شرائط القدرة الفعلية ، أن لا تكون ممنوعة من ناحية بالغة كاملة ، فتعلّق قدرته وإرادته بتحريك الجسم تكون مانعة عن وصول قدرة العبد إلى درجة التأثير والإيجاد ، فإحدى القدرتين مطلقة ، والأُخرى مشروطة.
الثالث : إنّ نسبة ذاته سبحانه إلى جميع الممكنات على السوية ، فيلزم أن يكون الله تعالى قادراً على جميع الممكنات ، وأن يكون تعالى قادراً على جميع المقدورات ، وعلى جميع مقدورات العباد ـ وعلى هذا ـ ففعل العبد : إمّا أن يقع بمجموع القدرتين ـ أعني : قدرة الله وقدرة العبد ـ وإمّا أن لا يقع بواحدة منهما ، وإمّا أن يقع بإحدى القدرتين دون الأُخرى ، وهذه الأقسام الثلاثة باطلة. فوجب أن لا يكون العبد قادراً على الإيجاد والتكوين. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الفعل يقع بمجموع القدرتين ، ولا يلزم منه محال ، لأنّ قدرة العبد في طول قدرة الله سبحانه ، ومفاضة منه ، ونسبة قدرته إلى قدرة الواجب ، نسبة المعنى الحرفي إلى المعنى الاسمي ، والشيء المتدلّي إلى القائم بالذات.
وصلب البرهان هو تفسير عموم قدرته لكلّ المقدورات ، ومنها أفعال العباد ، بتعلّق قدرته الفعلية التامة بكلّ مقدور مباشرة وبلا واسطة ، ومع هذا الفرض لا يبقى مجال لإعمال قدرة العبد ، غير أنّ لعموم القدرة معنيين صحيحين :
١ ـ إنّه تعالى قادر على القبيح خلافاً للنظام ، فإنّه قال : لا يقدر على القبيح.
٢ ـ إنّ كلّ ما في صفحة الوجود من الأكوان والأفعال ، محققة بقدرة الله تعالى ، وموجودة بحوله وقوته ، لأنّ كلّ ما سواه ممكن ، ولا غنى للممكن عن الواجب ، لا في الذات ولا في الفعل ، لكن تحقّق الشيء بقدرته يتصور على وجهين :
أ : أن يتحقّق بقدرته سبحانه مباشرة وبلا واسطة ، كما هو الحال في
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأربعون للرازي : ٢٣٢.