العدم مقطعة الاختصاص (١) ، والعلة (٢) لا توجب [المعلول] إلا بشرط الاختصاص ؛ ولأنّ في تصحيحها إبطالها ، وكلّ ما كان في تصحيحه إبطاله فهو باطل ، ولأنّه لو استحقها لعل معدومة لوجب في جميع الذوات أن تكون مستحقّة لمثل ما استحقه من هذه الصفات ؛ لأنّ العدم لا اختصاص له ببعض الذوات دون البعض الآخر ، بل هو مع الكل منها على سواء. وفي علمنا باختصاص بعض الذوات بذلك دون بعض دلالة على أنه لا يجوز ثبوتها له لعلل معدومة ، ولا يجوز ثبوتها له تعالى لعلل قديمة كما تقوله الصفاتية من الأشعرية (٣) ، فإنهم ذهبوا إلى أنه تعالى حي بحياة ، وقادر بقدرة ، وعالم بعلم ،
__________________
(١) أي أن العدم لا يوصف بشيء. والاختصاصات عندهم خمسة أنواع : الأول : اختصاص الشيء بالشيء ، بأن يحله فيوجب له ؛ كاختصاص الكون بالجوهر. الثاني : اختصاص الشيء بالشيء ، بأن يحل محل بعضه ؛ فيوجب لجملته كاختصاص القدرة والعلم ونحوهما بالواحد منا. الثالث : اختصاص الشيء بالشيء ، بأن يوجد على حد وجوده ؛ فيوجب له أو ينفيه ، كاختصاص الإرادة بالباري تعالى ، واختصاص الفناء بالجوهر ، وقد عدّ الإمام يحيى بن حمزة هذا الاختصاص اختصاصين. الرابع : اختصاص الشيء بالشيء ، بأن يحله فيلتبس به ؛ كاختصاص الكون بمحله. الخامس : اختصاص الشيء بالشيء ، بأن يوجد في محله فينفيه ؛ كاختصاص السواد بالبياض ، وكذا جميع المتضادات الباقية المراجعة إلى المحل. اه معراج ، وبعض الأمثلة إنما تصح على رأي المعتزلة البصرية. اه تمت السيد عبد الرحمن شائم.
(٢) كالنار فهي علة للحرارة. إنك عند ما تحاول أن تختبر صحة التعليل ينكشف من المقدمات البطلان.
(٣) هم الذين يثبتون لله صفات زائدة على ذاته سبحانه ، ويقولون بأنها قديمة أزلية ولا يؤلون ما ورد في حق الله من الوجه واليد ونحو ذلك ، حتى وإن أدى إلى التجسيم والتشبيه. ينظر : شرح المواقف ٣ / ٦٨. وفي مقابل هؤلاء الزيدية والمعتزلة ونحوهم ، وهم الذي يقولون : صفة الله عين ذاته مبررين قولهم بأن القول بزيادة الصفة مشكل ؛ لأن معنى زيادة الصفة على الذات أنها غيرها ، وبالتالي فلا بد أن تحل في الذات وهنا محذور الحلول والظرف والمظروف ، كما يقال : إن الصفات الزائدة لا بد وأن تكون متقدمة على الذات أو مقارنة أو متأخرة وكل ذلك محال ويؤدي إلى الكفر ؛ لأن تقدم الصفة معناه أن الذات