ووجه الاستدلال : بهذه الآية على أن إجماعهم حجة ظاهر ؛ فإن الله تعالى اختارهم له شهودا بقوله : (هُوَ اجْتَباكُمْ) ؛ فإنّ الاجتباء : هو الاختيار ، وهو لا يختار له شهداء إلا العدول الذين لا يجمعون على ضلالة ولا خطإ ولا يشهدون إلا بالحق ؛ لأنه لو اختار للشهادة من (١) ليس بعدل لكان ذلك قبيحا ، وقد أجمعوا على أن متابعتهم واجبة ، ومخالفتهم قبيحة ؛ فوجب أن يكون ذلك حقا ، وذلك هو معنى قولنا : إن إجماعهم حجة. وقد ذكرنا تحقيق هذه الدلالة في «كتاب الإرشاد إلى سوي الاعتقاد».
دليل آخر : ويدل على ذلك من (٢) الكتاب قول الله سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣]. ووجه الاستدلال : بهذه الآية أن الله تعالى أذهب عنهم الرجس المتعلق بالأفعال وهو رجس الذنوب (٣) ، وذلك يقتضي عصمة جماعتهم عن جميع الذنوب. وإذا (٤) ثبت ذلك وجب القضاء بأن ما أجمعوا عليه فهو حق لا باطل فيه ، وقد أجمعوا على أنّ متابعتهم واجبة ، ومخالفتهم محظورة ، فوجب أن يكون ذلك حقا ، وذلك هو معنى قولنا : إن إجماعهم حجة. وتحقيق هذه الدلالة مذكور في «كتاب الإرشاد» وفي كتابنا الموسوم ب «نظام درر الأقوال النبوية».
__________________
(١) في (ب) : من كان ليس.
(٢) في (ب) ، (ج) : من قبل.
(٣) فتح القدير ج ٤ ص ٢٧٨.
(٤) في (ب) : فإذا.