من أصابع الرب عزّوجلّ ، يقلّبها كيف يشاء ويوعيها ما أراد. وخلق الله عزّ وجلّ آدم بيده ، السماوات والأرض يوم القيامة في كفه ، ويخرج قوماً من النار بيده ، وينظر أهل الجنّة إلى وجهه ، ويرونه فيكرمهم ، ويتجلّى لهم فيعطيهم ، ويعرض عليه العباد يوم الفصل والدين ، ويتولّى حسابهم بنفسه لا يولي ذلك غيره عزّ وجلّ.
والقرآن كلام الله ليس بمخلوق ، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق ، فهو جهمي كافر ؛ ومن زعم أنّ القرآن كلام الله عزّوجلّ ووقف ، فلم يقل مخلوق ولا غير مخلوق ، فهو أخبث من الأوّل ؛ ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله فهو جهمي ، ومن لم يكفِّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. (١)
٢ ـ « مقالات الإسلاميين » ، والكتاب يتناول البحث عن الفرق الإسلامية ، وطبع في جزءين في مجلد واحد عام ١٣٦٩ هـ بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
٣ ـ« اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع » طبع غير مرة ، وهذا خاصة أنضج كتبه ، تجد مستواه فوق كتاب « الإبانة » ، وهو خير مصور لعرض آرائه ونظرياته الكلامية ، ولأجل ذلك نعرض آراءه ونظرياته على ضوء هذا الكتاب.
إنّ الناظر في أحوال الشيخ أبي الحسن الأشعري يظن بادئ ذي بدء ، أنّه ألّف كلاًّ من الكتابين لنصرة السنّة ، والدفاع عن عقيدة أهل الحديث التي كانت تتمثل يوم ذاك ـ يوم أعلن انفصاله عن المعتزلة وانخراطه في سلك أهل السنّة والحديث ـ في الآراء والعقائد الموروثة عن إمام الحنابلة ، ولكنّه إذا قام بعمل المقايسة والمقارنة بين الكتابين سرعان ما يعدل عن تلك العقيدة ، ويخرج
ــــــــــــــــــ
١ ـ كتاب السنة لإمام الحنابلة : ٤٩.