مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

جريرته وكل حدث يلزمه ، فإذا فعل ذلك فهو يرثه ، وان لم يفعل ذلك كان ميراثه يرد على امام المسلمين (١).

وصحيحته أيضا عنه ، قال : من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شي‌ء وليس له من ميراثه شي‌ء وليشهد على ذلك ، وزاد في التهذيب : وقال : من تولى رجلا ورضي بذلك فجريرته عليه وميراثه له (٢).

وفي صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل عن المملوك يعتق سائبة؟ قال : يتولّى من شاء وعلى من يتولّى جريرته وله ميراثه ، قلنا له : فان سكت حتى يموت ولم يتولّ أحدا؟ قال : يجعل ماله في بيت مال المسلمين.

لعلّه يريد بيت مال الامام عليه السّلام حيث دلت الاخبار على كونه له ، ولما كان عليه السّلام ولي المسلمين ويصرف ماله في مصالحهم سمي بيته بيت مال المسلمين (٣) ويحتمل التقيّة ، ويمكن التأويل في تلك ويكون معنى كونه له كونه للمسلمين لذلك ، فتأمّل.

وصحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : السائبة ليس لأحد عليها سبيل ، فان والى أحدا فميراثه له وجريرته عليه ، وان لم يوال أحدا فهو لأقرب الناس لمولاه الذي أعتقه (٤).

لعلّ المراد بالسائبة في الأخبار الذي برأ مولاه من جريرته حين عتقه.

وان قوله في الأخيرة : (وان لم إلخ) ينافي غيرها من الاخبار الدالة على ان ميراث من لا وارث له للإمام عليه السّلام ، أو لأهل بلده ، أو لبيت المال على

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١٢ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٠.

(٢) الوسائل باب ٤١ حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦ وباب ٤٣ حديث ٤ منها ص ٤٩.

(٣) الوسائل باب ٤١ نحو حديث ١ بالسند الثاني من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ١٠ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٠.

٤٦١

ولا يضمن إلّا سائبة ، ولا يرث الّا مع فقد كل مناسب حتى المعتق ، ويأخذ مع احد الزوجين ما فضل عن نصيبه.

______________________________________________________

اختلافها ، فردها الشيخ لذلك ، وقال : انه غير معمول فيمكن ان تقيد بعقد الجريرة مع المولى أو على استحباب ان يعطيه الامام عليه السّلام ، على تقدير حاجته ، أو على المال الذي كان له ، لا الذي عليه بعد العتق ، فإنه لوارثه ان كان وان كان ذلك كله بعيد وخلاف الظاهر الّا انه أولى من الحذف والحمل على الغلط ، الله يعلم.

فإذا صح العقد ثبت الولاء ويثبت بذلك الميراث كما في النسب ، لكن لا يتعدى الميراث الى غيرهما ، فلا يرث قريب أحدهما الآخر ، ولا العكس ، لعدم الدليل إلّا في الضامن على ما تقدم كما في سائر الأسباب ، فإن الإرث بالزوجيّة والإمامة أيضا لا يتعدى عنهما وعن الامام عليه السّلام ، فان علّته الزوجيّة والإمامة ، وهما غير موجودين في غيرها.

بل في الحقيقة لم يتعدّ الميراث في النسب أيضا ، فإن كل احد يرث بقرابة مخصوصة ، فإن الولد يرث بقرابة الولديّة ، وولد الولد بسبب كونه ولد الولد ، وهكذا في غيرها ، فالمراد ظاهر ، فان المقصود انه إذا تحقق ولاء الضمان بينهما ، لا يسري ذلك الى عقبهما ، بخلاف ولاء العتق فإنه يسري ، وهو ظاهر وجه عدم السراية ظاهر ، فإنه شرط يفعله الإنسان على نفسه لشخص ، فلا معنى لثبوته لغيره بغير رضاه وعقل منه ، فتأمّل.

قوله : «ولا يضمن إلّا السائبة إلخ» أي لا يتحقّق عقد الضمان على شخص الّا ان يكون سائبة أي لا معتق له ، ولا نسب موجبان للإرث ، مثل حرّ ومعتق في كفارة لا قريب لهما ، أو معتق بتنكيل كذلك ، أو مع التبري من ضمان جريرته أي عتق بلا عوض بسبب مباح.

وقد مرّ دليله ، وهو الاخبار المتقدّمة الدالّة على تحقق الضمان في السائبة ، وقد مرّ في تلك الاخبار أيضا إشارة إلى معنى السائبة فافهم.

٤٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وصرّح بذلك في رواية أبي الربيع ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن السائبة؟ فقال : هو الرجل يعتق غلامه ثم يقول : اذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شي‌ء ولا علي من جريرتك شي‌ء ، وليشهد (ويشهد ـ ئل) على ذلك شاهدين (١).

هذه تدلّ على انه انما يحصل البراءة كما قاله الأصحاب ، وانه يصح بعد العتق أيضا وانه لا بد من الشهادة ، كأنه للتعليم.

ولا يضرّ الجهل بحال أبي الربيع ، فان مضمونه موافق للقوانين وغيره من الاخبار في الجملة فتأمّل.

فعلم انه لا يرث ضامن جريرة عن صاحبه الّا مع فقد كلّ وارث نسبي وسببيّ أيضا إلّا الامام ، والزوج ، والزوجة ، حذف للظهور.

ويدل عليه قوله بعيده : (ويأخذ مع احد الزوجين ما فضل عن نصيبه) الّا على النصف أو الربع ، فإنه على القول بالرد عليهما أيضا انما يردّ مع فقد هما فقد صرّح من قبل به.

وأعلم ان في قولهم : (ولا يرث الّا مع فقد كلّ مناسب ومسابب) مناقشة فإن ظاهره انه يجتمع معهم لكن لا يرث الّا بعد فقدهم ، والحال انه لا يوجد معهم لما علم انه لا يتحقق إلّا في السائبة وقد مرّ معناها.

فلو كان (فلا) (٢) لكان أولى ، فإنه يتفرّع عليه ، لأنه إذا قيل : (ولا يضمن إلّا السائبة) علم انه لا يرث الّا مع فقدهم ، إذ لم يكن السائبة الّا حينئذ ، وكذا في قوله : (ومسابب حتى المعتق) ، إذ يرث مع سبب آخر غيره ، وانما المانع هو المعتق فقط.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٣ حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٨.

(٢) يعني لو قال المصنف بدل قوله قدّس سرّه : (ولا يضمن إلّا السائبة) : (فلا يضمن إلخ) بالفاء لكان اولى.

٤٦٣

فان عدم ضامن الجريرة فهو للإمام ، ولا يرث الّا مع فقد كلّ مناسب ومسابب.

______________________________________________________

قوله : «فان عدم ضامن الجريرة إلخ» ثالث أقسام الولاء ، الإمامة ، والامام عليه السّلام يرث سواء كان غائبا أو حاضرا بعد عدم وارث نسبي أو (وـ خ) سببي حتى ضامن الجريرة ، سواء لم يكن هناك وارث أصلا أو يكون ولكن ما يرث لمانع من قتل وكفر مع إسلام الميّت ونحوهما.

وهذا صحيح على تقدير القول بالرد على الزوجة وان قيل بعدم الرد ، فلا يشترط فقد كلّ المسابب ، ففي صحّة هذا القول على قول المصنف بالردّ على الامام دون الزوجة حال الغيبة تأمّل.

ثم كون ميراث من لا وارث له للإمام ، هو المشهور بين الأصحاب.

والظاهر ان دارهم كونه له خاصّة ، وكونه من خاصّة ماله كالأنفال وسائر أمواله ، لا أنه من بيت مال المسلمين كما هو عند العامّة.

وقال الصدوق في الفقيه : ان كان الامام حاضرا ، فهو له ، وان كان غائبا ، فهو لأهل بلده.

ونقل عن مقنعة الشيخ المفيد جعله في الفقراء والمساكين ، مع انه نقل عنها قيل : انه لإمام المسلمين.

دليل المشهور حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : من مات وترك دينا فعلينا دينه وإلينا عياله ، ومن مات وترك مالا ، فلورثته ، ومن مات وليس له مولى (موالي ـ ئل) فماله من الأنفال (١).

وقد تقرّر أن الأنفال له عليه السّلام ، وأوّل الخبر تفضّل عنهم عليهم السّلام على شيعتهم في الدنيا والآخرة فافهم.

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : من مات

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٨.

٤٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وليس له وارث من قرابته ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته فماله من الأنفال (١).

كأنّه يريد بضمان الجريرة عدم التبري فيؤول إلى كلام الأصحاب.

وظاهرها ان الإرث بالعتق انما يثبت بعقد الضمان وشرطه ، لا بمجرد عتقه وحينئذ يلزم عدم الفرق بينه وبين غيره.

الّا ان يقال : يحتاج هناك الى عقد ، وهنا يكفي بمجرد القول بالقبول.

وهو بعيد فكان كلام الأصحاب أرجح ولم ينقل عنهم فيه الخلاف.

وصحيحة محمّد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في قول الله تعالى ذكره (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)؟ قال : من مات وليس له مولى فماله من الأنفال (٢).

التقريب ما تقدم مع التصريح في غير هما بكونه له عليه السّلام.

ومرسلة حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام ، قال : الامام وارث من لا وارث له (٣).

وما في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السّلام : وان لم يفعل ذلك كان ميراثه يردّ على امام المسلمين (٤).

وصحيحة بريد العجليّ ـ في بحث العتق ـ عن أبي جعفر عليه السّلام : وان لم يكن توالى الى احد من المسلمين حتى مات كان ميراثه لإمام المسلمين (٥).

وما في صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام : وان لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٧.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٨.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٨.

(٤) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ١٢ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥١.

(٥) الوسائل باب ٤٠ قطعة من حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٥.

(٦) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨١.

٤٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وما تقدم في صحيحة ابن رئاب : وما كان ولاؤه لرسول الله صلّى الله عليه وآله فان ولاءه للإمام ، وميراثه له (١).

وهذا يدل على ان الأنفال له عليه السّلام ، فافهم ، وغير ذلك.

ولعل دليل الشيخ المفيد على انه من بيت المال الروايات الكثيرة ، مثل ما تقدم في صحيحة أبي بصير : يجعل ماله في بيت مال المسلمين (٢) وقد عرفت تأويله.

ورواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : من أعتق سائبة فليتوال من شاء ، وعلى من والى ، جريرته وله ميراثه ، فان سكت حتى يموت أخذ ميراثه فيجعل في بيت مال المسلمين إذا لم يكن له وليّ (٣).

وكأنّ الصدوق في الفقيه فرّق بين كونه للإمام وبين كونه مال المسلمين ، حيث قال ـ بعد صحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة ـ : وقد روى في خبر آخر : من مات وليس له وارث فماله لهمشهريجه ، يعني أهل بلده (٤) ، قال مصنف هذا الكتاب : متى كان الامام حاضرا فماله للإمام ، ومتى كان الإمام غائبا فماله لأهل بلده متى لم يكن له وارث ولا قرابة أقرب إليه منهم بالبلديّة ، ونقل صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل مسلم قتل وله أب نصراني لمن يكون ديته؟ قال : تؤخذ فتجعل في بيت مال المسلمين لأن جنايته على بيت مال المسلمين (٥).

بل الشيخ أيضا في التهذيب ما فرّق بين كونه للإمام وبين كونه من بيت

__________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٦ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩.

(٢) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩ لكن هذه الجملة في رواية سليمان بن خالد ولاحظ باب ٤١ نحو حديث ١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٢.

(٥) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

٤٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

مال المسلمين حيث انه بعد نقل رواية معاوية بن عمار المتقدمة (١) ، ورواية عبد الله بن سنان المتقدمة ، التي فيها : وان لم يفعل ذلك كان ميراثه ردّ على امام المسلمين ، ورواية أبي بصير المتقدمة التي فيها:وان لم يوال أحدا فهو لأقرب الناس لمولاه الذي أعتقه (٢)قال :

قال محمّد بن الحسن : هذا الخبر ـ يعني رواية أبي بصير ـ غير معمول عليه ، لأن الأخبار كلّها وردت في انه متى لم يتوال السائبة أحدا كان ميراثه لبيت مال المسلمين ، وقد استوفينا ما في ذلك في كتاب العتق ، وأوردنا في هذا ما فيه كفاية والحمد لله ربّ العالمين ، ويزيد ذلك بيانا ما رواه الحسن (٣) الى قوله : قال : يجعل ميراثه في بيت مال المسلمين (٤) ، ثم ذكر رواية عمار بن أبي الأحوص المتقدمة (٥).

وذكر في كتاب العتق رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل عن المملوك يعتق سائبة؟ قال : يتوالى من شاء ، وعلى من تولى جريرته وله ميراثه ، قلت : فان سكت حتى يموت ولم يترك أحدا؟ قال : يجعل ماله في بيت مال المسلمين (٦).

ففي الطريق شعيب العقرقوفي عن أبي بصير (٧) فيحتمل كونه يحيى بن القاسم فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٩ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩.

(٢) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ١٢ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٠.

(٣) هكذا في النسخ ولم يعلم المراد من (الحسن).

(٤) الوسائل باب ٤١ قطعة من حديث ١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦.

(٥) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٤٩.

(٦) الوسائل باب ٤١ نحو حديث ١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦.

(٧) فان طريقه كما في كتاب العتق من التهذيب حديث ١٥٧ هكذا : الحسين بن سعيد عن شعيب ، عن أبي بصير.

٤٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وذكر صحيحة ابن سنان المتقدمة التي فيها زيادة (وقال إلخ) (١) ولا دلالة فيها على المطلوب هنا.

ورواية أبي الربيع التي تقدّمت في معنى السائبة (٢) ، ولا دلالة فيها أيضا.

ثم ذكر رواية عمار بن أبي الأحوص المتقدمة (٣) وهي تدل على كونه للإمام عليه السّلام كما فهمت ، فليس في كتاب العتق زيادة على ما في هذا المقام فتأمّل.

لعلّ نظر الشيخ والصدوق الى ما ذكرناه من التأويل من انه وليّ المسلمين ، وبيته بيت مال المسلمين ، أو بيت مالهم بيته عليه السّلام.

وكأن ذلك مراد الشيخ المفيد أيضا حيث قال أوّلا انه للإمام ثم ذكر انه لبيت مال المسلمين فتأمّل.

واما دليل الصدوق ، فكأنه الجمع بين الروايات المتقدّمة وبين رواية السريّ ، يرفعه الى أمير المؤمنين عليه السّلام : في الرجل يموت ويترك مالا ليس له وارث؟ قال : فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : أعط همشاريجه (٤).

قال الشيخ في التهذيب : ورواه أيضا ، عن داود ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : مات رجل على عهد أمير المؤمنين عليه السّلام ، فأعطى ميراثه الى همشاريجه (همشهرجه ـ خ ل ئل) (٥).

فجمع الصدوق ، بحمل الأوّل على ظهور الامام عليه السّلام ، وهذه على غيبته.

__________________

(١) الوسائل باب ٤١ حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٦.

(٢) الوسائل باب ٤٣ حديث ٢ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٨.

(٣) الوسائل باب ٤٣ حديث ١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٤٨.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٧.

(٥) الوسائل باب ٤ حديث ٣ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ج ١٧ ص ٥٥٧.

٤٦٨

وكان أمير المؤمنين عليه السّلام يضعه في فقراء أهل بلده

______________________________________________________

وأنت تعلم انها لا تصلح للمعارضة على تقدير التنافي حتّى يجمع بهذا الجمع.

وأشار إليهما الشيخ في التهذيب والاستبصار ، وقال ـ بعد الرواية ـ : فهذه مرسلة لا تعارض ما قدمناه من الأخبار ، مع انه ليس فيها ما ينافي ما تقدم ، لأن الذي تضمّن أن أمير المؤمنين عليه السّلام اعطى تركته همشاريجه ، ولعلّ ذلك فعل لبعض الاستصلاح ، لأنه إذا كان المال له خاصّة جاز له ان يعمل به ما شاء وليس في الروايتين انه قال : ان هذا حكم كلّ مال لا وارث له فيكون منافيا لما قدّمناه من الاخبار.

وهذا توجيه حسن ، فإنه وان كان مشتملا على الأمر بإعطاء همشاريجه ، فليس بمناف لما تقدّم ، لانه ماله يفعل به ما يريد.

وقال في المختلف : وما قاله الشيخ جيّد ، والمعتمد العمل على المشهور ، من كونه للإمام عليه السّلام.

هذا كلام جيّد ، ولكن قال ـ بعده بلا فصل ـ : وتأويل الصدوق لا بأس به ، وكأنّه الذي اختاره المفيد.

وهو غير جيّد كما مرّ ، إذ مرّ أن روايته غير صالح (١) للمعارضة فلا يحتاج إلى التأويل.

وأنّ كلام الشيخ المفيد راجع الى المشهور ، وانه بعينه كلام الشيخ ، فان كان هو مخالفا للمشهور فكذلك كلام الشيخ.

وأن حمل كلامه على كلام الصدوق بعيد جدّا ولعلّ في العبارة غلطا. واعلم انه أشار في المتن أيضا الى ما ذكره الشيخ من الحمل ، بقوله : (وكان عليه السّلام إلخ) ولكن ما علم صرفه عليه السّلام في ضعفاء جيرانه من تلك الرواية ، كأنه علمه

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب : غير صالحة إلخ.

٤٦٩

وضعفاء جيرانه تبرعا منه.

ومع الغيبة يقسم في الفقراء والمساكين ، فان خيف دفع الى الظالم.

______________________________________________________

من موضع آخر.

ثم اعلم أيضا أنّ في هذه الاخبار دلالة على الرد على الزوج والزوجة دونه عليه السّلام فافهم.

قوله : «ومع الغيبة إلخ» لعلّ دليل صرفه في زمان غيبته عليه السّلام فيما ذكره انه عليه السّلام مستغن عنه ، وغيره محتاج فمعلوم رضاه به.

وانه لو كان حاضرا ومستغنيا عنه ، لفعله هكذا.

وتؤيده الرواية الدالة على فعل أمير المؤمنين عليه السّلام فينبغي الملاحظة في صرفه بان يدفع الى المحتاجين من أهل بلد الميّت.

يحتمل ان المراد بلد الموت وبلد الميّت ، بل هو المتبادر من (همشاريجه) فان كانوا حاضرين في بلد المال فينبغي اختيارهم ، والّا ففي غير هم ، ومختار الأحق وقدر الحاجة ، ولو كان يوما فيوما ممكنا ينبغي ذلك أو دفع الى أمين حتى يصرفه يوما فيوما عليهم ويختار الأيتام على غيرهم والعاجزين على الكسب كالعجائز والشيوخ والمرضى.

ويؤيّد ذلك كلّه ما ذكروه في الخمس.

وهو يقتضي كون المتصرف هو الحاكم النائب ، ومع التعدد وتعذر اذنه يحتمل العدل المتصرف صرفه ، الله يعلم.

ثم ان الظاهر على تقدير وصية الميّت به ينبغي صرفه كلّه فيه لا الثلث مع الاحتمال الظاهر لظاهر أدلة الثلث في الوصيّة.

وقد حملنا على الوصيّة الخبر الدال على حمل المال إليه عليه السّلام (١) ، وقد

__________________

(١) عن محمّد بن نعيم الصحاف ، قال : مات محمّد بن أبي عمير بياع السابري واوصى اليّ وترك امرأة لم

٤٧٠

وكل من مات ولا وارث له وان كان حربيّا فميراثه للإمام ، وما يتركه المشركون خوفا من غير حرب فللإمام.

المقصد الثاني : في موانع الإرث

وهي خمسة : (الأول) الكفر ، فلا يرث الذمي والحربي والمرتد مسلما ، ويرث المسلم الكافر.

______________________________________________________

مرّ في عدم الرد على الزوجة فتذكر فإنه كانت في الرواية : (ولا يجوز دفعه الى الظالم لأحد اختيارا ، وان أخذه قهرا فلا اثم).

والظاهر عدم الضمان ان كان تصرفه فيه مشروعا ويده لم تكن يد ضمان قبل الأخذ منه والّا ضامن كغيره من الأموال فتأمّل.

قوله : «وكل من مات إلخ» دليله ما تقدم من الاخبار ، بل هذه المسألة هي تلك المسألة ، والظاهر ان الإعادة للتصريح بحال الحربي ، وقد مرّ في بحث الجهاد (١).

دليل كون ما يتركه المشركون خوفا من غير حرب له عليه السّلام ، فإنه من الأنفال ، وذلك له عليه السّلام.

قوله : «الكفر إلخ» من موانع الوارث عن الإرث : الكفر ، فإنه يمنع الكافر بأنواعه ـ مرتدا وأصليّا ، ذميّا وحربيّا ـ من ان يرث شيئا عن مورّثه المسلم مطلقا.

دليله لعلّه الإجماع ، والاخبار المخصّصة لعموم آيات الإرث واخباره وإجماعه.

__________________

يترك وارثا غيرها فكتبت الى العبد الصالح عليه السّلام فكتب اليّ : أعط المرأة الربع واحمل الباقي إلينا. الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب ميراث الأزواج ج ١٧ ص ٥١٥.

(١) لا حظ ج ٧ من هذا الكتاب من ص ٤٣٦ إلخ.

٤٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل حسنة جميل وهشام ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : فيما روى الناس عن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال : لا يتوارث أهل ملّتين ، وقال (قال ـ ئل) : نرثهم ولا يرثونا ان الإسلام لم يزده في حقّه الّا شدّة (١) (عزّا ، الاستبصار ـ التهذيب)

فيها دلالة على ان المراد بعدم توارث الملّتين عدم ارث الكافر من المسلم لا غير فلا ينافي التوارث بين ملتين كافرين ، وهو ظاهر.

وحسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : لا يرث اليهوديّ والنصراني المسلم ، (المسلمين ـ يه صا) ، ويرث المسلم (المسلمون ـ فقيه) اليهودي والنصراني (٢).

فغيرهما يكون كذلك بالطريق الأولى.

وحسنة أبي ولّاد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : المسلم يرث امرأته الذميّة وهي لا ترثه (٣) ، وهي صحيحة في الفقيه ، والاخبار في ذلك كثيرة بعضها يدل على عدم التوريث بين الملّتين.

وأوّل الشيخ ما يدل على عدم التوارث بين الكافر والمسلم بعدم التوارث من الجانبين ، وحمل الذي يدل على عدم توريث المسلم بخصوصه أيضا من الكافر على التقيّة مع عدم اعتبار أسناد شي‌ء منها.

ويدل على منع المرتدّ بخصوصه ما في رواية أبي بكر الحضرميّ : ولا يرثها ان ماتت وهو مرتد عن دين الإسلام (٤).

وما في الصحيح ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام :

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٧٦.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٧ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٧٥.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٧٤.

(٤) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٦.

٤٧٢

ولو كان للكافر ورثة كفار ومسلم فالميراث كلّه للمسلم ، وان بعد كضامن الجريرة ، وقرب الكافر (الكفار ـ خ ل) كالوالد (كالولد ـ خ).

فان لم يخلّف مسلما ورثه الكافر (الكفار ـ خ ل) ان كان أصليا.

______________________________________________________

ومسلم تنصّر ثم مات؟ قال : ميراثه لولده المسلمين (١).

والمراد بالولد ، هو الحاصل قبل ارتداده ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو كان للكافر إلخ» لعلّ دليله الإجماع ، وممّا سبق ظهر أيضا ذلك فافهم.

ومرادهم بالوارث المسلم الذي يرث من الكافر غير الامام عليه السّلام ، فإنهم يورثون الكافر من الكافر معه ، وإليه أشار بقوله : (وان بعد كضامن الجريرة) ، فإنه يفهم منه انه الفرد الأخفى والأبعد ولا يكون أبعد منه ويحملون ما دلّ على عدم ارث الكافر ان كان وارث مسلم على الوارث الخاصّ للتبادر ، وعدم عدّه من الوارث لشخص بخصوصه فافهم. ويؤيّده عموم أدلة الإرث وعدم ثبوت عدم ارث الكافر من الكافر مطلقا.

قوله : «فان لم يخلّف مسلما إلخ» لعلّ دليله عموم أدلة الإرث مع عدم ثبوت المعارض والمخصّص.

فلو ترافعوا في ذلك إلينا نحكم لهم بالإرث الإسلامي.

ولكن هذا إذا كان الميّت كافرا أصليّا ، فلو كان مرتدا لم يرثه الكافر الوارث لا الأصلي ولا المرتد ، فإنه بحكم المسلم عندهم ، فإنه لا يرثه الّا المسلم.

لما في مرسلة أبان بن عثمان عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في

__________________

(١) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٥.

٤٧٣

فان خلّف مع الولد الكافر زوجة مسلمة فلها الثمن والباقي للولد.

______________________________________________________

رجل يموت مرتدا عن الإسلام وله أولاد فقال : ماله لولده المسلمين (١).

لعلّ المراد المسلم ، في صحيحة أبي ولّاد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل ارتد عن الإسلام لمن يكون ميراثه؟ قال (فقال ـ ئل) : يقسّم ميراثه على ورثته على كتاب الله (٢).

وكذا في رواية محمّد بن مسلم ـ كأنها صحيحة ـ قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المرتد؟ فقال : من رغب عن دين الإسلام ، وكفر بما انزل الله على محمّد صلّى الله عليه وآله بعد إسلامه ، فلا توبة له وقد وجب قتله وبانت امرأته منه فليقسّم ما ترك على ولده (٣).

كأنه ترك قيد الإسلام لأنه كان مسلما ، فمعلوم كون ولده كذلك.

فيها بعض أحكام المرتدّ ، مثل عدم قبول توبته ، لعلّه الفطري ، والمراد عدم سقوط القتل فافهم.

ولو لم يكن له وارث مسلم فميراثه للإمام عليه السّلام كسائر من لا وارث.

لعلّ دليلهم الإجماع أو عموم ما يمنع الكافر عن الإرث ويخصّصونه في إرثه عن الكافر الأصلي ، فتأمّل.

قوله : «فلو خلّف مع الولد إلخ» متفرّع على توريث الكافر من الكافر مع عدم المسلم غير الامام ، وعدم انتقاله إليه عليه السّلام ، أي فلو مات كافر أصلي وخلّف ولدا كافرا وزوجة مسلمة فللزوجة الثمن ، لانه لا يرث الّا ما فرض لها ، والفرض لها مع الولد الوارث هو الثمن ، والمفروض ان الولد الكافر يرث من أبيه

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٦ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٧.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٦.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٧.

٤٧٤

وان (فان ـ خ) كان مرتدا ورثه الامام.

ولو كان وارث المسلم كافرا فالميراث للإمام.

والمسلمون يتوارثون وان اختلفوا في المذاهب ، والكفار يتوارثون وان اختلفوا في الملل.

______________________________________________________

الكافر مع عدم وارث يمنعه.

وبالجملة إذا لم يكن وارث للكافر غير الكافر يرث من الكافر ، ولو كان هناك وارث يرث في الجملة فإنه لا يمنعه ولا يحجبه ، لعدم إرثه المال ، فهو بالنسبة إلى غير ما يرث كالمعدوم ، فكأنه مات كافر ولم يخلف الّا كافرا.

واعلم أنّ هذا التقرير يقتضي ان يكون لها الربع ، فإنها ترث مع عدم الولد الوارث الربع ، وهنا كذلك.

وان الولد انما يرث ما بقي فتأمّل فيه.

ويمكن ان يقال انها انما ترث الربع مع عدم الولد أصلا ، وارثا كان أو غيره ، لظاهر الأدلّة من الكتاب والسنّة.

ولكن بقي انه ينبغي ان يكون الحكم مبنيّا على عدم الرد على الزوجة ، فعلى مذهب المصنف ، يكون (١) على تقدير غيبة الإمام عليه السّلام ، وعلى المذهب الذي يردّ عليها يكون الكلّ لها ولا يكون للولد شي‌ء أصلا ، وإذا قيل بعدم الرد مطلقا يكون ما ذكره على عمومه صحيحا ، وهو ظاهر.

قوله : «وان كان مرتدا إلخ» أي ان كان الميّت الكافر مرتدا ولا وارث له مسلم ، وان كان له وارث كافر من جنسه أم لا ، لم يرثه الكافر ، بل الامام عليه السّلام ، قد مرّ وجهه مع التأمّل.

قوله : «ولو كان وارث المسلم إلخ» دليله أيضا قد مرّ وهو ظاهر.

قوله : «والمسلمون يتوارثون إلخ» دليل توارث المسلمين باختلاف

__________________

(١) يعني عدم الرد.

٤٧٥

ولو أسلم الكافر على ميراث قبل القسمة شارك ان ساوى واختص به ان كان أولى ، وان كان بعدها أو كان الوارث واحدا فلا شي‌ء له.

______________________________________________________

أصنافهم بعضهم من بعض ، والكفار بانواعهم كذلك ـ إلّا الأصلي عن المرتد ويحتمل كون العكس كذلك فتأمّل ـ هو عموم أدلة الإرث كتابا وسنّة وإجماعا من غير معارض ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو أسلم الكافر على ميراث إلخ» إذا كان الوارث كافرا والموروث منه مسلما وكان هناك من يرثه من ورثته المسلمين ، فان كان واحدا حاز المال فلا شي‌ء لمن أسلم بعده ، سواء تصرف الوارث في المال أم لا ، وسواء كان أقرب ممن أسلم أم لا ، فإنه بمجرد الموت انتقل التركة إليه بأدلّة الإرث ، وصرفه عنه يحتاج الى دليل ، وليس الّا ان يكون الوارث اماما عليه السّلام فان بعضهم اشترط نقله الى بيت المال.

لعل مراده بيت ماله ، وليس له دليل واضح بعد ان تقرر انه الوارث ، فيكون مثل سائر الورثة فتأمّل وسيجي‌ء بيان تلك المسألة.

وان كان متعددا ، فإن أسلم وارث آخر بعد القسمة فلا شي‌ء له ، لما مرّ ، وان أسلم قبلها ، فان كان مقدما وأقرب الى الميّت ممن كان أخذ المال كلّه ، وان كان في مرتبتهم شاركهم بحصّته.

وهذا الحكم خلاف قواعدهم ، لما تقدم من ان المال بعد الموت ينتقل الى من يرثه في تلك الحال ، إذ لا يبقى ملك بلا مالك ، وبعده لا وجه للانتقال عنه الى آخر.

ولكن الظاهر انه مجمع عليه ، ومستندهم اخبار أهل البيت عليهم السّلام ، فيمكن ان يقال يبقى على حكم مال الميّت الى ان يقسّم أو يسلم الباقي ويصير بلا مالك بالفعل غير الله ، ولا بعد في ذلك أصلا أو ينتقل الى ملك الموجودين ملكا

٤٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

متزلزلا ثم ينتقل منهم كلّه أو بعضه الى من يسلم بعده.

ويحتمل ان يكون إسلامهم كاشفا من انه كان لهم بعد الموت ، والظاهر الأوّل فتأمّل.

والاخبار التي هي مستند الحكم صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يسلم على الميراث؟ قال : ان كان قسّم فلا حقّ له ، وان كان لم يقسّم فله الميراث ، قال : قلت : والعبد (العبد ـ ئل) يعتق على ميراث؟ فقال : هو بمنزلته (١)

وحسنة عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : من أسلم على ميراث قبل ان يقسّم فله ميراثه ، وان أسلم بعد ما قسّم (وقد قسّم ـ ئل) فلا ميراث له (٢).

وحسنة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : من أسلم على ميراث قبل ان يقسّم الميراث فهو له ، ومن أسلم بعد ما قسّم فلا ميراث له ، ومن أعتق على ميراث قبل ان يقسّم الميراث فهوله ، ومن أعتق بعد ما قسّم فلا ميراث له ، وقال في المرأة : ان (إذا ـ ئل) أسلمت قبل ان يقسّم الميراث فلها الميراث (٣).

وفي رواية البقباق ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : من أسلم على ميراث قبل ان يقسّم فهو له (٤).

وصحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل مسلم مات ، وله أمّ نصرانيّة ، وله زوجة وولد مسلمون؟ قال : فقال : ان أسلمت أمّه قبل ان يقسّم ميراثه أعطيت السدس ، قلت : فان لم تكن له امرأة ولا ولد ولا وارث له

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٢.

٤٧٧

ولو كان الوارث الامام فهو اولى وان لم ينتقل (ينقل ـ خ ل) الى بيت المال.

______________________________________________________

سهم في الكتاب من المسلمين وامّه نصرانية و (له ـ كا) قرابة (قرابته) نصارى ممن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه؟ قال : ان أسلمت امّه فان جميع ميراثه لها وان لم تسلم امّه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب فان ميراثه له ، وان لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام (١).

واعلم ان (أنه خ) في الحكم ـ بأنه إن أسلم وارث أو أعتق قبل القسمة ، فإن كان ممن يرث مع الموجودين ورث حصته ، سواء بينهما تفاوت أم لا ، وان كان بعدها فلا يرث ـ اشعارا (اشعار) ـ بعدم انتقال التركة بمجرد الموت الى الوارث فيما إذا كان الميّت مديونا فتأمّل.

وان المراد ب (شارك) و (ساوى) أخذ حصته ان كان ممن يرث ولو لم يكن مساويا في الحصّة كما ذكرناه ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو كان الوارث اماما إلخ» وجه اختصاص الامام من بين وحدة الوارث ـ بنقل المال الى بيت المال ـ غير ظاهر بعد الحكم ، بأنه ان كان واحدا فالميراث له ، وان أسلم آخر مساو أو أعلى بعد الموت والمذكور ثالث الأقوال.

وقيل : الامام عليه السّلام أولى.

وقيل : من أسلم أولى مطلقا.

ومقتضى الدليل السابق القول الثاني كما في غيره عليه السّلام.

والظاهر ان مراده من بيت المال بيت ماله عليه السّلام لا بيت مال المسلمين ، بناء على ما تقدم وصرّح به في القواعد.

ثم انه يحتمل ان يكون كناية عن تصرفه عليه السّلام فيه بنفسه أو وكيله فحينئذ لو تصرف ولم ينقل ثم أسلم وارث لم يكن له شي‌ء.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٨٠.

٤٧٨

والزوج كالواحد على رأي ، والزوجة كالمتعدد على رأي.

______________________________________________________

ويحتمل ارادة حقيقته فما لم ينقل وان تصرف يكون له لو أسلم ولكن ينبغي إخراج التصرف الناقل إليه بعد الله يعلم.

قوله : «والزوج كالواحد إلخ» يعني إذا خلّفت المسلمة ورثة كفارا وزوجا مسلما أو بالعكس فالزوج كالوارث الواحد القريب ، الذي حكم بأن المال له ، فإن أسلم بعده أحد من الورثة ليس له ميراثه ، فإنه بمجرد موتها استورث الزوج كلّ التركة ، النصف أو الربع بالفرض ان قلنا بأن المراد بالولد المانع عن النصف مطلق الولد ، وارثا كان أم لا ، والباقي بالردّ.

دليله ما تقدم في إثبات الردّ.

وقيل : ان الباقي للوارث ان أسلم قبل القسمة بين الامام والزوج.

والزوجة كالمتعدد. فإن أسلم وارثه بعد القسمة بين الزوجة والامام فلا شي‌ء له ، بل لها الربع ، ويحتمل الثمن ان كان هنا ولد ـ والباقي له عليه السّلام.

وان أسلم قبلها فلها الربع ـ ويحتمل الثمن ان كان له ولد ـ والباقي لمن أسلم.

هذا على تقدير عدم الرد ، اما على تقدير الرد فهي كالواحد تجوز المال ، فلا شي‌ء له ولا للإمام عليه السّلام.

وقال في القواعد : ان قلنا بالردّ عليهما لم يرث ، وان منعناه ورث ما فضل عن فرضيهما.

ينبغي التفصيل بقبل القسمة أو بعدها إلَّا أن يكون مبنيّا على منع الامام ، الكافر.

وبالجملة ، المسألة فرع مسألة الردّ وقد مرّت فكان ينبغي على مذهب المصنف هنا في الزوجة التفصيل بأنه ان كان حال الحضور فهي كالمتعدد ، والّا فكالواحد.

فكأن المقصود ذلك ، وترك للظهور ، أو أشار الى الرجوع عن الأصل.

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في الشرح : هذه المسألة مبنيّة على أصلين : (الأول) ان الوارث الواحد لا شركة معه إذا أسلم الكافر بعد موت المورّث. وخالف فيه ابن الجنيد حيث شرّكه بينهما إذا كانت التركة عينا باقية في يد الوارث.

وأنت قد عرفت أن المشهور راجح ، فمذهب ابن الجنيد ضعيف ، ولهذا حكموا بالمشهور من غير إشارة إلى خلافه في أكثر المتون.

ويؤيّده أنّ هذا الخيال جار في بعض الموانع الأخر مثل الرق ولم ينقل منه فيه ذلك ، ولأنّه لا دليل على تعيين هذه الغاية.

ثم قال : (الثاني) الخلاف المتقدم في الزوجين ، فعلى القول بالردّ مطلقا إذا أسلم الكافر على ميراث ورثاه فلا شي‌ء له ، وعلى العدم مطلقا يشارك ما لم يأخذه الإمام أو يصرف في مصارفه.

وأنت تعلم ان مقتضى كلام المصنف كالواحد والمتعدد ، وان لم ينقل الى بيت المال كان عليه ان يقول : يشارك ما لم يقسم بين الزوج أو الزوجة والامام أو لم ينقل الى بيت المال ان جعلا معدومين على تقدير عدم الردّ فيكون مثل ما كان الامام وحده فتأمّل (١).

ثم نقل القول بأن الفاضل من سهمهما لمن أسلم ، عن الشيخ في النهاية وابن البرّاج مع قولهما بالردّ ، وقال : ونصّ على ذلك المحقّق في النكت ، محتجا بأن الزوج لا يستحق سوى النصف ، والردّ انما يستحقه إذا لم يوجد للميّت وارث محقّق ولا مقدّر ، وهنا الوارث المقدّر موجود ، فإنه إذا عرض على الكافر الإسلام وأسلم صار وارثا ومنع من الردّ ، والّا ردّه.

وأنت تعلم ان هذا الحكم والاحتجاج ضعيف ، فإنه قد ثبت الردّ بالأدلة

__________________

(١) إشارة إلى انه قد يكون بيت المال كناية عن أخذ الإمام عليه السّلام وتصرفه فلا بأس به حينئذ الّا ان (أو يصرف) غير جميل (منه رحمه الله).

٤٨٠