مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده أيضا ما في الفقيه ـ بعد خبر معاوية ـ : وقد روى في خبر آخر : ان لم تجد له وارثا وعرف الله عزّ وجلّ منك الجهد فتصدّق بها (١).

ويؤيّده أيضا خبر فيض (نصر ـ ئل) بن حبيب صاحب الخان قال : كتبت الى عبد صالح عليه السّلام : لقد وقعت عندي مائتا درهم وأربعة دراهم وأنا صاحب فندق ومات صاحبها ولم اعرف له ورثة فرأيك في إعلامي حالها وما اصنع بها؟ فقد ضقت بها ذرعا ، فكتب : اعمل فيها وأخرجها صدقة قليلا قليلا حتى يخرج (٢).

الظاهر ان المراد صرفه على قدر حاجة المحتاجين قليلا قليلا حتى يفنى ، لاحتمال حصول المال (المالك ـ خ) وان كان قال الشيخ في الاستبصار : والوجه في هذا الخبر أحد الشيئين ، أحدهما : أن يتصدق به ويكون ضامنا لصاحبه إذا جاء مثل اللقطة ، والثاني : انه إذا كان مال من لا وارث له فهو من الأنفال ويستحقه الامام عليه السّلام ثم يأمر به ما يريد.

وحمل الشيخ في الاستبصار قوله : (كسبيل مالك) على انه انما يكون كسبيل ماله إذا ضمن المال ولزمه الوصيّة به عند حضور الموت ، فتأمّل.

وان في رواية الهيثم دلالة على إبقاء مال الذي لا يعلم وارثه ، وقد مرّ ان مال من لا وارث له للإمام عليه السّلام ، فيمكن حملها على انه ماله ورأى المصلحة في تركه أو على العلم بوجود الوارث وعدم تعيّنه ، وتحمل ـ على عدم العلم بوارث أو العلم بعدمه ـ رواية محمّد بن القاسم بن الفضيل بن يسار ، عن أبي الحسن عليه السّلام في رجل كان (صار ـ خ ل) في يده مال لرجل ميّت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال؟ قال : ما أعرّفك لمن هو؟ يعني نفسه (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١١ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٥.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٣.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١٢ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٥.

٥٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

وانه يدل بعض الروايات ـ وهو مذهب البعض ـ على تقسيم حصّة المفقود على الورثة الملإ بمقدار مال المفقود ، مثل ما رواه إسحاق بن عمّار ـ في الصحيح ـ قال : سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده ولم يدر اين هو؟ ومات الرجل فيكفي يصنع بميراث (بما يرث) الغائب من أبيه؟ قال : يعزل حتى يجي‌ء ، قلت : فقد الرجل ، فلم يجي‌ء؟ فقال : ان كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم ، فإذا هو جاء ردّوه عليه. ومثلها اخرى ، عنه ، عن أبي إبراهيم عليه السّلام (١) لكن في الطريق سهل بن زياد (٢) الضعيف.

واخرى في الصحيح عنه أيضا ، قال : سألته عن رجل مات وترك ولدا وكان بعضهم غائبا لا يدري اين هو؟ قال : يقسم ميراثه ويعزل للغائب نصيبه ، قلت : فعليه الزكاة؟ قال : لا حتى يقدم فيقضيه ويحول عليه الحول ، قلت : فان كان لا يدري اين هو؟ قال : ان كان الورثة ملاء اقتسموا ميراثه فان جاء ردّوه عليه (٣).

وهذه تدل على عدم الزكاة الّا مع القبض وحول الحول بعده ، لعل القدرة عليه مع عدم المانع ويد الوكيل كافية ، فتأمّل.

وكلّها تدل على جواز القسمة ، ويحتمل الوجوب ان طلب باقي الورثة ولا يوقف الى ان يحضر الغائب من الورثة ، ويمكن توقف ذلك باذن الحاكم ، ومع عدم إمكانه أو تعسّره كفاية قسمة العدول.

والروايات خالية عن الجميع كما ترى ، والاحتياط ظاهر ، ودلالتها على المطلوب ظاهرة والسند أيضا جيّد الّا ان في إسحاق قولا ، هذا قول الشرائع بعينه.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٦ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٤.

(٢) فان سنده كما في الكافي هكذا : أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، ثم قال : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حماد ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم صلوات الله عليه مثله.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٨ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٥.

٥٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أظن معناه كونه فطحيّا باقيا عليها ، لكنه غير متيقن ، إذ قال الكشي (١) انه قال بها عامة مشايخ العصابة وما كان لهم للفطحيّة مستند إلّا أمر بعيد ، وقد عرفوا كونهم على الباطل ، فرجع أكثرهم ، وما كانوا عليها الّا زمانا قليلا ، فيبعد بقاء مثل هذا الشخص العالم بعد ذلك عليها.

ويفهم من كتاب الشيخ انه ثقة ، وكتابه معتمد ، وكذا قال النجاشي ، بل زاد عليها.

فلا يرد ما أورد شارح الشرائع على قول الشرائع : (وفي (٢) إسحاق قول وفي طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف) : بان (٣) فطحيته مجمع عليه ، والرد (٤) لفساد المذهب مع التوثيق أو مطلقا مختلف فيه ، فلا معنى لقوله (٥) : وفيه قولا) دون

__________________

(١) الأولى نقل عبارة الكشي بتمامها بعينها قال :

الفطحيّة هم القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر بن محمَّد ، وسمّوا بذلك لانه قيل : انه كان افطح الرأس ، وقال بعضهم : كان افطح الرجلين ، وقال بعضهم : انهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له : عبد الله بن فطيح ، والذين قالوا بإمامته عامة مشايخ العصابة وفقهاؤها مالوا الى هذه المقالة فدخلت عليهم الشبهة لما روي عنهم عليهم السّلام انهم قالوا : الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضى ، ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنه بمسائل من الحلال والحرام لم يكن عندهم فيها جواب ، ولما ظهر منه من الأشياء التي لا ينبغي ان يظهر من الامام ، ثم ان عبد الله مات بعد أبيه بسبعين يوما فرجع الباقون الّا شذاذا منهم عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى عليه السّلام ، ورجعوا الى الخبر الذي روي ان الإمامة لا تكون في الأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السّلام ، وبقي شذاذ منهم على القول بإمامته ، وبعد ان مات قال بإمامة أبي الحسن موسى عليه السّلام ، وروي عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال لموسى : يا بنيّ ان أخاك سيجلس ويدّعي الإمامة بعدي فلا تنازعه بكلمة ، فإنه أول أهلي لحوقا بي «انتهى» رجال الكشي ص ١٦٤ (في عمار بن موسى الساباطي) طبع بمبئي.

(٢) مقول قول الشرائع.

(٣) بيان لإيراد شارح الشرائع.

(٤) هذا كلام الشارح قدّس سرّه لا تتمة لكلام شارح الشرائع فلا تغفل.

(٥) يعني قول صاحب الشرائع.

٥٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

غيره (١).

ولكن بقي في قوله : (وفي طريقها سهل بن زياد) انك قد عرفت انه في طريق واحد.

وانه يدل على التربص اربع سنين ، ما رواه إسحاق بن عمار ـ كأنه في الصحيح ـ قال : قال لي أبو الحسن عليه السّلام : المفقود يتربّص بماله اربع سنين ثم يقسم (٢).

كأنه مذهب الصدوق وغيره ، قال في الفقيه ـ بعد هذه الرواية ـ : قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : يعنى بعد ان لا تعرف حياته عن موته ولا يعلم في أيّ أرض هو؟ وبعد ان يطلب من أربعة جوانب اربع سنين ولا يعرف له خبر حياة ولا موت فحينئذ تعتدّ امرأته عدّة المتوفى عنها زوجها ويقسم ماله بين الورثة على سهام الله عزّ وجلّ في الفريضة.

والظاهر ان مراد الجماعة القائلين بالصبر اربع سنين هذا وهذا ممّا لا ينبغي ان ينازع فيه عند الأصحاب حيث قالوا : حينئذ يأمرها بعدّة الوفاة وتزويجها ، وهو ظاهر.

ويفهم من السيد الإجماع على ذلك في المختلف ، وقال فيه ـ بعد اختيار المشهور ونقل كلام الصدوق ـ : وهذا القول لا بأس به مع طلبه في البلاد كما في الاعتداد.

ويؤيد ذلك أيضا رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : المفقود يحبس ماله عن (على ـ ئل) الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فان لم يقدر عليه قسّم ماله بين الورثة ، فإن كان له ولد حبس المال

__________________

(١) لا يختص التوقف في إسحاق بل هو في مطلق من كان مذهبه فاسدا.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٣.

٥٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأنفق على ولده تلك الأربع سنين (١).

والعجب ان في شرح الشرائع ما ذكر إلّا هذه الرواية وضعفها بهما (٢).

على انها غير صريحة في المطلوب ، وفي متنها أيضا شي‌ء.

ومذهب البعض انه يقسم ماله على ورثته بعد عشر سنين لرواية علي بن مهزيار ، قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السّلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن بالبحر (في البحر ـ خ ئل) وماتت المرأة فادّعت ابنتها ان أمّها كانت صيّرت هذه الدار لها ، وباعت أشقاصا منها وبقيت في الدار قطعة الى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره ان يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف ان لا يحل (له ـ خ) شراؤها وليس يعرف للابن خبر؟ فقال لي : ومنذ كم غاب؟ فقلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر غيبته عشر سنين ثم يشترى ، فقلت له : إذا انتظر بها غيبة عشر سنين يحلّ شراؤها؟ قال : نعم (٣).

وفي دلالتها عليه تأمّل ، إذ الحكم ببيع حصّة من داره ـ بعد صبر عشر سنين ـ لا يدل على الحكم بموته ، والتصرف في سائر أمواله وتقسيم إرثه ، وهو ظاهر.

على ان تلك الحصّة كان لها مدّع من غير منازع ، ولعله كان يجوز له البيع بينه وبين الله في الحال ، ولهذا باع أشقاصا منها وقيل له عليه السّلام وما أنكر ذلك ، والصبر انما يكون للاحتياط ولم يجب على الحاكم منعه أيضا لحمل أفعال وأقوال المسلمين على الصحّة ، ولهذا يجوز بيع ما قال البائع : ان هذا كان لفلان اشتريته منه أو وهبه لي وغيره ممّا علم انه ما كان له باليقين ويكون للحاكم تجويز بيع مال الغائب والصبر في هذه المدّة كان لمصلحة الغائب.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٩ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٥.

(٢) قال في المسالك : ضعفها بعثمان بن عيسى وسماعة فإنهما واقفيّان.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٧ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٤.

٥٤٥

والحمل يرث بشرط انفصاله حيّا وان كان بجناية ان علم استناد حركته إلى الحياة ولا يشترط حياته عند موت المورث.

ولو سقط ميّتا أو نصفه حيّا ونصفه ميّتا قدّر معدوما.

______________________________________________________

فيحتمل ان يكون الاذن في البيع له ويحفظ حصته من الثمن وان كان خلاف الظاهر حيث سكت وما أشار عليه السّلام إليه.

والظاهر انها صحيحة في التهذيب ، لانه نقلها عنه بغير واسطة وطريقه اليه صحيح (١) وان كانت في الكافي ضعيفة لسهل بن زياد.

قال في شرح الشرائع : وفي طريق الرواية سهل بن زياد ، وهو ضعيف.

كأنه ما رآها إلّا في الكافي أو يكون سهل ساقطا في التهذيب عندنا أو عرف أنّ الطريق هنا بعينها طريق الكافي.

قوله : «والحمل يرث بشرط انفصاله إلخ» يعني إذا مات شخص وخلّف امرأته حاملا مثلا يرث ما في بطنها وينتقل بعض التركة إليه حال موت أبيه كسائر ورثته موجودين بالفعل.

ولكن ظهور صحّة الحكم ولزومه موقوف الى ان يخرج من بطن امّه حيّا بحيث صدق عليه انه حيّ ، سواء كان حياته مستقرة بالمعنى الذي ذكروه أم لا ، وسواء كان ولد تاما أو ناقصا قبل إكمال زمان الحمل ، وسواء كان سقوطه بجناية أم لا ، وسواء صاح بعد الولادة أم لا ، وسواء علم حياته في بطن امّه حال موت أبيه أم لا ، بل يكفي في الإرث كون مادته في البطن حين موت أبيه.

فلو جامع فمات بعده بلا فصل ثم جاء الولد لأقلّ مدّة الحمل وقبل مضيّ أقصاه بحيث يحكم بكونه ملحقا به يرث من أبيه في كل هذه الصور ، على ما يظهر

__________________

(١) طريق الشيخ رحمه الله الى علي بن مهزيار كما في مشيخة التهذيب هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن علي بن مهزيار فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، والحميري ومحمّد بن يحيى واحمد بن إدريس كلهم ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار.

٥٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

من كلامهم.

نعم إذا ولد ميّتا أو خرج بعضه ـ ولو كان أكثره ـ من بطن امّه وهو حيّ ثم خرج الباقي وهو ميّت حكمه حكم الميّت فلا يرث ، فهو بمنزلة العدم في الحالتين ، على ما يظهر من كلامهم.

لعلّ دليلهم على ذلك كلّه الإجماع.

ويدل على عدم الإرث في موضعه ، الأصل وعدم صدق أدلّة الإرث ، فإنه مشروط بالحياة ، فلو لم تكن الأدلة على ارث الحمل كان مقتضى ذلك عدم توريثه فتأمّل.

والاخبار مثل صحيحة ربعيّ بن عبد الله ـ الثقة ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول في المنفوس إذا تحرك ورث انه ربما كان أخرس (١).

المنفوس هو المولود ، ويظهر منه ان الحمل يرث لان الظاهر ان المراد وان مات في الحال فحينئذ ما كان وقت موت أبيه إلّا حملا فتأمّل.

وانه لا يشترط الحياة المستقرّة ، ولا الحياة والوجود حال موت الأب وكذا شموله جميع الاقسام المشار إليها في أول المسألة فتأمّل.

وحسنته أيضا قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في السقط إذا سقط من بطن امه فتحرّك تحركا بيّنا يرث ويورث فإنه ربما كان أخرس (٢). ومثلها ضعيفة أبي بصير الحسن بن سماعة وغيره (٣).

وهذه أصرح من الاولى في شمولها لبعض الأقسام.

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٦.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٧.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٧ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٧.

٥٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لعلّ المراد بالتحرك البيّن هو التحرك الدال على الحياة في الجملة احترازا عن بعض الحركات التي ليست كذلك ، مثل التقلّص والقبض والبسط طبعا لا اختيارا فان ذلك قد يحصل في اللحوم.

وصحيحة الفضيل ـ كأنه ابن يسار ـ قال : سأل الحكم بن عتيبة أبا جعفر عليه السّلام عن الصبي يسقط من امّه غير مستهلّ أيورث؟ فاعرض عنه ، فأعاد عليه ، فقال : إذا تحرك تحرّكا بيّنا ورث (ويورث ـ خ ل ئل) فإنه ربما كان أخرس (١).

هذه أصرح في عدم اشتراط وجود الصوت.

فالذي في ضعيفة عبد الله بن سنان ـ لحسن بن سماعة وغيره ـ وفي مرسلة ابن عون المجهول ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السّلام : ان المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يصيح ـ في الاولى ـ (٢) و (يستهلّ) ـ في الثانية ـ ويسمع صوته (٣) لا ينظر إليه.

ويمكن حمله على الكناية عن الحياة وعلامته من الصوت وغيره ، منها الحركة لما تقدم.

وحمله الشيخ على ان يصيح أو يتحرك ، أو التقيّة.

وتدل على توريث الحمل صريحا صحيحة عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض فشهدت المرأة التي قبّلتها انه استهلّ وصاح حين وقع إلى الأرض ثم مات بعد ذلك؟ قال : على الامام ان يجيز شهادتها

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٨ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٨.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٦٥٨.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٦٥٨ وقوله قدّس سرّه : لا ينظر إليه خبر لقوله : فالذي.

٥٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

في ربع ميراث الغلام (١).

وهذه تدلّ على قبول سماع شهادة أربع نساء في الاستهلال وتوريث المستهلّ تمام إرثه وامرأة واحدة في ربع الإرث.

وكأنه مخصوص بهذه الصورة ، فإن قبول بعض الشهود في بعض المدّعي غير مطابق للقواعد وما نذكره إلّا في هذه والوصيّة.

وان القبول واجب.

وان الظاهر لا خصوصيّة له بالإمام ، بل يكون ذلك على الحاكم مطلقا.

مع احتمال الاختصاص ، فإنه مخالف للقواعد.

فيحتمل قصره على محلّ النص.

ويؤيّده أن نظر غيره ليس مثل نظر الامام عليه السّلام فتأمّل.

وفيها إشعار بأنه لا يقبل بدون الإمام أو الحاكم ، مع احتمال العدم مع العدم ، فيؤخذ له ربع حصّته من الورثة ويوضع في يد أمين حتى يظهر حاله.

وانه يحتمل سماع امرأتين في النصف في الثلث في ثلاثة أرباع الإرث.

ويؤيّده عدم معقوليّة الفرق ، بل تحصل الظن حينئذ أكثر.

وصحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهلّ وصاح في الميراث ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فان كانتا امرأتين؟ قال : تجوز شهادتهما في النصف من الميراث (٢).

وفيها دلالة على عدم اختصاص الحكم بشهادة القابلة ، بل تكفي مطلق المرأة.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٦ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٩.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٥ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٨.

٥٤٩

ويأخذ الموجودون بأضرّ الأحوال ، فيقدّر الحمل ذكرين ، فيأخذ الأبوان السدسين ، والبنت الخمس ، فان سقط ميّتا أكمل لهم.

______________________________________________________

ويحتمل اعتبار العدالة ، وتركت لظهور اعتبارها في مطلق الشهادة.

ويحتمل العدم لظاهر اللفظ واختصاص موضعها بخلاف القواعد ويكون عدم اعتبارها أيضا منه فتأمّل.

قوله : «ويأخذ الموجودون بأضرّ الأحوال إلخ» إشارة إلى كيفيّة قسمة التركة على الموجودين والحمل ، فلو لم يكن غيره ممن يصلح للإرث غير الإمام ، أو يكون ولكن يكون هو مقدما فالكل يبقى له ، فان ولد حيّا فهو له ، وان مات بعده فهو لورثته ، والّا فهو للمتأخر عنه ، اماما كان أو غيره.

وان كان معه من يرث مثل الزوجة والأبوين ، فان لم يتفاوت الحال بوجوده وعدمه بالنسبة إليه ، مثل أن وجد ولد آخر ، فان لها الثمن ، وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، سواء كان هناك حمل أم لا ، وان يتفاوت به فيؤخذ بأضرّ الأحوال ، فيعطى أقل ما يمكن له بان يفرض الحمل ذكرين ، إذ لا يمكن أكثر من ذلك غالبا ، وان حكي انه يوجد أكثر من ذلك أيضا.

فإن كان ذلك الولد بنتا تعطى خمس الباقي ، وان كان ابنا يعطى ثلثه.

ثم ان ولد على ما فرض فالقسمة ماضية ، وان خرج ميّتا يقسم الحصّة الموقوفة كأصل التركة ، وان خرج حيّا على خلاف ذلك الفرض ينقسم الزائد مثلها ، والكل ظاهر الحمد لله.

ويفهم من هذا وغيره ان لا يوقف التقسيم لغيبة بعض الورثة وعدم إمكان تصرفه ، بل يقسم (تقسم ـ خ ل) وتعزل حصّته.

وذلك مع الولي والوصي والحاكم ظاهر ، فإنه يرتكب ذلك ويحفظ الحصّة ومع التعذر لا يبعد ارتكاب ذلك لبعض الثقات.

ويدل عليه بعض الأخبار ، مثل مضمرة سماعة ، قال : سألته عن رجل

٥٥٠

ودية الجنين لأبويه ومن يتقرب بهما أو بالأب نسبا وسببا.

ومن مات وعليه دين مستوعب فلا ميراث ، وان لم يكن مستوعبا فالفاضل للوارث.

______________________________________________________

مات وله بنون وبنات صغار من غير وصيّة ، وله خدم ومماليك وعقد ، كيف يصنعون الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال : ان قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كلّه فلا بأس (١).

وكان الإضمار ، وزرعة ، وسماعة (٢) لا يضر للزوم الحرج المنفيّ عقلا ونقلا وما تقدم في الوصيّة ، مثل صحيحة محمّد بن إسماعيل (٣) الدالّة على جواز بيع مال الأيتام له ولمثله حتى الجواري إذا لم يكن للميّت وصيّ ، فتذكر.

قوله : «ودية الجنين لأبويه إلخ» يدلّ على كون دية الجنين للأبوين ومع عدمهما للمتقرّب بهما أو به فقط دون المتقرّب بالأم انها دية ، وقد مرّ الدليل على انهم يرثونها ولا يرثها المتقرّب بالأم الّا ان في الدليل ما كان الا عدم إرث الاخوة من الأم ، فكأنه علم عدم ارث الغير بعدم الفرق والقائل ، بل بالطريق الأولى.

ويشمل الدليل جميع الورثة إلّا الاخوة من الام فيدخل جميع من يتقرب بالأب إلّا أي من له ربط ونسبة الى المقتول بالأب حتى المعتق والامام أيضا.

وفي قوله : (وسببا) مسامحة ، والأمر في ذلك هيّن بعد وجود الدليل على الحكم ووضوح المسألة ولكن الأدلة ما كانت صريحة ، بل كانت ظاهرة فتذكرها وتأملها.

ولعل ذكر دية الجنين بخصوصها مع انه فهم من قبل من يرثها مطلقا ، لخلاف فيها أو شبهه ولو من العامّة ، فتأمّل.

قوله : «ومن مات وعليه دين إلخ» قد مرّ البحث في هذه المسألة ، وهي

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب موجبات الإرث حديث ١ ج ١٧ ص ٤٢٠.

(٢) وسنده كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة.

(٣) راجع الوسائل باب ٤٧ من كتاب الوصيّة ج ١٣ ص ٤٣٦.

٥٥١

تتمة في الحجب

كل أقرب يمنع الأبعد ، فلا يرث ولد ولد مع ولد الصلب إلّا المسألة الإجماعيّة. والمتقرّب بالأبوين يمنع المتقرّب بالأب مع تساوي الدرجة.

والإخوة يحجب الام عما زاد عن السدس بشروط خمسة :

______________________________________________________

مشكلة جدا وقد ذكرت في القواعد في الحجر والوصيّة والميراث في كلّ موضع بخلاف الآخر ، وان حكم الوصية حكم الدين في ذلك ، وان ظاهر الآية عدم الإرث حتى يخرج الدين والوصيّة بالفعل.

ويدل عليه بعض الأخبار أيضا وقد مرّت (١).

وما في صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في دية المقتول أنّه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين (٢) ، الخبر فتأمّل.

قوله : «كلّ أقرب يمنع الأبعد إلخ» قد مرّ تفصيل ذلك مع دليله ، فتذكر ، وكذا المسألة الإجماعيّة ، وهي أولويّة ابن عم للأبوين من العم للأب ، أي أخ الأب من أبيه ، وقد مرّت مفصّلة أيضا مع دليلها ، وكذا ما بعدها.

قوله : «والاخوة يحجب الام عما زاد إلخ» دليل حجب الإخوة الأمّ عن الثلث الى السدس الكتاب ، قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (٣).

والسنّة ، وستجي‌ء ، والإجماع ، وهو منقول ، عن المسلمين ، فلا كلام في

__________________

(١) تقدمت آنفا.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٩٣.

(٣) النساء : ١١.

٥٥٢

وجود الأب.

وان يكونا رجلين أو رجلا وامرأتين أو أربع نساء أو أربع خناثى.

______________________________________________________

الحجب في الجملة.

وانما البحث في الشرائط الخمسة : (الأول) وجود الأب ، هذا الشرط هو المشهور بين الأصحاب.

ودليله ظاهر الآية ، فإنها ظاهرة في ان الحجب مع وجود الأب ، فإنه بعد الحكم لها بالثلث مع وجوده ، قال : (وان كان إلخ) أثبت لها السدس والحجب عن الثلث إليه ، وهو ظاهر.

وخبر بكير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : الام لا تنقص من الثلث ابدا الّا مع الولد والاخوة إذا كان الأب حيّا (١).

ولا يضرّ ضعف السند بالقطع (٢) الى علي بن الحسن بن فضال ، وخزيمة (٣). بن يقطين المجهول ، ويؤيّده التعليل بأنه لكثرة عيال الأب.

ونقل عن بعض الأصحاب عدمه ، واستدل له بعموم آية الحجب.

وقد عرفت انها دليل عليه ، لا له ، فتأمّل.

ويمكن ان يحتج بعموم بعض الاخبار.

وجوابه تخصيصها وتقييدها ـ بعد تسليم دلالتها وسندها ـ لغيرها (بغيرها ـ ظ) فتأمّل.

(والثاني) كونهما ذكرين أو ذكرا وأنثيين أو أربع نسوة ، هذا الشرط مخالف

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٥٨.

(٢) الظاهر ان مراده بالقطع عدم اتصال سند الشيخ الى ابن فضال لكنه ليس كذلك فإنه ذكر في مشيخة التهذيب ما لفظه : وما ذكرته في هذه الكتاب عن علي بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا منه واجازة ، عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال :

(٣) واما خزيمة فإن سند الشيخ كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن خزيمة بن يقطين ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن بكير.

٥٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لظاهر آية الحجب ، فإنها بظاهرها انما تدل على حجب الاخوة ، وهي جمع (الأخ) واقله ثلاثة على ما ثبت في الأصول والعربيّة.

فدليله ، الإجماع المنقول في الجملة والاخبار ، مع ان الآية لا تنافي حجب غيرهم صريحا ، نعم لا تدل على غير ذلك فيمكن إثباته بالإجماع والاخبار.

وهي ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا تحجب الام عن الثلث إذا لم يكن ولد إلّا أخوان أو أربع أخوات (١).

وحسنة أبي العباس ـ وهو فضل بن عبد الملك البقباق ـ الثقة عندهم ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا ترك الميّت أخوين فهم (٢) (اخوة) مع الميّت ، حجبا الام عن الثلث وان كان واحدا لم يحجب الامّ ، وقال : إذا كن أربع أخوات حجبن الام عن الثلث فإنهن بمنزلة الأخوين وان كن ثلاثا فلا (لم ـ خ ل) يحجبن (٣).

وفي رواية أخرى له ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن أبوين وأختين لأب وأم هل يحجبان الام عن الثلث؟ قال : لا ، قلت : وثلاث؟ قال : لا ، قلت : فأربع؟ قال : نعم (٤).

واخرى له عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يحجب الام عن الثلث إلّا أخوان أو أربع أخوات لأب وأم أو لأب (٥).

واما حجب الأخ والأختين فيمكن استفادته من هذه الاخبار ، خصوصا

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٧.

(٢) ليس المراد تصحيح صيغة الجمع كما يوهم ظاهره بل المعنى ان الاخوة الذين ذكر هم الله في الآية يشمل الاثنين أيضا (مرآة العقول).

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٦.

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٦.

(٥) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٦.

٥٥٤

وان لا يكونوا كفارا ولا عبيدا ولا قتلة.

______________________________________________________

الحسنة ، فإن فيها ان الأربع بمنزلة الأخوين ، فالثنتان بمنزلة أخ واحد فهما مع أخ واحد كالأخوين.

ويؤيده أيضا عدم القائل بالفرق على الظاهر.

وكذا أربع خناثى والخنثيين مع أخ ، وكان ينبغي ذكر هما أيضا لأنهما إما أخوين أو أختين ، وعلى تقدير عدمهما فليس بأضعف من الأختين فيجري حكمهما فيهما بالطريق الأولى أو بالمساواة.

فيمكن حمل الآية على الأخوين وما فوقهما والأخ والأختين أو أربع أخوات واربع خناثى مجازا أو تغليبا أو يخصّص الآية بالثلاثة ويستدل على الباقي بغيرها ممّا مرّ.

وبالجملة أكثر الآيات مجملة انما يبيّن المقصود منها بالسنّة ، مثل آية الصلوات فإنها ما دلّت على شروطها وأفعالها وأوقاتها مفصّلة ، وآية الزكاة ظاهرة في إخراج الزكاة والإنفاق من المال مطلقا ، وقد خصّصت ببعض الأموال وبالنصاب والحول وآية الحج في غاية الاجمال ، فبيّنت بما علم من الافعال والشرائط المذكورة في محلّها فليس ببعيد ما ذكره الأصحاب هنا من الشرائط وهو ظاهر فتأمّل.

واما عدمه بثلاث نسوة والثنتين فقط فلظاهر الآية والاخبار وقد مرّتا فتذكّر.

وكذا بثلاث خناثى واثنين فقط ، لان الحجب مشروط بما أثبتنا الحجب به ، وهما غيره وهو ظاهر.

وانما أثبتنا بالأربع منها وبأخ واحد والاثنتين منها لأنها لم تنقص عن الأنثى ، وهو أيضا ظاهر ، فاحتمال كون القرعة قويّا ضعيف فتأمّل (١).

(الثالث) ان لا يكون الحاجب كافرا ولا مملوكا ولا قاتلا ، هذا الشرط

__________________

(١) على انه قد يقال : ان القرعة لبيان أنها أخ أو أخت وقد لا يكون أحدهما الّا ان يقال لبيان حكم أحدهما فتأمّل (منه رحمه الله) هكذا في هامش بعض النسخ.

٥٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا مخالف لظاهر القرآن.

لعل دليل الأولين الإجماع المنقول المستند الى الاخبار ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المملوك والمشرك يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : لا (١).

والظاهر عدم الفرق بين الذكر والأنثى ، بل هما يطلقان عليهما.

وتؤيّده رواية الفضل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن المملوك والمملوكة هل يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : لا (٢).

والاعتبار ، وان الثلث ثبت لها بالكتاب والسنّة والإجماع ، وغير معلوم دخولهم في الإخوة الحاجبة ، لما علمت من إجمال القرآن وعدم بقائه على عمومه ، وارادة الخاصّ منه كثير.

فتأمّل فإن الإجماع غير معلوم ، والخبرين مع ضعف الأخير من وجوه لا يدلّان صريحا ، بل ولا ظاهرا على عدم حجبهما الام على الثلث الى السدس ، إذ قد يكون المراد عدم حجب من يرث بالتقرّب بهما مثل ولد هما المسلم والحر عن ارث جدهما.

ويؤيّده إنهما يدلّان على انهما يحجبان مع ارثهما ، وذلك لا يمكن إذا حملا على الاخوة ومنعهم الامّ عن الثلث ، وهو ظاهر.

وانما يمكن ذلك في الميّت المشرك أو المسلم وأسلم وارثه المشرك الأقرب قبل قسمة ورثته المسلمين البعيدة تركته فيحجبهم ، والحرّ الذي مات وخلّف مالا ولم يخلّف من يرثه غير المملوك فيشترى المملوك فيعتق فيرث حينئذ ويحجب الامام عليه السّلام فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٩.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٩.

٥٥٦

وان يكونوا من الأبوين أو من الأب.

______________________________________________________

وبالجملة تخصيص آية الحجب بهما مشكل ، وبالاعتبار أشكل ، وبالإجماع ممكن ان ثبت.

نعم يمكن ان يقال : لا عموم للآية ، فإنها تدل على ثبوت الحجب للاخوة ولا تدل على كلّ أخوه في كل حال.

فتأمّل فإنها قد يدعى العموم العرفي والّا فيمنع حينئذ ثبوت الثلث أيضا لكل أمّ ، فقد لا يكون لها الثلث إذا اجتمعت مع الاخوة الكفرة والمماليك ، بل لا يبقى عموم الّا قليل فتأمّل.

واما الثالث (١) فما رأيت له دليلا الّا الاعتبار ، وان الثلث بثلث لها إلخ ، والقياس حيث فهم من الحديثين ان العلّة عدم صلاحيّة الإرث في الأولين.

والظاهر عدم الإجماع وان نقل (٢) عن الخلاف ، إذ نقل الخلاف عن الصدوقين وابن أبي عقيل ، ولا اعتداد بإجماع الخلاف ، فإنه قد ادعى فيه الإجماع في أكثر الخلافيّة المحقّقة الخلاف ، بل ادعى الإجماع على خلافه في غيره ، لعله أراد به معنى آخر.

نعم لو كان الحديثان حجتين مع القياس إذا فهم العلّة من النصّ مطلقا يثبت عدم الحجب بالقاتل أيضا.

وكذا إذا ثبت عموم الثلث وعدم عموم الاخوة فتأمّل وذلك غير بعيد فافهم.

(والرابع) كونهم من الأب أو من الأب والامّ.

دليلهم على ذلك ـ مع انه أيضا مخالف في الجملة لظاهر الآية ـ هو الإجماع المستند الى بعض الاخبار المتقدمة وموثقة عبيد بن زرارة ـ لابن فضال وابن

__________________

(١) يعنى القاتل.

(٢) يعني ان نقل الإجماع عن الخلاف.

٥٥٧

وان يكونوا منفصلين لا حملا.

______________________________________________________

بكير ـ (١) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : ان (في ـ ئل) الاخوة من الامّ لا يحجبون الامّ من الثلث (٢).

ورواية زرارة ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : يا زرارة ما تقول في رجل ترك أبويه واخوته من امّه وأبويه؟ (٣) قال : قلت : السدس لامّه وما بقي فللأب ، فقال : من اين هذا؟ قلت : سمعت الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (العزيز ـ ئل) (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ، فقال لي : ويحك يا زرارة أولئك الاخوة من الأب ، فإذا (إذا ـ ئل) كان الاخوة من الامّ لم يحجبوا الامّ عن الثلث (٤).

وفي الطريق عبد الله بن بحر (٥) الضعيف ويجري فيه ما تقدم فتأمّل.

(الخامس) الانفصال فلا يحجب الحمل.

دليله ظاهر الآية ، فإن الإخوة ما لم يكونوا منفصلين احياء بعد موت الميّت لا يقال لهم اخوة وهو ظاهر ، فلا ينبغي النزاع ، بل ارث الحمل أيضا لو لم يكن لنصّ لم يكن القول جيّدا.

ويؤيده خبر العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ان الطفل والولد (الوليد ـ خ) لا يحجب (لا يحجبك ـ ئل) ولا يرث الّا من آذن

__________________

(١) وسندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٤.

(٣) في الوسائل : عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال لي : يا زرارة ما تقول في رجل مات وترك أخويه من امه وأبويه إلخ.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٤.

(٥) سنده كما في الكافي هكذا : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن حريز ، عن زرارة.

٥٥٨

ولا يحجب أولاد الإخوة.

نكتة

لعول عندنا باطل ، بل النقص يدخل على البنت و (أو خ ل) البنات والأب ومن يتقرب به أو بالأبوين.

______________________________________________________

(ما آذن ـ ئل) بالصراخ، ولا شي‌ء أكنّه البطن وان تحرّك الّا ما اختلف عليه الليل والنهار (١).

وقد ورث الحمل حال الموت مع انفصاله حيّا بدليل خارج وذلك ليس بمستلزم للحجب.

وهذه الرواية ضعيفة السند (٢) مشوش المتن فتأمّل التأييد بها ويجري فيه أيضا بعض ما تقدم من بحث العموم والخصوص فتأمّل.

واما عدم الحجب بالأولاد الاخوة فظاهر بل لا يحتاج الى الذكر ، فان الثابت الحجب بالاخوة ، وأولادهم ليسوا آباء هم (إيّاهم ـ خ) ولا يقال لهم اخوة وهو ظاهر.

لعلهم ذكروا لدفع توهم ان يقال لابن الأخ : أخ ، كما يقال لابن الابن : ابن.

قوله : «العول عندنا باطل إلخ» واعلم أنه إذا زاد السهام المفروضة للورثة عن الفريضة ، مثل ان خلّفت أختين من أب وأم أو من أب ، وزوجا ، كانت الفريضة الستة ، لهما الثلثان ، وله النصف ، ومعلوم عدم إمكان ذلك منها.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ بالسند الثالث من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٩.

(٢) سندها كما في الفقيه (باب من لا يحجب عن الميراث) هكذا : محمّد بن سنان عن العلاء بن فضيل. ومحمّد بن سنان مختلف فيه وان كان طريق الصدوق رحمه الله إليه كما يظهر من المشيخة صحيحا أو موثقا والله العالم.

٥٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والعامّة يعلون الفريضة فيجعلونها سبعة ، ويعطون ثلثي أصل الفريضة ـ أي الأربعة ـ الأختين ، ونصفه ـ وهو الثلث ـ للزوج ، فهم يجعلون السهام على حالها ويعلون الفريضة ، بل يجعلون السهام ناقصا ، فإنهم يجعلون الثلثين والنصف هنا أقلّ فيريدون بهما هما وما هو قريب منهما ، فالثلثان سهم ، وما قاربهما سهم ، وكذلك النصف وما قاربه ، وكذا في غير هذه الصورة ، هذا هو العول.

والتعصيب خلافه ، وهو نقض السهام عن الفريضة ، مثل ان خلّف بنتا وأخا ، أو ابن ابن ابن أخ ، بل ابن ابن عم وان نزل ، فإنهم يجعلون النصف للبنت والباقي لأقاربه الذكور ، وهو أولي عصبته.

ذكروا أنّ الأصحاب رحمهم الله اشبعوا البحث عن الكلام في إبطالهما وإثبات أنّ الحقّ خلافهما عقلا ونقلا فلا يحتاج إلى شي‌ء أصلا إلّا انا نحن أيضا نشير الى بعض منهما لئلّا يخلو الكتاب عنه.

فنقول : دليلهم على ذلك كلّه هو إجماعهم على بطلان العول ، وان خلافه هو الحق ، وهو ان النقص يقع على من قد يحصل له الزيادة ، البنت والبنات والأب ومن يتقرّب به ، مثل الأخت والأختين له.

واخبار هم المتظافرة.

مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، والفضيل بن يسار ، وبريد بن معاوية وزرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : (انّ) السهام لا تعول (١).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : أقرأني أبو جعفر عليه السّلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وخط علي عليه السّلام بيده ، فإذا فيها : ان السهام لا تعول (٢) وفي اخبار كثيرة ان الذي يعلم

__________________

(١) الوسائل باب ٦ صدر حديث ١٠ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤٢١.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١١ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤٢٣.

٥٦٠