الظن بالكذب بما إذا علم بكذب أحدهما صدورا ، وإلا فلا يوجب الظن بصدور أحدهما لا مكان صدورهما مع عدم إرادة الظهور في أحدهما أو فيهما ، أو إرادته تقية ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
على الحجة ، لا ترجيح الحجة على اللاحجة. والى ما ذكرنا اشار بقوله : «فاسد» أي ان هذا التوهم فاسد «فان الظن بالكذب لا يضر بحجية ما اعتبر» حجية «من باب الظن النوعي» غير المشترط فيه الظن بالوفاق ولا عدم الظن بخلافه «وانما يضر» بحجيته «فيما» لو «اخذ في اعتباره عدم الظن بخلافه ولم يؤخذ في اعتبار الاخبار» من حيث جهاتها الثلاث لا «صدورا ولا ظهورا ولا جهة ذلك» أي عدم الظن بالخلاف كما عرفت انه لم يؤخذ الظن بالوفاق في اعتبار الاخبار ايضا.
(١) هذا اشكال ثان على التوهم المذكور ، وحاصله : ان الظن بصدق احد الخبرين انما يوجب الظن بكذب الآخر في مورد واحد من التعارض ، وهو ما اذا علم بكذب احدهما ، فانه في هذا المقام حيث علم اجمالا بكذب احد الخبرين وعدم صدوره فلا محالة يكون الظن بصدق احد الخبرين موجبا للظن بكذب الآخر وعدم صدوره ، إلّا انه ليس دائما يعلم بكذب احد المتعارضين ، بل كثيرا ما يتعارض الخبران ولا يعلم بكذب احدهما. وحينئذ فالاحتمالات كثيرة : لانه يحتمل صدق احدهما وكذب الآخر ، ويحتمل كذبهما معا وعدم صدورهما ، ويحتمل صدورهما معا ولم يرد الظهور في احدهما اصلا او لم يرد الظهور فيهما معا ، ويحتمل صدورهما معا وقد اريد الظهور في احدهما للتقية لا لبيان الواقع او في كليهما للتقية. ومع هذه الاحتمالات لا يكون الظن بصدق احد الخبرين وصدوره موجبا للظن بكذب الآخر وعدم صدوره ، فلا وجه للتوهم المذكور من كون الظن بصدق احدهما موجبا للظن بكذب الآخر ويكون المقام من باب ترجيح الحجة على اللاحجة ، لا من باب ترجيح احدى الحجتين على الاخرى.