وأما الآيات ، فلعدم دلالة آية النفر والسؤال على جوازه ، لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا الأخذ تعبدا ، مع أن المسئول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها ، أو أهل بيت العصمة الاطهار كما فسر به في الاخبار (١).
______________________________________________________
وتوضيحه : ان السيرة : تارة سيرة العرف والعقلاء وهي التي تحتاج الى امضاء ، واخرى سيرة المتدينين وهي سيرة المتشرعة ـ بما هم متشرعون ـ وهي كاشفة عن رأي الشارع وهي الاجماع العملي ولا تحتاج الى امضاء ، ولا اشكال في قيامها على التقليد ، إلّا ان الاشكال في كونها دليلا برأسه ، فان كونها دليلا برأسه لا بد وان تكون بما هي كاشفة عن رأي الامام عليهالسلام لتكون اجماعا عمليا ، والاجماع سواء كان قوليا او عمليا لا بد وان لا يكون محتمل المدرك ، لانه مع احتمال المدرك لا يقطع بكشفها عن رأي الامام عليهالسلام ، لاحتمال كون سببها هو المدرك المحتمل. وفي المقام يحتمل كون مدرك السيرة هو كون التقليد بديهيا جبليا فطريا ، ولذا عطف القدح فيها على ما مر من القدح في دعوى الاجماع وفي دعوى كونه من ضروريات الدين ، فقال (قدسسره) : «وكذا القدح في دعوى سيرة المتدينين» فانه يظهر من القدح المذكور في دعوى الاجماع وضرورة الدين.
(١) وهذا هو دليل آخر على جواز التقليد ، وهو رابع الادلة القابلة للمناقشة وحاصله : دعوى دلالة آية النفر وهي قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) وآية السؤال وهي قوله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) ومر الاستدلال بهما على حجية خبر الواحد والمناقشة في دلالتهما على ذلك ايضا.
__________________
(١) التوبة : الآية ١٢٢.
(٢) النحل : الآية ٤٣.