بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

له كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ؟ فقال : إنا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح (١).

٣٨ ـ ختص : جعفر بن الحسين المؤمن وأحمد بن هارون الفامي وجماعة من مشائخنا ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن حماد ابن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن الحارث بن المغيرة قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : أي شئ تقولون أنتم؟ فقال : نقول : هلك الناس إلا ثلاثة ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : فأين ابن ليلى وشتير؟ فسألت حماد بن عيسى عنهما ، قال : كانا موليين أسودين لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (٢).

٣٩ ـ ختص : جعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وعن ابن جريح وغيره من ثقيف أن ابن عباس لما مات واخرج به خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه ، يطير نحو السماء حتى غاب عنهم ، وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : كان أبي يحبه حبا شديدا ، وكان أبي عليه‌السلام وهو غلام يلبسه امه ثيابه ، فينطلق في غلمان بني عبدالمطلب ، قال : فأتاه فقال : من أنت؟ ـ بعد ما اصيب بصره ـ فقال : أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي ، فقال : حسبك من لم يعرفك فلا عرفك (٣).

٤٠ ـ نهج : ومن كتاب له إلى عبدالله بن العباس : أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي ، وجعلتك شعاري وبطانتي ، ولم يكن في أهلي رجل أوثق منك في نفسي ، لمواساتي ومؤازرتي وأداء الامانة إلي ، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الامة قد فتكت وشغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن ، ففارقته مع المفارقين ، وخذلته مع الخاذلين ، وخنته مع الخائنين ، فلا ابن عمك آسيت (٤) ولا الامانة أديت ، وكأنك لم تكن الله تريد

____________________

(١) الاختصاص : ٦٥.

(٢) الاختصاص : ٧٠ و ٧١.

(٣) الاختصاص : ٧١.

(٤) آسى الرجل في ماله : جعله اسوته فيه.

١٨١

بجهادك ، وكأنك لم تكن على بينة من ربك ، وكأنك كنت تكيد هذه الامة عن دنياهم ، وننوي غرتهم عن فيئهم ، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الامة أسرعت الكرة ، وعاجلت الوثبة ، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لاراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الكسيرة ، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غيرمتأثم من أخذه كأنك ـ لا أبا لغيرك ـ حدرت على (١) أهلك تراثك من أبيك وامك ، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف نقاش الحساب؟ أيها المعدود كان عندنا من ذوي الالباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما؟ وتبتاع الاماء وتنكح النساء من مال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاءالله عليهم هذه الاموال وأحرز بهم هذه البلاد؟ فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم ، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن إلى الله فيك. ولاضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار ، والله لو أن الحسن والحسين عليهما‌السلام فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ، ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وازيح الباطل من مظلمتها (٢) ، واقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي ، فضح رويدا ، فكأنك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى ، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة و يتمني المضيع الرجعة ، ولات حين مناص ، والسلام (٣).

توضيح : قوله عليه‌السلام : وكنت أشركتك في أمانتي ، أي في الخلافة التي ائتمنني الله عليها ، حيث جعلتك واليا. وبطانة الرجل : صاحب سره الذي يشاوره في أحواله. والمواساة : المشاركة والمساهمة. قوله : « قد كلب » بكسر اللام

____________________

(١) في المصدر : إلى.

(٢) في المصدر : عن مظلمتهما.

(٣) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) ٢ : ٦٧ ـ ٦٩. وقد مضى عن معرفة اخبار الرجال تحت الرقم ٢٠.

١٨٢

أي اشتد ، يقال : كلب الدهر على أهله إذا ألح عليهم واشتد قاله الجزري (١). وقال : قد حرب أي غضب (٢). والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل حتى يشد عليه فيقتله. قوله عليه‌السلام : « وشغرت » أي خلت من الخير قال الجوهري : شغر البلد أي خلا من الناس (٣).

قوله عليه‌السلام : « قلبت لابن عمك » أي كنت معه فصرت عليه ، وأصل ذلك أن الجيش إذا لقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلى وجه العدو وبطونها إلى عسكرهم ، فإذا فارقوا رئيسهم عكسوا ، قوله عليه‌السلام : « فلما أمكنتك الشدة » من قولهم شد عليه في الحرب إذا حمل.

وقال الجزري : الازل في الاصل : الصغير العجز وهو في صفات الذئب : الخفيف ، وقيل : هو من قولهم زل زليلا إذا عدا ، وخص الدامية لان من طبع الذئب محبة الدم حتى أنه يرى ذئبا داميا فيثب عليه ليأكله (٤).

وتأثم أي تحرج عنه وكف. قوله عليه‌السلام : « لا أبا لغيرك » استعمل ذلك في مقام « لا أبا لك » تكرمة له وشفقة عليه ، وماقيل من أن « لا أبا لك » لما كان يستعمل كثيرا في معرض المدح أي لا كافي لك غير نفسك فيحتمل أن يكون ذما له بمدح غيره فلا يخفى بعده ، ويقال : حدرت السفينة إذا أرسلتها إلى أسفل.

وقال الجزري : فيه « من نوقش في الحساب عذب » أي من استقصي في محاسبته وحوقق ، ومنه حديث علي عليه‌السلام : « لنقاش الحساب (٥) » وهو مصدر منه ، و أصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه (٦).

قوله عليه‌السلام « أيها المعدود كان عندنا » أدخل عليه ( السلام ) لفظة « كان » تنبيها

____________________

(١) النهاية ٣ : ٣٠ و ٣١.

(٢) النهاية ١ : ٢١٢.

(٣) الصحاح : ٧٠٠.

(٤) النهاية ٢ : ١٣٠.

(٥) اصل الحديث : يوم يجمع الله فيه الاولين والاخرين لنقاش الحساب.

(٦) النهاية ٤ : ١٧٠.

١٨٣

على أنه لم يبق كذلك ، قيل : ولعله عدل عن أن يقول : « يا من كان عندنا من ذوي الالباب » إشعارا بأنه معدود في الحال أيضا عند الناس منهم. وأعذر : أبدى عذرا والهوادة : الرخصة والسكون والمحاباة. قوله : « بإرادة » أي بمراد. والازاحة : الازالة والابعاد. وقال الجزري : إن العرب كان يسيرون في ظعنهم ، فإذا مروا ببقعة من الارض فيه كلا وعشب قال قائلهم : ألا ضحوا رويدا ، أي ارفقوابالابل حتى تتضحى أي تنال من هذا المرعى ، ومنه كتاب علي عليه‌السلام إلى ابن عباس « ألاضح رويدا فقد بلغت المدى » أي اصبر قليلا (١).

وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ولات حين مناص » أي ليس الحين حين مناص و « لا » هي المشبهة بليس ، زيدت عليه تاء التأنيث للتأكيد. كما زيدت على رب وثم ، وخصت بلزوم الاحيان وحذف أحد المعمولين ، وقيل : هي النافية للجنس ، أي ولا حين مناص لهم ، وقيل : للفعل ، والنصب بإضماره ، أي ولا أرى حين مناص ، إلى آخر ما حقق في ذلك (٢) ، والمناص : المنجى.

أقول : قال عبدالحميد بن بن أبي الحديد : اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الاكثرون : إنه عبدالله بن العباس كما تدل عليه عبارات الكتاب وقد روى أرباب هذا القول : أن عبدالله بن العباس كتب إلى علي عليه‌السلام جوابا عن هذا الكتاب ، قالوا : وكان جوابه :

أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة ، ولعمري إن حقي في بيت المال لاكثر مما أخذت والسلام.

قالوا : فكتب إليه علي عليه‌السلام أما بعد فإن من العجب أن تزين لك نفسك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل (٣) من المسلمين! فقد أفلحت لقد كان (٤) تمنيك الباطل وادعاؤك مالا يكون ينجيك عن المآثم ويحل

____________________

(١) النهاية ٣ : ١٣ و ١٤.

(٢) تفسير البيضاوى ٢ : ١٣٧.

(٣) في المصدر : لرجل واحد اه.

(٤) في المصدر : إن كان.

١٨٤

لك المحرم ، إنك لانت المهتدي السعيد إذا ، وقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا ، تشتري بها مولدات مكة والمدينة والطائف ، تختارهن على عينك وتعطي فيهن مال غيرك ، فارجع هداك الله إلى رشدك ، وتب إلى الله ربك ، واخرج إلى المسلمين من أموالهم ، فعما قليل تفارق من ألفت وتترك ما جمعت ، وتغيب في صدع من الارض غير موسد ولا ممهد ، قد فارقت الاحباب وسكنت التراب وواجهت الحساب غنيا عما خلقت فقيرا إلى ما قدمت والسلام.

قالوا : فكتب إليه عبدالله بن العباس : أما بعد فإنك قد أكثرت علي ، و والله لئن ألقى الله قد احتويت على كنوز الارض كلها من ذهبها وعقيانها ولجينها أحب إلي من أن ألقاه بدم امرئ مسلم ، والسلام (١).

أقول : قد أثبتنا في باب علة قعوده وقيامه عليه‌السلام من كتاب الفتن كفر الاشعث بن قيس ، وفي باب « سلوني » كفر ابن الكواء وغيره وفي باب احتجاجات الحسن عليه‌السلام على معاوية وأصحابه حال جماعة ، وكذا في باب احتجاج الحسين عليه السلام على معاوية مدح حجر بن عدي وعمرو بن الحمق ، وفي باب احتجاجات الباقر عليه‌السلام وأبواب أحوال الخوارج ذم نافع وغيره ، وفي باب أحوال الصحابة وباب أحوال السلمان وباب فضائله مدح جماعة من أصحابه عليه‌السلام وذم جماعة ، وفي باب عبادته عليه‌السلام مدح أبي الدرداء ، وفي جواب أسؤلة اليهودي المشتمل على خصال الاوصياء حال جماعة ، وفي باب إخباره بالمغيبات وباب علمه عليه‌السلام كفر عمرو بن حريث ، وكذا في باب أنهم المتوسمون وفي باب حبهم عليهم‌السلام مدح الحارث الاعور ، وكذا في باب ما ينفع حبهم فيه من المواطن وفي باب غصب الخلافة ذم ابن عباس ، وأيضا في باب الاخبار بالمغيبات كفر الاشعث وكذا في باب جوامع مكارمه عليه‌السلام وفي باب أحوال أولاده عليهم‌السلام مكاتبة ابن الحنفية وابن عباس ، وفي باب إخباره بالمغيبات أحوال كثير منهم ، وقد أوردنا بابا آخر في كتاب الفتن يتضمن أحوال أصحابه صلوات الله عليه مفصلا.

____________________

(١) شرح النهج ٤ : ٨٨.

١٨٥

١٢٥

( بابن النوادر )

١ ـ ن ، لى : ابن المتوكل ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : رأى أميرالمؤمنين عليه‌السلام رجلا من شيعته بعد عهد طويل وقد أثر السن فيه ، وكان يتجلد في مشيه ، فقال عليه‌السلام : كبر سنك يا رجل ، قال : في طاعتك يا أميرالمؤمنين ، فقال : عليه‌السلام : إنك لتتجلد ، قال : على أعدائك يا أميرالمؤمنين فقال عليه‌السلام : أجد فيك بقية ، قال : هي لك يا أميرالمؤمنين (١).

٢ ـ لى : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن الفزاري ، عن عباد بن يعقوب ، عن منصور بن أبي نويرة ، عن أبي بكر بن عياش ، عن قرن أبي سليمان الضبي قال : أرسل علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى لبيد العطاردي بعض شرطه فمروا به على مسجد سماك ، فقام إليه نعيم بن دجاجة الاسدي فحال بينهم وبينه ، فأرسل أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى نعيم فجيئ به ، قال : فرفع أميرالمؤمنين عليه‌السلام شيئا ليضربه ، فقال نعيم : والله إن صحبتك لذل ، وإن خلافك لكفر ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام وتعلم ذاك؟ قتل : نعم ، قال : خلوه (٢).

٣ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن موسى بن القاسم ، عن إسماعيل بن همام ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام أن عليا عليه‌السلام قال : يا رسول الله إنك تبعثني في الامر فأكون (٣) فيها كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ قال : بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب (٤).

____________________

(١) عيون الاخبار : ١٦٧ و ١٦٨. أمالى الصدوق : ١٠٧.

(٢) أمالى الصدوق : ٢١٩.

(٣) في المصدر : أفأكون.

(٤) أمالى الشيخ : ٢١٥.

١٨٦

٤ ـ ما : جماعة ، عن ابن المفضل ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن العواد ، عن محمد بن عبدالجبار السدوسي ، عن علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أبي حرب بن أبي الاسود ، عن أبيه أبي الاسود أن رجلا سأل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن سؤال ، فبادر فدخل منزله ، ثم خرج فقال : أين السائل؟ فقال الرجل : ها أنا (١) يا أميرالمؤمنين ، قال : ما مسألتك؟ قال : كيت وكيت ، فأجابه عن سؤاله ، فقيل يا أميرالمؤمنين كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة كنت فيها كالسكة المحماة جوابا ، فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت فأجبته؟ فقال : كنت حاقنا ، ولا رأي لثلاثة : لا رأي لحاقن ولا حاذق ، ثم أنشأ يقول :

إذا المشكلات تصدين لي

كشفت حقائقها بالنظر

وإن برقت في مخيل الصواب

عمياء لا يجتليها البصر

تتبعته بعيون الامور

وضعت عليها صحيح النظر (٢)

لسانا كشفت به الارحبي

أو كالحسام البتار الذكر

وقلبا إذا استنطقته الهموم

أربى عليها بواهي الدرر

ولست بإمعة في الرجال

اسائل هذا وذاما الخبر

ولكنني مذرب الاصغرين

أبين مع ما مضى ما غبر (٣)

بيان : قد مر شرحه في كتاب العلم (٤).

٥ ـ يج : روي أن أعرابيا أتى أميرالمؤمنين عليه‌السلام وهو في المسجد ، فقال : مظلوم ، قال : ادن مني ، فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه ، قال : ما ظلامتك؟ فشكا ظلامته ، فقال : يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك ، ظلمني المدر والوبر ، ولم

____________________

(١) في المصدر : ها أناذا.

(٢) في المصدر : تتبعتها بعيون الامور * وضعت عليها صحيح الفكر

(٣) امالى الشيخ : ٣٢٧ و ٣٢٨.

(٤) راجع الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ص ٦٠ ـ ٦٢.

١٨٧

يبق بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم ، وما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا ، إن كان عقيل بن أبي طالب يومه ليرمد فما يدعهم يذرونه (١) حتى يأتوني فاذر وما بعيني رمد ، ثم كتب له بظلامته ورحل ، فهاج الناس وقالوا : قد طعن على الرجلين ، فدخل عليه الحسن عليه‌السلام فقال : قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين ، فخرج فقال : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال : أيها الناس إن الحرب خدعة ، فإذا سمعتموني أقول : « قال رسول الله » فوالله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله كذبة ، وإذا حدثتكم أن الحرب خدعة ، ثم ذكر غير ذلك ، فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال : أنا براء من الاثنين والثلاثة ، فالتفت إليه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : بقرت العلم في غير إبانة ، لتبقرن كما بقرته ، فلما قدم ابن سمية أخذه فشق بطنه وحشا فوقه حجارة وصلبه (٢).

٦ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن عبدالله بن ميمون عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخل أمير المؤمنين عليه‌السلام المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين ، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : مالك؟ قال : يا أميرالمؤمنين اصبت بأبي وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت (٢) ، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام : عليك بتقوى الله والصبر ، تقدم عليه غدا ، والصبر في الامور بمنزلة الرأس من الجسد فإذا فارق الرأس من الجسد فسد الجسد ، وإذا فارق الصبر الامور فسدت الامور (٤).

٧ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن سلمة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اجتمع عيدان على عهد أميرالمؤمنين عليه‌السلام فخطب الناس ثم قال : هذا يوم اجتمع فيه عيدان ، فمن أحب أن يجمع معنا فليفعل ، ومن

____________________

(١) أى يصبون في عينه الدواء.

(٢) لم نجده في المصدر المطبوع.

(٣) اى انى اخاف أن ينشق مرارتى لاجل المصيبة الواردة على.

(٤) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : ٩٠.

١٨٨

لم يفعل فإن له رخصة (١).

٨ ـ ختص : روي أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان قاعدا في المسجد وعنده جماعة من أصحابه ، فقالوا له : حدثنا يا أميرالمؤمنين ، فقال لهم : ويحكم إن كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلا العالمون ، قالوا : لابد من أن تحدثنا ، قال : قوموا بنا فدخل الدار فقال : أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي احيي واميت ، أنا الاول والآخر والظاهر والباطن ، فغضبوا وقالوا : كفر! وقاموا ، فقال علي عليه‌السلام للباب : يا باب استمسك عليهم ، فاستمسك عليهم الباب ، فقال : ألم أقل لكم : إن كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلا العالمون؟ تعالوا افسر لكم ، أما قولي : أنا الذي علوت فقهرت فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتى آمنتم بالله ورسوله ، وأما قولي : أنا احيي واميت فأنا احيي السنة واميت البدعة ، وأما قولي : أنا الاول فأنا أول من آمن بالله وأسلم وأما قولي : أنا الآخر فأنا آخر من سجى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثوبه ودفنه ، وأما قولي : أنا الظاهر والباطن فأنا عندي علم الظاهر والباطن ، قالوا : فرجت عنا فرج الله عنك. (٢)

____________________

(١) فروع الكافى ( الجزء الثالث من الطبعة الحديثة ) : ٤٦١

(٢) الاختصاص : ١٦٣.

١٨٩

( أبواب )

* ( وفاته صلوات الله عليه ) *

١٢٦

( باب )

* ( اخبار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادته واخباره صلوات ) *

* ( الله عليه بشهادة نفسه ) *

أقول : قد مضى في خطبته عليه‌السلام عند وصول خبر الانبار إليه : أما والله لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ، وإن المنية لترصدني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها؟ ـ وترك يده على رأسه ولحيته ـ عهدا عهده إلي النبي الامي ، وقد خاب من افترى ، ونجا من اتقى وصدق بالحسنى.

١ ـ ن ، لي : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن الفضال عن أبيه ، عن الرضا ،عن آبائه،عن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام في خطبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في فضل شهر رمضان فقال عليه‌السلام : فقمت فقلت : يا رسول الله ما أفضل الاعمال في هذا الشهر؟ فقال يا أبا الحسن أفضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزوجل ، ثم بكى ، فقلت : يارسول الله ما يبكيك؟ فقال : يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر ، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الاولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك ، قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : فقلت : يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟ فقال :صلى‌الله‌عليه‌وآله:في سلامة من دينك ، ثم قال : صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، و من سبك فقد سبني ، لانك مني كنفسي ، روحك من روحي وطينتك من طينتي إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك واصطفاني وإياك ، واختارني للنبوة واختارك

١٩٠

للامامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي ، يا علي أنت وصيي وأبوولدي ، وزوج ابنتي وخليفتي على امتي في حياتي وبعد موتي ، أمرك أمري ونهيك نهيي اقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خيرالبرية إنك لحجة الله على خلقه ، وأمينه على سره ، وخليفته على عباده (١).

٢ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢) قال : جاء رجل من اليهود إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام فسأله عن أشياء إلى أن قال : كم يعيش وصي نبيكم بعده؟ قال : ثلاثين سنة قال : ثم مه يموت أو يقتل؟ قال : يقتل يضرب (٣) على قرنه فتخضب لحيته ، قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى عليه‌السلام ، الخبر (٤).

٣ ـ ما : بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : خطب الناس أميرالمؤمنين عليه‌السلام بالكوفة فقال : معاشر الناس إن الحق قد غلبه الباطل ، وليغلبن الباطل عما قليل ، أين أشقاكم ـ أو قال : شقيكم ، شك أبي ـ هذا ، فوالله ليضربن هذه فليخضبنها من هذه ـ وأشار بيده إلى هامته ولحيته ـ (٥).

٤ ـ ما : أبوعمر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق (٦) عن هبيرة بن مريم قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول ـ ومسح لحيته ـ : ما يحبس أشقاها أن يخضبها عن أعلاها بدم؟ (٧)

٥ ـ ل : في خبراليهودي الذي سأل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عما فيه من خصال الاوصياء : قال عليه‌السلام : قد وفيت سبعا وسبعا يا أخا اليهود وبقيت الاخرى واوشك

____________________

(١) عيون الاخبار : ١٦٣ ـ ١٦٥. امالى الصدوق : ٥٧ و ٥٨.

(٢) في المصدر : عن جعفر بن محمد.

(٣) في المصدر : ويضرب.

(٤) عيون الاخبار : ٣١ و ٣٢.

(٥) امالى الشيخ : ٢٣٢.

(٦) في المصدر : ابن اسحاق.

(٧) امالى الشيخ : ١٦٧.

١٩١

بها ، فكأن قد ، فبكى أصحاب علي عليه‌السلام وبكى رأس اليهود وقالوا : يا أميرالمؤمنين أخبرنا بالاخرى ، فقال : الاخرى أن تخضب هذه ـ وأومأ بيده إلى لحيته ـ من هذه ـ وأومأ بيده إلى هامته ـ قال : وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجة والبكاء ، حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا ، وأسلم رأس اليهود على يدي علي عليه‌السلام من ساعته ، ولم يزل مقيما حتى قتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام واخذ ابن ملجم لعنه الله ، فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه‌السلام والناس حوله وابن ملجم لعنه الله بين يديه ، فقال له : يا أبا محمد اقتله قتله الله ، فإني رأيت في الكتب التي انزلت على موسى عليه‌السلام أن هذا أعظم عندالله عزوجل جرما من ابن آدم قاتل أخيه ، ومن الغدار عاقر ناقة ثمود (١).

٦ ـ شا : علي بن المنذر الطريقي ، عن أبي الفضل العبدي ، عن مطر (٢) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال جمع أميرالمؤمنين عليه‌السلام الناس للبيعة ، فجاء عبد ـ الرحمن بن الملجم المرادي لعنه الله ، فرده مرتين أو ثلاثا ، ثم بايعه ، فقال عند بيعته له : ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذه. ووضع يده على لحيته ورأسه ـ فلما أدبر ابن ملجم منصرفا عنه قال عليه‌السلام : متمثلا.

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك

ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك

كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيك (٣)

٧ ـ شا : ابن محبوب ، عن الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي ، عن ابن نباتة قال : أتى ابن ملجم أميرالمؤمنين عليه‌السلام فبايعه فيمن بايع ، ثم أدبر عنه فدعاه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فتوثق منه وتوكد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ، ففعل ، ثم أدبر عنه فدعاه الثانية فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث ، ففعل ، ثم أدبر عنه فدعاه أميرالمؤمنين الثالثة فتوثق منه وتوكد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ، فقال ابن ملجم لعنه الله : والله

____________________

(١) الخصال ٢ : ٢٤ و ٢٥.

(٢) في المصدر : عن فطر.

(٣) الارشاد : ٦.

١٩٢

يا أميرالمؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام :

اريد حباءه ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد (١)

امض يا ابن ملجم فوالله ما أرى أن تفي بما قلت (٢).

٨ ـ شا : روى أبوزيد الاحول عن الاجلح عن أشياخ كندة قال : سمعتهم أكثر من عشرين مرة يقولون : سمعنا عليا عليه‌السلام على المنبر يقول : ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم؟ ويضع يده على لحيته (٣).

٩ ـ شا : روى علي بن الحزور عن ابن نباتة قال : خطبنا أميرالمؤمنين عليه‌السلام في الشهر الذي قتل فيه فقال : أتاكم شهر رمضان وهو سيد الشهور وأول السنة ، و فيه تدو رحى السلطان (٤) ، ألا وإنكم حاجوا العام صفا واحدا ، وآية ذلك أني لست فيكم ، قال : فهو ينعى نفسه ونحن لا ندري (٥).

١٠ ـ كشف : ومن مناقب الخوارزمي يرفعه إلى أبي سنان الدؤلي أنه عاد عليا في شكوى اشتكاها قال : فقلت له : تخوفنا عليك يا أميرالمؤمنين في شكواك هذه ، فقال : لكني والله ما تخوفت على نفسي ، لاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصادق المصدق يقول : إنك ستضرب ضربة ههنا ـ وأشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك ، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

وبإسناده عن جابر قال : إني لشاهد لعلي وقد أتاه المرادي يستحمله فحمله ثم قال « شعر » :

عذيري من خليلي من مراد

اريد حباءه ويريد قتلي

____________________

(١) قال الزمخشرى في اساس البلاغة ص ٢٩٥ بعد نقل البيت ونسبته إلى عمروبن معدى كرب : معناه هلم من يعذرك منه إن اوقعت به يعنى أنه اهل للايقاع به فان أوقعت به كنت معذورا.

(٢) الارشاد : ٦.

(٣ و ٥) الارشاد : ٧.

(٤) في المصدر : الشيطان خ ل.

١٩٣

كذا أورده فخر خوارزم ، والذي نعرفه « اريد حباءه ويريد قتلي * عذيري » البيت.

ثم قال : هذا والله قاتلي ، قالوا : يا أميرالمؤمنين أفلا تقتله؟ قال : لا ، فمن يقتلني إذا؟ ثم قال : « شعر » :

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك

ولاتجزع من الموت إذا حل بناديك (١)

بيان : قال الجزري : في حديث علي عليه‌السلام أنه قال وهو ينظر إلى ابن ملجم : « عذيرك من خليلك من مراد » يقال : عذيرك من فلان بالنصب أي هات من يعذرك فيه ، فعيل بمعنى فاعل (٢). وقال : في حديث علي عليه‌السلام « اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك » الحيازيم جمع الحيزوم وهو الصدر ، وقيل : وسطه ، وهذا الكلام كناية عن التشمر للامر والاستعداد له (٣)

١١ ـ كنز : أبوطاهر المقلد بن غالب عن رجاله بإسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام : وهو ساجد يبكي حتى علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء ، فقلنا : يا أميرالمؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك وأمضنا وشجانا (٤). وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط ، فقال كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرات في سجدتي ، فغلبني عيني فرأيت رؤيا هالتني وفظعتني ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما وهو يقول : يا أبا الحسن طالت غيبتك ، فقد اشتقت إلى رؤياك ، وقد أنجز لي ربي ما وعدني فيك ، فقلت : يا رسول الله وما الذي أنجز لك في؟ قال أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريتك في الدرجات العلى في عليين ، قلت بأبي أنت وامي يا رسول الله فشيعتنا ، قال :

____________________

(١) كشف الغمة : ١٢٨ ـ ١٣٠.

(٢) النهاية ٣ : ٧٦.

(٣) النهاية ١ : ٢٧٤. وفيه : التشمير.

(٤) أمضه الامر : أحرقه وشق عليه. شجا الرجل : أحرقه.

١٩٤

شيعتنا معنا ، وقصورهم بحذاء قصورنا ، ومنازلهم مقابل منازلنا ، قلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما لشيعتنا في الدنيا؟ قال : الامن والعافية ، قلت : فما لهم عند الموت؟ قال : يحكم الرجل في نفسه ويؤمر ملك الموت بطاعته ، قلت : فما لذلك حد يعرف؟ قال : بلى إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج نفسه كشراب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع (١) به القلوب ، وإن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته (٢).

١٢ ـ قب : روي أنه جرح عمرو بن عبدود رأس علي عليه‌السلام يوم الخندق فجاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشده ونفث فيه فبرأ ، وقال : أين أكون إذا خضبت هذه من هذه؟. (٣)

١٣ ـ د : في كتاب تذكرة الخواص ليوسف الجوزي قال أحمد في الفضائل : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أتدري من أشقى الاولين والآخرين؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : من يخضب هذه من هذه ـ يعني لحيته من هامته ـ.

قال الزهري : كان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يستبطئ القاتل فيقول : متى يبعث أشقاها؟ وقال : قدم وفد من الخوارج من أهل البصرة فيهم رجل يقال له الجعد بن نعجة ، فقال له : يا علي اتق الله فإنك ميت ، فقال له : بل أنا مقتول بضربة على هذا فتخضب هذه ـ يعني لحيته من رأسه ـ عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى.

وعن فضالة بن أبي فضالة الانصاري ـ وكان أبوفضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أميرالمؤمنين عليه‌السلام ـ قال فضالة : خرجت مع أبي فضالة عائدا أميرالمؤمنين عليه‌السلام من مرض أصابه بالكوفة ، فقال له أبي : ما يقيمك هيهنا بين أعراب جهينة؟ تحمل إلى المدينة. فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا

____________________

(١) ينتفع خ ل.

(٢) مخطوط. وفى ( ك ) : كما قرت عينه ما كانت عنه بموته. لكنه مصحف.

(٣) لم نظفر به في المصدر.

١٩٥

عليك ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلي أن لا أموت حتى تخضب هذه من هذه أي لحيته من هامته.

وذكر ابن سعد في الطبقات أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام لما جاء ابن ملجم وطلب منه البيعة طلب منه فرسا أشقر ، فحمله عليه فركبه ، فأنشد أميرالمؤمنين : « اريد حباءه » البيت.

وعن محمد بن عبيدة قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : ما يحبس أشقاكم أن يجئ فيقتلني ، اللهم إني قد سئمتهم وسئموني ، فأرحهم مني وأرحني منهم ، قالوا : يا أميرالمؤمنين أخبرنا بالذي يخضب هذه من هذه نبيد عشيرته ، فقال : إذا والله تقتلون بي غيرقاتلي (١).

١٤ ـ ير : أبومحمد ، عن عمران بن موسى ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن محمد بن عبدالوهاب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن بعض أصحاب أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : دخل عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله على أميرالمؤمنين عليه‌السلام في وفد مصر الذي أوفدهم محمد بن أبي بكر ، ومعه كتاب الوفد قال : فلما مر باسم عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله قال : أنت عبدالرحمن؟ لعن الله عبدالرحمن ، قال : نعم يا أميرالمؤمنين ، أما والله يا أميرالمؤمنين إني لاحبك ، قال : كذبت والله ما تحبني ـ ثلاثا ـ قال : يا أميرالمؤمنين أحلف ثلاثة أيمان أني احبك ، وتحلف ثلاثة أيمان أني لا احبك؟ قال : ويلك ـ أو ويحك ـ إن الله خلق الارواح قبل الاجساد (٢) بألفي عام فأسكنها الهواء ، فما تعارف منها هنالك ائتلف في الدنيا ، وما تناكر منها هنا اختلف في الدنيا ، وإن روحي لا تعرف روحك ، قال : فلما ولى قال : إذا سركم أن تنظروا إلى قاتلي فانظروا إلى هذا ، قال بعض القوم : أولا تقتله؟ ـ أو لا نقتله ـ فقال : ما أعجب من هذا ، تأمروني أن أقتل قاتلي لعنه الله. (٣)

____________________

(١) تذكرة الخواص : ١٠٠ و ١٠١.

(٢) في المصدر : قبل الابدان.

(٣) بصائر الدرجات : ٢٤.

١٩٦

بيان : أقتل قاتلي أى من لم يقتلني وسيقتلني ، والحاصلل أن القصاص لا يجوز قبل الفعل ، أو المعنى أنه إذا كان في علم الله أنه قاتلي فكيف أقدر على قتله؟ وإن كان من أسباب عدم القدرة عدم مشروعية القصاص قبل الفعل وعدم صدور ما يخالف الشرع عنه عليه‌السلام ويرد عليه إشكالات ليس المقام موضع حلها.

١٥ ـ ير : أحمد بن الحسن ، عن ابن أسباط يرفعه إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : دخل أميرالمؤمنين عليه‌السلام الحمام فسمع صوت الحسن والحسين عليهما‌السلام قد علا ، فقال لهما : مالكما فدا كما أبي وامي؟ فقالا : اتبعك هذا الفاجر فظننا أنه يريد أن يضرك ، قال : دعاه والله ما اطلق إلا له (١).

١٦ ـ حة : رأيت في كتاب عن حسن بن الحسين بن طحال المقدادي قال : روى الخلف عن السلف عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام : يا علي إن الله عزوجل عرض مودتنا أهل البيت على السماوات والارض ، فأول من أجاب منها السماء السابعة ، فزينها بالعرش والكرسي ، ثم السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور ، ثم السماء الدنيا فزينها بالنجوم ، ثم أرض الحجاز فشرفها بالبيت الحرام ثم أرض الشام فزينها (٢) ببيت المقدس ، ثم أرض طيبة فشرفها بقبري ، ثم أرض كوفان فشرفها بقبرك يا علي ، فقال له : يا رسول الله اقبر بكوفان العراق؟ فقال : نعم يا علي ، تقبر بظاهرها قتلا بين الغريين والذكوات البيض ، يقتلك شقي هذه الامة عبدالرحمن بن ملجم ، فوالذي بعثني بالحق نبيا ما عاقر ناقة صالح عندالله بأعظم عقابا منه ، يا علي ينصرك من العراق مائة ألف سيف (٣).

١٧ ـ يج : من معجزاته عليه‌السلام ما روي عن حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال : كنت جالسا عند علي عليه‌السلام فأقبل إليه قوم من مراد ومعهم ابن ملجم ، قالوا :

____________________

(١) بصائر الدرجات : ١٤٠.

(٢) فشرفها خ ل.

(٣) فرحة الغرى : ١٨ و ١٩.

١٩٧

يا أميرالمؤمنين طرا علينا ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعا (١) وإنا لنخافه عليك فاشدد يدك به (٢) فقال له علي عليه‌السلام : اجلس ، فنظر في وجهه طويلا ثم قال : أرأيتك إن سألتك عن شئ وعندك منه علم هل أنت مخبري عنه؟ قال : نعم ، وحلفه عليه فقال : أكنت تراضع الغلمان وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا : قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟ قال : اللهم نعم ، فقال له : مررت برجل وقد أيفعت فنظر إليك وأحد النظر فقال : أشقى من عاقر ناقة ثمود؟ قال : نعم ، قال : قد أخبرتك امك أنها حملت بك في بعض حيضها ، فتعتع هنيئة ثم قال : نعم قد حدثتني بذلك ، ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة ، فقال له علي عليه‌السلام : قم ، فقام ثم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي.

ومنها ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته وأنه يخرج من الدنيا شهيدا من قوله : والله ليخضبنها من فوقها ـ يومئ إلى شيبته ـ ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم؟ وقوله : أتاكم شهر رمضان وفيه تدور رحى السلطان ، ألا وإنكم حاجو العام صفا واحدا ، وآية ذلك أني لست فيكم ، وكان يفطر في هذه الشهر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبدالله بن جعفر زوج زينب بنته لاجلها ، لا يزيد على ثلاث لقم ، فقيل له في ذلك فقال : يأتيني أمرالله وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان ، فاصيب من الليل ولد توجه إلى المسجد في ليلة ضربه الشفي في آخرها ، فصاح الاوز في وجهه وطردهن الناس ، فقال : دعوهن فإنهن نوائح (٣).

بيان : تراضع الغلمان لعله من قولهم : فلان يرضع الناس أي يسألهم و، وفي بعض النسخ « تواضع » بالواو من المواضعة بمعنى الموافقة في الامر. ويقال :

____________________

(١) انتجع فلانا : أتاه طالبا معروفه.

(٢) أى خذ البيعة منه.

(٣) لم نجد الروايتين في المصدر المطبوع.

١٩٨

تعتع في الكلام أي تردد من حصر أوعي ، قوله : « وفيه تدور رحى السلطان » لعل المراد انقضاء الدوران كناية عن ذهاب ملكه عليه‌السلام ، أو هو كناية عن تغير الدولة وانقلاب أحوال الزمان ، ولا يبعد أن يكون في الاصل « الشيطان » مكان السلطان وخمص البطن خلا.

وفي الديوان المنسوب إليه عليه‌السلام مخاطبا لابن ملجم لعنه الله :

ألا أيها المغرور في القول والوعد

ومن حال عن رشد المسالك والقصد (١)

أقول : قد أثبتنا بعض الاخبار في كتاب الفتن في باب إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمظلوميتهم عليهم‌السلام.

١٢٧

( باب )

* ( كيفية شهادته عليه‌السلام ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه ) *

١ ـ قب : قبض صلوات الله عليه قتيلا في المسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة ، لتسع عشرة ليلة مضين من شهر رمضان ، على يدي عبدالرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله ، وقد عاونه وردان بن مجالد من تيم الرباب ، وشبيب بن بجرة والاشعث بن قيس ، وقطام بنت الاخضر ، فضربه سيفا على رأسه مسموما ، فبقي يومين إلى نحو الثلث من الليل ، وله يومئذ خمس وستون سنة في قول الصادق عليه‌السلام وقالت العامة : ثلاث وستون سنة ، عاش مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة ثلاث عشرة سنة و بالمدينة عشر سنين ، وقد كان هاجر وهو ابن أربع وعشرين سنة ، وضرب بالسيف بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن ستة عشرة سنة ، وقتل الابطال وهو ابن تسع عشرة سنة ، وقلع باب خيبر وله ثمان وعشرون سنة ، وكانت مدة إمامته ثلاثون سنة

____________________

(١) الديوان : ٣٨. ولا يوجد هذه الفقرة في غير ( ك ) من النسخ.

١٩٩

منها أيام أبي بكر سنتان وأربعة أشهر ، وأيام عمر تسعين وأشهر وأيام ـ وعن الفرياني : عشر سنين وثمانية أشهر ـ وأيام عثمان اثنتا عشرة سنة ، ثم آتاه الله الحق خمس سنين وأشهرا ، وكان عليه‌السلام أمر بأن يخفى قبره لما عرف من بني امية وعداوتهم فيه ، إلى أن أظهره الصادق عليه‌السلام ، ثم إن محمد بن زيد الحسني أمر بعمارة الحائر بكربلاء والبناء عليهما ، وبعد ذلك زيد فيه ، وبلغ عضد الدولة الغاية في تعظيمهما والاوقاف عليهما (١).

٢ ـ د : في كتاب الذخيرة : جرح أميرالمؤمنين عليه‌السلام لتسع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين ، وتوفي في ليلة الثاني والعشرين منه. وفي كتاب عتيق : ليلة الاحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربعين. في مواليد الائمة : ليلة الاحد لتسع بقين من شهر رمضان. في كتاب أسماء حجج الله : قبض في أحدى و عشرين ليلة من رمضان في عام الاربعين. وفي تاريخ المفيد : في ليلة إحدى وعشرين من رمضان سنة أربعين من الهجرة وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقيل : يوم الاثنين لتسع عشر من رمضان سنة إحدى وأربعين. دفن بالغري ، وعمره ثلاث وستون سنة ، كان مقامه مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد البعثة ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة ، مشاركا له في محنه كلها ، محتملا عنه أثقاله ، وعشر سنين بعد الهجرة بالمدينة ، يكافح (٢) عنه المشركين ويجاهد دونه الكافرين ، ويقيه بنفسه ، فمضى صلى‌الله‌عليه‌وآله ولاميرالمؤمنين ثلاث وثلاثون سنة ، وكانت إمامته عليه‌السلام ثلاثون سنة ، منها أربع وعشرون سنة ممنوع من التصرف للتقية والمداراة ، ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد المنافقين ، وقيل : مدة ولايته أربع سنين وتسعة أشهر ، وقيل : عمره أربع وستون سنة و أربعة شهور وعشرون يوما ، وقيل : قتل عليه‌السلام في شهر رمضان لتسع مضين منه ، و قيل : لتسع بقين منه ليلة الاحد سنة أربعين من الهجرة (٣).

____________________

(١) مناقب آل ابى طالب ٢ : ٧٨.

(٢) أى يدافع.

(٣) مخطوط.

٢٠٠