بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

له من الاجر مثال اجور عشرة من الصادقين في عمرهم ، بالغة أعمارهم ما بلغت ، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه ، ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنة ، ويكون من رفقائهم وساق الحديث إلى أن قال ـ : ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقا على الله عزوجل أن يرضيه يوم القيامة ، وبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام رجب ستة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلالؤ أشد بياضا من نور الشمس ، واعطي سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة ، وبعث من الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب ـ وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي : لا إله إلا الله ، ولا يصرف وجه دون الجنة وخرج من قبره ولوجهه نور يتلالؤ لاهل الجمع حتى يقولوا : هذا نبي مصطفى ، وإن أدنى ما يعطى أن يدخل الجنة بغير حساب ، ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله له جناحين أخضرين منظومين بالدر والياقوت يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف إلى الجنان ـ وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام أحد عشر يوم من رجب لم يواف يوم القيامة عبد أفضل ثوابا منه إلا من صام مثله أو زاد عليه ، ومن صام من رجب اثنى عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوين من سندس وإستبرق يحبر بهما ، لو دليت حلة منهما إلى الدنيا لاضاء ما بين شرقها وغربها ، ولصار الدنيا أطيب من ريح المسك ، ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظل العرش قوائمها من در أوسع من الدنيا سبعين مرة ، عليها صحاف الدر والياقوت ، في كل صفحة سبعون ألف لون من الطعام ، لا يشبه اللون اللون ولا الريح الريح ، فيأكل منها والناس في شدة شديدة وكرب عظيم ـ وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام من رجب خمسة عشر يوم وقف يوم القيامة موقف الآمنين فلا يمر به ملك مقرب ولا رسول ولا نبي إلا قال : طوباك أنت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن الجنان ـ وساقه إلى إن قال ـ : ومن صام سبعة عشر يوما من رجب وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان ، تشيعه

٣٠١

الملائكة بالترحيب (١) والتسليم ـ وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام من رجب أحدا و عشرين يوما شفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر كلهم أهل الخطايا والذنوب ، ـ وساقه إلى أن قال ـ : ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنه إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف ملك ، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت ، ومعهم طرائف الحلي والحلل ، فيقولون : يا ولي الله النجا (٢) إلى ربك ، فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك هو الفوز العظيم ، ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بنى الله له في ظل العرش مائة قصر من در وياقوت ، على رأس كل قصر خيمة حمراء من حرير الجنان ، يسكنها ناعما والناس في الحساب ، الخبر « ص ٣١٩ ـ ٣٢١ »

٥٣ ـ كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من وقر ذا شيبة في الاسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة. « ج ٢ ص ٦٥٨ »

٥٤ ـ كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من دفن في الحرم أم من الفزع الاكبر ، قلت له : من بر الناس وفاجرهم؟ قال : من بر الناس وفاجرهم. « ف ج ١ ص ٢٣٧ »

٥٥ ـ كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من مات في طريق مكة ذاهبا أو جائيا أمن من الفزع الاكبر يوم القيامة. « ف ج ١ ص ٢٣٩ »

٥٦ ـ يه : عن الصادق عليه‌السلام قال : من مات محرما بعثه الله ملبيا.

٥٧ ـ وقال عليه‌السلام : من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين ، ومن مات بين الحرمين لم ينشر له ديوان.

٥٨ ـ كا : عن الرضا عليه‌السلام قال : من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ : إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أمن يوم الفزع الاكبر. « ف ج ١ ص ٦٢ »

٥٩ ـ ل : بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من مقت نفسه دون الناس (٣) آمنه الله من فزع يوم القيامة. « ص ١١ »

____________________

(١) رحبه : قال له : مرحبا.

(٢) النجاء والنجا أى أسرع ، هو من باب الاغراء منصوب بفعل محذوف تقديره : ألزم النجاء ، وقد يوصل به كاف الخطاب ، يقال النجاءك النجاءك ، النجاك النجاك.

(٣) في المصدر : دون مقت الناس. م

٣٠٢

٦٠ ـ يه : بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عزوجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر. « ص ٤٦٨ »

٦١ ـ ثو : بإسناده عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : من حمل أخاه على رحله بعثه الله يوم القيامة إلى الموقف على ناقة من نوق الجنة يباهي به الملائكة. « ص ١٤١ »

٦٢ ـ فس : قال أبوجعفر عليه‌السلام : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة.

٦٣ ـ كا : عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من عمل يوضع(١) في ميزان امرء يوم القيامة أفضل من حسن الخلق. « ج ٢ ص ٩٩ »

٦٤ ـ لى : عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف. « ص ٣٠٤ »

٦٥ ـ لى : عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقربكم غدا مني في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للامانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس.

٦٦ ـ ما : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من ارتبط فرسا في سبيل الله كان علفه وروثه وشرابه في ميزانه يوم القيامة.

٦٧ ـ ثو : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قولوا : سبحان الله و الحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات ، وهن الباقيات الصالحات. « ص ٩ »

٦٨ ـ ثو : عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة. « ص ٢٨ »

٦٩ ـ ثو : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون. « ص ٣١ »

____________________

(١) في المصدر : ما يوضع اه. م

٣٠٣

٧٠ ـ ثو : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الارض لعل الله يصرف عنه الغل يوم القيامة « ص ٣٣ »

٧١ ـ ثو : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يبعث قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور ، ورياشهم من نور ، جلوس على كراسي من نور ، قال فتشرف لهم الخلائق فيقولون : هؤلاء أنبياء؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء بأنبياء ، قال : فيقولون : هؤلاء شهداء؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء شهداء ، ولكن هؤلاء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين (على المعسر خ ل) وينظرون المعسر حتى ييسر. « ص ١٣٩ »

٧٢ ـ ثو : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا عند الميزان يوم القيامة فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة علي حتى أثقل بها حسناته. « ص ١٤٩ »

٧٣ ـ سن : عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن أبيه عليهما‌السلام ، عن علي صلوات الله عليه قال : من وقر مسجدا لقى الله يوم يلقاه ضاحكا مستبشرا ، وأعطاه كتابه بيمينه. « ص ٥٤ »

٧٤ ـ كا : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قبل ولده كتب الله له حسنة ، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة ، ومن علمه القرآن دعي بالابوين فكسيا حلتين يضئ من نورهما وجوه أهل الجنة.(١)

٧٥ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن محمد العلوي ، عن جده الحسين بن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يعير الله عزوجل عبدا من عباده يوم القيامة فيقول : عبدي ما منعك إذا مرضت أن تعودني؟ فيقول : سبحانك سبحانك أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض ، فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزتي وجلالي لوعدته لوجدتني عنده ، ثم لتكفلت بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن وأنا الرحمن الرحيم.

٧٦ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن ابن اورمة ، (٢) ومحمد بن عبدالله ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : دخل

____________________

(١) أخرج المصنف الاحاديث مرسلا للاختصار وسيوردها في أبوابها مسندة.

(٢) بضم الهمزة واسكان الواو وفتح الراء والميم.

٣٠٤

أبوعبدالله الجدلي على أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أبا عبدالله ألا اخبرك بقول الله عزوجل : من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ، فقال : الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت ، والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآي.

٧٧ ـ سن : ابن فضال ، عن ابن حميد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي داود ، عن أبي عبدالله الجدلي مثله.

فر : محمد بن القاسم بن عبيد رفعه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.(١) « ص ١١٥ – ١١٦ »

٧٨ ـ كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزوجل مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيجا ١٨٢

(٢) عنه يوم القيامة ، فيقول : يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي ، فبلغ به أكرم عطائك ، قال : فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ، ثم يقال له : هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن : يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا ، فيعطى الامن بيمينه ، والخلد بيساره ، ثم يدخل الجنة ، فيقال له : اقرء واصعد درجة ، ثم يقال له : هل بلغناك(٣) وأرضيناك؟ فيقول : نعم ، قال : ومن قرأ كثيرا أو تعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزوجل أجر هذا مرتين. « ج ٢ ص ٦٠٣ ـ ٦٠٤ »

٧٩ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن قراءة القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب (٤) يقول لربه عزوجل : يا رب هذا أظمأت نهاره ، وأسهرت ليلة ، وقويت في رحمتك طمعه ، وفسحت في مغفرتك أمله ، فكن عند ظني فيك وظنه ، فيقول الله تعالى : اعطوه الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، وأقرنوه بأزواجه من الحور العين ، واكسوا

____________________

(١) باختلاف يسير. م

(٢) في المصدر : حجيزا عنه. م

(٣) في المصدر : هل بلغنا به وارضيناك اه. م

(٤) الشاحب : المهزول أو المتغير اللون.

٣٠٥

والديه حلة لا تقوم لها الدنيا بما فيها ، فينظر إليهما الخلائق فيعظمونهما ، وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منها ، فيقولان : يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟ فيقول الله عزوجل : ومع هذا تاج الكرامة لم ير مثله الراؤون ، ولم يسمع بمثله السامعون ، ولم يتفكر في مثله المتفكرون فيقال : هذا بتعليمكما ولدكما القرآن ، وبتصيير كما إياه بدين الاسلام ، وبرياضتكما إياه على محمد رسول الله وعلي ولي الله ، وتفقيهكما إياه بفقههما ، لانهما اللذين لا يقبل الله لاحد عملا إلا بولايتهما ومعاداة أعدائهما ، وإن كان مابين الثرى إلى العرش ذهبا يتصدق به في سبيل الله ، فتلك البشارات التي تبشرون بها.

( باب ١٦)

*( تطاير الكتب ، وانطاق الجوارح ، وسائر الشهداء في القيامة )*

الايات ، النساء « ٤ » فيكف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا * يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا ٤١ ـ ٤٢.

النحل « ١٦ » ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون ٨٤ « وقال تعالى » : ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ٨٩.

الاسراء « ١٧ » وكل أنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيمة كتابا يلقيه منشورا * اقرء كتابك كفى بنفسك اليوم حسيبا ١٣ ـ ١٤ « وقال تعالى » : إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ٢٦.

الحج « ٢٢ » ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ٧٨.

النور « ٢٤ » ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ٢٣ ـ ٢٥.

٣٠٦

يس « ٣٦ » اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ٦٥.

السجدة « ٤١ » ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون * وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين * فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ١٩ ـ ٢٤.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله في قوله سبحانه : « فكيف » : أي فكيف حال الامم وكيف يصنعون « إذا جئنا من كل امة » من الامم « بشهيد وجئنا بك » يا محمد « على هؤلاء » يعني قومه « شهيدا » ومعنى الآية أن الله تعالى يستشهد يوم القيامة كل نبي على امته فيشهد لهم وعليهم ، ويستشهد نبينا على امته « يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض » معناه : لو يجعلون والارض سواءا ، كما قال سبحانه : « ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا » وروي عن ابن عباس أن معناه : يودون أن يمشي عليهم أهل الجمع يطؤونهم بأقدامهم كما يطؤون الارض ، وعلى القول الاول فالمراد أن الكفار يوم القيامة يودون أنهم لن يبعثوا وأنهم كانوا والارض سواءا ، لعلمهم بما يصيرون إليه من العذاب والخلود في النار ، وروي أيضا أن البهائم يصيرون ترابا فيتمنى عند ذلك الكفار أنهم صاروا كذلك ترابا « ولا يكتمون الله حديثا » قيل فيه أقوال : أحدها أنه عطف على قوله : « لو تسوى » أي ويودون أن لو لم يكتموا الله حديثا ، لانهم إذا سئلوا قالوا : « والله ربنا ما كنا مشركين » فتشهد عليهم جوارحهم بما عملوا فيقولون : يا ليتنا كنا ترابا ويا ليتنا لم نكتم الله شيئا ، وهذا قول ابن عباس.

وثانيها أنه كلام مستأنف والمراد به أنهم لا يكتمون الله شيئا من امور الدنيا

٣٠٧

وكفرهم ، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم ، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا ينفعهم الكتمان ، وإنما يقولون : « والله ربنا ما كنا مشركين » في بعض الاحوال ، فإن للقيامة مواطن وأحوالا ، (١) ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسا ، وفي موطن ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي ظنا منهم أن ذلك ينفعهم ، وفي موطن يعترفون بما فعلوه ، عن الحسن.

وثالثها أن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شئ من الله تعالى لان جوارحهم تشهد عليهم بما فعلوه ، فالتقدير : لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه هم.

ورابعها أن المراد : ودوا لو تسوى بهم الارض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعثه ، عن عطا.

وخامسها أن الآية على ظاهرها ، فالمراد : ولا يكتمون الله شيئا لانهم ملجؤون إلى ترك القبائح والكذب ، وقولهم : « والله ربنا ما كنا مشركين » عند أنفسنا لانهم كانوا يظنون في الدنيا أن ذلك ليس بشرك من حيث تقربهم إلى الله ، عن البلخي. وفي قوله تعالى : « ويوم نبعث من كل امة شهيدا » يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه من كل امة شهيدا وهم الانبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم. وقال الصادق عليه‌السلام : لكل زمان وامة إمام تبعث كل امة مع إمامها.

وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك أن ذلك أهول في النفس ، و أعظم في تصور الحال ، وأشد في الفضيحة إذا قامت الشهادة بحضرة الملا مع جلالة الشهود وعدالتهم عند الله تعالى ، ولانهم إذا علموا أن العدول عند الله يشهدون عليهم بين يدي الخلائق فإن ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي ، وتقديره : واذكر يوم نبعث. « ثم لا يؤذن للذين كفروا » أي لا يؤذن لهم في الكلام والاعتذار ، أولا يؤذن لهم في الرجوع إلى الدنيا ، أو لا يسمع منهم العذر ، يقال : أذنت له أي استمعت « ولا هم يستعتبون » أي لا يسترضون ولا يستصلحون ، لان الآخرة ليست بدار تكليف ، ومعناه : لا يسألون أن يرضوا الله بالكف عن معصية يرتكبونها.

____________________

(١) يأتي شرح تلك المواطن في الاخبار ، راجع رقم ٧.

٣٠٨

وفي قوله سبحانه : « ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من أنفسهم » : أي من أمثالهم من البشر ، ويجوز أن يكون ذلك الشهيد نبيهم الذي ارسل إليهم ، ويجوز أن يكون المؤمنون العارفون يشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي ، وفي هذا دلالة على أن كل عصر لا يجوز أن يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره ، وهو عدل عند الله تعالى ، وهو قول الجبائي وأكثر أهل العدل ، وهذا يوافق ما ذهب إليه أصحابنا وإن خالفوهم في أن ذلك العدل والحجة من هو؟ « وجئنا بك » يا محمد « شهيدا على هؤلاء » يريد على قومك وامتك.

وفي قوله تعالى : « وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه » : معناه : وألزمنا كل إنسان عمله من خير أو شر في عنقه كالطوق لا يفارقه ، وإنما قيل للعمل : طائر على عادة العرب في قولهم : جرى طائره بكذا ، وقيل : طائره يمنه وشؤمه وهو ما يتطير به ، و قيل : طائره حظه من الخير والشر ، وخص العنق لانه محل الطوق الذي يزين المحسن ، والغل الذي يشين المسئ ، وقيل : طائره كتابه ، وقيل : معناه : جعلنا لكل إنسان دليلا من نفسه لان الطائر عندهم يستدل به على الامور الكائنة ، فيكون معناه : كل إنسان دليل نفسه وشاهد عليها ، إن كان محسنا فطائره ميمون ، وإن أساء فطائره مشوم و « نخرج له يوم القيمة كتابا » وهو ما كتبه الحفظة عليهم من أعمالهم « يلقيه » أي يرى ذلك الكتاب « منشورا » أي مفتوحا معروضا عليه ليقرأ ويعلم ما فيه ، والهاء في « له » عائد إلى الانسان أو إلى العمل ، ويقال له : « اقرء كتابك » قال قتادة : و يقرء يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا « كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا » أي محاسبا ، وإنما جعله محاسبا لنفسه لانه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلها مكتوبة ورأى جزاء أعماله مكتوبا بالعدل أذعن عند ذلك وخضع واعترف ، ولم يتهيأ له حجة ولا إنكار ، وظهر لاهل المحشر أنه لا يظلم.

وفي قوله تعالى : « كل اولئك كان عنه مسئولا » : معناه أن السمع يسأل عما سمع ، والبصر عما رأى : والقلب عما عزم عليه ، والمراد أن أصحابها هم المسؤولون ولذلك قال : « كل اولئك » وقيل : بل المعنى : كل اولئك الجوارح يسأل عما

٣٠٩

فعل بها ، قال الوالبي عن عباس : يسأل العباد فيما استعملوها.

وفي قوله : « ليكون الرسول شهيدا عليكم » : أي بالطاعة والقبول ، فإذا شهد لكم صرتم به عدولا تستشهدون على الامم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم الرسالة ، وأنهم لم يقبلوا ، وقيل : معناه : ليكون الرسول شهيدا عليكم في إبلاغ رسالة ربه إليكم ، وتكونوا شهداء على الناس بعده بأن تبلغوا إليهم ما بلغه الرسول إليكم. وفي قوله عزوجل : « يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون » : بين سبحانه أن ذلك العذاب يكون في يوم تشهد ألسنتهم فيه عليهم بالقذف ، وسائر أعضائهم بمعاصيهم. وفي كيفية شهادة الجوارح أقوال : أحدها أن الله يبنيها ببنيه يمكنها النطق والكلام من جهتها فتكون ناطقة ، والثاني أن الله تعالى يفعل فيها كلاما يتضمن الشهادة فيكون المتكلم هو الله تعالى دون الجوارح ، واضيف إليها الكلام على التوسع لانها محل الكلام ، والثالث أن الله تعالى يجعل فيها علامة تقوم مقام النطق بالشهادة ، ويظهر فيها أمارات دالة على كون أصحابها مستحقين للنار ، فسمي ذلك شهادة مجازا كما يقال : عيناك تشهدان بسهرك ، وأما شهادة الانس فبأن يشهدوا بألسنتهم إذا رأوا أنه لا ينفعهم الجحود. وأما قوله : « اليوم نختم على أفواههم » فإنه يجوز أن يخرج الالسنة ويختم على الافواه ، ويجوز أن يكون الختم على الافواه في حال شهادة الايدي والارجل « يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق » أي يتمم الله لهم جزاءهم الحق ، فالدين بمعنى الجزاء ، ويجوز أن يكون المراد جزاء دينهم الحق. وفي قوله : « اليوم نختم على أفواههم » : هذا حقيقة الختم فيوضع على أفواه الكفار يوم القيامة فلا يقدرون على الكلام والنطق.

وفي قوله تعالى : « فهم يوزعون » : أي يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا ولا يتفرقوا « حتى إذا ما جاؤوها » أى جاؤوا النار التي حشروا إليها « شهد عليهم سمعهم » بما قرعه من الدعاء إلى الحق فأعرضوا عنه « وأبصارهم » بما رأوا من الآيات الدالة على وحدانية الله فلم يؤمنوا ، وسائر « جلودهم » بما باشروه من المعاصي والاعمال القبيحة ، وقيل : المراد بالجلود هنا الفروج على طريق الكناية عن ابن عباس و

٣١٠

المفسرين.(١) « وقالوا » يعني الكفار « لجلودهم لم شهدتم علينا » أي يعاتبون أعضائهم فيقولون : لم شهدتم علينا؟ « قالوا » أي فيقول جلودهم في جوابهم : « أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ » أي مما ينطق ، والمعنى : أعطانا الله آلة النطق والقدرة عليه وتم الكلام ، ثم قال سبحانه : « وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون » في الآرخرة « وما كنتم تستترون أن يشهد » أي من أن يشهد « عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم » أي لم يكن مهيأ لكم أن تستتروا أعمالكم عن هذه الاعضاء ، لانكم كنتم بها تعملون فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة ، وقيل : معناه : وما كنتم تتركون المعاصي حذرا أن تشهد عليكم جوارحكم بها ، لانكم ما كنتم تظنون ذلك « ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون » لجهلكم بالله تعالى فهان عليكم إرتكاب المعاصي لذلك ، وروي عن ابن مسعود أنها نزلت في ثلاثة نفر تساروا فقالوا : أترى أن الله يسمع تسارنا؟ ويجوز أن يكون المعنى أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله يخفى على الله ، وقيل : إن الكفار كانوا يقولون : أن الله لا يعلم ما في أنفسنا ولكنه يعلم ما نظهر وذلكم ظنكم الذي طننتم بربكم أرديكم « ذلكم » مبتدء ، و « ظنكم » خبره ، و « ارديكم » خبر ثان ، ويجوز ان يكون « ظنكم » بدلا من « ذلكم » والمعنى : وظنكم الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون أهلككم ، إذ هون عليكم أمر المعاصي ، وأدى بكم إلى الكفر « فأصبحتم من الخاسرين » أي وظللتم من جملة من خسرت تجارته لانكم خسرتم الجنة وحصلتم في النار.

وقال الصادق عليه‌السلام : ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار ويرجوه رجاءا كأنه من أهل الجنة ، إن الله تعالى يقول : « وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم » الآية : ثم قال : إن الله عند ظن عبده به ، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.

« فإن يصبروا فالنار مثوى لهم » أي فإن يصبر هؤلاء على النار والامهال و ليس المراد به الصبر المحمود ولكنه الامساك عن إظهار الشكوى وعن الاستغاثة

____________________

(١) يسأتى تفسيره بذلك عن الصادق عليه‌السلام في الخبر الاتى تحت رقم ٤ و ١٣.

٣١١

فالنار مسكن لهم « وإن يستعتبوا فماهم من المعتبين » أي وإن يطلبوا العتبى (١) وسألوا الله أن يرضى عنهم فليس لهم طريق إلى الاعتاب فما هم ممن يقبل عذرهم ويرضى عنهم وتقدير الآية : إنهم إن صبروا وسكتوا وجزعوا فالنار مأواهم ، كما قال سبحانه : « اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم » والمعتب هو الذي يقبل عتابه ويجاب إلى ما سأل.

١ ـ فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه » يقول : خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه حتى يعطى كتابه يوم القيامة بما عمل. « ص ٣٧٩ »

٢ ـ فس : قال : علي بن إبراهيم في قوله : « وإذا الصحف نشرت » قال : صحف الاعمال. « ص ٧١٣ »

٣ ـ فس : « اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم » إلى قوله : « بما كانوا يكسبون » قال : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا ، فيشهد عليهم الملائكة فيقولون : يا رب ملائكتك يشهدون لك ، ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا ، وهو قوله : « يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم » فإذا فعلوا ذلك ختم على ألسنتهم وينطق جوارحهم بما كانوا يكسبون. « ص ٥٥٢ »

٤ ـ فس : « حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون » فإنها نزلت في قوم يعرض عليهم أعمالهم فينكرونها فيقولون : ما عملنا منها شيئا ، فيشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم.

فقال الصادق عليه‌السلام : فيقولون لله : يا رب هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ، ثم يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا ، وهو قول الله : « يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم » وهم الذين غصبوا أميرالمؤمنين ، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم وينطق جوارحهم فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله ، ويشهد البصر بما نظر به إلى ما حرم الله ، وتشهد

____________________

(١) العتبى : الرضا.

٣١٢

اليدان بما أخذتا ، وتشهد الرجلان بما سعتا مما حرم الله ، وتشهد الفرج بما ارتكبت مما حرم الله ، ثم أنطق الله ألسنتهم فيقولون هم لجلودهم : « لم شهدتم علينا » فيقولون : أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون و « ما كنتم تستترون » أي من الله « أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم » والجلود الفروج « ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ». « ص ٥٩١ ـ ٥٩٢ »

٥ ـ شى : عن أبي معمر السعدي قال : قال علي بن إبي طالب عليه‌السلام في صفة يوم القيامة : يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيقام الرسل فيسأل فذلك قوله لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا » وهو الشهيد على الشهداء ، والشهداء هم الرسل عليهم‌السلام.

٦ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة ، ختم على الافواه فلا تكلم ، وقد تكلمت الايدي ، وشهدت الارجل ، ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا.

٧ ـ شى : عن أبي معمر السعدي قال : أتي عليا عليه‌السلام رجل فقال : يا أمير المؤمنين أني شككت في كتاب الله المنزل ، فقال له علي عليه‌السلام : ثكلتك امك وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟ فقال له الرجل : لاني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا وينقض بعضه بعضا ، قال : فهات الذي شككت فيه ، فقال : لان الله يقول : « يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا » و يقول حيث استنطقوا : « قالوا والله ربنا ما كنا مشركين » ويقول : « يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا » ويقول : « إن ذلك لحق تخاصم أهل النار » و يقول : « لا تختصموا لدي » ويقول : « اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون » فمرة يتكلمون ومرة لا يتكلمون ، ومرة ينطق الجلود والايدي والارجل ، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له علي عليه‌السلام : إن ذلك ليس في موطن واحد هي في مواطن في ذلك

٣١٣

اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة ، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه فيكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض ، اولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل والاتباع وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا ، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا ، الذين بدت منهم المعاصي في دار الدنيا وتعاونوا على الظلم و العدوان في دارالدنيا ، والمستكبرون منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا ، ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض وذلك قوله : « يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه » إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا « لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه » ثم يجمعون في موطن يبكون فيه فلو أن تلك الاصوات بدت لاهل الدنيا لاذهلت جميع الخلائق عن معائشهم ، وصدعت الجبال إلا ما شاءالله ، فلا زوالون يبكون حتى يبكون الدم ، ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه فيقولون : « الله ربنا ما كنا مشركين » ولا يقرون بما عملوا فيختم على أفواههم و يستنطق الايدي والارجل والجلود فتنطق فتشهد بكل معصية بدت منهم ، ثم يرفع الخاتم عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم : « لم شهدتم علينا » فتقول : « أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ » ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، ويجتمعون في موطن يختصمون فيه ويدان لبعض الخلائق من بعض وهو القول ، وذلك كله قبل الحساب ، فإذا اخذ بالحساب شغل كل بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم.

٨ ـ شى : عن محمد بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السملام في خطبته : فلما وقفوا عليها قالوا : « يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل » إلى قوله : « وإنهم لكاذبون ».

٩ ـ شى : عن خالد بن يحيى (نجيح ظ) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « اقرء كتابك كفى بنفسك اليوم » قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتى كأنه فعله

٣١٤

تلك الساعة ، فلذلك قوله : « يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها ».

١٠ ـ شى : عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة دفع إلى الانسان كتابه ، ثم قيل له : اقرء ، قلت : فيعرف ما فيه؟ فقال : إن الله يذكره فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا شئ فعله إلا ذكره ، كأنه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا : يا ويلنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها.

١١ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إن الله عزوجل كما أمركم أن تحتاطوا لانفسكم ووأديانكم وأموالكم باستشهاد الشهود العدول عليكم فكذلك قد احتاط على عباده ولكم في استشهاد الشهود عليهم ، فلله عزوجل على كل عبد رقباء من كل خلقه ومعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ويحفظون عليه ما يكون منه من أعماله وأقواله وألفاظه وألحاظه ، والبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه ، والليالي والايام والشهور شهوده عليه أو له ، وسائر عباد الله المؤمنين شهوده عليه أو له ، وحفطته الكاتبون أعماله شهود له أو عليه ، فكم يكون يوم القيامة من سعيد بشهادتها له ، وكم يكونوا يوم القيامة من شقي بشهادتها عليه ، إن الله عزوجل يبعث يوم القيامة عباده أجمعين وإماءه فيجمعهم في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ، (١) ويسمعهم الداعي ، ويحشر الليالي والايام ، ويستشهد البقاع والشهور على أعمال العباد ، فمن عمل صالحا شهدت له جوارحه وبقاعه وشهوده وأعوامه وساعاته وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها فيسعد بذلك سعادة الابد ، ومن عمل سوءا شهدت عليه جوارحه وبقاعه وشهوره و

____________________

(١) كذا في نسخة المصنف والظاهر أنه بالدال المهملة ، قال الجزرى : في حديث ابن مسعود : إنكم لمجموعون في صعيد واحد ينفدكم البصر. يقال : نفدنى بصره : إذا بلغنى وجاوزنى ، قيل : المراد به بصر الرحمن حتى تأتى عليهم كلهم ، وقيل : أراد : ينفدهم بصر الناظر لاستواء الصعيد. قال أبوحاتم : أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة وإنما هو بالمهملة ، أى يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلهم ويستوعبهم من نفد الشئ وأنفدته ، وحمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن لان الله يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده ويرون ما يصير إليه.

٣١٥

أعوامه وساعاته وليالي الجمع وساعاتها وأيامها فيشقى بذلك شقاء الابد ، فاعملوا ليوم القيامة وأعدوا الزاد ليوم الجمع ـ يوم التناد ـ وتجنبوا المعاصي فبتقوى الله يرجى الخلاص ، فإن من عرف حرمة رجب وشعبان ووصلهما بشهر رمضان ـ شهر الله الاعظم ـ شهدت له هذه الشهور يوم القيامة ، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها ، وينادي مناد : يا رجب ويا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم؟ وكيف كانت طاعته لله عزوجل؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان : يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك ، واستمدادا لمواد فضلك ، ولقد تعرض بجهده لرضاك ، وطلب بطاقته محبتك فقال للملائكة الموكلين بهذه الشهور : ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا العبد؟ فيقولون : يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان ، ما عرفناه إلا متلقيا في طاعتك ، مجتهدا في طلب رضاك ، صائرا فيه إلى البر والاحسان(١) ولقد كان بوصوله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا ، أمل فيها رحمتك ، ورجا فيها عفوك ومغفرتك ، وكان مما منعته فيها ممتنعا ، وإلى ما ندبته إليه(٢) فيها مسرعا ، لقد صام ببطنه وفرجه وسمعه وبصره وسائر جوارحه ، ولقد ظمأ في نهارها ونصب في ليلها ، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين ، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك صحبها أكرم صحبة ، وودعها أحسن توديع ، أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك ، ولم يهتك عند إدبارها ستور حرماتك ، فنعم العبد هذا. فعند ذلك يأمر الله تعالى بهذا العبد إلى الجنة فتلقاه ملائكة الله بالحباء(٣) والكرامات ، ويحملونه على نجب النور وخيول البرق ، ويصير إلى نعيم لا ينفد ، ودار لا تبيد ، لا يخرج سكانها ، ولا يهرم شبانها ولا يشيب ولدانها ، ولا ينفد سرورها وحبورها ، ولا يبلى جديدها ، ولا

____________________

(١) في التفسير المطبوع : سائر ( صابرا خ ل ) إلى البر والاحسان. ولعل صابرا مصحف صائرا ، لان الصبر لا يتعدى بالى.

(٢) ندب فلانا للامر أو إلى الامر : دعاه ورشحه للقيام وبه وحثه عليه.

(٣) الحباء : العطية.

٣١٦

يتحول إلى الغموم سرورها ، ولا يمسهم فيها نصب ، ولا يمسهم فيها لغوب ، قد أمنوا العذاب ، وكفوا سوء الحساب ، وكرم منقلبهم ومثواهم(١) ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : ما من امرأتين احترزتا في الشهادة فذكرت إحديهما الاخرى (٢) حتى تقيما الحق وتتقيا الباطل إلا وإذا بعثهما الله يوم القيامة عظم ثوابها ولا يزال يصب عليهما النعيم ويذكرهما الملائكة ما كان من طاعتهما في الدنيا وما كانتا فيه من أنواع الهموم فيها وما أزاله الله عنهما حتى خلدهما في الجنان ، وإن فيهن لمن تبعث يوم القيامة فيؤتى بها قبل أن تعطى كتابها فترى السيئات بها محيطة وترى حسناتها قليلة فيقال لها يا أمة الله هذا سيئاتك فأين حسناتك؟ فتقول لا أذكر حسناتي ، فيقول الله لحفظتها : يا ملائكتي تذاكروا حسناتها وذكروا خيراتها ، فيتذاكرون حسناتها يقول الملك الذي على اليمين للملك الذي على الشمال : أما تذكر من حسناتها كذا وكذا؟ فيقول : بلى و لكني أذكر من سيئاتها كذا وكذا فيعدد ، ويقول الملك الذي على اليمين له : أفما تذكر توبتها منها؟ قال : لا أذكر ، قال أما تذكر أنها وصاحبتها تذكرتا الشهادة التي كانت عندهما حتى أيقنتا وشهدتاها ولم تأخذهما في الله لومة لائم؟ فيقول : بلى ، فيقول الملك الذي على اليمين للذي على الشمال : أما تلك الشهادة منهما توبة ماحية لسالف ذنوبهما ، ثم تعطيان كتابهما بأيمانهما فتوجد حسناتهما كلها مكتوبة وسيئاتهما كلها ثم تجدان في آخرهما : يا أمتي (٣) أقمت الشهادة بالحق للضعفاء على المبطلين ولم تأخذك فيها لومة اللائمين(٤) فصيرت لك ذلك كفارة لذنوبك الماضية ومحوا لخطيئاتك السالفة.

١٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه

____________________

(١) في التفسير المطبوع : مكرم منقلبهم ومثواهم. قلت : إلى هنا تم الحديث ، وما يأتى بعد ذلك ذيل لحديث آخر. راجع التفسير.

(٢) في التفسير المطبوع : فتذكرت احديهما الاخرى.

(٣) في التفسير المطبوع : فتجدان حسناتهما كلها مكتوبه فيه وسيئاتهما كلها ، ثم تجدان في آخره : يا أمتى اه.

(٤) في التفسير المطبوع : ولم تأخذك في الله ( فيها خ ل ) لومة لائم.

٣١٧

في الدنيا والآخرة ، فقلت : كيف يستر عليه؟ قال : ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ، ويوحي إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الارض : اكتمي عليه ما كان(١) يعمل عليك من الذنوب ، فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب.(٢) « ج ٢ ص ٤٣٠ ـ ٤٣١ »

١٣ ـ تفسير النعمانى : فيما رواه عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام في أنواع آيات القرآن قال : ثم نظم تعالى ما فرض على السمع والبصر والفرج في آية واحدة فقال : « ما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون » يعني بالجلود ههنا الفروج ، وقال تعالى : « ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا » ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : ثم أخبر أن الرجلين من الجوارح التي تشهد يوم القيامة حتى يستنطق (٣) بقوله سبحانه : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون. « ص ٦٤ ـ ٦٥ »

١٤ ـ كا : علي بن محمد ، عن بعض أصحابه. عن آدم بن إسحاق ، عن عبدالرزاق ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام – وساق الحديث إلى أن قال ـ : وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه ، (٤) الخبر. « ج ٢ ص ٣٢ »

١٦ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عبدالله بن علي الزراد(٥) قال سأل أبوكهمس (٦) أبا عبدالله عليه‌السلام فقال : يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ قال : لا بل ههنا وههنا فإنها تشهد له يوم القيامة.

____________________

(١) في المصدر : اكتمى ما كان اه. م

(٢) ونقل هذا الحديث في الكافى عن معاوية بن وهب بعينه بسند اخر. م

(٣) في المصدر : حتى تنطق. م

(٤) الحديث طويل جدا فليراجع الكافى من ص ٢٨ إلى ص ٣٣. م

(٥) بفتح الزاى وتشديد الراء نسبة إلى صنعة الدروع ، من الزرد.

(٦) بفتح الكاف فسكون الهاء ففتح الميم ، ثم السين المهملة ، وفى بعض النسخ بالمعجمة.

٣١٨

١٦ ـ كا : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسين بن عبدالرحمن ، عن سفيان الجريري ، عن أبيه ، عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليه الخلق ، والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف ، ثمانون ألف صف امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأربعون ألف صف من سائر الامم ، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه ، ثم يقولون : لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن فمن هناك اعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ، ثم يجاوز (يتجاوز خ ل) حتى يأتي على صف الشهداء فينظر إليه الشهداء ، ثم يقولون : لا إله الا الله الرب الرحيم إن هذا الرجل من الشهداء ، نعرفه بسمته(١) وصفته غير أنه من شهداء البحر ، فمن هناك اعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه ، قال : فيجاوز (فيتجاوز خ ل) حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم ويقولون : إن هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير أن الجزيرة التي اصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها ، فمن هناك اعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ، ثم يجاوز (يتجاوز خ ل) حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في صورة نبي مرسل ، فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون : لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا النبي مرسل نعرفه بصفته وسمته غير أنه اعطي فضلا كثيرا ، قال : فيجتمعون فيأتون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسألونه ويقولون : يا محمد من هذا؟ فيقول : أو ما تعرفونه؟ فيقولون : ما نعرفه ، هذا ممن لم يغضب الله عليه ، فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا حجة الله على خلقه ، فيسلم ثم يجاوز حتى يأتي صف الملائكة في صورة ملك مقرب فينظر إليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله ويقولون : تعالى ربنا وتقدس إن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته غير أنه كان أقرب الملائكة من الله عزوجل مقاما ، من هناك البس من النور والجمال

____________________

(١) السمت : الطريق والمحجة ، ويستعمل لهيئة أهل الخير.

٣١٩

ما لم نلبس ، ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة تبارك وتعالى فيخر تحت العرش ، فيناديه تبارك وتعالى : يا حجتي في الارض وكلامي الصادق الناطق ارفع رأسك ، وسل تعط ، واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي فيقول : يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيع شيئا ، ومنهم من ضيعني و استخف بحقي وكذب وأنا حجتك على جميع خلقك ، فيقول الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاثيبن عليك اليوم أحسن الثواب ، ولاعاقبن عليك اليوم أليم العقاب ، قال : فيرفع القرآن رأسه في صورة اخرى ، قال : فقلت له يا أبا جعفر في أي صورة يرجع؟ قال : في صورة رجل شاحب متغير ينكره أهل الجمع ، فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول : ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول : ما أعرفك يا عبدالله ، قال : فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الاول (١) فيقول : ما تعرفني؟ فيقول : نعم ، فيقول القرآن : أنا الذي أسهرت ليلك ، وأنصب عيشك ، وسمعت الاذى ، (٢) ورجمت بالقول في ، ألا وإن كل تاجر قد استوفى تجارته وأنا وراءك اليوم ، قال : فينطلق به إلى رب العزة تبارك و تعالى فيقول : يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي ، مواظبا علي ، يعادى بسببي ، ويحب في ويبغض في ، فيقول الله عزوجل : أدخلوا عبدي جنتي ، واكسوه حلة من حلل الجنة ، وتوجوه بتاج ، فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له : هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول : يا رب إني أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله ، فيقول : وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لانحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته : ألا إنهم شباب لا يهرمون ، وأصحاء لا يسقمون ، وأغنياء لا يفتقرون ، وفرحون لا يحزنون ، وأحياء لا يموتون ، ثم تلا هذه الآية : « لا يذوقون فيها الموت إلا الموته

____________________

(١) أي في الدنيا.

(٢) في المصدر : وفى سمعت الاذى. م

٣٢٠