مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ومدلولها مع عدم الوارث ، ان المال كلّه له ، أو لها ، والمتبادر من الوارث هو الذي يرث بالفعل المحقق ، لا المقدّر.

ولأنه قد دلت الأدلة على منع الكفر من الإرث فيكون الكافر ممنوعا حال الموت فينتقل المال إليهما.

وأيضا لا شك انهما أقوى من بعض الورّاث مثل الامام ، وقد مرّ ان المال له مع وجود وارث كافر.

وأيضا جار في كلّ مانع يحتمل زواله ، مثل الرق ، فتأمّل.

وأيضا احتجاجه جار في كل وارث منع كافرا عن الإرث سواء ورث فرضا وردّا أو قرابة خصوصا الذي يأخذ بالفرض والردّ.

ونقضه في الشرح بالبنت ، وهو منقوض بغيرها أيضا ، ولأنه حينئذ الى أي زمان يصبر ويتوقف ينبغي الى ان ينقرض وما بقي أحد ، إذ قد يتصور الإسلام في زمان آخر غير الزمان الأول الذي عرض عليه وامتنع ، مع انه ضرر ما قالوا به وان كان الشرط هو العرض مرّة واحدة ، مع احتياجه الى دليل فقد يتعذر بالغيبة والصباوة والجنون الّا ان يقال بإخراجه.

وبالجملة مقتضى القول بالردّ انهما كالواحد ، وان الواحد يرث الكلّ ولا يشاركه احد وان أسلم قبل تلف العين في يده.

ثم قال : والتحقيق ان الوارث الواحد ان عني به الوارث للجميع بالفرض والردّ فالحقّ ما قالوه ، وان عني به الوارث مطلقا فالحقّ ، المنع مع انسياق الدليل في البنت الواحدة ، والفرق بينهما تكلّف ، فحينئذ الأقرب المنع ، وهو مختار ابن إدريس ، وشيخنا في المختلف.

وأنت تعلم ان الوارث الواحد ليس من المسائل الأصوليّة والأمور المقررة وليس في الدليل أيضا حتى تحقق المراد منه ويتبع في كلامهم ، فكلّ احد يفسّره بما

٤٨١

وكذا البحث لو كان الميّت كافرا ، والورثة كفار ، لكن هنا لو أسلم قبل القسمة اختصّ وان كان مساويا.

والطفل تابع لأحد أبويه في الإسلام الأصلي والمتجدد ، فان بلغ وامتنع عن الإسلام قهر عليه ، فان امتنع كان مرتدا.

______________________________________________________

يطابق مضمونه ، وان مثل هذا المبنى كثير ، وانه في مرتبة المدعى.

على انه قد يناقش في كلامه بأنه ينبغي ان يقول : ان كان الوارث الواحد يرث الجميع بالفرض والردّ ، فالحقّ ما قالوه ، وان كان غيره فالحقّ المنع.

وبأنه ـ وان كان الواحد ممّا يرث الجميع بالردّ والفرض ـ يمكن القول بالمنع ، فان الزوج والزوجة ورث الكلّ كذلك ، إذ ما كان غيرهما موجودا ، والفرض ثبوت الردّ وهو ظاهر.

وانه ان كان مطلقا يمكن فيه ما قالوه ، وان ترجيح الحكم بدون ترجيح ما يبتني عليه غير جيّد ، وعلى كل فالظاهر ـ مع الرد ـ المنع ، وهو المشهور ، وعليه الأكثر.

قوله : «وكذا البحث لو كان الميّت كافرا إلخ» يعني ما سبق من انه إذا أسلم وارث كافر على ميراث. إلخ كان الميّت الذي يورث منه مسلما مع إسلام بعض الورثة ، وحكم ما إذ كان الميّت كافرا ولم يكن في الورثة مسلم ، مثله ، فإذا أسلم من يرث الكافر في الجملة ، فإن كان الكافر الوارث الذي يرثه واحدا لم يرث شيئا ، وان كان متعددا ، فان كان بعد القسمة فكذلك ، وان كان قبلها يرث ما ترك كلّه ويخصّ به وان كان بعيدا ، والكافر الوارث الباقي قريبا مثل المعتق المسلم وضامن الجريرة مع الآباء والأولاد ، فلو كان بدل قوله : (وان كان مساويا) (وان كان بعيدا) لكان أولى.

قوله : «والطفل تابع إلخ» لعلّ دليله : الإجماع ، والخبر ، فيترتب عليه أحكام الإسلام من الإرث وغيره.

لكن يقتضي ذلك انه بمجرّد إنكاره الإسلام لا يكون مرتدا عن الفطرة ،

٤٨٢

ولو خلّف الكافر أولادا صغارا لا حظّ لهم في الإسلام ، وابن أخ وابن أخت مسلمين ، فالميراث لهما دون الأولاد ، ولا إنفاق على رأي.

______________________________________________________

بل يجبر على الإسلام ولا يقتل ، وان أسلم قهرا يكون مقبول الإسلام ، وان امتنع يكون حينئذ مرتدا كما هو ظاهر المتن ، وذلك مطلقا غير ظاهر ، وسيجي‌ء تحقيق الارتداد وأحكامه واقسامه ان شاء الله تعالى.

قوله : «ولو خلّف الكافر إلخ» لو خلّف الكافر وارثا قريبا غير مسلم ، وبعيدا مسلما كالأولاد الذين لا حظّ لهم في الإسلام أي لا أمّ لهم مسلمة يتبعونها ، وابن أخيه وابن أخته المسلمين فالأولاد بحكمه ، فلا ارث لهم ، فإنهم بمنزلة العدم ، فالمال لابن الأخ والأخت.

فإن كانا للأبوين أو للأب فالمال بينهما بالتثليث ، لابن الأخ الثلثان ، ولابن الأخت الثلث مثلهما ، وان كانا للام فبالسوية.

وان كانا مختلفين فلكلالة الأم السدس ، والباقي لكلالة الأب ، أو لكلالة الأب والام ، وان كان أحدهما للأب والآخر للأبوين يسقط المتقرّب بالأب ويرث الآخر ، ولا يجب على الوارثين الإنفاق على الأولاد ، للأصل والقواعد المقررة وهو مختار المتن ، وابن إدريس ، والمحقّق.

والأكثر على خلاف ذلك ، لرواية مالك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم ، وابن أخت مسلم ، وللنصراني (له ـ ئل) أولاد وزوجة نصارى؟ قال : فقال : ارى ان يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما تركه ويعطى ابن أخته (المسلم ـ يه) ثلث ما ترك ان لم يكن له ولد صغار ، فان كان له ولد صغار فان على الوارثين ان ينفقا على الصغار ممّا ورثا من أبيهم حتى يدركوا ، قيل له : كيف ينفقان (على الصغار ـ يه)؟ قال : فقال : يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة ، فإذا أدركوا قطعا

٤٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(قطعوا ـ يه ـ ئل) النفقة عنهم ، قيل له : فإن أسلم الأولاد (أولاده ـ يه) وهم صغار؟ قال : فقال : يدفع ما ترك أبوهم الى الامام حتى يدركوا ، فان بقوا (أتموا ـ يه) على الإسلام دفع الامام ميراثهم إليهم فان لم يبقوا (لم يتموا ـ يه) على الإسلام إذا أدركوا دفع الامام ميراثه الى ابن أخيه وابن أخته المسلمين ، يدفع الى ابن أخيه ثلثي ما ترك ، ويدفع الى ابن أخيه ثلث ما ترك (١).

هي مخالفة للقوانين فيمكن طرحها لعدم الصحّة ، لعدم توثيق مالك ، بل يفهم ذمّه.

قال في الخلاصة : روى الكشي : أن مالك بن أعين ليس من هذا الأمر في شي‌ء ، وعن علي بن أحمد العقيقي انه كان مخالفا.

فالقول بالصحّة كما فعله في الشرح والمختلف مشكل ، لعل المراد : اليه صحيح ، ولكن حينئذ لا تصلح للحجيّة في مثل هذه الأحكام المخالفة للقوانين وهو ظاهر.

على أنّ في متنه أيضا قصورا حيث حكم أوّلا بتوريث ابن الأخ وابن الأخت ولم يفصل بأنّه أسلم الأولاد أم لا. وحكم بعده بأنه إن أسلموا يعطي الإمام إلخ.

ويفهم وجوب الإنفاق على ابني الأخ والأخت مع عدم العلم بأنهم أسلموا.

ولم يفهم وجوب الإنفاق على الامام مع علمه بالإسلام ، بل ظاهر دفع الميراث إليهم ان بقوا على الإسلام ، وإليهما بالتثليث ان لم يبقوا ، يشعر بعدم الإنفاق فتأمّل فلا يحتاج إلى التأويل والتنزيل.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٧٩ وفيه نقلا من الفقيه : عبد الملك بن أعين أو مالك بن أعين.

٤٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل في الشرح انه نزّل على أربعة وجوه (الأوّل) أنّ المانع انما هو الكفر ، وهو مفقود في الأولاد.

وردّ بأن عدم الإسلام أيضا مانع ، وعلى تقدير تسليم الحصر ، الأولاد في حكم الكفار.

وأنت تعلم ان الذي ثبت بالإجماع أو غيره أن الكفر مانع ، وهو ظاهر في الحقيقي ، فتخصيص عموم الأدلة بغير ذلك مشكل فتأمّل ، فلا يردّ هذا التنزيل بالردّ المذكور.

نعم يمكن ردّه بأنه حينئذ يلزم توريث الأولاد ، لا ابني الأخ والأخت ، والإنفاق عليهما ، بل يأخذه الحاكم وينفق ، وعدم جواز الأخذ منهم بعد ان كفروا ، وبالجملة ان التنزيل لا يصلح ما في هذه الرواية.

(الثاني) تنزيلها على ان إسلام الصغير معدّ للإسلام الحقيقي والكافر الحقيقي إذا أسلم قبل القسمة يرث وهنا الصغير بذل مقدوره ، إذ لا يقدر الّا على إظهار الإسلام وليس ذلك سببا للإرث بالفعل ، بل للمراعاة لينكشف الحال بعد البلوغ.

وردّه أيضا بأنّ الإسلام الحقيقي السابق المستقر لا يعارض بمثل هذا.

وفيهما بعض ما تقدم لأنهما قريبان منه.

(الثالث) تنزيلها على عدم القسمة إلى حين البلوغ والإسلام ، وان قوله : (يعطى ابن أخيه وابن أخته) ليس بصريح في حصولها ، وما ردّه (١).

ويمكن ردّه بأنه أيضا ما يدفع جميع ما فيها ، فإن الإنفاق لأي شي‌ء؟ على انه ظاهر في حصولها ، إذ قال : فان على الوارثين إلخ.

(الرابع) حملها على الاستحباب.

__________________

(١) يعني ما ردّه الشارح كما ردّ الأولين ولكن يمكن ردّه إلخ.

٤٨٥

ولو ارتدّ أحد الورثة فنصيبه لورثته وان لم يقسم ، لا لورثة الميّت.

(الثاني) الرق ، فلا يرث ولا يورّث ، إذ لا ملك له ، سواء كان قنّا ، أو مدبّرا ، أو مكاتبا مشروطا ، أو مطلقا لم يؤدّ ، أو أمّ ولد ، فلو كان

______________________________________________________

ثم قال : الثلاث الأول مستفادة من تحقيقات الامام المحقق نجم الدين في النكت ، والأخيرة تنزيل شيخنا الإمام المصنف في المختلف.

وأنت تعلم ان الرابع صحيح الّا انه خلاف الظاهر ، ولكن ارتكابه للجمع بين القوانين والأدلّة غير بعيد.

ويؤيّده عدم صحتها ، فلا يمكن القول بوجوب مضمونها لذلك ، والمستحبات تسامح في دليلها كثيرا فتأمّل.

ولو كانت صحيحة توجب العمل لأمكن القول بمضمونها ، مع عدم تعديته أصلا ، بل جعلها حكما في قضيّة مع التعدية إلى عين هذه الصورة فالى عين هذه الصورة أينما وجدت اولى من مثلها أيضا يعني في كلّ موضع يكون فيه الأولاد الصغار للميّت الكافر مطلقا مع وارث مطلقا ، سواء كان مؤخّرا عنهم في الإرث أو في مرتبتهم ، وهو بعيد.

قوله : «ولو ارتدّ أحد الورثة إلخ» يعني إذا استورث احد من ميّت كافر أو مسلم شيئا ثم ارتدّ ومات لم ينتقل ما استورثه إلى ورثة الميّت الأوّل ، بل هو لورثة الثاني ، سواء كان الثاني وحده أو مع جماعة وارتدّ ومات قبل القسمة أو بعدها.

هذا إذا كان مطلقا (١) ، واما إذا كان فطريا فلم يحتج الى فرض موته ، وجهه ظاهر.

قوله : «الثاني الرق إلخ» المانع الثاني من الإرث هو الرق فلا يرث رق أصلا ، محضا كان أو فيه شائبة العتق ، مثل المكاتب المشروط أو المطلق مع عدم

__________________

(١) هكذا في النسخة المخطوطة والصواب (مليّا).

٤٨٦

احد الوارثين رقا اختصّ الحرّ وان بعد ـ كالمعتق وضامن الجريرة ـ ومنع العبد وان قرب كالولد ولا يمنع ولد الولد برقّ أبيه ولا كفره.

______________________________________________________

أداء شي‌ء ، أو المدبّر ، أو أمّ الولد ، ولا يورث منه أيضا.

استدل عليه بعدم الملك ، فإنه لا يملك ، فلا يدخل شي‌ء في ملكه فلا يخرج لذلك.

هذا ظاهر ان ثبت ذلك وقد مرّ البحث فيه مرارا فتذكر.

ويمكن الاستدلال أيضا على عدم إرثه من غيره أيضا بما تقدم في صحيحة محمّد بن مسلم التي في إسلام الوارث على ميراث : (قلت : العبد يعتق على ميراث؟ فقال : هو بمنزلته) (١).

وما في حسنته : ومن أعتق على ميراث قبل ان يقسّم الميراث فهو له ، ومن أعتق بعد ما قسّم فلا ميراث له (٢).

فيها دلالة على إرثه ان أعتق قبل القسمة.

وصحيحته أيضا ، عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا يتوارث الحرّ والمملوك (٣).

ومثله رواية جميل ومحمّد بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (٤).

وهما لا تدلان على عدم ارث الحرّ عن العبد فتأمّل.

ورواية مهزم ـ المجهول ـ ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في عبد مسلم وله أمّ نصرانيّة وللعبد ابن حرّ ، قيل : أرأيت ان ماتت أمّ العبد وتركت مالا؟ قال : يرثها ابن ابنها الحرّ (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

(٢) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٩٩.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٠.

(٥) الوسائل باب ١ حديث ١٨ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٧٧.

٤٨٧

ولو عتق (أعتق خ ل) قبل القسمة شارك ان ساوى ، واختص ان كان أقرب ، ولو عتق بعدها أو كان الوارث واحدا فلا شي‌ء له ، ولو قسم بعض التركة ثم عتق أو أسلم شارك في الجميع.

______________________________________________________

وتدل عليه أيضا الروايات التي تدل على عتق الوارث ليرث ، وسيجي‌ء ، فيلزم منه ان يرث الحرّ البعيد من الورثة وان كان معتقا أو ضامن جريرة مع وجود الرق القريب ، مثل الآباء ، والأولاد ، لأن البعيد وارث ، ولا وارث غيره ، فلا يمنع كفر القريب من ارث المسلم البعيد وان كان فرعه ، نظرا الى ان البعيد انما يرث بسبب قربه من القريب ، ويأخذ ما يأخذه ، فهو فرعه ، فإذا لم يستحق هو شيئا فلا يرث فرعه ، لانه هو وارث بالاستقلال مثل القريب ، وليس فرعا له الّا انه ما يرث مع وجوده وارثا وهو ظاهر ممّا تقدم.

ويدل عليه (١) بخصوصه رواية مهزم المتقدمة ، ولا يضرّ الجهل بحاله.

وكذا الكلام في عدم منع رق القريب الحرّ البعيد من إرثه ، وهو ظاهر ممّا تقدم.

قوله : «ولو عتق قبل القسمة إلخ» البحث في العتق على ميراث ، مثل الإسلام عليه وقد مرّ مفصّلا الّا العتق ، والإسلام بعد قسمة البعض دون البعض ، فحكم هنا بشركة المعتق والمسلم في كلّ التركة ، ما قسم ، وما لم يقسم.

هذا انما يكون مع فرض كون الأحرار والمسلمين الذين كانوا حين الموت وقبل إسلام من أسلم ، وعتق من أعتق ممن يرث ويشارك معهم في الإرث مثلهم.

واما إذا لم يكونا كذلك بأن يكون من أعتق أو أسلم أقرب منهم ومانعين من إرثهم ، يكون جميع التركة مختصّة بهما ، فلو قال (٢) : (شارك أو اختص) ـ كما قاله في القواعد ـ كان أولى.

وذكر فيه احتمالين آخرين ، وهو الشركة أو الاختصاص في الباقي ، وعدم

__________________

(١) يعني المصنف.

(٢) أي على عدم منع كفر القريب ، البعيد عن الإرث (هكذا في هامش بعض النسخ).

٤٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الإرث أصلا ولكن قال : (على بعد).

ولعلّ وجه الأوّل انه يصدق عليه أنه أسلم أو أعتق قبل القسمة فتجري الأدلّة التي دلّت على التوريث من كلّ التركة حينئذ.

ووجه الثالث (١) انه قد ثبت الإرث لغيرهم بدليل منعهم ، فإنه قد دل على انهم بمنزلة العدم فيكون الميراث بغيرهم وملكوه ، لأدلة الإرث وقد خرج منه ما إذا ثبت الإسلام والعتق قبل القسمة أصلا بالإجماع والنص وبقي الباقي ، إذ يصدق عليه انهما ما وقعا قبل القسمة ، فإنه لا شك انه وجدت القسمة في الجملة فلا يوجد نقيضها ، فإن الماهيّة توجد بوجود فرد منها ، وانما ينعدم بعدم جميع أفرادها.

وبالجملة ، بعد تحقق انتقال المال الى المسلم والحرّ الموجودين بعد الموت بلا فصل ـ إذ بقاء ملك بلا مالك عندهم غير معقول ـ يحتاج الانتقال عنهم الى غيرهم الى دليل ، والدليل غير صريح فيما إذا وقعا بعد الشروع في القسمة ، لاحتمال اختصاصه بما إذا لم يشرع أصلا.

وان لم يكن ظاهرا في ذلك فلا شك في احتماله ، وهذا المقدار كاف.

الّا أن يقال : إنّ المال باق على حكم مال الميّت حتى يقسّم ويسلم أو يعتق الباقي أو انه ينتقل الى الموجودين ملكا متزلزلا ، لأن الأصل عدم اللزوم ، ويقال : إن الأدلة ظاهرة في قسمة الكل يعني إذا أسلم أو أعتق وارث قبل قسمة الميراث والميراث هو الكل ، لأنه عبارة عن جميع ما تركه الميّت ، ويأخذه قريب ، لا بعضه.

فكأنه إليه نظر المصنف وغيره ورجحوا الاحتمال الأول.

وممّا تقدم علم وجه الثاني ، وهو انه يأخذ الوارث بعد الإسلام والعتق حصته ممّا لا ينقسم ، ولا يأخذ ممّا قسم ، إذ يصدق على الأول انه أسلم قبل قسمته

__________________

(١) وهو ما لو كان العتق أو الإسلام بعد القسمة.

٤٨٩

ولو لم يكن وارث سوى العبد اشترى من التركة وأعتق وأخذ الباقي ويقهر المالك على البيع ، سواء كان أبا أو ابنا أو غيرهما حتى الزوج والزوجة على رأي.

______________________________________________________

ولا يصدق على الثاني فتأمّل.

ثم ان الظاهر انه انما يكون إذا كان له حصّة في المنقسم وغيره ، واما إذا لم يكن له حصّة في المنقسم فالظاهر ان ليس فيه الّا الاحتمال الأول ، مثل زوجة أسلمت قبل قسمة مالها فيه حصّة وبعد قسمة ما ليس لها منه حصّة مثل الرباع والعقار ، ومثل ان قسّم المال بين الزوجتين والأولاد بأن أخذتا الثمن وأسلمت أو أعتقت أخرى قبل القسمة بينهما أو أسلم أو أعتق أحد الأولاد قبل القسمة بينهم.

وانه إذا كان الوارث الواحد هو الامام عليه السّلام وأعتق الوارث يجي‌ء فيه الاحتمالات المتقدمة في الإسلام الإرث ، والمنع ، والتفصيل.

قوله : «ولو لم يكن له وارث سوى إلخ» إذا مات شخص ولم يخلّف وارثا حرا ـ وان بعد ـ سوى الامام ، وخلّف قريبا مملوكا لو لم يكن كذلك لورث ، فان كان أبويه يفك بالشراء ، بالإجماع المنقول (في الشرائع) وبالنصوص.

مثل صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول في الرجل الحرّ يموت وله أمّ مملوكة قال : تشترى من مال ابنها ثم تعتق ، ثم يورثها (١).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في رجل توفي وترك مالا ، وله أمّ مملوكة؟ قال : تشترى امّه وتعتق ثم يدفع إليها بقيّة المال (٢).

وحسنته عنه عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الرجل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ و ٧ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

٤٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

يموت وله أمّ مملوكة ، وله مال ، ان تشترى امّه من ماله ثم يدفع إليها بقيّة المال إذا لم يكن له ذووا قرابة لهم سهم في الكتاب (١).

لعلّ المراد بالسهم في الكتاب مطلق الإرث وكأنّ الأب مفهوم بالطريق الأولى فإن عتق الأب أولى ، ولما سيجي‌ء من عتق الولد وغيره مثل الزوجة والقرابة فالأب أولى.

وتدل عليه أيضا مرسلة ابن بكير عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك ، أو امّه وهي مملوكة أو أخاه أو أخته وترك مالا ، والميّت حرّ اشترى ممّا ترك أبوه أو قرابته وورّث ما بقي من المال (٢).

واخرى له عنه عليه السّلام (٣) وستجي‌ء.

يحتمل ان المراد بالأب والام هنا الأوّلان ، لا الأجداد والجدّات أيضا ، فإن دعوى الإجماع فيهم غير ظاهر ، بل شمول النص لهم كذلك.

ويؤيّده ان ليس لهم حكمهما في الإرث ، بل هم في المرتبة الثانية.

ويحتمل ارادة العموم كما في غير هذه المسألة.

واما الأولاد ، فقال بعض بعدم شرائهم وعتقهم ، بل اقتصر على شراء الأبوين فقط ، لعدم الإجماع ، والأصل ، وأدلة عدم توريث الرق.

وبالجملة ان هذا الحكم مخالف لقواعدهم ، فإثباته يحتاج الى دليل قويّ.

وقال بعض بشرائهم والعتق ، لأنهم كالآباء ، ولصحيحة جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يموت ويترك ابنا مملوكا ، قال : يشترى ابنه

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٦ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٥.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٩ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

من ماله فيعتق ويورث ما بقي (١).

وما في صحيحة وهب بن عبد ربه ـ في ولد أمّ ولد تزوجت من رجل ، ومات الرجل وخلّف ولده ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ان كان ترك مالا اشترى منه بالقيمة (بالقيمة منه ـ ئل) فأعتق وورث (٢).

والظاهر أن الرجل كان رقّا وأعتق ثم مات فلا يحتاج الى ما ذكره في الفقيه (٣) ، فإنه تكلف بعيد ، بل غير ممكن.

ورواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل مات وترك ابنا له مملوكا ولم يترك وارثا غيره وترك مالا؟ فقال : يشترى الابن ويعتق ويورث ما بقي من المال (٤).

كأنه لا فرق بين الابن والبنت.

ويشعر به صحيحة وهب بن عبد ربه (٥) ، ويؤيّده رواية إسحاق الآتية (٦).

واما غير هم من الأقارب فمنع بعض من الشراء ، والعتق ، كالمحقق في الشرائع مع قوله بما تقدم ، لما تقدم من انه خلاف القوانين ولا دليل عليه.

وبعض كالمصنف والمحقق الثاني ، قال به ، للقياس باستخراج العلّة ولما

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ نحو حديث ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٥.

(٢) الوسائل باب ٢٠ قطعة من حديث ١٢ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

(٣) في الفقيه ـ بعد نقل الخبر ـ هكذا : قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : جاء هذا الخبر هكذا : فسقته بقوة إسناده ، والأصل عندنا انه إذا كان أحد الأبوين حرّا فالولد حرّ ، وقد يصدر عن الامام عليه السّلام بلفظ الاخبار ما يكون معناه الإنكار والحكاية عن قائليه (انتهى) الفقيه ج ٤ باب ميراث المماليك رقم ٥٧٣٦ طبع الآخوندي. ونقله في الوسائل أيضا تحت رقم ١٣ من الباب.

(٤) الوسائل باب ٢٠ حديث ١٠ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

(٥) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ١٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

(٦) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٨ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

٤٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

سيجي‌ء من الخبر الصحيح الدالّ على اشتراء الزوجة فالأقارب بالطريق الأولى.

ولما في رواية عبد الله بن طلحة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل مات وترك مالا كثيرا وترك امّا مملوكة وأختا مملوكة (١)؟ قال : تشتريان من مال الميّت ثم تعتقان وتورثان ، قلت : أرأيت ان أبى أهل الجارية كيف يصنع؟ قال : ليس لهم ذلك يقوّمان قيمة عدل ثم يعطى مالهم على قدر القيمة ، قلت : أرأيت لو أنهما اشتريتا ثم أعتقتا ثم ورثتا من كان يرثهما؟ قال : كان يرثهما موالي أبيهما لأنهما اشتريتا (اشتريا ـ ئل) من مال الابن (الأب ـ خ) (٢).

وهي ـ مع ضعف السند ـ مخالطة للقواعد المقررة ، لاشتمالها على اشتراء الام والأخت واعتقاقهما وتوريثهما معا ، ولا تدل على عموم القرابة.

ويفهم من المصنف حملها على وجود إحداها لا وجود هما معا.

ويؤيّده قوله : (ان أبى أهل الجارية) فتأمّل.

ورواية إسحاق ، قال : مات مولى لعلي عليه السّلام ، فقال : انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل له : ان له ابنتين باليمامية مملوكتين ، فاشتراهما من مال الميّت ثم دفع إليهما بقيّة الميراث (٣).

وهي أيضا ضعيفة السند ، مع اشتمالها على البنت فقط ، فلا عموم فيها.

مع احتمال كون ذلك تبرّعا منه عليه السّلام ، فان المال ـ بعد عدم الوارث ـ له عليه السّلام يفعل به ما يشاء.

يمكن ان يقال : ان ظاهر السوق يدل على العموم وعدم التبرع فافهم.

__________________

(١) في هامش الكافي نقلا عن مرآة العقول هكذا : الواو امّا بمعنى أو الخبر محمول على التقيّة.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٥ وفي التهذيب والكافي والوسائل : لو انهما اشتريا ثم أعتقا ثم ورثا من بعد من كان يرثهما؟.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٨ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٦.

٤٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولما في مرسلة ابن بكير المتقدمة (١).

ولما في مرسلة أخرى له ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك أو امّه وهي مملوكة أو أخاه ، أو أخته وترك مالا والميّت حرّ ، اشتري ممّا ترك أبوه أو قرابته وورث ما بقي من المال (٢).

وفيهما ضعف السند بالإرسال وابن بكير.

وقال بعض ـ كالمصنف والمحقق الثاني ـ : بإعتاق الزوجة وتوريثها أيضا لصحيحة سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : كان علي عليه السّلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها (٣).

ويمكن ان يقال : عمومات الآيات ، والاخبار ، والإجماع ، دلّت على توريث الوارث مطلقا حتى الزوج والزوجة ، وخرج منها المملوك مع وجود الحرّ بالإجماع ، والأخبار ، والاعتبار ، بقي الباقي تحتها فيرث المملوك بأن يشترى ويعتق ويورث الباقي ان كان ، فتأمّل فيه.

ثم اعلم ان الشيخ رحمه الله ذكر ـ بعد نقض هذه الروايات في الكتابين ـ اخبارا تدلّ على عدم التوارث بين المملوك والحرّ ، مثل ما تقدم في صحيحة محمّد بن مسلم في الكافي ولكنها غير صحيحة فيهما : (لا يتوارث الحرّ والمملوك) (٤) وما كان نحوه ، مثل ما في روايتي محمّد بن حمران وحملها على عدم التوارث من الجانبين

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٩ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٧.

(٣) الوسائل باب ٥٣ حديث ١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٦٧.

وسندها كما في الكافي باب ٤٣ انه لا يتوارث الحرّ والعبد هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد ، عن على بن الحكم عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، وفي التهذيب باب الحرّ إن مات وترك وارثا مملوكا ، وفي الاستبصار ج ٤ ص ٧٧ باب من خلف وارثا مملوكا إلخ هكذا : الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن عبد الله وجعفر ومحمّد بن عبّاس ، عن علاء عن محمّد بن مسلم.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ ـ ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٠.

٤٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بمعنى ارث كلّ من الآخر ، وحمل في الاستبصار (١) صحيحة سليمان الأخيرة على كون ذلك تبرعا عنه عليه السّلام الّا ان الحكم ذلك ، وانه واجب ، لانه قد بيّن ان الزوجة إذا كانت حرّة لا ردّ لها.

ويمكن حملها على اشترائها من حصّتها وتوريث باقيها ولهذا قال : (ورّثها) ولم يقل : (يدفع إليها الباقي) وحمل فيهما على عدم ارث المملوك مع وجود الحرّ.

وبالجملة ، اشتراء الزوجتين وإعتاقهما ينبغي ان يكون مع القول بالردّ ، أو من حصّتهما ، ففي مختار المتن من إعتاق غير الآباء والأولاد حتّى الزوج والزوجة مطلقا.

تأمّل ما يدل على ان العبد لا يرث.

مثل رواية فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : العبد لا يرث ، والطليق لا يرث (٢) هي غير صحيحة فيهما (٣) ، ولكنّها صحيحة في الفقيه ، عن علي بن رئاب بتغيير مّا قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : العبد لا يرث ، والطليق لا يورّث (٤)

__________________

(١) قال ـ بعد نقلها ـ : ما لفظه فالوجه في هذا الخبر أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يفعل على طريق التطوع ، لأنا قد بيّنا ان الزوجة إذا كانت حرّة ولم يكن هناك وارث لم يكن لها أكثر من الربع والباقي يكون للإمام وإذا كان المستحق للمال أمير المؤمنين عليه السّلام جاز ان يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها بقيّة المال تبرعا وندبا دون ان يكون فعل ذلك واجبا لازما (انتهى) ج ٤ ص ١٧٩.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٩٩.

(٣) فان سندها في الكتابين في البابين المشار إليهما هكذا : الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ، عن الحسن بن حذيفة ، عن جميل ، عن فضيل بن يسار.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٧ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٠ وسندها كما في باب ميراث المماليك حديث ٧ من كتاب الفرائض هكذا : وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب وفيه : العبد لا يورّث إلخ وطريق الصدق كما يظهر من المشيخة الى الحسن بن محبوب صحيح فلاحظ ج ١٤ روضة المتقين ص ٩٧ طبع قم.

٤٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه يحتمل ان يراد منها عدم الإرث منه وأيّده ببعض الأخبار المتقدمة الدالة على عدم إرثه مع وجود الحرّ كل ذلك للجمع بينهما وبين الاخبار الدالة على الشراء والعتق والتوريث.

وهذا مؤيّد لما قلنا من أن ظاهر الأدلة أن المملوك يرث ، والّا ما كان يحتاج الى هذا الحمل والتأويل ، بأن يقال : ان المملوك ما ورث ، بل اشترى ثم أعتق بدليل شرعي من مال الميّت من دون الإرث ثم ورث منه وحينئذ صار حرا فالحرّ وارث الحرّ.

ويمكن ان يقال : المراد بالإرث المثبت في العمومات واخبار العتق استحقاق المال بأن يصرف في مصالحه ، وان لم يكن هو المتصرّف ، بل وليّه ، وهو الإمام أو نائبه لا انه يتملّك ملكا بالفعل ، وبالإرث المنفيّ في خصوص الأخبار الملك بالفعل.

فروع

(الأول) المباشر للشراء هو الإمام أو من ينوبه ، على ما يظهر من كلامهم ، من انه الناظر العامّ أو القائم مقامه عليه السّلام ، وللعتق أيضا ان قيل بالاحتياج إلى الإعتاق ولم يحصل بمجرد الشراء كما يدل عليه ما في بعض الروايات المتقدمة : (فيشترى فيعتق) (١) (ثم يعتق) (٢) والعبارات مثل المتن : (وأعتق) (٣).

(الثاني) لو تعذر الحاكم يمكن جواز ارتكاب احد من المؤمنين ذلك وينبغي العدل ، ويستأذن العدول إن أمكن ، والّا يفعله كلّ من يقدر.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ١ ـ ٢ ـ ٤ ـ ١٠ ـ ١١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ ـ ٧ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ١٢ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

٤٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل كون ارتكاب من بيده المال أولى.

(الثالث) الظاهر وجوب الشراء والعتق كفاية صرّح به في شرح الشرائع بأنه وجوب كفائي فتأمّل.

يحتمل كفاية المعاطاة كما في غيره ، والأولى إيقاع العقد الحقيقي كما في غيره.

(الرابع) يحتمل كفاية الشراء عن الإعتاق وحصوله بمجرد الشراء أو مع تسليم الثمن كما في تقويم حصّة الشريك على المعتق.

ويدلّ عليه ما في حسنة عبد الله بن سنان : (تشترى امّه وتعتق من ماله ثم تدفع إليها بقيّة المال) (١) ومرسلتي ابن بكير (٢) ، فإنها ظاهرة في الإعتاق بمجرد الشراء ويمكن حمل الباقية عليه بأن المراد ب (ينعتق) (فينعتق) أو أنه إذا أوقع الشراء المستلزم للعتق يصدق عليه انه اشتراه وأعتقه.

وهذا يحتمل في العبارات كالروايات ولكنه لا يخلو عن بعد لوجود (ثمّ) في بعضها والأحوط إيقاع صيغة العتق كالشراء.

(الخامس) وجوب البيع على المالك ، فلو لم يفعل يبيع عليه الحاكم ومن يقوم مقامه.

ويدل عليه بعض ما تقدم ، مثل رواية عبد الله بن طلحة (٣).

(السادس) يحتمل عدم وجوب بل عدم جواز إعطاء أكثر من قيمته ، وقهره عليه وان كان راضيا ببيعه بأكثر منه ، لأنها المتبادر من الرواية الدالة على الشراء فإنها تنصرف إلى السوقيّة ولا بعد في ذلك ، فإنه يقهر على أصل البيع ، مع انه مخالف للقانون العقلي والنقلي في الجملة للدليل وكذا التقويم بالقيمة.

ويؤيّده ما في رواية عبد الله بن طلحة المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السّلام ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ ـ ٩ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٤.

(٣) لاحظ الوسائل باب ٢٠ حديث ١ ـ ٥ ـ ٧ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٥.

٤٩٧

فان قصر المال لم يجب الشراء وكان المال للإمام.

______________________________________________________

قلت : أرأيت ان أبى أهل الجارية كيف يصنع؟ قال : ليس لهم ذلك يقوّمان قيمة عدل ثم يعطى مالهم على قدر القيمة (١).

قد مرّ ما في هذه الرواية متنا وسندا ، على انه لم تدل على القيمة السوقيّة على تقدير رضاه أيضا بالبيع ، والروايات الأول أيضا غير صريحة في الوجوب ، والأمر بالبيع والشراء لا يدل على ذلك صريحا كما في الاحتكار فان المحتكر يؤمر بالبيع ويقهر على ذلك ، ولكن لا يقوّم عليه ، بل هو يقوّم بمهما أراد الّا ان يجحف.

وتؤيده القواعد العقليّة والنقليّة ، والظاهر انه أحوط بالنسبة الى حال العبد ولا شك ان الاكتفاء بالقيمة السوقيّة أحوط بالنسبة إلى المالك ، وان الاخبار المتقدمة ظاهرة في القيمة السوقيّة خصوصا ما في صحيحة وهب بن عبد ربه (اشترى منه بالقيمة) فتأمّل.

(السابع) لا فرق في ذلك كلّه بين القن المحض وغيره مثل أمّ الولد والمدبّر والمكاتب المشروط والمطلق الّا ان عتق منه شي‌ء فورث الحرّ حصّته من التركة فيمكن ان يعتق به ان وفى ، والّا كمّل من حصّته المملوكة وأعتق كما في كلّه إذا لم ينعتق منه شي‌ء فتأمّل.

قوله : «فان (وان خ) قصر المال إلخ» لو قصر المال عن ثمن الرقيق الواحد الوارث لو كان حرّا لم يشتر ولم يعتق منه البعض لان الشراء والعتق مخالف للقوانين والأصل ، فيحتاج الى الدليل ولا دليل إلّا في الكلّ ، فلا بدّ من الاقتصار على محلّ الدليل وهو المشهور ومقتضى الدليل.

ونقل في المختلف وغيره القول عن البعض من غير تعيينه بشراء ما يفي به وعتقه وسعيه في ثمن الباقي حتى يعتق كله ثم قال فيه : ليس بعيدا من الصواب ، لان عتق الجزء يشارك عتق الجميع في الأمور المطلوبة شرعا فيساويه في الحكم.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٥.

٤٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده : (ولا يسقط الميسور بالمعسور) (١) وقوله (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم) (٢) وان الأمر بشراء الجزء وعتقه موجود في ضمن الكلّ ، وليس بمعلوم اشتراط ذلك وتوقفه على البعض الآخر ، والّا دار.

وأنت تعلم أنّ دليل عدم شراء البعض مع قصر المال جار فيما إذا يفي بثمنه ولم يبق شي‌ء أصلا ، إذ مورد النصّ والإجماع ما كان مع الوفاء وبقاء مال ، والفرق بينهما ظاهر.

وان هذا القول مخالف للقوانين ، فإثباته بمجرّد هذه الأمور لا يخلو عن إشكال فإن القياس ما نقول به.

على انه مع الفارق ، إذ يلزم هنا تشطير المملوك وعدم وصول كلّ ثمنه الى المالك وهو ضرر لم يكن في الأوّل وإيجاب إعتاق البعض بالسعي ووجوب قبول ذلك على المالك تكليف ومخالف للقواعد والأصل.

وان هنا ما يبقى مال وكان في الأصل يبقى مال فقد يكون له دخل في ذلك فعلم ان فيه مخالفة القواعد أكثر.

وليس بمعلوم صدق : (لا يسقط الميسور بالمعسور) فإنّ المراد على الظاهر انه إذا كان أشياء مأمورا بها وتعسر بعضها وسقط لم يسقط الباقي ، وكذا الكلام على قوله : (إذا أمرتكم) مع عدم ظهور سنده ، والأمر بالجزء انما هو في ضمن الكلّ ، وهو لا يستلزم الأمر بالجزء منفردا وهو ظاهر.

ولا يلزم منه القول بالاشتراط والتوقف حتى يلزم الدور ، بل ان ما هو المأمور الكلّ ، والجزء في ضمنه.

وإذا لم يجب الشراء يكون المال للإمام عليه السّلام ، لما تقدم من ان المال

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ٤ ص ٥٨ طبع مطبعة سيد الشهداء ـ قم.

(٢) عوالي اللئالي ج ٤ ص ٥٨ رقم ٢١٦ مطبعة سيد الشهداء ـ قم وفيه : إذا أمرتم إلخ.

٤٩٩

وكذا لو كانا اثنين وقصر عنهما لم يجب شراء أحدهما وان فضل عنه.

ولو قصر نصيب أحدهم (هما ـ خ) اشترى الآخر وأعتق وأخذ (يأخذ ـ خ) المال.

ولو تحرّر بعضه ورث من نصيبه بقدر حرّيته ومنع (من) الباقي وكذا يورث منه.

______________________________________________________

الذي لا وارث له له عليه السّلام.

قوله : «وكذا لو كانا اثنين إلخ» والبحث فيه بعينه مثل سابقه الّا ان هنا يحتمل تعيين شراء أحدهما وعتقه بالقرعة على القول بعدم الشراء والعتق إذا لم يف حصته بثمنه وكذا الحكم لو كانوا أكثر من الاثنين.

قوله : «ولو قصر نصيب أحدهم إلخ» دليله واضح ممّا ذكر ، والفرق بينه وبين ما إذا لم يف حصّة كلّ واحد بثمنه ظاهر ، كعدم الفرق بينه وبين من يكفي حصّته بثمنه وبقي شي‌ء من التركة ولم يكن معه من لا يفي حصّته به وعدمه فالفرق بينهما وبين الأوّلين كما هو ظاهر الشرائع واختاره المحقق الثاني غير ظاهر.

قوله : «ولو تحرر بعضه ورث إلخ» دليله عموم أدلة الإرث وأدلة منع المملوك عن الإرث وخصوص صحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : المكاتب يرث ويورّث على قدر ما ادى (١).

وما في حسنة محمّد بن قيس في مكاتب ، عن أبي جعفر عليه السّلام فقضى انه يرث بحساب ما أعتق منه (٢).

وصحيحته عنه عليه السّلام في مكاتب توفّي وله مال ، قال : يحسب ميراثه

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٣.

(٢) الوسائل باب ١٩ ذيل حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٤٠٢.

٥٠٠