بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١٢٣

( باب )

* ( حال الحسن البصرى ) *

١ ـ ج : عن ابن عباس قال : مر أميرالمؤمنين عليه‌السلام بالحسن البصري وهو يتوضأ ، فقال : يا حسن أسبغ الوضوء ، فقال : يا أميرالمؤمنين لقد قتلت (١) بالامس اناسا يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، يصلون الخمس ويبغون الوضوء ، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا؟ فقال : والله لاصدقنك يا أميرالمؤمنين ، لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي ، وأنا لا أشك في أن التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر ، فلما انتهيت إلى موضع من الخريبة (٢) نادى مناد : يا حسن إلى أين؟ ارجع فإن القاتل والمقتول في النار ، فرجعت زعرا وجلست في بيتي فلما كان اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر ، فتحنطت وصببت علي سلاحي وخرجت إلى القتال (٣) حتى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي : يا حسن إلى أين؟ مرة بعد اخرى ، فإن القاتل والمقتول في النار ، قال علي عليه‌السلام : صدقت أفتدري من ذلك المنادي؟ قال : لا ، قال عليه‌السلام : ذاك أخوك إبليس وصدقك ، إن القاتل منهم والمقتول في النار ، فقال الحسن البصري : الآن عرفت يا أميرالمؤمنين أن القوم هلكى (٤).

٢ ـ ج : عن أبي يحيى الواسطي قال : لما افتتح أميرالمؤمنين عليه‌السلام البصرة

____________________

(١) في ( ك ) : فنيت.

(٢) الخريبة مصغرا موضع بالبصرة عندها كانت وقعة الجمل.

(٣) في المصدر : اريد القتال.

(٤) الاحتجاج : ٩٢.

١٤١

اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الالواح ، فكان كلما لفظ أميرالمؤمنين عليه‌السلام بكلمة كتبها ، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام بأعلى صوته : ما تصنع؟ قال نكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : أما إن لكل قوم سامريا وهذا سامري هذه الامة إلا أنه لايقول : « لا مساس » ولكنه يقول : لا قتال (١).

٣ ـ ج : عن عبدالله بن سليمان قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام فقال له رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الاعمى : إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم من يدخل النار ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : فهلك إذا مؤمن آل فرعون والله مدحه بذلك ، وما زال العلم مكتوما منذ بعث الله عزوجل رسوله نوحا ، فليذهب الحسن يمينا وشمالا ، فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا (٢).

كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبدالله مثله (٣).

٤ ـ لى : أبي ، عن المؤدب ، عن أحمد الاصبهاني ، عن الثقفي ، عن قتيبة بن سعيد ، عن عمرو بن غزوان ، عن أبي مسلم قال : خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتى أتينا باب ام سلمة ، فقعد أنس على الباب ودخلت مع الحسن البصري ، فسمعت الحسن البصري وهو يقول : السلام عليك يا اماه ورحمة الله و بركاته ، فقالت له : وعليك السلام من أنت يا بني؟ فقال : أنا الحسن البصري ، فقالت : فيما جئت يا حسن؟ فقال لها : جئت لتحدثيني بحديث سمعتيه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقالت ام سلمة : والله لاحدثنك بحديث سمعته اذناي (٤) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلا فصمتا ، ورأته عيناي وإلا فعميتا ، ووعاه قلبي و إلا فطبع الله عليه ، وأخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي

____________________

(١) الاحتجاج : ٩٢.

(٢) الاحتجاج ، ١٨٠.

(٣) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : ٥١.

(٤) في ( ك ) : سمعته اذناك.

١٤٢

ابن أبي طالب عليه‌السلام يا علي : ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلا لقي الله بعبادة صنم أو وثن ، قال : فسمعت الحسن البصري وهو يقول : ألله أكبر أشهد أن عليا مولاي ومولى المؤمنين ، فلما خرج قال له أنس بن مالك : مالي أراك تكبر؟ قال : سألت امنا ام سلمة أن تحدثيني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي ، فقالت لي كذاو كذا ، فقلت : ألله أكبر أشهد أن عليا مولاي ومولى كل مؤمن ، قال : فسمعت عند ذلك أنس بن مالك وهو يقول : أشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال هذه المقالة ثلاث مرات أو أربع مرات (١).

٥ ـ يج : روي أن عليا عليه‌السلام أتى الحسن البصري يتوضأ في ساقية ، فقال : أسبغ طهورك يالفتى ، قال لقد قتلت بالامس رجالا كانوا يسبغون الوضوء ، قال : وإنك لحزين عليهم؟ قال : نعم ، قال : فأطال الله حزنك. قال أيوب السجستاني : فما رأينا الحسن قط إلا حزينا كأنه يرجع عن دفن حميم أو خربندج ضل حماره ، فقلت له ( في ) ذلك فقال : عمل في دعوة الرجل الصالح ، ولفتى بالنبطية الشيطان وكانت امه سمته بذلك ودعته في صغره ، فلم يعرف ذلك أحد حتى دعاه به علي عليه‌السلام (٢).

٦ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن خالد بن عمارة ، عن سدير الصيرفي قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : وما هو؟ قلت : بلغني أن الحسن البصري كان يقول : لو غلا دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ، ولو تفرث (٣) كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماءا ، وهو عملي وتجارتي وفيه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجي وعمرتي ، فجلس ثم قال : كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة ، أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة (٤).

____________________

(١) امالى الصدوق : ١٩٠.

(٢) لم نجده في الخرائج المطبوع.

(٣) أى تشقق وانتثر.

(٤) فروع الكافى ( الجزء الخامس من الطبعة الحديثة ) : ١١٣ و ١١٤.

١٤٣

أقول : قال السيد المرتضى في كتاب الغرر والدرر : روى أبوبكر الهذلي أن رجلا قال للحسن : يا أبا سعيد إن الشيعة تزعم أنك تبغض عليا عليه‌السلام فأكب يبكي طويلا ثم رفع رأسه فقال : لقد فارقكم بالامس رجل كان سهما من مرامي الله (١) عزوجل على عدوه ، رباني هذه الامة ، ذو شرفها وفضلها ، ذو قرابة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) قريبة ، لم يكن بالنؤومة عن أمرالله تعالى ولا بالغافل عن حق الله تعالى ، ولا السروقة (٣) من مال الله ، أعطى القرآن عزائمه في ماله وعليه فأشرف منها على رياض مونقة وأعلام بينة ، ذاك ابن أبي طالب عليه‌السلام يالكع.

وكان الحسن إذا أراد أن يحدث في زمن بني امية عن علي عليه‌السلام قال : قال أبوزينب.

وأتى علي بن الحسين عليهما‌السلام يوما الحسن البصري وهو يقص عندالحجر ، فقال : أترضى يا حسن نفسك للموت؟ قال : لا ، قال : فعملك للحساب؟ قال : لا قال : فثم دار للعمل غير هذه (٤) قال : لا ، قال : فلله في الارض (٥) معاذ غير هذا البيت؟ قال : لا ، قال : فلم تشغل الناس عن الطواف (٦).

أقول : سيأتي احتجاج الحسن بن علي واحتجاج علي بن الحسين عليهم‌السلام عليه ، وكذا احتجاج الباقر عليه‌السلام عليه ، وقد مضى في باب ماجرى من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام على لسان أعدائهم وباب جوامع مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام وفي باب كتمان العلم ، بعض أحواله.

____________________

(١) في المصدر : من مرامى ربنا.

(٢) في المصدر: وذو قرابة من رسول الله

(٣) في المصدر: ولا بالسروقة.

(٤) في المصدر: غير هذه الدار.

(٥) في المصدر : في ارضه.

(٦) الغرر والدرر ١ : ١٦٢. وفيه و ( خ ) : عن التطواف.

١٤٤

١٢٤

( باب )

* ( أحوال سائر أصحابه عليه‌السلام وفيه أحوال ) *

* ( عبدالله بن العباس ) *

١ ـ ل : الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن داود ، عن عيسى بن عبدالرحمن بن صالح ، عن أبي مالك الجهني ، عن عمر بن بشير قال : قلت لابي إسحاق : متى ذل الناس؟ قال : حين قتل الحسين عليه‌السلام وادعى زياد وقتل حجر بن عدي (١).

٢ ـ ن : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي قال : قال الرضا عليه‌السلام : يا أحمد إن أميرالمؤمنين أتى صعصعة بن صوحان يعوده في مرضه فافتخر على الناس بذلك ، فلا تذهبن نفسك إلى الفخر ، وتذلل لله عزوجل ، وسيأتي الخبر بتمامه في باب معجزات الرضا عليه‌السلام (٢).

٣ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن عبدالحميد ، عن محمد بن عمرو بن عتبة ، عن الحسن بن المبارك ، عن العباس بن عامر ، عن مالك الاحمسي ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة قال : كنت أركع عند باب أميرالمؤمنين عليه‌السلام وأنا أدعو الله إذ خرج أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أصبغ! قلت : لبيك ، قال : أي شئ كنت تصنع؟ قلت : ركعت وأنا أدعو (٣) قال : أفلا اعلمك دعاء سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قلت : بلى ، قال : قل : « الحمد لله على ما كان ،

____________________

(١) الخصال ١ : ٨٥.

(٢) عيون الاخبار : ٣٣٣.

(٣) في ( ك ) : وأنا أدعو الله.

١٤٥

والحمد لله على كل حال » ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الايسر وقال : يا أصبغ لئن ثبتت قدمك وتمت ولايتك وانبسطت يدك فالله أرحم بك من نفسك (١).

٤ ـ ما : المفيد عن عمر بن محمد الزيات ، عن علي بن العباس ، عن أحمد بن منصور ، عن عبدالرزاق ، عن ابن عيينة ، عن عمار الدهني قال : سمعت أبا الطفيل يقول : جاء المسيب بن نجية إلى أمير المؤمنين علي عليه‌السلام متلببا (٢) بعبدالله بن سبا فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : ما شأنك؟ فقال : يكذب على الله وعلى رسوله ، فقال : ما يقول؟ قال : (٣) فلم أسمع مقالة المسيب وسمعت أميرالمؤمنين عليه‌السلام يقول : هيهات هيهات الغضب ، ولكن يأتيكم راكب الدغيلة يشد حقوها بوضينها ، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلوه. يريد بذلك الحسين بن علي عليهما‌السلام (٤).

٥ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن عباد ، عن عمه ، عن أبيه ، عن مطرف عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان قال : عادني أميرالمؤمنين عليه‌السلام في مرض ثم قال : انظر فلا تجعلن عيادتي إياك فخرا على قومك ، الخبر (٥).

ب : ابن عيسى وابن أبي الخطاب عن البزنطي عن الرضا عليه‌السلام مثله (٦).

٦ ـ لى : أبي ، عن الكميداني ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن عبيد السمين (٧) عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : بينا أميرالمؤمنين عليه‌السلام يخطب الناس وهو يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن شئ مضى ولا عن شئ يكون إلا نبأتكم به ، فقام إليه سعد بن أبي

____________________

(١) امالى الشيخ : ١٠٨ و ١٠٩.

(٢) تلبب للقتال : تشمر وتحزم

(٣) أى قال ابوالطفيل.

(٤) امالى الشيخ : ١٤٤. وقد أوردها المصنف في باب معجزات كلامه عليه‌السلام عن المناقب مع توضيحه ، راجع ج ٤١ ص ٣١٤.

(٥) امالى الشيخ : ٢٢١.

(٦) قرب الاسناد : ١٦٧.

(٧) في المصدر : عبيدالله السمين.

١٤٦

وقاص فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة ، فقال له : أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنك ستسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس ، وإن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني ، وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (١).

٧ ـ شا ، يج : روي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال بذي قار وهو جالس لاخذ البيعة : يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل ، لايزيدون رجلا ولا ينقصون رجلا يبايعوني على الموت ، قال ابن عباس : فجزعت لذلك وخفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدوا عليه فيفسد الامر علينا ، وإني احصي القوم فاستوفيت (٢) عددهم تسع مائة رجل وتسعة وتسعين رجلا ، ثم انقطع مجيئ القوم فقلت : إنا لله و إنا إليه راجعون ، ماذا حمله على ما قال؟ فبينما أنا مفكر في ذلك إذا رأيت شخصا قد أقبل حتى دنا ، وهو رجل عليه قباء صوف ومعه سيف وترس وإداوة. فقرب من أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : امدد يديك لابايعك ، قال علي عليه‌السلام : وعلى ما تبايعني؟ قال : على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتى أموت أو يفتح الله عليك ، فقال : ما اسمك؟ فقال : اويس ، قال : أنت اويس القرني؟ قال : نعم ، قال : الله أكبر فإنه أخبرني حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلا من امته يقال له اويس القرني ، يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، قال ابن عباس : فسري عنا (٣).

٨ ـ يج : من معجزاته عليه‌السلام أنه لما بلغه ما صنع بشربن أرطاة باليمن قال عليه‌السلام : اللهم إن بشرا باع دينه بالدنيا ، فاسلبه عقله ، فبقي بشر حتى اختلط ، فاتخذ له سيف من خشب يلعب به حتى مات. ومنها قوله عليه‌السلام لجويرية بن مسهر : لتعتلن

____________________

(١) امالى الصدوق : ٨١. ودرج الصبى : مشى.

(٢) في الارشاد : فيفسد الامر علينا ، ولم أزل مهموما دأبى احصاء القوم حتى ورد أوائلهم فجعلت احصيهم فاستوفيت اه.

(٣) الارشاد : ١٤٩ ولم نجده والروايات الثلاثة المنقولة بعده عن الخرائج في المطبوع منه.

١٤٧

إلى العتل الزنيم ، وليقطعن يدك ورجلك ، ثم ليصلبنك ، ثم مضى دهر حتى ولي زياد في أيام معاوية ، فقطع يده ورجله ثم صلبه.

٩ ـ يج:روى طلحة بن عميرة قال:نشد علي عليه‌السلام الناس في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « من كنت مولاه فعلي مولاه » فشهد اثنا عشر رجلا من الانصار وأنس بن مالك حاضر لم يشهد ، فقال علي عليه‌السلام : يا أنس ما منعك أن تشهد وقد سمعت ما سمعوا؟ قال : كبرت ونسين ، فقال له عليه‌السلام ، ( اللهم ) إن كان كاذبا فاضربه ببياض أو بوضح لا تواريه العمامة ، قال أبوعميرة : فأشهد بالله لقد رأيته (١) بيضاء بين عينيه.

١٠ ـ يج : روي عن زيد بن أرقم قال : نشد علي عليه‌السلام الناس في المسجد فقال : أنشد رجلا سمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » فقام اثنا عشر بدريا ستة من الجانب الايمن وستة من الجانب الايسر فشهدوا بذلك ، قال زيد وكنت فيمن سمع ذلك فكتمته ، فذهب الله ببصري ، وكان يتندم على ما فاته من الشهادة ويستغفر.

١١ ـ شا : روى العلماء أن جويرية بن مسهر وقف على باب القصر فقال : أين أميرالمؤمنين؟ فقيل له : نائم ، فنادى : أيها النائم استيقظ ، فوالذي نفسي بيده لتضربن ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك كما أخبرتنا بذلك من قبل ، فسمعه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فنادى : أقبل يا جويرية حتى احدثك بحديثك ، فأقبل فقال : أنت والذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم ، وليقطعن يدك ورجلك ، ثم لتصلبن تحت جذع كافر ، فمضى على ذلك الدهر حتى ولي زياد في أيام معاوية فقطع يده ورجله ، ثم صلبه إلى جذع ابن معكبر ، وكان جذعا طويلا ، فكان تحته (٢).

١٢ ـ شا : روى جرير عن المغيرة قال : لما ولي الحجاج طلب كميل بن زياد ، فهرب منه ، فحرم قومه عطاهم ، فلما رأى كميل ذلك قال : أنا شيخ كبير و

____________________

(١) في ( م و ( خ ) : رأيتها.

(٢) الارشاد : ١٥٢. وفيه ابن مكعبر.

١٤٨

قد نفد عمري لا ينبغي أن أحرم قومي (١) عطاهم ، فخرج فدفع بيده إلى الحجاج فلما رآه قال له : لقد كنت احب أن أجد عليك سبيلا ، فقال له كميل : لا تصرف على أنيابك ولا تهدم علي ، فوالله ما بقي من عمري إلا مثل كواهل الغبار ، فاقض ما أنت قاض ، فإن الموعد الله ، وبعد القتل الحساب ، ولقد خبرني أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنك قاتلي ، فقال (٢) له الحجاج : الحجة عليك إذا ، فقال له كميل : ذاك إذا كان القضاء إليك ، قال : بلى قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان ، اضربوا عنقه فضربت عنقه (٣).

بيان : الصريف : صوت ناب البعير. وتهدم عليه غضبا : توعده ، وكواهل الغبار : أوائله ، شبه عمره في سرعة انقضائه بالغبار وبقيته بأوائله ، فإن مقدم الغبار يحدث بعد مؤخره ويسكن بعده ، أو شبه بقية العمر في سرعة انقضائه بأول ما يحدث من الغبار ، فإنه يسكن قبل ما يحدث آخرا ، والاول أبلغ وأكمل.

١٣ ـ شى : عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن رجل من الانصار قال : خرجت أنا والاشعث الكندي وجرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مر بنا ضب ، فقال الاشعث وجرير : السلام عليك يا أميرالمؤمنين ـ خلافا على علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ ـ فلما خرج الانصاري قال لعلي عليه‌السلام ، فقال علي عليه‌السلام : دعهما فهو إمامهما يوم القيامة ، أما تسمع إلى الله وهو يقول : « نوله ما تولى » (٤).

١٤ ـ شى : عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى أبي فقال : ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيمن نزلت ، قال : فسله فيمن نزلت : « ومن كان في هذه أعمى فهو في

____________________

(١) أى اسبب حرمانهم. وفى ( ك ) : قوما.

(٢) في المصدر : قال : فقال.

(٣) الارشاد : ١٥٤ و ١٥٥.

(٤) تفسير العياشى : ج ١ ص ٢٧٥ ، والاية في سورة النساء : ١١٤.

١٤٩

الآخرة أعمى وأضل سبيلا » (١) وفيمن نزلت : « ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم » (٢) وفيمن نزلت : « يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا (٣) » فأتاه الرجل ، فغضب وقال : وددت أن الذي أمر بهذا واجهني فاسائله ، ولكن سله : ما العرش؟ ومتى خلق؟ وكيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبي فقال ما قال ، فقال : وهل أجابك في الآيات؟ قال : لا ، قال لكني اجيبك فيها بنور وعلم غير المدعي ولا المنتحل ، أما الاوليان فنزلتا فيه وفي أبيه وأما الاخرى فنزلت في أبي وفينا ، ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد ، وسيكون من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط (٤).

١٥ ـ كش : جعفر بن معروف ، عن ابن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله ، وزاد في آخره بعد الجواب عن سؤال العرش على ما سيأتي : أما إن في صلبه وديعة لقد ذرئت لنار جهنم ، سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه ، وستصبغ الارض من دماء (٥) الفراخ من فراخ آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير ما تدرك ، ويرابط الدين آمنوا ويصبرون لما يرون حتى يحكم الله و هو خير الحاكمين (٦).

١٦ ـ كش : نصر بن الصباح ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الجارود قال : قلت للاصبغ بن نباتة : ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟ قال : ما أدري ما تقول إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا ، فمن أومأ إلينا

____________________

(١) سورة بنى اسرائيل : ٧٢.

(٢) سورة هود : ٣٤.

(٣) آل عمران : ٢٠٠.

(٤) تفسيرالعياشى : ج ٢ ص ٣٠٥.

(٥) في المصدر : بدماء.

(٦) معرفة اخبار الرجال : ٣٦ و ٣٧.

١٥٠

ضربناه بها ، وكان يقول لنا : تشرطوا (١) فوالله ما اشتراطكم لذهب ولا فضة وما اشتراطكم إلا للموت ، إن قوما من قبلكم من بني إسرائيل تشارطوا بينهم فما مات أحد منهم حتى كان نبي قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه ، وإنكم لبمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء (٢).

بيان : قال الجزري : شرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده ، وفي حديث ابن مسعود « وتشرط شرطة للموت لا يرجعون إلا غالبين » الشرطة : أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة (٣) وقال الفيروز آبادي : الشرطة بالضم : هم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت ، وطائفة من أعوان الولاة ، سموا بذلك لانهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها (٤).

١٧ ـ كش : محمد بن مسعود العياشي وأبوعمرو بن عبدالعزيز ، قالا : حدثنا محمد بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي الحسن الغزالي (٥) عن غياث الهمداني ، عن بشر بن عمرو الهمداني قال : مر بنا أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : البثوا في هذه الشرطة ، فوالله لا تلي بعدهم إلا شرطة النار إلا من عمل بمثل أعمالهم (٦).

١٨ ـ كش : روي عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه قال لعبدالله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل : ابشر ابن يحيى فإنك وأبوك من شرطة الخميس حقا ، لقد أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس ، والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر أن شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف (٧).

____________________

(١) في المصدر و ( خ ) : تشرطوا تشرطوا.

(٢) معرفة اخبار الرجال : ٣ و ٤.

(٣) النهاية ٢ : ٢١٣.

(٤) القاموس ٢ : ٣٦٨.

(٥) في المصدر : العرنى.

(٦ و ٧) معرفة اخبار الرجال : ٤.

١٥١

بيان : الخميس : الجيش ، سمي به لانه مقسوم بخمسة أقسام : المقدمة و الساقة والميمنة والميسرة والقلب.

١٩ ـ كش : ذكر هشام عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام عندكم بالعراق يقاتل عدوه ومعه أصحابه ، وما كان فيهم خمسون رجلا يعرفونه حق معرفته وحق معرفة إمامته (١).

٢٠ ـ كش : حمدويه وإبراهيم معا ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد ، عن عبدالله بن عبدياليل ( عن ) رجل من أهل الطائف قال : أتينا ابن عباس رحمة الله عليهما نعوده في مرضه الذي مات فيه ، قال : فاغمي عليه في البيت ، فاخرج إلى صحن الدار ، قال : فأفاق فقال : إن خليلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنى سأهجر هجرتين ، وإني سأخرج من هجرتي ، فهاجرت هجرة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهجرة مع علي عليه‌السلام ، وإني سأعمى فعميت ، وإني سأغرق فأصابني حكة (٢) فطر حني أهلي في البحر فغفلوا عني فغرقت ، ثم استخرجوني بعد ، وأمرني أن أبرأ من خمسة : من الناكثين وهم أصحاب الجمل ، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام ، ومن الخوارج وهم أهل النهروان ، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا : لا قدر ، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا : الله أعلم. قال : ثم قال : اللهم إني أحيا على ما حي عليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : ثم مات ، فغسل وكفن ثم صلي على سريره ، قال : فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه ، فرأى الناس أنما هو فقهه ، فدفن (٣).

٢١ ـ كش : علي بن زياد الصائع ، عن عبدالعزيز بن محمد ، عن خلف المخزومي عن سفيان بن سعيد ، عن الزهري قال : سمعت الحارث يقول : استعمل علي عليه‌السلام

____________________

(١) معرفة أخبار الرجال : ٤ وفيه : حق معرفته امامته.

(٢) الحكة ـ بالكسر ـ : علة توجب الحكاك كالجرب.

(٣) معرفة اخبار الرجال : ٣٨.

١٥٢

على البصرة عبدالله بن عباس ، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ، ولحق بمكة وترك عليا ، وكان مبلغه ألفي ألف درهم ، فصعد علي عليه‌السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال : هذا ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عمله وقدره يفعل مثل هذا ، فكيف يؤمن من كان دونه؟ اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم ، واقبضني إليك غير عاجز ولا ملول.

قال الكشي : شيخ (١) من اليمامة يذكر عن معلى بن هلال عن الشعبي قال : لما احتمل عبدالله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز كتب إليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام : من عبدالله علي بن أبي طالب إلى عبدالله بن عباس ، أما بعد فإني قد كنت أشركتك في أمانتي ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي ومؤازرتي وأداء الامانة إلي ، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو عليه قد حرب وأمانة الناس قد عزت (٢) وهذه الامور قد فشت قلبت لابن عمك ظهر المجن (٣) وفارقته مع المفارقين وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين ، فكأنك لم تكن تريدالله بجهادك ، وكأنك لم تكن على بينة من ربك ، وكأنك إنما كنت تكيد امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على دنياهم ، وتنوي غرّنهم ، فلما أمكنتك الشدة في خيانة امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أسرعت الوثبة ، وعجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الارل دامية المعزى الكسيرة (٤) كأنك ـ لا أبا لك ـ إنما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وامك. سبحان الله أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف من سوء الحساب؟ أو ما يكبر عليك أن تشتري الاماء وتنكح

____________________

(١) في المصدر : قال شيخ.

(٢) عن الشئ : قل فكاد لا يوجد. وفى النهج : قد خزيت.

(٣) المجن : الترس. وسيأتى توضيح الجملة فيما ينقله عن النهج.

(٤) الذئب الازل : السريع الخفيف الوركين وذلك اشد لعدوه واسرع لوثبته. والدامية : شجة تدمى والمعزى : المعز. أى اختطفت على بيت المال كاختطاف الذئب السريع على المعزى المجروحة والمكسورة الرجل بحيث لا تقدر على الدفاع والهرب.

١٥٣

النساء بأموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟ اردد إلى القوم أموالهم ، فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن الله فيك ، والله فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل الذي فعلت لما كان لهما عندي في ذلك هوادة (١) ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة ، حتى آخذ الحق وازيح الجور عن مظلومها والسلام (٢).

قال : فكتب إليه عبدالله بن عباس : أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي إصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة ، ولعمري إن لي في بيت مال الله أكثر مما أخذت والسلام.

قال : فكتب إليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام : أما بعد فالعجب كل العجب من تزيين نفسك أن لك في بيت مال الله أكثر من مال (٣) رجل من المسلمين! فقد أفلحت إن كان تمنيك الباطل وادعاؤك ما لا يكون ينجيك من الاثم ، ويحل لك ما حرم الله عليك ، عمرك الله إنك لانت العبد المهتدي إذن ، فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا ، وضربت بها عطنا ، تشتري مولدات مكة والطائف ، تختارهن على عينيك ، وتعطي فيهن مال غيرك ، وإني لاقسم بالله ربي وربك رب العزة ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعه لعقبي ميراثا ، فلا غرور (٤) أشد باغتباطك تأكله (٥) رويدا رويدا ، فكأن قدن بلغت المدى (٦) وعرضت على ربك المحل الذي يتمنى الرجعة المضيع للتوبة لذلك (٧) ، وما ذلك ولات حين مناص والسلام.

قال : فكتب إليه عبدالله بن عباس : أما بعد فقد أكثرت علي! فوالله لئن

____________________

(١) الهوادة : اللين والرفق.

(٢) في ( ك ) : مظلومهما.

(٣) في المصدر : أكثر مما اخذت واكثر من مال اه.

(٤) في المصدر : فلا غرو.

(٥) في ( ك ) : بأكله.

(٦) المدى : الغاية والمنتهى.

(٧) في المصدر : كذلك.

١٥٤

ألقى الله بجميع ما في الارض من ذهبها وعقيانها أحب إلي ( من ) ألقى الله بدم رجل مسلم (١).

٢٢ ـ يل ، فض : روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يقول : تفوح روائح الجنة من قبل قرن ، واشوقاه إليك يا اويس القرني (٢) ألا ومن لقيه فليقرأه مني السلام ، فقيل يا رسول الله : ومن اويس القرني فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن غاب عنكم لم تفتقدوه ، وإن ظهر لكم لم تكترثوا به ، يدخل الجنة في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، يؤمن بي ولايراني ، ويقتل بين يدي خليفتي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في صفين. (٣)

٢٣ ـ يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى سليم بن قيس أنه قال : لقيت سعد بن أبي وقاص فقلت : إني سمعت عليا عليه‌السلام يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : اتقوا فتنة الاخنس ، اتقوا فتنة سعد ، فإنه يدعو إلى خذلان الحق وأهله ، فقال : سعد : اللهم إني أعوذ بك أن أبغض عليا أو يبغضي ، أو اقاتل عليا أو يقاتلني ، أو اعادي عليا أو يعاديني ، إن عليا كان له خصال لم يكن لاحد من الناس مثلها ، إنه صاحب براءة ، حتى قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يبلغ عني إلا رجل مني ، وقال له يوم تبوك : أنت وصيي أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة ، ويوم أمر بسد الابواب إلى المسجد ولم يبق غير بابه فسأل عمر أن يجعل له روزنة صغيرة قدر عينيه ، فأبى رسول الله قال : (٤) فعند ذلك قال : سددت أبوابنا وتركت باب علي؟ فقال : ما سددتها لكم أنا ولا فتحت بابه ولكن الله سدها وفتح بابه ويوم آخى رسول الله بين الصحابة كل رجل مع صاحبه وبقي هو فآخاه من نفسه وقال له : أنت أخي وأنا

____________________

(١) معرفة اخبار الرجال : ٤٠ ـ ٤٢ ٠ وأورد السيد الرضى رحمه‌الله الرسالة الاولى و قال في اوله « ومن كتاب له عليه‌السلام إلى بعض عماله ». وذكر عبدالحميد بن أبى الحديد في شرح النهج جوابه إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام والرسالة الثانية وجوابها أيضا مع اختلافات لما في « كش » ، وقال : قد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب فقال الاكثرون : انه عبدالله ابن عباس وقال آخرون وهم الاقلون : هو عبيدالله بن عباس. وسيأتى نقله بعيد هذا.

(٢) في ( ك ) : يا اويس القرن.

(٣) الفضائل : ١١١ و ١١٢. الروضة : ٦.

(٤) ليست هذه الكلمة في الروضة.

١٥٥

أخوك في الدنيا والآخرة. ويوم خيبر حين انهزم أبوبكر وعمر فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : ما بال قوم يلقون المشركين ثم يفرون؟ لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار ، يفتح الله على يديه ، فلما كان من الغد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي بعلي ، فجاءه أرمد العين ، فوضع كريمه (١) في حجره وتفل في عينيه ، وعقد له راية ودعا له ، فما انثنى حتى فتح خيبرا ، وأتاه بصفية بنت حيي بن أخطب ، فأعتقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها ، وأعظم من ذلك يوم غدير خم أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب والحر العبد (٢).

٢٤ ـ ضه : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لاصحابه : ابشروا برجل من امتي يقال له : اويس القرني ، فإنه يشفع بمثل ربيعة ومضر ، ثم قال لعمر : يا عمر إن أدركته فاقرأه مني السلام ، فبلغ عمر مكانه بالكوفة ، فجعل يطلبه في الموسم لعله أن يحج حتى وقع إليه هو وأصحابه وهو من أحسنهم (٣) هيئة وأرثهم حالا ، فلما سأل عنه أنكروا ذلك وقالوا : يا أميرالمؤمنين تسأل عن رجل لا يسأل عنه مثلك ، قال : فلم ، قالوا لانه عندنا مغمور في عقله! وربما عبث به الصبيان ، قال عمر : ذلك أحب إلي ، ثم وقف عليه فقال : يا اويس إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أودعني إليك رسالة وهو يقرأ عليك السلام وقد أخبرني أنك تشفع بمثل ربيعة ومضر فخر اويس ساجدا ومكث طويلا ما ترقى له دمعة (٤) ، حتى ظنوا أنه مات ، و نادوه : يا اويس هذا أميرالمؤمنين ، فرفع رأسه ثم قال : يا أميرالمؤمنين أفاعل ذلك قال : نعم يا اويس ، فأدخلني في شفاعتك ، فأخذ الناس في طلبه والتمسح به ، فقال يا أميرالمؤمنين شهرتني وأهلكتني ، وكان يقول : كثيرا ما لقيت من عمر ، ثم قتل

____________________

(١) في ( ك ) : كريميه. والظاهر : كريمته. والمراد رأسه.

(٢) الروضة : ٢٣ و ٢٤. ولم نجده في الفضائل المطبوع.

(٣) أخشنهم : ظ.

(٤) في المصدر : دعوة خ ل.

١٥٦

بصفين في الرجالة مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام. (١)

٢٥ ـ نبه : حكي أن مالك بن الاشتر (٢) رضي‌الله‌عنه كان مجتازا بسوق وعليه قميص خام وعمامة منه ، فرآه بعض السوقة فأزرى (٣) بزيه فرماه ببابه (٤) تهاونا به فمضى ولم يلتفت ، فقيل له : ويلك تعرف لمن رميت؟ (٥) فقال : لا ، فقيل له : هذا مالك صاحب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، فارتعد الرجل ومضى ليعتذر إليه ، (٦) وقد دخل مسجدا وهو قائم يصلي ، فلما انفتل انكب الرجل على قدميه يقبلهما ، فقال : ما هذا الامر؟ فقال : أعتذر إليك مما صنعت ، فقال : لا بأس عليك فوالله ما دخلت المسجد إلا لاستغفرن لك. (٧)

٢٦ ـ نبه : الاحنف (٨) : شكوت إلى عمي صعصعة وجعا في بطني ، فنهرني ثم قال : يا ابن أخي إذا نزل بك شئ فلا تشكه إلى أحد ، فإن (٩) الناس رجلان : صديق تسوؤه وعدو تسره ، والذي بك لا تشكه إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه ، ولكن إلى من ابتلاك به ، فهو قادر أن يفرج عنك ، يا ابن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصر بها سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة وما اطلع على ذلك امرأتي ولا أحد من أهلي!. (١٠)

____________________

(١) روضة الواعظين : ٢٤٨.

(٢) في المصدر : مالكا الاشتر.

(٣) أى عابه وفى المصدر « ازدرى » أى تهاون.

(٤) كذا في النسخ ، وفى المصدر « ببندقة » والبندق : كل ما يرمى به من رصاص كروى وسواه.

(٥) في المصدر : اتدرى بمن رميت.

(٦) في المصدر ومضى اليه ليعتذر منه.

(٧) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ١ : ٢.

(٨) في المصدر : عن الاحنف.

(٩) في المصدر : إلى احد مثلك ، فانما اه.

(١٠) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ١ : ٥٧.

١٥٧

٢٧ ـ كا : محمد بن أبي عبدالله ومحمد بن الحسن ، عن سهل ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، جميعا عن الحسن بن العباس (١) عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : بينا أبي جالس عليه‌السلام وعنده نفر إذا استضحك حتى اقر ورقت عيناه دموعا ، ثم قال : هل تدرون ما أضحكني؟ قال : فقالوا : لا ، قال : زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا : « ربنا الله ثم استقاموا » فقلت له : هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة مع الامن من الخوف والحزن؟ قال : فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول : « إنما المؤمنون إخوة » (٢) وقد دخل في هذا جميع الامة ، فاستضحكت ثم قلت : صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف؟ قال : فقال : لا ، فقلت : ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ، ثم ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفه فأتى به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع به؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفه وأقول : لهذا المقطوع : صالحه على ماشئت ، وأبعث به إلى ذوي عدل ، قلت : جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره ونقضت القول الاول أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود ، فليس (٣) تفسيره في الارض ، اقطع قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الاصابغ هكذا حكم الله ليلة

____________________

(١) الحسن بن العباس بن الحريش الرازى ضعيف جدا عنونه العلامة في القسم الثانى من الخلاصة والنجاشى في رجاله وقال : « ضعيف جدا ، له كتاب انا انزلناه في ليلة القدر وهو كتاب ردى الحديث مضطرب الالفاظ » وفي جامع الرواة ١ : ٢٠٥ « قال ابن الغضائرى : هو ابومحمد ضعيف روى عن ابى جعفر الثانى عليه‌السلام فضل انا انزلناه كتابا مصنفا فاسد الالفاظ تشهد مخائله على انه موضوع ، وهذا الرجل لا يلتفت اليه ولا يكتب حديثه. » اقول : قد افرد الكلينى رحمه‌الله لما نقله الرجل في شأن انا انزلناه بابا في كتابه الكافى راجع ج ١ : ٢٤٢ ـ ٢٥٣ لكن امارات الوضع والخطاء تلوح من الاضطرابات الواقعة في طيات رواياته ، ولاجل ذلك لم نتعمق في بيان هذه الرواية وان كان بعض جملاتها آبيا عن البيان والتوضيح لكثرة اضطرابها.

(٢) سورة الحجرات : ١٠.

(٣) في المصدر : وليس.

١٥٨

ينزل فيها أمره ،إن جحدتها بعد ماسمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : فلذلك عمي بصري ، قال : وما علمك بذلك فوالله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك ، قال : فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله ، ثم لقيته فقلت : يا ابن عباس ما تكلمت بصدق مثل أمس ، قال لك علي بن أبي طالب عليه‌السلام : إن ليلة القدر في كل سنة ، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر تلك السنة ، وإن لذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : من هم؟. فقال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون ، فقلت : لا أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدا لك الملك الذي يحدثه؟ فقال : كذبت يا عبدالله ، رأت عيناي الذي حدثك به علي ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه ثم صفقك بجناحيه فعميت! قال : فقال ابن عباس : ما اختلفنا في شئ فحكمه إلى الله ، فقلت له : فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال : لا ، فقلت : هيهنا هلكت وأهلكت. (١)

٢٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة سبعين تكبيرة ، وكبر علي عليه‌السلام عندكم على سهل بن حنيف خمسا (٢) وعشرين تكبيرة ، قال : كبر خمسا خمسا ، كلما أدركه الناس قالوا : يا أميرالمؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات (٣).

٢٩ ـ كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد رفعه قال : جاء أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى الاشعث بن قيس يعزيه بأخ له يقال له عبدالرحمن ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام إن جزعت فحق الرحم أتيت ، وإن صبرت فحق الله أديت ، على أنك إن صبرت جرى

____________________

(١) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : ٢٤٧ و ٢٤٨.

(٢) في المصدر : خمسة.

(٣) فروع الكافى ( الجزء الثالث من الطبعة الحديثة ) : ١٨٦

١٥٩

عليك القضاء وأنت ممدوح ، (١) وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم ، فقال له الاشعث : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام. أتدري ما تأويلها؟ فقال له الاشعث : أنت غاية العلم ومنتهاه ، فقال : أما قولك : « إنا لله » فإقرار منك بالملك ، وأما قولك : « وإنا إليه راجعون » فإقرار منك بالهلاك (٢).

٣٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن مرازم بن حكيم ، عمن رفعه إليه قال : إن حارث (٣) الاعور أتى أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أميرالمؤمنين احب أن تكرمني بأن تأكل عندي ، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : علي أن لا تتكلف لي شيئا ، ودخل فأتاه الحارث بكسرة ، فجعل أميرالمؤمنين عليه‌السلام يأكل فقال له الحارث : إن معي دراهم ـ وأظهرها وإذا هي في كمه ـ فإن أذنت لي اشتريت لك (٤) فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : هذه مما في بيتك (٥).

٣١ ـ كا : أحمد بن محمد العاصمي ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن علي عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أتت الموالي أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقالوا :نشكوا إليك هؤلاء العرب،إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوج سلمان وبلال وصهيب (٦) وأبوا علينا هؤلاء وقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أميرالمؤمنين عليه‌السلام فكلمهم فيهم ، فصاح الاعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك فخرج وهو مغضب يجر رداءه وهو يقول : يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى ، يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل مايأخذون ، فاتجروا بارك الله لكم ، فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) في المصدر و ( خ ) : محمود.

(٢) فروع الكافى ( الجزء الثالث من الطبعة الحديثة ) ٢٦١.

(٣) في المصدر : ان حارثا الاعور.

(٤) في المصدر : اشتريت لك شيئا غيرها.

(٥) فروع الكافى ( الجزء السادس من الطبعة الحديثة ) : ٢٧٦.

(٦) في المصدر : وزوج سلمان وبلالا وصهيبا.

١٦٠