في المشي ، أو تكون جارية مجرى المحل ، مع كونها وصلة إلى الفعل ، نحو السكين في القطع ؛ فإنه لا بد من مداخلتها لأجزاء المقطوع وإن لم تكن محلّا لذلك الفعل. والذي يدل على اشتراطها ما قدمناه من أنه لا يجوز تكليف الفعل مع عدم ما يحتاج إليه. ومنها أن يزول عنه الإلجاء والاستغناء بالحسن عن القبيح ؛ ليكون متردّد الدواعي فيما كلّف ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما فعل الفعل لوجوبه ؛ بل لكونه ملجأ إليه ، ولما ترك القبيح لقبحه ؛ بل للإلجاء إلى تركه ، ولما شقّ عليه ترك القبيح لكونه مستغنيا عنه بالحسن. ولو كان كذلك لما استحقّ على ما يفعله من ذلك مدحا ولا ثوابا. وذلك ينقض الغرض بالتكليف ، وذلك محال.
ومن شرائط حسن التكليف ما يرجع إلى المكلّف الحكيم وهي أربعة أمور : أحدها أن يعلم المكلّف الحكيم ما ذكرناه من أحوال المكلّف والتكليف ، والفعل ، والترك ، الذي تناوله التكليف. وثانيها أن يكون غرضه نفع المكلّف ، وليس ذلك إلا بأن يريد منه الطاعات ويكره المعاصي. وثالثها أن يكون منعما على المكلّف بما معه يستحق العبادة ، وذلك بأن ينعم عليه بأصول النعم (١) التي لا تتبع غيرها ـ وإن تبعها غيرها. وتكون هذه النّعم بالغة في العظم مبلغا لا مزيد عليه فيما توجبه الحكمة ـ وإن كان تصح الزيادة عليها من جهة الأجزاء والأعداد. ورابعها أن يكون عالما أنه سيثيبه إن أطاعه ، وذلك لأنّ (٢) الغرض بالتكليف هو التعريض للثواب ، فلو لم يكن عالما بما ذكرناه من حال التكليف والمكلّف والفعل والتّرك الذي يتناوله التكليف ، وعالما بأنه
__________________
(١) أصول النعم : هي : ١) خلق الحي. ٢) خلق حياته. ٣) خلق قدرته. ٤) خلق شهوته. ٥) تمكينه من المشتهيات. ٦) استكمال عقله.
(٢) في (ب) : أنّ.