بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فيما سيأتي تمامه في باب مواعظه عليه‌السلام حيث قال : اعلم يابن آدم أن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود يجمع الله فيه الاولين والآخرين ، ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور ، (١) و ذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، وذلك يوم لا تقال فيه عثرة ، ولا تؤخذ من أحد فدية ، ولا تقبل من أحد معذرة ، ولا لاحد فيه مستقبل توبة ، ليس إلا الجزاء بالحسنات ، والجزاء بالسيئات ، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده ، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده. الخبر. « الروضة ص ٧٣ ـ ٧٤ »

١١ ـ فس : قوله تعالى : « واليوم الموعود وشاهد ومشهود » قال : اليوم الموعود : يوم القيامة ، والشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم القيامة. « ص ٧١٩ »

١٢ ـ يه : روي أن قيام القائم عليه‌السلام يكون في يوم الجمعة ، وتقوم القيامة في يوم الجمعة ، يجمع الله فيه الاولين والآخرين ، قال الله عزوجل : « ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ». « ص ١١٣ »

١٣ ـ ل : العطار ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن محمد بن الحسن الميثمي ، عن مثنى الحناط قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : أيام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة. « ص ٥٣ »

١٤ ـ ص : بإسناده عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن الكوفي ، عن أبي عبدالله الخياط ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قال عيسى بن

____________________

* التابعين ، وكان زوج بنت أبى هريرة وأعلم الناس بحديثه ، قال النووى في التهذيب : اتفق العلماء على إمامته وجلالته وتقدمه على أهل عصره في العلم والفضيلة ووجوه الخير انتهى. وقد فصل في ترجمته وبالغ في الثناء عليه ، ونقل عن إثبات السنة وثاقته وتقدمه وترجمه العلامة الحلى في القسم الاول من الخلاصة ، وفى رجال الكشى روايات تدل على تشيعه وجلالته وأنه كان من حوارى الامام السجاد عليه‌السلام ، وفى قرب الاسناد : أن القاسم بن محمد بن أبى بكر وسعيد ابن المسيب كانا على هذا الامر ، وفى الكافى في باب مولد الصادق عليه‌السلام : انهما وابا خالد الكابلى كانوا من ثقات على بن الحسين عليه‌السلام ، توفى سنة ٩٣ وقيل : ٩٤ ـ ٩٥ ـ ١٠٥.

(١) بعثر : اثير تراب القبور وقلبت فأخرج موتاها ، والبعثرة تتضمن معنى بعث واثير و لذا يقال : إنه مركب منهما.

٦١

مريم صلوات الله عليه : متى قيام الساعة؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة اغمي عليه منها ، فلما أفاق قال : يا روح الله ما المسؤول أعلم بها من السائل ، وله من في السماوات والارض لا تأتيكم إلا بغتة.

١٥ ـ تفسير النعماني بما سيأتي من إسناده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : وأما ما أنزل الله تعالى في كتابه مما تأويله حكاية في نفس تنزيله(١) وشرح معناه فمن ذلك قصة أهل الكهف ، وذلك أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر : نضر بن حارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، وعامر بن واثلة إلى يثرب وإلى نجران ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يلقونها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهم علماء اليهود والنصارى : سلوه عن مسائل فإن أجابكم عنها فهو النبي المنتظر الذي أخبرت به التوراة ، ثم سلوه عن مسألة اخرى فإن ادعى علمها فهو كاذب لانه لا يعلم علمها غير الله وهي قيام الساعة ، فقدم الثلاثة نفر بالمسائل ـ وساق الخبر إلى أن قال ـ : نزل عليه جرئيل بسورة الكهف وفيها أجوبة المسائل الثلاثة ، ونزل في الاخيرة قوله تعالى : « يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها » (٢) إلى قوله : ولكن أكثر الناس لا يعلمون. « ص ١٠٠ ـ ١٠٢ »

(باب ٥)

*(صفة المحشر)*

الايات ، البقرة « ٢ » هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر وإلى الله ترجع الامور ٢١٠.

آل عمران « ٣ » يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد ٣٠ « وقال » : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ١٦١.

____________________

(١) في المصدر : عن تنزيله. م

(٢) في المصدر : يسألونك عن الساعة قل علمها عند ربى لا يجليها ـ إلى قوله ـ ولكن أكثر الناس لا يعلمون م

٦٢

الانعام « ٦ » ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ٩٤.

ابراهيم « ١٤ » ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار * مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء* وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال * وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال * فلا تحسبن الله الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام * يوم تبدل الارض غير الارض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار * وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار* ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب ٤٢ – ٥١.

النحل « ١٦ » يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ١١١.

الكهف « ١٨ » وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ٨.

طه « ٢٠ » ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا * يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا * يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما * وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما * ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما ١٠٥ ـ ١١٢.

الانبياء « ٢١ » يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ١٠٤.

الحج « ٢٢ » يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم

٦٣

ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ٢ ـ ٣.

النور « ٢٤ » يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ٣٧.

الروم « ٣٠ » ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون * فيؤمئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ٥٥ ـ ٥٧.

المؤمن « ٤٠ » لينذر يوم التلاق * يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب * وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور * والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشئ إن الله هو السميع البصير ١٦ ـ ٢٠.

القمر « ٥٤ » يوم يدع الداع إلى شئ نكر * خشعا أبصارهم يخرجون من الاجداث كأنهم جراد منتشر * مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ٦ ـ ٨.

الرحمن « ٥٥ » يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام * فبأي آلاء ربكما تكذبان ٣٣ ـ ٤٢.

الواقعة « ٥٦ » إذا وقعت الواقعة * ليس لوقعتها كاذبة * خافضة رافعة * إذا رجت الارض رجا * وبست الجبال بسا * فكانت هباء منبثا * وكنتم أزواجا ثلثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون * اولئك المقربون ٢ ـ ١٢.

٦٤

القلم « ٦٨ » يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ٤٢ ـ ٤٣.

الحاقة « ٦٩ » فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية * فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عاليه * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الايام الخالية * وأما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الحجيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه* إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم هيهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون ١٣ ـ ٣٧.

المعارج « ٧٠ » يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن * ولا يسئل حميم حميما * يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه * ومن في الارض جميعا ثم ينجيه * كلا إنها لظى * نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى ٨ ـ ١٨. « وقال تعالى » : فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون * يوم يخرجون من الاجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ٤٢ ـ ٤٤.

المزمل « ٧٣ » يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا ١٤ وقال تعالى : فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا * السماء منفطر به كان وعده مفعولا ١٧ ـ ١٨.

القيامة « ٧٥ » يسئل أيان يوم القيمة * فإذا برق البصر * وخسف القمر* وجمع الشمس والقمر * يقول الانسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ

٦٥

المستقر ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره ٦ ـ ١٥.

الدهر « ٧٦ » إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم يوما ثقيلا ٢٧.

المرسلات « ٧٧ » فإذا النجوم طمست * وإذا السماء فرجت * وإذا الجبال نسفت * وإذا الرسل اقتت * لاي يوم اجلت * ليوم الفصل * وما أدريك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين ٨ ـ ١٥ وقال تعالى : هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون * ويل يومئذ للمكذبين ٣٥ ـ ٣٧.

النبأ « ٧٨ » إن يوم الفصل كان ميقاتا * يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا * وفتحت السماء فكانت أبوابا * وسيرت الجبال فكانت سرابا ١٧ ـ ٢٠ وقال تعالى : رب السموات والارض وما بينهما الرحمن لا يمكلون منه خطابا * يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا * ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا * إنا أنذرناكم عذابا قريبا * يوم ينظر المرء ما قدمت يداه و يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ٣٢ ـ ٤٠.

النازعات « ٧٩ » فإذا جاءت الطامة الكبرى * يوم يتذكر الانسان ما سعى * و برزت الجحيم لمن يرى ٣٤ ـ ٣٦.

عبس « ٨٠ » فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وامه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * اولئك هم الكفرة الفجرة ٣٣ ـ ٤٢.

كورت « ٨١ » إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت ، وإذا الجبال سيرت * وإذا العشار عطلت * وإذا الوحوش حشرت * وإذا البحار سجرت * وإذا النفوس زوجت * وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت * وإذا الصحف نشرت * وإذا السماء كشطت * وإذا الجحيم سعرت * وإذا الجنة ازلفت * علمت نفس ما أحضرت ٢ ـ ١٥.

الانفطار « ٨٢ » إذا السماء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت * وإذا البحار

٦٦

فجرت * وإذا القبور بعثرت * علمت نفس ما قدمت وأخرت * يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسويك فعدلك * في أي صورة ماشاء ركبك* كلا بل تكذبون بالدين * وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون* إن الابرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم * يصلونها يوم الدين * وما هم عنها بغائبين * وما أدريك ما يوم الدين * ثم ما أدريك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله ٢ ـ ٢٠.

الانشقاق « ٨٤ » إذا السماء انشقت * وأذنب لربها وحقت * وإذا الارض مدت * وألقت ما فيها وتخلت * وأذنت لربها وحقت * يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه * فأما من اوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا* وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من اوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا* ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا * إنه ظن أن لن يحور * بلى إن ربه كان به بصيرا ٢ ـ ١٦.

الزلزال « ٩٩ » إذا زلزلت الارض زلزالها * وأخرجت الارض أثقالها * وقال الانسان مالها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها * يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ٢ ـ ٨.

القارعة « ١٠١ » القارعة * ما القارعة * وما أدريك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش ١ ـ ٥.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله قوله تعالى : « هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام » : أي هل ينتظر هؤلاء المكذبون بآيات الله إلا أن يأتيهم أمر الله وما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب؟ وقيل : قطع من السحاب ، وهذا كما يقال : قتل الامير فلانا وضربه وأعطاه ، وإن لم يتول شيئا من ذلك بنفسه بل فعل بأمره ، وقيل : معناه : ما ينظرون إلا أن يأتيهم جلائل آيات الله غير أنه ذكر نفسه تفخيما للآيات ، كما يقال : دخل الامير البلد ويراد بذلك جنده ، وإنما ذكر الغمام

٦٧

ليكون أهول ، فإن الاهوال تشبه بظلل الغمام ، وقال الزجاج : معناه : يأيتهم الله بما وعدهم من الحساب والعذاب كما قال : وآتيهم الله من حيث لم يحتسبوا والملائكة أي يأتيهم الملائكة « وقضي الامر » أي فرغ من الامر وهو المحاسبة وإنزال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار « وإلى الله ترجع الامور » أي إليه ترد الامور في سؤاله عنها ومجازاته عليها.

وفي قوله تعالى : « يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا » : اختلف في كيفية وجود العمل محضرا فقيل : تجد صحائف الحسنات والسيئات ، وقيل : ترى جزاء عملها من الثواب والعقاب ، فأما أعمالهم فهي أعراض قد بطلت لا يجوز عليها الاعادة فتستحيل أن ترى محضرة.

وفي قوله : « أمدا بعيدا » : أي غاية بعيدة أي تود أنها لم تكن فعلتها. وفي قوله تعالى : « يأت بماغل يوم القيمة » : معناه أنه يأتي به حاملا على ظهره ، كما روي في حديث طويل : إلا لايغلن أحد بعيرا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء ، (١) ألا لا يغلن أحد فرسا فيأتي يوم القيامة به على ظهره له حمحمة (٢) فيقول : يا محمد يا محمد ، فأقول : قد بلغت قد بلغت قد بلغت ، فلا أملك لك من الله شيئا. وقال البلخي : يجوز أن يكون ما تضمنه الخبر على وجه المثل كأن الله إذا فضحه يوم القيامة جرى ذلك مجرى أن يكون حاملا له وله صوت ، والاولى أن يكون معناه : ومن يغلل يوافى بما غل يوم القيامة ، فيكون حمل غلوله على عنقه أمارة يعرف بها وذلك حكم الله في كل من وافى يوم القيامة بمعصية لم يتب منها وأراد الله سبحانه أن يعامله بالعدل أظهر عليه من معصيته علامة تليق بمعصيته ليعلمه أهل القيامة بها ، ويعلموا سبب استحقاقه العقوبة ، وكذا كل من وافى القيامة بطاعة فإنه سبحانه يظهر من طاعته علامة يعرف بها.

وفي قوله تعالى : « ولقد جئتمونا » : قيل : هذا من كلام الله تعالى إما عند الموت أو البعث ، وقيل : من كلام الملائكة يؤدونه عن الله تعالى إلى الذين يقبضون أرواحهم

____________________

(١) رغا البعير : صوت وضج ، ورغا الصبى : بكى أشد البكاء.

(٢) حمحم البرذون أوالفرس : ردد صوته في طلب علف ، أو إذا رأى من يأنس به.

٦٨

« فرادى » أي وحدانا لا مال لهم ولا خول (١) ولا ولد ولا حشم ، وقيل : واحدا واحدا على حدة ، وقيل : كل واحد منهم منفرد من شريكه في الغي « كما خلقناكم أول مرة » أي في بطون امهاتكم فلا ناصر لكم ولا معين ، وقيل : معناه ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يحشرون حفاة عراتا غرلا (٢) والغرل : هم الغلف. وروي أن عائشة قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين سمعت ذلك : واسوأتاه! أينظر بعضهم إلى سوأة بعض من الرجال والنساء؟ فقال عليه‌السلام : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ويشغل بعضهم عن بعض. و قال الزجاج : معناه : كما بدأناكم أول مرة أي يكون بعثكم كخلقكم « وتركتم ما خولناكم » أي ملكناكم في الدنيا « وراء ظهوركم » أي خلف ظهوركم في الدنيا « وما نرى معكم شفعائكم » أي ليس معكم من كنتم تزعمون أنهم يشفعون لكم عند الله يوم القيامة وهي الاصنام « الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء » معناه : زعمتهم أنهم شركاؤنا فيكم وشفعاؤكم ، وهذا عام في كل من عبد غير الله تعالى أو اعتمد غيره يرجو خيره و يخاف ضيره في مخالفة الله تعالى « لقد تقطع بينكم » أي وصلكم وجمعكم ، ومن قرأ بالنصب فمعناه : لقد تقطع الامر بينكم أو تقطع وصلكم بينكم « (٣) وضل عنكم ما كنتم تزعمون » أي ضاع وتلاشى ، ولا تدرون أين ذهب من جعلتم شفعاءكم من آلهتكم ولم تنفعكم عبادتها ، وقيل : ما تزعمون من عدم البعث والجزاء.

وفي قوله تعالى : « إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار » : أي إنما يؤخر مجازاتهم إلى يوم القيامة وهو اليوم الذي يكون فيه الابصار شاخصة عن مواضعها ، لا تغمض لهول ما ترى في ذلك اليوم ولا تطرف ، وقيل تشخص أبصارهم إلى إجابة الداعي حين يدعوهم « مهطعين » أي مسرعين ، وقيل : يريد دائمي النظر إلى ما يرون لا يطرفون « مقنعي رؤسهم » أي رافعي رؤوسهم إلى السماء حتى لا يرى الرجل مكان قدمه

____________________

(١) الخول جمع خولى : العبيد والاماء وغيرهم من الحاشية.

(٢) الغرل : جمع الاغرل وهو الاغلف.

(٣) قال الشريف الرضى في مجازات القرآن ص ٣٧ : على قراءة من قرأ برفع النون « من بينكم » وهذه استعارة لانه لا وصال هناك على الحقيقة فتوصف بالتقطع ، وإنما المراد : لقد زال ماكان بينكم من شبكة المودة وعلاقة الالفة التى تشبه لاستحكامها بالحبال المحصدة والقرائن المؤكدة.

٦٩

من شدة رفع الرأس ، وذلك من هول يوم القيامة. وقال مورخ : (١) معناه : ناكسي رؤوسهم بلغة قريش. ، « لا يرتد إليهم طرفهم » أي لا ترجع إليهم أعينهم ولا يطبقونها ولا يغمضونها ، وإنما هو نظر دائم « وأفئدتهم هواء » (٢) أي قلوبهم خالية من كل شئ فزعا وخوفا. ، وقيل : خالية من كل سرور وطمع في الخير لشدة ما يرون من الاهوال كالهواء الذي بين السماء والارض. ، وقيل : زائلة عن مواضعها ، قد ارتفعت إلى حلوقهم لا تخرج ولا تعود إلى أماكنها ، بمنزلة الشئ الذاهب في جهات مختلفة ، المتردد في الهواء. ، وقيل : خالية عن عقولهم « وأنذر الناس » أي دم على إنذارك « يوم يأتيهم العذاب » وهو يوم القيامة أو عذاب الاستيصال في الدنيا. ، وقيل : هو يوم المعاينة عند الموت ، و الاول أظهر. « فيقول الذين ظلموا أنفسهم » بارتكاب المعاصي « ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك » أي ردنا إلى الدنيا واجعل ذلك مدة قريبة نجب دعوتك فيها « ونتبع الرسل » أي نتبع رسلك فيما يدعوننا إليه فيقول الله مخاطبا لهم : أو تقول الملائكة بأمره : « أو لم تكونوا أقسمتم » أي حلفتم من قبل في الدنيا؟ « مالكم من زوال » أي ليس لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة ، أو من الراحة إلى العذاب. ، وفي

____________________

(١) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح : « مورج » وهو مورج بن عمرو أبوفيد السدوسى صاحب العربية ، من أصحاب الخليل بن أحمد ، كان بخراسان وقدم بغداد مع المأمون ، له كتاب في غريب القرآن ، قال الفيروز آبادى في وجه تسميته بذلك : لتأريجه الحرب بين بكر وتغلب. قلت : ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد. « ج ١٣ ص ٢٥٨ ».

(٢) في المجازات ص ٩٨ : هذه استعارة ، والمراد بها صفة قلوبهم بالخلو من عزائم الصبر والجلد ، لعظيم الاشفاق والوجل ، ومن عادة العرب أن يسموا الجبان يراعة جوفاء ، أي ليس بين جوانحه قلب ، وعلى ذلك قول جرير يهجو قوما ويصفهم بالجبن : قل لخفيف القصبات الجوفان* جيئوا بمثل عامر والعلهان. وإنما وصف الجبان بأنه لاقلب له لان القلب محل الشجاعة ، وإذا نفى المحل فأولى أن ينتفى الحال فيه ، وهذا على المبالغة في صفة الجبن ، ويسمون الشئ إذا كان خاليا : هواء ، أي ليس فيه ما يشغله إلا الهواء ، وعلى هذا قول الله سبحانه : « وأصبح فؤاد ام موسى فارغا » أى خاليا من التجلد وعاطلا من التصبر : وقيل أيضا في ذلك أن أفئدتهم منحرفة لا تعى شيئا للرعب الذى دخلها والهول الذى استولى عليها فهى كالهواء الرقيق في الانحراف وبطلان الضبط والامتساك.

٧٠

هذا دلالة على أن أهل الآخرة غير مكلفين ، خلافا لما يقوله النجار وجماعة لانهم لو كانو مكلفين لما كان لقولهم : أخرنا إلى أجل قريب وجه ، ولكان ينبغي لهم أن يؤمنوا فيتخلصوا من العقاب إذا كانوا مكلفين « وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم و تبين لكم كيف فعلنا بهم » هذا توبيخ لهم وتعنيف أي وسكنتم ديار من كذب الرسل قبلكم فأهلكهم الله فعرفتم ما نزل بهم من البلاء والهلاك والعذاب « وضربنا لكم الامثال » وبينا لكم الاشباه وأخبرناكم بأحوال الماضين قبلكم لتعتبروا بها فلم تعتبروا ، وقيل : الامثال ما ذكر في القران مما يدل على أنه تعالى قادر على الاعادة كما أنه قادر على الانشاء. ، وقيل : هي الامثال المنبهة على الطاعة ، الزاجرة عن المعصية « وقد مكروا مكرهم » أي بالانبياء قبلك. ، وقيل : عني بهم كفار قريش الذين دبروا في أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومكروا بالمؤمنين « وعند الله مكرهم » أي جزاء مكرهم « وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال » أي أن مكرهم وإن بلغ كل مبلغ فلا يزيل دين الله « فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله » أي ما وعدهم به من النصر والظفر « إن الله عزيز » أي ممتنع بقدرته من أن ينال باهتضام « ذو انتقام » « يوم تبدل الارض غير الارض والسموات » قيل : فيه قولان : أحدهما أن المعنى : تبدل صورة الارض وهيئتها عن ابن عباس ، فقد روي عنه أنه قال : تبدل آكامها وآجامها وجبالها وأشجارها والارض على حالتها وتبقى أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم ولم تعمل عليها خطيئة ، وتبدل السماوات فيذهب بشمسها وقمرها ونجومها ، وكان ينشد :

فما الناس بالناس الذين عهدتهم * ولا الدار بالدار التي كنت أعرف ويعضده ما رواه أبوهريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يبدل الله الارض غير الارض والسماوات فيبسطها ويمدها مد الاديم العكاظي « لا ترى فيها عوجا ولا أمتا » ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الاولى : ما كان في بطنها كان في بطنها ، وماكان على ظهرها على ظهرها.

والآخر أن المعنى : تبدل الارض وتنشأ أرض غيرها والسماوات كذلك تبدل بغيرها وتفنى هذه ، عن الجبائي وجماعة من المفسرين ، وفي تفسير أهل البيت عليهم‌السلام

٧١

بالاسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم وحمران بن أعين ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : تبدل الارض خبزة نقية يأكل الناس منها. حتى يفرغ من الحساب قال الله تعالى « وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام » وهو قول سعيد بن جبير ومحمد بن كعب.

وروى سهل بن سعيد الساعدي ، (١) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء(٢) كقرصة النقي ليس فيها معلم لاحد.(٣)

وروي عن ابن مسعود أنه قال : تبدل الارض بنار فتصير الارض كلها نارا يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى كواعبها (٤) وأكوابها (٥) ويلجم الناس العرق ولم يبلغوا الحساب بعد. وقال كعب : تصير السماوات جنانا وتصير مكان البحر النار وتبدل الارض غيرها.

وروي عن أبي أيوب الانصاري قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه : « يوم تبدل الارض غير الارض والسموات » فأين الخلق عند ذلك؟ فقال : أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه. وقيل : تبدل الارض لقوم بأرض

____________________

(١) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح : « سعد » وهو سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الحارث بن ساعدة بن كعب بن خزرج الساعدى الانصارى ، يكنى أبا العباس ، له ولابيه صحبة مشهورة ، كان يوم وفاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ابن خمس عشرة سنة ، و عمر حتى أدرك الحجاح وامتحن معه ، واختلف في وقت وفاته فقيل : توفى سنة ٨٨ ، وقيل ٩١ ، وقد بلغ مائة سنة ، ويقال : إنه آخر من بقى بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى عليه‌السلام ، وترجمه ابن عبدالبر في الاستيعاب وابن حجر في التقريب.

(٢) في النهاية : العفرة : بياض ليس بالناصع ولكن كلون عفر الارض وهو وجهها ، ومنه الحديث : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء.

(٣) المعلم : ما جعل علامة للطرق والحدود مثل اعلام الحرم.

(٤) كواعب : فتيات تكعبت ثديهن ، أى نتأت وبرزت ، مفردها كاعب أى ناهد ، وهى الجارية التى تفلك ثديها واستدار.

(٥) جمع كوب وهو كوز لا عروة ولا خرطوم له.

٧٢

الجنة ، ولقوم بأرض النار. وقال الحسن : يحشرون على الارض الساهرة وهي أرض غير هذه وهي أرض الآخرة ، وفيها تكون جهنم ، وتقدير الكلام : وتبدل السماوات غير السماوات ، إلا أنه حذف لدلالة الظاهر عليه.

« وبرزوا لله » أي يظهرون من قبورهم للمحاسبة لا يسترهم شئ ، وجعل ذلك بروزا لله تعالى لان حسابهم معه وإن كانت الاشياء كلها بارزة له « الواحد » الذي لا شبيه له ولا نظير « القهار » المالك الذي لا يضام يقهر عباده بالموت الزوام « وترى المجرمين » يعني الكفار « يومئذ » أي يوم القيامة « مقرنين في الاصفاد » أي مجموعين في الاغلال ، قربت أيديهم بها إلى أعناقهم ، وقيل : يقرن بعضهم إلى بعض ، وقيل : مشدودين في قرن أى حبل من الاصفاد والقيود ، وقيل : يقرن كل كافر مع شيطان كان يضله في غل من حديد « سرابيلهم » أي قميصهم « من قطران » (١) وهو مايطلى به الابل شئ أسود لزج منتن يطلون به فيصير كالقميص عليهم ، ثم يرسل النار فيهم ليكون أسرع إليهم وأبلغ في الاشتعال وأشد في العذاب ، وقرأ زيد عن يعقوب « من قطر آن » على كلمتين منونتين ، وهو قراءة أبي هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير والكلبي وقتادة و عيسى الهمداني والربيع ، قال ابن جني : القطر : الصفر والنحاس ، والآن : الذي بلغ غاية الحر ، وجوز الجبائي على القرائتين أن يسربلوا بسربالين : أحدهما من القطران ، والآخر من القطر الآني « وتغشى وجوههم النار » أي تصيب وجوههم النار لا قطران عليها.

وفي قوله عزوجل : « تجادل عن نفسها » : أي تخاصمه الملائكة عن نفسها و تحتج بما ليس فيه حجة ، فيقول : « والله ربنا ما كنا مشركين » ويقول أتباعهم : « ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار » ويحتمل أن يكون المراد أنها تحتج عن نفسها بما تقدر به إزالة العقاب عنها.

وفي قوله تعالى : « وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا » : معناه : وإنا مخربون

____________________

(١) سيال دهنى يتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر والارز.

٧٣

الارض بعد عمارتها ، وجاعلون ما عليها مستويا من الارض يابسا لا نبات عليه ، وقيل : بلاقع.

وفي قوله تعالى : « ويسئلونك » : أي ويسألك منكروا البعث عند ذكر القيامة عن الجبال ما حالها؟ فقل : يا محمد : « ينسفها ربي نسفا » أي يجعلها ربي بمنزلة الرمل يرسل عليها الرياح فتذريها كتذرية الطعام من القشور والتراب فلا يبقى على وجه الارض منها شئ ، وقيل : يصيرها كالهباء ، وقيل : إن رجلا من ثقيف سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف تكون الجبال يوم القيامة مع عظمها؟ فقال : إن الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال « ثم يرسل عليها الرياح » فتفرقها « فيذرها » أي فيدع أماكنها من الارض إذا نسفتها « قاعا » أي أرضا ملسا ، وقيل : منكشفة « صفصفا » أي أرضا مستوية ليس للجبل فيها أثر ، وقيل : القاع والصفصف بمعنى واحد وهو المستوي من الارض الذى لا نبات فيه ، عن ابن عباس ومجاهد « لا ترى فيها عوجا ولا أمتا » أي ليس فيها مرتفع ولا منخفض قال الحسن : العوج : ما انخفض من الارض ، والامت ما ارتفع من الروابي « يومئذ يتبعون الداعي » أي يوم القيامة يتبعون صوت داعي الله الذي ينفخ في الصور « لا عوج له » أي لدعاء الداعي ، ولا يعدل عن أحد ، بل يحشرهم جميعا ، وقيل : معناه لا عوج لهم عن دعائه ولا يعدلون عن ندائه ، بل يتبعونه « سراعا وخشعت الاصوات للرحمن » أي خضعت الاصوات بالسكوت لعظمة الرحمن « فلا تسمع إلا همسا » وهو صوت الاقدام أي لا تسمع من صوت أقدامهم إلا صوتا خفيا كما يسمع من وطئ الابل ، وقيل : الهمس : إخفاء الكلام ، وقيل : معناه أن الاصوات العالية بالامر والنهي في الدنيا تنخفض وتذل أصحابها فلا تسمع منها إلا الهمس.

« يومئذ لا تنفع الشفاعة » أي لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره إلا شفاعة من أذن الله له في أن يشفع ورضي قوله فيها : من الانبياء والاولياء والصالحين والصديقين والشهداء « يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم » والضمير راجع إلى الذين يتبعون الداعي أي يعلم سبحانه منهم جميع أقوالهم وأفعالهم قبل أن يخلقهم وبعد أن خلقهم وما كان في حياتهم وبعد مماتهم ، لا يخفى عليه شئ من امورهم تقدم أو تأخر ، وقيل : يعلم

٧٤

ما بين أيديهم من أحوال الآخرة وما خلفهم من أحوال الدنيا « ولا يحيطون به علما » أي لا يحيطون هم بالله علما ، أي بمقدرواته ومعلوماته ، أو بكنه عظمته في ذاته وأفعاله « وعنت الوجوه للحي القيوم » أي خضعت وذلت حضوع الاسير في يد من قهره ، والمراد أرباب الوجوه ، وقيل : المراد بالوجوه الرؤساء والقادة والملكوك « وقد خاب » عن ثواب الله « من حمل ظلما » أي شركا « ومن يعمل من الصالحات » أي شيئا من الطاعات وهو مؤمن مصدق بما يجب التصديق به « فلا يخاف ظلما » بأن يزاد في سيئاته « ولا هضما » بأن ينقص من حسناته ، والهضم : النقص.

وفي قوله : عزوجل : « يوم نطوي السماء » (١) : المراد بالطي ههنا هو الطي المعروف فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته ، وقيل : إن طي السماء ذهابها « كطي السجل للكتب » السجل : صحيفة فيها الكتب ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : إن السجل ملك يكتب أعمال العباد ، عن أبي عمرو والسدي ، وقيل هو ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه ، عن عطاء ، وقيل : هو اسم كاتب كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « كما بدأنا أول خلق نعيده » أي حفاة عراتا غرلا ، وقيل : معناه : نهلك كل شئ كما كان أول مرة.

وفي قوله تعالى سبحانه : « يا أيها الناس اتقوا ربكم » : أي عذابه « إن زلزلة الساعة » (٢) أي زلزلة الارض يوم القيامة ، والمعنى أنها تقارن قيام الساعة وتكون معها ،

____________________

(١) قال السيد الرضى رضي‌الله‌عنه في المجازات : ص ١٤٧ : هذه استعارة ، والمراة بها على احد القولين ابطال السماء ونقض بنيتها واعدام جملتها من قولهم : طوى الدهر آل فلان إذا اهلكهم وعفى آثارهم ، وعلى القول الاخر يكون الطى ههنا على حقيقته فيكون المعنى : ان عرض السماء يطوى حتى يجمع بعد انتشاره ويتقارب بعد تباعد اقطاره فيصير كالسجل المطوى ، وهو ما يكتب فيه من جلد او قرطاس او ثوب او ما يجرى مجرى ذلك ، والكتاب ههنا مصدر كقولهم : كتب كتابا وكتابة وكتبا ، فيكون المعنى : يوم نطوى السماء كطى السجل ليكتب فيه ، فكانه قال : كطى السجل للكتابه ، لان الاغلب في هذه الاشياء التى اومأنا اليها أن تطوى قبل ان تقع الكتابة فيها ، لان الطى ابلغ في التمكن منها.

(٢) قال الرضى قدس الله روحه : المراد بزلزلة الساعة رجفان القلوب من خوفها ، واضطراب الاقدام من روعة موقعها ، ويشهد بذلك قوله سبحانه من بعد : « وترى الناس سكارى وما هم بسكارى » يريد تعالى من شدة الخوف والوجل والذهول والوهل.

٧٥

وقيل : إن هذه الزلزلة قبل قيام الساعة وإنما أضافها إليها لانها من أشراطها « شئ عظيم » أي أمر هائل لا يطاق ، وقيل : إن معناه أن شدة يوم القيامة أمر صعب « يوم ترونها » أي الزلزلة أو الساعة « تذهل كل مرضعة عما أرضعت » أي تشغل عن ولدها وتنساه. وقيل : تسلو عن ولدها (١) « وتضع كل ذات حمل حملها » أي تضع الحبالى ما في بطونهن وفي هذا دلالة على أن الزلزلة في الدنيا ، قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام ، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام ، ومن قال : المراد به القيامة قال : إنه تهويل لامر القيامة وشدائدها ، أي لو كان ثم مرضعة لذهلت ، أو حامل لوضعت « وترى الناس سكارى » من شدة الفزع « وما هم بسكارى » من الشراب « ولكن عذاب الله شديد » فمن شدته يصيبهم ما يصيبهم.

وفي قوله تعالى : « يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار » : أراد يوم القيامة تتقلب فيه أحوال القلوب والابصار وتنتقل من حال إلى حال ، فتلفحها النار ، (٢) ثم تنضجها ثم تحرقها ، وقيل : تتقلب فيه القلوب والابصار بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك ، وتتقلب الابصار يمنة ويسرة من أين تؤتى كتبهم ، ومن أين يؤخذ بهم ، أمن قبل اليمين أم من قبل الشمال؟ وقيل : تتقلب القلوب ببلوغها الحناجر ، والابصار بالعمى بعد البصر ، وقيل : معناه : تنتقل القلوب من الشك إلى اليقين والايمان ، والابصار عما كانت تراه غيا فتراه رشدا ، فمن كان شاكا في دنياه أبصر في آخرته ، ومن كان عالما ازداد بصيرة وعلما.

وفي قوله تعالى : « يقسم المجرمون » : أي يحلف المشركون « ما لبثوا في القبور غير ساعة » واحدة ، عن الكلبي ومقاتل ، وقيل : يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة لاستقلالهم مدة الدنيا ، وقيل : يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة ، عن الجبائي ، ومتى قيل : كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية؟ قيل : فيه أقوال : أحدها : أنهم حلفوا على الظن ولم يعلموا لبثهم في القبور فكأنهم قالوا

____________________

(١) سلى عنه : نسيه. طابت نفسه عنه وذهل عن ذكره وهجره.

(٢) لفح النار او السموم بحرها فلانا : أصابت وجهه وأحرقته.

٧٦

ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا ، وثانيها : أنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة فكأنهم قالوا : ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة ، وثالثها ، أن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل إكمال عقولهم « كذلك كانوا يؤفكون » في دار الدنيا أي يكذبون ، وقيل : يصرفون صرفهم جهلهم عن الحق في الدارين ، ومن استدل بهذه الآية على نفي عذاب القبر فقد أبعد لما بينا أنه يجوز أن يريدوا أنهم لم يلبثوا بعد عذاب الله إلا ساعة « وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم » أي مكثتم « في كتاب الله » معناه أن لبثكم ثابت في كتاب الله أثبته الله فيه وهو قوله : « ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون » وهذا كما يقال : إن كل ما يكون فهو في اللوح المحفوظ أي هو مثبت فيه ، والمراد : لقد لبثتم في قبوركم إلى يوم البعث ، وقيل : إن الذين اوتوا العلم والايمان هم الملائكة ، وقيل : هم الانبياء ، وقيل : المؤمنون ، وقيل : إن هذا على التقديم وتقديره : وقال الذين اوتوا العلم في كتاب الله وهم الذين يعلمون كتاب الله والايمان لقد لبثتم إلى يوم البعث فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا ، ولكنكم كنتم لا تعلمون وقوعه في الدنيا ، فلا ينفعكم العلم به الآن ، ويدل على هذا المعنى قوله : « فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر معذرتهم » فلا يمكنون من الاعتذار ، ولو اعتذروا لم يقبل عذرهم « ولا هم يستعتبون » أي لا يطلب منهم الاعتاب والرجوع إلى الحق.

وفي قوله : سبحانه « لينذر » : أي النبي بما اوحي إليه « يوم التلاق » يلتقي في ذلك اليوم أهل السماء وأهل الارض ، وقيل : يلتقي فيه الاولون والآخرون والخصم والمخصوم والظالم والمظلموم ، وقيل : يلتقي الخلق والخالق يعني أنه يحكم بينهم ، وقيل : يلتقي المرء وعمله ، والكل مراد « يوم هم بارزون » من قبورهم ، وقيل : يبرز بعضهم لبعض فلا يخفى على أحد حال غيره لانه ينكشف له ما يكون مستورا « لا يخفى على الله منهم شئ » أي من أعمالهم وأحوالهم « ويقول » الله في ذلك اليوم : « لمن الملك اليوم » فيقر المؤمنون والكافرون بأنه « لله الواحد القهار » وقيل : إنه سبحانه هو القائل لذلك وهو المجيب لنفسه ، ويكون في الاخبار بذلك مصلحة للمكلفين ، قال محمد بن كعب

٧٧

القرطي (١) : يقول الله تعالى ذلك بين النفختين حين يفني الخلائق كلها ثم يجيب نفسه لانه بقي وحده ، والاول أصح لانه بين أنه يقول ذلك يوم التلاق يوم يبرز العباد من قبورهم ، وإنما خص ذلك اليوم بأن له الملك فيه لانه قد ملك العباد بعض الامور في الدنيا ، ولا يملك أحد شيئا ذلك اليوم.

فإن قيل : أليس يملك الانبياء والمؤمنون في الآخرة الملك العظيم؟ فالجواب أن أحدا لا يستحق إطلاق الصفة بالملك إلا الله تعالى ، لانه يملك جميع الامور من غير تمليك مملك ، وقيل : إن المراد به يوم القيامة قبل تمليك أهل الجنة ما يملكهم « اليوم تجزى كل نفس ما كسبت » يجزى المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته ، وفي الحديث : إن الله تعالى يقول : أنا الملك ، أنا الديان ، لا ينبغي لاحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لاحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منه ، ثم تلا هذه الآية : « لا ظلم اليوم » أي لا ظلم لاحد على أحد ، ولا ينقص من ثواب أحد ولا يزاد في عقاب أحد « إن الله سريع الحساب » لا يشغله محاسبة واحد عن محاسبة غيره « وأنذرهم يوم الآزفة » أي الدانية ، وهو يوم القيامة لان كل ما هو آت دان قريب ، وقيل : يوم دنو المجازاة « إذ القلوب لدى الحناجر » وذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف حتى تصير إلى الحنجرة « كاظمين » أي مغمومين مكروبين ممتلين غما ، قد أطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف « ما للظالمين من حميم » يريد : ما للمشركين والمنافقين من قريب ينفعهم « ولا شفيع يطاع » فيهم فتقبل شفاعته « يعلم خائنة الاعين » أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه « وما تخفي الصدور » ويعلم

____________________

(١) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح « القرظى » بالمعجمة ، قال ابن الاثير في اللباب : هذه النسبة إلى قريظة وهو اسم رجل نزل أولاده حصنا بقرب المدينة ، وقريظة والنضير أخوان من أولاد هارون النبي عليه‌السلام ، والمنتسب إلى قريظة جماعة : منهم كعب بن سليم القرظى المدنى يروى عن على بن أبيطالب رضي‌الله‌عنه ، روى عنه ابنه محمد بن كعب ، وابنه محمد بن كعب القرظى أبوحمزة ، يروى من ابن عباس وابن عمر وغيرهما وكان من فضلاء أهل المدينة ، توفى بها سنة ١٠٨ وقيل : سنة ١١٧ انتهى. وقال ابن حجر في التقريب : ص ٤٦٨ : كان قد نزل كوفة مدة ، ثقة عالم من الثالثة ، ولد سنة اربعين على الصحيح ، ومات سنة عشرين ، وقيل قبل ذلك.

٧٨

ما تضمره الصدور « والله يقضي بالحق » أي يفصل بين الخلائق بالحق « والذين يدعون من دونه » من الاصنام « لا يقضون بشئ » لانها جماد.

وفي قوله تعالى : « يوم يدع الداع إلى شئ نكر » أي منكر غير معتاد ولا معروف بل أمر فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما ، واختلف في الداعي فقيل : هو إسرافيل يدعو الناس إلى الحشر قائما على صخرة بيت المقدس ، وقيل : بل الداعي يدعوهم إلى النار ، و « يوم » ظرف ليخرجون ، ويجوز أن يكون التقدير : في هذا اليوم يقول الكافرون « خشعا أبصارهم » أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب ، وإنما وصف الابصار بالخشوع لان ذلة الذليل وعزة العزيز تتبين في نظره وتظهر في عينه « يخرجون من الاجداث » أي من القبور « كأنهم جراد منتشر » والمعنى : أنهم يخرجون فزعين يدخل بعضهم في بعض ويختلط بعضهم ببعض ، لا جهة لاحد منهم فيقصدها ، كما أن الجراد لا جهة لها فتكون أبدا متفرقة في كل جهة ، وقيل : إنما شبههم بالجراد في كثرتهم ، وفي هذه الآية دلالة على أن البعث إنما يكون لهذه البنية لانها الكائنة في الاجداث ، خلافا لمن زعم أن البعث يكون للارواح « مهطعين إلى الداع » أي مقبلين إلى صوت الداعي ، وقيل : مسرعين إلى إجابة الداعي ، وقيل : ناظرين قبل الداعي ، قائلين : « هذا يوم عسر » أي صعب شديد.

وفي قوله تعالى : « يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا » : أي تخرجوا هاربين من الموت ، يقال نفذ الشئ من الشئ : إذا خلص منه ، كالسهم ينفذ من الرمية « من أقطار السماوات والارض » أي جوانبهما ونواحيهما « فانفذوا » أي فاخرجوا « لا تنفذون إلا بسلطان » أي حيث توجهتم فثم ملكي ولا تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت ، وقيل : لا تنفذون إلا بقدرة من الله وقود يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا آخر سوى السماوات والارض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه ، وقيل : المعنى : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والارض فاعلموا أنه لا يمكنكم ذلك « لا تنفذون إلا بسلطان » أي لا تعلمون إلا بحجة وبيان ، وقيل : « لا تنفذون إلا بسلطان » معناه : حيث ما نظرتم شاهدتم حجة الله وسلطانه الذي يدل على توحيده « يرسل

٧٩

عليكما شواظ من نار » هو اللهب الاخضر المنقطع من النار « ونحاس » هو الصفر المذاب للعذاب ، وقيل : النحاس : الدخان ، وقيل : المهل ، والمعنى : لا تنفذون ولو جاز أن تنفذوا وقدرتم عليه لارسل عليكم العذاب من النار المحرقة ، وقيل : معناه : إنه يقال لهم ذلك يوم القيامة « يرسل عليكما » أي على من أشرك منكما ، وقد جاء في الخبر : يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ، ثم ينادون : « يا معشر الجن والانس » إلى قوله : « شواظ من نار » وروى مسعدة بن صدقة ، عن كليب قال : كنا عند أبي عبدالله عليه‌السلام فأنشأ يحدثنا فقال : إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك إنه يوحي إلى السماء الدنيا : أن اهبطي بمن فيك ، فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الارض من الجن والانس والملائكة ، ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين ، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فيصير الجن والانس في سبع سرادقات من الملائكة ، ثم ينادي مناد : يا معشر الجن والانس « إن استطعتم » الآية فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبع أطواق من الملائكة ، وقوله : « فلا تنتصران » أي فلا تقدران على دفع ذلك عنكما وعن غيركما « فإذا انشقت السماء » يعني يوم القيامة إذا انصدعت السماء وانفك بعضها من بعض « فكانت وردة » أي فصارت حمراء كلون الفرس الورد وهو الابيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة ، فيكون في الشتاء أحمر وفي الربيع أصفر وفي اشتداد البرد أغبر ، سبحانه خالقها والمصرف لها كيف يشاء ، والوردة واحدة الورد فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك ، وقيل : أراد به وردة النبات وهي حمراء وقد تختلف ألوانها ولكن الاغلب في ألوانها الحمرة لتصير السماء كالوردة في الاحمرار ، ثم تجري كالدهان ، وهو جمع الدهن عند انقضاء الامر وتناهي المدة ، قال الحسن : هي كالدهان التي تصب بعضها بألوان مختلفة ، قال الفراء : شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل ، وشبه الوردة في اختلافه بالدهن واختلاف ألوانه ، وقيل : الدهان : الاديم(١) الاحمر ، وقيل : هو عكر الزيت(٢) يتلون ألوانا « فيومئذ » يعني

____________________

(١) الاديم : الجلد.

(٢) عكر : ضد الصافى ، وهو دردى الزيت.

٨٠