مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

١
٢

بسمه تعالى شأنه

حديث في فضيلة الحج

علي بن إبراهيم عن أليه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن أبي عمر عن معاوية بن عمّار، قال: قال: لمّا أفاض رسول الله صلى الله عليه واله تلقّاه أعرابي بالأبطح، فقال: يارسول الله إني خرجت اريد الحجّ فعاقني(١) وأنا رجل ميّل يعني كثير المال ـ فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاج قال: فالتفت رسول الله صلى الله عليه واله الى أبي قبيس ، فقال: لو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء انفقته في سبيل الله مابلغت به ما بلغ الحاج (٢).

__________________

(١) الفاعل محذوف تقديره عائق اي منعني مانع كذا في هامش الكافي.

(٢) فروع الكافي كتاب الحجّ باب فضل الحجّ والعمرة وثوابهما. والوسائل باب ٤٢ من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه حديث ٧ وفيه : (ففاتني) بدل (فعاقني).

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الحجّ

والنظر في أمور أربعة :

(الأوّل في أنواعه)

وهو واجب ، وندب ، فالواجب بأصل الشرع مرّة واحدة

______________________________________________________

قوله : «وهو واجب وندب إلخ» ترك التعريف لظهوره ، وقال في المنتهى : الحجّ في اللغة القصد ، قال الخليل : الحجّ كثرة القصد الى من تعظمه ، ويقال : الحجّ بفتح الحاء وكسرها (انتهى)

ولهذا قرأوا بهما في الآية (١) وكذا الحجّة ، إلى قوله.

وفي الشريعة (الشرع خ) عبارة عن قصد (زيارة خ) البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده ، متعلقة بزمان مخصوص ، انتهى.

وقد مرّ ما يعلم منه حسن الاعراض عن الأبحاث المتعلقة به ، من عدم الجامعيّة والمانعيّة ، وانه تخصيص أو نقل ، وغير ذلك مما لا ثمرة فيه هنا بوجه ، ولهذا قال المصنّف هنا وفي المنتهى (ونعم ما قال) : فلا مشاحة في مثل هذه التعاريف (التعريفات خ) بعد نقل المناقشات وجوابها ، ولكن التعبير بالمناسك

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران ٩٧)

٤

على الفور ،

______________________________________________________

أولى ، بحسب مقصود الفقهاء ، وان كان ما ذكره أقرب الى اللغة.

وأمّا وجوبه ، فالظاهر انه ليس من مسائل الفقه التي يستدل عليها ، لكونه ضروريّا كالصّلوة ، ولهذا قال الشيخ في التهذيب والاستبصار : ولا خلاف فيه بين المسلمين ، فلذلك لم نتشاغل بإيراد الأحاديث فيه في كونه واجبا في العمر مرة واحدة

نعم يحتاج إثبات فوريّته الى الاستدلال ، قال المصنف في المنتهى : (١) يجب وجوبا مضيقا على الفور ، قال علمائنا به اجمع ، وبه قال مالك واحمد وأبو يوسف ، ونقله الكرخي وغيره عن أبي حنيفة.

ولعلّ في الآية (حيث سمّى تركه كفرا) اشارة اليه ، كما في بعض الأخبار مثل ما روى من طريق العامة عن علي عليه السّلام : من ملك زادا وراحلة يبلغه الى بيت الله الحرام ، ولم يحجّ ، فلا عليه ان يموت يهوديا أو نصرانيا (٢).

وهو صادق على من لم يحجّ ، إذا مات من غير حجّ ، وان ترك بقصد الفعل ، وكذا الآية (٣) وسائر الأخبار تدل عليها حيث وقع الذم فيها بتركه حتّى مات ، أعمّ من ان يكون بقصد الفعل وعدمه.

خصوصا ما في الفقيه (في باب تسويف الحجّ) : روى محمد بن الفضيل قال : سئلت أبا الحسن عليه السّلام ، عن قول الله عز وجل (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٤) فقال نزلت فيمن سوّف الحجّ ،

__________________

(١) عبارة المنتهى هكذا : يجب على كل مكلف هو مستطيع للحجّ ، متمكن من المسير من ذكر وأنثى وخنثى ، وجوبا مضيقا إلخ.

(٢) كنز العمال جلد ٥ ص ٢٠ تحت رقم ١١٨٦٩.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (آل عمران ٩٧).

(٤) الاسراء ٧٤.

٥

.................................................................................................

______________________________________________________

حجّة الإسلام ، وعنده ما يحجّ به ، فقال : العام أحجّ ، العام أحجّ ، حتى يموت قبل ان يحجّ (١) وغيرها من الأخبار

مثل رواية زيد الشحام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام ، التّاجر يسوّف الحجّ ، قال : ليس له عذر. فان مات ترك شريعة من شرائع الإسلام (٢).

وصحيحة ذريح المحاربي (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : من مات ولم يحجّ حجة الإسلام (ويب) لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به (٣) ، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ ، أو سلطان يمنعه ، فليمت يهوديّا أو نصرانيّا (٤).

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قال الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ، مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، قال : هذه لمن كان عنده مال وصحّة ، وان كان سوّفه للتجارة ولا يسعه (فلا يسعه خ) فان مات على ذلك ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام ، إذا هو يجد ما يحجّ به (بخل لما يحجّ به خ) فان كان دعاه قوم ان يحجّوه فاستحيى ، فلم يفعله (يفعل خ) فإنّه لا يسعه الّا أن يخرج ولو على حمار أجدع (٥) أبتر (٦).

وهي تدلّ على عدم اشتراط الرجوع على كفاية ، في الوجوب بالبذل مطلقا ورواية أبي الصباح الكناني (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال :

__________________

(١) الرسائل الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ٨.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ٦.

(٣) أجحف به اى ذهب به واستأصله.

(٤) الوسائل الباب ٧ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ١.

(٥) والجدع قطع الأنف والاذن والشفة واليد (مجمع البحرين)

(٦) أورد قطعة منها (في الوسائل) في الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه «الحديث ١» وقطعة أخرى في الباب ٧ حديث ٢ والباب ١٠ حديث ٣ من تلك الأبواب فراجع.

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت له : أرأيت الرّجل التّاجر ذا المال ، حين يسوّف الحجّ في كلّ عام ، وليس يشغله عنه الّا التّجارة أو الدّين ، فقال : لا عذر له يسوّف الحجّ ان مات وقد ترك الحجّ ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام (١).

ومثله حسنة الحلبي (لإبراهيم) والصحيحة التي يجي‌ء في بيان الاستطاعة مذكورة في الزيادات (٢) وأمثالها كثيرة.

فما قيل ـ في شرح الشرائع : والأدلّة عليه من الكتاب والسنة كثيرة ـ اشارة اليه

وكما أنّ تركه موجب للعقاب العظيم ، كذا فعله موجب للثواب الكثير ، والأخبار على ذلك كثيرة جدّا مثل صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام ، انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لقيه أعرابي ، فقال له : يا رسول الله انّى خرجت أريد الحجّ فاتنى وانا رجل مميل فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج ، قال فالتفت اليه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : انظر الى ابى قبيس ، فلو انّ أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله ما بلغت به ما يبلغ الحاجّ ، ثم قال : ان الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الّا كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفّا ولم يضعه الّا كتب الله له مثل ذلك ، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه ، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه ، فإذا

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ٤.

(٢) الظاهر انها صحيحه الحلبي المذكورة في الوسائل في الباب ٦ الرواية ٤ من أبواب وجوب الحجّ (بالسند الثاني).

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

رمى الجمار خرج من ذنوبه ، قال : فعدّ (فعدّد يب) رسول الله صلّى الله عليه وآله كذا وكذا موقفا ، إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه ، ثم قال : انّى لك ان تبلغ ما يبلغ الحاجّ ، قال أبو عبد الله عليه السّلام : ولا تكتب عليه الذنوب أربعة أشهر ، وتكتب له الحسنات ، الّا أن يأتي بكبيرة (١) والاخبار في ذلك كثيرة جدا

(واما وجوبه) (٢) في العمر مرّة واحدة فقط ، فللأصل ، مع عدم اقتضاء الأمر التكرار ، وقال في المنتهى : وانما يجب بأصل الشرع في العمر مرّة واحدة ، بإجماع المسلمين على ذلك.

وسئل الأقرع بن حابس رسول الله صلّى الله عليه وآله عن الحجّ في كل سنة مرّة واحدة ، فقال : بل مرة واحدة ، ومن زاد فهو تطوّع (٣).

وروى انه قيل يا رسول الله حجّنا هذا لعامنا أم للأبد فقال : بل للأبد ، (٤) انتهى.

وقريب منه ما في صحيحة معاوية بن عمار في بيان وجوب حجّ التمتع (٥) ولا نعلم فيه مخالفا يعتد به.

وقد حكى عن بعض الناس ، انه يقول : يجب في كل سنة ، وهذه

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ١.

(٢) أخره في الشرح وان كان الماتن ره قدمه على مسألة الفور فلا تغفل.

(٣) المستدرك الباب ٣ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ٤ (عن عوالي اللئالى).

(٤) محمد بن مسعود العياشي في تفسيره ، عن الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث حجة الوداع) الى ان قال : فقال سراقة بن جعشم الكناني يا رسول الله علمتنا ديننا كأنّما خلقنا اليوم أرأيت لهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لإبل للأبد (المستدرك الباب ٢ من أبواب وجوب الحجّ الرواية ٣).

(٥) الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحجّ الرواية ٤.

٨

وهي حجّة الإسلام ، وغيرها يجب بالنذر ، وشبهه ، وبالاستيجار ، والإفساد ، والندب [والمندوب] ما عداه ، وكلّ واحد من هذه إمّا تمتّع ، أو قران ، أو افراد فالتمتع ان يحرم من الميقات للعمرة المتمتع بها ، ثم يمضي إلى مكة ، فيطوف سبعا ، ويصلّى ركعتيه ، ويسعى

______________________________________________________

الحكاية لا تثبت ، وهي مخالفة للإجماع.

وقال في التهذيب : لا خلاف بين المسلمين فيه (اى في كون وجوبه مرة واحدة) ، واستحباب الزيادة ، فلذلك لم نتشاغل بإيراد الأحاديث فيه

وما روى ـ من وجوبه في خمس سنين (١) ، أو كل سنة على أهل جدة (٢) ونحوه ـ فمحمول على تأكيد الاستحباب ، خصوصا لمن يقرب ويستطيع بسهولة.

ولعل (٣) معنى وجوبه بأصل الشرع ، وجوبه من غير احداث من المكلّف ، بل بمحض الشرع من غير مدخل لشي‌ء آخر ، بخلاف الأقسام الأخر ، فكأنّه وجب بأصل الشرع ، وحقيقته ، أو في أصل الشرع ، فان غيره يجب بالفرع من وجوب الوفاء بالنذر الذي حدث بعد الشرع ، فهو واجب بالفرع ، وفي الفرع.

وهو حجّ الإسلام أي حجّ يقتضي وجوبه دين الإسلام ، وانه لازم على المسلم ليتم إسلامه ، كما يشعر به التعبير عن تركه بالكفر في الآية (٤) وانّ تاركه فليمت يهوديا أو نصرانيا في الاخبار (٥).

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٤٩ من أبواب وجوب الحجّ.

(٢) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب وجوب الحجّ.

(٣) وهذا أيضا كمسألة وجوبه مرة واحدة مقدم وان كان شرحه مؤخرا فتذكر

(٤) آل عمران ٩٧.

(٥) راجع الوسائل الباب ٧ من أبواب وجوب الحجّ.

٩

للعمرة ، ويقصّر ، ثم يحرم من مكّة يوم التروية ، ويخرج الى عرفات فيقف بها الى غروب الشمس يوم عرفة ، ثم يفيض الى المشعر فيقف به من طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، ثم يأتي منى [بمنى] فيرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، ثم يذبح هديه ، ثم يحلق رأسه.

______________________________________________________

وحصره ـ في الواجب والندب ، بعد كون المراد به الحجّ الذي هو عبادة ـ ظاهر.

وكذا قسمة الواجب الى ما ذكره.

ووجه الحصر الاستقراء التام الذي استفيد منه حصر سبب وجوبه في المذكورات (١) وهو ظاهر ، كدليل وجوبها الّا الوجوب بالإفساد ، وسيجي‌ء دليله ، وبيان الإفساد الذي يجب به الحجّ.

وأنّه أعم من ان يكون الفاسد واجبا أو مندوبا في الأصل ، وقبل الإفساد إذ لا ندب ح ، لوجوبه بالشروع بالإجماع ونحوه ، وسيجي‌ء.

وأمّا دليل قسمة مطلق الحجّ إلى الأقسام الثلثة فهو أيضا كأنّه الإجماع ، والأخبار الكثيرة ، مثل حسنة معاوية بن عمار (لإبراهيم) قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : الحجّ ثلثة أصناف ، حجّ مفرد ، وقران ، وتمتع بالعمرة إلى الحجّ إلخ (٢).

قوله : «ويقصر :» الى هنا أفعال العمرة ، فيحل من كل شي‌ء إلّا الحلق ، على ما قيل ، ولهذا اقتصر (قصر خ ل) على التقصير وما خيّر بينه وبين الحلق ، كما في العمرة المفردة ، والحجّ ، وكذا فعله غيره ، بل صرّحوا بلزوم الكفارة لو حلق بدل التقصير وسيجي‌ء تحقيقه ان شاء الله تعالى.

قوله : «ثمّ يحرم من مكة يوم التروية إلخ» الظاهر أنّه على طريق الفضيلة و

__________________

(١) يعنى المذكورات في المتن

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب أقسام الحجّ الرواية ١.

١٠

ثم يمضي إلى مكة فيطوف للحج ، ويصلّى ركعتيه ، ثم يسعى للحج ، ثم يطوف للنساء ، ويصلّى ركعتيه ، ثم يرجع الى منى ، فيبيت بها ليلة الحادي عشر والثاني عشر ويرمى في اليومين الجمار الثلاث ، ثم ينفر ان شاء أو يقيم الى الثالث عشر فيرميه.

______________________________________________________

الاستحباب كما سيجي‌ء والواجب إنشائه في وقت يسع الوقوف الاختياري بعرفات بتمامه ، فيقف بها من زوال الشمس يوم التّاسع من ذي الحجة إلى الغروب

ثم يفيض ، اى يرجع ، فإن الإفاضة هو الرجوع الى المشعر ، فيبيت به تلك الليلة ، ثم يقف به من طلوع الفجر يوم العاشر الى طلوع الشمس ، فترك المبيت به غير مناسب ، فكأنّه ترك اعتمادا على ما سيجي‌ء من التفصيل ، فيأتي منى ، ويحلق رأسه بعد الذبح ، أو يقصّر.

كانّ المصنف اقتصر على الأوّل لأنّه أفضل ، خصوصا للصرورة ، والملبّد (١) ، وأحوط لهما.

ثم يأتي من يومه ، أو غده إلى مكة ليطوف ، وتركه ـ (من يومه أو غده) المشعر بالوجوب في اليوم العاشر ـ للظهور ، كترك ترتيب الجمار الاولى ثم الوسطى ، ثم العقبة ، وكترك تقييد النفر في الأوّل لمن اتّقى الصّيد والنّساء اعتمادا على ما سيذكره بالتفصيل.

ولعل ضمير (فيرميه) راجع الى الثالث بحذف المضاف ، اى وظيفته من الجمار ، أو جماره ، أو الى الجمار الثلث باعتبار المذكور واللفظ وغير ذلك ، وبالجملة ترك التفصيل لما سيذكره.

__________________

(١) تلبيد الشعران يجعل فيه شي‌ء من صمغ أو خطمي وغيره عند الإحرام لئلا يشعث ويقمل اتقاء على الشعر (مجمع البحرين).

١١

والمفرد يحرم من الميقات ، ثم يمضي الى عرفة والمشعر فيقف بهما ، ثم يأتي منى فيقضي مناسكه ، ثم يطوف بالبيت للحج ويصلّى ركعتيه ، ثم يسعى ، ثم يطوف للنساء ، ويصلّي ركعتيه ، ثم يرجع الى منى فيرمي اليومين أو الثلاثة ثم يأتي بعمرة مفردة ، والقارن كذلك الّا أنّه يقرن بإحرامه هديا.

والتمتع فرض من نأى منزله عن مكة باثني عشر ميلا من كل

______________________________________________________

(قوله : «والمفرد يحرم من الميقات» أي التي يجب ان يحرم منها بالحج ، لتقديمه على عمرته.

ولا فرق بين أفعال الافراد والتمتع الّا بالتقديم والتأخير والذبح وعدمه ، فيريد (بمناسكه) مناسك منى يوم العيد غير الذبح.

والفرق بين الافراد والقران ، بسوق الهدى وبينه وبين التمتع ، بالتقديم والتأخير ، ولزوم سوق الهدى فيه وعدمه في التمتع

واما حصر أفعالها فيما ذكر فظاهر أنّه إجماعي ، ويدل عليه الأصل مع وجود المذكورات في الاخبار (١) وسيجي‌ء تفصيل أدلة كل فعل في محلّه ان شاء الله تعالى.

قوله : «والتمتع فرض من نأى منزله عن مكة باثني عشر ميلا إلخ». هذا مختار جماعة من الأصحاب ، مثل الشيخ في النهاية والشيخ ابى علىّ الطبرسي في تفسيره الكبير ، من غير إشارة إلى خلاف ذلك ، ومختار المحقق في الشرائع مع الإشارة.

ولعل مستنده عموم الأخبار الدالة على وجوبه ، مثل ما في حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام المتقدمة في قسمة الحج : وتمتّع بالعمرة الى

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب أقسام الحج.

١٢

جانب ، والباقيان فرض أهل مكة وحاضريها.

______________________________________________________

الحج ، وبها أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله ، والفضل فيها ولا نأمر الناس الّا بها (١) وصحيحته عنه عليه السّلام (٢) في سبب نزول (فمن تمتّع) (٣) ، حيث دل على وجوب التمتّع على كل من لم يسق الهدى.

وما في صحيحة الحلبي ، فليس لأحد الّا ان يتمتّع ، لانّ الله أنزل في كتابه ، وجرت به السنة من رسول الله صلّى الله عليه وآله (٤).

وصحيحة أخرى عنه (عليه السّلام) قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن الحج؟ فقال : تمتّع ، ثم قال : انّا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى. قلنا يا ربّنا أخذنا بكتابك ، وقال الناس : رأينا رأينا ، ويفعل الله بنا وبهم ما أراد (٥) ومثلها رواية ليث المرادي (٦).

وصحيحة معاوية (٧) وفي رواية أخرى ، عليك بالتمتع (٨) ورواية صفوان الجمّال عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : من لم يكن معه هدى وأفرد رغبة عن المتعة ، فقد رغب عن دين الله (٩).

وقال الشيخ في التهذيب : وامّا ما ورد في فضل المتعة في الحجّ فهو أكثر من ان يحصى ، مثل صحيحة صفوان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث)

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٣) البقرة ١٩٦.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٦) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٧.

(٧) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٣.

(٨) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

(٩) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٥.

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : لو حججت ألفي عام ، ما قدمتها الّا متمتّعا (١) وفي حديث آخر عنه (عليه السّلام) ، لو حججت ألفا وألفا لتمتّعت ، فلا تفرد (٢).

وصحيحة حفص بن البختري ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : المتعة والله أفضل ، وبها نزل القرآن ، و (بها خ ئل) جرت السنة (٣).

وصحيحة أبي أيوب الخزاز ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، اىّ أنواع الحج أفضل؟ فقال : المتعة ، وكيف يكون شي‌ء أفضل منها ، ورسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ، لفعلت كما فعل الناس (٤) وغير ذلك

وخصّصت بغير أهل مكة ، ومن كان بينه وبينها اثنى عشر ميلا ، بالإجماع والآية (٥).

والخبر ، مثل صحيحة عبيد الله الحلبي وسليمان بن خالد وابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، ليس لأهل مكة ، ولا لأهل مرّ ، ولا لأهل سرف ، متعة وذلك لقول الله عز وجل (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٦).

وصحيحة على بن جعفر ، قال : قلت لأخي موسى بن جعفر عليهما السّلام : لأهل مكة ان يتمتعوا بالعمرة إلى الحجّ؟ فقال : لا يصلح ان يتمتّعوا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٤.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢١.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٨.

(٤) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٦.

(٥) إشارة إلى قوله تعالى (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، البقرة ١٩٧.

(٦) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ١ ، قال في الحدائق ، نقلا عن القاموس : مر موضع من مكة على مرحلة ، وسرف ككتف موضع قريب التنعيم.

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

لقول الله عز وجل (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١).

ورواية الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : في حاضري المسجد الحرام ، قال : ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضري المسجد الحرام ، وليس معهم متعة (٢).

والظاهر انّ المراد دون جميع المواقيت ، وهو قريب من اثنى عشر ميلا ومثلها صحيحة حماد (٣) وسيجي‌ء وهما مؤيّدان

وامّا الآية ، فلأنّها تدل على وجوب التمتع ، وفرضه على غير حاضري المسجد الحرام.

وقيل : المراد به الحرم ، والحاضر فيه هو أهل مكّة ومن قرب منه بالمقدار المذكور داخل فيه عرفا ولغة وإجماعا ، بخلاف البعيد.

ولانّ غيره غير معلوم الدخول ، فينتفى.

(ولانه غير معلوم الدخول فيبقى خ ل).

وللجمع بين الأدلة فإنه يمكن حمل حديث ثمانية وأربعين على ذلك ، كما حمله ابن إدريس عليه ، كما نقل عنه المنتهى ، وعن الشيخ ، في المختلف

وهو صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) قول الله عزّ وجلّ في كتابه (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، قال : يعني أهل مكة ليس عليهم متعة ، وكل من كان اهله دون ثمانية وأربعين ميلا ، ذات عرق وعسفان ، كما يدور حول مكة ، فهو ممّن دخل في

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

هذه الآية ، وكلّ من كان اهله وراء ذلك ، فعليهم المتعة (١).

وهو دليل المذهب الثاني ، المشهور بين المتأخرين ، وقال الشافعي : ان الحاضر يقابل المسافر على ما نقل عنه القاضي في تفسيره (٢).

وفيه تأمّل إذ المتبادر من حاضر هنا ، غير ذلك ، بل المعنى اللغوي أو العرفي ، ولهذا قال : (اهله) والّا لكان المناسب ، من كان حاضر المسجد الحرام

وأيضا يلزم وجوب التمتع على من نوى الإقامة فيها ، وان كان اهله بعيدا ، ولزوم التمتّع على أهل مكة إذا جاء إليها مسافرا فتأمل

والحديث (٣) أيضا في متنه تأمل مّا ، وأنّه ليس بصريح في اعتبار ذلك البعد من مكّة ، فهو مؤيّد لما حملناه ، لأنّه يصدق ـ على من كان على اثنى عشر ميلا ـ أنّه فيما دون ثمانية وأربعين ميلا ، بل في ثمانية وأربعين ميلا باعتبار جميع أطراف مكة الأربعة من اثنى عشر ميلا ، إذ ما قال : ومن كان بعده عن مكة ، أو الحرم ، أو المسجد ، ذلك

وأيضا أنّهم اعتبروا ذلك المقدار بإتمام ، لا دون ذلك والحديث (٤) يفيد الثاني دون الأوّل

وبالجملة دخول من هو أبعد بأكثر من اثنى عشر ميلا في حاضري مكة غير

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٢) قال البيضاوي عند تفسير قوله تعالى (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) : وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عندنا ، فانّ من كان على أقل ، فهو مقيم الحرم ، أو في حكمه ، ومن كان مسكنه وراء الميقات عنده وأهل الحل عند طاوس وغير المكي عند مالك (انتهى).

(٣) المراد منه هو حديث ثمانية وأربعين المتقدم آنفا (الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣).

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ظاهر ، لما ذكر ، مع ظهور الأخبار الأول (١) في خروجه

وكأنه لهذا اختار المصنف هنا وفي القواعد اثنى عشر ميلا ، فظهر له مستند ، فقول ـ شرح الشرائع والدروس : ولا نعلم له مستندا ومستند الثاني صحيحة زرارة (٢) وغيرها ـ غير ظاهر.

ويمكن تحقيق المبحث بتحقيق مر ، وسرف (٣) وذات عرق وعسفان (٤) فإنها لو كانت خارجة من اثنى عشر ميلا ، كما هو الظاهر من تفسير عسفان بموضع على مرحلتين من مكة في القاموس يتم الاستدلال بصحيحة زرارة (٥) وغيرها في الجملة.

وأمّا لو كانت داخلة كما هو الظاهر من تفسير مر بموضع قريب من مكة وحولها فلا.

ويؤيد الأوّل أنّ الآية وبعض الاخبار (٦) صريحة في وجوب المتعة على الغائب ، وظاهرة في النّفي عن الحاضر بالمفهوم فتأمل وقد جوّز للحاضر المتمتع بخلاف العكس فإنّه غير مجوز بإجماع فقهاء أهل بيت عليهم السّلام ، ويدل عليهما بعض الاخبار (٧) في الجملة.

وأيضا يؤيّده ما يدل على التحديد بما دون الميقات مثل صحيحة حماد بن

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٣) الواقعتين في خبر الحلبي وسليمان بن خالد وابى بصير (المتقدم آنفا)

(٤) الواقعتين في صحيحة زرارة المتقدمة.

(٥) المتقدمة.

(٦) راجع الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج.

(٧) راجع الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج.

١٧

ولو عدل كل منهم الى فرض الآخر. اضطرارا جاز ، لا اختيارا.

______________________________________________________

عثمان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في حاضري المسجد الحرام ، قال : ما دون الأوقات إلى مكّة (١) وهذه في زيادات الحج.

وأيضا يؤيّده انّه أقل المسافة في كثير من الروايات الصحيحة ، مثل ما ورد من وجوب القصر على من خرج الى عرفة (٢).

ويؤيّد الثاني حسنة حريز (لإبراهيم) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في قول الله عز وجل (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، قال : من كان منزله على ثمانية عشر ميلا (الى قوله) : فلا متعة له ، مثل مر وأشباهها (٣).

وأيضا الظاهر انّ ذات عرق أبعد بأكثر من اثنى عشر ميلا ، كما يظهر من تفسير القاموس بميقات العراقين (العراقيّين خ).

ويمكن الجمع بحمل ثمانية وأربعين على وجوب التمتع وحتمه ، وما دونه مطلقا على الجواز ، والتأخير مع الأفضليّة ، أو باستثناء أهل مكّة ، فيتعيّن عليهم غير المتعة ، فتأمل.

قوله : «ولو عدل كل منهم الى فرض الآخر اضطرارا جاز لا اختيارا» امّا عدم جواز العدول للنائي عن فرضه الى غيره اختيارا ، فقد قال المصنف في المنتهى : انه لا يجوز ، ولا يجزيه بإجماع فقهاء أهل البيت (عليهم السّلام).

ويدل عليه أيضا ما تقدم من الاخبار (٤) من انه مأمور بالتمتع ، وهو فرض فلم يأت به فلا يخرج عن العهدة ، ولا يجزيه بدله من غير دليل ، ولا دليل

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب صلاة المسافر الرواية ١ ، عن معاوية بن عمار ، انّه قال لأبي عبد الله عليه السّلام : ان أهل مكّة يتمون الصلاة بعرفات ، فقال : ويحهم أو ويلهم واى سفر أشد منه لا تتم.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٠.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب أقسام الحج.

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا جار في العكس أيضا ، لأنه قد مرّ ان فرض المكي غير التمتع فلا يخرج عن العهدة بفعله ، الّا انه نقل عن الشيخ جوازه هنا ، لأنه أفضل ، لأنه من جاء بالتمتع ، جاء بالافراد مع الزيادة ، كأنّها الهدى والإحرام للعمرة في الزمان الزائد على الحج في بعض الأوقات.

وفيه تأمل واضح ، إذ الظاهر ان أفضلية التمتع انما يكون فيما فيه التخيير ، بان يكون مندوبا ، أو نذر حجّا مطلقا ونحوه.

وامّا مع التعيين كما مر في الاخبار الصحيحة (١) فلا أفضلية بل ولا جواز ، والزيادة إذا لم تكن مشروعة ومطلوبة للشارع ما تنفع.

على انه قد يفوت طواف النساء الواجب في العمرة المفردة ، الّا ان يريد بالاجزاء عن الحج فقط ، أو بانضمام العمرة المفردة أيضا ، وذلك غير بعيد حينئذ.

ويتحقق الزيادة بالعمرة المتقدمة ، الّا انه يحصل التفاوت بالنية ، وبحصول الإحرام للحج المتمتع به من مكّة ، مع انه في الحج المفرد كان من ادنى الحل أو أحد المواقيت ، وسيجي‌ء تحقيق ذلك في المواقيت.

واما مع الاضطرار ، كخوف الحيض (٢) أو حصوله بالفعل المتقدم على طواف (العمرة خ) إذا خيف ضيق وقت الوقوف الاختياري بعرفة ، أو خيف

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج.

(٢) توضيح ما ذكره الشارح قده : أنه يجوز العدول من بعض الأنواع الى بعض في مواضع.

(الأوّل) خوف الحيض المتقدم على طواف العمرة ، فإنه يجوز العدول حينئذ من التمتع الى الافراد بأحد شرطين (أحدهما) بلوغ الخوف الى حدّ ضيق وقت اختياري عرفة (ثانيهما) خوف التخلف عن الرفقة الى عرفة إذا كان محتاجا إليها.

(الثاني) خوف المحرم قبل الوقوف من دخول مكّة لعدو أو سبع ونحوهما وعدم خوفه من دخولها بعد الوقوف ، فإنّه يجوز العدول حينئذ من التمتع أيضا الى الافراد.

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

التخلف عن الرفقة إلى العرفة ، حيث يحتاج إليها ، وان كان الوقت واسعا ، وكخوف المحرم دخول مكّة قبل الوقوف لا بعده ، وبالعكس ، وكضيق الوقت بالإتيان بالعمرة قبل الوقوف ، وكخوف عدم رفقة الرجوع الى البلد بعد انقضاء المناسك ، أو خوف عدم رفقة الميقات للإحرام بها ، وكالضعف عن الطواف مقدما على الحج ، أو العكس ، أو عن السعي بين الصفا والمروة وغير ذلك.

وينبغي عدم الخلاف في جواز الابتداء بكل واحد مع العجز عن الآخر.

ويدل (١) على ذلك في الجملة ، الضرورة ، مع كون كل واحد منهما حجا ، مع قلّة التفاوت.

وما في رواية عبد الملك بن عمرو ، أنه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن التمتع بالعمرة إلى الحج؟ فقال : تمتع ، فقضى أنه (عليه السّلام) أفرد الحج في ذلك

__________________

(الثالث) خوف المحرم بعد الوقوف من دخول مكّة كذلك وعدم خوفه قبل الوقوف ، فإنه يجوز العدول من الافراد الى التمتع.

(الرابع) ضيق الوقت عن الإتيان بالعمرة قبل الوقوف ، فإنه يجوز العدول من التمتع أيضا الى الافراد.

(الخامس) خوف المحرم من عدم بقاء الرفقة إلى الفراغ من مناسك الحج للرجوع الى بلده ، فإنه يجوز الرجوع أيضا من التمتع الى الافراد ، فيقدم أفعال الحج.

(السادس) خوف المحرم من عدم الرفقة في الميقات للإحرام منه ، فإنّه يجوز العدول من التمتع أيضا الى الافراد.

(السابع) ضعف المحرم عن الطواف للعمرة المتمتع بها مقدما على الحج ، فإنه يجوز العدول من التمتع أيضا الى الافراد ويؤخر العمرة.

(الثامن) ضعف المحرم عن الطواف بعد الحج ، فإنّه يجوز العدول من الافراد الى التمتع.

(التاسع) ضعف المحرم عن السعي بين الصفا والمروة مقدما على الحج ، فإنّه يجوز العدول من التمتّع أيضا الى الافراد.

(١) هكذا في جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة ، ولعل الصواب فيدل بدل قوله : (ويدل) ليكون جوابا عن قوله (قبل أسطر) : وامّا مع الاضطرار إلخ.

٢٠