إنّ أحمد بن حنبل احتج في مجلس المعتصم بحديث جرير ، فقال المعتصم للقاضي أحمد بن أبي داود : « ما تقول في هذا؟ » فقال القاضي : إنّه يحتجّ بحديث جرير ، وإنّما رواه عنه قيس بن حازم ، وهو أعرابي بوّال على عقبيه. (١)
استدلّ المنكرون بوجوه عقلية :
الأوّل : إنّ الرؤية البصرية لا تقع إلاّ أن يكون المرئي في جهة ومكان ، ومسافة خاصة بينه وبين رأيه ، أن يكون مقابلاً لعين الرائي ، وكلّ ذلك ممتنع على الله سبحانه ، والقول بحصول الرؤية بلا هذه الشرائط أشبه بتمنّي المحال.
الثاني : إنّ الرؤية إمّا أن تقع على الله كلّه فيكون مركباً محدوداً متناهياً محصوراً ، وإمّا أن تقع على بعضه فيكون مبعّضاً مركباً ، وكلّ ذلك ممّا لا يلتزم به أهل التنزيه.
الثالث : إنّ كلّ مرئي بجارحة العين يشار إليه بحدقتها ، وأهل التنزيه كالأشاعرة وغيرهم ينزّهونه سبحانه عن الإشارة إليه بإصبع أو غيره.
الرابع : إنّ الرؤية بالعين الباصرة لا تتحقّق إلاّ بوقوع النور على المرئي وانعكاسه منه إلى العين ، والله سبحانه منزّه عن كلّ ذلك.
وإلى هذا الدليل يشير الإمام الهادي أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهماالسلام فيما رواه الكليني عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن إسحاق قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس. فكتب : « لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر ، فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية ». (٢)
ــــــــــــــــــ
١ ـ مناقب أحمد : ١/٣٩١.
٢ ـ الكافي : ١/٩٧ ، كتاب التوحيد ، باب في إبطال الرؤية ، الحديث ٤.