ومن مقاماته المشهورة :
قتل أسد بن غويلم فاتك العرب ؛ فإنه خرج وسأل البراز ؛ فأحجم الناس ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا عليّ اخرج ولك الإمامة بعدي» ؛ فخرج فضربه على مفرق رأسه ، فذهب السيف في بدنه حتى خرّ بنصفين ؛ فخرج علي عليهالسلام وهو يقول :
ضربته بالسيف وسط الهامة |
|
أنا عليّ صاحب الصمصامة |
أخو نبي الله ذي العلامة |
|
قد قال إذ عمّمني العمامة |
أنت الذي بعدي له الامامة (١) |
|
[أنت أخي ومعدن الكرامة] (٢) |
ذكره أهل التفسير (على هذا الوجه) (٣). وكفى له بليلة الغار ؛ فإنه أمسى على فراش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باذلا لمهجته واقيا له بنفسه تحت ظلال أربعمائة سيف (٤) قد تبايعوا على قتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أربعمائة قبيلة ليصير دمه هدرا. فكانوا يرمونه بالحجارة وهو يصبر لا يقوم ، فقال قائل : هو محمد ، وقال قائل : ليس بمحمد ؛ فإنه يتضوّر ـ ومحمد لا يتضوّر يعني يتحرك بنفسه ويجمع أطرافه لألم الحجارة ، وبات جبريل وميكائيل (ع) أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ يا علي من مثلك ـ والله يباهي بك الملائكة (٥). روينا ذلك مسندا ؛ فأنزل الله فيه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ
__________________
(١) في (ب) : لك.
(٢) الشافي ٣ / ٢٠٠ ، عن الناصر للحق. ولم نجدها في مصادر أخرى متيسرة لنا.
(٣) ما بين المعقوفتين في (ب).
(٤) المعروف أنهم أربعون شابا ، وليسوا أربعمائة ، ولم تكن قبائل قريش قد بلغت أربعمائة قبيلة ، وفي السيرة الحلبية ١ / ٣٠٦ تفاوت العدد ولم نجدها في مصادر أخرى متيسرة لنا وما بين المعقوفتين زيادة من الشافي.
(٥) روي في قصة المبيت زيادة مدسوسة جاءت في ابن هشام ٢٢ / ٩٦ وسيرة ابن كثير ٢ / ٢٢٩ ، وهي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعلي عليهالسلام : نم على الفراش فإنه لن يخلص إليك أمر تكرهه». والغرض من هذه الرواية سرقة هذه الفضيلة. وهكذا يفعل الحسد لأولي الفضل فقاتل الله الحسد والحاسدين.