.................................................................................................
______________________________________________________
وبيان ذلك : ان التعليل الوارد وجها لتقديم الرواية المشهورة على غير المشهورة هو كون المشهور لا ريب فيه ، لا بد وان يكون المراد منه هو نفي الريب الاضافي عنها ، لا نفي الريب عن الرواية المشهورة حقيقة ، لوضوح ان الرواية لها جهات ثلاث : جهة السند ، وجهة الظهور ، وجهة الصدور. ولو كان المراد نفي الريب عنها حقيقة للزم كون المشهورة مقطوعة من الجهات الثلاث ، ومن البديهي ان شهرة الرواية لا توجب القطع لا بسندها ولا بظهورها ولا بجهة صدورها ، بل هي باقية على حالها من كونها ظنية السند ظنية الدلالة ظنية جهة الصدور ، لبداهة ان الروايتين المتعارضتين تكونان معا مشهورتين ، ولا يعقل ان يكون المتعارضان مقطوعين من كل جهة ، والّا كان الحكم الواقعي هو الوجوب والحرمة. وحيث لا يمكن ارادة نفي الريب عنها حقيقة فلا بد وان يكون المراد نفي الريب فيها بالاضافة الى الرواية غير المشهورة ، بمعنى ان الرواية المشهورة اقرب الى مطابقة الواقع من الرواية غير المشهورة.
والحاصل : ان المستفاد من التعليل هو كون العلّة لتقديم الرواية المشهورة على غيرها هو انها لا ريب فيها بالاضافة الى غيرها ، لا انها لا ريب فيها حقيقة ، لان الرواية المشهورة مع كونها مشهورة فيها كثير من الريب كما عرفت. واذا كان المراد من نفي الريب هو نفي الريب الاضافي ، فالمتحصّل منه هو ان المناط للاخذ بالمشهورة دون غير المشهورة هو كونها اقل ريبا ، وكلما كان اقل ريبا كان اقرب الى الواقع.
فاتضح : ان المناط هو الاقربية الى الواقع ، وعليه فلا بد من التعدّي الى كل ما كان اقرب الى الواقع.
والى ما ذكرنا اشار بقوله : «ولما في التعليل» لتقديم الرواية المشهورة «بان المشهور مما لا ريب فيه» فانه لا بد «من استظهار ان العلّة هو عدم الرّيب فيه بالاضافة الى الخبر الآخر» لا نفي الريب حقيقة ، فالمشهور لكونه اقل ريبا من غيره يترجّح على غيره «ولو كان فيه الف ريب» واذا كان الترجيح له لكونه اقل ريبا