وفي الختام إنّ أبا المعالي أجاب دعوة ربّه في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ٤٧٨ ودفن في داره ، ثمّ نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن بجنب والده ، وغلقت الأسواق ، ورثي بقصائد ، وكان له نحو من أربعمائة تلميذ كسروا محابرهم وأقلامهم وأقاموا حولاً ، ووضعت المناديل عن الرؤوس عاماً بحيث ما اجترأ أحد على ستر رأسه ، وكان الطلبة يطوفون بالبلد نائحين عليه مبالغين في الصياح والجزع. (١)
وممّا قيل في وفاته :
قلوب العالمين على المقالي |
|
وأيام الورى شبه الليالي |
أيثمر غصن أهل الفضل يوماً |
|
وقد مات الإمام أبو المعالي (٢) |
(٤)
حجة الإسلام الإمام الغزالي ( ٤٥٠ ـ ٥٠٥ هـ )
الإمام زين الدين حجّة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي ، تلمذ لإمام الحرمين ثمّ ولاّه نظام الملك التدريس في مدرسته ببغداد ، وخرج له أصحاب وصنف التصانيف مع التصوف والذكاء المفرط ، وتوفي في الرابع عشر من جمادى الآخرة بالطابران ، قصبة بلاد طوس ، وله خمس وخمسون سنة.
وقع للغزالي أُمور تقتضي علو شأنه من ملاقاة الأئمة ، ومجاراة الخصوم ، ومناظرة الفحول ، فأقبل عليه نظام الملك وحل منه محلاً عظيماً ، وطار اسمه في الآفاق وندب للتدريس بنظامية بغداد سنة أربع وثمانين وأربعمائة فقدمها في تجمر [تجمهر] كبير وتلقّاه الناس ، ونفذت كلمته وعظمت حشمته ، حتى غلبت على حشمة الأُمراء والوزراء ، وضرب به المثل ، وشدت إليه الرحال.
وأقبل على العبادة والسياحة ، فخرج إلى الحجاز في سنة ثمان وثمانين
ـــــــــــــــــــ
١ ـ سير أعلام النبلاء : ١٨/٤٧٦.
٢ ـ تبيين كذب المفتري : ٢٨٥.