أعلم وفوق كل ذي علم عليم ، إلّا أن هذا القول قويّ من جهة النّظر لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلّ مجتهد مصيب». فإذا كان مصيبا فالمقتدي به مصيب ؛ ولأنه متى دخل معه في الصلاة كان دخوله فيها مؤتما به كالحكم عليه بالمتابعة ؛ فإن في الحديث : «لا تختلفوا على إمامكم فيخالف الله بين أفئدتكم ، أو قال بين قلوبكم» وهذا نهي يقتضي الحظر ؛ لاقتران الوعيد به ، فدل على وجوب المتابعة على المأموم ، فالظاهر صحة الصلاة (١).
وصفة صلاة الجماعة ظاهرة فلا نحتاج فيها إلى بيان ، إلا في وجه واحد وهو أن عندنا أن المأمومين لا يتقدمون على إمامهم بل يتقدم عليهم.
والاعتبار بذلك التقدّم بالأقدام ، فإن تقدّم بقدميه على أقدامهم وتقدّموا برءوسهم على رأسه صحت صلاتهم ، وكذلك إن استوى قدما المؤتم وقدما الإمام صحت الصلاة. ويجب أن يصلي المؤتمون خلفه ، فإن صلوا أمام إمامهم بطلت صلاتهم سواء كانوا متوجهين بوجوههم إليه أو لا (٢). وأما اللاحق فإذا لحق الإمام وقد فاته بعض الرّكعات جعل ما لحقه فيها أوّل صلاته ويصلّي معه باقي صلاته يقوم بقيامه ويقعد بقعوده ، وإذا سمع الإمام يقرأ قدر الواجب من القراءة في الصلاة المجهور بالقراءة فيها أجزأه ذلك عن فرضه.
وإن لم يسمع القدر الواجب من القراءة وجب عليه أن يقرأ ، فإن لم يمكنه
__________________
(١) قال صاحب الأزهار : إذا اختلف الإمام والمأموم في المذهب فالإمام حاكم ، وهو كلام يشهد بسماحة أئمة المذهب الزيدي شرفه الله.
(٢) أقول : إن صلاة المسلمين دائرة في الحرم المكي متقدمين على الإمام صحيحة إن شاء الله ، ولو بحكم الضرورة ؛ لأن الحجاج أصبحوا بالملايين ولا تسعهم جهة واحدة ، والله أرحم وأكرم من أن يرد عباده خائبين ، ولكن الأولى من باب التحري أن يقف الملتزم باجتهاد المذهب وراء الإمام ، والله أعلم.