قيل لهم : ولِمَ لم يسكت أولئك عن هذه المقالة ، ولم يقلها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
فإن أحالوا ذلك على الصحابة أو جماعة منهم كان ذلك مكابرة. فإنّه يقال لهم : فلم لم يسكتوا عن ذلك ، ولم يتكلّم فيه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولا قال : كفروا قائله.
وإن قالوا : لابدّللعلماء من الكلام في الحادثة ليعلم الجاهل حكمها.
قيل لهم : هذا الذي أردناه منكم ، فلم منعتم الكلام ، فأنتم إن شئتم تكلّمتم ، حتى إذا انقطعتم قلتم : نهينا عن الكلام ؛ وإن شئتم قلدتم من كان قبلكم بلا حجة ولا بيان ، وهذه شهوة وتحكّم.
ثمّ يقال لهم : فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يتكلّم في النذور والوصايا ، ولا في العتق ، ولا في حساب المناسخات ، ولا صنف فيها كتاباً كما صنعه مالك والثوري والشافعي وأبو حنيفة ، فيلزمكم أن يكونوا مبتدعة ضلاّلاً إذ فعلوا ما لم يفعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقالوا ما لم يقله نصاً بعينه ، وصّنفوا ما لم يصنّفه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقالوا بتكفير القائلين بخلق القرآن ولم يقله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفيما ذكرنا كفاية لكلّ عاقل غير معاند.
أنجز والحمد لله ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال في المواقف : إنّما سمّي كلاماً إمّا لأنّه بازاء المنطق للفلاسفة ، أو لأنّ أبوابه عنونت أوّلاً بالكلام في كذا ، أو لأنّ مسألة الكلام أشهر أجزائه حتى كثر فيه التناحر والسفك فغلب عليه ، أو لأنّه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات ومع الخصم. (١)
قد ذكر التفتازاني في « شرح العقائد النسفية » في وجه تسمية علم العقائد بعلم الكلام وجوهاً ستة ، وكلّها مرجوحة ، وإليك نصّه :
ــــــــــــــــــ
١ ـ المواقف : ٨ ـ ٩.