مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الصدوق ، وقال : غير صريح في التحريم ، وفيها دلالة على طهارة اللبن أيضا.

وروى عن ابن أبي عمير في الكافي والتهذيب أيضا ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يؤكل من الشاة عشرة أشياء ، الفرث والدم ، والطحال ، والنخاع ، والعلباء ، والغدد ، والقضيب ، والأنثيان ، والحياء والمرارة (١).

هذه العشرة موافق لها إلّا في عدّ (العلباء) بدل (الرحم) وذكر (المرارة) بدل (الأوداج) ، وهذه أظهر ، فإن (المرارة والعلباء) أقرب إلى الحرام من (الرحم والأوداج) الّا ان يفسّر الرحم ب (الفرج) كما نقلناه عن الشرح.

وفي الطريق مع الإرسال سهل بن زياد.

وتدل على تحريم سبعة أشياء رواية أبي يحيى الواسطي رفعه ، قال مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام بالقصّابين فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة ، نهاهم عن بيع الدم ، والغدد ، وآذان الفؤاد ، والطحال ، والنخاع ، والخصي ، والقضيب (٢) الخبر.

وعدّ فيه آذان القلب من المنهي ، وما نعلم القائل به ، بل قيل : انه مكروه فكأن له ولعدم الصحّة حمل على الكراهة بالنسبة إليها وان كان بالنسبة إلى غيرها التحريم فتأمّل.

ورواية إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه السّلام ، قال : حرم من الشاة سبعة أشياء ، الدم ، والخصيتان ، والقضيب ، والمثانة ، والغدد ، والطحال والمرارة (٣) لكنهما ضعيفتان.

وفي رواية إسماعيل بن مرّار عنهم عليهم السّلام ، قال : لا يؤكل ممّا يكون في الإبل ، والبقر ، والغنم ، وغير ذلك ممّا لحمه حلال ، الفرج بما فيه ظاهره وباطنه ،

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٦٠.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٩.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٩.

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

والقضيب ، والبيضتان ، والمشيمة ـ وهي موضع الولد ـ والطحال ـ لانه دم ـ والغدد مع العروق ، والمخّ الذي يكون في الصلب ، والمرارة ، والحدق ، والخرزة التي تكون في الدماغ ، والدم (١).

هذه أيضا تدل على العشرة ، بل الزيادة مع المخالفة لما سبق.

وفي رواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : إذا اشترى أحدكم اللحم فليخرج منه الغدد ، فإنه يحرّك عرق الجذام (٢).

وفي مرسلة عن بعض أصحابنا أنه كره الكليتين ، وقال : انهما مجتمع البول (٣).

كأنه لعدم الصحّة والقائل حملت على الكراهة كما قلناه في آذان القلب ، كما صرّح به المصنف هنا وغيره.

هذه ما رأيت من الاخبار في هذا الباب.

والظاهر ان لا نزاع في تحريم الأربعة المذكورة للإجماع المنقول ، والنص المجبور ضعفه به ولا ينافي ذلك عدم الحكم بتحريم جميع ما اشتمل عليه فتأمّل ، وفي الباقي إشكال من احتمال الخباثة (٤) ، والروايات (٥).

ولكن الأصل ، والعمومات ، وحصر المحرّمات مثل (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) (٦) (فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٧) وغير ذلك ، وعدم ظهور الخباثة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٩.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٦ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٩.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦.

(٤) فيشمله عموم قوله تعالى (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ).

(٥) الدالة على الحرمة.

(٦) المائدة : ٢.

(٧) الانعام : ١١٨.

٢٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وضعف الروايات يدلّ على الإباحة ، كما يظهر انه مذهب بعض العلماء ، مثل الشيخ المفيد والسلار على ما تقدم فتأمّل.

واستدل في المختلف على مذهب النهاية بالاستخباث ، وبرواية ابن أبي عمير وإسماعيل بن مرّار (١) وردّ الروايتين بالضعف واختار ما في المتن من تحريم التسعة وقال بكراهة ما سواه من المذكورات.

وأنت تعلم أن الخباثة غير ظاهرة في كل ما هو مذكور في النهاية ، وفي كل ما اختاره أيضا ، ولو كانت ظاهرة لما اختلف فيه فتأمّل.

وأيضا ان الروايتين (٢) غير موافقتين لكلام النهاية ، إذ ليس (ذات الأشاجع) فيهما و (الحياء) موجود في الاولى و (العروق) في الثانية مع عدمهما في النهاية فتأمّل ، والمسألة مشكلة ، والاجتناب عن الكل أحوط فلا يترك ما (ان ـ خ) أمكن.

ثم ان الظاهر عدم الفرق في هذه الأشياء بين الذبائح المحلّلة التي يوجد فيها ذلك حتى العصفور (الطيور ـ خ ل) ، فان الظاهر هو العموم على تقدير التحريم فلا فرق.

اما تفسير هذه الألفاظ التي قيل بتحريم معناها ، قال في الشرح :

فالفرث قال الجوهري : هو السرجين ما دام في الكرش وجمعه فروث.

وقال بعض المفسرين : هو الأشياء المهضمة بعد الانهضام في الكرش وهما (٣) قريبان.

(والمثانة) بفتح الميم موضع البول ، (والمشيمة) قرين الولد الّذي يخرج معه ، والجمع مشايم مثل معايش ، (والنخاع) وهو عرق مستبطن القفار وهو اقصى

__________________

(١) المتقدمتين آنفا فراجع.

(٢) يعني رواية ابن أبي عمير ورواية إسماعيل بن مرّار المتقدمتين.

(٣) يعنى قول الجوهري وتفسير بعض المفسرين.

٢٤٣

ولا يحرم اللحم المشويّ مع الطحال إن كان فوقه أو لم يكن الطحال مثقوبا.

______________________________________________________

حدّ الذبح (والعلباوان) اثنتان ، وهما عصبتان عريضتان صفراوان ممدودتان من الرقبة على الظهر إلى الذنب (والأشاجع) قال الجوهري : هو أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف ، الواحد أشجع بفتح الهمزة ، وذات الأشاجع كأنه إشارة إلى مجمع تلك الأصول ويقال أيضا ذوات الأشاجع ، (وخرزة الدماغ) قال الفقهاء : إنها حبّة في وسط الدماغ بقدر الحمّصة إلى الغبرة ما هي تخالف لون الدماغ اعني المُخّ الذي في الجمجمة ، (والحدق) جمع حدقة وهو سواد العين الأعظم.

لعلك علمت وجه كراهة (آذان القلب) والكلاء ، والعروق ممّا تقدم من الاخبار.

وقد عرفت ان المشيمة فسّرت في الحديث بموضع الولد ، وقال في القاموس : هي محلّ الولد ، ولعله مقصود الشارح ، والظاهر انه المراد بالرحم في بعض الروايات.

وان الأشاجع وذات الأشاجع واحد ، وانّها لا توجد بالمعنى الذي ذكر في كلّ البهائم المحلّلة.

الّا ان يقال : هي أصول الأصابع ، والظلف وغيره فيوجد في الغنم ، والإبل ، والبقر ، ويمكن وجودها بالمعنى الأول في الطيور ويشكل تميّزها فتأمّل ، والأصل الحلّ حتى يعلم ما يحرم ، وقد لا يكون ذلك في الكل فتأمّل.

واعلم ان مختار المتن من تحريم التسعة غير بعيد للخباثة ويكون الستة الباقية حلالا ومكروها لعدم الخباثة وصحّة الرواية (١).

قوله : «ولا يحرم اللحم المشوي إلخ» وجه عدم تحريم اللحم المشوي مع

__________________

(١) لم نعثر على رواية اشتملت على التسعة دالة على الكراهة فتتبع.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الطحال ان كان اللحم فوقه أو كان تحته ولم يكن الطحال مثقوبا ومنقوبا ، هو الأصل والاستصحاب ، وسائر الأدلة مع عدم العلم بامتزاجه بالمحرّم من اجزاء الطحال ، وبه رواية أيضا.

ومفهوم المتن يدل على تحريمه مع انتفاء الأمرين ، وتدل عليه الرواية.

قال في الفقيه : قال الصادق عليه السّلام : إذا كان اللحم مع الطحال في سفّود أكل اللحم إذا كان فوق الطحال ، فان كان أسفل من الطحال لم يؤكل ، ويؤكل جوذابه ، لان الطحال في حجاب ولا ينزل منه شي‌ء الّا ان يثقب ، فان ثقب صار منه ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب ، فان جعلت سمكة يجوز أكلها مع جرّي أو غيرها ممّا لا يجوز أكله في سفّود أكلت التي لها فلوس إذا كانت في السفّود وفوق الجرّي وفوق اللاتي لا تؤكل ، فان كانت أسفل من الجرّي لم تؤكل ، وهي مرسلة فيه (١).

وقريب منها رواية ضعيفة في التهذيب والكافي أيضا وزيد : سئل عن الطحال أيحلّ أكله؟ قال : لا تأكله فهو دم (٢).

وزيد أيضا قوله : (وتحته خبز وهو الجوذاب).

وبالجملة بينهما مغايرة ، ولكنها ليست بمعنويّة.

وروى أيضا عمّار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، وقد سئل عن الجرّي يكون في السّفود مع السمك قال : لا يؤكل ما كان فوق الجرّي ويرى ما سأل عليه الجرّي (٣).

قال في الدروس ـ بعد ذكر الرواية ـ : وعليها ابنا بابويه ، وطرّد الحكم في

__________________

(١) راجع الفقيه ج ٣ ص ٣٣٩ بعد رقم ٤٢٠٣ ولاحظ ذيله طبع مكتبة الصدوق.

(٢) الوسائل باب ٤٩ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٤٦٧.

(٣) الوسائل باب ٤٩ صدر حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص.

٢٤٥

مسائل

البيض تابع ، فان اشتبه بيض السمك أكل الخشن وان اشتبه بيض الطير أكل ما اختلف طرفاه ، لا ما اتفق.

______________________________________________________

مجامعة ما يحل أكله لما يحرم أكله ، قال الفاضل : لم يعتبر علماؤنا ذلك ، والجرّي طاهر والرواية ضعيفة السند.

وأنت تعلم انه ينفصل من الجرّي اجزاء فيحرم وان كان طاهرا ، ويشكل حال الطحال أيضا فتأمّل.

ففي الكل تأمّل ، ينبغي الحلّ ما لم يعلم اختلاط الحرام فيحرم مطلقا ، لعلّ ما ذكر في الرواية ينبه عليه.

قوله : «البيض تابع إلخ» بيان ما يحلّ من البيض وما يحرم ، فقال : انه تابع للحيوان في الحلّ والحرمة والكراهة ، فمن الحلال المطلق كالحمام حلال ، ومن المكروه كالفاخته مكروه ، ومن الحرام كالبازي حرام.

لعلّ دليله انه كالجزء والحاصل منه فيكون تابعا له فتأمّل.

وتدل عليه أيضا رواية ابن فضال ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ان الدجاجة تكون في المنزل وليس معها الديكة تعتلف من الكناسة وغيره ، وتبيض بلا أن تركبها الديكة ، فما تقول في أكل ذلك البيض؟ قال : فقال : ان البيض إذا كان ممّا يؤكل لحمه فلا بأس بأكله ، فهو حلال (١) ولا يضرّ ضعف السند فتأمّل.

فإن اشتبه المحلّل بالمحرّم مثل بيض السمك الحلال المفلّس بغيره يحلّ الخشن منه فيؤكل دون الليّن.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ٧ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٥.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعلّه تدل عليه التجربة والرواية ، كأنهم رحمهم الله جرّبوا حتى حكموا بذلك ، فإن أفاد ذلك العلم أو الظن المعتبر ، والّا فلا ينبغي أكله ، وان دل على الحلّ ، الأصل والعمومات وخبر تغليب الحلال (١) ويدل على تغليب الحرام أيضا خبر (٢) وقد تقدما.

ويمكن الجمع بالإباحة والكراهة أو التقيّة ان كانت أو بالحصر وغيره كما ذكروه ، فتأمّل.

ونقل في الدروس ، عن ابن إدريس والمصنف حلّ ما في جوف السمك مطلقا للأصل وحلّ الصحناء بكسر الصاد والمدّ ، كأنهما نظرا الى ما قلناه ولكن الظاهر انه جزء من الحرام ، فيكون مثله ، ولا شك انه الأحوط.

ويدلّ على التميز بين البيض المحرّم والمحلّل من الطيور باستواء الطرفين والاختلاف ، كأنه التجربة أيضا مع الاخبار.

مثل ما في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام وسأله غيره عن بيض طير الماء فقال : ما كان منه مثل بيض الدجاج ـ يغني على هيئته ـ (خلقته ـ ئل) فكل (٣).

ورواية محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : إذا دخلت أجمة فوجدت بيضا فلا تأكل منه الّا ما اختلف طرفاه (٤) ـ وهي صحيحة في

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٢١ من أبواب ما يكتسب به ج ١٢ ص ٥٩.

(٢) لعله قدّس سرّه نظر إلى ما رواه الشيخ رحمه الله بإسناده عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أحدهما عليهما السّلام عن شراء الخيانة والسرقة؟ قال : لا الا ان يكون قد اختلط معه غيره الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ما يكتسب به ج ١٢ ص ٦٠.

(٣) الوسائل باب ٢٠ ذيل حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٤٨.

(٤) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٤٧.

٢٤٧

وإذا اغتذى الحيوان بعذرة الإنسان خاصّة حرم حتى يستبرئ.

______________________________________________________

التهذيب (١).

ورواية زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام (سأله عن البيض ـ ئل) : البيض في الآجام؟ فقال : ما استوى طرفاه فلا تأكل وما اختلف طرفاه فكل (٢).

فيها (على الرياب) في التهذيب والكافي والفقيه (٣) ، فان كان (ابن الريان) أو (الرياب) كما هو الظاهر ، فهي حسنة ، فقد تقدمت.

وفي حديث ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : فقال : ان فيه عالما لا يخفى ، انظر كلّ بيضة تعرف رأسها من أسفلها فكل (فكلها ـ ئل) ، وما سوى ذلك فدعه (٤).

وفي أخرى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : كل من البيض ما لم يستو رأساه ، وقال : ما كان من بيض طير الماء مثل بيض الدجاج وعلى خلقته أحد رأسيه مفرطح (٥) والّا فلا تأكل (٦).

وفي أخرى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام قال : كل منه ما اختلف طرفاه (٧) فتأمّل.

قوله : «وإذا اغتذى الحيوان بعذرة إلخ» اعلم أنه قد يعرض التحريم للحيوان المحلّل من وجوه (الأول) الجلل ، وفيه بحثان :

__________________

(١) سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٤٨.

(٣) في الوسائل نقلا من المشايخ الثلاثة (على بن الزيات).

(٤) الوسائل باب ٢٠ قطعة من حديث ٣ منها ص ٣٤٨.

(٥) المفرطح ، العريض يقال في البيض أحد رأسيه مفرطح أي عريض وفي بعض النسخ مفتح وهو بمعناه (مجمع البحرين).

(٦) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٤٨.

(٧) رواية ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انى أكون في الآجام فيختلف على البيض فما آكل منه؟ قال : كل منه ما اختلف طرفاه. الوسائل باب ٢٠ حديث ٦ ج ١٦ ص ٣٤٩.

٢٤٨

بأن يطعم علفا طاهرا ، فالناقة بأربعين يوما ، والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة والبطة وشبهها بخمسة ، والدجاجة وشبهها بثلاثة ،

______________________________________________________

«الأول في ما يحصل به الجلل»

وفيه أبحاث :

(الأوّل) المشهور أنّه إنّما يحصل بأكل عذرة الإنسان فقط ، ونقل عن أبي الصلاح إلحاق غيرها من النجاسات بها ، وهو قياس لا نقول به.

(الثاني) في مدّة حصوله ، وهي المدّة التي يقال بالأكل فيها إنه حلّال ، ولكنها غير منضبطة شرعا ، ولا لغة ، ولا عرفا ، وفي بعض الروايات ما يدلّ على انه لا بد من كون غذائها ذلك ، ولم يكن له غذاء غيرها ، وانه لا بدّ من الاتصال ، فلو خلطت لم يحرم ولم يصر جلّالة.

وهي مرسلة موسى بن أكيل ، عن بعض أصحابنا (به ـ خ ل) ، عن أبي جعفر عليه السّلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت ، قال : فقال : يغسل باقي جوفها ثم لا بأس به ، وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم تكن جلّالة ، والجلّالة التي يكون ذلك غذاؤها (١).

فيها دلالة على وجوب غسل الجوف إذا نجس ، فيفهم منها تنجيس البواطن ، وهو خلاف المشهور الّا ان تخصّه بأنها لا تنجس بنجاستها ، لا انها لا تنجس بالنجاسة الخارجيّة ، وهو بعيد ، وخلاف ظاهر كلامهم ، فتأمّل.

ويمكن حملها على الاستحباب في ذلك لضعفها.

ومرسلة علي بن أسباط عمن روى في الجلّالات:لابأس بأكلهنّ إذا كن يخلطن (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٤٨.

(٢) تأتي عن قريب ان شاء الله.

٢٤٩

والسمك بيوم وليلة ، وما عداها بما يزيل حكم الجلل.

______________________________________________________

وفي صحيحة هشام (١) أيضا اشارة إليه.

نعم قد فهم انه لا بدّ من كونها غذاءها وعدم الفصل بغيرها ، ولكن ما علم مقدار تلك المدّة ، فيمكن الحوالة إلى العرف وصدق أنّ تلك غذائها ، فيمكن تحقّقه اليوم وليلة ، وبالمقدار الذي يشتدّ به عظم وينبت لحم كما قيل في الرضاع ، ولكن معرفة هذا مشكل ، ولا شكّ في ظهورها بعد مدّة كثيرة.

ونقل عن بعض آخر ظهور النتن ورائحة تلك العذرة من لحمه.

والظاهر انه لا شك في حصوله حينئذ ، واما القبل فغير معلوم.

ونقل عن الخلاف والمبسوط انها التي يكون أكثر غذائها العذرة ، فلم يعتبر اشتراط عدم الفصل ، مع انه ما يفهم مدّة ذلك.

ونقل عن المحقّق أن هذا التفسير جيّد على القول بالكراهة ، لا التحريم ، ويؤيّده ان مذهب المبسوط هو الكراهة ، وانه قال : ذلك مذهبنا فيشعر بعدم الخلاف عندنا ، فلا يبعد اختصاص الكراهة المذكورة في المبسوط بما هو غالب علفه لا الدائم وكذا حمل كلام ابن الجنيد فلا يتحقق الخلاف للتحريم لحم الجلّال الذي يكون علفه ذلك فقط ، إذ ما نقل الكراهة إلّا عنهما فتأمّل.

والمشهور هو التحريم ، ودليله أخبار كثيرة منها صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لا تأكل لحوم الجلّالات ، (وهي التي تأكل العذرة) (٢) فإن (وإن ـ خ ئل) أصابك من عرقها فاغسله (٣).

فيها دلالة على تعيين الجلّالة.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٤.

(٢) هذه الجملة ليست جزء من الرواية كما في التهذيب والاستبصار والوسائل ـ نعم هي موجودة في بعض نسخ الكافي ج ٦ باب لحوم الجلّالات إلخ ص ٢٥٠ حديث ١ بين معقوفتين فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٤.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وحسنة حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا تشرب من ألبان الإبل الجلّالة ، وان أصابك شي‌ء من عرقها فاغسله (١).

وهما مع غير هما من الاخبار من طرق العامّة (٢) والخاصّة كما ستسمع في بحث الاستبراء ـ ظاهرة في التحريم ، مع اعتبار السند وعدم المعارض ، والشهرة والمناسبة العقليّة مع التأويل المذكور (٣) لكلام القائل بالكراهة.

نعم ، فيهما الأمر بالغسل من عرقها ، وهو يدلّ على نجاسة عرقها ، وهو خلاف المشهور ، فان كان لهما معارض ومانع عن ذلك يحمل الأمر فيهما على الاستحباب والّا فعلى الوجوب الظاهر ، وذلك غير مانع من دلالة أوّلهما على تحريم لحمها ولبنها فلا مانع من القول بالتحريم.

فقول شرح الشرائع ـ بعد نقل الرواية عن العامّة أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله نهى عن أكل لحم الجلّالة ، وعن شرب ألبانها حتى يحبس (٤) ، ورواية هشام بن سالم ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : الناقة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها (٥) الحديث ، وغيرها من الأخبار الدالّة على النهي : الأوّل (٦) عامّي والثاني غايته أن يكون من الحسان والباقي ضعيف ـ محلّ (٧) التأمّل إذ قد عرفت الصحيح (٨) والحسن.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٤.

(٢) يأتي عن قريب ان شاء الله ولاحظ سنن أبي داود ج ٣ باب النهي عن أكل الجلالة ص ٣٥١.

(٣) بقوله قدّس سرّه فيما تقدم آنفا : فلا يبعد اختصاص الكراهة المذكورة في المبسوط بما هو غالب علفه ذلك.

(٤) راجع سنن أبي داود ج ٣ ص ٣٥١ باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها ولكن ليس فيه قوله : (حتى يحبس).

(٥) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٦ وفيه عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السّلام قال إلخ.

(٦) يعني ما رواه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله من انه نهى عن أكل لحم الجلالة إلخ وقوله : الأول إلخ مقول قوله : فقول شرح الشرائع.

(٧) خبر لقوله قدّس سرّه : فقول شرح الشرائع.

(٨) المراد بالصحيح صحيحة هشام بن سالم وبالحسن حسنة حفص بن البختري.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

وما رأيت ما ذكره من الحسن في الأصول ، بل التي ذكرها رواية مسمع (١) ، وهي ضعيفة كما رأيت في الكافي ، وهو اعرف.

ثم قال : الأشهر الأوّل ، ولو قيل بالتفصيل كما قال المصنّف رحمه الله بأنه ان كانت العذرة غذاء محضا فالتحريم ، وان كان غالبا فالكراهة كان وجها.

وأنت تعلم انه وجه على ما قلناه لا على ما ذكره ، حيث لا دليل عنده على التحريم ، بل لا يبعد الكراهة فيما أكل العذرة مساويا ، بل أنقص أيضا خصوصا إذا كانت يعتدّ بها (تقيّد بها ـ خ ل) وكذا سائر النجاسات للاعتبار ، ومفهوم هذه الأخبار الدالّة على التحريم ، واحتمال القياس ، فتأمّل.

(الثالث) لا فرق بين سائر الحيوانات في ذلك وان كان المذكور في بعض الأدلّة الشاة أو الناقة ، لعدم الفرق ، وللعموم الظاهر في صحيحة هشام المتقدّمة.

(الرابع) على تقدير تحريم لحمها هل هي نجسة أم طاهرة؟ المشهور الأخير ، فهي كسائر المحرّمات الطاهرة مثل السباع ، بل ما نعرف القائل بها.

نعم ، قيل بنجاسة عرقها ، والروايتان المتقدمتان دلّتا على وجوب غسل عرقها فيحتمل التعبد والنجاسة.

وعلى تقدير نجاسة عرقها ـ كما هو قول الشيخ ـ لا تدلّ على نجاسة الحيوان فتكون نجس العين مثل الكلب والخنزير ، وهو ظاهر وموافق للأدلّة.

ويمكن حمل الأمر على الاستحباب كما مرّ ، فإنه يرد لذلك كثيرا ، والشهرة ، والأصل يؤيّده ، وكذا ما دل على حصر النجاسات وبعد التعبد من دون النجاسة.

وبالجملة ، الظاهر تحريم لحمها ولبنها وسائر ما يتولد منها ، ووجوب ازالة

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٦.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عرقها حتى يعلم المزيل المحلّل من الاستبراء وغيره وهو ظاهر.

(الخامس) هل يقع عليها الذكاة كما في بعض المحرّمات؟ الظاهر ذلك للاستصحاب ، ولما مرّ في بعض المحرّمات.

«البحث الثاني في الاستبراء المحلل لما حرّم»

والظاهر ان لا خلاف بينهم في كون التحريم ممّا يمكن زواله بالاستبراء الّا انه وقع الخلاف في مدّته واختلفت الروايات ، فننقل الروايات ، فننظر فيما يستفاد منها.

وهي رواية السكوني ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : الدجاجة الجلّالة لا يؤكل لحمها حتى تقيّد (تغتذي ـ خ ل) ثلاثة أيام ، والبطة الجلّالة خمسة أيام ، والشاة الجلّالة عشرة أيام ، والبقرة الجلّالة عشرين يوما ، والناقة الجلّالة أربعين يوما (١).

ورواية موسى بن أكيل وقد تقدمت (٢).

ورواية يعقوب بن يزيد رفعه ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : الإبل الجلّالة إذا أردت نحرها تحبس البعير أربعين يوما ، والبقرة ثلاثين يوما ، والشاة عشرة أيام (٣).

ومرسلة علي بن أسباط وقد تقدمت (٤).

ورواية يونس عن الرضا عليه السّلام في السمك الجلّال انه سأله عنه

__________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٦.

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ٥ من أبواب لباس المصلى ج ٣ ص ٣٠٠.

(٣) الوسائل باب ٢٨ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٦.

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٥.

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : تنتظر به يوما وليلة ـ وقال السياري (١) : ان هذا لا يكون إلّا بالبصرة ، وقال في الدجاج (جة ـ ئل) : تحبس ثلاثة أيام ، والبطة سبعة أيام ، والشاة أربعة عشر يوما ، والبقرة ثلاثين يوما ، والإبل أربعين يوما ثم يذبح (٢).

ورواية بسّام الصيرفي ، عن أبي جعفر عليه السّلام في الإبل الجلّالة؟ قال : لا تؤكل لحمها ، ولا يركب أربعين يوما (٣).

ورواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : الناقة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى أربعين يوما والبقرة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى ثلاثين يوما ، والشاة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام ، والبطة الجلّالة لا يؤكل لحمها حتى تربى خمسة أيام ، والدجاجة ثلاثة أيام (٤).

وهذه دلت على التحريم مع الجلل ، والحلّ بعده بالاستبراء.

والظاهر ان لا ريب في الحلّ بعد الاستبراء وعدم التحريم الأبدي.

ولكن اختلف في المدّة ، وليس في تعيين تلك المدّة نصّ معتبر كما رأيت ، فالحوالة إلى زوال الجلل الموجب عرفا مناسب.

ولا شك في الزوال بتطييب اللحم وزوال رائحته إذا كان السبب هو النتن ، وفيما لا تقدير له بزواله عرفا.

وفيما له تقدير في الروايات يمكن ذلك أيضا لعدم اعتبارها.

__________________

(١) يعني أحمد بن محمّد السياري الذي في طريق هذه الرواية.

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٧.

(٣) الوسائل باب ٢٨ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٦ وفيه عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٤) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦.

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والأولى العمل بالأكثر فيما فيه اختلاف عددا ولو بأكثر الأمرين فيما له تقدير لو فرض الزوال قبل ذلك المقدر أو البقاء بعد الاستبراء بالمقدر.

ثم ان الظاهر انه لا يحتاج الى الربط والحبس كما وقع في بعض العبارات (١) والروايات (٢) فان الظاهر ان المراد حبسه ومنعه من العذرة ، وهو ظاهر مع انه لا شك ان موافقة الرواية أحسن.

ثم ان الظاهر ان لا فرق في المقدّر بين الذكر والأنثى إذا كان الموجود في لفظ الرواية أحدهما ، إذ لا فرق بينهما على الظاهر في الجلل وزواله ، فالمقدّر لأحدهما هو المقدّر للآخر ، فلا يكون هو ممّا لا نصّ فيه حتى يكون الاعتبار بزوال الاسم لا بالمقدّر كما يفهم من قيود المحقق الثاني الشيخ علي.

وأيضا ان الظاهر من بعض الروايات (٣) هو الحبس فقط من غير علف وهو غير بعيد ، فان الظاهر ان الجلل يزول بالمنع أيضا ، فتأمّل.

ويمكن حمله على الحبس عن العذرة أو العلف بغيره كما ورد في بعض آخر (٤) ولا شك في أولويّة العلف.

وأيضا انه لا يشترط الطهارة في العلف كما يفهم من المتن وغيره ، للأصل وعدم الدليل ، ولان الغرض زوال الجلل وهو يحصل حينئذ.

نعم ان قيل : بحصول الجلل بغيرها من النجاسات فلا بدّ من كون العلف

__________________

(١) في الشرائع : وفي الاستبراء اختلاف (إلى ان قال :) وكيفيته ان يربط ويعلف علفا طاهرا هذه المدّة (انتهى).

(٢) لاحظ الوسائل باب ٢٨ حديث ٦ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٧ وفيه : ان البقرة تربط عشرين يوما إلخ.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٨ حديث ٤ و ٥ بل ٦ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٧.

(٤) لاحظ الباب المذكور حديث ١ و ٢ ص ٣٥٦.

٢٥٥

ولو شرب شي‌ء من الانعام لبن خنزيرة ولم يشتد كره.

______________________________________________________

بغير ذلك أيضا.

واما المتنجس فالقول بحصول الجلل به غير معلوم ، فلو كان ذلك يكون كذلك.

وانه قد دلت على عدم البأس في أكل لحم وبيض دجاجة تأكل العذرة صحيحة سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام ، قال : سألته عن أكل لحوم الدجاج في الدساكر (١) وهم لا يمنعونها (لا يصدونها ـ يب) من شي‌ء تمرّ على العذرة مخلّى عنها أو آكل (وآكل ـ يب) بيضهنّ؟ فقال : لا بأس به (٢).

وهي لا تنافي ما دلت على التحريم ، إذ شرطه عدم الفصل وتمحّض العذرة وصيرورتها جلّالة ، وما علم تحققها في الدجاجة المسؤول عنها ، بل الأصل والظاهر عدم ذلك ، بل لا تدل على أكلها العذرة أيضا أصلا.

وحملها الشيخ على ذلك بقرينة مرسلتي موسى وعلي المتقدمتين (٣) ، واحتمل أيضا حملها على تقدير حصول الجلل على ما بعد الاستبراء.

قوله : «ولو شرب شي‌ء من الأنعام إلخ» هذا بيان ثاني ما يحرم لعارض وهو نعم ، من الأنعام المحلّلة ، يشرب لبن خنزيرة ، فإن كان قليلا بحيث لا يشتدّ عظمه ولا ينبت لحمه كره لحم ذلك الشارب ، ولبنه ، بل نسله أيضا على الاحتمال ، لاحتمال التأثير ، ويستبرأ بسبعة أيام استحبابا ، بان يعلف ما يستبرأ

__________________

(١) الدسكرة ، بناء على هيئة القصر فيه منازل وبيوت الخدم والحشم وليست بقرية محصّنة وليست بعربية والجمع دساكر (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ٢٧ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٤٣١ ، وأورده في التهذيب باب الذبائح إلخ حديث ١٩٣ ص ٣٥٠ طبع قديم وص ٤٦ ح ٩ طبع جديد.

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ وباب ٣ حديث ٥ من أبواب لباس المصلى ج ٣.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

به أو يشرب من لبن الشاة وغيره في هذه الأيام السبعة.

ومستنده الكراهة الأخبار الآتية.

وان اشتد العظم ونبت اللحم حرم لحمه ونسله.

دليله ـ مع ذكرهم من غير إظهار خلاف ـ الروايات وان لم تكن صحيحة كأنها منجبرة بذلك ، وبالاعتبار فتأمّل.

وهي ما رواه أبو حمزة ـ كأنه الثمالي ـ مرفوعا ، قال : قال : لا تأكل من لحم حمل رضع من لبن خنزيرة (١).

وموثقة حنان بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل وانا حاضر عن جدي رضع من لبن خنزير حتى شب (٢) وكبر واشتد عظمه ثم استفحله رجل في غنم له (في غنمه ـ كا ـ ئل) فخرج له نسل ما تقول في نسله؟ فقال : اما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنه ، واما ما لم تعرفه (فكله ـ كا ـ ئل) فهو بمنزلة الجبن كل (فكلّ ـ يب) ولا تسأل عنه (٣).

فيها إشارة إلى ان لحمه أيضا يكون كذلك ، وكذا لبنه ان كانت ذات لبن بالطريق الاولى.

وان (٤) الجبن لا يخلو عن شي‌ء ، كأنه لاحتمال أخذ الإنفحّة من الميتة وان كانت طاهرة وحلالا على ما قالوه وسيأتي ، وان يكون الأولى الاجتناب فتأمّل.

وقريب منها رواية بشر بن سلمة ، عن أبي الحسن عليه السّلام في جدي رضع من خنزيرة ثم ضرب في الغنم ، فقال : هو بمنزلة الجبن ، فما عرفت انه ضربه فلا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٤ ص ٣٥٣

(٢) في هامش النسخة المطبوعة هكذا : ثبت الفرس يشبّ ويشبّ إذا قمص ولعب.

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٣.

(٤) عطف على قوله قدّس سرّه : إلى ان لحمه.

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

تأكله وما لم تعرفه فكله (١).

حملها الشيخ في التهذيب على انه رضع من الخنزيرة رضاعا تاما نبت عليه لحمه ودمه ، واشتد بذلك قوته ، فاما إذا كان دفعة واحدة أو دون ما نبت عليه اللحم واشتد العظم فلا بأس بأكل لحمه بعد استبرائه بما سنذكره ان شاء الله ، وقد صرّح في الحديث الأول (٢) ـ أي خبر حنان بن سدير ـ بذلك.

ثم أيّده برواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انّ أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن حمل غذّي بلبن خنزيرة؟ فقال : قيّدوه وأعلفوه الكسب (٣) والنوى والشعير والخبز ، ان كان استغنى عن اللبن ، وان لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام ثم يؤكل لحمه (٤).

والظاهر أن المراد بالمذكورات ـ مثلا ـ (٥) وهي بظاهرها أعم من المتنجس وغيره.

وان (٦) هذا التقييد للاستبراء فهي تدل على ان الاستبراء في مثله بسبعة أيام.

وانه لا بدّ من أكل شي‌ء فليس بمعلوم كفاية الحبس فقط ، مع عدم الأكل فليس ببعيد تحققه في ذلك المقدار من الزمان فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٣ وفيه بشر بن مسلمة.

(٢) يعني الأول في التهذيب لا هنا والا فالحديث الأول هنا حديث أبي حمزة.

(٣) بالضم فالسكون فضلة دهن السمسم (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٣.

(٥) يعني ان المذكورات في خبر السكوني بقوله عليه السّلام أعلفوه إلخ من باب المثال لا ان لها خصوصيّة.

(٦) عطف على قوله قدّس سرّه : ان المراد وكذا قوله قدّس سرّه : وانه لا بد إلخ.

٢٥٨

ويستبرئ استحبابا بسبعة أيام ، وان اشتدّ حرم لحمه ونسله.

______________________________________________________

ويدل أيضا على تحريم لحمه رواية (١) تدلّ على الاستبراء بسبعة مطلقا وكأن المصنف حملها على عدم الاشتداد والاستحباب.

ويمكن حملها على الأعم ولكن يكون الاستبراء واجبا ويحرم قبله ، وهو خلاف ما تقرّر مع عدم صحّة السند.

ويمكن حمله على الأعم وجعل الاجتناب أولى أعم من أن يكون حراما أو مكروها والاستبراء راجحا أعم من ان يكون واجبا أو مستحبا كل ذلك بالعناية فتأمّل.

والمصنف ما ذكر هنا الاستبراء في صورة التحريم ، بل في صورة الكراهة والاستحباب فقط ، وما اعرف وجهه ، كأنه إذا حرم لا يحلّ بالاستبراء ، لعدم الدليل ، ولكن لا دليل على التحريم أيضا فتأمّل.

وتدل على عدم البأس بلبن الإنسان ، وانه مكروه صحيحة أحمد بن محمّد بن عيسى قال : كتبت إليه : جعلني الله فداك من كلّ سوء : امرأة أرضعت عناقا (٢) حتى فطمت وكبرت وضربها الفحل ثم وضعت أفيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها؟ فكتب عليه السّلام : فعل مكروه ولا بأس به (٣).

فيها : ان المكروه لا بأس به.

وانه مع الكبر والشدّة مكروه فبدونهما يجوز بالطريق الاولى ، ويحتمل الكراهة مطلقا.

والظاهر ان المراد لحمها ولحم نسلها ، فتأمّل.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٣.

(٢) بالفتح الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٤.

٢٥٩

ولو شرب خمرا غسل لحمه وأكل دون ما في جوفه.

ولو شرب بولا غسل ما في بطنه وأكل.

______________________________________________________

واما إذا شرب احد المحلّلات ـ مثل الشاة ـ خمرا فقال المصنف : (غسل لحمه وأكل ولم يؤكل ما في بطنه) لا قبل الغسل ، ولا بعده.

ويحتمل اختصاص الحكم بالشاة لورود النص فيها خاصّة.

دليله ـ الذي رأيت غير كلامهم ـ رواية زيد الشحام الضعيفة ب (أبي جميلة) (١) ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال في شاة شربت خمرا حتى سكرت ثم ذبحت على تلك الحال ، لا يؤكل ما في بطنها (٢).

هذه ـ مع ضعفها ـ لا تدل على غسل اللحم ، ولا على تحريم ما في جوفها مطلقا ، بل إذا شربت حتى سكرت وذبحت حال السكر فهي أخصّ من المدعى من وجوه ، والأصل وما تقدم من القواعد يقتضي عدم ذلك.

ولكن لا ينبغي الخروج عن كلامهم مهما أمكن.

ويدل على الغسل وحليّة ما في البطن ـ إذا شرب البول ـ ما تقدم في رواية موسى بن أكيل ـ الضعيفة ـ عن أبي جعفر عليه السّلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت؟ قال : فقال : يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به ، وكذا إذا اعتلفت العذرة (بالعذرة ـ ئل) ما لم تكن جلّالة. (٣)

وهي تدل على عدم غسل اللحم ، بل غسل ما في جوفها ، كأنه لوصول البول والغائط ، فتدل على تنجيس الباطن.

__________________

(١) فان سندها كما في التهذيب هكذا : محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبار عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٢.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرّمة ج ١٦ ص ٣٥٢ وفيه عن بعض أصحابه كما في التهذيب أيضا وفي الكافي والاستبصار عن بعض أصحابنا.

٢٦٠