فَبَصَرُكَ الْيَومَ حَديد). (١)
الآية الرابعة
قوله سبحانه : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). (٢)
قالوا : إنّ المراد من « الحسنى » هو الجنة ومن « زيادة » هو رؤية الله. قال الرازي : إنّ الحسنى لفظ مفرد دخل عليه حرف التعريف ، فانصرف إلى المعهود السابق وهو دار السلام المذكور في الآية المتقدمة : وَالله يَدعُو إِلى دار السَّلام وَإذا ثبت هذا وجب أن يكون المراد من « زيادة » أمراً مغايراً لكلّ ما في الجنة من المنافع والتعظيم ، وإلاّ لزم التكرار ، وكلّ من قال بذلك قال : إنّما هي رؤية الله. (٣)
يلاحظ عليه : أنّه لا دليل على حمل اللام على العهد ، بل المراد الجنس ، والمراد أنّ الذين أحسنوا لهم المثوبة الحسنى مع زيادة على ما يستحقونه. قال سبحانه : ليوفّيهم أُجورهُمْ ويزيدهم من فَضله ويؤيده ذيل الآية التي تليها (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَة بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ الله مِنْ عاصِم كَأْنَّما أُغشيِتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). (٤)
وأنت إذا قارنت بين الآيتين تقضي بأنّ المراد : إنّ للذين أحسنوا في الدنيا ، المثوبة الحسنى مع زيادة عمّا يستحقونه ، والّذين كسبوا السّيئات لا يجزون إلاّ بمثلها ، وليس في الآية إشعار برؤية الله ، فضلاً عن الدلالة.
وبذلك يتبين مفاد آية أُخرى ، أعني قوله سبحانه : (ادْْخُلُوها بِسَلام ذلِكَ
ــــــــــــــــــ
١ ـ ق : ٢٢.
٢ ـ يونس : ٢٦.
٣ ـ مفاتيح الغيب : ٨/٣٥٤.
٤ ـ يونس : ٢٧.