وقلنا : المعروف الواجب ؛ لأن المعروف على ضربين : فرض ، وندب ؛ فالأمر بالفرض فرض متى تكاملت شرائطه ، والأمر بالندب ندب وليس بفرض ؛ لأنّ الأمر به تبع له ، فإذا لم يجب في نفسه فأولى وأحقّ أن لا يجب الأمر به (١).
وأما الفصل الرابع : وهو في مراتبهما
فاعلم أنه يجب أن يبدأ في ذلك بالوعظ والقول الليّن ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) [الحجرات : ٩] فأمر بالإصلاح أوّلا ؛ ولأن الله تعالى أمر موسى وهارون (ع) أن يبدءا في الأمر لفرعون المدّعي للربوبية بالقول الليّن ، فقال عز قائلا : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤] ، وقوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت : ٤٦]. وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كان آمرا بمعروف فليكن أمره ذلك بمعروف» (٢) أي بلطف ولين ، فإن أثّر ذلك وإلا انتقل إلى القول الخشن والوعيد والإغلاظ في الكلام ؛ لقوله تعالى : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التحريم : ٩] ؛ فإن نجع [أي نفع] وإلا انتقل إلى الضرب بالسوط والعصى ، فإن أثّر ذلك وإلا انتقل إلى الضرب بالسيف ؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) [الحجرات : ٩] وإنّما لزم ترتيبهما [أي الأمر والنهي] هذه المراتب ؛ لأن الانتقال إلى الأعلى مع حصول الغرض بدونه يكون عبثا فلا يجوز فعله (٣).
__________________
(١) لم يذكر إلا أربعة شروط فلعل الخامس التكليف. ا ه السيد عبد الرحمن شائم.
(٢) شمس الأخبار ٢ / ١٦٠. وشعب الإيمان ٦ / ٩٩ رقم ٧٦٠٣.
(٣) قال صاحب الأزهار : ولا يخشّن إن كفى اللّين.