مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عدد رمل عالج ليعلم ان السهام لا تعول (١).

ويدلّ عليه ما في الاخبار ان الأبوين لا ينقص نصيبهم عن السدس (٢).

وان الزوج والزوجة لا ينقص نصيبهما مع الولد عن الربع والثمن ، ومع عدمه عن النصف والربع وهو موجود في مثل صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام (٣)

وما رواه في الحسن ، بل في الصحيح ، بكير بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : امرأة تركت زوجها وإخوتها لامّها وإخوتها وأخواتها لأبيها؟ قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللاخوة من الامّ الثلث ، الذكر والأنثى فيه سواء وبقي سهم (فهو ـ ئل) للاخوة والأخوات من الأب ، للذكر مثل حظّ الأنثيين ، لأن السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ، ولا الاخوة من الامّ من ثلثهم ، الخبر فإنه طويل (٤).

وفيه أيضا ما يدل على المطلوب صريحا.

واخرى كذلك (٥) ، عن بكير ، قال : جاء رجل الى أبي جعفر عليه السّلام فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لامّها ، وأختها (وأختا ـ ئل) لأبيها؟ فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللاخوة من الامّ الثلث سهمان ، وللأخت من الأب السدس سهم ، فقال له الرجل : فإن فرائض زيد وفرائض العامة والقضاة على غير ذا يا با جعفر ، يقولون : للأخت من الأب ثلاثة أسهم تصير من ستة تعول إلى ثمانية ، فقال أبو جعفر عليه السّلام : ولم قالوا ذلك؟ فقال : لأن الله تبارك وتعالى

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٧ ـ ٩ ـ ١٤ ـ ١٥ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤٢٣.

(٢) راجع الوسائل باب ٩ ـ ١٠ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٣ ـ ٤٥٤.

(٣) راجع الوسائل باب ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٠.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٢.

(٥) يعني : في الحسن بل في الصحيح.

٥٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

يقول : وله أخت ، فلها نصف ما ترك ، فقال أبو جعفر عليه السّلام : فان كانت الأخت أخا؟ قال : فليس له الّا السدس ، فقال له أبو جعفر عليه السّلام : فما لكم نقّصتم الأخ؟ ان كنتم تجعلون للأخت النصف ، بأن الله سمّى لها النصف ، فان الله قد سمّى للأخ الكلّ والكل أكثر من النصف ، لانه قال عزّ وجلّ (فَلَهَا النِّصْفُ) ، وقال للأخ (وَهُوَ يَرِثُها) ـ يعني جميع مالها (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) ، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئا وتعطون الذي جعل الله له النصف تاما ، فقال له الرجل أصلحك الله : وكيف نعطي الأخت النصف ولا نعطي الذكر ـ لو كانت هي ذكرا ـ شيئا؟ قال : تقولون (١) في أمّ وزوج واخوة لامّ وأخت لأب فتعطون الزوج النصف ، والام السدس ، والاخوة من الامّ الثلث ، والأخت من الأب النصف ثلاثة من تسعة وهي من ستة فيرتفع إلى تسعة؟ قال : كذلك تقولون (٢) ، قال : فان كانت الأخت ذكرا ، أخا لأب ، قال : ليس له شي‌ء. فقال الرجل لأبي جعفر عليه السّلام : فما تقول أنت؟ فقال : ليس للاخوة من الأب والامّ ، ولا للاخوة من الامّ ولا للاخوة من الأب مع الأمّ شي‌ء ، قال عمر بن أذينة : وسمعته من محمّد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير ، المعنى سواء ولست احفظه بحروفه وتفصيله الّا معناه ، قال : فذكرت لزرارة ، فقال : صدق (صدقا ـ كا) ، هو والله الحق (٣).

وصحيحة محمّد بن مسلم مثل الحسنة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قلت له : ما تقول في امرأة ماتت وتركت زوجها وإخوتها لامها ، واخوة وأخوات لأبيها؟ قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، ولإخوتها لأمّها الثلث سهمان ، الذكر

__________________

(١) هكذا في الكافي والفقيه والتهذيب والوسائل وجميع النسخ المخطوطة وفي النسخة المطبوعة (تعولون) بالعين.

(٢) هكذا في الكافي والفقيه والتهذيب والوسائل وجميع النسخ المخطوطة وفي النسخة المطبوعة (تعولون) بالعين.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٣.

٥٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل الأنثى فيه سواء وبقي سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن السهام لا تعول ، وان الزوج لا ينقص من النصف ولا الاخوة من الامّ من ثلثهم لان الله عزّ وجلّ يقول (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) (١) وان كان واحدا فله السدس وانما عنى الله في قوله «وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ» انما عنى بذلك الاخوة والأخوات من الأمّ خاصّة ، وقال في آخر سورة النساء «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ» ـ يعني بذلك أختا لأب وأمّ أو أختا لأب ـ فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان ممّا ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظّ الأنثيين» فهم الذين يزادون وينقصون ، قال : ولو ان امرأة تركت زوجها وأختيها لامّها وأختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ، ولأختيها لامّها الثلث سهمان ، ولأختيها لأبيها السدس سهم ، وان كانت واحدة فهو لها ، لأن الأختين من الأب لا تزادون (لم تزادا ـ ئل) على ما بقي ، ولو كان أخ لأب لم يزد على ما بقي (٢).

وفي الصحيح ، عن بكير ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سأله رجل عن أختين وزوج؟ فقال : النصف والنصف ، فقال الرجل : أصلحك الله قد سمّى الله لهما أكثر من هذا ، لهما الثلثان ، فقال : ما تقول في أخ وزوج؟ فقال : النصف والنصف ، فقال : أليس قد سمّى الله له المال فقال : وهو يرثها ان لم يكن لها ولد (٣).

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) الوسائل باب ٣ نحو حديث ٢ ذكره في ذيل حديث ٣ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٣.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨١.

٥٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيرها ، مثل صحيحة عمر بن أذينة ، عن زرارة ، قال : قلت له : اني سمعت محمّد بن مسلم وبكيرا يرويان عن أبي جعفر عليه السّلام (١) الخبر.

وصحيحة محمّد بن مسلم عنه عليه السّلام أيضا (٢) الخبر.

وبالجملة انما يقع النقص على من لم يكن له في القرآن فرضان ، فإن الفريضة الثانية لا تنقص إذ جعل الفريضتين له يدلّ على ان ليس له مرتبة أقل ، والّا لعُدّ ، بخلاف ما لو فرض له فرض واحد ، فإنه ينقص عنه ويزيد ، فيحمل ذلك على بعض الأحوال بقرينة ان ما صار بصدد استيفاء حصته ، وهو ظاهر.

وموجود في الروايات رواه العامّة أيضا.

عن زفر ، عن ابن عباس انه لما ذكر الفرائض عنده فقال : سبحان الله العظيم أترون ان الذي أحصى رمل عالج عددا ، جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا وهذان النصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر : من أوّل من أعال الفرائض؟ فقال : عمر بن الخطاب لمّا التفت عنده الفرائض ودفع بعضها بعضا ، فقال : والله ما أدري أيّكم قدّم الله وأيّكم أخّر الله وما أجد شيئا هو أوسع من ان أقسم عليكم هذا المال بالحصص ، فادخل على كل ذي حق سهم ما دخل عليه من عول الفريضة (الفرائض ـ ئل) وايم الله لو قدم من قدّم الله وأخّر من أخّر الله ما عالت فريضة ، فقال له زفر : فأيّها قدّم وايّها أخّر؟ فقال : كل فريضة لم يهبطها الله عزّ وجلّ (عن فريضة ـ ئل) الّا إلى فريضة فهذا ما قدّم الله ، وامّا ما أخّر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها الّا ما بقي فتلك التي أخّر ، واما التي قدّم الله :

__________________

(١) لعله نظر الى ما في ذيل حديث ٣ من قوله : قال عمر بن أذينة : وسمعته إلخ. (راجع الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٣ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٣). وإلّا فلم نجده مستقلّا في الكتب الأربعة ولا في الوسائل.

(٢) المراد خبر ٣ من باب ٣ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد من الوسائل ج ١٧ ص ٤٨٣.

٥٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فالزوج له النصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع الى الربع ولا يزيله عنه شي‌ء ، والزوجة لها الربع ، فإذا (١) زالت عنه صارت الى الثمن لا يزيلها عنه شي‌ء ، والامّ لها الثلث فإذا زالت عنه صارت الى السدس لا يزيلها عنه شي‌ء ، فهذه الفرائض التي قدّم الله عزّ وجلّ ، واما التي أخّر ففريضة البنات والأخوات ، لها النصف والثلثان ، فإن أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لها الّا ما بقي فتلك التي أخّر ، فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بدئ بما قدّم الله فأعطى حقه كاملا ، فإن بقي شي‌ء كان لمن أخّر ، فان لم يبق شي‌ء فلا شي‌ء له فقال له زفر : فما منعك ان تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال : هبته ، فقال الزهري : والله لو لا انه تقدمه امام عدل كان امره على الورع ، فأمضى امرا فمضى ، ما اختلف على ابن عباس في المسألة اثنان (٢).

فعلم ان العول هو شي‌ء ثبت برأي عمر وليس له دليل من إجماع وغيره ، بل لم يكن رأى الصحابة مثل الأول (٣) وغيره أيضا ذلك.

فالذهاب الى مثل هذا خارج عن قانون الاستدلال ، بل العقل ، فان فعل صحابيّ واحد ورأيه ـ وان كان مجتهدا ـ ليس بحجّة إجماعا.

فالنقص عندنا انما يقع على البنات.

مثاله أبوان وزوج أو زوجة ، وبنتان فصاعدا ، فأخذ الأبوان الثلث كل واحد السدس ، والزوج أو الزوجة الربع أو الثمن بقي الباقي ، وهو أقلّ من فريضة البنات.

أو على البنت ، مثاله أبوان وزوج وبنت ، لهما الثلث ، وله الربع ، والباقي الذي هو أقل من نصيبه النصف لها.

__________________

(١) فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلخ ئل.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٧ من أبواب موجبات الإرث وفيه عن عبد الرحمن بن عبد الله (الرحمن ـ خ) بن عتبة قال : جالست ابن عباس فعرض ذكر الفرائض في المواريث فقال ابن عباس : سبحان الله إلخ.

(٣) يعني أبا بكر.

٥٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أو على المتقرّب بهما من الأخت والأخوات للأب أو له وللامّ مع كلالة الأمّ والزوج لها الصنف ، أو لهما الثلثان ، وللكلالة السدس أو الثلث ، وله النصف فيأخذ هو نصفها ، والكلالة سدسها أو ثلثها ، والباقي للأخت ، وهو أقل من نصيبها النصف ، أو للأخوات وهو أقل من نصيبها الثلثان.

مثال النقص على الأب فقط أبوان مع عدم الإخوة الحاجبة للأمّ وزوج له النصف ، وللامّ الثلث ، والباقي للأب ، فوقع النقص عليه وفيه مسامحة فتأمّل.

وحكم العقل المستفاد من الاخبار أيضا ، وهو انه محال ان الله تعالى يفرض سهما لم يكن في الفريضة وهو لازم لهم في كل مسألة عوليّة.

هكذا ذكروا وبيّنوها بالأمثلة ، خصوصا الفضل بن شاذان رحمه الله.

ولكن الظاهر انهم ما يقولون به بالحقيقة ، فإنهم يعلون الفريضة ويجعلون النقص على الكلّ على السويّة ، فهم يحملون الثلثين ـ مثلا ـ عليهما وعلى أقل منهما وكذا الثلث والنصف.

أو يجعلونها ممّا فوق الفريضة من عدد يمكن أخذها صحيحا منه مثل السبعة في مثال الأختين والزوج ، فكأنهم يقولون : انما أراد الله بهذه السهام في صور العول ما قرب منها ، لا عينها لاستحالتها ، فكأنهم يريدون السهام في الجملة كما أشرنا إليه ويفهم من الاخبار أيضا.

فالذي يلزمهم هو إخراج السهام عن معناها ، وحملها عليه في بعض الصور ، وهي غير صورة العول ، وعلى ما قرب منها ، وهي صورة العول ، وهذا القرب مجهول ، وفي كل صورة شي‌ء.

فالذي يلزمهم ليس اسناد المحالات الى الله تعالى التي ذكروها ، بل الألغاز والتعمية من وجوه ، ومثل هذا لا يجوز على الحكيم الّا مع البيان بالكتاب أو بالسنّة أو بالإجماع لا بمحض رأي رآه عمر بن الخطاب فقط كما فهمت فلو جاز مثل هذا لجاز ان يخرج كل لفظ عن مقتضاه في الكتاب والسنّة والإجماع ، فلم يبق لفظ

٥٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يعلم المراد منه حتى الأعداد في الحدود ، وهو واضح البطلان ، وهم صرّحوا أيضا (١) بذلك في أصولهم.

وقال (٢) في الكشاف : لا يجوز ان يراد بقوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) في آية الوضوء الوجوب والاستحباب معا للمتوضئ والمحدث ، لانه إلغاز وتعميه.

مع انه لزمه ذلك (٣) في هذه الآية بحمله المسح على المسح الحقيقي والغسل القليل في الرأس والرجل فتأمّل.

وبالجملة مثل هذا الحمل خارج عن قانون اللغة ، والأصول والعربيّة ، فلا يجوز ارادته ، ولا يمكن ، ولا يجوز من الله تعالى الخطاب بمثل هذا بحيث يكون المقصود العمل به وإيجاده في الخارج عند أحد (القائل ـ خ) حتى القائل بجواز التكليف بالمحال وهو ظاهر فافهم.

واما أصحابنا فهم يخصّصونها بغير صورة العول للأدلّة العقليّة والنقليّة ، والتخصيص والبيان في القرآن ، بل في مطلق الكلام غير عزيز.

على انه قد لا يسلم العموم اللغوي بحسب الافراد والأحوال والأوضاع وهو ظاهر فافهم.

وبالجملة من المعلومات والمسلّمات ان ليس المراد في صورة العول بالسهام حقيقتها ، فلا بدّ من التصرف فيها ، ولا شك ان ما ذكره الأصحاب أرجح ان لم يكن متعيّنا ، لما مرّ.

ويؤيّده أنّهم قائلون بأن كلّ الورثة مراد في صورة العول ، فلا شك في ان الذي ما نقول بنقص حصته مراد ، والأصل كون سهمه وفرضه محمولا على حقيقته

__________________

(١) هكذا في النسخ والأنسب ان يقال : وهم أيضا صرحوا إلخ كما لا يخفى.

(٢) الأصوب قال ، بإسقاط الواو.

(٣) يعني ما ذكره الكشاف بقوله : لا يجوز إلخ قد خالفه في مسألة المسح حيث حمله على المسح والغسل معا.

٥٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكون الغير حينئذ مرادا ، مختلف فيه ، فما نقول به ونخصّص كونه مرادا بالفرض ، بغير هذه الصورة ، فتأمّل.

واما ما نقلوه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حيث سئل عن رجل مات وخلّف زوجته وأبوين وابنتيه؟ فقال عليه السّلام : صار ثمنها تسعا (١).

فظاهر انه غير صحيح ، فإن أهل بيته وشيعته اعرف بمذهبه وقوله ، وهو ظاهر وقد صرّح بمثله التفتازاني في شرح الشرح.

وانه قاصر عن إثبات جميع المطلوب.

وحمله الشيخ ـ بعد التسليم ـ على الإنكار لا الإقرار ، وعلى التقيّة.

ونقل عن طريق العامة عنه عليه السّلام ما يدل على ذلك ، حيث خالف في ذلك عمر كلامه عليه السّلام فقال : بقول عمر ، ثم قال بقوله الأوّل بعد ذلك ، وقال : هذا هو الحق وان أباه قومنا (٢).

__________________

(١) في التهذيب للشيخ أبي جعفر الطوسي ـ نقلا من العامّة ـ قال : واستدلوا أيضا بخبر رواه عبيدة السلماني عن أمير المؤمنين عليه السّلام حيث سئل عن رجل إلخ. التهذيب ج ٢ ص ٤٠٦ أوائل كتاب الفرائض ، باب ابطال العول والتعصيب.

(٢) الأولى نقل ما ذكره الشيخ رضوان الله عليه بعينه ليتضح الحال ويرتفع الاجمال ، قال : واما الخبر الذي رووه ـ إذا سلمناه ـ احتمل وجهين (أحدهما) ان يكون خرج مخرج النكير لا مخرج الاخبار كما يقول الواحد منا ـ إذا أحسن إلى غيره فقابلة ذلك بالإساءة وبالذم على فعله ـ فيقول : قد صار حسني قبيحا؟ وليس يريد بذلك الخبر عن ذلك على الحقيقة ، وانما يريد به الإنكار حسب ما قدمناه (والوجه الآخر) ان يكون أمير المؤمنين عليه السّلام قال ذلك لانه كان قد تقرر ذلك من مذهب المتقدم عليه ، فلم يمكنه المظاهرة بخلافه كما لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه حتى قال لقضاته فقد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين؟ فقال : اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي.

وقد روى هذا الوجه المخالفون لنا ، روى أبو طالب الأنباري ، قال : حدثني الحسن بن محمّد بن أيوب الجوزجاني ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثني يحيى بن أبي بكر ، عن شعبة ، عن سماك ، عن عبيدة ، السلماني ، قال : كان علي عليه السّلام على المنبر فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين : رجل مات وترك

٥٦٨

ولا ارث بالتعصيب بل بالقرابة أو التسبيب.

______________________________________________________

على ان قوله عليه السّلام ليس بحجّة عندهم ، فلا يصير حجّة تحقيقا ، ولا جدلا ، لعدم (١) تسليم الخصم ذلك ، فإنه يشترط عدالة الرواة وكونهم على مذهبه ويعتقد فسق جميع من خالفه والرواة كلّهم كذلك ، بل يعتقد البعض كفره.

واما استدلالهم بالقياس على الدّين أو الوصيّة فهو باطل ، لبطلان القياس مع استنباط العلّة وعدم ظهور الفرق ، فكيف ما لم يظهر فيه العلّة ويظهر الفرق ، فهو قياس مع الفارق من وجوه متعددة كما بيّنه الفضل والشيخ رحمهما الله (٢) ، ولا يحتاج الى ذكره لظهوره.

واما التعصيب فيدلّ على بطلانه ـ وان الحق خلافه ممّا اختاره الأصحاب ـ قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٣) ، فان المتبادر منه كون الأقرب أولى من الأبعد من غير فرقٍ بين الذكر والأنثى.

وقوله تعالى (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) (٤).

__________________

ابنتيه وأبويه وزوجة فقال علي عليه السّلام : صار ثمن المرأة تسعا؟ قال سماك : قلت لعبيدة : وكيف ذلك؟ قال : ان عمر بن الخطاب وقعت في إمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع ، وقال : للبنتين الثلثان ، وللأبوين السدسان ، وللزوجة الثمن ، قال : هذا الثمن باقيا بعد الأبوين والبنتين. فقال له أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله : أعط هؤلاء فريضتهم ، للأبوين السدسان ، وللزوجة الثمن ، وللبنتين ما يبقى ، فقال : فأين فريضتهما الثلثان؟ فقال له علي بن أبي طالب عليه السّلام : لهما ما يبقى. فأبى ذلك عليه عمر وابن مسعود فقال عليه السّلام : على ما رأى عمر ، قال عبيدة : وأخبرني جماعة من أصحاب علي عليه السّلام بعد ذلك في مثلهما انه اعطى للزوج الربع مع الابنتين ، وللأبوين السدسين ، والباقي ردّ على البنتين وذلك هو الحق وان أباه قومنا (انتهى كلامه رفع مقامه) التهذيب ج ٢ ص ٤٠٦ الطبع الحجري.

(١) تعليل لقوله قدّس سرّه : (ولا جدلا).

(٢) إن شئت تفصيل كلام الفضل والشيخ فراجع التهذيب باب في إبطال العول والعصبة من قول الشيخ : (وقد استدل من خالفنا على صحّة ما ذهبوا إليه بما ذكره الفضل رحمه الله عن أبي ثور إلخ).

(٣) الأنفال : ٧٥.

(٤) النساء : ٢٢.

٥٦٩

فأما أن يرث بالفرض خاصّة كالأم والزوج والزوجة.

أو بالفرض تارة وبالقرابة أخرى كالأب والبنت والبنات والأخت والأخوات وكلالة الأم.

______________________________________________________

والسنة ، وهي الأخبار الدالّة على الرد على أصحاب الفرائض وقد مرّ كثير منها فتذكر.

وإجماعهم الحجّة على ذلك ، فلا ارث بالتعصيب ، بل اما بالقرابة والنسب أو بالسبب كما مرّ مفصّلا.

فالذي يرث بالقرابة والنسب فامّا أن يرث بالفرض خاصّة أم لا.

والأول مثل الامّ مع عدم الردّ ، فان فرضها حينئذ الثلث أو السدس كما مرّ ، مثل ان خلّف الأبوين مع عدم الولد ، فان لها الثلث حينئذ ، ومعه لها السدس ، والباقي للأب إلّا في صورة الرد ، فإنها ترث بالفرض والقرابة مثل الأبوين ، والبنت ، فان لها النصف بالفرض ولكلّ واحد منهما السدس كذلك ، والسدس الآخر يردّ عليهم أخماسا.

والذي يرث بالسبب أيضا إمّا ان يرث بالفرض خاصّة ، مثل الزوج والزوجة مع عدم الردّ وليس غير هما صاحب فرض في السبب.

أو بغيره خاصّة ، وهو الضامن ، والمولى ، والامام عليه السّلام.

والثاني ممن يرث بالقرابة قد يرث بالفرض وحده وقد يرث به وبالقرابة معا كالأب كما تقدم ، وقد يرث بالقرابة فقط مثل ان لم يكن غيره ، والبنت ، فإنّها قد ترث بالقرابة فقط مثل ان يكون مع الابن ، وكذا البنات.

وقد يرث بالفرض والقرابة كما في صورة اجتماعهما مع الأبوين وقد تقدّمت ولا ترث (١) بالفرض وحده ، وهو ظاهر.

__________________

(١) يعني وقد لا ثرت بالفرض إلخ.

٥٧٠

أو بالقرابة خاصّة وهم من عداهم.

فان كان الوارث لا فرض له فالمال له ان لم يشاركه غيره كالابن.

وان شاركه مثله فلهما.

______________________________________________________

والبنات فإنهن قد يرثن بالفرض فقط أيضا مثل ان كنّ مع الأبوين.

وقد يرثن بهما معا ، مثل ان كن مع الأب ، فإن له السدس ، ولهن الثلثان ، والسدس الآخر يردّ عليه وعليهن أخماسا.

والأخت من الأب والأبوين ، فإنها قد ترث بالفرض فقط ، مثل ان كانت مع الزوج.

وقد ترث بالقرابة فقط ، مثل ان تكون مع الأخ.

وقد ترث بهما مثل أن تكون وحدها أو مع الزوجة.

وكذا الأخوات وكلالة الأمّ ، فإنها ان كانت منفردة ترث السدس ان كانت واحدة ، والثلث ان كانت أكثر ، بالفرض ، وبالقرابة ، الباقي ، ذكرا كان أو أنثى.

وكذا ان كانت مع الزوج أو الزوجة أو الأخت للأب ، على الخلاف.

وبالفرض فقط ان كانت مع الاخوة للأب ، فإن الباقي لهم.

وكذا ان كانت أكثر من واحد مع الأختين وأكثر للأب ، فإن لها الثلث ولهن الثلثان.

وفي الفرق بين الامّ وهؤلاء كما فعله في المتن تأمّل مّا.

وغير من ذكرناه من أصحاب الفرائض إنما يرث بالقرابة فقط.

فان كان الوارث ممن لا فرض له مطلقا أو في تلك الحال فالمال له كلّه ان لم يكن له شريك مثل ان خلّف الابن أو الأم فقط ، فإن التركة له أولها.

وان كان له شريك مثله وفي مرتبته فالمال بينهما نصفان ، كالابنين فإنهما

٥٧١

ولو اختلف النسب (السبب خ ل) فلكلّ نصيب من يتقرب به كالأخوال والأعمام.

وان كان ذا فرض أخذ فرضه ويردّ الباقي عليه ان لم يشاركه مساو كالبنت مع الأخت ، فإن ساواه ذو فرض أخذ فرضه.

فان فضل ولا مساوي ردّ عليهما بالنسبة إلّا مع حاجب لأحدهم.

______________________________________________________

يقسمان التركة بينهما على السويّة.

وان كان وارث آخر في مرتبته شريك معه ـ ولكن اختلف سبب توريثهما وتقربهما ولم يكن سببا أوّليا للإرث ، بل لكونه منتهيا ومنتسبا الى غيره ويتقرّب به ـ فلكلّ نصيب ممن يتقرّب به ، مثل الأخوال والأعمام ، فإن الخال ينتسب الى الميّت من جهة الأمّ فسبب إرثه نسبته إليه بالأمّ والعم من جهة الأب ، فسبب إرثه تقربه بالأب.

فللخال نصيبها وهو الثلث مع عدم الحجب وهنا لا حجب ، والباقي للعم كما لو اجتمع الأب والام فقط وان كان ذا فرض أخذ فرضه ويردّ عليه الباقي ان لم يكن له شريك مساو له في الإرث يرث معه ، كالبنت الواحدة مع الأخت فإنها تأخذ النصف بالفرض والباقي بالقرابة ويسقط الغير لآية أولوا الأرحام ، والاخبار ، وإجماع علماء أهل البيت عليهم السّلام.

ولا يدل الفرض لها على انحصار حظها في ذلك.

وان شاركه ذو فرض مساو له ، وفي مرتبته يرث معه مثله انقص منه في الحصّة أم لا ، فان لم يفصل شي‌ء فلا بحث مثل الأخت للأب والزوج ، فالنصف لها ، والنصف له.

وان فضل شي‌ء فمع التساوي يردّ عليهما بالسويّة ، ولكن هذا مجرد فرض وليس له فرد في الخارج.

٥٧٢

أو زيادة في الوصلة.

وان نقصت فالنقص على من ذكر أوّلا.

وان كان المساوي غير ذي فرض فالباقي له.

المقصد الثالث

في اللواحق

وفيه فصول :

______________________________________________________

ومع عدمه بان يكون نصيب أحدهما أكثر من الآخر ، يردّ عليهما الباقي من الفرض بالنسبة التي بين فريضتهما كالبنت والأبوين ، فإن لها ، النصف ولكلّ واحد منهما السدس ، والباقي ـ وهو السدس ـ يردّ عليهما أخماسا ان لم يكن للام حاجب عن الفاضل عن السدس مثل الاخوة مع شرائط الحجب ، ومعه يردّ على البنت وعلى الأب أرباعا.

أو يكون لأحدهما زيادة في الوصلة فيخصّ صاحب الزيادة بالرد ، مثل الأخت من الأبوين مع كلالة الأمّ الواحدة أو أكثر ، فإن للأخت ، النصف وللكلالة ، السدس أو الثلث ، والثلث أو السدس الباقي يردّ على الأخت للأبوين لا على كلالة الأم أيضا ، لأن الأخت للأبوين أكثر وصلة من كلالة الأم ، لأنها متقربة بالأبوين وهي بالأم فقط ، وقد مرّ ذلك مع دليله والنظر فيه والتحقيق فتذكّر.

وان نقصت الفريضة عن السهام فالنقص يردّ على من ذكرناه لا على الكلّ فيكون عولا باطلا.

وان كان الذي يرث مع ذي الفرض غير ذي فرض ومساو له في مرتبته يرث كما يرث يكون الباقي ـ بعد فرض ذي الفرض ـ له ولا ردّ هنا ، والكل قد مرّ مفصلا مع دليله ولا يحتاج إلى الإعادة فتذكر وتأمّل.

قوله : «المقصد الثالث في اللواحق إلخ» الخنثى من له فرج الذكر

٥٧٣

الأول : الخنثى

من له فرج الذكر والأنثى فيلحق بمن سبق البول منه ، فان اتفقا الحق بمن ينقطع (عليه ـ خ) أخيرا ، فإن تساويا اعطي نصف سهم ذكر ونصف سهم أنثى.

______________________________________________________

وفرج الأنثى فإن كانت ممتازة بحيث يعلم كونها أحدهما ، بأمر ظاهر ، فأمرها ظاهر ، ولا تسمّى بمشكل ، والّا فهو مشكل وانما الكلام فيه.

ويفهم من كلامهم عدم الخلاف بينهم ، بل الإجماع في امتيازهما بالبول في الجملة فإن بالت بأحدهما دون الآخر فيحكم به ، وكذا ان بالت بهما ولكن يسبق أحدهما على الآخر وان كانت في الابتداء معا ، ويتأخر أحدهما عن الآخر فالحكم للمتأخر.

ويفهم من كلام ابن البرّاج ان الحكم للسابق انقطاعا أيضا ، وقال في المختلف : وهو توهم فاسد توهّم من كلام الشيخ.

ومستندهم في ذلك اخبار هم عنهم عليهم السّلام ، مثل صحيحة داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سئل عن مولود ولد ، له قبل وذكر كيف يورث؟ قال : ان كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وان كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى (١).

وغيرها مثل حسنة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السّلام ـ في الكافي ـ قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء؟ قال : يورث من حيث سبق بوله (يبول ـ ئل) ، فان خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فان كانا سواء ورث ميراث الرجال والنساء (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٧٢.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٧٥.

يمكن كون الحيض واللحية والاحتلام ومجي‌ء المني من فرج الذكر دون المرأة من العلامة ، والحمل والولاء ، وان كان المفهوم من قضائه عليه السّلام عدم ذلك فتأمّل (منه رحمه الله).

٥٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أي نصف ميراثهما ، إذ لا معنى لزيادة الخنثى على الرجل ، وهو ظاهر.

ونقل في التهذيب والاستبصار (١) هذه ، عن هشام بن سالم بتغير في السند ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قضى علي عليه السّلام في الخنثى له ما للرجال ، وله ما للنساء؟ قال : يورث من حيث يبول ، فان خرج منهما جميعا فمن حيث سبق ، فان خرج سواء فمن حيث ينبعث ، فان كان سواء يورث ميراث الرجال والنساء (٢).

الظاهر أنّها الأولى ، ولهذا وجدت (٣) (قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام) على الحاشية ولكن سندها مغاير ، فإنه مرسل (٤) الى علي بن الحسن بن فضال ، عن محمّد بن الزيات ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم.

قال في المختلف وشرح الشرائع : انها موثق (موثقة ـ ظ).

وهو غير ظاهر لعدم العلم بطريقه الى (علي) فإنه قد يصرح فيهما بسند غير معتبر الّا ان يكون مأخوذا من كتابه المعلوم انه رواه ، ومحمّد بن الزيات أيضا مجهول.

وسنده في الكافي حسن لإبراهيم ، وسنده الآخر فيه عبد الله بن محمّد (٥) كأنه ابن عيسى أخو أحمد.

__________________

(١) لم نعثر عليها في الاستبصار فراجع وتتبع.

(٢) الوسائل باب ٢ نحو حديث ١ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه بالسند الثاني ج ١٧ ص ٥٧٣.

(٣) لم نفهم المراد من هذه العبارة فدقّق.

(٤) وطريق الشيخ الى علي بن الحسن كما في مشيخة التهذيب والاستبصار هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن علي بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون ، المعروف بابن الحاشر ، سماعا منه واجازة عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال. فقوله قدّس سرّه : فإنه مرسل إلخ لا يخلو من مناقشة اللهم الّا ان يريد بالإرسال الجهالة باعتبار مجهوليّة احمد بن عبدون.

(٥) والسند ان كما في الكافي باب ميراث الخنثى هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم.

٥٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها دلالة على توريثها نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى على تقدير التساوي في البول ابتداء وانقطاعا وعدم التميز ، وهو مذهب جماعة من الأصحاب.

وهي دليلهم مع القياس الى بعض الدعاوي ، فإنه مثل دعوى المتشبثين ، فيقسمان.

فكأنه يدّعي انها ذكر ، ووارث آخر يدعي انها أنثى ولا ترجيح فيقسم فتأمّل.

ولأنّ حرمانه من الإرث غير معقول ، وترجيح احد جانبيه بغير مرجح كذلك ، فيجعل بينهما ، وذلك بإعطاء النصف من ارث كل منهما فتأمّل.

وتؤيّده أيضا رواية إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ان عليّا عليهم السّلام كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فان بال منهما جميعا فمن أيّهما سبق البول ورث منه ، فان مات ولم يبل فنصف عقل المرأة (١).

وهذه ضعيفة بالقول في فطحيّة إسحاق ، والجهل بحال غياث بن كلّوب (٢) مع عدم التصريح بتوثيق الحسن بن موسى الخشاب وان لم يضره ذلك.

مع إجمال في المتن ، والدلالة ، واختصاصها بحال الموت ، فتأمّل.

ورواية هشام ـ مع عدم الصحّة وان كانت حسنة (٣) في الكافي ـ ليست بصريحة في المطلوب ، وهو ظاهر.

وفي متنها أيضا شي‌ء ، إذ (ينبغي) (فمن حيث يتأخر) ونحو ذلك بدل (من

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب ميراث الخنثى إلخ ج ١٧ ص ٥٧٥.

(٢) وطريقه كما في التهذيب هكذا : وروى الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلّوب ، عن إسحاق بن عمار.

(٣) تقدم آنفا نقل سندها.

٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

حيث ينبعث) (١) فتأمّل.

والقياس ليس بحجّة بالإجماع وغيره ، وكذا ما بعده (٢) فإنه مناسبة (مناسبة ـ خ ل) ، إذ يقال : ينبغي القرعة أو ان يورث مثل النساء ، لأن حصة النساء لها متيقن ، والزائد منفي بالأصل ، وبأن حصّة الذكر انما تثبت بالآية والاخبار والإجماع مع ثبوت انه مذكر والفرض عدمه ، فلو لم يكن بعض النصوص مع عدم قول الأصحاب كان (لكان ـ خ) القول به وبالتوريث مثل النساء ، متعيّنا كما هو مذهب بعض العامّة.

وكأنّ لما ذكرناه ـ من قصور أدلّة التنصيف ـ ذهب بعض الأصحاب إلى القرعة لدخول هذه في كل أمر مشكل (٣).

ولصحيحة الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن مولود ليس له : ما للرجال ولا (له ـ ئل) ما للنساء؟ قال : يقرع الإمام أو المقرع يكتب على سهم : (عبد الله) ، ويكتب على سهم (امة الله) ثم يقول الإمام أو المقرع : اللهم أنت الله لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب. ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ، ثم يجال السهم على ما خرج وورث عليه (٤).

فيها دلالة على الدعاء في القرعة ، وما ذكروه ، ولعله للاستحباب.

وتؤيّده أيضا أخبار أخر مثل رواية إسحاق المرادي (٥) ـ المجهول ـ عن أبي

__________________

(١) الظاهر أن مقصوده هو : ان يقول : (من حيث يتأخر) بدل (من حيث ينبعث) ليكون مقابلا لقوله عليه السّلام (من حيث سبق) والله العالم.

(٢) يعنى ما ذكره دليلا ، بعد ذكر القياس وهو قوله قدّس سرّه : (ولان حرمانه من الإرث إلخ).

(٣) إشارة الى الحديث المعروف كل أمر مشكل ففيه القرعة.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب ميراث الخنثى إلخ ج ١٧ ص ٥٨٠.

(٥) على نقل الشيخ ـ كما في الوسائل ـ وعلى نقل الكليني رحمه الله إسحاق العرزمي.

٥٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الله عليه السّلام (١) ومرسلة ثعلبة ، عن بعض أصحابنا عنه عليه السّلام (٢) ، مع وجود ابن فضال والحجال فيها (٣).

ورواية عبد الله بن مسكان ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام وانا عنده عن مولود ليس بذكر ولا بأنثى ليس له الّا دبر كيف يورث؟ قال : يجلس الامام ويجلس عنده أناس من المسلمين فيدعون الله ويجيل السهام عليه على ايّ ميراث يورثه ، ثم قال : وأي قضيّة أعدل من قضيّة يجال عليها بالسهام يقول الله تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (٤).

قال في المختلف : انها موثقة.

وهي موقوفة على توثيق طريق الشيخ في التهذيب الى علي بن الحسن وقد مرّ مثله (وفيه) أيضا تأمل ، إذ هذه الروايات في المولود الذي ليس له ما للرجال ولا ما للنساء فقد يقال هنا : بالقرعة ، لا في الخنثى ، لاحتمال الفرق ، ولهذا ما وجد (٥) في الخنثى قرعة ولا فيه ما تقدم في الخنثى ، ولا يقاس.

ولا يستدل بالعموم المفهوم من الأخيرات وغيرها ، لعدم صحتها ، واحتمال الاختصاص بما تقدم.

قد يقال : لا إشكال في الخنثى ـ بعد النصوص الكثيرة والإجماع ـ في اعتبار حاله بالبول ، ومع عدم الحصول ، فلما تقدم من دليل التنصيف.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ميراث الخنثى ج ١٧ ص ٥٧٩.

(٢) راجع الوسائل باب ٤ حديث ٣ من أبواب ميراث الخنثى ج ١٧ ص ٥٨٠.

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، والحجّال عن ثعلبة بن ميمون ، عن بعض أصحابنا.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب ميراث الخنثى ج ١٧ ص ٥٨١. والآية ١٤١ في سورة الصافات.

(٥) يعني في روايات الخنثى بالمعنى المعروف رواية دالة على القرعة ولم يوجد أيضا في روايات من ليس له فرج الرجال والنساء ، ما ورد في الخنثى من العلامات ولا يجوز مقايسة أحدهما بالآخر.

٥٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيد الفرق انه قال في المختلف : الذي ليس له ما للرجال ولا ما للنساء يورث بالقرعة عند أكثر العلماء ، وقال ابن الجنيد : ان كان في الموضع ثقبة لا يشبه الفرج ولا له ذكر ينظر ، فان كان إذا بال نحّى ببوله ناحية ، ومن هذا مباله فهو ذكر ، فان لم ينحّ وبال على حيا له فهو أنثى ، والمشهور الأول.

واستدل عليه برواية ابن مسكان.

وأجاب عن احتجاج ابن الجنيد (١) برواية ضعيفة ، بأن ما ذكرناه أوضح طريقا وأشهر بين علمائنا ، فاختار هنا القرعة ، وفي الأوّل التنصيف ، بل لم يعلم ان أحدا ذهب إليها هنا.

وذهب بعض آخر الى عدّ الأضلاع ، فإن كان أضلاع جنبيها متساويتين في العدد فأنثى ، والّا فذكر ، لأنّ حوّاء خلقت من أيسر ضلع آدم ، وكأنه لذلك ترى أكثر النساء اعوج وصعبات ، وقليلة الخير فتأمّل.

ودليله قضاء أمير المؤمنين عليه السّلام في قضاء شريح حيث جاءت إليه خنثى وحكت حكاية عجيبة وهي مشهورة (٢).

ونقل في المختلف عن الشيخ في الحائريّات حيث سئل عن هذه وأجاب بأنه مشهور بين أهل النقل في أصحابنا والمخالفين ، وهو جائز لا مانع منه ، وهو في قضايا أمير المؤمنين عليه السّلام ، تمّ (٣).

وهذا قوله يدلّ على انه إجماع المسلمين فضلا عن طائفتنا ثم اختار التنصيف وما أجاب عن الاستدلال على العدّ ، وردّه في شرح الشرائع بضعف السند.

__________________

(١) متعلّق بقوله : (عن احتجاج) لا ب (أجاب) فلا تعول.

(٢) راجع الوسائل باب ٢ حديث ٣ ـ ٥ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٧٥ ـ ٥٧٦ والقضيّة طويلة.

(٣) يعنى كلام الشيخ.

٥٧٩

فان انفرد فالمال له ، وان كان معه مثله تساووا.

______________________________________________________

وقال في الفقيه ـ مع ذكره الرواية المشتملة عليه مفصلا ، عن عاصم بن حميد ـ في الحسن ـ عن محمّد بن قيس ـ : إنّ حواء ما خلقت الّا من طين آدم ، وكذا النخلة والحمام ، والّا يلزم ان يقول أهل التشنيع : آدم ينكح بعضه بعضا ، ويأكل بعضه.

وأنت تعلم أنه لا يفهم من قوله : إجماع أصلا فضلا عن إجماع المسلمين وانه كان ينبغي على القول بمضمونها الفتوى بذلك ، لا بالتنصيف أو الجواب والردّ ، كأنه ترك للظهور ، إذ طريق رواية الشيخ ضعيف ، وعدم الإجماع معلوم كما ادعى في غيره من التنصيف والقرعة وغيرهما.

وأنت تعلم أيضا ان كلام الصدوق غير جيّد ، إذ لا بعد في ذلك كما قاله الشيخ واعتراض أهل التشنيع غلط ، الّا ان يقال : انه يعتقد هو أيضا ذلك وذكر من لسانهم واعتقادهم الّا انه يفهم من كلامه صحّة الاعتراض فتأمّل.

وانه حينئذ لا يناسب نقله الخبر القائل بصحته وحجيته بينه وبين الله الّا ان يؤوّله بهذا ويكون مقصوده التأويل وان لم يصرّح ، وهو بعيد.

وان هذه الرواية (١) حسن في الفقيه ، فلعلّ ما قاله (قال ـ خ ل) في شرح الشرائع : ان الرواية ضعيفة ، نظر الى التهذيب ، أو الى اعتقاده اشتراك محمّد بن قيس ، وقد مرّ البحث في تحقيق حاله مرارا ، فتذكر.

قوله : «فان انفرد فالمال له إلخ» إشارة إلى تفصيل ارث الخنثى.

وجه كون المال له ـ مع عدم وارث آخر غيره في مرتبته ـ ظاهر.

واما تساوي الخنثيين في الإرث إذا كانتا في مرتبة ودرجة واحدة مطلقا

__________________

(١) يعني رواية محمّد بن قيس المروية في الفقيه فقط دون التهذيب وطريق الصدوق الى عاصم أيضا حسن فإنه قال في المشيخة : وما كان فيه عن عاصم بن حميد فقد رويته عن أبي ومحمّد بن الحسن رحمهما الله عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد. وعاصم أيضا موثق.

٥٨٠