الفصل الخامس عشر : في التوبة
وفيها تسعة مباحث
: أحدها : ما التوبة؟ والتوبة : هي الندم على ما مضى ، ولكن لا يكون نادما على ما مضى من
فعله للقبيح وتركه للواجب ـ وهو ذاكر لحال ما تاب منه ـ إلا بشرط أن يكون عازما
على أن لا يعود إلى مثل ما تاب منه ، فهو من شروطها على ما نبينه ، وليس يدخل في
حقيقتها.
المبحث
الثانى : في وجوبها ، وقد دلّ على ذلك العقل والسمع.
أما
العقل : فلما تقرر في عقل
كلّ عاقل من وجوب دفع الضرر عن النفس ، وهي تدفع ضرر الذنب الذي يؤدي إلى العقاب الدائم ، فلا مضرة في
العقول أعظم من ذلك. وأما السمع : فالكتاب : نحو قوله تعالى (تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم : ٨] ،
وقوله تعالى : (وَأَنِيبُوا إِلى
رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٤] ونحو
ذلك.
والسنة
: قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيّها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا» ، ونحو ذلك. والإجماع : وهو ظاهر بين المسلمين.
المبحث
الثالث
: بيان فضلها
ومنفعتها ، وعلى الجملة فلا أفضل في الطاعات بعد أصول العقيدة منها ؛ لأن المكلف
لا ينجو في أثناء تكليفه من السيئات. إما الكبائر ، وإما الصغائر ، وقد بيّنّا أنه
لا مضرة أعظم من مضرة
__________________