(٤)
إعادة الخلق المعدوم جائز
استدلّ الشيخ الأشعري على جواز إعادة الخلق المعدوم بالبيان التالي :
إنّ الله سبحانه خلقه أوّلاً ، لا على مثال سبقه ، فإذا خلقه أوّلاً لم يعيه أن يخلقه خلقاً آخر.
ثمّ استشهد بالآيات الواردة حول إمكان المعاد ، التي منها قوله سبحانه : (وَضَرَبَ لَنا مَثلاً وَنَسيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيي العِظام وَهَي رَميمٌ* قُلْ يُحييها الّذي أَنْشَأها أوّل مَرّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَليمٌ )(١).
يلاحظ على ما ذكره : أنّ هنا مسألتين يجب فصل كلّ منهما عن الأُخرى :
الأُولى : إعادة الخلق الأوّل بعد فنائه بتلاشيه وتفرّق أجزائه ، وهذا ما أخبرت عنه الشرائع السماوية ، واستدلّ القرآن على إمكانه بطرق متعددة نشير إليها عن قريب ، ومثل هذا ليس إعادة للخلق الأوّل بعد انعدامه من جميع الجهات ، بل هو إحياء للمواد المبعثرة من الإنسان بإعادة الروح إليها. والحاكم بأنّ الإنسان المعاد هو الإنسان المبتدأ ، هو وحدة الروح المجردة المتعلّقة في كلّ زمن ببدن خاص ، والروح لا تفنى بفناء المادة ، ولا تنفك أجزاؤها.
ــــــــــــــــــ
١ ـ يس : ٧٨ ـ ٧٩.