مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المقام الثاني في باقي المحظورات

من جامع زوجته ، أو أمته قبلا ، أو دبرا بحجّ أو عمرة ، واجب أو ندب ، عالما عامدا بالتحريم قبل المشعر ، فسد حجّه وعليه إتمامه ، والحجّ من قابل ، والافتراق إذا بلغا الموضع بمصاحبة ثالث (الثالث خ ل) الى أن يفرغا ، فان طاوعته الزوجة لزمها مثله ، وإلّا صحّ حجّها ، وعليه بدنتان.

______________________________________________________

المقام الثاني في باقي المحظورات

قوله : من جامع زوجته إلخ. هذا شروع في كفّارة غير الصيد. دليل وجوب الحج من قابل ـ وإتمامه والبدنة على المحرم الذي وطئ امرأته (اهله خ ل) ، دائمة كانت أو منقطعة أو أمته محرمة أو محللة ، قبلا كان أو دبرا ، عامدا عالما مختارا قبل وقوف المشعر ، وكذا على الموطوئة المحرمة ـ هو الإجماع المدعى في المنتهى ، الّا أنّه في الدبر نقل عن الشيخ التردّد في وجوب الحجّ من قابل ، مع نقل جزمه به في المبسوط ، ونقل في الدروس عن المفيد والسيّد ، وسلّار والحلبي عدم وجوب البدنة بين الموقفين ويدلّ عليه الروايات أيضا في الجملة ، مثل صحيحة معاوية بن عمّار ،

٣

ولو جامع بعد المشعر أو في غير الفرجين قبله عامدا فبدنة.

______________________________________________________

قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل محرم وقع على اهله؟ فقال : ان كان جاهلا فليس عليه شي‌ء وان لم يكن جاهلا فانّ عليه ان يسوق بدنة (البدنة خ ل) ويفرِّق بينهما حتّى يقضيا المناسك ، ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، وعليهما الحجّ من قابل (١).

وقد مرّ ما يدلّ على عدم الشي‌ء على الناسي إلّا في الصيد.

وروى في الفقيه عن الصادق عليه السّلام قال : (في حديث) ان كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليك (٢).

وعن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام ، قال : فان اتى المحرم اهله ناسيا فلا شي‌ء عليه انما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس (٣).

ويدلّ عليه أيضا رفع الخطاء والنسيان وغير ذلك (٤) ولعلّه لا خلاف أيضا عندنا فيه.

ورواية جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم وقع على اهله؟ قال : عليه بدنة ، قال : فقال له زرارة قد سألته عن الذي سألته عنه فقال لي عليه بدنة ، قلت : عليه شي‌ء غير هذا؟ قال : نعم عليه الحجّ من قابل (٥).

قال في المنتهى : وهي صحيحة ، وليست بظاهرة لوجود أبي الحسين

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارة الاستمتاع الرواية ٢ وفيه (وعليه الحج) من قابل بدل (وعليهما) الحج من قابل.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٥.

(٣) ذكرها في الفقيه في (باب ما يجب على المحرم اجتنابه) في ذيل رواية أبي بصير ، ويحتمل كونها من كلام الصدوق ره ولذا لم ينقلها في الوسائل عن الفقيه وانما نقلها عن العلل مسندا إلى زرارة (راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٧).

(٤) راجع الوسائل الباب ٣٠ من أبواب الخلل من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣.

٤

.................................................................................................

______________________________________________________

النخعي وهو مجهول (١).

وصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام في المحرم يقع على اهله؟ قال : ان كان أفضى إليها فعليه بدنة ، وليس عليه الحجّ من قابل ، وان لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة ، وليس عليه الحجّ من قابل ، الحديث (٢).

كأنّ المراد بالإفضاء هنا ، الدخول ، وهي تدلّ على سقوط الحجّ من قابل لو لم يدخل ، مع الإجماع وصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل (رجل محرم خ ل) وقع على أهله فيما دون الفرج؟ قال : عليه بدنة ، وليس عليه الحجّ من قابل ، وان كانت المرأة تابعته على الجماع فعليها مثل ما عليه ، وان كان استكرهها فعليه بدنتان ، وعليهما (وعليه خ ل) الحجّ من قابل آخر الخبر (٣) قاله في التهذيب.

وهذه تدلّ على الوجوب على المرأة مع المطاوعة وتحمّل كفّارتها الرّجل على تقدير عدمها ، وعدم شي‌ء عليها.

ولعلّ معنى قوله : عليهما الحجّ من قابل ، على تقدير المطاوعة ، لأنّ الإكراه مسقط له عقلا ونقلا ، وقد مرّ ما يدلّ عليه وسيجي‌ء أيضا.

وظاهر الأهل يشمل المرأة مطلقا والأمة ، والوقوع والإفضاء يشمل القبل والدبر.

وصحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا وقع بامرأته دون المزدلفة ، وقبل ان يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل (٤).

__________________

(١) والسند كما في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن ابى الحسين النخعي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج.

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

٥

.................................................................................................

______________________________________________________

واستدلّ بمفهومها على سقوط الحجّ من قابل ، لو كان بعد المزدلفة.

ويمكن أن يستدلّ بالأصل أيضا ، وبالإجماع المدّعى في المنتهى ، وبالأخبار الآتية الدالّة على وجوب البدنة فقط على الواطى بعد الموقفين في الجملة ، والأخبار الدالّة على إدراك الحج وإتمامه بالموقفين ، فتقيّد هذه الأخبار الدالّة على وجوب الحجّ من قابل إذا كان (١) الوطي قبلها فتأمّل.

وحسنة زرارة ، قال : سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة؟ فقال : جاهلين أو عالمين؟ قلت : أجبني عن الوجهين جميعا قال : ان كانا جاهلين استغفرا ربّهما ، ومضيا على حجّهما ، وليس عليهما شي‌ء ، وان كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحجّ من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّى يقضيا مناسكهما (نسكهما خ ل) ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قلت : فأي الحجين (الحجتين خ ل) لهما؟ قال : الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا والأخرى عليهما عقوبة (٢).

يمكن ان يراد بالجاهل الجاهل وقت الفعل ، فتدل على عدم شي‌ء مع النسيان كما مر.

وهي تدل على الاستغفار مع الجهل فيشعر بتقصير ما في التعلم والتذكر.

وتدل أيضا على كون الحج الأول هو حج الإسلام ، وحصول امتثال الأمر بالحج الذي شرع فيه أولا بفعله ذلك ، وان وقع فيه بعض النقص ويؤيده وجوب الإتمام المأمور به في الآية (٣) والأخبار (٤) فإن الظاهر منهما هو الأمر بإتمام ما شرع فيه

__________________

(١) الظاهر ان قوله : (إذا كان) متعلق بقوله : فتقيد فيصير المراد فتقيد هذه الاخبار الدالة على وجوب الحج من قابل بما إذا كان الوطي قبل المزدلفة.

(٢) و (٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٩.

(٣) قال الله تعالى «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ» الآية ، البقرة : ١٩٣.

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فيكون بالإتمام محصلا.

ولأن الأمر مفيد للاجزاء ولا شك في وجود الأمر الأول والشروع بسببه ووقوع بعض أفعاله بقصد الأول والأصل بقاء الأمر الأول بالأول.

ولبقاء إحرامه بالإجماع ولهذا يلزمه ما يلزم المحرم والأصل عدم الانقلاب وعدم حصول المفسد وعدم الخروج مما كان ولا يدل على ذلك (١) وجوب الحج من قابل لاحتمال كونه كفارة وعقوبة ، مثل وجوب البدنة.

ولهذا ما كان ما يدل على فساد الحج في دليل المسألة.

فالأجير لو فعل ذلك يستحق الأجرة فلا ينبغي إيجاب حج ثالث عليه للأجرة مع لزوم الحرج والضيق المنافي.

ولانه قد يكون معينا فتبطل الإجارة ولم يرض المستأجر ان يحج الأجير فيبقى بلا اجرة.

ولان الظاهر أن الثانية عقوبة في إفساد المندوبة لبعد صيرورتها بالفساد واجبا في عام قابل فيكون في الواجبة كذلك فتأمل.

فقول المصنف في المنتهى : بأن حج الإسلام هو الثاني ، والأول هو العقوبة لأنها فاسدة ، فلا يخرج بها عن عهدة التكليف : ووجوب المضي فيها لا يوجب ان يكون هي الحجة المأمور بها محل التأمل لما مر.

ولأنا لا نسلم كونها فاسدة وما وقع في الرواية التي دليل هذه المسألة.

وكونه في كلام بعض الأصحاب ليس بحجة على تقديره.

فإن أراد بالفساد كونها باطلة في نظر الشارع وعدم قبولها عنده وغير مسقط للأمر الواقع به فذلك غير مسلم لجواز ارادة النقص في الجملة فيما أمر به أو نقص

__________________

(١) اى كون حجه فاسدا.

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الثواب المعد لها.

ويؤيده الأمر بالإتمام وبقاء الإحرام الأول فإن الباطل بذلك المعنى لم يؤمر بإتمامه بل يقع جميع ما فعل لغوا محضا ويكون كأن لم يكن ثم يجب الاستيناف مع بقاء الوقت والقضاء بعده بأمر جديد على الأصح كالصلاة الباطلة وغيرها.

ولا يقاس بالصوم الفاسد لوجود الدليل فيه مع أنه ما يبقى الصوم في الفاسد ، بخلاف الحج هنا ، فان الظاهر عدم الخلاف في بقائه.

وكذا قوله (١) : والرواية وان كانت حسنة (٢) لكن زرارة لم يسندها الى امام فجاز كون المسئول غير امام وهو ان كان بعيدا ولكن البعد لا يمنع تطرق الاحتمال فيمنع الاحتجاج بها (٣).

إذ لا شك في ان مثل زرارة لم يسئل مثل هذه المسألة ويقبلها عن غير الامام وكذا لم يكتب في الكتب ، وبمثل هذا استدل المصنف على عدم إرسال الأخبار الكثيرة.

والعجب أنه استدل بهذه الحسنة على ما اشتملت عليه من غير هذا الحكم الخاص (٤) وأنه قد سلم بعد ما قاله ويعرف ان الظهور يكفي ولا يضره تطرق الاحتمال ، و (إذ خ ل) المطلوب هو الظن ، ولعله اعتقد كون ما ذكره مفيدا للعلم بكون الأولى فاسدة وكون الواجب هي الثانية فقال : يكفي تطرق الاحتمال ولم يجعل الحسنة فقط في غيره دليلا بل ضم غيرها فتأمل.

واعلم أن ظاهر هذه (٥) وجوب التفريق بينهما من المكان الذي أصابا فيه في إتمام الحج ، والحج من قابل ولكن ظاهرها (٦) كغيرها اشتراط كونه في القضاء

__________________

(١) اى قول المصنف في المنتهى.

(٢) تقدم ذكر موضع حسنة زرارة.

(٣) إلى هنا كلام المنتهى.

(٤) فإنه ره تمسك بهذه الحسنة على عدم فساد الحج بالوطي ناسيا أو جاهلا بالتحريم فراجع ص ٨٣٧.

(٥) اى عبارة المصنف قده.

(٦) يعنى ظاهر حسنة زرارة وغيرها.

٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الى حين وصولهما الى المكان المعهود لقوله عليه السلام : (من المكان الذي أحدثا فيه) الى قوله عليه السلام : (ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه).

وقال ابن بابويه في رسالته الى ولده : ما يفيد اشتراطه بكون الحج على تلك (ذلك خ ل) الطريق ، واستحسنه المصنف في المنتهى ، واختاره في الدروس ، فتأمل.

والذي يظهر أنه يكفي إلى الإحلال ورفع المانع عن مباشرة النساء لبعد وجوب الفارق (المفارقة خ ل) الى مكان الخطيئة بعد حصول التحلل ، وأدلة الإحلال وغيرها.

ونقل في الدروس عن ابن الجنيد أنه يستحب التفريق في الحجة الاولى ويحرم الجماع ، الى أن يعود الى مكان الخطيئة ، وان كانا قد أحلا (١).

ولعل هذه دليله فكأنه (٢) للاستحباب ، فتأمل.

ويدل عليه وعلى كونه بمعنى وجود ثالث يمنع المجامعة بحضوره على الظاهر صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في المحرم يقع على اهله ، قال :

يفرق بينهما ، ولا يجتمعان في خباء الا ان يكون معهما غير هما حتى يبلغ الهدى محله (٣).

كأن بلوغ الهدى محله كناية عن الإحلال بذبح الهدى ، لكونه محللا في الجملة ، فظاهرها ان هذا المحل (٤) كاف وفيه تأمل لبقاء تحريم النساء.

ويدل عليه أيضا مرفوعة ابان بن عثمان الى أبي جعفر وأبي عبد الله

__________________

(١) تتمه كلامه قده : فإذا قضيا وبلغا الموضع لم يجتمعا حتى يبلغ الهدى محله.

(٢) اى التفريق الى المكان الذي أصابا فيه.

(٣) الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٥.

(٤) أي محل بلوغ الهدى وذبحه فالتفريق زائدا عليه الى مكان الخطيئة يكون مستحبا للرواية.

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليهما السلام ، قالا : المحرم إذا وقع على أهله يفرق بينهما ، يعنى بذلك لا يحلوان ، وان يكون معهما ثالث (١).

هذه مع كونها مرفوعة ابان ، قد يكون التفسير من عند نفسه ، على ما فهمه كما هو الظاهر من قوله : (يعنى) ويدل على كون التحليل عن النساء وعلى غيره من الأحكام المتقدمة رواية علي بن أبي حمزة ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل محرم واقع اهله؟ قال : فقد أتى عظيما ، قلت : أفتني (قد ابتلى ئل) فقال : استكرهها أو لم يستكرهها؟ قلت : أفتني فيهما جميعا ، فقال : ان كان استكرهها فعليه بدنتان وان لم يكن استكرهها فعليه بدنة وعليها بدنة ، ويفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة ، وعليهما الحج من قابل لا بد منه ، قال : قلت : فإذا انتهيا إلى مكة فهي امرأته كما كانت؟ فقال : نعم هي امرأته كما هي ، فإذا انتهيا الى المكان الذي كان منهما ما كان افترقا حتى يحلا ، فإذا أحلا فقد انقضى عنهما فان ابى كان يقول ذلك (٢). هذه مع عدم صحة السند في منتها أيضا شي‌ء فافهم.

ثم قال في التهذيب والكافي في آخر هذه وفي رواية أخرى فان لم يقدر على بدنة فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد فان‌يقدر فصيام عشر يوما عليها أيضا كمثله ان لم استكرهها (٣).

وذلك نقل في المنتهى عن الشيخ : من وجب عليه بدنة في إفساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فان لم يجد فسبع شياه فان لم يجد فقيمة البدنة ، دراهم ، أو

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٦.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣ وفي التهذيب : فان (لم يقدرا) بدل (فان لم يقدر) في الموضعين.

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمنها طعاما يتصدق به ، فان لم يجد صام عن كل يوم مد يوما.

واستدل الشيخ على الشافعي القائل بعدم الترتيب بإجماع الفرقة واخبار هم وطريقة الاحتياط.

قال الصدوق في الفقيه : من وجب عليه بدنة في كفارة ولم يجد فعليه سبع شياه فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزلة (١).

فالاختلاف في بدل كفارة الفساد موجود ، والجمع مشكل ، وحمل قول الصدوق على غير كفارة الفساد ممكن فلا يتم خلافه ويمكن تأويل بعض الروايات ، والاحتياط لا يترك فتأمل.

وقد فهم مما تقدم وجوب البدنة فقط دون الحج من قابل إذا واقع دون الفرج ، اى لم يدخل ، بل استمتع بالتفخيذ وبين الأليين.

والظاهر عدم اشتراط حصول المني فيما يوجب الحج لما تقدم وفيما يوجب البدنة فقط لما تقدم ولما سيجي‌ء من وجوبها للتقبيل وغيره وكذا فهم وجوبها فقط للدخول بعد المشعر ، فافهم ، هذا واضح.

ولكن إلحاق دبر الغلام والزنا ، الى الأهل ، لا يخلو عن اشكال ، لعدم ظهور العلم بالعلية ووجودها في الفرع الذي هو شرط في مفهوم الموافقة ولا إجماع ولا دليل بخصوصه فيهما غير المفهوم فتأمل.

واعلم أنه لا بد من قيد الاختيار ، أيضا الا انه تركه للظهور ، ويمكن فهمه من العمد والعلم.

وأن قوله : قبل المشعر قيد للحج ، وان الحج من قابل من أحكامه أيضا.

ويمكن إجرائه في العمرة المتمتع بها أيضا على وجه.

__________________

(١) الذي وجدناه في الفقيه ما رواه داود الرقى عن ابى عبد الله عليه السلام ، في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء ، فقال : إذا لم يجد إلخ رواه في الوسائل في الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

١١

وفي الاستمناء بدنة وفي الفساد (الإفساد خ ل) به قولان.

______________________________________________________

وأن الأولى حذف العمرة هنا لما قلناه ولا جمالها من حيث إن الوطي فيه متى يوجب الأحكام المذكورة ، وذكر تفصيلها فيما بعد فتأمل.

وأنه لا فرق بين الإحرام بالحج الواجب والندب لعموم الأدلة (١) ولصيرورته واجبا بالشروع وكذا العمرة.

قوله : وفي الاستمناء إلخ. دليل وجوب البدنة في الاستمناء هو الإجماع المنقول في المنتهى.

وأما فساد الحج به والحج من قابل كما في الجماع ففيه خلاف.

واستدل للموجب بحسنة إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت : ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال : ارى عليه مثل ما على من اتى اهله وهو محرم بدنة والحج من قابل (٢).

وفي سندها (٣) إبراهيم بن هاشم وهو غير مصرح بتوثيقه ، وفي إسحاق قول بأنه فطحي الا انه ثقة ، وكتابه معتمد ، وقال المصنف : الأولى عندي التوقف فيما يتفرد به ولهذا توقف في الحكم في المنتهى ويشعر به المتن أيضا كما مر.

واحتج ابن إدريس القائل بعدم الفساد بأن الأصل هو الصحة وبرأيه الذمة خرج عن ذلك وجوب البدنة بالإجماع ويبقى الباقي تحته (٤).

ويؤيده عدم خلو سند دليل الموجب عن شي‌ء ، وإجمال متنه فان الوقت

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٣) والسند (كما في الكافي) هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان الخزار عن صباح الحذاء عن إسحاق بن عمار.

(٤) قال في السرائر ص ١٢٩ ان الأصل براءة الذمة والكفارة مجمع عليها وما زاد على ذلك يحتاج الى دليل شرعي.

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

غير مذكور وان كان فهمه من التشبيه وليس بصريح في الوجوب فإن (أرى) أعم من كونه على وجه الاستحباب أو الوجوب ، والمثل ليس بصريح فيه وللمسامحة في قوله : (مثل ما على من اتى ، فتأمل).

وعدم وجوب الحج من قابل في جماع الأجنبية دون الفرج لما تقدم.

ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يعبث بأهله (وهو محرم خ) حتى يمني من غير جماع أو فعل (يفعل خ ل) ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما؟ قال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي جامع (يجامع خ ل) (١).

وتردد الشيخ القائل بالأول قال في المنتهى : قال الشيخ ره في الاستبصار (٢) عقيب هذه الرواية (أي رواية إسحاق) : هذا الخبر لا ينافي ما ورد أن من وطئ زوجته فيما دون الفرج لم يكن عليه سوى البدنة لأنه يمتنع ان يكون حكم من عبث بذكره أغلظ من حكم من اتى أهله فيما دون الفرج لأنه ارتكب محظورا لا يستباح على وجه من الوجوه ومن اتى أهله لم يرتكب (لم يكن ارتكب صا) محظورا الا من حيث فعل في وقت لم يشرع له فيه اباحة ذلك ، ثم قال : ويمكن ان يكون هذا الخبر محمولا على ضرب من التغليظ وشدة الاستحباب دون ان يكون ذلك واجبا وهذا الكلام الأخير يدل على تردده في ذلك ونحن في ذلك من المتوقفين (٣).

وأنت تعلم أن الوجه الأول لم يتم في الجماع دون الفرج في الأجنبية والظاهر أنهم لم يوجبوا به الفساد على تقدير إيجابهم البدنة والحج من قابل بدخولها أيضا إلحاقا بالأهل فليس الوجه إلا الثاني والأصل دليل قوى والخروج عنه بمثل

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٢) عبارة الإستبصار هكذا : فاما ما رواه محمد بن يعقوب (ثم نقل رواية إسحاق بن عمار المذكورة آنفا) فلا ينافي الخبرين الأولين ولانه لا يمتنع حكم من عبث إلخ.

(٣) انتهى كلام المنتهى.

١٣

ولو جامع أمته محلّا ، وهي محرمة بإذنه ، فبدنة ، أو بقرة ، أو شاة ، فإن عجز فشاة أو صيام.

______________________________________________________

الرواية المتقدمة إلى مثل هذا الحكم الشاقّ مشكل ، فتأمل.

والظاهر أنّ مراده (وفي الاستمناء) قبل المشعر بقرينة ما قبله وكون حكمه حكم من جامع فلم يعلم حكم ما بعده ، والأصل ـ وعدم ظهور الإجماع ودليل آخر ـ يفيد العدم.

قوله : ولو جامع أمته محلا إلخ. عدم لزوم شي‌ء عليهما على تقدير إحرامها بغير اذنه ظاهر ، لعدم انعقاد إحرامها بغير اذن سيّدها ، وكذا قيل في إحرام الزوجة ندبا بغير اذن زوجها ، وكذا الولد لو كان اذن الوالد أيضا شرطا لإحرامه ، ولكن دليل ذلك غير ظاهر.

وامّا دليل الحكم المذكور في المتن فهو رواية إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام أخبرني عن رجل محلّ وقع على أمة له محرمة؟ قال : موسرا (موسر كا) أو معسرا (أو معسر كا) قلت : أجنبي فيهما قال : هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها ، وأحرمت من قبل نفسها؟ قلت : أجبني فيهما فقال : ان كان موسرا وكان عالما أنّه لا ينبغي له ، وكان هو الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة وان شاء بقرة ، وان شاء شاة ، وان لم يكن أمرها بالإحرام فلا شي‌ء عليه موسرا كان أو معسرا ، وان كان أمرها وهو معسر ، فعليه دم شاة أو صيام (١).

ولعلّ المراد مع العلم حين الإعسار أيضا ، وحذف بقرينة ما تقدّم ، وكذا عدم شي‌ء مع الجهل ويحتمل كون المراد بالصيام ثلثة أيّام لما تقدّم ، انّ بدل شاة ثلثة أيّام ، ويحتمل الاكتفاء بيوم واحد ، للصدق ، والأصل.

ويؤيد الأوّل ما سيجي‌ء في كفارة الحلق من تفسير الصيام بثلثة أيّام

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بالنصّ (١) والإجماع على ما ادّعاه في المنتهى فتأمل والسند الى إسحاق صحيح ، وفي إسحاق ما تقدّم الّا أنّ الظاهر عدم الخلاف في الحكم وأظنّ أنّ إسحاق لا بأس به وان قيل فيه ما قيل ، فلا يبعد الاكتفاء بروايته في مثل هذا الحكم ، مع عدم المعارض.

إذ لا يدلّ على عدم الشي‌ء بعد الإحرام والتلبية صحيحة ضريس قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أمر جاريته ان تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم فغشيها بعد ما أحرمت؟ قال : يأمرها فتغتسل ثم تحرم ولا شي‌ء عليه (٢).

إذ قال الشيخ (٣) : إنّها محمولة على أنّها لم تكن لبّت بعد ، لأنّه متى كان الأمر على ما ذكرناه ، لا يلزم الكفارة وقد قدّمناه فيما تقدم ذلك ، فأراد بقوله : (أحرمت) الشروع في مقدماته مثل الغسل ولبس الثوبين والصلاة ، ويقال عليه الإحرام ، وقد تقدم ، مع أنّه لا يلزمه بفعل محرّمات الإحرام موجبة ، فتذكر.

ويؤيده الأخبار الدالّة على إطلاق الإحرام على مقدمات الإحرام ولم يلبّ وعدم شي‌ء عليه بارتكاب محرّمات الإحرام ما لم يلبّ (٤).

وأنّه ان كانت مطاوعة كان ينبغي ذكر أحكامها ، وان كانت مكرهة لم يفسد إحرامها ، فالأمر باحرامها بعد الاغتسال غير ظاهر الوجه فتدلّ على انّها ما كانت محرمة ، ولو كانا محرمين أو هو فقد علم حكمها مع مطاوعتها وإكراهها.

وقول المتن فبدنة إلخ. معناه احد هذه الثلثة على وجه التخيير مع اليسار ، والشاة أو الصيام مع العجز عن البدنة والبقرة يعني مع الإعسار فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية الكفارات الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣.

(٣) تعليل لقوله ره : إذ لا يدل على عدم الشي‌ء.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام.

١٥

ولو جامع قبل طواف الزيارة فبدنة فإن عجز فبقرة فإن عجز فشاة.

______________________________________________________

قوله : ولو جامع قبل طواف الزيارة إلخ. يدلّ على وجوب البدنة بشرط العلم (وكأنّه لا خلاف فيه كما يشعر به المنتهى) ، حسنة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن متمتّع وقع على اهله ولم يزر قال : ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما ، وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه الحديث) (١).

لعلّ الجزور والبدنة واحد ، وقوله : (ان كان عالما) قيد لوجوب الجزور ، وخشية الثلم كأنّ المراد به ، ما ينقصه ويجعله معيبا ، ينقص ثوابه وقبوله عند الله ، وشرط السّمن في كفّارة الوطي قبل طواف النساء كأنّه للاستحباب.

والظاهر عدم القول بالوجوب ، وكذا بوجوب الدّم على من قبّل امرأته قبل طواف النساء وقد طاف هو فالاستحباب محتمل.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل واقع اهله حين ضحّى قبل ان يزور البيت؟ قال : يهريق دما (٢).

لعلّ المراد الوطي بعد الذبح وقبل الطواف عامدا عالما ، وحمل الدم على دم الجزور لما تقدّم لحمل المطلق على المقيّد ، ويحتمل التخيير في أيّ دم كان ، لو كان به قائلا ، للأصل ، والسهولة ، وعدم المنافاة حتى يجب الجمع ، فتأمل.

أمّا وجوب البقرة بعد العجز عن الجزور والشاة بعد العجز عنها فما رأيت له دليلا.

ولا يدلّ عليه رواية أبي خالد القمّاط قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١ وتمام الرواية وسألته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال : عليه جزور سمينة وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه (الحديث).

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

١٦

ولو جامع وقد طاف للنّساء ثلثة أشواط فبدنة ، ولو طاف خمسة فلا كفّارة وفي الأربعة قولان.

______________________________________________________

عن رجل وقع على اهله يوم النحر قبل ان يزور البيت؟ قال : ان كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة وان كان غير ذلك فبقرة ، قلت : أو شاة؟ قال : أو شاة (١).

مع ضعف في سنده (٢) وقصور في المتن.

والذي يدلّ على وجوب البدنة بالوطي قبل طواف النساء ما تقدّم.

مثل ما في حسنة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل وقع على اهله قبل ان يطوف طواف النساء قال : عليه جزور سمينة وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه (٣).

ورواية سلمة بن محرز (المجهول الغير المذكور في كتب الرجال) قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل وقع على اهله قبل ان يطوف طواف النساء قال : ليس عليه شي‌ء فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم فقالوا اتقاك هذا ميسّر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له عليك بدنة قال فدخلت عليه فقلت جعلت فداك إنّي أخبرت أصحابنا بما أجبتني فقالوا : اتقاك هذا ميسّر قد سأله عما سألت فقال له عليك بدنة فقال : ان ذلك كان بلغه ، فهل بلغك؟ قلت : لا قال : ليس عليك شي‌ء (٤) مضمونه في وجوب البدنة على العالم دون الجاهل موافق للاوّل وان كان في السند سلمة بن محرز ، ويمكن فهم كونه متّهما حتى قيل له : اتقاك.

وأمّا ما يدلّ على عدم الكفارة على الواطى بعد ان طاف خمسة أشواط من طواف النساء ، فهو الأصل ، وعدم العلم بصدق الوطي قبل الطواف ، لاحتمال الإرادة قبل الشروع ، أو قبل التجاوز عن النصف وإلحاق أغلب الشي‌ء بالشي‌ء كثير

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣.

(٢) لمحمد بن سنان.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارة الاستمتاع الرواية ١ ذكرها في ذيل الرواية.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وما روى في التهذيب والكافي (في الصحيح) عن حمران بن أعين (المشكور المعظم) عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قال : سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف ان يبدره فخرج الى منزله فنقض ثم غشي جاريته؟ قال : يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه ويستغفر الله ولا يعود وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلثة أشواط ثم غمزه بطنه فقضى حاجته فغشي فقد أفسد حجّه وعليه بدنة ويغتسل ثمّ يعود فيطوف أسبوعا ثم خرج فغشي فقد أفسد حجّه وعليه بدنة ويغتسل ثمّ يعود فيطوف أسبوعا (١).

والمراد بالطوافين الشوطين ، وهو ظاهر ، ولعلّ الاستغفار لفعل مكروه ، ويحتمل لتحريم الوطي بين أشواط الطواف والفصل الكثير بغير حاجة ، ولا ينافيه عدم الكفارة ، وقوله : (ولا يعود) مؤيّد له.

ولعلّ المراد بإفساد حجّه إفساد الطواف لما تقدم من عدم الإفساد إلّا بالوطي قبل الموقفين ويدلّ عليه : (ثم يعود فيطوف أسبوعا) يعنى يرجع بعد الغسل ويستأنف طوافه ، وهو أيضا ظاهر ، ويدلّ على اشتراط الغسل في الطواف ، وهذا واضح.

والظاهر أنّ المراد مع العلم والعمد ، إذ قد تقدم عدم لزوم الكفارة في الجهل والنسيان إلّا في الصيد ، وانّ الجماع قبل الموقف جاهلا ليس بشي‌ء ، وهنا بالطريق الاولى ، وهو ظاهر بحمد الله.

فقد فهمت من هذا كلّه أنّه لا شك في وجوب البدنة بعد المشعر قبل أربعة أشواط من طواف النساء بالوطي عمدا عالما مختارا فلو اقتصر المصنف على قوله : ولو

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب كفارة الاستمتاع الرواية ١.

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

جامع وقد طاف للنساء الى آخر ـ اى لم يطف من طواف النساء خمسة أشواط ـ لكان أخصر وأولى.

لعلّه ذكر طواف الزيارة على حدة للفصل بينه وبين طواف النساء في صورة العجز عن البدنة وعن البقرة فإنّه هنا لا يعلم له شي‌ء وفي الزيارة البقرة والشاة (١).

فتأمل فإنه ما فهمت عليه دليلا والأصل هو العدم ويحتمل القيمة والغضّ الى آخر ما تقدم في كفّارة الصيد والشاة ثم الصيام ثلثة أيّام أو يوم كما مرّ.

بقي الكلام فيما بين الثلث والخمس ظاهر هم وجوب الكفّارة قبل إكمال الأربع بغير نزاع ، ولا يبعد إلحاق الأربع وما فوقه الى (من خ ل) الخمس.

للأصل وعدم ظهور الأدلّة التي تدلّ على الكفّارة قبل طواف النساء في قبل الإكمال فإنّه يحتمل قبل الشروع وقبل الإكمال (الكمال خ ل) بل الأوّل أظهر ولهذا لم يجب في الخمس.

ولوجود حكم الشي‌ء فيه إذا وجد أغلب أجزائه كما في الصوم في الحضر والسفر وتجديد نيّته الى الزوال وغسل يوم الجمعة فتأمل ، ويقول ذلك أهل النجوم في النيروز للفرس.

ولمفهوم قوله عليه السّلام (وان كان طاف طواف النساء فطاف ثلثة) (٢).

فإنه يدلّ على انّ ما فوق الثلثة ليس حكمه مثلها ولعل المراد منها قبل الأربعة أو دخل ما بين الثلثة إلى الأربعة في حكم الثلثة بالإجماع.

والظاهر انّه مفهوم الشروط وهو حجة عند المحققين. والأكثر من

__________________

(١) يعنى انّ المصنف قده ذكر طواف الزيارة على حدة ، للفرق بينه وبين طواف النساء في الحكم لاختصاص البقرة والشاة عند العجز عن البدنة لطواف الزيارة دون طواف النساء.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الأصوليّين ولا يعارض ذلك بمفهوم (فطاف خمسة أشواط) (١) لعدم كونه مفهوم الشرط ، وكلام الامام (٢) ، ولجعل الأصحاب الأربعة في حكم الكمال في البناء عليه.

فقول المصنف في المنتهى : وكان للمنازع ان يحتجّ بمفهوم الخمسة وأنّه لو طاف أربعة أشواط تجب الكفارة على العامد عملا بالأخبار الدالة على وجوب الكفارة قبل طواف النساء فإنه متحقق في حق من طاف بعضه وخرج الخمسة وما فوقها بدليل وبقي الباقي ـ محل التأمل ، فتأمل مع قوله بحجيّة مفهوم الشرط وعدمها في مثل مفهوم الخمسة في الأصول نعم لا شكّ أنّه أحوط كما قال ابن إدريس في الخمس أيضا وردّه المصنف بأنه لا يلتفت اليه مع وجود خبر صحيح فتأمل.

وبقي الكلام في رواية عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت أسبوعا طواف الفريضة ثم سعى بين الصفا والمروة أربعة أشواط ثم غمزه بطنه فخرج وقضى حاجته ثم غشي أهله؟ قال : يغتسل ثم يعود ويطوف ثلثة أشواط ويستغفر ربّه ولا شي‌ء عليه ، قلت : فان كان طاف بالبيت طواف الفريضة فطاف أربعة أشواط ثم غمزه بطنه فخرج فقضى حاجته فغشي أهله فقال : أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يرجع فيطوف أسبوعا ثم يسعى ويستغفر ربّه قلت : كيف لم تجعل عليه حين غشي أهله قبل ان يفرغ من سعيه كما جعلت عليه هديا حين غشي أهله قبل ان يفرغ من طوافه؟ قال : انّ الطواف فريضة وفيه صلاة والسعي سنّة من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قلت ا ليس الله يقول (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)؟ قال : بلى ولكن قد قال فيهما (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) (٣) فلو كان السعي فريضة لم يقل فمن تطوع خيرا (٤).

__________________

(١) يعني في الرواية السابقة ـ الوسائل الباب ١١ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٢) يعني ولعدم كونه من كلام الامام عليه السّلام.

(٣) البقرة : ١٥٣.

(٤) الوسائل الباب ١١ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

٢٠