يتصل به ، ما لم يبلغ ذلك حدّ الإلجاء. قلنا : إعلام الغير ، والإعلام على ضربين : خلق العلوم الضرورية بقبح بعض الأفعال ، ووجوب بعضها ، وكون بعضها مندوبا إلى فعله ، وكون الآخر مندوبا إلى أن لا يفعل. والثاني نصب الأدلة التي بالنظر فيها يتوصّل (١) إلى العلم بما ذكرناه أيضا. وقلنا : مع مشقة احترازا مما لا مشقة فيه ؛ فإنه لا يكون تكليفا ؛ لأن التكليف مأخوذ من الكلفة وهي المشقة ؛ فلأنّ الغرض بالتكليف إنما هو التّعريض للثواب ، وذلك لا يتم إلا مع المشقة على ما يأتي بيانه. فلو لم نذكر ذلك في حدّ التكليف لانتقض بالإعلام بوجوب بعض الأفعال عليه ، وقبح بعضها منه مع الإغناء (٢) بالحسن عن القبيح ؛ فإنّه لا يكون تكليفا. وقلنا في ذلك : نريد به أن تكون الأفعال التي يتناولها المكلف (٣) شاقة. وقلنا : أو في سببه احترازا مما لا يشقّ فعله مما يتناوله التكليف ـ وإن كان سببه شاقّا نحو العلم بالله تعالى وبصفاته ـ فإنّه وإن لم يكن شاقّا في نفسه ، بكونه مما يستروح إليه ، فإنه لا يحصل إلّا بعد المشقّة في فعل سببه وهو النظر.
وقلنا : أو ما يتصل به احترزنا به مما يفعله المنتبه من رقدته من المعرفة بالله تعالى فإنّه وإن لم يكن شاقّا في نفسه ، ولا في سببه فإنه يلزم توطين النّفس على دفع ما يرد عليه من الشّبه (٤) في ذلك وفي هذا المشقّة الظاهرة.
وقلنا : ما لم يكن ملجأ إلى شيء من ذلك ، احترازا عما يكون معه إلجاء
__________________
(١) في (ب) : يتوصل بها.
(٢) في (ب) : الاغتناء.
(٣) في (ب) : التكليف.
(٤) في (ب) و (ج) : الشبهة.