على الله بنفس معانيها الحقيقية لوجب أن تكون الكيفية محفوظة حتى يكون الاستعمال حقيقياً ، لأنّ الواضع إنّما وضع هذه الألفاظ على تلك المعاني التي يكون قوامهابنفس كيفيتها ، ويكون عمادها وسنادها بنفس هويتها الخارجية. فاستعمالها في المعاني ، حقيقة بلا كيفية أشبه بالأسد بلا ذنب ولا مخلب ولا ولا... فقولهم : « المراد هو أنّ لله يداً حقيقة لكن لا كالأيدي »أشبه بالكلام الذي يناقض ذيله صدره.
أضف إلى ذلك أنّه ليس في النصوص من الكتاب والسنّة من هذه « البلكفة » أثر ولا عين ، وإنّما هو شيء اخترعته الفاكرة ، للتذرّع به في مقام الردّ على الخصم والنقص عليهم ، بأنّ لازم إمرارها على الله بنفس معانيها ، هو التجسيم والتشبيه.
وقد ذكرنا ما يفيد في المقام عند تحليل عقائد الحنابلة حول الصفات ، فراجع.
إنّ هناك نظرية ثالثة حول الصفات الخبرية اختارها جمع من الأشاعرة وهي نظرية التفويض ، وحاصلها الإيمان بكلّ ما جاء في القرآن والسنّة من الصفات التي وصف الله سبحانه نفسه بها إجمالاً ، وتفويض ما يراد منها إليه :
١ ـ يقول الغزالي : وأقلّ ما يجب اعتقاده على المكلّف هو ما يترجمه قوله ـ لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الل هـ ثمّ إذا صدق الرسول فينبغي أن يصدقه في صفات الله بأنّه حي قادر ، عالم متكلم مريد ، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم. وعلى هذا الاعتقاد المجمل استمرت الأعراب وعوام الخلق ، إلاّ من وقع في بلدة يقرع سمعه فيها هذه المسائل كقدم القرآن وحدوثه ، ونفي الاستواء والنزول وغيره. (١)
٢ ـ قال الشهرستاني : اعلَم أنّ جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون لله
ــــــــــــــــــ
١ ـ علاقة الإثبات : ١٦٢ نقلاً عن الرسالة الواعظية.