وجود لا يُستحق عليه ثواب وعقاب ، خصوصاً على أصل المعتزلة ، فإنّ جهة الحسن والقبح هي التي تقابل بالجزاء ، والحسن والقبح صفتان ذاتيتان وراء الوجود ، فالوجود من حيث هو وجود ليس بحسن ولا قبيح.
قال : فإذا جاز لكم إثبات صفتين هما حالتان ، جاز لي إثبات حالة هي متعلّق القدرة الحادثة ، ومن قال هي حالة مجهولة ، فبيّنا بقدر الإمكان جهتها ، وعرّفنا أيّ شيء هي ، ومثّلناها كيف هي. (١)
وحاصل كلامه الذي قمنا بتلخيصه : هو أنّ للقدرة الحادثة تأثيراً في حدوث العناوين والخصوصيات التي هي ملاك الثواب والعقاب ، وهذه العناوين وليدة قدرة العبد ، حادثة بها ، وإن كان وجود الفعل حادثاً سبحانه.
فوجود الفعل مخلوق لله سبحانه ، لكن تعنونه بعنوان الصوم والصلاة والأكل والشرب راجع إلى العبد والقدرة الحادثة فيه.
يلاحظ عليه : أنّ هذه العناوين والجهات التي صارت ملاكاً للطاعة والعصيان لا تخلو من صورتين : إمّا أن تكون من الأُمور الوجودية ، وعندئذ تكون مخلوقة لله سبحانه حسب الأصل المسلم.
وإمّا أن تكون من الأُمور العدمية ، فعندئذ لا تكون للكسب واقعية خارجية ، بل يكون أمراً ذهنياً غنياً عن الإيجاد والقدرة. ومثل ذلك كيف يكون ملاكاً للثواب والعقاب.
وباختصار : إنّ واقعية الكسب إمّا واقعية خارجية موصوفة بالوجود ، فحينئذيكون مخلوقاً لله سبحانه ، ولا يكون للعبد نصيب في الفعل ؛ أو لا تكون له تلك الواقعية ، بل يكون أمراً وهمياً ذهنياً ، فحينئذ لا يكون العبد مصدراً لشيء حتى يثابه أو يعاقب.
« صدور الفعل من الله عند حدوث القدرة في العبد ».
ــــــــــــــــــ
١ ـ الملل والنحل : ١/٩٧ ـ ٩٨.