ومن ذلك قوله تعالى حاكيا عن موسى عليهالسلام : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) [الأعراف : ١٥٥] ، فمعنى قوله : (فِتْنَتُكَ) أي امتحانك وبليّتك (١) ؛ لأنهم كلّفوا الصبر. وقيل : (فِتْنَتُكَ) عذابك (٢) ، وهو الرّجفة في قوله تعالى : (فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ) [الأعراف ١٥٥] الرجفة. قيل : هي الموت (٣) ، وقيل : رعدة شديدة رجفت لها قلوبهم فماتوا فبقي موسى يبكي ويقول : يا رب لو شئت أهلكتهم من قبل خروجهم معي فأخشى أن يتّهمني بنو إسرائيل بهلاكهم ، إلى غير ذلك ، فأحياهم الله تعالى. وعلى هذا النسق يجري الكلام في بيان معاني الآيات الجارية هذا المجرى.
مسألة :
ونعتقد أنّ الله تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه ولا يثيبه إلا بعمله
وهذه هي عقيدة جميع المسلمين. والكلام منها (٤) يقع في خمسة مواضع : أحدها : في حقيقة التعذيب. والثاني : في حقيقة (٥) المذهب وذكر الخلاف. والثالث : في الدلالة على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه
__________________
(١) ينظر متشابه القرآن ١ / ٢٩٨. والكشاف ٢ / ١٦٤. والماوردي ٢ / ٢٦٦. والرازي مج ٨ ج ١٥ ص ٢٠. والخازن والبغوي ٢ / ٥٩٢. والقرطبي ٧ / ١٨٨. والألوسي مج ٦ ج ٩ ص ١١٠ ، علّل الامتحان بأن الله لمّا أسمعهم كلامه طلبوا رؤيته.
(٢) الطبرسي في مجمع البيان ٤ / ٤٦٩. والماوردي ٢ / ٢٦٦ ، وبه قال قتادة.
(٣) الرازي في التفسير مج ٨ ج ١٥ ص ٢٠.
(٤) في (ب) : فيها.
(٥) في (ب) ، (ج) : حكاية.