والمجاز ، والمحكم والمتشابه ، وكونه مصونا عن الزيادة والنقصان ، وعن الاختلاف والتناقض ، ومشتملا من العلوم على ما لا يحيط به الذّكر ، ومنطويا على قصص المتقدمين ، مختصرة في بعضه ومستوفاة في البعض الآخر بحيث لا ينقض كاملها ناقصها ، ويفيد أحدهما (١) من الفوائد ما لم يفده البعض الآخر. ومنطويا على علم الأوّلين والآخرين.
وكونه معجزة باقية في هذه الأمة إلى يوم الدّين ، ثم تحدّى أهل الفصاحة وقرّعهم بالعجز وادّعى تمييزه (٢) على العرب والعجم لمكانه ، وبيّن أنهم لو تظاهروا وتعاونوا على الإتيان بمقدار سورة من مثله في فصاحته ونظمه لما قدروا على ذلك ؛ فلما عجزوا عن ذلك عدلوا إلى المحاربة الشّاقّة التي فيها إتلاف الأنفس والأولاد ، وذهاب الطارف من مالهم والتّلاد (٣). وظهر على يديه صلىاللهعليهوآلهوسلم معجزات كثيرة ؛ فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أتى بألف معجزة.
وقد رواها العلماء وعدّدوها ، وهي مشهورة عندهم (٤). فمنها ما رووه بطريق التواتر ، ومنها ما رووه بطريق الآحاد. وكلّها محفوظ بحمد الله تعالى :
__________________
(١) في (ب) : أحدها
(٢) في هامش الأصل : تميزه. ظ.
(٣) الطارف : المال الحديث المكتسب. والتّالد ، والتّلاد : المال القديم الأصلي الذي ولد عندك. المختار ٧٨.
(٤) ذكر القاضي عياض في الشفاء ١ / ٤٩٣ : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر الرسل معجزة ، وأبهرهم آية ، وأظهرهم برهانا ، وهي في كثرتها لا يحيط بها ضبط ؛ فإن واحدا منها وهو القرآن لا يحصى عدد معجزاته بألف ولا ألفين ولا أكثر ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد تحدى بسورة منه فعجز عنها أهل العلم .... ثم قسم معجزاته إلى قسمين : ١ ـ متواترة قطعية كالقرآن. ٢ ـ ما لم يبلغ مبلغ الضرورة والقطع. وهذا القسم الثاني على نوعين : نوع مشتهر منتشر رواه العدد وشاع الخبر به عند المحدثين ونوع ممن اختص به الواحد والاثنان.