المعلّق عليه وجود الاستقرار وبقاؤه بعد تجلّي الرب سبحانه ، ولم يكن هذا واقعاً.
وباختصار ، إنّ إمكان الرؤية ، علّق على وجود الاستقرار وتحقّقه بعد التجلّي ، وهو حسب الفرض لم يقع. وينتج أنّ الرؤية ليست أمراً ممكناً.
الآية الثالثة
قوله سبحانه : (إِذا تُتْلى عَليهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الأَوّلينَ* كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ* كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذ لَمَحْجُوبونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الجَحيم). (١)
قال الرازي : « احتج أصحابنا بقوله سبحانه : كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَومَئِذ لَمَحْجُوبُونعلى أنّ المؤمنين يرون سبحانه وتعالى. قال : ولولا ذلك لم يكن للتخصيص فائدة ، ثمّ قال : وفيه تقرير آخر ، وهو أنّه تعالى ذكر هذا الحجاب في معرض التهديد والوعيد للكفّار ، وما يكون وعيداً وتهديداً للكفّار لا يجوز حصوله في حقّ المؤمن ». (٢)
والاستدلال مبني على أنّ المراد هو كون الكفّار محجوبين عن رؤيته سبحانه مع أنّ المناسب لظاهر الآية كونهم محجوبين عن رحمة ربّهم بسبب الذنوب التي اقترفوها ، وبأي دليل حملها الرازي على الحرمان من الرؤية؟
على أنّ المعرفة التامة به تعالى ، التي هي فوق الرؤية الحسية بالأبصار الظاهرة ، تكون حاصلة لكلّ الناس يوم القيامة ، إذ عندئذ ترتفع الحجب المتوسطة بينه تعالى وبين خلقه ، قال سبحانه : (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ المُبينُ). (٣)
وقال سبحانه : (لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَة مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ
ــــــــــــــــــ
١ ـ المطففين : ١٣ ـ ١٦.
٢ ـ مفاتيح الغيب : ٨/٣٥٤ ، ط مصر.
٣ ـ النور : ٢٥.