ومنه قد انقدح أنه لا وجه لتأبي الاخباري عن الاجتهاد بهذا المعنى ، فإنه لا محيص عنه كما لا يخفى ، غاية الامر له أن ينازع في حجية بعض ما يقول الاصولي باعتباره ويمنع عنها ، وهو غير ضائر بالاتفاق على صحة الاجتهاد بذاك المعنى ، ضرورة أنه ربما يقع بين الاخباريين ، كما وقع بينهم وبين الاصوليين (١).
______________________________________________________
وقوله (قدسسره) : «اجتهادا ايضا» هذا خبر لكون ، والتقدير انه لا شبهة في كون هذه الموارد المشار اليها اجتهادا ايضا كما ان الظن بالحكم اجتهاد.
والحاصل ان الايراد بخروج هذه الموارد انما كان لاخذ الظن في التعريف ، ولو بدّل بالحجة لما أورد عليه بذلك. ثم لا يخفى انه مع التبديل بالحجة لا يسلم من ايراد عدم الاطراد لصدق الحجة على الحكم الاصولي مع انه خارج كما عرفت ولا يخفى ايضا انه قال فالاولى ولم يقل فاللازم لاجل ما يراه من كون هذه التعاريف ليست تعاريف حقيقية.
(١) توضيحه : ان بعض الاخباريين انكروا على الاصوليين قولهم بالاجتهاد ، مدعين ان قول الاصوليين بالاجتهاد مما لا اساس له في مذهب الخاصة ، فهو خروج منهم عن مذهب الخاصة واخذ بمذهب العامة.
والظاهر ان السبب في ذلك هو التعريف الاول للاجتهاد : بانه استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم ، والظن لا يغني عن الحق شيئا.
اما على ما ذكرنا من تبديل الظن بالحجة فلا محالة انه لا وجه لانكار الاجتهاد من الاخباريين ، لبداهة انه لا بد من الاخذ بالحكم الذي قامت عليه الحجة. ومخالفة الاخباريين للاصوليين في بعض مصاديق الحجة لا يستلزم انكار الاجتهاد.
وبعبارة اخرى : انه بعد كون الكبرى من الامور المسلمة ـ وهي لزوم الاخذ بما قامت عليه الحجة ، وان الاجتهاد بمعنى استفراغ الوسع لتحصيل الحجة على الحكم مما لا مجال لانكاره ـ فالاختلاف في بعض صغريات هذه الكبرى لا يستلزم انكار