بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

والسرقة وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وفي الشرك بالله ، أفاعيل الخمر تعلو على كل ذنب كما تعلو شجرتها على كل شجرة (١).

٥١ ـ ثو : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن الاشعري ، عن العمركي قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن ابن داود (٢) يذكر أنك قلت له : شارب الخمر كافر؟ قال : صدق ، قد قلت له (٣).

٥٢ ـ ضا : الخمر تورث قساوة القلب ، ويسود الاسنان ، ويبخر الفم ويبعد من الله ، ويقرب من سخطه ، وهو من شراب إبليس.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : شارب الخمر ملعون ، شارب الخمر كعبدة الاوثان ، يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان (٤).

٥٣ ـ سن : عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن سليمان ، عن بعض الصالحين قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: ملعون ملعون من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر (٥).

٥٤ ـ سن : عن هارون بن الجهم قال : كنا مع أبي عبدالله عليه‌السلام بالحيرة حين قدم على أبي جعفر ، فختن بعض القواد إبنا له وصنع طعاما ودعى الناس ، فكان أبوعبدالله عليه‌السلام فيمن دعي ، فبينا ما هو على المائدة يأكل ومعه عدة على المائدة فاستسقى رجل منهم فاوتي بقدح له فيه الشراب ، فلما صار القدح في يد الرجل قام أبوعبدالله عليه‌السلام عن المائدة فخرج.

فسئل عن قيامه ، فقال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ملعون ملعون من

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٢١٩ ورواه في الكافى ج ٦ ص ٤٢٩.

(٢) في المصدر : داود بن آدم وفى الاصل ابن يزدان خ ل.

(٣) المصدر ص ٢١٩.

(٤) فقه الرضا : ٣٤.

(٥) المحاسن ص ٥٨٤.

١٤١

جلس على مائدة يشرب عليها الخمر (١).

٥٥ ـ ضا : اعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينه ، و حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل شراب مسكر ، ولعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر وغارسها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه ، وبايعها ، ومتبايعها وشاربها وآكل ثمنها و ساقيها والمتحول فيها ، فهي ملعونة ، شراب لعين ، وشاربها لعينان.

واعلم أن شارب الخمر كعبدة الاوثابن ، وكناكح امه في حرم الله ، وهو يحشر يوم القيامة مع اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، اولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.

واعلم أن من شرب من الخمر قدحا واحدا لا يقبل الله صلاته أربعين يوما ومن كان مؤمنا فليس له في الايمان حظ ، ولا في الاسلام نصيب ، لا يقبل منه الصرف ولا العدل ، وهو أقرب إلى الشرك من الايمان ، خصماء الله وأعداؤه في أرضه شراب الخمر والزناة ، فان مات في أربعين يوما لا ينظر الله إليه يوم القيامة ، و لا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، ولا تقبل توبته في أربعين ، وهو في النار لا شك فيه.

وإياك أن تزوج شارب الخمر ، فان زوجته فكأنما قدت إلى الزنا ، ولا تصدقه إذا حدثك ، ولا تقبل شهادته ، ولا تأمنه على شئ من مالك ، فان ائتمنته فليس لك على الله ضمان ، ولا تؤاكله ولا تصاحبه ولا تضحك في وجهه ولا تصافحه ، ولا تعانقه ، وإن مرض فلا تعده ، وإن مات فلا تشيع جنازته.

ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر ، ولا تجالس شارب الخمر ، ولا تسلم إذا مررت به ، فان سلم عليك فلا ترد عليه‌السلام بالمساء والصباح ، ولا

____________________

(١) المحاسن ص ٥٨٥.

وقد أخرج مثله عن الكافى ج ٦ ص ٢٦٨ في ج ٤٧ من هذه الطبعة الحديثة من بحار الانوار فراجع.

١٤٢

تجتمع معه في مجلس ، فان اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس وإن الله تبارك وتعالى حرم الخمر لما فيها من الفساد ، وبطلان العقول في الحقائق ، وذهاب الحياء من الوجه ، وإن الرجل إذا سكر فربما وقع على امه ، أو قتل النفس التي حرم الله ، ويفسد أمواله ، ويذهب بالدين ، ويسئ المعاشرة ، ويوقع العربدة ، وهو يورث مع ذلك الداء الدفين ، فمن شرب الخمر في دار الدنيا أسقاه الله من طينة خبال وهي صديد أهل النار.

وروي أن من سقى صبيا جرعة من مسكر سقاه الله من طينة خبال ، حتى يأتي بعذر مما أتى وإن لا يأتي أبدا يفعل به ذلك مغفورا له أو معذبا ، وعلى شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (١).

٥٦ ـ يج : روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أول ما ملكته لديناران على عهد أبي ، وكان رجل يشتري الاردية فأردت أن ابضعه فقال أبي : لا تبضعه ، قال : فدفعت إليه سرا من أبي فخرج ، ولما رجع بعثت إليه رسولا فقال له : ما دفع إلى شيئا ، قال : فظننت أنه إنما ستر ذلك من أبي ، فذهبت إليه بنفسي و قلت : الديناران؟ قال : ما دفعت إلى شيئا ، فأتيت أبي فلما رآني رفع إلى رأسه ثم قال : متبسما : يا بني ألم أقل لك أن لا تدفع إليه؟ إنه من ائتمن شارب الخمر فليس له على الله ضمان ، إن الله يقول : « ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم » فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟ فليس إن أشهدكم لم تقبل شهادته؟ وإن شفع لم يشفع؟ وإن خطب لم يزوج؟ (٢).

٥٢ ـ طب : عن عبدالله بن جعفر ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن دواء يعجن بالخمر لا يجوز أن يعجن بغيره ، إنما هو اضطرار ، فقال : لا والله لا يحل لمسلم أن ينظر إليه ، فكيف

____________________

(١) فقه الرضا : ٣٨.

(٢) لم نجده في مختار الخرائج.

١٤٣

يتداوى به ، وإنما هو بمنزلة شحم الخنزير الذي يقع في كذا وكذا ، لا يكمل إلا به ، فلا شفى الله أحدا شفاه خمر وشحم خنزير (١).

أقول : أوردنا بعض الاخبار في باب التداوى بالحرام في كتاب الاطعمة (٢).

٥٨ ـ شى : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : بينما حمزة بن عبدالمطلب وأصحاب له على شراب لهم يقال له : السكركة (٣) قال : فتذاكروا السريف (٤) فقال لهم حمزة : كيف لنا به؟ فقالوا : هذه ناقة بن أخيك علي ، فخرج إليها فنحرها ثم أخذ كبدها وسنامها فأدخل عليهم ، قال : وأقبل علي عليه‌السلام فأبصر ناقته ، فدخله من ذلك ، فقالوا له : عمك حمزة صنع هذا.

قال : فذهب عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكى ذلك إليه ، قال : فأقبل معه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل لحمزة : هذا رسول الله بالباب قال : فخرج حمزة وهو مغضب فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الغضب في وجهه انصرف ، قال : فقال له حمزة : لو أراد

____________________

(١) طب الائمة ص ٦٢ ، وقوله : « في كذا وكذا » أى من الادوية.

(٢) انما عقد المؤلف رحمه الله في كتاب السماء والعالم الباب ٥٣ في التداوى بالحرام ، استوعب فيه البحث ، راجع ج ٦٢ ص ٧٩ ـ ٩٣ ، من هذه الطبعة الحديثة.

(٣) السكركة ويقال لها السقرقع : شراب يتخذ من الذرة أو شراب لاهل الحجاز من الشعير والحبوب حبشية ، وقد لهجوا بها ، ويسميها العرب الغبيراء مصغرا.

(٤) السريف ـ كسكين ـ أو هو السرف ـ محركة ـ ما يؤكل مع الشراب كالشواء ونحو ذلك لاجل الضراوة بها ليتمكنوا من اكثارها. ويقال لها بالفارسية « مزه » وأما في المطبوع المطبوع « فتذاكروا الشريف » وفى أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٧١ في ط و ص ٥٧ و ٥٨ في ط « السديف » كما أخرجه المولف العلامة قدس سره هكذا في ج ٢٠ ص ١١٤ باب غزوة أحد ، وقال في بيانه ص ١١٦ « السديف » كأمير شحم السنام قاله الفيروز آبادى.

١٤٤

ابن أبي طالب أن يقودك بذمام فعل ، فدخل حمزة منزله وانصرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال : وكان قبل احد ، فأنزل الله تحريم الخمر فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بآنيتهم فاكفئت (١).

٥٩ ـ شى : عن علي بن يقطين قال : سأل المهدي أبا الحسن عليه‌السلام عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله؟ فان الناس يعرفون النهي ولا يعرفون التحريم ، فقال له أبوالحسن : بل هي محرمة ، قال : في أي موضع هي محرمة في كتاب الله يا أبا الحسن؟ قال : قول الله تعالى « إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق » (٢).

فأما قوله : « ما ظهر منها » فيعني الزنا المعلن ، ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية ، وأما قوله : « وما بطن » يعني ما نكح من الآباء فان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن امه ، فحرم ذلك وأما الاثم فانها الخمر بعينها وقد قال الله في موضع آخر « يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس وإثمهما أكبر » إلى آخر الآية (٣).

فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمر ، والميسر فهي النرد ، وإثمهما كبير كما قال الله وأما قوله : البغي فهي الزنا سرا.

قال : فقال المهدي : هذه والله فتوى هاشمية (٤).

٥٥ ـ شى عن سعيد بن يسار عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله أمر نوحا أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين ، فحمل النخل والعجوة ، فكانا زوجا

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٤٠ والحديث طويل.

(٢) الاعراف : ٣٣.

(٣) البقرة : ٢١٩.

(٤) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٧.

١٤٥

فلما أنضب الله الماء أمر الله نوحا أن يغرس الحبلة ـ وهي الكرم ـ فأتاه إبليس فمنعه من غرسها وأبى نوح إلا أن يغرسها ، وأبى إبليس أن يدعه يغرسها ، فقال : ليست لك ولا لاصحابك إنما هى لي ولاصحابي ، فتنازعا ماشاء الله ، ثم إنهما اصطلحا على أن جعل نوح لابليس ثلثيها ولنوح ثلثه ، وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد قرءتموه « ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا » (١) فكان المسلمون بذلك ، ثم أنزل الله آية التحريم هذه الآية « إنما الخمر والميسر والانصاب ـ إلى ـ منتهون (٢) يا سعيد فهذه التحريم وهي نسخت الآية الاخرى (٣).

٦٢ ـ شى : عن سيف بن عميرة عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كنا عنده فسأله شيخ فقال : بي وجع وأنا أشرب له النبيذ (٤) ووصفه له الشيخ فقال له : ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه كل شئ حي؟ قال : لا يوافقني قال : فما يمنعك من العسل؟ قال الله : فيه شفاء للناس؟ لا أجد ، قال : فما يمنعك من اللبن الذي نبت منه لحمك ، واشتد عظمك؟ قال : لا يوافقني.

فقال له أبه عبدالله عليه‌السلام: تريد أن آمرك بشرب الخمر؟ لا والله لا آمرك (٥).

٦١ ـ ين عن أحمد بن محمد عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الحد في الخمر إن شرب منه قليلا أو كثيرا.

قال : واتي عمر بن الخطاب بقدامة من مظعون قد شرب الخمر ، وقامت عليه البينة ، فسأل عليا أن يجلده بأمره ثمانين ، فقال قدامة : ليس على جلد أنا من أهل هذه الآية التي ذكر الله في كتابه « ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات

____________________

(١) النحل : ٧٦.

(٢) المائدة : ٩٠.

(٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٦٢ ـ ٢٦٣.

(٤) ان بى وجعا وانما أشرب خ.

(٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٦٤.

١٤٦

جناح فيما طعموا » (١).

فقال له على : كذبت لست من أهلها ، ما طعم أهلها فهو لهم حلال ، وليسوا يأكلون ولا يشربون إلا ما أحل الله (٢).

٥٨ ـ جع : (٣) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق ، من شرب شربة من مسكر لم تقبل صلاته أربعين يوما وليلة ، فان تاب تاب الله عليه ، ومن شرب [ شربتين لم يقبل الله صلاته ثمانين يوما وليلة ، ومن شرب منها ثلاث شربات ] (٤) لم يقبل الله صلاتة مائة وعشرين يوما وليلة ، وكان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال قيل : وما هي يا رسول الله؟ قال : صديد أهل النار وقيحهم.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق إن شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا وجهه ، أزرق عيناه ، قالصا شفتاه ، يسيل لعابه على قدميه يقذر من رآءه.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق إن شارب الخمر يموت عطشان. وهو في القبر عطشان ، ويبعث يوم القيامة وهو عطشان ، وينادي : واعطشاه ألف سنة ، فيؤتى بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ، فينضج وجهه ، ويتناثر أسنانه وعيناه في ذلك الاناء ، فليس له بد من أن يشرب فيصهر (٥) ما في بطنه.

وقال عليه‌السلام لاهل الشام : والله الذي بعثني بالحق من كان في قلبة آية من القرآن ، ثم صب عليه الخمر يأتي كل حرف يوم القيامة فيخاصمه بين يدي الله

____________________

(١) المائدة : ٩٣.

(٢) النوادر : ٧٧ ورواه في العياشى ج ١ ص ٣٤١.

(٣) جمع رمز جامع الاخبار. وفى الاصل جمع وهو تصحيف قد اختلط بمتن الاحاديث.

(٤) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر.

(٥) الصهر : الاذابة والاحماء ، اشارة إلى قوله تعالى : « يصهر به ما في بطونهم والجلود ».

١٤٧

عزوجل ، ومن كان له القرآن خصما كان هو في النار (١).

عن على بن عندليب بن موسى عن إسماعيل بن سلمان عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في جهنم لواديا يستغيث منه أهل النار كل يوم سبعين ألف مرة ، في ذلك الوادي بيت من نار ، في ذلك البيت جب من نار ، في ذلك الجب تابوت من نار ، في ذلك التابوت حية لها ألف رأس ، في كل رأس ألف فم ، في كل فم عشرة آلاف ناب ، وكل ناب ألف ذراع وقال أنس : قلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن يكون هذا العذاب؟ قال : صلى‌الله‌عليه‌وآله لشربة الخمر من حملة القرآن.

[ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : شارب الخمر كعابد الوثن ].

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله من بات سكرانا بات عروسا للشيطان.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان في قلبه آية من القرآن أو حرف فصب عليها الخمر يوم القيامة يخاصمه القرآن.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الخمر ام الخبائث.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : جمع الشر كله في بيت ، وجعل مفتاحه شرب الخمر.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بات سكران عاين ملك الموت سكران ، ودخل القبر سكران ، و يوقف بين يدي الله سكران فيقول الله له : مالك؟ فيقول : أنا سكران [ فيقول الله عزوجل : بهذا أمرتك؟ اذهبوا به إلى سكران ] (٢) فيذهب إلى جبل في وسط جهنم ، فيه عين تجرى مدة ودما ، لا يكون طعامه وشرابه إلا منه.

وقال عليه‌السلام : حلف ربى بعزته : لا يشرب عبد من عبادي جرعة من خمر إلا سقيته مثلها من الصديد ، مغفورا كان أو معذبا ولا يتركها عبد من مخافتي إلا سقيته مثلها من حياض القدس.

وقال عليه‌السلام : لا تجالسوا مع شارب الخمر ، ولا تعودوا مرضاهم ، ولا تشيعوا

____________________

(١) جامع الاخبار ص ١٧٤.

(٢) ما بين العلامتين من المصدر.

١٤٨

جنائزهم ، ولا تصلوا على أمواتهم ، فانهم كلاب [ أهل ] النار كما قال الله « اخسؤوا فيها ولا تكلمون » (١).

وعنه عليه‌السلام : ألا من أطعم شارب الخمر بلقمة من الطعام ، أو شربة من الماء لسلط الله تعالى في قبره حيات وعقارب طول أسنانها مائة وعشر ذراع ، وأطعمه الله تعالى من صديد جهنم يوم القيامة ، ومن قضى حاجته فكأنما قتل ألف مؤمن ، أو هدم الكعبة ألف مرة [ ومن سلم عليه فعليه لعنة سبعون ألف ملك ] ، لعن الله شارب الخمر وعاصرها ، وساقيها ، وحاملها [ والمحمول إليه ] (٢).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : العبد إذا شرب شربة من الخمر [ ابتلاه الله بخمسة أشياء ] : في الاول قسا قلبه ، وفي الثاني تبرء منه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع الملائكة ، وفي الثالثة تبرء منه منه جميع الانبياء والائمة ، وفي الرابعة تبرء منه الجبار جل جلاله [ والخامس قوله عزوجل « وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ] (٣).

وعنه عليه‌السلام إذا كان يوم القيامة يخرج من جهنم جنس من عقرب ، رأسه في السمآء السابعة ، وذنبه إلى تحت الثرى ، وفمه من المشرق إلى المغرب ، فقال : أين من حارب الله ورسوله؟.

ثم هبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا عقرب من تريد؟ قال : اريد خمسة نفر : تارك الصلاة ، ومانع الزكاة ، وآكل الربوا ، وشارب الخمر ، وقوما يحدثون في المسجد حديث الدنيا.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : الخمر جماع الاثم ، وام الخبائث ، ومفتاح الشر.

____________________

(١) المؤمنون : ١٠٨.

(٢) جامع الاخبار ص ١٧٥.

(٣) ما بين العلامتين ساقط من الاصل. والاية في سورة السجدة : ٢٠.

١٤٩

وعنه عليه‌السلام : يا على من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم فقال علي عليه‌السلام لغير الله؟ قال : نعم ، والله صيانة لنفسه ، يشكره الله على ذلك.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على شارب الخمر لا يقبل الله عزوجل صلاته أربعين يوما ، وإن مات في الاربعين مات كافرا (١).

وقال عليه‌السلام يا على يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عزوجل (٢).

روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : شارب الخمر إذا مرض فلا تعودوه ، وإذا مات فلا تشهدوه ، وإذا شهد فلا تزكوه ، وإذا خطب إليكم فلا تزوجوه ، فانه من زوج ابنته شارب الخمر فكأنما قادها إلى الزنا.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله من سم الاساود [ ومن سم العقارب ] شربة يتساقط منها لحم وجهه في الاناء قبل أن يشربها فاذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة ، يتأذى به أهل الجمع ، ويؤمر به إلى النار.

ألا وشاربها وعاصرها ومعصرها وبايعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها سواء في إثمها ، ولا يقبل الله تعالى صلاة ولا صوما ولا حجا ولا عمرة حتى يتوب ، ولو مات قبل أن يتوب كان حقا على الله أن يسقيه بكل جرعة في الدنيا شربة من صديد جهنم.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا وإن الله عزوجل حرم الخمر بعينها ، والمسكر من كل شراب ، ألا وإن كل مسكر حرام.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل شارب الخمر كمثل الكبريت فاحذروه لا ينتنكم كما ينتن الكبريت ، وإن شارب الخمر يصبح ويمسي في سخط الله ، وما من أحد يبيت سكران إلا كان للشيطان عروسا إلى الصباح فاذا أصبح وجب عليه أن يغتسل

____________________

(١) زاد بعده في المصدر : قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : يعنى اذا كان مستحلا لها.

(٢) جامع الاخبار : ١٧٦.

١٥٠

كما يغتسل من الجنابة ، فان لم يغتسل لم يقبل منه صرف ولا عدل ، ولا يمشي على ظهر الارض أبغض إلى الله من شارب الخمر (١).

روى سلمان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من شرب الخمر مساء أصبح مشركا ، ومن أشرب صباحا أمسى مشركا ، وما أسكر الكثير منه فقليله حرام.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم على الشارب الخمر أو عانقه أو صافحه أحبط الله عليه عمل أربعين سنة.

عن عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من أطعم شارب الخمر لقمة سلط الله على جسده حية وعقربا ، ومن قضى حاجته فقد أعان على هدم الاسلام ، ومن أقرضه فقد أعان على قتل مؤمن ، من جالسه حشره الله يوم القيامة أعمى لا حجة له ، و من شرب الخمر فلا تزوجوه ، وإن مرض فلا تعودوه ، فو الذي بعثني بالحق نبيا إنه ما شرب الخمر إلا ملعون في التوراة والانجيل والفرقان.

وقال النبي صلى الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ابن مسعود الذي بعثني بالحق ليأتي على الناس زمان يستحلون الخمر ، ويسمونه النبيذ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أنا منهم برئ ، وهم مني براء.

يا ابن مسعود الزاني بامه أهون عندالله من أن يدخل في الربا مثقال حبة من خردل ، وشرب المسكر قليلا أو كثيرا هو أشد عند الله من أكل الربا ، لانه مفتاح كل شر ، اولئك يظلمون الابرار ، ويصادقون الفجار والفسقة ، الحق عندهم باطل ، والباطل عندهم حق ، هذا كله للدنيا ، وهم يعلمون أنهم على غير الحق ، ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون رضوا بالحيوة الدنيا ، واطمأنوا بها ، وهم عن آياتنا غافلون ، أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : سلموا على اليهود والنصارى ولا تسلموا على شارب الخمر

____________________

(١) جامع الاخبار ص ١٧٧.

١٥١

وإن سلم عليكم فلا تردوا جوابه (١).

وقال عليه‌السلام مجاورة اليهود والنصارى خير من مجاورة شارب الخمر ، و لا تصادقوا شارب الخمر فان مصادقته ندامة.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجمع الخمر والايمان في جوف أو قلب رجل أبدا.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شارب الخمر مكذب لكتاب الله ، إذا لو صدق كتاب الله لحرم حرامه.

وأيضا عليه‌السلام : شارب الخمر يعذبه الله بستين وثلاث مائة نوع من العذاب (٢).

٥٩ ـ تفسير النعمانى : بالاسناد المتقدم في كتاب القرآن (٣) عن أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام قال : نسخ قوله تعالى : « ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا » (٤) آية التحريم ، وهو قوله جل ثناؤه « قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق » (٥) والاثم ههنا هو الخمر (٦).

____________________

(١) جامع الاخبار ص ١٧٨.

(٢) جامع الاخبار ص ١٧٩.

(٣) راجع ج ٩٣ من هذه الطبعة ص ٣.

(٤) النحل : ٦٧

(٥) الاعراف : ٣٣.

(٦) راجع ج ٩٣ ص ١١ ، وأخرجه في الوسائل تحت الرقم ٣١٩٥٥ عن الرسالة ـ وقد سماها المحكم والمتشابه ونسبها إلى السيد المرتضى ( ص ١٥ ـ س ٦ ) وقال بعده : لعل النسخ محمول على التقية أو بمعنى تخصيص العام وعدم ارادة الخمر منه كما مر.

١٥٢

٦٥ ـ ين : عن ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحرم الجنة على ثلاثة : على المنان ، و على المغتاب ، وعلى مدمن الخمر.

٦٦ ـ محص : عن فرات بن أحنف قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال : والله لاسوءنه في شيعته ، فقال : يا أبا عبدالله أقبل إلى ، فلم يقبل إليه ، فأعاد فلم يقبل إليه ثم أعاد الثالثة ، فقال : ها أناذا مقبل ، فقل ولن تقول خيرا.

فقال : إن شيعتك يشربون النبيذ ، فقال : وما بأس بالنبيذ ، أخبرني أبي عن جابر بن عبدالله أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يشربون النبيذ ، فقال : ليس أعنيك النبيذ ، أعنيك المسكر ، فقال : شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس (١) ، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رؤفا ، و نبيا بالاستغفار له عطوفا ووليا عند الحوض ولوفا (٢) [ ورؤفا ] وتكون وأصحابك ببرهوت (٣) ملهوفا (٤).

قال : فأفحم الرجل وسكت ، ثم قال : ليس أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : سلبك الله لسانك ، مالك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم أخبرني أبي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبيطالب ، عن رسول الله

____________________

(١) الرسيس أول مس الحمى ، أو هو بالمعجمتين من الرش.

(٢) الولوف كالالوف وزنا ومعنى وهو الكثير الالفة والمحبة.

(٣) اسم واد باليمن ، قيل هو بقرب حضر موت جاء أن فيه أرواح الكفار ، وقيل بئر بحضرموت وقيل هو اسم البلد الذى فيه البئر رائحتها منتنة فظيعة جدا ، قاله في المراصد.

(٤) الملهوف : اللهفان المتحسر ، وفى بعض النسخ ملوفا ، وهو تصحيف مكوف كما هو في نسخة المشارق ، أى مجموعا ، وهو الاصح.

١٥٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل عليهم‌السلام عن الله عزوجل قال : يا محمد إنني حظرت الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما ، إلا من اقترف منهم كبيرة فاني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه ، حتى تلقاه الملائكة بالروح والريحان ، وأنا عليه غير غضبان ، فيكون ذلك ، حلا لما كان منه ، فهل عند أصحابك هؤلاء شئ من هذا؟ فلم أودع (١).

أقول : روى في مشارق الانوار ، عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام مثله (٢).

٦٢ ـ مجالس الشيخ : [ عن الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن زريق ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ترك الخمر للناس لا لله ، صيانة لنفسه ، أدخله الله الجنة ] (٣).

____________________

(١) كتاب التمحيص مخطوط وقوله « فلم » « لم » فعل أمر من لام يلوم.

(٢) مشارق الانوار : ٢٢١ مع تفاوت.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣٠٦ ، وما بين العلامتين كان محله بياضا.

١٥٤

٨٧

* ( باب ) *

* ( حد شرب الخمر ) *

١ ـ ب : عن علي ، عن أخيه عليه‌السلام قال : إن شرب الخمر فاجلدوه ، فان عاد فاجلدوه ، فان عاد فشربها الثالثة فاقتلوه (١).

٢ ـ ل : عن رافع بن عبدالله بن عبدالملك ، عن يوسف بن موسى ، عن يحيى ابن عثمان ، عن أبيه ، عن أبي لهيعة ، عن خالد بن يزيد الجمحي ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن منبه بن أبي وهب ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب في الخمر ثمانين (٢).

٣ ـ ما : عن ابن مخلد ، عن جعفر بن محمد بن نصير ، عن محمد بن إبراهيم ابن زياد ، عن سهل بن زنجلة ، عن الصباح بن محارب ، عن داود الاودي ، عن سماك ، عن خالد بن جرير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا شرب الخمر فاجلدوه وإن عاد فاقتلوه (٣).

٤ ـ ع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن علي بن مهزيار عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الشارب فقال : أيما رجل كانت منه زلة فاني معذره ، وأما الذي يدمن فاني كنت منهكه عقوبة ، لانه يستحيل الحرمات كلها ، ولو ترك الناس في ذلك لفسدوا (٤).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٤٩.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٤٤.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٨.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٥ وأنهكه : بالغ في عقوبته.

١٥٥

٥ ـ ع : عن إسحاق بن عمار (١) قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل شرب حسوة خمر ، قال : يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام (٢).

٦ ـ ع : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر فقامت عليه البينة ، فسأل عليا عليه‌السلام فأمره أن يجلده ثمانين جلدة فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ليس علي جلد ، أنا من أهل هذه الآية « ليس على الذي آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا » (٣) فقرأ الآية حتى أتمها فقال له علي عليه‌السلام : فأنت لست من أهلها فيما طعم أهلها وهو لهم حلال (٤).

قال : وقال علي عليه‌السلام : إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يصنع فاجلدوه ثمانين جلدة (٥).

٧ ـ ع : عن زرارة (٦) قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام وسمعتهم يقولون : إن عليا عليه‌السلام قال : إذا شرب الرجل الخمر فسكر هذى ، فاذا هذى افترى ، فاذا فعل ذلك فاجلدوه حتى المفتري ثمانين.

قال أبوجعفر عليه الصلاة والسلام : إذا سكر من النبيذ المسكر والخمر جلد ثمانين (٧).

____________________

(١) في المصدر قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل عن اسحاق بن عمار.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٥ ، والحسوة : كالجرعة وزنا ومعنا ويبلغ مقداره ملء الفم.

(٣) المائدة : ٩٣.

(٤) وقد مر أنه عليه‌السلام قال : كذبت لست من أهلها ، ما طعم أهلها فهو لهم حلال ، ولسوا يأكلون ولا يشربون الا ما أحل الله.

(٥) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٥.

(٦) في المصدر حدثنا محمد بن الحسن عن زرارة.

(٧) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٦.

١٥٦

٨ ـ ع : عن عنبسة (١) بن مصعب قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : كانت لي جارية فشربت ، فرأيت أحدها؟ قال عليه‌السلام : نعم ، ولكن في ستر لحال السلطان (٢).

٩ ـ ع : عن زرارة (٣) عن أحدهما عليهما‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين [ جلدة ] الحر والعبد واليهودي والنصراني ، قلت : ما شأن اليهودي والنصراني؟ فقال : ليس لهم أن يظهروا شربه يكون ذلك في بيوتهم.

قال : سمعته يقول : من شرب الخمر فاجلدوه ، فان عاد فاجلدوه ، فان عاد فاقتلوه في الثالثة (٤).

أقول : سيأتي بعض الاخبار في باب حد الزنا (٥).

١٠ ـ ع : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال في شارب الخمر : إذا شربها ضرب ، فان عاد ضرب فان عاد قتل في الثالثة.

قال جميل [ بن دراج ] : وقد روى بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة [ قال ابن أبي عمير : كأن المعنى أن يقتل في الثالثة ] ومن كان إنما يؤتى به [ في الرابعة ظ ] يقتل في الرابعة (٦).

____________________

(١) في المصدر حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل عن عبدالله بن جعفر الحميرى عن عنبسة بن مصعب ، وقد مر.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٦.

(٣) الاسناد هكذا حدثنا محمد بن الحسن عن زرارة.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٢٦

(٥) قد مر باب حد الزنا تحت الرقم ٧٠ ، والظاهر اختلاط الابواب بالتقديم و التأخير كما عرفت سابقا أنه يقول قد مر في باب فلان ولم يمر.

(٦) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٣٣ وما بين العلامتين زيادة من الكافى ج ٧ ص ٢١٨.

١٥٧

١١ ـ ختص (١) ين : عن ابن يزيد ومحمد بن عيسى ، عن زياد القندي ، عن محمد بن عمارة ، عن فضيل بن يسار قال : سألته كيف كان يصنع أمير المؤمنين عليه‌السلام بشارب الخمر؟ قال : كان يحده ، قلت : فان عاد؟ قال : كان يحده قلت : فان عاد؟ قال : كان يحده ثلاث مرات فان عاد كان يقتله.

قلت : كيف كان يصنع بشارب المسكر؟ قال : مثل ذلك ، قلت : فمن شرب شربة مسكر كمن شرب شربة خمر؟ قال : سواء ، فاستعظمت ذلك فقال لي : يا فضيل لا تستعظم ذلك ، فان الله إنما بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة للعاملين ، والله أدب نبيه فأحسن تأديبه ، فلما ائتدب فوض إليه فحرم الله الخمر وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل مسكر ، فأجاز الله ذلك له ، وحرم الله مكة وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة ، فأجاز الله كله له ، وفرض الله الفرائض من الصلب فأطعم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الجد فأجاز الله ذلك [ كله ] له ، ثم قال له : يا فضيل حرف وما حرف؟ « من يطع الرسول فقد أطاع الله » (٢).

أقول : في « ختص » هكذا : كيف كان يصنع بشارب الخمر؟ قال : كان يحده قلت : فان عاد؟ قال : كان يحده ، قلت : فان عاد قال : كان يقتله (٣).

ين : عن ابن يزيد ، عن زياد القندي ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي ـ عبدالله عليه‌السلام مثله.

١٢ ـ ضا : على شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (٤).

وأصحاب الكبائر كلها إذا اقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة ، وشارب الخمر في الرابعة ، وإن شرب الخمر في شهر رمضان جلد مائة : ثمانون لحد الخمر ، وعشرون لحرمة شهر رمضان (٥).

____________________

(١) الاختصاص : ٣١٠ ـ ٣٠٩.

(٢) النساء : ٨٠ ، وكتاب الزهد مخطوط.

(٣) ومثله في البصائر ص ٣٨٠ ـ ٣٨١.

(٤) فقه الرضا ص ٣٨.

(٥) فقه الرضا ص ٤٢.

١٥٨

١٣ ـ شا : روت العامة والخاصة أن رجلا رفع إلى أبي بكر وقد شرب الخمر فأراد أن يقيم عليه الحد فقال : إني شربتها ولا علم لي بتحريمها ، لاني نشأت بين قوم يستحلونها ، ولم أعلم بتحريمها حتى الآن ، فارتج على أبي بكر الحكم عليه (١) ولم يعلم وجه القضا فيه ، فأشار عليه بعض من حضر أن يستخبر أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الحكم في ذلك ، فأرسل إليه من سأله عنه.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : مرثقتين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والانصار ، ويناشد انهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم؟ أو أخبره بذلك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فان شهد بذلك رجلا منهم فأقم الحد عليه ، وإن لم يشهد أحد بذلك فاستتبه وخل سبيله.

ففعل ذلك أبوبكر : فلم يشهد أحد من المهاجرين والانصار أنه تلا عليه آية التحريم ، ولا أخبره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، فاستتابه أبوبكر وخلى سبيله وسلم لعلي في القضاء به (٢).

١٤ ـ شا : جاء من طريق العامة والخاصة أن قدامة بن مظعون شرب الخمر ، فأراد عمر أن يحده ، فقال له قدامة : لا يجب على الحد ، لان الله تعالى يقول : « ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات » (٣) فدرأ عمر عنه الحد.

فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام فمشى إلى عمر فقال له : لم تركت إقامة الحد على قدامة في شرب الخمر؟ فقال : إنه تلا علي الآية : وتلاها عمر ، فقال له أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام : ليس قدامة من أهل هذه الآية ، ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما

____________________

(١) ارتج وارتتج واسترتج ـ كلها بصيغة المجهول : استغلق عليه كأنه اطبق عليه ولم يدر ما يحكم.

(٢) ارشاد المفيد ص ٩٥.

(٣) المائدة : ٩٣.

١٥٩

حرم الله ، إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما ، فاردد قدامة (١)

____________________

(١) كان استعمله عمر بن الخطاب على البحرين ، فقدم الجارود العبدى من البحرين على عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ان قدامة شرب فسكر ، وانى رأيت حدا من حدود الله حقا على أن أرفعه اليك ، قال عمر : من شهد معك؟ قال : أبوهريرة ، فدعا أبا هريرة فقال : بم تشهد؟ فقال : لم أره يشرب ، ولكنى رأيته سكران يقئ ، فقال عمر : لقد تنطعت في الشهادة.

ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين ، فقدم ، فقال الجارود لعمر : أقم على هذا كتاب الله فقال عمر : أخصم أنت أم شهيد؟ فقال : شهيد ن قال : قد أديت شهادتك ، فسكت الجارود ثم غدا على عمر فقال : أقم على هذا حد الله عزوجل ، فقال عمر : لتمسكن لسانك اولاسوءنك ، فقال : يا عمر ، والله أقم ما ذلك بالحق يشرب ابن عمك الخمر وتسوءنى؟ فقال أبوهريرة : ان كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد امرءة قدامة ، فسلها ، فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها ، فأقامت الشهادة على زوجها.

فقال عمر لقدامة : انى حادك قال : لو شربت كما يقولون ، ما كان لكم أن تحدونى ، فقال عمر : لم؟ قال قدامة : قال الله عزوجل : « ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات » فقال عمر : أخطأت التأويل لو اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله.

ثم أقبل عمر على الناس فقال : ماذا ترون في حد قدامة؟ فقال القوم : لا نرى ان تجلده ما كان مريضا فسكت على ذلك أياما ، ثم أصبح يوما وقد عزم على جلده ، فقال لاصحابه ما ترون في جلد قدامة؟ فقالوا : لا نرى أن تجلده ما كان مريضا ، فقال عمر : لان يلقى الله تحت السياط أحب إلى من ألقاه وهو في عنقى ، ائتونى بسوط تام ، فأمر عمر بقدامة فجلد ، فغاضب قدامة عمر وهجره. الخبر ، وفى آخره أن عمر واصله واعتذر منه ثم استغفر له لاجل رؤيا رآها.

كذا نقلوه في ترجمة قدامة ( راجع الاصابة والاستيعاب واسد الغابة ) لكنهم ارادوا أن يستروا على جهل امامهم فتهافتوا ونقضوا حديثهم بما شوه به وجه عمر :

١٦٠