مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يعقوب الذي ابن أخته عنه (١) ، ـ ويحتمل كونه ليث البختري فهي صحيحة ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الميّت إذا مات ، فان لابنه الأكبر : السيف ، والرحل ، والثياب ـ ثياب جلده ـ (٢).

وهذه مروية في التهذيب (٣) ، عن شعيب العقرقوفي بزيادة غير جيّدة (٤) لعلّه غلط. ورواية زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبكير ، وفضيل بن يسار ، عن أحدهما عليهما السّلام ان الرجل إذا ترك سيفا أو سلاحا فهو لابنه ، فان كانوا اثنين فهو لأكبرهما (٥).

قال الشهيد الثاني في الرسالة (٦) : أنها موثقة وليست بظاهرة لوجود محمّد بن زياد بن عيسى (٧) المجهول ، وعدم ظهور الطريق الى علي بن الحسن بن فضال

__________________

(١) سندها ـ كما نقله الفقيه في باب نوادر الميراث ـ هكذا : روى حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٤٠.

(٣) في التهذيب باب ميراث الأولاد من كتاب الفرائض حديث ٩ : علي بن الحسن بن فضال ، عن احمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يموت ماله من متاع بيته؟ قال : السيف وقال : الميّت إذا مات إلخ نقله الشارح قدّس سرّه من الفقيه وأورده في الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب ميراث الأبوين.

(٤) الظاهر ان مراد الشارح قدّس سرّه من الزيادة قول الراوي : الرجل يموت ماله من متاع بيته؟ قال : السيف فإنه لا وجه لهذا الكلام سؤالا وجوابا كما لا يخفى ولعله لذا قال الشارح قدّس سرّه : (لعله غلط) والله العالم.

(٥) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٤٠.

(٦) فان للشهيد الثاني قدّس سرّه رسائل عديدة على ما نقله في تنقيح المقال عن أمل الآمل منها رسالة في أحكام الحبوة فلاحظ تنقيح المقال للمحقق المتتبع المامقاني رحمه الله ج ١ ص ٤٧٢.

(٧) سندها كما في التهذيب باب ميراث الأولاد حديث ١٠ هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن علي بن أسباط ، عن محمّد بن زياد بن عيسى ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وبكير وفضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السّلام.

٣٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

الّا ان يكون المأخوذ من كتابه المعلوم انه كتابه ، فتأمّل.

وحسنة حريز ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا هلك الرجل فترك بنين فللأكبر : السيف ، والدرع ، والخاتم ، والمصحف ، فان حدث به حدث فللأكبر منهم (١).

لعل معناه فان مات الأكبر قبل موت أبيه فللأكبر من الباقي من الذكور ، بل الذكر الذي لا أكبر منه كما مرّ.

وما رواه ابن أذينة ـ في الحسن ـ مرسلة ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما السّلام : ان الرجل إذا ترك سيفا أو سلاحا فهو لابنه ، وان (فان ـ ئل) كان له بنون فهو لأكبرهم (٢).

يفهم منها ـ مع ما تقدم ـ ان المراد لا أكبر منه من الذكور.

ولا يخفى عدم دلالتها على الوجوب صريحا ، ولهذا ما نقل التصريح بالوجوب الّا عن ابن إدريس.

ونقل عن ابن الجنيد والسيد المرتضى الاستحباب ، مع قوله : بأنه يعطى ذلك ويحسب عليه من ميراث أبيه.

قال في المختلف ـ بعد نقل الأحاديث والعبارات ـ : هل هذا التخصيص على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ نصّ السيد المرتضى ، وابن الجنيد ـ وهو ظاهر كلام أبي الصلاح ـ على الاستحباب ، وكلام الشيخين يوهم الوجوب من غير ان يدل عليه دلالة ظاهرة ونصّ بن إدريس على الوجوب ، وظاهر الأحاديث يحتمله ، والأقوى الاستحباب للأصل.

ثم قال : هل التخصيص بالقيمة أو مجانا؟ ظاهر كلام الشيخين الثاني ،

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٤٠.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٤٠.

٣٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه نصّ ابن إدريس ، وقال السيد المرتضى وابن الجنيد بالقيمة ، قال السيد المرتضى : وانما قوّينا ما بيّناه وان لم يصرّح به أصحابنا لأن الله تعالى يقول (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (١) وهذا الظاهر يقتضي مشاركة الأنثى للذكر في جميع ما يخلّفه الميّت من سيف ومصحف وغير هما ، وكذلك آيات ميراث الأبوين والزوجين تقتضي ان لهم السهام المذكورة من جميع تركة الميّت ، فإذا خصّصنا الذكر الأكبر بشي‌ء من ذلك من غير احتساب بقيمة عليه تركنا هذه الظواهر ، وأصحابنا لم يجتمعوا على الذكر الأكبر بفضل هذه الأشياء من غير احتساب بالقيمة ، وانما عوّلوا على اخبار رووها تتضمن تخصيص الأكبر بما ذكرناه من غير تصريح باحتساب عليه بقيمة ، وإذا خصصناه بذلك اتّباعا لهذه الاخبار واحتسبنا بالقيمة فقد سلمت ظواهر الكتاب مع العمل بما اجتمعت عليه الطائفة من التخصيص له بهذه الأشياء فذلك أولى. ووجه تخصيصه (التخصيص ـ خ ل) بذلك مع الاحتساب بقيمته عليه انه القائم مقام أبيه والسادّ مسدّه ، فهو أحق بهذه الأمور من النسوان والأصاغر للمرتبة والجاه. وكلام السيد رحمه الله لا بأس به وتؤيده الروايات المتضمنة لتخصيصه بسلاحه ورحله وراحلته وانه (٢) لو اعطى بغير الاحتساب لزم الإجحاف على الورثة (٣).

والظاهر أن مذهب السيد والمصنف في المختلف لا بأس به في المقامين جميعا ، بأن يكون مستحبا ، وبالقيمة.

ولكن يمكن ان يقال : ارتكاب أحدهما. أما الاستحباب بأخذ الأعيان مجانا بغير قيمة فللورثة يستحب ان يخلو له المعدودات مجانا ويشاركونه في باقي

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) في المختلف بعد قوله قدّس سرّه : (وراحلته) : ولو لا الاحتساب بالقيمة لزم الإجحاف بالورثة.

(٣) إلى هنا عبارة المختلف.

٣٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

التركة بحظّه الذي فرضه الله له أو الوجوب بالقيمة.

أولى ، بأن يكون هو مخيّرا ويفوّض الأمر اليه ورخّص في ان يأخذ تلك الأعيان بقيمتها عن إرثه ، وان نقص يعطيهم ثمنها ، وكذا لو لم يكن غيرها ، فلا يجوز لأحد منعه عن ذلك ، وذلك الجمع بين الأدلة أولى ممّا ذكراه وتبقى الأدلّة على ظاهرها أكثر ممّا يقول بالجمع بين الاستحباب والقيمة ، وهو ظاهر.

ويؤيّده عدم حمل الاخبار على اختصاصه بالعين مجّانا ، والوجوب عدم التصريح فيها ، وصراحة الآيات في قسمة المواريث على خلاف مقتضى الاخبار واختلافها فانّ في بعضها : السيف والسلاح (١) وفي أخرى : السيف والرحل والثياب (٢) وفي بعضها أربعة : السيف ، والمصحف ، والثياب ، والخاتم (٣) ، وفي بعضها زيادة الدرع ، وفي بعضها معها : الرحل والراحلة والكتب (٤) ، كما رأيتها.

وكذا العبارات.

وان الموجود في أصحّ الاخبار ما لا يوجد (٥) القائل به ، وغيرها لا يخلو من تصور مّا فتأمّل.

وانّ العقل والنقل يدلان على وجوب اتباع الدليل اليقيني ، وهو القرآن الّا ان يثبت ما يوجب النقل عنه ، وهنا النقل ما هو ثابت ، لما عرفت ما في الدلالة وسند البعض ، وعدم القول ببعضها ، فتأمّل.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٣ حديث ٤ ـ ٦ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٣ حديث ٥ ـ ٧ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧.

(٣) لاحظ الوسائل باب ٣ حديث ٣ ـ ٢ من أبواب ميراث الأبوين لكن فيه الدرع لا الثياب.

(٤) لم نعثر على ما يشتمل هذه الأمور الأربعة مع الدرع الذي يصير به خمسة.

(٥) لاحظ الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧.

٣٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده أيضا ما روي عنهم عليهم السّلام انهم قالوا : كلما وصل إليكم منّا فاعرضوه على كتاب الله فاعملوا بما يوافقه ، واتركوا ما يخالفه (١).

ثم في المسألة فروع كثيرة مذكورة في الدروس وغيره.

(منها) مع تعدد الأكبر يقسم بينهما.

(الثاني) يشترط البلوغ أم لا؟ الظاهر عدمه.

(الثالث) مع تعدد هذه الأشياء هل يأخذ كلّها أم لا؟ الظاهر كل ما يصدق اللفظ الدال عليه من (في ـ خ) الروايات ، سواء كان لفظه عاما أو خاصا ، مثل : له خاتمه ومصحفه ولباس بدنه ، لان الظاهر في مثل هذا المقام ارادة العموم على ما نفهم.

ويحتمل أخذ الجميع فيما إذا كان له لفظ عام ، مثل الجمع المضاف مثل (كتبه) ولكن القائل بأصله غير معلوم ، فكيف الجمع فتأمّل.

ونقل التخصيص عن أبي الصلاح بثياب الصلاة.

(الرابع) لو كان عليه دين مستوعب للتركة أو ما يشتمل على بعضها فلا حبوة كلّا أو بعضا ، لان الدين مقدم على الإرث ، ويحتمل العدم (٢) لأنها ليست من باب الإرث بل ظاهر الروايات أن هذه الأشياء له مطلقا ، فهو ملك له.

فتأمّل لأن الظاهر انها بعدم الموت ـ وان مال الميّت ـ لم ينتقل مجانا الى احد ولو من جهة غير الإرث إلّا بعد الدين.

(الخامس) لو قضى الورثة أو غيرهم ، أو أبرأ ذمته الديّان ، تكون حبوة له ،

__________________

(١) هذه العبارة مستفادة من مجموع ما ورد في هذا المعنى لا عين الرواية فلاحظ الوسائل باب ٩ حديث ١ ـ ١٠ ـ ١١ ـ ١٢ ـ ١٤ ـ ١٥ ـ ١٦ ـ ١٨ ـ ١٩ ـ ٢١ ـ ٢٩ ـ ٣٥ ـ ٣٧ ـ ٤٠ ـ ٤٧ ـ ٤٨ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ ص ٧٥ ـ ٨٩.

(٢) أي عدم تقديم الدين على الحبوة.

٣٨٥

الفصل الثاني : في ميراث الاخوة والأجداد

للأخ المنفرد من الأبوين المال ، وللأخوين فصاعدا كذلك بالسويّة ، وللأخت لهما النصف تسمية ، والباقي ردّا ، وللأختين لهما

______________________________________________________

ويحتمل العدم فتأمّل.

والظاهر ان له ان يفكّ هذه الأمور بأداء الدين واختصاصه بها وهو ظاهر.

(السادس) يحتمل جواز تعلّق الوصيّة بها ، فله ان يوصي بها ، وانه إذا اوصى مطلقا ينظر في إخراج الثلث الى هذه الأمور أيضا.

ويحتمل العدم ، لما تقدم في الدين فهنا أولى.

ولو احتاج الى اجازة الورثة يتوقف على اجازة صاحبها فقط.

(السابع) في ثبوتها لا فرق بين بقاء شي‌ء للورثة ، غيرها أم لا.

ويحتمل التخصيص بما إذا بقي لهم شي‌ء كما هو ظاهر المتن أو ما يقابلها وان قيل بعدم اختصاصها به وشركته مع غيره فتأمّل.

(الثامن) جعل بعض الأصحاب هذه الأشياء مقابلا لفعل الصلاة والصوم الذي يقضي أكبر الأولاد ـ صاحب الحبوة ـ ، وهو غير ظاهر الدليل.

(التاسع) اشتراط البعض ـ كالمصنف ـ ايمان الولد ، ورشده ، وعدم سفاهته وهو أيضا غير ظاهر الدليل.

ويمكن كون الايمان لعدم ثبوت الحبوة عندهم فيؤاخذون بمذهبهم كما في بعض الاحكام ، فتأمّل.

في ميراث الاخوة

قوله : «للأخ المنفرد من الأبوين إلخ» هذا بيان المرتبة الثانية ، ودليلها على الاجمال ما يفهم ممّا سبق من عموم الكتاب ، مثل (أولوا الأرحام بعضهم

٣٨٦

فصاعدا الثلثان تسمية والباقي ردّا.

فان اجتمع الذكور والإناث فالمال بينهم للذكر ضعف الأنثى.

______________________________________________________

أولى) (١) ، والسنّة.

مثل ما دلت على ان الأقرب الى الميّت نسبا أولى بميراثه كما مرّ في صحيحة أبي مريم عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : في كتاب علي عليه السّلام : ان كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به الّا ان يكون وارث أقرب الى الميّت فيحجبه (٢).

وما روي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا التفّت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه ، فان استوت قام كلّ واحد منهم مقام قريبه (٣).

وما يدل على بطلان العصبة ، وسيجي‌ء.

والإجماع على ان الأقرب أولى بالميراث من الأبعد ، ويؤيّده الاعتبار.

ودليل مساواة الاخوة ، وكذا الأخوات ، ظاهر ، كأخذ أحدهم جميع التركة لو انفرد.

ودليل كون المال للإخوة والأخوات معا للذكر ضعف الأنثى ، قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٤) ، مع الاخبار والإجماع ظاهرا.

ودليل كون النصف للواحدة ، الكتاب (٥) والسنّة (٦) كدليل كون الثلثين

__________________

(١) الأنفال : ٧٥.

(٢) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٦ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ج ١٧ ص ٥٠٥ وفيه عن أبي أيوب كما مرّ منه قدّس سرّه في شرح قول الماتن رحمه الله : والأبوان يمنعان آبائهم إلخ.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤١٩.

(٤) النساء : ١٧٦.

(٥) مثل قوله تعالى (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ـ النساء : ١١.

(٦) راجع الوسائل باب ٢ ج ١٧ ص ٤٧٩.

٣٨٧

وللواحد من الامّ ذكرا أو أنثى السدس ، وللزائد الثلث بالسوية ، وان كانوا ذكورا وإناثا ، والباقي ردّ عليه أو عليهم.

______________________________________________________

للبنتين فصاعدا.

وهو دليل كونهما للبنتين أيضا ، لأنه إذا ثبت ان للأختين الثلثان ، ومعلوم أن البنتين ليستا انقص منهما ، والزيادة عنهما منفيّة بالأصل فيتناولانه.

من هنا يظهر ان المراد بفوق اثنتين بنتان وما فوقهما ، كما في قولهم : فصاعدا أو ترك (١) ليعلم ثبوتهما فيهما بالطريق الاولى ثم أظهر ذلك وأكّد باثباتهما في الأختين.

وبالجملة ، القول بثبوتهما للاثنتين ظاهر وقول ابن عباس بأن لهما النصف بعيد.

وكذا دليل كون الباقي ـ بعد النصف والثلثين ـ للواحدة واثنتين بالرد مع عدم من في مرتبتهن ، واضح ممّا تقدم من أولويّة الأقرب بالنص (٢) والإجماع وبطلان العصبة.

هذا كلّه إذا كان الأخ أو الأخت من الأبوين أو الأب فقط ، فقوله : (من الأبوين) لا يخلو من مسامحة ، لعلّه يريد ما قلناه ، لكنه بعيد ، ويمكن انه تركه للظهور ، ولو قال من الأب لكان أخصر وأعم وأولى.

واما دليل كون السدس للواحد من الأم أختا كان أو أخا ، والثلث لأكثر ، ذكورا كانوا أو إناثا ، أو هما معا بالسوية مطلقا ، قوله تعالى (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) ، أي أن كان الرجل الذي يموت ويورث منه (كلالة) أي لا يكون ولدا ، ولا

__________________

(١) يعني ترك الإتيان بلفظه (بنتين) ليعلم ثبوت الثلثين في بنتين بالطريق الاولى ثم صرّح في آخر سورة النساء بالنسبة إلى الأختين بقوله تعالى (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ).

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٦ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٧٦.

٣٨٨

ولو اجتمع المتقرب بالأبوين مع المتقرب بالأم فللمتقرب بالأم السدس ان كان واحدا والثلث ان كان أكثر ، والباقي للمتقرب بهما ذكرا أو أنثى ، واحدا أو أكثر.

______________________________________________________

والدا لمن خلّفه ، فما خلّف الولد ولا الوالد ، أو كان الرجل الذي يعطى له الإرث كلالة (أو امرأة) عطف على رجل ، (وله) أي للذي يورث مطلقا (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) (١).

ظاهر المشاركة هو التسوية ما لم يفضّل كما صرّح به في نحو الوصيّة والوقف.

قال المفسرون : المراد بالأخ والأخت هنا هما من الأم بالإجماع والاخبار ، ولإثبات النصف للأخت من الأب ، والكل للأخ له ، والثلثين للأختين فصاعدا ، وكون الذكر ضعف الأنثى ان كانوا رجالا ونساء ، والإجماع واخبار أهل البيت عليهم السّلام.

مثل ما في صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام (٢) : وللاخوة من الام ثلثهم ، فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ، وان كان واحدا فله السدس ، وانما عنى الله تعالى في قوله (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) انما عنى بذلك الاخوة والأخوات من الأم خاصّة ، وقال في آخر سورة النساء (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) يعني بذلك أختا لأب وأُم أو أختا لأب (فلها نصف ما ترك) الخبر ـ (٣).

والمناسبة فتأمّل هذا في الصنف الواحد من الاخوة.

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) في الكافي هكذا : وان الزوج لا ينقص من النصف ولا الاخوة من الام من ثلثهم إلخ.

(٣) أوردها في الكافي باب ميراث الاخوة والأخوات مع الولد حديث ٦ من كتاب المواريث وقد أورد نحوها في الوسائل باب ٢ بعد حديث ٣ بقوله : وروى الكليني إلخ فلاحظ.

٣٨٩

ولا شي‌ء للمتقرب بالأب ، ذكرا أو أنثى مع المتقرب بالأبوين ذكرا كان أو أنثى.

______________________________________________________

اما لو اجتمع الأصناف ، فلو اجتمع المتقرّب بالأبوين مع المتقرب بالأم أي المتقرب بالأب فقط وبالأبوين ، فلو قال هنا أيضا بالأب لكان أخصر وأعم ثم قال : ويسقط المتقرب بالأب لكن تركه هنا لذكره بعده بقوله : (ولا شي‌ء للمتقرب بالأب إلخ) ليعلم عدم إرثه ، سواء كان مع المتقرب بالأمّ أيضا أو مع المتقرب بالأبوين فقط ثم ذكر اجتماع الكلّ الّا انه لو فعل ما قلناه ما كان يحتاج إليه وكان أخصر مع افادة المراد والأمر في ذلك معيّن.

(فللمتقرب بالأم) ـ ابتدأ به للقلّة ـ (السدس ان كان واحدا والثلث ان كان أكثر بينهم بالسويّة).

دليله ما تقدم ، فإنه كان أعم من ان يكون معهم احد ممن يرث أم لا ، والباقي من السدس أو الثلث للمتقرّب بهما واحدا كان أو أكثر للذكر مثل حظّ الأنثيين.

واما دليل عدم شي‌ء للمتقرّب بالأب فقط ذكرا كان أو أنثى مع المتقرب بالأبوين كذلك ـ سواء كان معهم المتقرب بالأم أم لا ـ كأنّه الإجماع والخبر مثل ما نقل في الفقيه عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم : أعيان بني الأم أحق بالميراث من بني (١) العلّات.

ورواية يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : ابنك أولى بك من ابن ابنك ، وابن ابنك أولى بك من أخيك ، قال : وأخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك ، وقال : أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك ، قال :

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٥٠٣ ولكن في الفقيه (ولد) بدل (بني).

٣٩٠

فان فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه على هيئته.

______________________________________________________

وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك ، قال : وابن أخيك لا من أبيك أولى بك من عمك ، قال : وعمّك أخو أبيك من أبيه وامه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه ، قال : وعمك أخو أبيك من أبيه أولى بك من (١) عمّك أخي أبيك لأبيه (٢) ، قال : وابن عمك أخي أبيك لأبيه وامه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأبيه ، قال (٣) : (وابن عمك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لامّه) (٤).

ولكن في (يزيد) تأمّل ، فإنه غير ظاهر بهذه الكنية (٥) في أكثر كتب الرجال ، لكن في كتاب رجال الشيخ مذكور بهذه الكنية في رجال الباقر عليه السّلام ، فالخبر صحيح الّا أنّ فيها ما لا يقولون به ، وهو قوله : (وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك).

ولكن الظاهر عدم الخلاف فيه حتى من العامّة في العصبة على ما رأيته فتأمّل.

وكذا دليل كونهم كمن يتقرّب بالأبوين إذا انفردوا أو واجتمعوا مع المتقرّب بالأم فقط الإجماع والآيات ، والاخبار العامتين في الإرث ، ويمكن الاعتبار.

__________________

(١) من ابن عمك في بعض نسخ التهذيب.

(٢) لامه ـ ئل.

(٣) ليست هذه الجملة في بعض نسخ التهذيب.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤١٤.

(٥) يعني به لقب (الكناسي) لا الكنية المصطلحة.

٣٩١

الّا أن للأخت من الأب مع الواحد من الام النصف ، وللواحد السدس ، والباقي ردّ عليهما بالنسبة على رأي.

ولها مع الأزيد النصف ، ولهم الثلث ، والباقي يردّ أخماسا على رأي.

______________________________________________________

ولا فرق بينهما إلا في مسألتين ، بناء على رأيه هنا (الأولى) إذا خلّف أختا من الأب مع الواحد من الام مطلقا ذكرا كان أو أنثى فللأول النصف ، وللآخر السدس ، والباقي يردّ عليهما أرباعا بخلاف الاجتماع مع الأخت من الأبوين ، فإنه لا ردّ هنا لكلالة الأم ، بل السدس لكلالة الأمّ والباقي لها ، لزيادة القرب ، فإنها متقرّبة بالأبوين ، وهذا بالأم فقط.

وهو مذهب الأكثر ، بل كاد ان يكون إجماعا ، إذ لا (ما ـ خ) نقل الخلاف والاشتراك في الردّ إلّا عن الفضل ، وابن أبي عقيل ، في الشرح بخلاف ما هنا ، فان الاشتراك في الردّ هو مذهب كثير من العلماء على ما نقله في الشرح ، مثل الشيخ في المبسوط ، وابن الجنيد ، وابن زهرة ، وابن إدريس ، والكيدري (١) ، والمحقق للتساوي في الدرجة وفقد المخصّص. وقال : كلّ من قال بالرد في الأولى قال في الثانية بالطريق الأولى ، فالقائلون بالعدم هناك اختلفوا هنا فذهب الشيخ في المبسوط إلخ.

وكذا في المسألة الثانية ، وهي الأخت من الأب مع الزائد من كلالة الأم ، فلها النصف ، وللزائد الثلث ، يقسّم الباقي عليهما أخماسا.

فالأولى من اثني عشر ، والثانية من ثلاثين ، بل الاولى من الأربعة ، والثانية من الخمسة.

__________________

(١) أبو الحسن محمّد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري الإمامي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر ، والأديب الاريب البحر الزاخر صاحب الإصباح في الفقه وأنوار العقول في جميع اشعار أمير المؤمنين عليه السّلام وشرح النهج وغير ذلك وله اشعار لطيفة وكان معاصرا للقطب الراوندي وتلميذا لابن حمزة الطوسي فرغ من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ (الكنى للمحدث القمي ج ٣ ص ٦٠ طبع صيدا).

٣٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والقائل بعدم الاشتراك هو الصدوق ، والشيخ في النهاية والاستبصار ، والقاضي ، والتقي ، وابن حمزة ، وهو ظاهر قول المفيد ، واختاره نجيب الدين لدخول النقص عليها ، فتكون الزيادة لها.

ولرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام في ابن أخت لأب ، وابن أخت لأمّ؟ قال : لابن الأخت للأم السدس ، ولابن الأخت للأب الباقي (١).

وهو مستلزم لكون الأختين كذلك ، لان الولد انما يرث بواسطتهما.

وأجيب بأنّ دخول النقص لا يوجب الاختصاص بالزيادة ، والّا يلزم ذلك في البنت مع الأبوين.

والرواية ضعيفة السند ـ بعلي بن الحسن بن فضال (٢) ـ فإنه فطحي ، قال في الشرح : ولك ان تجيب عن النقض بأن التخلّف لمانع ، (وهو موجود ـ خ) ، ومعارض بدخول النقص على الأبوين ، إذ لا ريب ان فرضهما مع الولد غيره مع عدمه.

وعن الطعن بأنه وان كان فطحيّا الّا ان الشيخ والنجاشي وثّقاه ، وكذا وثقه شيخنا المصنّف.

ولك ان تقول : قد بقي منع الملازمة وان سلم دفع النقض ، مع ان النقص لا بدّ ان يكون عمّا فرض ، وهما صاحبا فرض مع الولد ، ولا نقص حينئذ عن الفرض ، ومع عدمه فالأب ليس صاحب فرض ولا نقص ، والام صاحبة فرض ، ولا ينقص عن فرضها فالمعارضة بهما غير واردة خصوصا بالأب.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١١ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٧ وفيه : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن ابن أخت لأب وابن أخت لأم؟ قال : لابن الأخت إلخ.

(٢) وسندها كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمّد بن مسلم.

٣٩٣

ولو اجتمع الاخوة المتفرّقون فللمتقرب بالأمّ السدس ان كان واحدا ، والثلث ان كان أزيد ، الذكر والأنثى سواء ، والباقي للمتقرّب بالأبوين ، للذكر ضعف الأنثى ويسقط المتقرب بالأب.

______________________________________________________

والتوثيق لا يخرجه عن كونه فطحيّا ولم يصر خبره صحيحا ولا حسنا ، بل موثقا ، وهو ليس بحجّة ، مع ان الطريق إليه (١) مقطوع غير معلوم.

الّا ان يقال انه نقله عن كتابه ، وان بقاء الفطحيّة غير ظاهر ، فإنهم ما كانوا إلّا في زمان قليل ورجعوا عنه الّا قليل منهم ممن لا معرفة له مع بقائه راويا لتلك الروايات السابقة وما منع عنها ولا محاها ، فكأنه رواها في حال الاستقامة ، فتأمّل ، فإن هذا ينفع في كثير من المواضع.

وان الدليل الدال على ان المتقرّب بالأب يقوم مقام المتقرّب بالأبوين ظاهر في كون حكمه حكمه ، فكما كان الردّ هناك مخصوصا به يكون هنا أيضا مخصوصا بهذا ولا يعارضه كون القرب هناك من وجهين ، لأن القرب بالأب قائم مقام القرب بالأبوين فرضا مع فقده ويأخذ المتقرّب به حصّة من يتقرّب بهما ، فكما لم يكن عدم القرب من وجهين مانعا عن ذلك فكذا عن كون الردّ له ، فتأمّل.

ويؤيّده ان الآية والاخبار والإجماع دالّة على ثبوت الثلث أو السدس للمتقرّب بالأمّ وهو ظاهر في كون ذلك فقط له إذا كان معه من يرث فيكون الردّ مخصوصا بغيره ممن لا فرض له ، مثل ان كان معه الذكور من الإخوة ، لأب أو لأبوين ، وإذا كان معه صاحب الفريضة يرجّح في الردّ من كان من جنس من كان مخصوصا بالردّ مع فرضه ويؤيده الرواية المتقدمة فتأمّل.

قوله : «ولو اجتمع الأخوة المتفرقون إلخ» قد ظهر شرحه ، وانه كان

__________________

(١) يعني طريق الشيخ الى علي بن الحسن بن فضال ولكن يظهر من مشيخة التهذيب انه غير مقطوع فإنه قال : وما ذكرته في هذا الكتاب عن علي بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا منه واجازة عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال.

٣٩٤

وللجدّ أو الجدّة المال إذا انفرد ، لأب كان أو لامّ ، ولهما المال ، للذكر مثل حظ الأنثيين ان كانا لأب ، وبالسويّة ان كانا لام.

وللجدّ أو الجدّة أو لهما للام (لام ـ خ) الثلث بالسويّة ، والباقي للجدّ أو الجدّة أو لهما لأب ، للذكر ضعف الأنثى.

ولو اجتمع الأجداد والاخوة فالجدّ للأم كالأخ لها ، والجدّة لها كالأخت منها ، والجدّ للأب كالأخ للأبوين ، والجدّة له كالأخت لهما.

وللجدّ أو الجدّة أو لهما من الام مع الاخوة للأبوين أو للأب مع عدمهم الثلث.

ولو كانا أو أحدهما مع الأخت للأبوين الثلث (لهما ـ خ) والباقي للأخت تسمية وردّا.

ومع الأخت من الأب إشكال في الردّ.

______________________________________________________

يمكن الاكتفاء عنه بما قبله بزيادة لفظ ، بل بنقص لفظ فتأمّل.

قوله : «وللجدّ أو الجدّة المال إلخ» دليل كون المال للجدّ أو الجدّة أو لهما للأب أو للأم ظاهر ، وهو الإجماع وظاهر النصوص مثل عموم (أُولوا الأَرحام) (١) والاخبار المتقدمة في تقديم الأقرب ، والاعتبار.

واما الدليل على ثبوت الثلث للجدّ أو الجدّة أو لهما من قبل الام والباقي للجدّ أو الجدّة أو لهما من قبل الأب كما هو المشهور ومذهب الأكثر ، بل لجميع المتأخرين ، فهو انهما كالأمّ والأب ، فللمتقرّب بالأم حصّة الأم الثلث مع عدم الحجب والباقي للمتقرّب بالأب كالأب والام فإنهما يرثان لقربهما بهما.

ورواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال أبو جعفر

__________________

(١) الأنفال : ٧٥.

٣٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام : إذا لم يترك الميّت الّا جدّه ، أبا أبيه وجدّته ـ أم امّه ـ فان للجدّة الثلث ، وللجدّ الباقي ، قال : وإذا ترك جدّه من قبل أبيه وجدّ أبيه ، وجدّته من قبل أمّه وجدّة امّه ، كان للجدّة من قبل الامّ الثلث ، وسقط جدّة الأم ، والباقي للجدّ من قبل الأب ، وسقط جدّ الأب (١).

وهي مقطوعة ، عن علي بن الحسن بن فضال (٢) ، ولعلّه أخذها من كتابه كما يفهم من التهذيب والاستبصار ، وعليّ لا بأس به ، فلا يبعد العمل بروايته في مثل هذه المسألة فتأمّل.

ويؤيّده الاعتبار مع عدم وجود دليل فيهما بخصوصهما يخالف ذلك ، وكون الثلث للمتقرّبين بالأم يقسم بينهما بالسويّة ، والباقي للمتقرّب بالأب ، للذكر مثل حظ الأنثيين.

فوجه الأوّل ظاهر ، فإنه الظاهر من القسمة والشركة ، ويمكن القياس أيضا.

وكأن وجه الثاني قياس على الأولاد والإخوة من الأب والأبوين.

فيه تأمّل ظاهر ، لبطلان القياس ، ولأنهم ان كانوا مثل الإخوة ينبغي ان يكون للواحد للامّ السدس ، مثل الأخ ، فجعل الحكم للبعض لذلك ، وفي البعض

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٨.

(٢) سندها كما في التهذيب والاستبصار هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمّد بن مسلم ، وقوله قدّس سرّه : وهي مقطوعة عن علي بن الحسن بن فضال يريد ان الشيخ رحمه الله لم يروها مسندا إليه ، بل أخذها من كتاب علي بن الحسن فإنه ذكر في مشيخة الكتابين ما هذا لفظه : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن علي بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون ، المعروف بابن الحاشر سماعا منه واجازة عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال.

فان قوله رحمه الله (سماعا منه واجازة) ظاهر في أن أحمد بن عبدون أجاز للشيخ رحمه الله كتاب علي بن الحسن أو قرأ على الشيخ رحمه الله وسمع الشيخ رحمه الله قراءة كتابة والله العالم.

٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنه بمنزلة من يتقرّب به ، غير سديد.

ويحتمل جعلهما بمنزلة الإخوة للامّ والاخوة للأب والأبوين كما هو مذهب البعض ، مثل الفضل ، والصدوق ، وحينئذ التقسيم ظاهر.

ولعل دليله الاخبار ، مثل حسنة زرارة ، وبكير ، والفضيل ، ومحمّد ، وبريد ـ وهي صحيحة في الفقيه ، عنهم ـ عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : ان الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا ، قال : قلت : رجل ترك أخاه لأبيه وأمه وجدّه ـ أو قلت : جدّه وأخاه لأبيه وأمه ـ؟ قال : المال بينهما ، وان كانا أخوين أو مائة ألف فله مثل نصيب واحد من الاخوة ، قال : قلت : رجل ترك جدّه وأخته؟ فقال : للذكر مثل حظ الأنثيين ، وان كانتا أختين فالنصف للجدّ ، والنصف الآخر للأختين ، وان كنّ أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب ، وان ترك اخوة وأخوات لأب وأم أو لأب وجدّ فالجدّ أحد الإخوة ، فالمال بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين ، وقال زرارة : هذا ممّا لم يؤخذ عليّ فيه قد سمعته من أبيه ، ومنه قبل ذلك وليس عندنا في ذلك شك ولا اختلاف (١).

ورواية إسماعيل الجعفي ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الجدّ؟ فقال : يقاسم الاخوة ما بلغوا وان كانوا مائة ألف (٢).

وصحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل مات وترك امرأته وأخته وجدّه؟ قال : هذه من أربعة أسهم ، للمرأة الربع ، وللأخت سهم ، وللجدّ سهمان (٣)

كأنّ المراد الجدّ من الأب والأخت كذلك لما مرّ فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٩ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٠.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٦ ـ ١٤ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩١.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١٠ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٠.

٣٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : في ستة اخوة وجدّ؟ قال : للجدّ السبع (١).

وفي أخرى له ، عنه في رجل ترك خمسة اخوة وجدّا؟ قال : هي من ستة ، لكلّ واحد سهم (٢).

وموثقة محمّد بن مسلم ـ لعبد الله بن بكير ـ عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : الاخوة مع الجدّ ـ يعني أبا الأب ـ يقاسم الاخوة من الأب والام ، والاخوة من الأب يكون الجدّ كواحد منهم من الذكور (٣).

وصحيحة زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل ترك أخاه لأبيه وامّه وجدّه؟ قال : المال بينهما نصفان ، ولو كان أخوين أو مائة كان الجدّ معهم كواحد منهم ، للجدّ ما يصيب واحدا من الاخوة ، قال : وان ترك أخته فللجد سهمان ، وللأخت سهم ، وان كانتا أختين فللجدّ النصف ، وللأختين النصف ، قال : وان ترك اخوة وأخوات من أب وأم وجدّا كان الجدّ كواحد من الاخوة ، للذكر مثل حظّ الأنثيين (٤).

وحسنة إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : الجدّ يقاسم الإخوة ما بلغوا وان كانوا مائة ألف (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١٥ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٢.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١٦ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٢.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١١ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٠.

وسندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمّد بن مسلم.

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ١٣ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩١.

(٥) الوسائل باب ٦ حديث ٦ ـ ١٤ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد وكأنها تكررت كما في الوسائل أيضا لكن إحداهما بطريق الصدوق كما في حديث ٦ والأخرى بطريق الكليني والشيخ كما في حديث ١٤.

٣٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أخ لأب وجدّ؟ قال : المال بينهما سواء (١).

وصحيحة ابن سنان ـ كأنّه عبد الله ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل ترك أخاه لامّه ولم يترك وارثا غيره؟ قال : المال له ، قلت : فان كان مع الأخ من الأمّ (للام ـ ئل) جدّ؟ قال : يعطى الأخ للأم السدس ، ويعطى الجدّ الباقي ، قلت : فان كان أخ لأب وجدّ؟ قال : المال بينهما سواء (٢).

ورواية أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الاخوة من الام مع الجدّ؟ قال : الاخوة من الام فريضتهم الثلث مع الجدّ (٣).

ورواية مسمع أبي سيّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل مات وترك اخوة وأخوات لأمّ وجدّا؟ قال : فقال : الجدّ بمنزلة الأخ من الأب له الثلثان ، وللاخوة والأخوات من الام الثلث ، فهم فيه شركاء سواء (٤).

وفي رواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قال : أعط الأخوات من الام فريضتهنّ مع الجدّ (٥).

وصحيحتي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الإخوة مع الام مع الجدّ؟ قال : للاخوة من الامّ نصيبهم الثلث مع الجدّ (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١٢ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩١.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ وباب ٨ حديث ١ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٧٩ ـ ٤٩٥.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٥.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٦.

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٦.

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ٣ ـ ٥ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٩٦.

٣٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والاخبار في ذلك كثيرة ، وبمضمونها قال الأصحاب ، الّا انها تدل على ان حكم الجدّ والجدّة حكم الأخ والأخت إذا اجتمعا معهما ، ولم يعلم منها انه حكمهما مع عدم الاجتماع كما هو المطلوب هنا.

ولهذا حكموا بالثلث للجدّ والجدّة المنفردين للامّ الذي هو حصّة الأمّ ، لا السدس الذي هو حصّة أحد أخواتها ، لما تقدّم من المناسبة والرواية.

ويمكن أن يقال : يعلم من ذلك ، لأنهم كانوا حال الاجتماع بحكم الإخوة وبمنزلتهم ، فكذا حال الانفراد ، إذ يبعد ان يكونوا مثلهم حال الاجتماع ولم يكونوا مثلهم حال الانفراد مع عدم دليل من نصّ كتاب وإجماع على ثبوت حكمهم حال الانفراد ، فيلزم الإهمال والحوالة إلى الاجتهاد.

على ان في الخبر الصحيح ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن فريضة الجدّ؟ فقال : ما أعلم أحدا من الناس قال فيها إلّا بالرأي الّا علي بن أبي طالب عليه السّلام فإنه قال فيها بقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (١).

على ان ما نقل عنه عليه السّلام حكمهم على الانفراد ، بل المنقول عنهم عليهم السّلام حكم الاجتماع كما عرفت.

وما روي ، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام انه قال : من أراد ان يتقحم جراثيم جهنّم فليقل في الجدّ ، كذا في الفقيه ، كأنّ بالرأي (٢).

الّا أن الاخبار الدالّة على حال الاجتماع ، ما دلت على التفصيل الذي هم

__________________

ولفظ الرواية هكذا عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الاخوة من الامّ مع الجدّ قال : للاخوة فريضتهم الثلث مع الجدّ.

(١) لم نجده في الوسائل ، ولكن أورده الصدوق في الفقيه باب ميراث الأجداد والجدّات ج ٤ ص ٢٨٠ رقم ٥٦٢٤ طبع مكتبة الصدوق والكافي باب ٢٤ الجدّ والتهذيب باب ميراث من عدد إلخ.

(٢) لم نجده أيضا في الوسائل ولكن أورده في الفقيه في الباب المذكور رقم ٥٦٥٠ ص ٢٨٦.

٤٠٠