مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصلاة

والنظر في المقدمات ، والماهية ، واللواحق.

(النظر الأول : في المقدمات)

وفيه مقاصد. الأول : في أقسامها ، وهي واجبة ومندوبة

فالواجبات تسع : اليومية ، والجمعة ، والعيدان ، والكسوف ، والزلزلة والايات ، والطواف ، والأموات ، والمنذور وشبهه ، والمندوب ما عداه.

فاليومية خمس : الظهر ، والعصر ، والعشاء : كل واحدة أربع ركعات في الحضر ، ونصفها في السفر ، والمغرب ثلاث فيهما ، والصبح ركعتان كذلك.

______________________________________________________

بسم الله الرّحمن الرحيم

كتاب الصلاة

قوله : «(فالواجبات تسع إلخ)» لعل دليل عدم وجوب الغير ، الإجماع ، والأصل ، مع عدم دليل الوجوب.

ودليل وجوبها ، الظاهر إجماعنا.

ووجوب اليومية واضح ، وكذا عددها ، وهيئة عدد كل واحدة منها ، بل لا يحتاج الى الدليل.

٣

ونوافلها في الحضر : ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان قبل العصر ، واربع بعد المغرب ، وركعتان من جلوس تعدّان بركعة ، بعد العشاء ، وإحدى عشر ركعة صلاة الليل ، وركعتا الفجر.

وتسقط نوافل الظهرين والوتيرة في السفر.

______________________________________________________

وكذا المنذورة وشبهها.

والطواف : لإجماع الأمة ولبعض الايات (١) والاخبار (٢) وسيجي‌ء دليلهما (٣) ودليل كل واحدة ، في محله.

واما دليل حصر النوافل الراتبة في أربع وثلاثين : فالظاهر الإجماع على مشروعيته ، وعدم الزيادة عليه ، وحسنة الفضيل بن يسار (الثقة ، في الكافي والتهذيب) عن أبي عبد الله عليه السّلام. قال : الفريضة والنافلة احدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة وهو قائم ، الفريضة منها سبعة عشر ركعة ، والنافلة أربع وثلاثون ركعة (٤).

وحسنة أخرى فيهما ، عنه والفضل بن عبد الملك وبكير ، قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه السّلام. يقول : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يصلى من التطوع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوع مثلي الفريضة (٥) وقد سماهما في المنتهى بالصحة ، مع وجود إبراهيم بن هاشم ، وكثيرا ما يسمى الخبر الواقع هو فيه ، بها ، ويفهم منه توثيقه ، ومن الضابطة أيضا (٦) وبالحسنة أكثر (٧) وقال

__________________

(١) البقرة ـ ١٢٥ ـ قال الله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى).

(٢) الوسائل. باب ٣ من أبواب الطواف حديث ـ ٣ ـ وفيه (إذا فرغت من طوافك فأت مقام إبراهيم فصل ركعتين) وغيرها من الأخبار ، فراجع.

(٣) يعنى دليل المنذورة والطواف : وفي هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا ، قوله : وكذا المنذورة وشبهها والطواف ، كأن وجه تخصيصهما بالذكر ، هو أنهما عند الأمة ، كما في الاخبار أيضا ، كاليومية ، بخلاف البواقي فإن فيه خلافا ما ، انتهى.

(٤) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٣ ـ

(٥) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٤ ـ

(٦) المراد بالضابطة ما ذكره علماء الرجال في ترتيب طرق الشيخ في كتابيه (التهذيب والاستبصار). من الحكم بالصحة ونحوها ، فذكروا : ان طريقه الى فلان صحيح ، مع ان في الطريق إبراهيم بن هاشم.

(٧) اى تسميته بالحسنة أكثر.

٤

.................................................................................................

______________________________________________________

في الخلاصة : انه عندي مقبول ، فالظاهر عدم الفرق عنده بين الحسن والصحيح هنا.

وصحيحة إسماعيل بن سعد الأحوص (الثقة القمي) قال : قلت للرضا عليه السّلام : كم الصلاة من ركعة؟ قال : احدى وخمسون ركعة (١)

وفي الطريق محمد بن عيسى اليقطيني عن يونس بن عبد الرحمن (٢) ولا يضر. وما هو المشهور المذكور في المصباح (في زيارة الأربعين) عن أبي محمد العسكري عليه السّلام ، انه قال : علامات المؤمن خمس ، صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين ، والتختم في اليمين (٣) وتعفير الجبين ، والجهر بسم الله الرحمن الرحيم (٤) وغيرها من الاخبار (٥).

واما الاخبار التي تدل على الأقل ، مثل الخمسين (٦) فهو مما يدل على عدم التأكيد في الوتيرة : ويدل عليه أيضا عدم فعله صلوات الله عليه إياها في بعض الأوقات على ما نقل (٧) ومثل تسع وعشرين (٨) فكأنه بإسقاطها مع اربع العصر : وسبع وعشرين (٩) بإسقاط أخريين من العصر معهما (١٠) ، كذا قال في النفلية والمفهوم من صحيحة زرارة (١١) وموثقته (١٢) سقوط ركعتين من المغرب

__________________

(١) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ١١ ـ

(٢) وسند الحديث هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، قال حدثني إسماعيل بن سعد الأحوص.

(٣) هكذا في المصباح ، ولكن في النسخ المخطوطة والمطبوعة التي عندنا من شرح الإرشاد (باليمين).

(٤) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٢٩ ـ

(٥) راجع الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها

(٦) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ١ ـ ٥ ـ ٢٠ ـ ٢٨ ـ وفي باب (٤) من أبواب جهاد النفس حديث ـ ٢ ـ

(٧) الوسائل باب (١٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٦ ـ ١٥

(٨) الوسائل باب (١٤) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٥ ـ

(٩) الوسائل باب (١٤) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ١ ـ ٤ ـ

(١٠) اى مع الوتيرة واربع العصر.

(١١) الوسائل باب ١٤ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ١ ـ وفيها (وتصلى بعد المغرب ركعتين).

(١٢) الوسائل باب ١٤ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٣ ـ وفيها (وركعتان بعد المغرب.

٥

.................................................................................................

______________________________________________________

معهما ، لا الأخريين من العصر ، واسناد الاثنتين من أربعة العصر الى بعد الظهر والاثنين الى قبل العصر ، وأيضا اسناد ركعتي المغرب الى قبل العشاء (١).

فالظاهر ان سبب اختلاف الرواية ، هو الاختلاف في الفضيلة ، والتأكيد ، وعدمهما ، كما قيل في النفلية وغيرها.

ويحتمل كونه باعتبار وسعة الوقت وضيقه ، واشتغال المصلى ، وضيق خلقه ، وعدمهما ، كما روى صحيحا في التهذيب : ان الكاظم عليه السّلام كان إذا اغتم ترك الخمسين (٢) وفي اخرى انه عليه السّلام ترك النافلة (٣) ولعل المراد ترك بعض النافلة ، وإقبال النفس وادبارها.

ثم الظاهر : جواز الوتيرة قائما ، لما روى عن الصادق عليه السّلام ، كان أبي يصليهما وهو قاعد وانا أصليهما وانا قائم (٤) ولا يبعد كونه أفضل ، لذلك الخبر ، ولزيادة العبادة والمشقة ، ولأن الأصل في الصلاة القيام.

ولما ورد في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي الحسن عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يصلى وهو جالس؟ فقال : إذا أردت ان تصلى وأنت جالس وتكتب لك بصلاة القائم ، فاقرأ وأنت جالس ، فإذا كنت في آخر السورة فقم فأتمها واركع ، فتلك تحسب لك بصلاة القائم (٥).

ولروايته أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : قد اشتد علىّ القيام في الصلاة فقال : إذا أردت أن تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس ، فإذا بقي من السورة آيتان ، فقم فأتم ما بقي واركع واسجد ، فذلك صلاة القائم (٦).

__________________

(١) لا يخفى ان اسناد ركعتي المغرب الى قبل العشاء غير موجود في صحيحة زرارة وموثقته ، وانما الإسناد الى قبل العشاء في خبر أبي بصير الذي هو مذكور في التهذيب قبل الموثقة ، فراجع.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٤ ـ قال في التهذيب قوله عليه السّلام ترك الخمسين ، يريد به تمام لخمسين ، لأن الفرائض لا يجوز تركها على كل حال.

(٣) الوسائل باب ١٦ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٥ ـ

(٤) الوسائل باب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها قطعة من حديث ـ ٩ ـ

(٥) الوسائل باب ٩ من أبواب القيام حديث ـ ٣ ـ

(٦) الوسائل باب ٩ من أبواب القيام حديث ـ ٢ ـ

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فإنه يفهم منهما فضيلة القيام مطلقا ، وان النوافل لو فعلت على هذا الوجه لكان اولى من فعلهما جالسا ، ومثلهما رواية زرارة (١).

ويحتمل الاختصاص بغير الوتيرة.

ويمكن ان يكون السبب في جلوس الباقر عليه السّلام هو الكبر والسمن (٢) فلا يدل على عدم أفضلية القيام في الوتيرة.

واما دليل صلاة القصر فرضا ونفلا ، هو الإجماع ، والآية (٣) في الجملة ، والاخبار.

منها صحيحة أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام ، (سماها بها أيضا في المنتهى) قال : الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء الا المغرب فان بعدها اربع ركعات لا تدعهن في حضر ولا سفر ، وليس عليك قضاء صلاة النهار ، وصل صلاة الليل واقضها (واقضه خ) (٤) وفي الطريق محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الرحمن عن ابن مسكان ، ولا يضر ، فتأمل ، وغيرها من الاخبار أيضا (٥) يدل على هذا المطلب ، وبالجملة هو ثابت كما هو المشهور ، بل المجمع عليه ، ولا يحتاج الى نقل الدليل.

ويدل على عدم سقوط نافلة المغرب بخصوصها أيضا صحيحة الحرث بن المغيرة (الثقة في الكافي) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام اربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في سفر ولا حضر (٦) ودلالتها صريحة.

ويدل على عدم سقوط نافلة الفجر بخصوصها أيضا صحيحة صفوان (٧)

__________________

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب القيام حديث ـ ١ ـ

(٢) ويدل على هذا التأويل ما رواه حنان بن سدير عن أبيه ، قال :

قلت لأبي جعفر عليه السلام ، أتصلي النوافل وأنت قاعد؟ فقال ما أصليها الا وانا قاعد منذ حملت هذا اللحم وما بلغت هذا السّن ، الوسائل باب ٤ من أبواب القيام حديث ـ ١ ـ

(٣) سورة النساء ، آية ١٠١.

(٤) الوسائل باب (٢١) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٧ ـ فان سندها كما في الكافي هكذا : على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن ابن مسكان عن ابى بصير.

(٥) لاحظ الوسائل أبواب صلاة المسافر ،

(٦) الوسائل باب (٢٤) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ١ ـ

(٧) الوسائل باب (٣٣) من أبواب أعداد الفرائض حديث ـ ١ ـ ولفظ الحديث (عن أبي الحسن

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في التهذيب.

وعلى عدم سقوط صلاة الليل والوتر وركعتي الفجر صحيحة محمد بن مسلم (في التهذيب) قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام صل صلاة الليل والوتر والركعتين في المحمل (١) ولعل المراد بالركعتين نافلة الفجر ، وورد خبر في عدم سقوط الوتيرة (٢).

ولو لا نقل الإجماع عن ابن إدريس على سقوطها ـ مع الشهرة ، واحتمال التحريم ، وعدم صحة الخبر ، مع عموم الخبر الصحيح المتقدم لكان ـ القول به جيدا ، لتقديم الخاص.

وأيضا : الظاهر عدم سقوط النوافل في الأماكن الأربعة ، ولو اختار القصر ، لما روى عنه صلى الله عليه وآله : الصلاة خير موضع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر (٣) وغيرها من المرغبات في الصلاة والطاعة (٤) خصوصا في الأمكنة الشريفة مع ثبوتها بالأدلة القطعية ، وعدم ثبوت قاطع في السقوط.

وكذا عدم سقوط نافلة شهر رمضان في السفر مطلقا ، وصرح بعدم سقوطها في الذكرى.

على ان في الاخبار الصحيحة ما يدل على قضاء نوافل النهار في السفر في الليل (٥) وجوز ذلك في التهذيب ، فيمكن ان يكون السقوط رخصة لا عزيمة ، وقد يحمل على التقية ، وعلى غير الفائتة في السفر.

__________________

الرضا عليه السلام قال : صل ركعتي الفجر في المحمل.

(١) الوسائل باب (٢٥) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٢ ـ

(٢) الوسائل باب (٢٩) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٣ ـ ولفظ الحديث (عن الرضا عليه السلام في حديث ، قال : وانما صارت العتمة مقصودة وليس تترك ركعتاها ، لان الركعتين ليستا من الخمسين الحديث).

(٣) جامع احاديث الشيعة باب (١) في فضل الصلاة حديث ـ ١٣ ـ ولفظ الحديث (عن ابى ذر في حديث قال : قلت : يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة ، ما الصلاة؟ قال : الصلاة خير موضوع استكثر أم استقل) وأيضا في حديث ـ ١٤ ـ ولفظ الحديث (النفلية للشهيد عن النبي صلى الله عليه وآله ، الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاع استكثر).

(٤) لا حظ الوسائل خصوصا باب (١٠) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.

(٥) لاحظ الوسائل باب (٢٢) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.

٨

المقصد الثاني في أوقاتها

فأول وقت الظهر ، إذا زالت الشمس المعلوم بزيادة الظل بعد نقصه : أو ميل الشمس الى الحاجب الأيمن للمستقبل ، الى ان يمضي مقدار أدائها ، ثم يشترك مع العصر الى ان يبقى للغروب مقدار أداء العصر ، فيختص به.

______________________________________________________

ويفهم من صحيح الاخبار جواز النوافل في المحمل والمركب على غير القبلة ، وليس ببعيد في الحضر أيضا ، وسيجي‌ء التحقيق.

قوله : «(فأول وقت الظهر إلخ)» كون الزوال وقت الظهر معلوم بالآية (١). والأخبار (٢) والإجماع (٣).

ومعلومية ذلك بأحد الأمرين (٤) كأنه بالأخير ، وببعض الاعتبارات : ويدل بعض الأخبار (٥) عليها بالطريق الأول ، ومعلوم من علم الهيئة أيضا ، ولكن في العلم بالطريق الثاني تأمل ، لأن قبلة العراق مائل عن نصف النهار الى المغرب كثيرا ، فلا يطهر على الحاجب الأيمن الأبعد التجاوز عن نصف النهار خصوصا في الجهة ، ولذا قيد المصنف في المنتهى والنهاية بكونه في مكة متوجها الى الركن العراقي (٦).

والظاهر ان مراده ، الحائط الذي فيه الركن العراقي : اى حائط الباب ، فإنه قبلة العراق ، لا الجزء الذي هو الركن خاصة : أو مراده باستقبال الركن ، هو التوجه نحوه في الجملة كما في البعيد : فان الظاهر : ان قبلة البعيد ، على ما رأيناه ، على تقدير وصول خط القبلة الى البيت ، انما يصل اليه بالانحراف

__________________

(١) الاسراء آية ١٧ قال تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) بناء على ان يكون المراد بالدلوك الزوال ، لا الغروب قال في المنتهى : المشهور بين أهل العلم هو الأول.

(٢) لاحظ الوسائل باب (٤) من أبواب المواقيت.

(٣) قال في المنتهى : أول وقت الظهر زوال الشمس ، بلا خلاف بين أهل العلم انتهى موضع الحاجة.

(٤) أي زيادة الظل بعد نقصه ، أو ميل الشمس الى الحاجب الأيمن للمستقبل ، والمراد من قوله ره كأنه بالأخير ، اى بالإجماع.

(٥) لاحظ الوسائل باب (١١) من أبواب المواقيت.

(٦) قال في المنتهى : وقد يعرف الزوال بالتوجه الى الركن العراقي لمن كان بمكة ، فإذا وجد الشمس على الحاجب الأيمن علم انها قد زالت ، انتهى موضع الحاجة.

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

نحو الركن ، لا جعله بين العينين (١) ، والا لا تجي‌ء الشمس الى الحاجب الأيمن إلا قريب الغروب ، ولهذا يقال : قبلة العراق ، الركن الذي فيه الحجر ، ويراد الحائط الذي فيه الباب ، لأنا نجد قبلة العراق (على ما وضع الجدي) قريب الباب ، كمن يقف عند المقام منحرفا الى جانب الركن كما مر ، فلا يرد عليه ما أورده الشارح ، فتأمل. وبالجملة التفاوت بين الأمرين ظاهر ، ولكن لما لم يظهر على الحس كثيرا ، جعل كلاهما علامة من غير التفات الى ذلك التفاوت اليسير ، مع حصول المقصود ، وهو معرفة أول الوقت شرعا وعرفا بحيث تسع الفريضة والنوافل.

واعلم ان الظاهر عدم الخلاف بين المسلمين ـ كما هو المفهوم من المنتهى ـ في ان الزوال أول وقت الظهر ، ولهذا حمل الشيخ رحمه الله ما ورد من الاخبار الدالة على انه بعد الزوال ، بقدمين (٢) أو الذراع (٣) أو القامة (٤) ، على الوقت للمتنفل ، يعنى ذلك المقدار ، للنافلة ، والاختلاف بسبب تطويلها قراءة ، وأركانا ، ودعاء ، وغير ذلك : أو ان المراد بالكل واحد ، ولهما مؤيد فيما ورد في الاخبار من ان القامة هي الذراع (٥) وما سيجي‌ء في صحيحة منصور (فإن أنت خففت سبحتك الحديث).

والإجماع كاف في ذلك ، مع صحيحة ذريح المحاربي (٦) (الثقة في الكافي) وصحيحة منصور بن حازم (الثقة) قالا (٧) : كنا نقيس الشمس بالمدينة ، بالذراع ، فقال : أبو عبد الله عليه السلام ، الا أنبئكم بابين من هذا؟ إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ، الا ان بين يديها سبحة (اى نافلة) وذلك إليك ،

__________________

(١) يعنى ان استقبال الركن هو التوجه نحو الركن في الجملة لا جعله بين العينين

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ١ ـ ٢ ـ

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ٣ ـ ٤ ـ

(٤) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ١٢ ـ

(٥) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ١٤ ـ

(٦) الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت حديث ـ ٣ ـ

(٧) هكذا في النسخ المطبوعة والمخطوطة التي عندنا ، ولا يخفى ان الصحيح (قالوا) لان رواة هذا الحديث. عن أبي عبد الله عليه السلام ، ثلاثة ، الحارث بن مغيرة ، وعمر بن حنظلة ، ومنصور بن حازم ـ فلاحظ الكافي.

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن أنت خففت سبحتك فحين تفرغ من سبحتك ، وان أنت طولت فحين تفرغ من سبحتك (١) ومثلها صحيحة محمد بن احمد بن يحيى (٢) الا انها مكاتبة.

ولا يضر (٣) كما عرفت ، مع أنها مؤيدة.

ومع ذلك يدل عليه الآية الشريفة (٤) والأخبار الصحيحة الصريحة (٥) في ان أول وقت صلاة الظهر ، هو الزوال.

فلا يقاومها ما ينافيها مما في صحيحة زرارة عنه عليه السلام قال : ان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة ، فكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر (٦) وغيرها ، مما يدل على انه بعد الزوال بقدمين (٧) أو القامة (٨) مع ان الشيخ رحمه الله جمع بينهما جمعا حسنا.

وكذا لا خلاف عندنا ، على ما نقل في المنتهى والذكرى ، في دخول وقت العصر وصحة فعلها بعد الفراغ من الظهر بلا فصل : وفي الآية (٩) دلالة ما عليه : وصحيحة زرارة في الفقيه صريحة في ذلك ، حيث روى عن ابى جعفر عليه السلام انه قال : إذا زالت الشمس دخل الوقتان ، الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان ، المغرب والعشاء الآخرة (١٠) وغيرها من الاخبار الكثيرة (١١)

__________________

(١) الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت حديث ـ ١ ـ ٢ ـ الا ان في الحديث الأول (ان شئت طولت وان شئت قصرت).

(٢) الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت حديث ـ ١٣ ـ

(٣) لأن راوي هذه المكاتبة ، محمد بن أحمد بن يحيى ، وهو ثقة ، فلا يضر مجهولية الكاتب في قوله : (كتب بعض أصحابنا) لأن الاعتبار حينئذ بالناقل ، لا الكاتب : وقد تقدم منه قدس سره التنبيه على هذه النكتة.

(٤) الاسراء ، ١٧ ((أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) آه.)

(٥) الوسائل باب ٤ ـ ٥ ـ من أبواب المواقيت فلاحظ

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ٣ ـ

(٧) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١ ـ ٢ ـ

(٨) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١٠ ـ

(٩) قال الله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) سورة الإسراء : (١٧).

(١٠) الوسائل باب (٤) من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(١١) الوسائل باب (٤) من أبواب المواقيت فلاحظ.

١١

.................................................................................................

______________________________________________________

فما يدل على تأخيرها (١) محمول على الا فضيلة والاستحباب كما حملوا رحمهم الله.

ولا في ان أول الوقت أفضل : ويدل عليه الاخبار ، سيما ما ورد في التهذيب والفقيه : من ان أول الوقت زوال الشمس ، وهو وقت الله الأول ، وهو أفضلهما (٢) وصحيحة معاوية : أول الوقت أفضله (٣) ، وكذا ما في صحيحة زرارة فقال عليه السلام : اوله : حين سئل عن أفضل الوقت (٤) وصحيحة سعد بن سعد (الثقة) قال قال الرضا عليه السلام يا فلان إذا دخل الوقت عليك فصلها (فصلهما يب) فإنك لا تدري ما يكون (٥) وفي خبر آخر : أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله (٦) وفي آخر : لفضل الوقت الأول على الأخير للرجل من ولده وماله (٧) ويدل عليه قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٨) فيكون العصر مستثنى : من ان أول وقت الصلاة أفضل ، على ما يفهم من كلامهم : ان فضيلة العصر بعد خروج فضيلة الظهر كما سيجي‌ء وكذا غيرها من المستثنيات.

وانما الكلام والخلاف في آخر وقتهما ، وآخر وقت الفضيلة : وان الوقت اما مشترك بينهما : أو مقدار الفعل في الأول ، يختص بالأولى ، وفي الآخر بالأخيرة ، والأكثر هيهنا على الأخير لخبر غير صحيح (٩) والصحيحة

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت.

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ١١ ـ ولفظ الحديث (قال أبو عبد الله عليه السلام لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضلهما).

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ١٢.

(٥) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ـ ٣.

(٦) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ـ ١٦ ـ ولفظ الحديث (قال الصادق عليه السلام : اوله رضوان الله وآخره عفو الله ، والعفو لا يكون الا عن ذنب).

(٧) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ـ ١٤.

(٨) سورة آل عمران : (١٣٣).

(٩) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ـ ٧ ـ ولفظ الحديث هكذا (عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلى المصلي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس).

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المتقدمة (١) ظاهرة في الاشتراك ، وصحيحة عبيد بن زرارة الاتية (٢) صريحة فيه : والآية ظاهرة فيه أيضا : والصدوق قائل به ، فذلك غير بعيد.

وفائدة الخلاف كثيرة : منها لو صليت العصر مقدما ثم تصلى الظهر نسيانا ، ثم ذكر حين بقاء الوقت المختص بالعصر ، فعلى الأكثر الظهر قضاء ، وعلى الأقل أداء ، وغير ذلك من الفروعات الكثيرة ، ومما يؤيد الأقل عدم ضبط ذلك الوقت المختص بالنسبة إلى الأشخاص والأحوال ، بل يتعذر تقدير ذلك بحيث يوافق ، فهو ينافي الشريعة السهلة السمحة ، فتأمل.

ثم الظاهر ان آخر وقتهما ، أول وقت المغرب ـ لا صيرورة الظل الذراع والزراعين أو المثل والمثلين ، أو غير ذلك مما يفهم من العبارات ـ لظاهر الآية : فان الدلوك بمعنى الزوال : والغسق ، اما الغروب ، أو نصف الليل ، وعلى التقديرين يحصل المطلوب ، لان الظاهر منها ، ان الانتهاء مشترك كالابتداء :

ولانه لو كان انتهاء للعصر لكان انتهاء للظهر أيضا ، لعدم القول با لواسطة ، قاله في المنتهى :

ولما في الرواية المتقدمة : من ان آخر الوقت عفو الله (٣). ولو رود بعض الاخبار الصحيحة : بأن وقت الظهر ذراع بعد زوال الشمس والعصر ذراعان ، والقدمان ، والقامة ، والقامتان ، والأربع : فيكف يكون ذلك آخر وقتهما : وهو صحيحة الفضيل وزرارة وبكير ومحمد وبريد عنهما عليهما السلام : انهما قالا : وقت الظهر بعد الزوال قدمان ، ووقت العصر بعد ذلك قدمان (٤) وصحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام قال : وقت الظهر ذراع من أول زوال الشمس ، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر : فذلك أربعة أقدام من زوال الشمس (٥) ومنها يعلم

__________________

(١) أي صحيحة زرارة.

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب المواقيت حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب المواقيت حديث ـ ١٦ ـ ولفظ الحديث (قال الصادق عليه السلام : اوله رضوان الله وآخره عفو الله ، والعفو لا يكون الا عن ذنب).

(٤) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٥) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ٣ ـ ولفظ الحديث على ما في الفقيه هكذا (سأل زرارة أبا جعفر الباقر عليه السلام عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر إلخ.

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

النسبة بين الذراع والقدم ، وغير ذلك من الاخبار (١).

ومن أدلة هذا المطلب ، صحيحة معمر بن يحيى قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : وقت العصر الى غروب الشمس (٢) وصحيحة عبيد بن زرارة الاتية عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ـ (٣) ـ) (٤).

مع عدم خبر صحيح صريح ، في عدم الامتداد الى الغروب الا للمضطر : وانه للمختار إلى صيرورة ظل كل شي‌ء مثله ، أو مثل الفي‌ء (٥) أو القامتين ، أو الذراع ، أو أربعة أقدام (٦) وما ورد من الاخبار يمكن حملها على وقت الفضيلة ، للجمع.

ولا يتعين الجمع بالحمل على المختار ، وغيرها على المضطر ، بل الأول أولى ، لئلا يلزم حمل الآية والاخبار المعتبرة ، على النادر والمعذور. مع انها نزلت في أول الإسلام لبيان الاحكام ، فلا يناسب حملها عليهما ، وهو ظاهر.

وقد استدل بالصحيحتين المتقدمتين ـ وهما صحيحة الفضيل ، وصحيحة زرارة (٧) ـ على عدم امتداد وقتهما الى الغروب ، بل الى الذراع والذراعين ، والقدمين ، والأربع.

وليس فيهما دلالة عليه : لان المراد ان وقت الظهرين ، لا يدخل الا بعد ذلك الوقت المستفاد منهما : لما تقدم في مثل صحيحة زرارة ، من انه انما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما مضى ذراع من الفي‌ء (٨) : ولما سيأتي في بيان المثلية : ولهذا قد استدل بها على عدم دخول الوقت الا بعد ذلك كما مر

__________________

(١) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت ، فلا حظ.

(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب المواقيت ، حديث ـ ١٣.

(٣) سورة الإسراء ، آية ـ ١٧.

(٤) الوسائل باب ١٠ من أبواب المواقيت ، قطعة من حديث ـ ٤.

(٥) هكذا في النسخ المطبوعة والمخطوطة التي عندنا ، ولكن الظاهر ان يكون العبارة (ظل كل شي‌ء مثله ، أو مثلية ، أو الفي‌ء).

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت ، فراجع.

(٧) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١ ـ ٣.

(٨) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت حديث ٢٧.

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقالوا : انها محمولة على تأخير وقت الفضيلة لمكان النافلة كما مر ، وان ذلك وقت النافلة.

ثم اعلم ان الظاهر : ان المراد بمثلية الظل الزائد للشي‌ء ـ على تقدير اعتباره للفضيلة ، أو النافلة ، أو كونه وقتا للمختار ـ هو مثل الشخص ، لا مثل الفي‌ء المتخلف : للتبادر : وكثرة اعتباره في الألسن سيما عند أهل الهيئة : ولما في بعض الاخبار من قوله عليه السلام : إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر (١) ومثل قوله عليه السلام فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ، ثم لا تزال في وقت الى ان يصير الظل قامة ، وهو آخر الوقت ، فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وذلك المساء (٢).

وكأن القامة : هو الشخص على ما فهم من المنتهى ، ويؤيده عدم بقاء الفي‌ء في بعض البلاد. بعض الأوقات : والظاهر عموم العلامات.

وورد خبر (٣) في ان الاعتبار بالمثل : هو كون الظل الزائد مثل الفي‌ء المتخلف : ورده في المنتهى (٤) بالإرسال وعدم الصحة.

واما آخر الفضيلة فهو مشكل : إذ أكثر الأخبار الدالة على التحديد ، انما يدل على ابتداء وقت الفضيلة ، والاخبار الصحيحة المتقدمة : تدل على ان وقتها بعد الذراع والقدمين للظهر ، وبعد ضعفه للعصر ، وان ذلك المقدار للنافلة ، فما يعلم آخر الفضيلة ، الا ان تحمل على ان تمام الوقت لهما ذلك ، والمراد تمام وقت الفضيلة.

فيكون وقت الفضيلة للظهر ذراعا أو قدمين ، وهما واحد كما دل عليه الاخبار سيما الصحيحة المتقدمة ، وبعد ذلك مثله للعصر ، وهو بعيد ، وحمل

__________________

(١) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ١٣.

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ٦.

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب المواقيت حديث ـ ٣٤ ـ والحديث مفصل فراجع.

(٤) قال في المنتهى : قال الشيخ : المعتبر في زيادة الظل قدر الظل الأول ، لا قدر الشخص المنصوب ، وقال الأكثر المعتبر قدر الشخص ، احتج الشيخ برواية يونس وقد تقدم ، وهي مرسلة وفي طريقها صالح بن مفيد وهو مجهول انتهى.

١٥

ووقت نافلة الظهر إذا زالت الشمس الى ان يزيد الفي‌ء قدمين ،

______________________________________________________

المثل والقامة على ذلك أبعد.

نعم يمكن جعل ذلك للنافلة ، وهو اولى : وكذا ما في الصحاح المتقدمة : ويكون التفاوت (السعادة ـ خ) باعتبار وقت الفضيلة للنافلة ، وكون الأول أولى فالأولى ، أو التطويل والتقصير كما مر.

وبالجملة : الظاهر ان الاولى فعل صلاة الظهر في أول الوقت ، الا مقدار أداء النافلة للمتنفل وكون وقت النافلة القدمين في الاولى والضعف في الثانية ، مع احتمال المثل والمثلين (وان كان خبره غير صحيح) ، وحمل ما دل على غيره على الأفضل ، للجمع ، مع كونه للنافلة ، وقول المتأخرين من الأصحاب ، والسهولة للشرع.

ويؤيده ما في صحيحة منصور بن حازم المتقدمة : قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة الحديث (١) وهو يدل على وسعة وقت الفريضتين أيضا : ويمكن جعله مؤيدا لاحتمال المثل والمثلين أيضا. فتأمل :

وبعده الامتداد بامتداد وقت الفريضة ، لعموم أدلة امتداد وقت صلاة الظهر والعصر ، وهما يعمان الفريضة والنافلة ، ويحمل الباقي ـ مع عدم الصراحة ، وعدم صحة البعض ـ على الأفضل والاولى ، كما فعل في الفريضة : وهذا أنسب بالشريعة السهلة السمحة ، والمساهلة في النافلة ، وقال به البعض.

ويدل عليه أيضا (٢) عموم الأخبار الصحيحة ، بفعل الثماني قبل الظهر ، وكذلك قبل العصر ، ويؤيد الوسط بالطريق الاولى.

ويؤيده ما في الاخبار الصحيحة : أن النافلة بمنزلة الهدية ، متى ما اتى بها قبلت (٣) وان نافلة الظهر يصح قبله (٤) : فالظاهر ذلك ، كما هو ظاهر الدروس :

__________________

(١) الوسائل باب (٥) من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ١.

(٢) اى يدل على امتداد نافلة الظهرين بامتداد وقتهما ، إطلاق الاخبار الصحيحة الدالة على فعل النافلة قبل الفريضة ، فيشمل وسط الوقت بالطريق الأولى.

(٣) الوسائل باب ٣٧ من أبواب المواقيت ، حديث ـ ٣ ـ ٧ ـ ٨.

(٤) راجع الوسائل باب ٣٧ من أبواب المواقيت.

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن ما في صحيحة زرارة (المذكورة في الفقيه) ـ حيث قال عليه السلام : ولك ان تتنفل من زوال الشمس الى ان يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيئك زراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة (١) ـ يدل على الأول : (٢) ويحمل على أفضلية تقديم الفريضة على النافلة حينئذ.

والذراع قدمان ، والقدم اثنى عشر إصبعا : فالذراع ، اربع وعشرون إصبعا.

والقدم سبع الشخص تخمينا ، كما في اصطلاح أهل الهيئة ذكره في المنتهى.

وفي صحيحة سليمان بن جعفر عن الفقيه : آخر وقت العصر ستة أقدام ونصف (٣) لعل المراد أن وقت فضيلة العصر : زيادة الظل مثل الشخص ، بعد خروج وقت فضيلة الظهر ، ففيها إشارة الى ان آخر وقت الفضيلة هو المثل والمثلان ، الله يعلم ، وكان فيه إشارة الى ان القدم قريب من السبع وناقص عنه.

والظاهران المراد بالذراعين للعصر : ان ابتدائهما من الزوال لا من بعد الذراع ، ويدل عليه خبر أربعة أقدام : فإنه قال في الفقيه (صحيحا) : سأل زرارة أبا جعفر الباقر عليه السلام عن وقت الظهر؟ فقال ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر : ذراعان من وقت الظهر فذلك أربعة أقدام من زوال الشمس : ثم قال : ان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة ، وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر : ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة : لك ان تتنفل من زوال الشمس الى ان يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة (٤) فالمراد بقوله (من وقت الظهر) أول الزوال.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت ، قطعة من حديث ـ ٣.

(٢) اى على عدم امتداد وقت النافلة بامتداد وقت الفريضة.

(٣) الوسائل باب ٩ من أبواب المواقيت حديث ـ ٦.

(٤) الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ٣.

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي يتلخص من هذا كله : ان وقت الظهرين موسع من أول الزوال الى الغروب : للاية (١) ولظاهر صحيحة زرارة (الثقة في الفقيه) : إذا زالت الشمس دخل الوقتان : الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان : المغرب والعشاء الآخرة (٢) والاخبار الصحيحة الدالة على ان الفريضة بعد النافلة طولت أولا (٣) ، ورواية عبيد بن زرارة (الثقة في الفقيه المضمون مع عدم العلم بالفساد ، لأن كل من في طريقه ثقات ، إلا حكم بن مسكين (٤) فإنه غير مصرح بتوثيقه : وقال النجاشي : له كتب ، وعدّها : وهي انه قال فيه) وسأله ـ اى أبا عبد الله عليه السلام ، عبيد بن زرارة عن وقت الظهر والعصر؟ فقال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعا ، الّا ان هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس (٥) وهي في التهذيب والكافي (٦) أيضا مذكورة : وفي الطريق القاسم بن عروة ، قيل هو ممدوح : وقد سمى المصنف الخبر الواقع هو فيه بالصحة.

وصحيحة معمر ، في ان وقت العصر الى غروب الشمس (٧) : ولا قائل بالفرق. وصحيحة عبيد بن زرارة (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام : في قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (٨) قال : ان الله افترض

__________________

(١) قال تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) سورة الإسراء : (١٧).

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت فلاحظ.

(٤) سند الحديث كما في مشيخة الفقيه هكذا (وما كان فيه عن عبيد بن زرارة ، فقد رويته ، عن أبي رضى الله عنه عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين الثقفي ، عن عبيد بن زرارة بن أعين).

(٥) الوسائل باب ٤ من أبواب المواقيت حديث ـ ٥.

(٦) سند الحديث في التهذيب هكذا (سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد : ومحمد بن خالد البرقي : والعباس بن معروف ، جميعا ، عن القاسم بن عروة ، عن عبيد بن زرارة) وفي الكافي هكذا (سعد ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد البرقي ، والعباس بن معروف ، جميعا ، عن القاسم : واحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن القاسم ، عن عبيد بن زرارة) ولا يخفى ان صاحب الوسائل رحمه الله خلط في نقل سند هذا الحديث من الكافي والتهذيب ، فراجع.

(٧) الوسائل باب ٩ من أبواب المواقيت حديث ـ ١٣.

(٨) الإسراء ، آية ٧٨.

١٨

فإن خرج ولم يتلبس قدم الظهر ثم قضاها بعدها ، وان تلبس (ولو ـ خ) بركعة أتمها ثم صلى الظهر.

ونافلة العصر ، بعد الفراغ من الظهر الى ان يزيد الفي‌ء أربعة أقدام ، فإن خرج قبل تلبسه بركعة صلى العصر وقضاها ، والّا أتمها.

______________________________________________________

أربع صلوات ، أول وقتها زوال الشمس الى انتصاف الليل : منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس الى غروب الشمس ، الّا ان هذه قبل هذه : ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل ، الا ان هذه قبل هذه (١).

وان (٢) وقت النافلة إلى القدمين والأربع.

وانه لو تلبس بركعة ثم خرج الوقت ، يتم النافلة في الظهرين ، ودليله رواية سماعة (٣) مع الشهرة بل الإجماع : مع السعة في النافلة كما ستعلم.

ولا يبعد مثله في المغرب أيضا ، كما نقل عن ابن إدريس.

ولا يبعد الى المثل والمثلين ، سيما للمشتغل والناسي والمعذور : للأخبار الصحيحة بأن وقتها قبل الفريضة (٤) : والاخبار الكثيرة الدالة على وسعة وقت النافلة : منها صحيحة أو حسنة (لإبراهيم بن هاشم) قال أبو عبد الله عليه السلام : صلاة التطوع بمنزلة الهدية ، متى ما اتى بها قبلت ، فقدم منها ما شئت ، وأخر منها ما شئت (٥) فيحمل غيرها على الفضيلة.

وان وقت الفضيلة (٦) إلى المثل والمثلين ، لما مر : ويؤيده الشهرة بين

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب المواقيت حديث ـ ٤.

(٢) عطف على قوله قدس سره : ان وقت الظهرين موسع.

(٣) الوسائل باب ٤٠ من أبواب المواقيت قطعة من حديث ـ ١ ـ وفيه (وان كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها ثم يصلى العصر) والراوي عما عن أبي عبد الله عليه السلام ، فراجع.

(٤) الوسائل باب ٥ من أبواب المواقيت ـ فراجع.

(٥) الوسائل باب ٣٧ من أبواب المواقيت حديث ـ ٨.

(٦) عطف أيضا على قوله قدس سره (ان وقت الظهرين موسع).

١٩

وأول المغرب ، إذا غربت الشمس المعلوم بغيوبة الحمرة المشرقية إلى ان يمضي مقدار أدائها ، ثم يشترك بينها ، وبين العشاء الى ان يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فيختص بها.

______________________________________________________

العامة والخاصة ، وصحيحة على بن مهزيار (١) وصحيحة أديم بن الحر (٢) وزيد الشحام (٣) : ان جبرئيل جاء بوقتين لكل صلاة إلا المغرب : وكذا حسنة زرارة (٤) من غير استثناء المغرب.

ومثلها كثيرة والظاهر كون المراد منهما (٥) هو التفصيل المشهور ، والمذكور في بعض الاخبار (٦) والأصل (٧) مع عدم المنافي.

وصحيحة سليمان بن جعفر عن الفقيه عليه السّلام ، قال : آخر وقت العصر ستة أقدام ونصف (٨) لأنها محمولة على الفضيلة لما مر : وكان المراد بالاقدام بعد المثل من الزوال ، وهو وقت فضيلة الظهر.

والأمر بالتفريق في الحضر ، واستحبابه أيضا مؤيد ، إذ لو لم يكن ذلك المقدار ، لدخل وقت فضيلة العصر بالخلاص عن نافلة الظهر وفريضته ، قبل إتمام الدعاء والتعقيب : فيحمل مثل الصحيحة المتقدمة الدالة على أقل من ذلك ، على الافضيلة.

واما أول وقت المغرب والعشاء ، فهو الغروب ، وآخره نصف الليل ، للأخبار الصحيحة (٩) سيما المتقدمة.

__________________

(١) لا يخفى ان ما وجدناه في كتب الحديث هي ، صحيحة على بن مهزيار عن حماد بن عيسى عن حريز عن زيد الشحام ولم نجد لعلى بن مهزيار خبرا مستقلا بهذا المضمون ، فراجع الوسائل باب ١٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ١٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١١.

(٣) الوسائل باب ١٨ من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٤) يحتمل قويا ان يكون نظره قدس سره الى ما رواه في الوسائل في باب ٧ من أبواب المواقيت حديث ـ ٢.

(٥) اى الصحيحتين والحسنة المتقدمتان.

(٦) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب المواقيت.

(٧) اى استصحاب بقاء الوقت عند بلوغ الظل الى المثل والمثلين.

(٨) الوسائل باب ٩ من أبواب المواقيت حديث ـ ٦.

(٩) الوسائل باب ١٧ من أبواب المواقيت فراجع.

٢٠