاشم ، عن ابن معبد ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن يحيى بن بشير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قالا : سأل هشام بن عبدالملك أبي عليه‌السلام فقال : أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه‌السلام بما استدل النائي (٣) عن المصر الذي قتل فيه علي وما كانت العلامة فيه للناس؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله عبرة؟ فقال له أبي : إنه لما كانت الليلة التي قتل فيها علي صلوات الله عليه لم يرفع عن وجه الارض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر ، وكذلك كانت الليلة التي فقد فيها هارون أخو موسى صلوات الله عليهما ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت الليلة التي رفع عيسى بن مريم صلوات الله عليه ، وكذلك الليلة التي قتل فيها الحسين صلوات الله عليه (٤).

____________________

(١) في المصدر : قدمه ليضرب عنقه.

(٢) قرب الاسناد : ٦٧.

(٣) النائى : البعيد.

(٤) مخطوط.

٣٠٢

أقول : أوردناه بإسناد آخر في باب ما وقع بعد شهادة الحسين عليه‌السلام.

٣ ـ ص : عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن عاقر ناقة صالح كان أزرق ابن بغي ، وإن قاتل علي صلوات الله عليه ابن بغي ، وكانت مراد تقول : ما نعرف له فينا أبا ولا نسبا ، وإن قاتل الحسين بن علي صلوات الله عليه ابن بغي ، وإنه لم يقتل الانبياء ولا أولاد الانبياء إلا أولاد البغايا (١).

٤ ـ ك : أبي ، عن سعد والحميري معا ، عن ابن عيسى ، عن محمد البرقي ، عن أحمد بن الزيد النيسابوري ، عن عمر بن إبراهيم الهاشمي ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام ارتجت الموضع بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجاء رجل باك وهو متسرع (٢) مسترجع ، وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين صلى الله عليه ، فقال : رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، و أخوفهم لله (٣) عزوجل ، وأعظمهم عناء،و أحوطهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآمنهم على أصحابه ، وأفضلهم مناقب ، وأكرمهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم من رسول الله وأشبههم به هديا ونطقا (٤) وسمتا وفعلا ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه (٥) ، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن المسلمين خيرا ، قويت حين ضعف أصحابه وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ هم أصحابه ، وكنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تضرع بزعم المنافقين وغيظ الكافرين و كره الحاسدين وضغن الفاسقين ، فقمت بالامر حين فشلوا ، ونطقت حين تنعتعوا ،

____________________

(١) مخطوط.

(٢) في المصدر : مسرع.

(٣) في المصدر : من الله.

(٤) في المصدر : وخلقا.

(٥) في المصدر : وأكرمهم عليه قدرا.

٣٠٣

ومضيت بنور الله عزوجل حين وقفوا ، ولو اتبعوك لهدوا ، ( و ) كنت أخفضهم صوتا وأعلاهم فوتا (١) ، وأقلهم كلاما ، وأصوبهم منطقا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، وأعرفهم بالامور ، كنت والله للدين يعسوبا ، وكنت للمؤمنين (٢) أبا رحيما ، إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، ورعيت ما أهملوا (٣) ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ جزعوا ، وأدركت إذ تخلفوا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، وكنت على الكافرين عذابا صبا ، وللمؤمنين غيثا وخصبا ، فطرت والله بعنانها ، وفزت بجنانها ، وأحرزت سوابقها ، وذهبت بفضائلها لم يفلل حدك (٤) ولم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك ولم تخن. كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف ، وكنت ـ كما قال النبي ـ ضعيفا في بدنك قويا في أمرالله ، متواضعا في نفسك عظيما عندالله عزوجل ، كبيرا في الارض جليلا عند المؤمنين ، لم يكن لاحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز (٥) ولا لاحد عندك هوادة القوي (٦) العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق ، و البعيد والقريب (٧) عندك في ذلك سواء شأنك الحق والرفق والصدق (٨) وقولك حكم وحتم ، وأمرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم ، فاقلعت (٩) وقد نهج السبيل وسهل

____________________

(١) في الكافى : واعلاهم قنوتا.

(٢) في الكافى : كنت والله للدين يعسوبا أولا حين تفرقت الناس وآخرا حين فشلوا ، كنت بالمؤمنين اه.

(٣) في المصدر والكافى بعد ذلك : وشمرت اذا اجتمعوا.

(٤) في المصدر والكافى : لم تفلل حجتك.

(٥) في المصدر والكافى بعد ذلك : ولا لاحد فيك مطمع.

(٦) في المصدر والكافى : الضعيف الذليل عندك قوى عزيز حتى تأخذله بحقه والقوى اه.

(٧) في المصدر والكافى: والقريب والبعيد.

(٨) في المصدر والكافى: والصدق والرفق.

(٩) في المصدر والكافى: فيما فعلت.

٣٠٤

العسير وأطفأت النار (١) ، واعتدل بك الدين ، وقوي (٢) بك الايمان ، وثبت بك الاسلام والمؤمنون ، وسبقت سبقا بعيدا ، وأتبعت من بعدك تعبا شديدا ، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيتك في السماء ، وهدت مصيبتك الانام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا عن الله قضاءه ، وسلمنا لله أمره ، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا ، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا (٣) وعلى الكافرين غلظه وغيظا ، فألحقك الله بنبيه ، ولا حرمنا أجرك ، ولا أضلنا بعدك.

وسكت القوم حتى انقضى كلامه ، وبكى وأبكى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم طلبوه فلم يصادفوه (٤).

كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن أحمد بن زيد مثله (٥).

بيان الارتجاج : الاضطراب. والاسترجاع : قول « إنا لله وإنا إليه راجعون » قوله : « انقطعت خلافة النبوة » أي استيلاء خلفاء الحق. وحاطه يحوطه : حفظه وصانه وذب عنه. والهدى : : السيرة والهيئة والطريقة. والسمت : الهيئة الحسنة. والاستكانة : الخضوع. والمراد هنا الضعف والجبن والعجز. قوله عليه‌السلام : « ونهضت » أي قمت بأمر الجهاد وإعانة الرسول. قوله عليه‌السلام : « إذهم أصحابه » أي قصدوا ما قصدوا من البدع والارتداد عن الدين. قوله عليه‌السلام : « لم تنازع » أي ما كان ينبغي النزاع فيك ، لظهور الامر ، ويقال : ضرع إليه بتثليث الراء أي خضع وذل و استكان ، وككرم : ضعف. والفشل : الكسل والجبن. والتعتعة : التردد في الكلام من

____________________

(١) في المصدر والكافى : النيران.

(٢) في المصدر : واعتدل بك بناء الدين وظهر امرالله ولو كره الكافرون ، وقوى اه.

(٣) في الكافى وهامش المصدر بعد ذلك « وقنة راسيا » أى جبلا ثابتا.

(٤) كمال الدين ٢١٨ و ٢١٩

(٥) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : ٤٥٤ ٤٥٦.

٣٠٥

حصر أوعي. والفوت : السبق إلى الشئ والهلع : أفحش الجزع. قوله عليه‌السلام : « فطرت والله بعنانها » أي في ميدان المسابقة طرت آخذا بعنان فرس الفضيلة حتى سبقتهم ، فالضمائر في قوله : « بعنانها » ونظائره راجعة إلى الامة أو إلى الكمالات ، وفي النهج « وفزت برهانها » وفي الكافي « فطرت والله بغمانها وفزت بحبائها » فيمكن أن يكون المراد الطيران إلى الآخرة. والهوادة : السكون والرخصة والمحاباة قوله : « فأقلعت » أي ذهبت عنا وتركتنا. ونهج الطريق كمنع : وضح وأوضح.

قوله عليه‌السلام : « فجللت عن البكاء » أي أنت أجل من أن يقضي حق مصيبتك البكاء والظاهر أن القائل كان هو الخضر عليه‌السلام.

٥ ـ حة : قال الثقفي في كتاب مقتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام ـ ونقلته من نسخة عتيقة تاريخها سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وذلك على أحد القولين ـ : إن عبدالله بن جعفر ( الطيار ) قال : دعوني أشفي بعض ما في نفسي عليه ـ يعني ابن ملجم لعنه الله ـ فدفع إليه ، فأمر بمسمار فحمي بالنار ، ثم كحله ، فجعل ابن ملجم يقول : تبارك الله الخالق للانسان من علق ، يا ابن أخ إنك لتكحلن بملمول مض ، ثم أمر بقطع يده ورجله فقطع ولم يتكلم ، ثم أمر بقطع لسانه فجزع ، فقال له بعض الناس : يا عدو الله كحلت عينك (١) بالنار وقطعت يداك ورجلاك فلم تجزع وجزعت من قطع لسانك؟ فقال لهم : يا جهال أنا والله (٢) ما جزعت لقطع لساني ولكني أكره أن أعيش في الدنيا فواقا لا أذكرالله فيه! فلما قطع لسانه احرق بالنار. (٣)

بيان : قال الجوهري : الملمول : الميل الذي يكتحل به (٤). وقال : كحله بملمول مض أي حار (٥).

____________________

(١) في المصدر : عيناك.

(٢) في المصدر : اما والله.

(٣) فرحة الغرى : ١٠.

(٤) الصحاح : ١٨٢١.

(٥) الصحاح : ١١٠٧.

٣٠٦

٦ ـ حة : عبدالصمد بن أحمد ، عن أبي الفرج الجوزي قال : قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل قال : لما جئ بابن ملجم إلى الحسن عليه‌السلام قال له : إني اريد أن أسارك بكلمة ، فأبى الحسن عليه‌السلام وقال : إنه يريد أن يعض اذني ، فقال ابن ملجم : والله لو أمكنني منها لاخذتها من صماخه (١)!.

٧ ـ يج : أخبرنا أبومنصور شهردار بن شيرويه الديلمي ، عن أبي الحسن ، عن علي بن أحمد الميداني ، عن محمد بن يحيى ، عن عمرو بن أحمد بن محمد بن عمرو ، عن الحسن بن محمد المعروف بابن الرفا قال : سمعته يقول : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : راهب أسلم ، فأشرفت عليه وإذا بشيخ كبير عليه جبة صوف وقلنسوة صوف ، عظيم الخلقة ، و هو قاعد بحذاء مقام إبراهيم ، فسمعته يقول : كنت قاعدا في صومعة فأشرفت منهاو إذا بطائر كالنسر قد سقط على صخرة على شاطئ البحر ، فتقيأ فرمى بربع إنسان ثم طار ، فتفقدته فعاد فتقيأ فرمى بربع إنسان ، ثم طار فجاء فتقيأ بربه إنسان ، ثم طار فدنت الارباع فقام رجلا وهو قائم ، وأنا أتعجب منه ، ثم انحدر الطير فضربه وأخذ ربعه فطار ، ثم رجع فأخذ ربعه فطار ، ثم رجع فأخذ ربعه فطار ، ثم انحدر الطير فأخذ الربع الآخر فطار. فبقيت أتفكر وتحسرت ألا أكون لحقته وسألته من هو؟ فبقيت أتفقد الصخرة حتى رأيت الطير قد أقبل فتقيأ بربع إنسان ، فنزلت فقمت بإزائه ، فلم أزل حتى تقيأ بالربع الرابع ، ثم طار فالتأم رجلا ، فقام قائما ، فدنوت منه فسألت فقلت : من أنت؟ فسكت عني ، فقلت : بحق من خلقك من أنت؟ قال : أنا ابن ملجم ، قلت له : وأيش عملت؟ قال : قتلت علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فوكل بي هذا الطير يقتلني كل يوم قتلة ، فهو يخبرني إذا نقض الطائر فأخذ ربعه وطار ، فسألت عن علي عليه‌السلام فقال : هو ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلمت (٢).

____________________

(١) فرحة الغرى : ١٠ ـ ١١.

(٢) الخرائج والجرائح : ١٨ ـ ١٩.

٣٠٧

كشف : من مناقب الخوارزمي عن الرفاء مثله (١).

٨ ـ شا : روى جعفر بن سليمان الضبيعي عن المعلى بن زياد قال : جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام يستحمله ، فقال : يا أمير المؤمنين احملني فنظر إليه ثم قال له : أنت عبدالرحمن بن ملجم المرادي؟ قال (٢) : يا غزوان احمله على الاشقر ، فجاء بفرس أشقر ، فركبه ابن ملجم وأخذ بعنانه ، فلما ولى قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام :

اريد حباءه ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

قال : فلما كان من أمره ما كان وضرب أميرالمؤمنين عليه‌السلام قبض عليه وقد خرج من المسجد فجئ به إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال له : والله لقد كنت أصنع بك ما أصنع وأنا أعلم أنك قاتلي ، ولكن كنت أفعل ذلك بك لاستظهر بالله عليك (٣).

٩ ـ قب : أحاديث علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة ومجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن السماء والارض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا ، وإنها لتبكي على العالم إذا مات أربعين شهرا ، وإن السماء والارض ليبكيان على الرسول أربعين سنة ، وإن السماء والارض ليبكيان عليك يا علي إذا قتلت أربعين سنة. قال ابن عباس : لقد قتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام على الارض بالكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيام دما.

أبوحمزة عن الصادق عليه‌السلام وقد روي أيضا عن سعيد بن المسيب أنه لما قبض

____________________

(١) كشف الغمة : ١٣٠.

(٢) في المصدر : قال : نعم ، ثم قال ، انت عبدالرحمن بن ملجم المرادى؟ قال : نعم ، قال : يا غزوان اه.

(٣) الارشاد للمفيد : ٦ ـ ٧

٣٠٨

أميرالمؤمنين عليه‌السلام لم يرفع من وجه الارض حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

أربعين الخطيب وتاريخ النسوي أنه سأل عبدالملك بن مروان الزهري : ما كانت علامة يوم قتل علي عليه‌السلام؟ قال : ما رفع حصاة من بيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط ، ولما ضرب عليه‌السلام في المسجد سمع صوت : « لله الحكم لا لك يا علي ولا لاصحابك » فلما توفي سمع في داره « أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة » الآية (١) ، ثم هتفت آخر (٢) : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومات أبوكم.

وفي أخبار الطالبيين أن الروم أسروا قوما من المسلمين فاتي بهم إلى الملك فعرض عليهم الكفر فأبوا ، فأمر بإلقائهم في الزيت المغلي وأطلق منهم رجلا يخبر بحالهم ، فبينما هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل ، فوقف فنظر إلى أصحابه الذين القوا في الزيت ، فقال لهم في ذلك ، فقالوا : قد كان ذلك ، فنادى مناد من السماء في شهداء البر والبحر أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قد استشهد في هذه الليلة فصلوا عليه ، فصلينا عليه ونحن راجعون إلى مصارعنا.

أبوذرعة الرازي بإسناده عن منصور بن عمار أنه سئل عن أعجب ما رآه ، قال : ترى هذه الصخرة في وسط البحر؟ يخرج من هذا البحر كل يوم طائر مثل النعامة فيقع عليها ، فإذا استوى واقفا تقيأ رأسا ، ثم تقيأ يدا ، وهكذا عضوا عضوا ثم تلتئم الاعضاء بعضها إلى بعض حتى يستوي إنسانا قاعدا ، ثم يهم للقيام ، فإذا هم للقيام نقره نقرة فأخذ رأسه ، ثم أخذه عضوا عضوا كما قاءه ، قال : فلما طال علي ذلك ناديته يوما : ويلك من أنت؟ ثم التفت إلي وقال (٣) : هو عبدالرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكل الله به هذا الطير ، فهو يعذبه إلى يوم القيامة وزعم أنهم يسمعون العواء من قبره (٤).

____________________

(١) سورة فصلت : ٤٠.

(٢) في المصدر : ثم هتف هاتف آخر.

(٣) : : وقال هاتف.

(٤) مناقب آل ابى طالب ١ : ٤٨١ و ٤٨٢.

٣٠٩

١٠ ـ فر : علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن سليمان بن يسار قال : رأيت ابن عباس لما توفي أميرالمؤمنين عليه‌السلام بالكوفة وقد قعد على المسجد محتبيا (١) و وضع فرقه على ركبتيه وأسند يده تحت خده وقال : أيها الناس إني قائل فاسمعوا من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، سمعت عن رسول الله يقول : إذا مات أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب واخرج من الدنيا ظهرت في الدنيا خصال لا خير فيها ، فقلت : وما هي يا رسول الله؟ فقال : تقل الامانة ، وتكثر الخيانة حتى يركب الرجل الفاحشة وأصحابه ينظرون إليه ، والله لتضايق الدنيا بعده بنكبة ، ألا وإن الارض لم تخل (٢) مني مادام علي بن أبي طالب حيا في الدنيا بقية من بعدي ، علي في الدنيا عوض مني بعدي (٣) علي كجلدي ، علي لحمي ، علي عظمي ، علي كدمي ، علي عروقى علي أخي ووصيي في أهلي ، وخليفتي في قومي ، ومنجز عداتي ، وقاضي ديني ، قد صحبني علي في ملمات أمري ، وقاتل معي أحزاب الكفار ، وشاهدني في الوحي وأكل معي طعام الابرار ، وصافحه جبرئيل عليه‌السلام مرارا نهارا جهارا (٤) وشهد جبرئيل وأشهدني أن عليا عليه‌السلام من الطيبين الاخيار ، وأنا اشهدكم معاشر الناس لا يتسائلون (٥) من علم آمركم مادام علي فيكم ، فإذا فقدتموه فعند ذلك تقوم الآية : « ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة » صدق الله وصدق نبي الله (٦).

____________________

(١) احتبى بالثوب : اشتمل به. جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها وفي المصدر : وقد قعد في المسجد.

(٢) في المصدر : لا تخل.

(٣) في المصدر : عوض من بعدى.

(٤) في المصدر بعد ذلك : وقبل جبرئيل خد على اليسار اه.

(٥) في المصدر : لا نتساءلون.

(٦) تفسير فرات : ٥١.

٣١٠

البرسي في المشارق من كتاب الواحدة أن الحسن عليه‌السلام لما قام بالامر بعد أميرالمؤمنين عليه‌السلام اجتمع إليه أكابر أهل الكوفة ، وطلبوا منه أن يريهم من العجائب مثل ما كان يريهم أميرالمؤمنين عليه‌السلام فجاء بهم إلى الدار ، ثم أدخلهم وكشف الستر وقال : انظروا ، فنظروا فإذا أميرالمؤمنين عليه‌السلام جالسا هناك ، فقال القوم بأحمعهم : أشهد (١) أنك خليفة الله وهذه والله أسرار أميرالمؤمنين عليه‌السلام التي كنا نراها منه (٢).

١٢٩

( باب )

* ( ما ظهر عند الضريح المقدس من المعجزات والكرامات ) *

١ ـ فرحة الغرى : أخبرني عمي السعيد علي بن موسى بن طاوس والفقيه نجم الدين أبوالقاسم بن سعيد والفقيه المقتدى بقية المشيخة نجيب الدين يحيى بن سعيد أدام الله بركاتهم ، كلهم عن الفقيه محمد بن عبدالله بن زهرة الحسيني ، عن محمد بن الحسن العلوي الحسيني الساكن بمشهد الكاظم عليه‌السلام ، عن القطب الراوندي عن محمد بن علي بن المحسن الحلبي ، عن الطوسي ـ ونقلته من خطه حرفا حرفا ـ عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، عن محمد بن أحمد بن داود ، عن أبي الحسين محمد بن تمام الكوفي ، قال : حدثنا أبوالحسن علي بن الحسن بن الحجاج من حفظه ، قال : كنا جلوسا في مجلس ابن عمي أبي عبدالله محمد بن عمران بن الحجاج وفيه جماعة من أهل الكوفة من المشائخ ، وفيمن حضر العباس بن أحمد العباسي ، وكانوا قد حضروا عند ابن عمي يهنؤنه بالسلامة ، لانه حضر وقت سقوط سقيفة سيدي أبي عبدالله

____________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر : نشهد.

(٢) مشارق الانوار : ١١٠ و ١١١.

٣١١

الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام في ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين ومائتين ، فبيناهم قعود يتحدثون إذ حضر المجلس إسماعيل بن عيسى العباسي ، فلما نظرت الجماعة إليه أحجمت (١) عما كانت فيه ، وأطال الاسماعيل الجلوس ، فلما نظر إليهم قال لهم : يا أصحابنا أعز كم الله لعلي قطعت حديثكم بمجيئي ، قال أبوالحسن علي بن يحيى السليماني ـ وكان شيخ الجماعة ومقدما فيهم ـ : لا والله يا با عبدالله أعزك الله ما أمسكنا بحال من الاحوال ، فقال لهم : يا أصحابنا اعلموا أن الله عز وجل مسائلي عما أقول لكم وما أعتقده المذهب (٢) ، حتى حلف بعتق جواريه و مماليكه وحبس دوابه أنه لا يعتقد إلات ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام والسادة من الائمة عليهم‌السلام وعدهم واحدا واحدا. وساق الحديث ، فأبسط (٣) إليه أصحابنا و سألهم وسألوه ، ثم قال لهم : رجعنا يوم جمعة من الصلاة من المسجد الجامع مع عمي داود ، فلما كان قبل منازلنا (٤) وقبل منزله وقد خلا الطريق قال لنا : أينما كنتم قبل أن تغرب الشمس فصيروا إلي ، ولا يكون (٥) أحد منكم على حال فيتخلف ، لانه (٦) كان جمرة بني هاشم ، فصرنا إليه آخر النهار وهو جالس ينتظرنا ، فقال : صيحوا بفلان وفلان من الفعلة ، فجاءه رجلان معهما آلتهما ، والتفت إلينا فقال : اجتمعوا كلكم فاركبوا في وقتكم هذا ، وخذوا معكم الجمل ـ غلاما (٧) كان له

____________________

(١) أحجم عنه : كف أو نكص هيبة.

(٢) في المصدر : من المذهب.

(٣) في المصدر : فانبسط.

(٤) في المصدر : منزلنا.

(٥) في المصدر : ولا يكونن.

(٦) في المصدر : وكان مطاعا لانه اه.

(٧) في المصدر يعنى غلاما.

٣١٢

أسود يعرف بالجمل ، وكان لو حمل هذا الغلام على سكر دجلة لسكرها (١) من شدته وبأسه ـ وامضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتن به الناس ويقولون : إنه قبر علي حتى تنبشوه وتجيئوني بأقصى ما فيه ، فمضينا إلى الموضع فقلنا : دونكم وما أمر به ، فحضر الحفارون وهم يقولون : « لا حول ولا قوة إلا بالله » في أنفسهم ، و نحن في ناحية حتى نزلوا خمسة أذرع ، فلما بلغوا إلى الصلابة قال الحفارون : قد بلغنا إلى موضع صلب وليس نقوى بنقره ، فأنزلوا الحبشي فأخذ المنقار فضرب ضربة سمعنا لها طنينا (٢) شديدا في البر ، ثم ضرب ثانية فسمعنا طنينا أشد من ذلك ثم ضرب الثالثة فسمعنا أشد (٣) مما تقدم ، ثم صاح الغلام صيحة ، فقمنا فأشرفنا عليه وقلنا للذين كانوا معه : اسألوه ما باله ، فلم يجبهم وهو يستغيث ، فشدوه و أخرجوه بالحبل ، فإذا على يده من أطراف أصابعه إلى مرفقه دم وهو يستغيث ، لا يكلمنا ولا يحير جوابا ، فحملناه على البغل ورجعنا طائرين ، ولم يزل لحم الغلام ينثر من عضده وجنبيه (٤) وسائر شقه الايمن حتى انتهينا إلى عمي ، فقال : أيش وراءكم؟ فقلنا : ما ترى ، وحدثناه بالصورة ، فالتفت إلى القبلة وتاب عما هو عليه ، ورجع عن المذهب ، وتولى وتبرأ ، وركب بعد ذلك في الليل على مصعب ابن جابر (٥) فسأله أن يعمل على القبر صندوقا ، ولم يخبره بشئ مما جرى ، و وجه من طم الموضع ، وعمر الصندوق عليه ، ومات الغلام الاسود من وقته. قال أبوالحسن بن الحجاج : رأينا هذا الصندوق الذي هذا حديثه لطيفا ، وذلك من

____________________

(١) سكره : سده.

(٢) في المصدر : فسمعنا طنينا.

(٣) في المصدر : فسمعنا طنينا اشد.

(٤) في المصدر : ينتشر من عضده وجسمه.

(٥) في المصدر : إلى على بن مصعب بن جابر.

٣١٣

قبل أن يبنى عليه الحائط الذي بناه الحسن بن زيد ، هذا آخر ما نقلته من خط الطوسي رضي‌الله‌عنه.

أقول : وقد ذكرهنا الشريف أبوعبدالله محمد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبدالرحمن الشجري بالاسناد المقدم إليه : حدثني أبوالحسن محمد بن أحمد بن عبدالله الجواليقي لفظا ، قال : أخبرنا أبوجعفر محمد بن محمد بن الحسين (١) إجازة وكتبته من خط يده ، قال : أخبرنا علي بن الحسين بن الحجاج إملاء من حفظه ، قال : كنا في مجلس عمي أبي عبدالله محمد بن عمران بن الحجاج ، وتمم الحديث على نحو ما ذكرناه ، ولم يقل : « ابن عمي » وفيه تغيير لا يضر طائلا ، و قال في آخره : الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام المعروف بالداعي الخارج بطبرستان.

أقول : هذا الحسن بن زيد صاحب الدعوة بالري قتله مرداويج ، ملك بلادا كثيرة ، قال الفقيه صفي الدين محمد بن معد : وقد رأيت هذا الحديث بخط أبي يعلى محمد بن حمزة الجعفري صهر الشيخ المفيد والجالس بعد وفاته مجلسه.

أقول : وقد رأيته بخط أبي يعلى الجعفري أيضا في كتابه كما ذكر صفي الدين أيضا ، ورأيته أنا في خط أبي يعلى ، ورأيت هذا في مزار ابن داود القمي عندي (٢) في نسخة عتيقة مقابلة بنسخة عليها مكتوب ما صورته : قد أجزت هذا الكتاب وهو أول كتاب الزيارات من تصنيفي وجميع مصنفاتي ورواياتي مالم يقع فيها تدليس (٣) لمحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن سميع أعزه الله ، فليرو ذلك عني

____________________

(١) في المصدر : محمد بن محمد بن الحسين بن هارون.

(٢) في المصدر : وهو عندى.

(٣) في المصدر : سهو ولا تدليس.

٣١٤

إذا أحب ، لا حرج عليه فيه أن يقول : أخبرنا أو حدثنا ، وكتب محمد بن أحمد بن داود القمي في شهر ربيع الاخر سنة ستين وثلاثمائة حامدا لله شاكرا وعلى نبيه مصليا ومسلما ، وهذه الرواية مطابقة لما أورده الطوسي بخطه.

٢ ـ وأخبرني عبدالرحمن بن الحربي الحنبلي عن عبدالعزيز بن الاخضر عن محمد بن ناصر السلامي ، عن أبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون البرسي ، قال : أخبرني الشريف أبوعبدالله الحسني المقدم ذكره ، قال : حدثنا أبوالحسن محمد ابن الحسن (١) بن عبدالله الجواليقي بقراءته علي لفظا وكتبه لي بخطه ، قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا جدي أبوامي محمد بن على بن دحيم الشناني (٢) قال : مضيت أنا ووالدي علي بن دحيم (٣) وعمي حسين بن دحيم وأنا صبي صغير في سنة نيف و ستين ومائتين بالليل ومعنا جماعة مختفين (٤) إلى الغري لزيارة قبر مولانا أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام فلما جئنا إلى القبر وكان يومئذ حول قبره حجارة سود ولا بناء حوله عنده (٥) وليس في طريقه غير قائم الغري ، فبينا نحن عنده وبعضنا يقرأ وبعضنا يصلي وبعضنا يزور إذا نحن بأسد مقبل نحونا ، فلما قرب منا مقدار رمح قال بعضنا لبعض : ابعدوا عن القبر حتى ننظر ما يريد ، فأبعدنا ، فجاء الاسد إلى القبر فجعل يمرغ ذراعه على القبر ، فمضى رجل منا فشاهده وعاد فأعلمنا ، فزال الرعب عنا ، وجئنا بأجمعنا حتى شاهدناه يمرغ ذراعه على القبر ( وفيه جراح ، فلم يزل

____________________

(١) في المصدر : الحسين.

(٢) في المصدر : رحيم الشيبانى.

(٣) في المصدر : « رحيم » في الموضعين.

(٤) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : متخفين.

(٥) في المصدر : وكان يومئذ قبر حوله حجارة سندة ولا بناء عنده.

٣١٥

يمرغه ساعة ، ثم انزاح عن القبر ) ومضى ، وعدنا إلى ما كنا عليه من القراءة والصلاة والزيارة وقراءة القرآن.

٣ ـ ومن محاسن القصص ما قرأته بخط والدي قدس الله روحه على ظهر كتاب بالمشهد الكاظمي على مشرفها السلام ما صورته : قال : سمعت من شهاب الدين بندار بن ملكدار القمي يقول : حدثني كمال الدين شرف المعالي بن غياث القمي قال : دخلت إلى حضرة مولانا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فزرته وتحولت إلى موضع المسألة ودعوت وتوسلت ، فتعلق مسمار من الضريح المقدس صلوات الله عليه (١) في قبائي فمزقه ، فقلت مخاطبا لاميرالمؤمنين عليه‌السلام : ما أعرف عوض هذا إلا منك ، وكان إلى جانبي رجل رأيه غير رأيي ، فقال لي مستهزءا : ما يعطيك عوضه إلا قباء ورديا ، فانفصلنا من الزيارة وجئنا إلى الحلة ، وكان جمال الدين قشتمر الناصري رحمه‌الله قدهيأ لشخص يريد أن ينفذه إلى بغداد يقال له ابن مايست (٢) قباء وقلنسوة ، فخرج الخادم على لسان قشتمرو قال : هاتوا كمال الدين القمي المذكور ، فأخذ بيدي ودخل إلى الخزانة ، وخلع علي قباء ملكيا ورديا فخرجت ودخلت حتى اسلم على قشتمر واقبل كفه ، فنظر إلي نظرا عرفت الكراهة في وجهه ، والتفت إلى الخادم كالمغضب وقال : طلبت فلانا ـ يعني ابن مايست ـ فقال الخادم : إنما قلت : كمال الدين القمي ، وشهد الجماعة الذين كانوا جلساء الامير أنه أمر بحضور كمال الدين القمي المذكور ، فقلت : أيها الامير ما خلعت علي أنت هذه الخلعة بل أميرالمؤمنين خلعها علي ، فالتمس مني الحكاية فحكيت له ، فخر ساجدا وقال : الحمد لله كيف كانت الخلعة على يدي ،

____________________

(١) كذا في النسخ. وفي المصدر : صلوات الله على مشرفه.

(٢) ما تشت خ ل.

٣١٦

ثم شكره وقال : تستحق. هذا آخر ما حدث به شهاب الدين وكتب أحمد بن طاوس ، هذا آخر ما وجدت (١) بخطه فنقلته.

٤ ـ وروى ذلك السيد محمد بن شرفشاه الحسيني عن شهاب الدين بندار أيضا وجدت ما صورته : عن العم السعيد رضي الدين علي بن طاوس عن الشيخ حسين بن عبدالكريم الغروي ـ وإن كان اللفظ يزيد أو ينقص عما وجدته مسطورا ـ قال : كان قد وفد إلى المشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام رجل أعمى من أهل تكريت (٢) وكان قد عمي على كبر ، وكانت عيناه ناتئتين على خده (٣) وكان كثيرا ما يقعد عند المسألة ويخاطب الجناب الاشرف المقدس بخطاب غير حسن ، وكانت تارة (٤) أهم بالانكار عليه وتارة يراجعني الفكر في الصفح عنه ، فمضى على ذلك مدة ، فإذا أنا في بعض الايام قد فتحت الخزانة إذ سمعت ضجة عظيمة ، فظننت أنه قد جاء للعلويين بر من بغداد أو قتل في المشهد قتيل ، فخرجت ألتمس الخبر ، فقيل لي : ههنا أعمى قد رد بصره ، فرجوت أن يكون ذلك الاعمى ، فلما وصلت إلى الحضرة الشريفة وجدته ذلك الاعمى بعينه ، وعيناه كأحسن ما يكون ، فشكرت الله تعالى على ذلك. وزاد والدي على هذه الرواية أنه كان يقول له من جملة كلامه كخطاب الاحياء (٥) : وكيف يليق أجئ وأمسى يشتفي من لا يجب (٦). ومن هذا الجنس

____________________

(١) في المصدر : وجدته.

(٢) بفتح التاء بلد مشهور بين بغداد والموصل ، وبينها وبين بغداد ثلاثون فرسخا في غربى دجلة.

(٣) نتأ الشئ : خرج من موضعه من غير ان ينفصل.

(٤) في المصدر : بخطاب خشن ، وكنت تارة.

(٥) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : الاحباء.

(٦) في المصدر : أن اجئ وأمشى فيشتفى من لا يحب.

٣١٧

سمعت والدي قدس الله روحه يحكي.

٥ ـ وسمعت والدي ـ قدس الله روحه ـ غير مرة يحكي عن الشيخ الحسين ابن عبدالكريم الغروي هذه الحكاية الآتي ذكرها وإن لم احقق لفظه ولكن المعنى منها أرويه عنه ، واللفظ وجدته مرويا عن العم السعيد عنه ، أنه كان ايلغازي أميرا بالحلة ، وكان قد اتفق أنه أنفذ سرية إلى العرب ، فلما رجعت السرية نزلوا حول سور المشهد الاشرف المقدس الغروي على الحال به أفضل الصلاة و السلام ، قال الشيخ الحسين : فخرجت بعد رحيلهم إلى ذلك الموضع الذي كانوا فيه نزولا لامر عرض ، فوجدت كلابي سر بوش (١) ملقاة في الرمل ، فمددت يدي أخذتهما فلما صارا في يدي ندمت ندامة عظيمة وقلت : أخذتهما وتعلقت ذمتي بما ليس فيه راحة ، فلما كان بعد مدة زمانية اتفق أنه ماتت عندنا بالمشهد المقدس امرأة علوية فصلينا عليها ، فخرجت معهم إلى المقبرة وإذا برجل تركي قائم يفتش موضعا لقيت الكلابين (٢) فقلت لاصحابي : اعلموا أن ذلك التركي يفتش على كلابي سربوش وهما معي في جيبي وكنت لما أردت الخروج إلى الصلاة على الميتة لاحت لي الكلابان في داري فأخذتهما ثم جئت أنا وأصحابي فسلمت على التركي ، و قلت له : على ما تفتش؟ قال : افتش على كلابي سربوش ضاعت مني منذ سنة ، فقلت : سبحان الله تضيع منك منذ سنة تطلبه اليوم؟ قال : نعم ، اعلم أنني لما دخلت السرية وكنت معهم ، فلما وصلنا إلى خندق الكوفة ذكرنا (٣) الكلابين فقلت : يا علي هما في ضمانك ، لانهما في حرمك ، وأنا أعلم أنهما لا يصيبهما شئ ، فقلت

____________________

(١) كذا ولم نفهم المراد.

(٢) في المصدر : لقيت الكلابين فيه.

(٣) كذا في النسخ. وفي المصدر : ذكرت.

٣١٨

له : الآن ما حفظ الله عليك شيئا غيرهما ، ثم ناولته إياهما ، وأعتقد أن المدة كانت سنة.

٦ ـ وقفت في كتاب قد نقل عن الشيخ حسن بن الحسين بن الطحال المقدادي قال : أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جد ، أنه أتاه رجل مليح الوجه نقي الاثواب دفع إليه دينارين وقال له : أغلق على القبة وذرني ، فأخذها (١) منه وأغلق الباب فنام فرأى أمير المؤمنين عليه‌السلام في منامه وهو يقول له : اقعد أخرجه عني فإنه نصراني ، فنهض علي بن طحال وأخذ حبلا فوضعه في عنق الرجل وقال له : اخرج تخدعني بالدينارين (٢) وأنت نصراني؟ فقال له : لست بنصراني ، قال : بلى إن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أتاني في المنام وأخبرني أنك نصراني وقال : أخرجه عني ، فقال : امدد يدك ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن عليا ولي الله ، والله ما علم أحد بخروجي من الشام ولا عرفني أحد من أهل العراق ثم حسن إسلامه.

٧ ـ وحكي أيضا أن عمران بن شاهين من أهل العراق (٣) عصى على عضدالدولة فطلبه طلبا حثيثا ، فهرب منه إلى المشهد متخفيا ، فرأى أميرالمؤمنين عليه‌السلام في منامه وهو يقول له : يا عمران في غد يأتي فنا خسرو إلى ههنا فيخرجون من بهذا المكان (٤) فتقف أنت ههنا ـ وأشار إلى زاوية من زوايا القبة ـ فإنهم لا يرونك ، فسيدخل ويزور ويصلي ويبتهل في الدعاء والقسم بمحمد وآله أن يظفره بك ، فادن منه وقل له :

____________________

(١) في المصدر : فاخذهما.

(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر : بدينارين.

(٣) في المصدر : من امراء العراق.

(٤) في المصدر: من كان في هذا المقام.

٣١٩

أيها الملك من هذا الذي قد ألححت بالقسم بمحمد وآله أن يظفرك به (١)؟ فسيقول : رجل شق عصاي ونازعني في ملكي وسلطاني ، فقل : ما لمن يظفرك به؟ فيقول : إن حتم علي بالعفو عنه عفوت عنه ، فأعلمه بنفسك فإنك تجد منه ما تريد ، فكان كما قال له ، فقال : أنا عمران بن شاهين ، قال من أوقفك ههنا؟ قال له : هذا مولانا قال في منامي : غدا يحضر فنا خسرو إلى ههنا ، وأعاد عليه القول ، فقال له : بحقه قال لك : فنا خسرو؟ قلت : إي وحقه ، فقال عضد الدولة : ما عرف أحد أن اسمي فنا خسرو إلا امي والقابلة وأنا ، ثم خلع عليه خلعة الوزارة وطلع من بين يديه إلى الكوفة ، وكان عمران بن شاهين قد نذر عليه أنه متى عفا عنه عضد الدولة أتى إلى زيارة أميرالمؤمنين عليه‌السلام حافيا حاسرا ، فلما جنه الليل خرج من الكوفة وحده ، فرأى جدي علي بن طحال مولانا أميرالمؤمنين عليه‌السلام في منامه وهو يقول له : اقعد افتح لوليي عمران بن شاهين الباب ، فقعد وفتح الباب ، وإذا بالشيخ قد أقبل ، فلما وصل قال له : بسم الله يا مولانا ، فقال : ومن أنا؟ فقال : عمران بن شاهين ، قال : لست بعمران بن شاهين ، فقال : بلى إن أمير المؤمنين عليه‌السلام أتاني في منامي وقال لي : اقعد افتح لوليي عمران بن شاهين ، قال له : بحقه هو قال لك؟ قال : إي وحقه هو قال لي ، فوقع على العتبة يقبلها ، وأحاله على ضامن السمك بستين دينارا ، وكان (٢) له زواريق تعمل في الماء في صيد السمك.

أقول : وبنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الشريفين الغروي والحائري على مشر فهما السلام.

____________________

(١) في المصدر : أن يظفرك الله به.

(٢) في المصدر : وكانت

٣٢٠