المخالفون من أدلة العقل. الرابع (١) : فيما يؤكد صحة مذهبنا ، ويبين (٢) فساد مذاهب المخالفين من أدلة الشرع. والخامس : في إيراد طرف مما يتعلق به المخالفون من الآيات والأخبار المتشابهة ، وبيان ما يجوز فيه (٣) من المعاني الصحيحة.
أما الموضع الأول : وهو في حقيقة التّعذيب
فالتعذيب هو إيصال الضّرر المحض إلى المعذّب. فقولنا : إيصال الضرر المحض ؛ لأنه لو لم يكن ضررا محضا لم يكن تعذيبا. ولو كان ضررا غير محض نحو أن يكون فيه نفع أو دفع ضرر أعظم منه لم يعدّ تعذيبا. فيدخل في ذلك المضارّ المستحقّة ، وهو ما يحسن من التعذيب. والمضارّ التي لا تستحقّ وهو ما يقبح من التعذيب. وقولنا إلى المعذّب أدخلنا في ذلك تعذيب الواحد منّا لنفسه بالمضارّ ، وتعذيبه لغيره ، فإنّ ذلك يعدّ تعذيبا في الوجهين جميعا.
ولا يشترط في التعذيب أن يكون على جهة الاستحقاق ؛ لأنّ الحاسد لو حرّق المحسود لعدّ معذّبا له ، وإن كان يعتقد عظم منزلته وعلوّ درجته ، فإنه قد يحسده لذلك وأشباهه ويعذبه عليه ، فثبت الموضع الأول.
وأما الموضع الثاني : وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف
فمذهبنا أهل البيت أنّ الله تعالى لا يعاقب أحدا إلّا بذنبه ، ولا يثيبه إلا بعمله ، وهو قول العدلية جميعا. وذهب قوم من الجبرية والحشوية (٤) إلى أن الله
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : والرابع.
(٢) في (ب) : وتبيين فساد مذهب ، و (ج) : وتبيين فساد مذاهب.
(٣) في (ب) ، (ج) : فيها.
(٤) الحشوية لا مذهب لهم منفرد أجمعوا على الجبر والتشبيه وجسموا وصوروا وقالوا : بالأعضاء وقدم القرآن. قال الحاكم : منهم أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وداود ابن محمد الكرابيسي ومن متأخريهم محمد بن إسحاق بن خزيمة.