المصلي إن رفع يديه في حال سجوده بعد وضعه لهما على الأرض بطلت صلاته ، قال : فإن سحبهما في حال السجود فإنه يقرب بطلان صلاته ، ورواه عن القاضي شمس الدين رضي الله عنه.
فصل :
فإن كنت أيها المسترشد مسافرا وذلك بأن تنوي سفر بريد ، والبريد أربعة فراسخ ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل ثلاثة آلاف ذراع ، بالذراع الهاشمي ، وأحسب أنه المعبّر عنه في زماننا هذا بذراع الحديد (١) ـ فإذا نويت سفر هذا القدر ، وخرجت من ميل بلدك ـ وجب عليك القصر في الصلاة الرباعية ، فتصليها (٢) ركعتين تخفيفا من الله تعالى على عباده. وسواء كان السفر في طاعة الله أو معصية له تعالى ، وسواء كان السفر في برّ أو بحر ، وسواء كان في خوف أو أمن. كذلك قصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفر بريد ، وهو آمن غير خائف ، وقصر في خروجه من مكة إلى عرفات وهو بريد. وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«صلّوا كما رأيتموني أصلي» (٣) ، فأمر بذلك ، والأمر يقتضي الوجوب. وإن كنت في سفر ؛ فالجمع رخصة للمسافر بين الصلاتين ، ويجوز لك أن تجمع بينهما في أول وقت الأولى بأذان واحد وإقامتين.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجمع بينهما في السفر إذا كان نازلا في أول الوقت ، وإذا كان سائرا جمع بينهما في آخر الوقت. ولا يجوز الجمع بين الصلاتين في سفر المعصية ؛ لأن الجمع رخصة بالإجماع فيما أعلمه ، وهذه الرخصة مأخوذة من فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعلوم أنه لم يكن سفره في معصية ،
__________________
(١) الظاهر أنه ٢١ كيلو بمقياس اليوم.
(٢) في (ب) : فتصليهما.
(٣) البخاري ١ / ٢٢٦ رقم ٦٠٥. والبيهقي في سننه ٢ / ٣٣٥. والدار قطني ١ / ٢٧٣.