مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٢

عن الفرائض ان شارك.

______________________________________________________

ونسبه الشيخ في التهذيب والاستبصار الى بعض أصحابنا وغلّط صاحبه (١).

والّذي يمكن ان يستدل للصدوق ، ان العقل يجد أن ما دام الأقرب لا يرث الأبعد.

ويدل عليه ، الكتاب ، والسنة ، والإجماع أيضا إلّا ما خرج بنصّ ودليل ، مثل قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢).

وصحيحة أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : في كتاب علي عليه السّلام : ان كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به الّا ان يكون وارث أقرب الى الميّت منه فيحجبه (٣).

وصحيحة سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام ، قال : بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم تكن للميّت بنات ولا وارث غير هن ، وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميّت ولد ولا وارث غير هن (٤).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم تكن للميّت بنات ولا وارث غير هن ، وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميّت ولد ولا وارث غير هن (٥).

والظاهر ان (ولا وارث غير هن) عطف على (بنات) ، وان المراد ولم يكن للميّت وارث آخر غير البنات أيضا يكون في مرتبة البنات ويمكن تورّثه معهن

__________________

(١) كما سيأتي عن قريب نقل عبارة الشيخ رحمه الله.

(٢) الأنفال : ٧٥.

(٣) الوسائل باب ٥ ذيل حديث ٩ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ج ١٧ ص ٤٨٧.

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٤٩.

(٥) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٠.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل الأبوين ، أو المراد نفي مطلق وارث ، ولكن ليس لنفي غير الأبوين مدخلا (١) في إرث بنات البنات.

قال الشيخ : فاما ما ذكره بعض أصحابنا من ان ولد الولد لا يرث مع الأبوين واحتجاجه في ذلك بخبر سعد وعبد الرحمن فغلط ، لأن قوله عليه السّلام : (ولا وارث غيره) المراد بذلك إذا لم يكن للميّت الابن الذي يتقرّب ابن الابن به أو البنت التي تتقرب بنت البنت بها ولا وارث له غيره من الأولاد للصلب. والذي يكشف عما ذكرناه ما رواه محمّد ـ وذكر الإسناد الى عبد الرحمن ابن الحجّاج ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل احد قام مقام الابن ، قال : وابنة الابنة (البنت ـ خ ل) إذا لم يكن من صلب الرجل احد قامت مقام البنت (٢).

ويمكن أيضا التأييد بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : بنات البنت (الابنة ـ ئل) يرثن إذا لم تكن بنات كنّ مكان البنات (٣).

وهي أعم من ان تكون مع الأبوين أم لا.

والعقل ليس بمستقل ، والآية (٤) مجملة كخبر أبي أيوب ، والإجماع ودلالتها على المطلوب غير ظاهر وبعد التسليم قابلة للتخصيص فتأمّل.

وقوله عليه السّلام : (ولا وارث إلخ) جملة معطوفة على قوله : (بنات الابنة

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها والصواب (مدخل) بالرفع.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٠. والى هنا عبارة الشيخ رحمه الله.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٠.

(٤) الظاهر ان المراد بالآية آية (أُولُوا الْأَرْحامِ).

٣٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يقمن) يعني هنّ يرثن ولا يرث غيرهن كالبنات (إذا لم يكن للميّت ولد) فالحديثان عليه لا له ، فيخرج الأبوان بنصّ وإجماع.

ويحتمل أن يكون المعنى : وليس للبنات وارث غير بنات البنات ، والأخير يمكن على تقدير عطفه على بنات أيضا ، ويحتمل الحاليّة أيضا وهو أظهر.

ولكن قد يقال : الحمل الذي ذكره الشيخ بعيد جدّا كما ترى ، وكذا حملنا الأول وان كان الثاني لم يكن مثله ، والآية ظاهرة في الجملة وكذا الخبر ، والتخصيص غير ضرورة.

ومؤيّد الشيخ ضعيف ، لخزيمة بن يقطين (١) ، فإنه قال في كتاب ابن داود : م جخ مهمل.

ومؤيدنا (٢) كمؤيّد الشيخ عام يجب حمله على الخاص الذي هو دليل الصدوق ، الّا ان خصوصيّة دليل الصدوق في نفي الأبوين ليست بظاهرة بحيث توجب الحمل مع ما عرفت ، وإمكان أن يستدلّ للفضل بظاهر آية (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) (٣) ، فإنه قيد فيها كون السدس لهما بوجود الولد ، والثلث للام بعدمه.

والظاهر ان ولد الولد ولد في هذا المقام ، بل ادعى الإجماع عليه في شرح الشرائع وأشار إليه أيضا الفضل.

قال في الكافي : قال الفضل : من الدليل على خطأ القوم في ميراث ولد

__________________

(١) سنده كما عن التهذيب هكذا : محمّد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم ، عن صفوان ، عن خزيمة بن يقطين ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج.

(٢) وهو الذي ذكره آنفا بقوله قدّس سرّه : ويمكن أيضا التأييد إلخ راجع باب ٧ حديث ٢ ج ١٧ ص ٤٤٩.

(٣) النساء : ١٠ والآية الشريفة (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ» إلخ.

٣٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

البنات انهم جعلوا ولد البنات ولد الرجل من صلبه في جميع الأحكام الّا في الميراث واجمعوا على ذلك ، فقالوا : لا تحل حليلة ابن الابنة للرجل ولا حليلة ابن ابن الابنة لقوله عزّ وجلّ (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (١) ، فإذا كان ابن الابنة ابن الرجل لصلبه في هذا الموضع لم لا يكون في الميراث ابنه ، وكذلك قالوا : قد (٢) ذكر تحريم المصاهرة مثل زوجة الأب على ابن الابن لآية (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) (٣) وذكر عدم قبول شهادة الجدّ لولد الولد لأنه ولده.

ثمّ ذكر اسناد عيسى الى آدم ونوح بالذريّة ، وليس الّا من جهة الأم بواسطة كثيرة.

هذه كلّها جيّدة.

وتقييد أنّ إطلاق الولد على الواسطة أيضا يصحّ ، وانه حقيقة.

وفيه تأمّل لأن الإطلاق أعم ، مع ان المتبادر هو بغير الواسطة ، ولكن الظاهر هو الحقيقة ، وظهور بعض الأفراد لكثرة الاستعمال فيه لا يدلّ على كونه حقيقة وفي غيره من الافراد مجازا ، وقد مرّ البحث فيه مرارا مفصّلا فتذكّر.

ولكن الأحسن في الإلزام هنا ان يذكر الفضل انهم يثبتون للزوج والزوجة نصيبهما الأدنى مع ولد الولد بقوله تعالى (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) (٤) مثلا فيجعلون ولد الولد في الميراث أيضا ولدا ومانعا لحظّ من تعلّق حظّه بعدمه ، فكيف لا يجعلون ذلك في الأبوين مع تعليق سدسهم بالولد ، وثلث الام وثلثي الأب بعدمه.

وكذا يجعلون النصف للبنت ، والثلثين للبنتين فصاعدا ويقسمون للأولاد

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) من هنا : إلخ نقل بالمعنى.

(٣) النساء : ٢٢.

(٤) النساء : ١١.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

للذكر مثل حظ الأنثيين وان كانوا بواسطة ووسائط ، وهذا وارد على القوم وعلى الصدوق.

الّا ان يقولوا هنا : الخبر (١) دلّ على ان المراد الولد فقط ، ويؤيّده التبادر.

والفرق بين الزوجين والأبوين ، ان الزوجين يرثان بالسبب وهما بالقرابة والنسب ، فلا يتفاوت الحال في الزوجين بخلافهما ، فالزوجان يمنعهما أيّ نسب كان قريبا أو بعيدا ، بخلاف الأبوين.

غير ان الخبر قد عرفت حاله ، وكذا التبادر ، والفرق ضعيف كما ترى فتأمّل.

ويرد على الفضل أيضا ومن قال بمقالته انه إذا كان ثبوت الإرث لولد الولد للآية لانه ولده ، مثل ولد الصلب ، فيجب ان يكون القسمة بينهم مثل القسمة بين أولاد الصلب (الأولاد للصلب ـ خ) فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (٢) ، فلا يصحّ جعل ابن البنت بمنزلتها وإعطائه الثلث وجعل ابنة الابن بمنزلته وإعطائها الثلثان (٣) كما نقل عنه في الفقيه (٤) وان نقل عنه في الكافي (٥) كلامه المشتمل عليهما معا ، فكلامه

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) النساء : ١١.

(٣) هكذا في النسخ والصواب (الثلثين بالنصب).

(٤) قال في باب ميراث الأبوين مع ولد الولد ما هذا لفظه : وقال الفضل بن شاذان رضي الله عنه خلاف قولنا في هذه المسألة وأخطأ ، قال : ان تركت ابن ابنة وابنة ابن وأبوين فللأبوين السدسان وما بقي فلبنت الابن من ذلك الثلثان ، ولابن الابنة (البنت ـ خ) من ذلك الثلث ، تقوم ابنة الابن مقام أبيها وابن الابنة (البنت ـ خ) مقام امه ، وهذا ممّا زل به قدمه عن الطريقة المستقيمة ، وهذا سبيل من يقيس (انتهى) ج ٤ ص ١٩٧ الطبع الآخوندي.

(٥) قال في باب ميراث ولد الولد من كتاب المواريث ما هذا لفظه : قال الفضل : وولد الولد ابدا

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ينافي بعضه بعضا على ما رأيته في الكافي لعلّه غلط وسهو من قلمه أو من قلم الناسخ.

نعم انما يناسب ذلك على مذهب الصدوق والقوم أيضا فإنهم يورّثونهم للقرابة ، ولتقرّبهم بآبائهم كما دل عليه دليلهم ، فبنت الابن مثل الابن يأخذ الثلثين ، وابن البنت مثلها يأخذ الثلث.

وكأن القوم نظروا الى الآية في أصل الإرث وثبوته ، والى الاعتبار والأخبار في النصيب حيث كانت فيها : ان أولاد الأولاد بمنزلة الأولاد (١) فهو شامل في أخذ الحظّ والنصيب أيضا ، وأوّلوا ما فيها من قوله عليه السّلام : (ولا وارث غير هن) بما تقدم من تأويل الشيخ وغيره.

ويمكن القول بأنهم ولد وحكمهم حكمهم في التقسيم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما هو ظاهر شمول الآية لهم ، ويكون الخبر في أخذ أصل الإرث وثبوته لهم لا في جميع الخصوصيات حتى تعيين الحصّة ، فإن ذلك قد علم من قبل بآية «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٢) ، مطلقا في الأولاد ، بل غير هم أيضا كما سيجي‌ء.

وبالجملة ، المناسب بمذهب الفضل والمتأخرين كون حصّتهم مثل أولاد الصلب للذكر مثل حظ الأنثيين لا نصيب من يتقرب به ، بخلاف مذهب الصدوق

__________________

يقومون مقام الولد إذا لم يكن ولد الصلب لا يرث معهم الّا الولدان والزوج والزوجة ، فان ترك ابن ابن وابنة ابن فالمال بينهما للذكر مثل حظّ الأنثيين ، فإن ترك ابن ابن وابن ابنة فلابن الابن الثلثان ولابن الابنة الثلث ، وان ترك ابنة ابن وابن ابنة فلابنة الابن الثلثان نصيب الابن ولابن الابنة (البنت ـ خ) الثلث نصيب الابنة وان ترك ابنة ابن وابنة فلابنة الابن الثلثان ولابنة الابنة الثلث إلخ (انتهى موضع الحاجة من كلامه) ج ٧ ص ٨٨.

(١) راجع باب ٧ من أبواب ميراث الأبوين من الوسائل ج ١٧ ص ٤٤٩.

(٢) النساء : ١١.

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وان أمكن هنا أيضا ذلك لما قلناه من احتمال معنى الخبر وكونه في ثبوت أصل الإرث.

والحاصل أنّ المسألة مشكلة ، والقول بظاهر الآية وبعض الاخبار (١) كما قاله المتأخرون في أصل إرثهم مع الأبوين لا يخلو عن قرب ، والشهرة مؤيّدة.

ولكن يقتضي ذلك جعلهم مثل أولاد الصلب في تعيين النصيب وأخذ الحصّة أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين.

ولا ينافي الأخبار صريحا ذلك ، لاحتمال قوله : (يقمن مقام الابن) (٢) في أخذ الإرث والتقسيم للذكر مثل حظ الأنثيين لا في تعيين حصّتهم معهم ، فإنه يعلم من موضع آخر يعني ان ولد الولد يقوم مقام من يتقرب به في أخذ الإرث ، ولكن ينظر إليه فإن كان ذكرا يأخذ حصّة الذكر وان كان أنثى يأخذ حصّتها ، فتأمّل.

واعلم ان المذاهب في أولاد الأولاد ثلاثة (الأول) مذهب الصدوق وهو عدم اجتماعهم مع الأبوين في الإرث فإنهما واحد هما مقدم ، ومع عدمهما يرثون نصيب آبائهم ولا يخلو عن قرب.

(والثاني) أنهم يجتمعون مع الأبوين ويمنعونهما عن الثلث والثلثين الى السدس وينزلون منزلة آبائهم في أخذ نصيبهم ، وهو المشهور الآن ، ولا يخلو عن بعد لما عرفت.

(والثالث) يرثون معهما ويمنعونهما عن نصيبهما الأعلى إلى السدس كالزوجين مثل الأولاد للصلب ويقسمون الإرث مثلهم ، للذكر مثل حظ الأنثيين.

وبالجملة انهم أولاد ، وكأنه مذهب السيد وابن إدريس وابن أبي عقيل ،

__________________

(١) الظاهر ان المراد الخبر المشار إليه آنفا وهو حديث ٥ من باب ٧ ج ١٧ ص ٤٥٠ من الوسائل.

(٢) راجع الوسائل باب ٧ حديث ٤ ج ١٧ ص ٤٥٠ كما مرّ آنفا.

٣٦٧

ولا يرث ولد الولد ذكرا كان أو أنثى مع ولد الصلب ذكرا أو أنثى وكل أقرب يمنع الأبعد.

ويشاركون الزوج والزوجة كآبائهم.

وكلّ من أولاد الابن وأولاد البنت يقتسمون المال للذكر مثل

______________________________________________________

وهو قريب ولكنه خلاف المشهور.

ويفهم من كلام السيّد أن كون ولد الولد ولدا حقيقة إجماعي عندنا ومتفق عليه بيننا فتأمّل.

قوله : «ولا يرث ولد الولد إلخ» وجه عدم ارث ولد الولد مع الولد للصلب سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو مختلفين ، وسواء كان الولد أبا الولد أو عمّه أو عمّته (أو أمه ـ خ) أو خالته أو خالة ظاهر ، وكذا (هكذا ـ خ) كلّ قريب من الأولاد يمنع البعيد فولد الولد يمنع ولد ولد الولد وهكذا.

ويحتمل ان يكون المعنى كلّ قريب في مرتبة يمنع البعيد في تلك المرتبة إلّا في المسألة المتفقة عليها ، أو أن كل قريب يمنع البعيد مطلقا إلّا ما استثني ، مثل الأبوين لا يمنعان ولد الولد مع القرب والبعد على ما هو المشهور ، وقد تقدمت.

قوله : «ويشاركون الزوج والزوجة إلخ» فيمنعونهما من نصيبهما الأعلى إلى الأدنى كآبائهم.

وجهه كونهم أولادا وقد قيّد نصيبهما الأعلى بعدم الولد ، وهو مؤيّد لكونهم ولدا حقيقة كما مرّ فتأمّل.

قوله : «وكلّ من أولاد الابن إلخ» إذا أخذ الثلث أولاد البنت يقسّمون بالسوية ان كانوا متّحدي الجنس ، وان كانوا مختلفين فيه يقسّم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (١).

__________________

(١) النساء : ١١.

٣٦٨

حظ الأنثيين.

ويمنع الأولاد كلّ من يتقرب بالأبوين من الاخوة والأجداد ، والأعمام ، والأخوال ، وأولادهم ومن يتقرّب بهم كأولاد الأولاد ، وكذا أولاد الأولاد.

والأبوان يمنعان آبائهم لكن يستحب الإطعام ـ ان زاد النصيب عن السدس ـ بسدس الأصل ، فلو كان الأبوان مع اخوة استحب للأب طعمة أبويه دون الأم ، فلو كان معهما زوج استحب للأم طعمة أبويها دون الأب.

______________________________________________________

ونقل عن بعض الأصحاب كونه بينهم بالسويّة مطلقا ، ووجهه غير ظاهر.

وكذا ان أخذ الثلثين أولاد الابن يقسّمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهو أظهر إذ لا خلاف فيه ، وهو مؤيّد لما قلناه من كونهم أولادا فيكون حكمهم حكم الأولاد للصلب فتأمّل.

قوله : «ويمنع الأولاد كلّ من يتقرب إلخ» يعني يمنع أولاد الصلب جميع من يتقرب بالأبوين إلى الميّت أي لا يمنعون الأبوين فقط ، ويمنع من سواهما من الأنساب ممن يتقرب بابويهم مثل اخوة الميّت ، وأجداده ، والأعمام ، والأخوال ، وأولادهم.

ويمنعون أيضا من يتقرب بهم مثل أولادهم ، وهم أولاد الأولاد.

وكذا يمنع أولاد الأولاد من يتقرب بالأبوين إلى الميّت من الاخوة والأجداد والأعمام وغيرهم مثل من تقدّم ، وكل ذلك واضح ، بل علم مرارا.

قوله : «والأبوان يمنعان آبائهم لكن يستحب الإطعام إلخ» منع الأبوين آبائهما ، بل سائر من يتقرّب بهم وبالميّت من جهتهم أيضا ظهر ممّا تقدم ، وسيجي‌ء دليله.

٣٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن ذكره لتمهيد استحباب الطعمة أي يستحب لأب الميت وأمّه ان يطعم من ميراث ولده الذي وصل إليه أباه وامه جدّ الميّت وجدّته ، لكونهما محرومين من الإرث بهما ، بسدس من الأصل ان زاد نصيبه عنه.

فالظاهر ان يكون الزائد سدسا حتى يستحب الطعمة وانه لا يكون أقلّ من السدس أصلا.

فإذا كان الزيادة أقل من السدس لم يستحب الطعمة ، هذا ظاهر العبارة.

ويحتمل ـ كما ذكره البعض ـ ان يكون استحباب السدس موقوفا على زيادة السدس ، فيكون مع الزيادة في الجملة استحباب تلك الزيادة لا السدس.

وبالجملة ، يحتمل ان يكون استحباب الطعمة مع زيادة النصيب عن السدس في الجملة ، فإن كانت سدسا أو أكثر ، فالاستحباب بالسدس فقط والّا فبالأقل ، فالاستحباب إطعام أقل الأمرين من السدس وأقلّ ، فالطعمة مشروطة بزيادة نصيب المطعم عن (على ـ خ) السدس.

فإذا كان مع الأبوين الاخوة الحاجبة للأم إلى السدس لم يستحب الطعمة للام ، بل للأب خاصّة أن يطعم أبويه.

فإذا كان معهما زوج استحبّ الطعمة للام لأبويها دون الأب ، إذ الزوج يأخذ النصف ، والأم الثلث ، ويبقى للأب السدس فقط ، فما حصل شرط استحباب الطعمة بالنسبة إليه.

وعلى الأم ان تطعم أبويها بالزائد ، وهو السدس يقسّم بينهما نصفين كلّ واحد نصف السدس.

هذا مع عدم الحجب بها الى السدس ، ومعه فلا استحباب لها ، بل للأب فقط ، وهو ظاهر.

ولكن ينبغي التأمل في دليل المسألة والحكم بمقتضاه.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ويجب أوّلا بيان عدم إرث الأجداد مع الأبوين ثم الدليل على الاستحباب.

وعدم الإرث هو المشهور ، بل كاد ان يكون إجماعا ، إذ ما نقل الخلاف إلّا عن ابن الجنيد ، وهو يجعل الفاضل عن سهام البنت والأبوين للجدّين والجدّتين ، فالطعمة المشهورة تكون واجبة عنده في بعض الافراد ، وتكون ميراثا.

ودليله عليه غير واضح وليس أدلّة الطعمة دليله ، إذ لو كانت لكان القول بالوجوب مطلقا عنده متيقنا ، لا في بعض الأفراد فتأمّل.

والدليل على عدم إرثهم وعلى عدم وجوب ذلك هو ظاهر القرآن ، فإنه جعل للأبوين لكلّ واحد منهما السدس مع الولد ، فدل على انه على تقدير الولد المال ينقسم بين الولد والأبوين فقط ، والثلث لهما ، والباقي له.

وكذا ان لم يكن له ولد جعل للام الثلث مع عدم الحجب ، والسدس معه ، والباقي للأب ، فما بقي لأحد شي‌ء.

والمراد بالأبوين هنا هو الأب والامّ فقط بغير خلاف على الظاهر ، ولأنّ السدس والثلثين ليسا للأب والأجداد وكذا السدس والثلث مثلا ليسا للام والجدّات ، بل ولا قائل بالاستحباب أيضا في بعض أفراده ، إذ الطعمة بعد الزيادة عن السدس لمن يتقرب به.

وأيضا لو كان الجدّ الأول والجدّة الاولى مرادين وشريكين مع ولد هما يكون آباؤهما وجميع الأجداد كذلك ، لعدم الفرق وصدق الآباء امّا حقيقة أو مجازا كالأوّلين وهو ظاهر ، ولا قائل به ، ولا دليل على الطعمة أيضا كما ستقف على دليل الطعمة.

وأيضا ظهور آية (أُولُوا الْأَرْحامِ) (١) ـ مع تفسيرها بأن الأقرب أولى من

__________________

(١) الأنفال : ٧٥.

٣٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الأبعد ـ يدلّ على عدم إرثهم ، وكذا الاعتبار ، والاخبار الدالّة عليه كما مرّ.

مثل صحيحة أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : ان في كتاب علي عليه السّلام : أن كلّ ذي رحم (فهو ـ ئل) بمنزلة الرحم الذي يجرّ به الّا ان يكون وارث أقرب الى الميّت منه فيحجبه (١).

ولا شكّ في قرب الأب والام والولد الى الميّت من الجدّين.

ولأنه قد دلت الأدلة ، كتابا وسنّة وإجماعا على انهم بمنزلة الاخوة وأولادهم ويجتمعون معهم ويأخذون مثل حصّتهم ، وسيجي‌ء ذلك. فلا يكونون مثل من هو مقدّم عليهم ، فان الولد والأبوين مقدّم على الأخوة وأولادهم ، ولا يأخذ الإخوة معهم شيئا أصلا.

ولأن قربهم إليه لولدهم ، فولدهم مقدّم عليهم كما ان قرب الاخوة بسبب أبويهم وانما يرثون بعدهم.

ويدل عليه أيضا ما دلّت على عدم اجتماع أحد الأبوين غير الزوج والزوجة مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، وما في صحيحة زرارة ، المتقدمتان (٢) ، من قوله : (ولا يرث مع الام ولا مع الأب ولا مع الابن ولا مع الابنة أحد خلقه الله غير الزوج والزوجة) (زوج أو زوجة ـ ئل) (٣).

ومعلوم ان المراد بالأم والأب غير الجدّين ، وهو ظاهر.

وما يدل على تقسيم ميراث الأبوين ، مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر

__________________

(١) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٦ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ج ١٧ ص ٥٠٥.

(٢) هكذا في النسخ والصواب (المتقدمتين) بالنصب.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين وحديث ٧ من باب ٨ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤٣٤ وص ٤٢٨.

٣٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام في رجل مات وترك أبويه؟ قال : للأب سهمان ، وللام سهم (١) وغيرها.

وما يدل على قسمة ميراث الأبوين والولد مثل حسنة محمّد بن مسلم الطويلة في التهذيب والكافي ، وصحيحته في الفقيه ، قال : أقرأني أبو جعفر عليه السّلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وخطّ علي عليه السّلام بيده ، فوجدت فيها : رجل ترك ابنته وامه ، للابنة النصف ثلاثة أسهم ، وللام السدس سهم ، يقسّم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة ، وما أصاب سهما فللأم ، قال : وقرأت فيها : رجل ترك ابنته وأباه للابنة النصف ثلاثة أسهم ، وللأب ، السدس سهم ، يقسّم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة ، وما أصاب سهما فللأب (٢).

وكذا ما يدل على تقسيم ميراث الولد والأبوين والزوجة ، مثل حسنة عمر بن أذينة ، عن زرارة ، قال : قلت له : اني سمعت محمّد بن مسلم وبكيرا يرويان عن أبي جعفر عليه السّلام في زوج وأبوين وابنة ، للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما ، وللأبوين السدسان أربعة أسهم من اثني عشر سهما ، وبقي خمسة أسهم ، فهو للابنة ، لأنها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر (الى قوله) : فقال زرارة : هذا هو الحق ، الحديث (٣).

وصحيحة زرارة ـ في الفقيه ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل مات وترك أبويه؟ قال : للام الثلث ، وللأب الثلثان (٤) ، تأمّل فيها.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٣.

(٢) الوسائل باب ١٧ صدر حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٦٣.

(٣) الوسائل باب ١٨ قطعة من حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٦٥.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٥٣.

٣٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وتدل عليه بخصوصه صحيحة عبد الله بن جعفر ـ كأنه الحميري الثقة ـ قال : كتبت الى أبي محمّد عليه السّلام : امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وجدّها أو جدّتها كيف يقسم ميراثها؟ فوقّع عليه السّلام : للزوج النصف ، وما بقي للأبوين (١).

ورواية علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل مات وترك أباه وعمّه وجده؟ قال : فقال : حجب الأب الجدّ ، الميراث للأب وليس للعم ولا للجدّ شي‌ء (٢).

ورواية الحسن بن صالح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت وتركت أمها وأخوين لها من أبيها وأمها ، وجدّها أبا أمّها ، وزوجها؟ قال : يعطى الزوج النصف ، وتعطى الام الباقي ، ولا يعطى الجدّ شيئا لأن ابنته حجبته عن الميراث ، ولا يعطى الإخوة شيئا (٣).

وتدلّ على الطعمة صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قلت : ان بنتي هلكت وأمّي حيّة؟ فقال أبان بن تغلب ـ وكان عنده ـ : ليس لأمك شي‌ء فقال أبو عبد الله عليه السّلام : سبحان الله ، أعطها السدس (٤).

قال الشيخ : هي لا تنافي ما قدّمناه من الاخبار من ان الجدّ لا يستحق الميراث لان هذا انما جعل للجدّ أو الجدّة على جهة الطعمة ، لا على وجه الميراث.

وأيّد بحسنة جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : ان

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٦٨.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٦٨.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٦٨.

(٤) الوسائل باب ٢٠ نحو حديث ٦ ج ١٧ ص ٤٧١ وهو مطابق لما نقله في التهذيب.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

رسول الله صلّى الله عليه وآله أطعم الجدّة ـ أم الأم ـ السدس وابنتها حيّة (١).

وبموثقة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ان رسول الله صلّى الله عليه وآله أطعم الجدّة السدس ولم يفرض لها شيئا (٢).

ومثله رواية أخرى له عنه عليه السّلام قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : ان نبيّ الله صلّى الله عليه وآله أطعم الجدّ السدس طعمة (٣).

ثم قال (٤) على أنّ الطعمة انما تكون للجدّ أو الجدّة إذا كان ولدهما حيّا فأما مع عدمه فليس لهما طعمة أيضا على حال.

ودل عليه بحسنة جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليه السّلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله أطعم الجدّة أم الأب السدس وابنها حيّ ، وأطعم الجدّة أم الأم السدس وابنتها حيّة (٥).

ورواية إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في أبوين وجدّة لأم؟ قال : للام السدس ، وللجدّة السدس ، وما بقي وهو الثلثان للأب (٦).

ورواية علي بن الحسن بن رباط رفعه الى أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : الجدّة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها (٧).

وأنت تعلم أن الطعمة لا تنافي كونها إرثا الّا ان يكون اصطلاحا عندهم.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ ج ١٧ ص ٤٦٩ وهو مطابق لما نقله في التهذيب.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ ج ١٧ ص ٤٧٠ وهو مطابق لما نقله في التهذيب.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ ج ١٧ ص ٤٧٠ وهو مطابق لما نقله في التهذيب.

(٤) يعني الشيخ في التهذيب.

(٥) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ و ٩ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٦٩.

(٦) الوسائل باب ٢٠ حديث ١٠ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٧٢.

(٧) الوسائل باب ٢٠ حديث ١١ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٧٢.

٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مع ان التعبير عن الإرث بالطعمة مشعر بما قاله الشيخ.

وانه (١) لا دلالة فيها على خصوص مذهب ابن الجنيد القائل بوجوب الطعمة.

وعلى الحصر الّذي ادّعاه الشيخ وغيره ، من أنّ الطعمة انما تكون مع وجود ولد الجدّ أو الجدّة وانما يطعمهما ولد هما لا غير.

نعم المذكور في حسنة الجميل من فعله صلوات الله عليه وعلى آله انه كان كذلك وكذا خبر إسحاق.

وان الرواية الصحيحة (٢) دلّت على أن للجدّة سدسا مع ابنها ، والثلاثة التي بعدها (٣) دلّت على أن للجدة سدسا مع ابنها.

والثلاثة التي بعدها (٤) دلت على ان للجدّة والجدّ السدس ، وما ذكر مع من؟ ودلت رواية إسحاق (٥) على ان للجدّة أم الأم مع الأبوين السدس ، وفي الرواية الأخيرة (٦) ان للجدّة مطلقا السدس مع ابنها وابنتها.

وان ظاهرها ان الطعمة لا تنقص عن السدس ولا تزيد عليه كما هو ظاهر أكثر المتون.

ويحتمل الاحتمال المتقدم الذي نقلناه عن البعض ولكن لا صراحة في الاخبار عليه لما عرفت.

كما انه لا دلالة فيها صريحة على الطعمة من غير الولد المطعم ، ولا على

__________________

(١) عطف على قوله قدّس سرّه : ان الطعمة إلخ وكذا قوله قدّس سرّه : وان الرواية الصحيحة إلخ.

(٢) وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج.

(٣) هي حسنة جميل وموثقة زرارة ورواية أخرى له المتقدمات آنفا.

(٤) هي حسنة جميل بن درّاج ورواية إسحاق بن عمار ورواية علي بن الحسن بن رباط المتقدمات.

(٥) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ١٠ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٧٢.

(٦) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ١١ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٧٢.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

اشتراطها منه وان كان فهمه من بعضها وسوقها غير بعيد ولهذا شرطوه في المتون كما نقلناه عن الشيخ أيضا.

ولكن العمل بالعموم أولى ، فإن ظاهر لفظ الصحيحة الأولى (١) عام بأن الله أعطاها ـ أي الجدّة ـ السدس.

وبالجملة ، العمل بمضمون الأخبار موجب للسلامة من الاخطار ، وانها لا تدل على كون هذا السدس الذي هو الطعمة من حصّة ولد أجداد الميّت ، وانه لا بدّ ان تكون حصّته زائدة على السدس بالسدس حتى يستحب ، بل مضمونها كما عرفت إعطاء السدس وهو ظاهر في سدس الأصل مطلقا.

نعم إذا قيل : انها من حصّة من يتقرّب به لا بدّ من وجود السدس في تلك الحصّة وهو ظاهر.

واما كونها زائدة على السدس بسدس فلا بدّ من كونها ثلثا ، فلا يفهم منها ، فكأنهم فهموا بضرب من الاعتبار والاجتهاد ، وبأن الطعمة سدس ولا معنى لزيادتها على حصّة المطعم فلا يكون الّا مع كونها ثلثا وما فوق فتأمّل واعمل بمضمون ما هو الحجّة.

واعلم ان قوله تعالى (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) (٢) يدل على وجوب إعطاء شي‌ء حال القسمة إلى هؤلاء وقيل : نسخت بآية الإرث ، ولا منافاة ، والأصل عدم النسخ.

وقيل : محمولة على الاستحباب ، فيحتمل كون (أولوا القربى) الجدّين ،

__________________

(١) هي صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج التي نقلها في اولى أخبار الطعمة بقوله قدّس سرّه : وتدل على الطعمة إلخ.

(٢) النساء : ٨.

٣٧٧

ويحبى الولد للصلب المؤمن الذكر الأكبر غير السفيه بثياب بدن أبيه ، وخاتمه ، وسيفه ، ومصحفه ان خلّف الميّت غيرها ، وعليه ما فات الأب من صلاة وصيام ، ولو كان الأكبر أنثى خصّ أكبر الذكور.

______________________________________________________

وعموم الوارث الذي لا يرث كما قيل ، ولكن قيل : ضمير (منه) راجع الى ما ترك الوالدان ، فيكون الاستحباب مخصوصا بالولد ومن يرث معه ويمكن ارادة ما ترك الميّت فتأمّل.

قوله : «ويحبى الولد للصلب إلخ» ظاهره وجوب الحبوة المذكورة للولد المذكور ويحتمل استحبابها ، ويؤيّده ترك الوجوب وذكرها بعد استحباب الطعمة المشعر بالاستحباب.

الكلام هنا في وجوبها واستحبابها وفيما يحبى به

ومن يحبى له والشرائط

ظاهر المتن هنا الوجوب ، وكون المحبي الولد للصلب له ، أي الولد الأول لا ولد الولد أيضا بشرط كونه مؤمنا.

ظاهره ، المؤمن بالمعنى الأخص ، فلا حبوة للمخالف.

وكونه أكبر الأولاد الموجودين ، ويحتمل كونه أكبر مطلقا وهو بعيد.

وذكرا فلا حبوة للنساء ، ولا للذكر إذا كان الأكبر أنثى.

ويحتمل ان يكون أكبر الذكور ، بل كونه لا أكبر منه ذكرا ، فلو كان ذكر وحده أو مع النساء ولو كنّ أكبر منه يكون له الحبوة.

وكذا لو كان معهم ذكور ، ويكون الواحد أكبر منهم وان كان أصغر منهن ، وإليه أشار بقوله : (ولو كان الأكبر أنثى) خصّ أكبر الذكور.

ويشترط كونه رشيدا غير سفيه.

وظاهر المتن (١) مشعر بكونها عوضا عما عليه أن يفعل للميّت ممّا ترك من

__________________

(١) بقرينة قوله رحمه الله : وعليه ما فات الأب من صلاة أو صيام.

٣٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة والصيام ، وقد مرّ وجوبهما على الولي مفصّلا فتذكر (١).

ويحتمل كون مقصوده عدم الاشتراط كما هو الأصل ، بل مجرد بيان ماله وما عليه فتأمّل.

وما يحبى به في المتن : ثياب بدنه التي تهيّأت للبس وان كثرت ولم تلبس ، ويحتمل اللبس في الجملة وعدم الخروج عن العادة.

وظاهر (خاتمه وسيفه ومصحفه) وحدتها ، ويحتمل العموم والجنس يشرط ان يخلّف الميّت مالا آخر غيرها يكون ميراثا ، فيكون غير الدّين والوصيّة أيضا.

وينبغي التأمل في الدليل فننقل الأدلة التي هي دليل أصل المسألة حتى تعلم ويعمل بمقتضاها.

فالأصل وآيات الإرث دليل عدم الحبوة ، لأنها بظاهرها تدلّ على انقسام جميع ما ترك على الوجه المذكور فيها ، مثل كون الربع والثمن للزوجين ، والثلث للام ، والسدس للأبوين ، والنصف للبنت الواحدة ، والثلثين للبنتين فصاعدا فللذكر مثل حظ الأنثيين ، فإنها وردت بلفظ عام ، مثل (نصف ما ترك) وعموم الأخبار الدالة على ميراث الأولاد وحدهم ، ومع من يجتمع معهم من الأزواج والأبوين فافهم.

واما الأخبار الدالّ ثبوتها ، فهي صحيحة ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا مات الرجل فلأكبر ولده : سيفه ، ومصحفه ، وخاتمه ، ودرعه (٢).

في صحتها إشكال من جهة توقفها على توثيق محمّد بن إسماعيل الذي ينقل عنه محمّد بن يعقوب وينقل هو عن الفضل بن شاذان (٣) ، لأنه ان كان ابن

__________________

(١) راجع كتاب الصوم ج ٥ ص ٢٦٤. ص ٢٧٩ من مجمع الفائدة.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج ١٧ ص ٤٣٩.

(٣) سندها كما في الكافي ـ باب ما يرث الكبير من الولد ـ هكذا : محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن

٣٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بزيع الثقة ففي ملاقاته بعد ، وان كان غيره فغير ظاهر ، ولكن صرّحوا بصحّة مثل هذا الخبر ، وهو كثير جدّا وبخصوص هذه أيضا من غير توقف فتأمّل.

وصحيحته أيضا عنه عليه السّلام ، قال : إذا مات الرجل فسيفه ، وخاتمه ، ومصحفه ، وكتبه ، ورحله ، وراحلته ، وكسوته لأكبر ولده ، فان كان الأكبر بنتا (ابنة ـ ئل) فللأكبر من الذكور (١).

فيها إشعار بأن المراد ، الأكبر من الذكور ، بل المراد لا أكبر منهم منه كما سيجي‌ء في مرسلة حريز.

وفي صحتها أيضا شي‌ء لوجود محمّد بن خالد البرقي ، فيه تأمل لعدم توثيق النجاشي إياه وذكره ما يدلّ على ضعفه ، ولكن وثّقه الشيخ وتبعه العلّامة وغيره ، وهي صحيحة في الفقيه (٢) من غير إشكال.

ولكن ليس في الفقيه (راحلته) ، وهي مشتملة على ما لا يعرف القائل به ، من (كتبه) الدالّة على الجميع (الرحل والراحلة).

والظاهر ان الكسوة هي الثياب ـ ثياب بدنه.

وموثقة أبي بصير (له) ، لاحتمال أنه يحيي بن القاسم لنقل شعيب بن

__________________

شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي بن عبد الله. الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ميراث الأبوين ج ١٧ ص ٤٣٩.

(١) سندها فيه في الباب المذكور هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله.

(٢) روى في الفقيه باب نوادر الميراث ج ٤ ص ٣٤٦ طبع مكتبة الصدوق : عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله وطريقه الى حماد بن عيسى ـ كما في مشيخة الفقيه ص ٤٥٧ هكذا : وما كان فيه عن حماد بن عيسى فقد رويته ، عن أبي ـ رضي الله عنه ـ ، عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى الجهني ، ورويته ، عن أبي رضي الله عنه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى.

٣٨٠