عليه قوله حين لعنه ، وأوجب عليه العذاب ، حيث يقول : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) [الأعراف : ١٨] مذءوم قيل : هو الاحتقار. وقيل : بمعنى مذموم. والمدحور هو المبعد من رحمة الله. وقال تعالى في الآية الأخرى : (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) [ص : ٧٨]. ومن ذلك قوله تعالى : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [التوبة : ٨٧].
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام أنّ الطّبع نكتة سوداء في قلوبهم جعلت علامة لقلب الكافر يعلم به أنّه لا يفلح أبدا. وقيل : على وجه التشبيه والذّم لها ؛ فكأنها كالمطبوع (١) ؛ فلا يدخلها خير ، ولا ينتفي عنها شر. وقيل : استفهام بحذف ألف الاستفهام كما في الختم. ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ* وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) [يس : ٨ ـ ٩] نزلت هذه الآية في أبي جهل وأصحابه ، حلف إن رأى محمدا يصلي ليرضخ رأسه بحجر فرآه فحمل حجرا فلزق بيده فعاد إلى أصحابه ، فقام رجل من بني مخزوم فقال : أنا أقتله بهذا (٢) الحجر فأعمى الله بصره (٣) ، وعليه يدل قوله تعالى : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ). فأما قوله : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) .. الآية. فقيل : هو في الدنيا. شبّه الكفّار بمن هو كذلك في تركهم الإيمان. وقيل : يكون الكفّار كذلك في الآخرة وهو حقيقة.
__________________
(١) في (ب) : كالمطبوع عليها. انظر الماوردي ١ / ٥٤٢.
(٢) في (ب) : بهذه.
(٣) انظر الدر المنثور ٥ / ٤٨٥. والكشاف للزمخشري ٤ / ٦.