مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ولصحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوّج أربع نسوة في عقد واحد (عقدة واحدة خ ـ ل) ، أو قال : في مجلس واحد ومهورهن مختلفة ، قال : جائز له ولهنّ. قلت : أرأيت ان هو خرج الى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع واشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء (١) (عدّة التي طلّق ـ يب) ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسّم ميراثه؟ قال : ان كان له ولد فإن للمرأة التي تزوّجها أخيرا من أهل تلك البلاد (وهم لا يعرفون المرأة ـ خ) ربع ثمن ما ترك ، وان عرفت التي طلّقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شي‌ء لها من الميراث و (ليس ـ خ ل ئل) عليها العدّة ، قال : ويقسّمن (يقسم ـ خ) الثلاث نسوة (النسوة ـ خ) ثلاثة أرباع ثمن ما ترك ، وعليهن العدّة ، وان لم تعرف التي طلّقت من الأربع (نسوة ـ خ) اقتسمن (قسمن ـ خ) اقتسمن (٢) (الأربع ـ خ) نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا وعليهن جميعا العدّة (٣).

والظاهر ان (لا) ساقط عن قوله : (وعليها) إذ الفرض انها خرجت عن العدّة ثم تزوّج زوجها بخامسة كأنها مرادة وان لم يكن في اللفظ.

لعل اكتفى بما في قوله : (فلا شي‌ء) فتأمّل.

وأيضا كان المناسب ذكر حكم عدم الولد أيضا ، كأنه ترك للظهور ، هذا في الصورة المنصوصة ولعلّه لا خلاف فيها.

وامّا إذا كان الاشتباه بين اثنتين فصاعدا وغير ذلك ولم تكن صورة النص ، ففيه احتمال القرعة ، لأنّه من الأمر المشكل وهي له ، واجراء حكم النص

__________________

(١) بعد انقضاء عدّة تلك المطلقة ثم إلخ ـ ئل ـ كا.

(٢) قسمن النسوة ثلاثة أرباع إلخ ـ ئل.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٥.

٤٤١

ولا يردّ على الزوج والزوجة إلّا مع عدم كلّ وارث مسابب ومناسب ولا ينقصان عن ادنى السهمين.

وذات الولد من زوجها ترث منه من جميع تركته ، فان لم يكن

______________________________________________________

فيه ، لعدم فرق معقول ، ويحتمل الإيقاف حتى يصطلحن.

حكم النص غير بعيد ، لعدم الفرق مع وجود النص ، وعدم ظهور الخلاف.

ويؤيّده ما تقدم ، وانه لا شك ان حكم النص غير مخصوص لشخص الصورة الواقعة ، بل ولا بنوعها ، إذ الفرض كون عقد الأربع في مجلس واحد أو مرّة واحدة ، واختلاف المهور والتزويج في الغيبة مع إشهاد قوم من بلد الطلاق ومع عدم معرفتهم المطلقة وغير ذلك من الخصوصيّة ، مثل كون الطلاق رجعيّة ، والدخول بالخامسة ، والظاهر انهم لا يعتبرونها في الحكم المذكور بل يعدوها الى كل خامسة.

ودعوى ظهور عدم مدخليّة تلك الخصوصيّة وخفاء غيرها مثل عدد النساء بعيدة فتأمّل ، والاحتياط يقتضي المصالحة والتراضي.

قوله : «ولا يردّ على الزوج والزوجة» قد مرّ ما يدل على عدم الردّ على احد الزوجين الّا مع عدم جميع الوارث نسبا وسببا غير الامام عليه السّلام ، وهي أخبار كثيرة (١).

ولو (٢) كان هذا عند ذكر الرد عليهما كان اولى ، بل فهم من ذلك ولا يحتاج الى ذكره ، وكذا عدم النقصان عن ادنى سهمهما ، الربع والثمن ، وهو مدلول الكتاب والسنّة والإجماع.

قوله : «وذات الولد من زوجها ترث إلخ» هذه مسألة مشكلة ، لأنها

__________________

(١) لاحظ احاديث باب ٣ ـ ٤ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١١ ـ ٥١٤.

(٢) يعني لو كان عنوان هذه المسألة عقيب مسألة الردّ التي تقدمت كان أنسب بل لا حاجة الى ذكرها حينئذ لفهمها من تلك إلخ.

٤٤٢

لها منه ولد لم ترث من رقبة الأرض شيئا وأعطيت حصتها من قيمة الآلات والابنية والنخل والشجر على رأي.

______________________________________________________

خلاف ظاهر القرآن وعموم الأخبار الكثيرة الدالة على ان الزوجين يرثان كل واحد من صاحبه من جميع ما ترك كسائر الورثة ، فإخراج الزوجة منهما مشكل.

وهي ممّا انفردت به الطائفة المحقّة كمسألة الحبوة ، وادّعوا الإجماع على حرمانها في الجملة ، وان خالف فيه ابن الجنيد ، فإنه جعلها كغيرها من الورثة.

ولكن قال في الشرح : وهو سابق على الإجماع ومسبوق به.

ثمّ اختلفوا فيما تمنع منه ، والممنوع منها لاختلاف الاخبار والانظار ، والبحث هنا في مقامين :

(الأول) في الزوجة الوارثة الممنوعة التي لم ترث من كلّ ما تركه زوجها.

قيل : ظاهر كلام الشيخ المفيد ، وقول المرتضى في الانتصار ، والشيخ في الاستبصار ، والتقي ، وهو صريح قول ابن إدريس ، عموم الزوجة ، لعموم الأدلّة التي تدل على منعها ، فإنها بعمومها شاملة لكلّ زوجة ذات ولد وغيرها وستسمعها ويؤيّده شمول التعليل الذي في الرواية لها مطلقا.

وذهب الصدوق في الفقيه ، وأكثر المتأخرين إلى أنها الزوجة التي لا ولد لها من الزوج الميّت ، لصحيحة عمر بن أذينة ، في النساء إذا كان لهنّ ولد أعطين من الرباع (١)

لأنها مفصّلة ، فيجب حمل المجمل عليها ، وللجمع بين الأدلة.

فإن صحيحة الفضيل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئا أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ فقال : يرثها وترثه من

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٣.

٤٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كل شي‌ء ترك وتركت (١).

تدل على إرثها من كلّ شي‌ء.

هي (٢) دليل ابن الجنيد.

ولا يضرّ وجود أبان (٣) في الطريق.

وغيرها من الروايات الصحيحة تدلّ على عدم إرثها ، فلا بدّ من الجمع بينها فتحمل هذه على ذات الولد ، وتلك على غير ذات الولد ، لصحيحة عمر بن أذينة ، وبه سلم عموم الآية والاخبار أيضا في الجملة بمعنى انه يصير التخصيص فيه أقلّ.

وأنت تعلم ان العمدة في ذلك رواية ابن أذينة ، وهي كما ترى ليست بصحيحة ولا صريحة ، بل ولا ظاهرة في تمام المطلوب لكونها مقطوعة ، بل ظاهرها انه فتواه (٤) حيث ما أسند إلى أحد ولا بظاهر ولا بمضمر ، بل هو قال من عند نفسه كما يقول الإنسان فتواه ، وليست هي مثل سائر المقطوعات والمرسلات حتى يقال : الظاهر ان نقل مثله عن الامام عليه السّلام.

وليست بصريحة في الزوجات أيضا ، ولا في الإعطاء عن كلّ ما ترك ولا كل ما فيه النزاع ولا فيه حكم غير ذات الولد ، ولا كون الولد من الميّت ، فتخصيص الآيات والاخبار بمثل هذه بعيد جدّا.

وكأنه لذلك ما جمع في الاستبصار به ، بل ظاهره انه تركها ، وحمل رواية ابن الجنيد على التقيّة أو على الإرث ممّا عدا تربة الأرض وغيرها ممّا فيه النزاع.

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٢.

(٢) قوله قدّس سرّه : هي إلخ خبر لقوله قدّس سرّه : فإن صحيحة الفضل بن عبد الملك.

(٣) سندها كما في باب ميراث الأزواج من التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن فضالة عن ابان عن الفضل بن عبد الملك أو ابن أبي يعفور.

(٤) يعني فتوى ابن أذينة.

٤٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا حمل عموم الآيات على هذا التفصيل بعيد لا يمكن فهمه ، إذ لو خصّصنا بذات الولد يبقى ـ مع بعده حدّا ـ حكم غيرها غير مفهوم ، وان حمل على التفصيل ، فارادة مثل ذلك إلغاز وتعميه ، فتأمّل.

ولأنّ رواية ابن الجنيد صريحة في التسوية بين الرجل والمرأة (مطلقا ـ خ) وعدم الفرق فيبعد تخصيصها بامرأة واحدة (لها ولد ـ خ) مع بقاء الحكم للمرأة الأخرى مجهولا.

على ان السائل سأل عن الكلّ ، فتخصيصها أيضا بعيد جدا فتأمّل.

وحمل الإستبصار أيضا بعيد.

وامّا دليل العموم فهو الروايات ، مثل حسنة العلماء الخمسة ـ زرارة ، وبكير ، وبريد ، وفضيل ، ومحمّد بن مسلم ـ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السّلام ، منهم من رواه ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، ومنهم من رواه عن أبي عبد الله عليه السّلام ، ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما السّلام : ان المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض الّا ان يقوّم الطوب والخشب قيمة ، فتعطى ربعها أو ثمنها ان كان له من قيمة الطوب والجذوع والخشب (١).

ظاهرها عموم المرأة ، سواء كانت ذات ولد من زوجها الميّت أم لا ، حيث صرّح بالثمن ، فتخصيصها بغير ذات ولد أبعد من حمل غيرها عليه فتأمّل ، ومنعها من ارض دار ، وغير صريحة في منعها عن كلّ ارض وعقار بل من ارض دار ، والتربة بمعنى التراب وهنا كناية عن الأرض فيحتمل ان يكون (أو أرض) للشك من الراوي انّه عليه السّلام قال : تربة دار أو أرض دار ، أو يكون (وارض) كما هو الظاهر ، و (ألف) (٢) زيادة ، ويكون عطفا تفسيريّا ولهذا بيّن الأرض بالتربة في

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٩.

(٢) يعني ألف في قوله عليه السّلام : (أو أرض).

٤٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

رواية الفضل وغيرها.

وليست بصريحة في المنع عن قيمة الأراضي والعقارات فتأمّل.

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام : ان المرأة لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى ، والدور ، والسلاح ، والدوابّ شيئا ، وترث من المال ، والفرش ، والثياب ، ومتاع البيت ممّا ترك ، ويقوّم النقض والأبواب والجذوع والخشب (القصب ـ ئل) فتعطى حقها (١) منه.

هذه انقص في عموم الزوجة عن الاولى ومشتملة على ما لا نجد قائلا به من منعها من السلاح والدواب وهما موجودان في رواية طربال بن رجاء المجهول (٢) أيضا ، وحملها على كونهما موصى بهما لأحد أو من الحبوة بعيد ، وكذا أسقطا هما بالإجماع ، وبالجملة الاستدلال بها لا يخلو عن شي‌ء فتأمّل.

ورواية زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا (٣).

هذه صريحة في المنع من عينهما لا من قيمتهما.

وفي سندها في الكافي : محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمّد بن حمران المشترك (٤).

وفي التهذيب والاستبصار مقطوع ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن حمران ، ولكن قالوا : الطريق اليه صحيح (٥) ، وحينئذ لا يكون طريقهما طريق الكافي

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٩.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١٢ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٠.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٤ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٩.

(٤) فإنه مشترك بين محمّد بن حمران النهدي الثقة ومحمّد بن حمران مولى بني فهر المجهول ومحمّد بن حمران بن أعين الذي فيه كلام. لاحظ تنقيح المقال ج ٣ ص ١١٤ طبع النجف الأشرف.

(٥) في مشيخة الفقيه هكذا : وما كان فيه عن محمّد بن حمران وجميل بن درّاج فقد رويته عن أبي

٤٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الّا ان فيه : محمّد بن حمران المشترك ، ولهم كلام في يونس ، ففي تسميتها بالصحيحة كما فعله في المختلف وغيره محلّ التأمّل.

ورواية محمّد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا ، قال : قلت : كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا؟ فقال لي : ليس لها منهم نسب (سبب ـ كا) ترث به وانما هي دخيل عليهم فترث من الفرع ولا ترث من الأصل (الأصل ـ كا) ولا يدخل عليهم داخل سببها (١).

هذه كأنّها صحيحة في الكافي وان لم تكن كذلك في التهذيب والاستبصار.

وليست لها دلالة الّا على المنع من الرباع وهي الدور ، وتدل على الإرث من الطوب وهو الآجر ومشتملة على مناسبة (٢).

وحسنة زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : لا ترث النساء من عقار الأرض شيئا (٣).

ليست (٤) بصريحة في الزوجة ، بل في منع النساء عن عقار الأرض فقط.

وحسنتهما أيضا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا ترث النساء من

__________________

رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران وجميل بن درّاج وقال أيضا في موضع آخر منها : وما كان فيه عن محمّد بن حمران ، فقد رويته عن أبي رضي الله عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران. والطريق الأول صحيح والثاني صحيح أو حسن.

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٨.

(٢) الظاهر ان المراد من المناسبة هي قوله عليه السّلام : ليس لها منه نسب ترث به إلخ.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٦ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٨ ص ٥١٩.

(٤) خبر لقوله قدّس سرّه : وحسنة زرارة إلخ.

٤٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عقار الدور شيئا ، ولكن يقوّم البناء والطوب وتعطى ثمنها أو ربعها ، قال : وانما ذلك لئلا تزوجن فتفسدن على أهل المواريث مواريثهم (١) ، ودلالتها تعلم مما سبق.

وصحيحة الحسن بن محبوب ـ في الفقيه ـ عن الأحول ـ كأنه أبو جعفر محمّد بن علي بن النعمان الثقة ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : لا ترث النساء من العقار شيئا ، ولهن قيمة البناء والشجر والنخل ، يعني بالبناء الدور ، وانما عنى من النساء الزوجة (٢).

فهي ظاهرة في عموم الزوجة بناء على التفسير (٣) ، ولكن لم تدل على المنع عن العقار ، وتدلّ على قيمة الشجر أيضا ، فلا يحتاج الى التعب في إثبات قيمته لأنه مشهور وغير موجود في الأخبار الصحيحة صريحا بأن (٤) يدخل في العقار ، كما يفهم من شرح الشرائع (٥).

مع ان الظاهر انه ليس بداخل فيه ، فإنه فسّر بالمنزل والضيعة في

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٧ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٩.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١٦ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٢.

(٣) يعني بالتفسير قوله قدّس سرّه : وانما عنى بالنساء الزوجة.

(٤) متعلّق بقوله قدّس سرّه في إثبات قيمته يعني لا يحتاج إلى إتعاب النفس لإثبات قيمته بان يدّعي انها داخلة في لفظة (العقار) الواردة في الروايات الدالة على إرثها منها وذلك لدلالة قوله عليه السّلام : (ولهن قيمة البناء والشجر والنخل).

(٥) في المسالك بعد الاستدلال بخبر عبد الملك بن أعين عن أحدهما عليهما السّلام قال : ليس للنساء من الدور والعقار شي‌ء. قال : والشجر من العقار ، وهو وان تضمن نفي الإرث منه مطلقا من غير تعرض للقيمة بنفي ولا إثبات الّا ان في إثبات القيمة مناسبة لإثباتها في الآلات والابنية ، بل ربما ادعى دخول الشجر في الآلات وان كان بعيدا ، مع ما فيه من تعليل تخصيص الآية الدالة على إرث الزوجة من كل شي‌ء ، وفي بعض الروايات عن أبي عبد الله عليه السَّلام قال : لا ترث النساء من العقار شيئا وتعطى قيمة البناء والشجر والنخل وهي نصّ في الباب ولكن يتوقف على تحقيق السند (انتهى كلامه رفع مقامه).

٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

القاموس (١) ، نعم قال فيه : الاعقار شجر.

ورواية ميسّر ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن النساء ما لهن من الميراث؟ قال : لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب ، فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه ، قال : قلت : فالبنات (٢)؟ قال : البنات لهن نصيبهن منه ، قال : قلت : كيف صار ذا ، ولهذه الثمن (ولهذه ـ كا) والربع (٣) مسمّى؟ ، قال : لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وانما هي دخيل عليهم ، وانما صار هذا هكذا لئلا تتزوج المرأة فيجي‌ء زوجها أو ولد من قوم آخرين فيزاحم قوما في عقارهم (٤).

هذه معلّلة ، أولها صريحة في المنع عن الأرض والعقار ، وان كان آخرها يشعر باختصاص من العقار وعامّة في النساء.

وفي السند علي بن الحكم (٥) وان كان الظاهر انه الثقة ، وحال ميسّر غير معلوم ، فان كان ابن عبد العزيز فالظاهر انه ممدوح ، فالخبر حسن في الفقيه فتأمّل.

وغيرها من الأخبار الكثيرة ، لكن تركتها لعدم اعتبار السند ولكفاية بغيرها.

ثم انهم رحمهم الله ذكروا لمنعها وجها عقليّا مأخوذا من الروايات الكثيرة مثل ما تقدّم (٦) ، ورواية حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إنما

__________________

(١) يعني ان القاموس فسر العقار بالمنزل والضيعة فليس الشجر داخلا فيه.

(٢) في الكافي : فالثياب؟ قال : الثياب لهن إلخ.

(٣) في الكافي الوسائل : ولهذه الثمن ولهذه الربع.

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٨.

(٥) والسند كما في الكافي باب ان النساء لا يرثن من العقار شيئا هكذا : عدّه من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان الأحمر قال : لا أعلمه إلّا عن ميسر بيّاع الزطي عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٦) مثل قوله عليه السّلام في رواية محمّد بن مسلم في جواب قول الراوي : كيف ترث من الفرع ولا

٤٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

جعل للمرأة قيمة الخشب والطوب لئلا يتزوّجن فيدخل عليهم من هو يفسد مواريثهم (١)

قال في الفقيه : الطوب ، الطوابيق المطبوخة من الآجر.

وغيرها من الروايات. قال في الشرح : وقد علل الأئمة عليهم السّلام والأصحاب ذلك بأنه لو ورث من الرباع ـ اعني الدور والمساكن ـ لأدى إلى الإضرار بأقرباء الميّت ، إذ لا حجر عليها في التزويج فربما تزوجن بمن كان ينافس المتوفّى أو يغيظه أو يحسد فيثقل ذلك على اهله وعشيرته فعوّل بها عن ذلك الى أجمل الوجوه ، وهذا التعليل ممّا تقتضيه الحكمة ومستبعده كالمستهزئ بالشرع.

الظاهر ان هذه مناسبة ظاهرة يفهمها الإنسان كأمثالها من التعليلات الكثيرة المذكورة ، وانه لا يعتبر فيها عدم الاطراد والانعكاس فتأمّل.

وقد تكون فيها حكمة بالغة غير ذلك لا يصل إليها فهمنا وما ذكر ، كما في سائر الاحكام.

وبالجملة ، إذا ثبت الحكم من المعصومين عليهم السّلام فلا استبعاد ، ولا يحتاج الى فهم العلّة وهو ظاهر ، وانما الكلام في ثبوت ذلك.

وأنت تعلم ان هذه الحكمة انما تقتضي الحرمان من عين تلك الأمور لا قيمتها فافهم.

(الثاني) في بيان الممنوع منه ، قال في الشرح : فيه أقوال ثلاثة ، وجعله في شرح الشرائع أربعة بإضافة المنع من عين الشجر وإعطاء قيمته على المذهب الأوّل.

قال في الشرح : (الأوّل) المشهور بين الأصحاب أنّه من نفس الأرض والقرى

__________________

ترث من الرباع : ليس لها منهم نسب ترث به وانما هي دخيل عليهم إلخ.

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٩ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٠.

٤٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والرباع كالدور والمنازل ومن عين الآلات والابنية لا من قيمتها ، اختاره الشيخ في النهاية ، والقاضي ، وظاهر كلام أبي الصلاح ، وابن حمزة ، واختاره المحقق ، لما تقدم من الروايات.

والأرض أعم من ان تكون خالية أو مشغولة بزرع وشجر وبناء ، والممنوع منها تلك الأرض وقيمتها ، لا ما فيها من البناء والشجر والزرع والبر وغير ذلك ، بل تأخذ نصيبها من تلك كلّها ، وكذا المياه والأنهار.

وقال المحقق الثاني : مرادهم بالآلات ما تقدّم في الروايات من الطوب والخشب ، والقصب ، والشجر ، بل جميع ما أثبتت في البناء من الأبواب والألواح ونحو ذلك وان لم يكن جميع ذلك آلة مذكورة في الروايات الّا أنّه مفهوم من سوقها ، والحرمان عنه غير ثابت بالدليل ، والتوريث الثابت بالبرهان من عينها ، يؤوّل إلى الضرر وتخريب البناء ، فيجعل من القيمة كالمذكورات فيها ، وجعل الدولاب والبكرة كذلك ، وهو غير ظاهر ، بل ينبغي التوريث عن عينهما.

والظاهر أنّ تقويم البناء والأشياء المثبتة يكون فيها بحيث يدخل فيه العمل أيضا لا مجرّد الآلات المنقوضة المرميّة ، فإن لها في تلك المعمولة حصّة منعت من الأرض وعين المعمولة فاستحقت قيمتها مستحقه للبقاء عملا للبقاء بمقتضى البرهان إلّا في الصورة الخارجية بالدليل المقبول الشرعي ، فيقوّم البيوت مثلا مستحقة البقاء في تلك الأرض ولم تكن الأرض داخلة ، وتعطى من تلك القيمة حصتها ، بل إذا كانت الأرض بحيث لا قيمة لها كالأرض في أشجار التوت ، لها الحصّة من تمام البستان ، إذ لا قيمة إلّا للأشجار.

ثم اعلم انه يحتمل ان تكون القيمة رخصة للورثة ، رفاهيّة بحالهم (لحالهم ـ خ) كما هو المتبادر من الروايات والتعليل المذكور فيها وفي كلام الأصحاب.

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

فلو بذل الأعيان لم يكن لها الامتناع وطلب القيمة ، وهذا هو المناسب بظاهر الآيات (١) والروايات وفيها محافظة على ظاهر هما في الجملة.

وأيضا ، الأصل عدم تكليف الورثة بالقيمة (بقيمة ذلك ـ خ ل) ، وقد يكون شاقا ، فإلزامهم إضرار منفي (٢) ، ومناف للحكمة الباعثة المذكورة.

ويحتمل كونها غريمة وحقّا لها ، كما يتوهم من ظاهر الأدلّة ، وهو مختار المحقق الثاني في المنسوبة إليه فتأمّل.

وان (٣) ليس في ظاهر الروايات ، المنع عن قيمة الأرض وغيرها ، بل ظاهر العبارات مثل الروايات ، مثل كلام النهاية الذي هو الأصل لغيره ، قال فيها : والمرأة لا ترث زوجها من الأرضين والقرى والرباع من الدور والمنازل ، بل يقوّم الطوب والخشب وغير ذلك من الآلات وتعطى حصّتها منها ولا تعطى من نفس الأرض شيئا.

وانه لا بدّ من تورثيها من عين غير محل النزاع والدليل ، ومن قيمة غير ما يفهم المنع من القيمة أيضا حفظا لظاهر الآيات والروايات مهما أمكن.

(والثاني) (٤) المنع من الدور والمساكن دون البساتين والضياع وتعطى قيمة الآلات والأبنية ، قالوا : وهو مذهب الشيخ المفيد وابن إدريس وشارح المختصر ، اختصارا على المنع من المتيقن ، وإبقاء الباقي بحسب عموم الأدلة الواضحة ، من الكتاب والسنّة والإجماع.

__________________

(١) فإن ظاهر آيات الإرث مطلقا هو تعلقه بما تركه الميّت وهو ظاهر في العين وكذا الروايات العامة الواردة في الإرث.

(٢) بقوله صلّى الله عليه وآله : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام أو على مسلم ونحو ذلك.

(٣) عطف على قوله قدّس سرّه : انه يحتمل ان تكون إلخ.

(٤) عطف على قوله قدّس سرّه : الأول المشهور.

٤٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وللاختصار على ذلك في رواية محمّد بن مسلم المتقدّمة وغيرها.

مثل ضعيفة يزيد الصائغ ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : ان النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا ، ولكن لهنّ قيمة الطوب والخشب ، قال : قلت له : ان الناس لا يأخذون بهذا ، فقال : إذا ولّينا هم ضربنا هم بالسوط ، فان انتهوا ، والّا ضربناهم بالسيف (١).

فان الممنوع فيها ما كانت غير الرباع وهي الدور والمساكن.

وتدل على القيمة رواية يزيد الصائغ وغيرها ، قال الشيخ : لا تدل على ان لهن من الأرضين نصيبا الّا من جهة دليل الخطاب ، وذلك يترك لدليل أي دليله مفهوم يسقط بالمنطوق الذي هو غيرها من الروايات.

وأنت تعلم ان ليس مفهوم رواية الشيخ المفيد رحمه الله دليلا حتى يسقط بالمنطوق ، فإنه مفهوم اللقب ، وليس بدليل ، وهو واضح ، وان سلّم كونه (٢) صفة ، فكذلك فتأمّل.

(الثالث) المنع من عين الرباع فقط دون قيمتها فتأخذ من عين الجميع غير الرباع ومنها القيمة فلا تحريم عن شي‌ء بالكليّة ، وهو مذهب السيد.

والفرق بينه وبين مذهب الشيخ المفيد في (٣) حرمانها عن قيمة أرض الرباع عنده وأخذها عند السيّد ، فالتفاوت في قيمة أرض الرباع وعدمها ، ولو فرض عدم القيمة لها لا فرق بينهما.

وكأن السيّد نظر الى عدم اعتبار الأخبار ، فإنها ما وصلت الى حدّ التواتر

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٠.

(٢) يعني ان سلم كون قوله عليه السّلام في رواية يزيد الصائغ : (من رباع الأرض) صفة يعني (الأرض الموصوفة بكونها رباعا) فليس له أيضا مفهوم.

(٣) خبر لقوله قدّس سرّه : والفرق فلا تغفل.

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فالعمدة هو الإجماع ، وانما انعقد على الحرمان في الجملة ، بل على عين الرباع فقط ، فيبقى غيرها تحت عموم الآية والأخبار.

ويؤيّده قلّة التخصيص فيها وعدم الخروج عن ظاهرها كثيرا ، وانه (١) مع الشيخ المفيد وشارح المختصر نظروا إلى انه ما وجد المنع من الأراضي مطلقا في خبر صحيح أصلا بل ولا في حسن أيضا بحيث يكون صريحا في ذلك ، فإنه يحتمل ارض الدار (٢).

ووجود الرباع في الصحيح وثبوت الميراث لها في عموم الإجماع والآيات والاخبار الكثيرة اليقينيّة متنا ، بل دلالة أيضا.

وخصوص (٣) رواية الفضل وابن أبي يعفور الصحيحة ـ على الظاهر ـ الدالة على التساوي بينهما ، فاخرجوا منها الرباع ، وأبقوا الباقي تحت تلك الأدلّة اليقينيّة عملا في الجمع بين الأدلة من الآيات والاخبار الصحيحة والإجماع.

ثم نظر السيد الى عدم ثبوت المنع في النص والإجماع عن قيمة أرض الرباع بخصوصها ولا بعمومها ، فان الظاهر من المنع هو المنع عن العين ، والقيمة ثابتة في كثير من الاخبار ، وثابتة في الجملة بالإجماع ، فهو إبقاء للأدلّة مهما أمكن ، ولا شك انه أولى.

ولكن عموم أدلة الإرث من الآيات ، والروايات ، والإجماع ، لا تدلّ بظاهرها الّا على الإرث من العين ، فإثبات القيمة بعد تسليم منع العين بإبقائها محلّ المناقشة ، فيمكن الاختصار على إثبات قيمة الآلات الثابتة بالأخبار الكثيرة

__________________

(١) يعني ان الظاهر مع الشيخ المفيد رحمه الله.

(٢) يعني أريد من لفظة (الأرض) التي وردت في بعض الاخبار خصوص ارض الدار ، بقرينة وجود(الرباع) في خبر صحيح ، وبقرينة عموم أدلة ثبوت الميراث لها ، من الإجماع والآيات والاخبار.

(٣) عطف على قوله قدّس سرّه : عموم الإجماع.

٤٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

كما هو مذهب الشيخ المفيد.

ثم اعلم أنه ان كان أحد لا ينظر إلى الإجماع المنقول وكثرة الاخبار والشهرة لوجود المخالف ودليل (١) صالح له خصوصا مع اختلاف تلك الاخبار واشتمال بعضها على ما لا يقول به احد كما مرّ ، ولا يخرج عن الكتاب والسنّة والإجماع اليقينيّة إلّا بمثلها وينظر الى ما روي عنهم عليهم السّلام : إذا وصل إليكم من الاخبار المختلفة فاعملوا بما يوافق القرآن واتركوا ما يخالفه (٢).

فعليه (٣) بقول ابن الجنيد فكأنّ ذلك نظره فتأمّل.

ولكن ترك الإجماع والشهرة ـ مع هذه الاخبار الكثيرة جدا ، منها صحيحة في الجملة ، وكثيرة منها حسنة لإبراهيم وهو بمنزلة الثقة ، بل ثقة عندهم ـ مشكل فالعمل بها في الجملة غير بعيد ، فكأنه لذلك ذهب إليه الأكثر.

ومن ينظر إلى اعتبار مثل هذا الإجماع لا الاخبار فعليه بقول السيد.

ومن ينظر إلى عدم الخروج عن الكتاب والسنّة والإجماع إلّا بدليل ولا يخصّصها الّا بخبر صحيح طريح خال عن القصور بل معتضد بالعمل ويكون دلالته على محلّ التخصيص أظهر من دلالة تلك العمومات اليقينيّة كما هو الحق فعليه بمذهب الشيخ المفيد ومن تابعه ، فذلك غير بعيد.

ومن ينظر إلى الشهرة والكثرة خبرا وفتوى فعليه بالقول المشهور ، وحمل خبر ابن الجنيد (٤) على التقيّة كما فعله في الاستبصار.

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعل الصواب : عدم دليل صالح إلخ كما لا يخفى.

(٢) راجع الوسائل باب ٩ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ ص ٧٥.

(٣) جواب لقوله قدّس سرّه : (ان كان أحد إلخ).

(٤) يعني الرواية التي استدل بها ابن الجنيد على عدم ممنوعيّة الزوجة مطلقا من جميع من تركة الزوج وهي صحيحة الفضل وابن أبي يعفور راجع الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥٢٢.

٤٥٥

الفصل الخامس : في الولاء

ولا يرث المعتق مع وجود النسب وان بعد ، وللزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى والباقي للمعتق.

______________________________________________________

ومن ينظر إلى عدم اطراح الخبر خصوصا الصحيحة مطلقا فعليه بحمل المذكور (١) والعمل بجميع هذه الاخبار حتى لا يورثها من دوابّ زوجها وسلاحه أيضا ، لما في الرواية الصحيحة (٢) فتأمّل.

وبالجملة ، المسألة من مشكلات الفن ، الله يعين على تحقيق الحال.

قوله : «في الولاء إلخ» الموجب الثاني للإرث : السبب ، وهو قسمان ، الزوجيّة وقد مرّ أحكامها ، والولاء ، وهو أقسام ، أولها : ولاء العتق وقد مرّ أكثر أحكامه في كتاب العتق منها عدم إرثه إلّا بعد فقد جميع الأنساب.

ودليله كأنه الإجماع والنصّ من الكتاب ، مثل آية (أُولُوا الْأَرْحامِ) (٣).

والاخبار ، مثل رواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في امرأة أعتقت رجلا لمن ولاؤه؟ ولمن ميراثه؟ قال : للذي أعتقه الّا ان يكون له وارث غيرها (٤)

ومثلها صحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة أعتقت رجلا لمن ولاؤه؟ ولمن ميراثه؟ قال : للذي أعتقه ان لم يكن له وارث غيرها (٥).

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعل الصواب (بالحمل المذكور).

(٢) راجع الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٧.

(٣) الأنفال : ٧٥.

(٤) الوسائل باب ٣٥ حديث ٣ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٣٨.

(٥) الوسائل باب ٣٥ حديث ٣ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٣٨.

٤٥٦

فان عدم المنعم ومن يرث الولاء انتقل المال الى ضامن الجريرة.

وهو كل من ضمن جريرة غيره وحدثه ، ويكون ولاؤه له ويثبت بذلك الميراث ، ولا يتعدى الضامن.

______________________________________________________

خصّتا بالوارث النسبيّ بالإجماع وغيره من الآيات والاخبار فيرث المعتق مع الزوجين فلأحدهما معه نصيبه الأعلى : النصف ، والربع ، والباقي له ، وهو ظاهر.

ولا يرث معه ضامن الجريرة ولا الامام عليه السّلام ، وهو أيضا ظاهر.

قوله : «فان عدم المنعم إلخ» ثاني أقسام الولاء : ولاء ضامن الجريرة ، فإذا مات المعتق الذي له الولاء ، وورّاثه الذين لهم الولاء بعده ، انتقل المال الى ضامن الجريرة ، هذا ظاهر العبارة وغيرها.

وفيه تأمل ، إذ لا يجتمع ولاء المعتق مع ولاء الضامن في شخص ولو بالترتيب ، إذ ولاء العتق على ما تقرر عندهم انما يكون على من أعتقه لله تبرعا لا في كفارة ونحوها ولم يتبرأ من ضمان جريرته ، فيكون هو ضامن جريرته ، وولاء ضامن الجريرة انما يكون مع السائبة التي لا ولاء لأحد عليه ، مثل ان أعتق في كفّارة أو ابرأ المعتق عن ضمان جريرته.

الّا ان يقال : يمكن ان لو مات المنعم الذي له عليه ولاء ، ومن يرث الولاء منه صار المعتق سائبة ، فيصح له ان يعقد ضمانا مع شخص فيثبت للضامن حينئذ.

هذا غير بعيد ، ولكن غير مفهوم من أدلّة الضمان والإرث به ، على انه ينبغي ان يقول (١) : فان لم يكن من يرث بولاء العتق انتقل إلخ فتأمّل.

قوله : «وهو كل من ضمن جريرة إلخ» معناه انه إذا كان شخصان

__________________

(١) يعني ان يقول المصنف بدل قوله : فان عدم المنعم ومن يرث الولاء انتقل إلخ : (فان لم يكن من يرث بولاء العتق انتقل إلخ. فإن عدم وجود من يرث يناسب عدم المنعم ومن يرث الولاء لا عدم المنعم الذي أعم من وجوده حين موت المعتق بالرد أو موته بعد موت المعتق بالفتح كما لا يخفى.

٤٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لا وارث لأحدهما ، عقدا عقد ضمان ، بأن يقول من لا وارث له للآخر : عاقدتك على ان تنصرني وتعقل عني وترثني ، فيقول الآخر : قبلت.

هذا إذا كان من جانب واحد الظاهر أنه يجوز.

وإذا كان من الجانبين فلا بدّ من عدم الوارث للآخر أيضا فيقول القابل أيضا ما قاله الموجب ، ويقبله الموجب ، أو يقول أحدهما : تنصرني وأنصرك ، وتمنع عني وامنع عنك ، وتعقلني واعقلك ، وترثني وارثك ، هكذا في شرح الشرائع.

ولزوم النصر والمنع غير مفهوم من العبارات والروايات ، بل الظاهر ضمان الحدث مثل العاقلة ، فلا يبعد ان يكتفى بالعقل فقط ، فيلزم الإرث والضمان كما في العاقلة أو يضمّ (بضم ـ خ ل) شرط الإرث أيضا.

وقال أيضا : انه يفتقر هذا إلى إيجاب وقبول كغيره من العقود.

ويمكن اشتراط الإيجاب والقبول بمعنى وجود ما يدل عليهما صريحا. اما الاشتراط بمعنى جميع ما اعتبروه في العقود من اللفظ العربي مع القدرة ، واعتبار القواعد العربيّة ، والمقارنة على الوجه الذي ذكروه في سائر العقود ، فمحلّ التأمّل كما في سائر العقود (١)

ثم بعد وجوده في لزومه خلاف ، نقل في شرح الشرائع عن الخلاف جوازه ، للأصل.

وعن ابن إدريس اللزوم للآية مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢) ، والخبر مثل : المسلمون عند شروطهم (٣).

وبعد انعقاد العقد يصير أحدهما عاقلة الآخر ، فيضمن خطأه كالعاقلة ثم يرثه جميع ما تركه.

__________________

(١) يعني ان اعتبار المذكورات في سائر العقود أيضا محل التأمّل.

(٢) المائدة : ١.

(٣) راجع الوسائل باب ٦ حديث ١ ـ ٥ من أبواب الخيار : ج ١٢ ص ٣٥٢.

٤٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قالوا : كان المسلمون أوّلا يتوارثون بهذا العقد لقوله تعالى (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) (١) ثم نسخ بآية الإرث مثل (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢) ، والاخبار الدالة على الإرث.

والاخبار على هذا العقد كثيرة ، مثل ما في صحيحة بريد بن معاوية العجلي ، الطويلة ، عن أبي جعفر عليه السّلام (في بحث عتق التهذيب) : وان كان توالى قبل ان يموت الى احد من المسلمين فضمن جنايته وحدثه (جريرته ـ خ ل ئل) كان مولاه ووارثه ان لم يكن له قريب يرثه (٣).

وفيها دلالة كغيرها على ان مجرّد الضمان كاف ، فالاحتياج الى العقد المقرر محلّ التأمّل.

وان (٤) فقد الوارث النسبيّ الغير الممنوع من الإرث ، شرط لا غير ، فيشعر بعدم ضرر وجود مثل القاتل ، والزوج ، والزوجة فتأمّل.

وصحيحة (٥) هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا والى (الرجل ـ خ) الرجل فله ميراثه ، وعليه معقلته (٦)

__________________

(١) النساء : ٣٣ وفي مجمع البيان للطبرسي رحمه الله ج ٣ ص ٦٦ طبع بيروت في تفسير الآية قال : أي فآتوا كلا نصيبه من الميراث (الى ان قال) : ثم اختلفوا فيه على أقوال (أحدها) ان المراد بهم الحلفاء عن قتادة وسعيد بن جبر والضحاك وقالوا : ان الرجل في الجاهليّة كان يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتعقل عني وأعقل عنك فيكون للحليف الذي من ميراث الحليف ، وعاقد أبو بكر مولى فورثه فذلك قوله : فآتوهم نصيبهم أي أعطوهم حظهم من الميراث ثم نسخ ذلك بقوله (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (انتهى موضع الحاجة).

(٢) الأنفال : ٧٥.

(٣) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٥.

(٤) عطف على قوله قدّس سرّه : (ان مجرد الضمان).

(٥) عطف على قوله قدّس سرّه : صحيحة بريد بن معاوية ، وكذا قوله : وصحيحة أبي عبيدة ، وقوله : ورواية أبي بصير.

(٦) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٦.

٤٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة أبي عبيدة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أسلم فتوالى الى رجل من المسلمين؟ قال : ان ضمن عقله وجنايته ورثه وكان مولاه (١).

ورواية أبي بصير ـ لعلّها الصحيحة ـ عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فيمن نكّل مملوكه انه حرّ لا سبيل له عليه ، سائبة ، يذهب فيتولّى من أحبّ فإذا ضمن جريرته فهو يرثه (٢).

فيها دلالة على ان التنكيل سبب للعتق ، وانه حينئذ لا ولاء للمولى عليه ، ويصحّ له عقد ضمان الجريرة.

وكما ان التنكيل سبب لسقوط الولاء ويصير به سائبة يتوالى من يريد كسائر أسباب العتق الغير الاختياري فكذلك العتق في الكفارة.

ويدل عليه مثل صحيحة ابن رئاب ـ وهو علي ، الثقة. وعمار بن أبي الأحوص ـ المجهول ـ قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن السائبة فقال : انظروا في القرآن ، فما كان فيه (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) فتلك يا عمّار ، السائبة التي لا ولاء لأحد عليها الّا الله عزّ وجلّ ، فما كان ولاؤه لله فهو لرسول الله صلّى الله عليه وآله وما كان ولاؤه لرسول الله صلّى الله عليه وآله فان ولاءه للإمام ، وجنايته على الامام ، وميراثه له (٣).

وفيها دلالة على ان الامام عليه السّلام وارث من لا وارث له وعاقلته.

وتدل على الإرث بعقد الضمان أيضا ، صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فيمن أعتق عبدا سائبة انه لا ولاء لمواليه عليه ، فان شاء يوالي الى رجل من المسلمين ، فليشهد انه يضمن

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٦.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٦ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٦.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩.

٤٦٠