ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من تفكير الأشعري في هذا الباب ننقل بعض عباراته من كتابه « اللمع » :
يقول : فإن قال قائل : هل لله تعالى أن يؤلم الأطفال في الآخرة؟
قيل له : لله تعالى ذلك ، وهو عادل إن فعله ـ إلى أن قال ـ : ولا يقبح منه أن يعذب المؤمنين ويدخل الكافرين الجنان. وإنّما نقول إنّه لا يفعل ذلك ، لأنّه أخبرنا أنّه يعاقب الكافرين ، وهو لا يجوز عليه الكذب في خبره. (١)
١ ـ هو المالك القاهر
استدلّ الأشعري على مقالته ، بقوله : والدليل على أنّ كلّ ما فعله ، فله فعله ، أنّه المالك ، القاهر ، الذي ليس بمملوك ، ولا فوقه مبيح ، ولا آمر ولا زاجر ، ولا حاظر ولا من رسم له الرسوم ، وحد له الحدود.
فإذا كان هذا هكذا ، لم يقبح منه شيء ، إذ كان الشيء إنّما يقبح منّا ، لأنّا تجاوزنا ما حُدَّ ورسم لنا وأتينا ما لم نملك إتيانه. فلمّا لم يكن البارئ[مملوكاً ]ولا تحت أمر ، لم يقبح منه شيء. فإن قال : فإنّما يقبح الكذب لأنّه قبّحه ، قيل له : أجل ، ولوحسّنه لكان حسناً ، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض. فإن قالوا : فجوّزوا عليه أن يكذب ، كما جوّزتم أن يأمر بالكذب. قيل لهم : ليس كلّ ما جاز أن يأمر به ، جاز أن يوصف به. (٢)
يلاحظ عليه : أمّا أوّلاً : فإنّنا نسأل الشيخ الأشعري إنّه سبحانه إذا آلم طفله في الآخرة وعذّبه بألوان التعذيب ، ورأى ذلك بأمّ عينه في الآخرة ، هل يرى ذلك عين العدل ، ونفس الحسن ، أو أنّه يجد ذلك الفعل ، من وجدانه ، أمراً منكراً؟ ومثله ما لو فعل بالأشعري نفس ما فعل بطفله ، مع
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ١١٦ ـ ١١٧.
٢ ـ نفس المصدر.